المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يزيد بن زياد بن ربيعة - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٢٧

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد

- ‌هارون بن معاوية أبي عبيد الله الأشعري

- ‌هارون بن موسى بن شريك

- ‌هارون بن أبي الهيذام

- ‌هارون بن يزيد الشاري النيسابوري

- ‌هاشم بن بلال

- ‌هاشم بن خالد بن أبي جميل

- ‌هاشم بن زايد

- ‌هاشم بن سعيد البعلبكي

- ‌هاشم بن عتيبة بن أبي وقاص

- ‌هاشم بن عمرو بن هاشم

- ‌هاشم بن محمد بن أحمد بن إسماعيل

- ‌هاشم بن مرثد بن سليمان

- ‌هاشم المرادي شاعر

- ‌هامة بن الهيم بن لاقيس بن إبليس

- ‌هانئ بن عروة بن فضفاض

- ‌هبار بن الأسود بن المطلب

- ‌هبة الله بن أحمد بن عبد الله

- ‌هبة الله بن أحمد بن محمد

- ‌هبة الله بن جعفر بن الهيثم

- ‌هبة الله بن الحسن بن هبة الله

- ‌هبة الله بن عبد الله بن الحسن

- ‌هبة الله بن عبد الله أبو القاسم

- ‌هبة الله بن عبد الوارث بن علي

- ‌هبة الله بن محمد بن بديع

- ‌هبة الله بن محمد بن حميد

- ‌هبة الله بن المسلم بن نصر

- ‌هبيرة بن عبد الرحمن

- ‌هدبة بن الخشرم بن كرز

- ‌هذيل بن زفر بن الحارث بن عمرو

- ‌هرم بن حيان العبدي الربعي العامري

- ‌هشام بن أحمد بن هشام

- ‌هشام بن إسماعيل بن هشام

- ‌هشام بن إسماعيل بن يحيى

- ‌هشام بن حبيش بن خالد بن الأشعر

- ‌هشام بن حكيم بن حزام

- ‌هشام بن خالد بن يزيد

- ‌هشام بن الدرفس الغساني

- ‌هشام بن سليمان الداراني

- ‌هشام بن زياد

- ‌هشام بن العاص بن وائل

- ‌هشام بن عبد الله بن هشام

- ‌هشام بن عبيد الله الدمشقي

- ‌هشام بن عبد الملك بن مروان

- ‌هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة

- ‌هشام بن الغاز بن ربيعة أبو العباس

- ‌هشام بن محمد بن أحمد بن علي

- ‌هشام بن محمد بن جعفر بن هشام

- ‌هشام بن مصاد بن زياد

- ‌هشام بن مطيع الدمشقي

- ‌هشام بن يحيى بن يحيى بن قيس

- ‌هضاب بن طوق اللخمي الكاتب

- ‌هقل واسمه محمد

- ‌همام بن أحمد

- ‌همام بن إسماعيل

- ‌همام بن غالب بن صعصعة

- ‌همام بن قبيصة بن مسعود

- ‌همام بن محمد بن سعيد أراه

- ‌همام بن محمد بن أبي شيبان العبسي

- ‌همام بن الوليد الدمشقي

- ‌هميم بن همام بن يوسف

- ‌هنبل بن محمد بن يحيى بن هنبل

- ‌هنيدة من أصحاب الوليد بن عبد الملك

- ‌هني مولى عمر بن الخطاب

- ‌هود بن عبد الله بن رباح

- ‌هود بن عطاء يمامي وقع إلى الشام

- ‌هوذة

- ‌هلال بن ضيغم السلامي

- ‌هلال بن سراج بن مجاعة

- ‌هلال بن عبد الأعلى

- ‌هلال بن عبد الرحمن القرشي

- ‌هلال أبو طعمة

- ‌هياج بن عبيد بن الحسين

- ‌الهيثم بن أحمد بن محمد بن مسلمة

- ‌الهيثم بن الأسود بن أقيش

- ‌الهيثم بن حميد، أبو أحمد

- ‌الهيثم بن خارجة أبو أحمد

- ‌الهيثم بن رياب

- ‌الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن

- ‌الهيثم بن عمران بن عبد الله

- ‌الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران أبو الحكم العنسي

- ‌أسماء النساء على حرف الهاء

- ‌هجيمة ويقال جهيمة بنت حيي

- ‌هند بنت أسماء بن خارجة بن حصن الفزارية

- ‌هند بنت عتبة بن ربيعة

- ‌هند بنت معاوية بن أبي سفيان

- ‌هند بنت المهلب بن أبي صفرة

- ‌هند الخولانية امرأة بلال بن رباح

- ‌هوى جارية أديبة

- ‌حرف الياء

- ‌ياسين بن سهل بن محمد بن الحسن

- ‌ياسين بن عبد الصمد بن عبد العزيز

- ‌ياقوت بن عبد الله أبو الدر

- ‌يحمد أبو أمية الشعباني من دمشق

- ‌يحيى بن أحمد بن بسطام

- ‌يحيى بن أحمد بن محمد بن الحسن

- ‌يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد

- ‌يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن عمر

- ‌يحيى بن أسامة ويقال ابن زيد

- ‌يحيى بن إسحاق أبو زكريا البجلي

- ‌يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله

- ‌يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن

- ‌يحيى بن بختيار بن عبد الله

- ‌يحيى بن بسطام بن حريث

- ‌يحيى بن بشر بن كثير

- ‌يحيى بن بطريق بن بشرى أبو القاسم

- ‌يحيى بن تمام بن علي

- ‌يحيى بن جابر بن حسان

- ‌يحيى بن الحارث أبو عمرو

- ‌يحيى بن حسان أبو زكريا

- ‌يحيى بن الحسين بن علي

- ‌يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية

- ‌يحيى بن حكيم

- ‌يحيى بن حمزة بن واقد

- ‌يحيى بن أبي حية

- ‌يحيى بن أبي الخصيب زياد الرازي

- ‌يحيى بن دواد بن سيار

- ‌يحيى بن راشد بن مسلم

- ‌يحيى بن أبي راشد النصري

- ‌يحيى بن أبي عمرو زرعة

- ‌يحيى بن زكريا بن أحمد

- ‌يحيى بن زكريا بن لشوى

- ‌يحيى بن زكريا بن يحيى

- ‌يحيى بن زياد بن عبيد الله

- ‌يحيى بن زيد بن علي

- ‌يحيى بن زيد بن يحيى

- ‌يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد

- ‌يحيى بن سعيد بن العاص

- ‌يحيى بن سعيد بن عبد الله

- ‌يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو

- ‌يحيى بن سعيد أبو زكريا الأنصاري

- ‌يحيى بن سليمان

- ‌يحيى بن صالح أبو زكريا

- ‌يحيى بن طالب أبو زكريا الأنطاكي

- ‌يحيى بن طلحة بن عبيد الله

- ‌يحيى بن عبد الله بن أسامة

- ‌يحيى بن عبد الله بن الحارث

- ‌يحيى بن عبد الله بن الضحاك

- ‌يحيى بن عبد الله بن محمد

- ‌يحيى بن عبد الله أبو عبد الله

- ‌يحيى بن عبد الباقي بن يحيى

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن عمارة

- ‌يحيى بن عبد الرحمن أبو شيبة

- ‌يحيى بن عبد العزيز بن إسماعيل

- ‌يحيى بن عبد العزيز أبو عبد العزيز

- ‌يحيى بن عبد الواحد بن سليمان

- ‌يحيى بن عبد الواحد بن علي

- ‌يحيى بن عتبة بن عبد السلام

- ‌يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير

- ‌يحيى بن عثمان أبو زكريا

- ‌يحيى بن عروة بن الزبير بن العوام

- ‌يحيى بن علي بن عبد العزيز

- ‌يحيى بن علي بن محمد بن هاشم

- ‌أبو العباس الكندي الحلبي الخفاف

- ‌يحيى بن علي بن محمد

- ‌يحيى بن علي بن محمد بن الحسن بن بسطام

- ‌يحيى بن علي بن محمد بن زهير

- ‌يحيى بن عمرو بن عمارة بن راشد بن مسلم

- ‌يحيى بن عمير الغساني

- ‌يحيى بن غسان الدمشقي

- ‌يحيى بن محمد بن سهل

- ‌يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب

- ‌يحيى بن محمد بن عبد الحميد السكسكي البتلهي

- ‌يحيى بن محمد بن علي

- ‌يحيى بن محمد بن عمران

- ‌يحيى بن محمد بن محمد بن زياد بن زبار

- ‌يحيى بن محمد بن المسلم

- ‌يحيى بن مبارك الصنعاني

- ‌يحيى بن مسعر بن محمد بن يحيى بن الفرج

- ‌يحيى بن أبي المطاع القرشي الشامي

- ‌يحيى بن معين بن عون بن زياد

- ‌يحيى بن منقذ الفراديسي

- ‌يحيى بن موسى بن إسحاق

- ‌يحيى بن هانئ بن عروة بن فضفاض

- ‌يحيى بن هانئ أبو صفوان

- ‌يحيى بن هشام بن عبد الملك

- ‌يحيى بن يحيى بن قيس بن الحارثة

- ‌يحيى بن يزيد أبي حفصة

- ‌يحيى أبو محمد التميمي

- ‌يخلف بن عبد الله بن بحر

- ‌يرفا مولى عمر بن الخطاب وحاجبه

- ‌يزيد بن أحمد بن يزيد

- ‌يزيد بن أبان أبو عمرو الرقاشي

- ‌يزيد بن الأخنس بن حبيب بن جرة

- ‌يزيد بن أسد بن كرز بن عامر

- ‌يزيد بن الأسود أبو الأسود

- ‌يزيد بن أسيد بن زافر

- ‌يزيد بن الأصم

- ‌يزيد بن بشر السكسكي

- ‌يزيد بن بشر بن يزيد بن بشر

- ‌يزيد بن تميم بن حجر السلمي

- ‌يزيد بن جابر الأزدي والد يزيد

- ‌يزيد بن أبي جميل

- ‌يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب

- ‌يزيد بن حازم أبو بكر الأزدي

- ‌يزيد بن حجية بن عبد الله

- ‌يزيد بن الحر ويقال ابن زحر

- ‌يزيد بن حصين بن نمير

- ‌يزيد بن الحكم بن أبي العاص

- ‌يزيد بن خالد بن عبد الله

- ‌يزيد بن ربيعة أبو كامل الرحبي

- ‌يزيد بن زياد بن ربيعة

- ‌يزيد بن زياد ويقال ابن أبي زياد

- ‌يزيد بن زياد القرشي البصري

- ‌يزيد بن سعد أبو عثمان الحجوري

- ‌يزيد بن أبي سعيد مولى المهري

- ‌يزيد بن سعيد بن ذي عصوان

- ‌يزيد بن سمرة أبو هزان الرهاوي المذحجي

- ‌يزيد بن السمط أبو السمط الصنعاني الفقيه

- ‌يزيد بن أبي سمية أبو صخر الأيلي

- ‌يزيد بن سنان يقال إن له صحبة

- ‌يزيد بن شجرة أبو شجرة الرهاوي

- ‌يزيد بن شجعة الحميري من دمشق

- ‌يزيد بن شريح الحضرمي الحمصي

- ‌يزيد بن صخر أبي سفيان بن حرب

- ‌يزيد بن صهيب أبو عثمان الفقير الكوفي

- ‌يزيد بن عبد الله بن رزيق

- ‌يزيد بن عبد الله بن قسيط

- ‌يزيد بن عبد الله بن مسعدة الفزاري

- ‌يزيد بن عبد الله بن موهب

- ‌يزيد بن عبد الله أبو خالد السراج

- ‌يزيد بن عبد الله النجراني

- ‌يزيد بن عبد الحميد بن عاصم

- ‌يزيد بن عبد الرحمن الهمداني

- ‌يزيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي

- ‌يزيد بن عبد المدان

- ‌يزيد بن عبد الملك بن مروان

- ‌يزيد بن عبيدة بن أبي المهاجر السكوني

- ‌يزيد بن عطاء ويقال ابن أبي عطاء

- ‌يزيد بن أبي عطاء غير منسوب

- ‌يزيد بن عمر بن عبد العزيز

- ‌يزيد بن عمر بن مورق

- ‌يزيد بن عمر بن هبيرة بن معية

- ‌يزيد بن عميرة الزبيدي ويقال الكلبي

- ‌يزيد بن فروة مولى بني مروان

- ‌يزيد بن فضالة

- ‌يزيد بن قبيس بن سليمان أبو سهل

- ‌يزيد بن القعقاع أبو جعفر المخزومي

الفصل: ‌يزيد بن زياد بن ربيعة

‌يزيد بن زياد بن ربيعة

ابن مفرغ بن مصعب الحميري من آل ذي فلجان بن زرعة بن يعفر بن السميفع الكلاعي البصري، حليف آل خالد بن أسيد ابن أبي العاص، وغنما لقب جده مفرغاً لأنه راهن على سقاء لبن أن يشربه حتى فرغه. ويقال: إنه مدفوع النسب في حمير. وأن ربيعة بن مفرغ كان شعاباً بتبالة، وقيل بالمدينة.

وكان يزيد شريراً هجاء للناس، فصحب عباد بن زياد، وعباد على سجستان عاملاً لعبيد الله بن زياد، وعبيد الله يومئذ على البصرة. تولى الكوفة في خلافة معاوية، فهجا ابن مفرغ عباداً، فبلغه ذلك، وكان على ابن مفرغ دين، فاستعذر عليه، فبيع ماله في دينه، وكان فيما بيع غلام له يقال له: برد، وجارية يقال لها: الأراكة، فقال ابن مفرغ من أبيات:

لهفي على الرأي الذي

كانت عواقبه ندامه

تركي سعيداً ذا الندى

والبيت ترفعه الدعامه

وتبعت عبد بني علا

ج تلك أشراط القيامه

ص: 340

جاءت به حبشيةً

سكاء تحسبها نعامه

من نسوة سود الوجو

هـ ترى عليهن الدمامه

وشريت برداً ليتني

من بعد برد كنت هامه

هامة تدعو صدى

بين المشقر واليمامه

العبد يقرع بالعصا

والحر تكفيه الملامه

الريح تبكي شجوها

والبرق يلمع في الغمامه

ورمقتها فوجدتها

كالضلع ليس لها استقامه

شريت: بمعنى بعت، كأنه ندم على بيعه.

ثم قدم يزيد البصرة، وكان عبيد الله وافداً على معاوية، فعرف ابن مفرغ الذي أثر في بني زياد، فأتى الأحنف بن قيس التميمي، فقال له: أجرني من بني زياد، قال: لا أجير عليهم، ولكني أكفيك شعراء بني تميم أن يهجوك، قال: أما هذا فلا أريد أن تكفنيه، فأتى أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد فقال: أجرني، فوعده، وأتى عمر بن عبيد الله بن معمر، فوعده، وأتى طلحة الطلحات فوعده، وأتى المنذر بن الجارود

ص: 341

العبدي، فأجاره، وكانت بحرية بنت المنذر عند عبيد الله بن زياد، وبلغ عبيد الله الذي كان من هجاء ابن مفرغ عباداً، وهو عند معاوية، فقال له: إن ابن مفرغ هجاناً، فأذن لي في قتله، فقال معاوية: أما قتله فلا، ولكن ما دون القتل. فلما قدم عبيد الله البصرة لم يكن همه إلا ابن مفرغ، فسأل عنه، فقيل له: أجاره ابن الجارود، وهو في داره، فأرسل إلى المنذر، فسأله، فأتاه. فلما دخل عليه أرسل عبيد الله الشرط إلى دار المنذر، فأخذوا ابن مفرغ، فأتوا به عبيد الله بن زياد، فلم يشعر به المنذر حتى رآه واقفاً عليه، وعلى عبيد الله، فقام المنذر إلى عبيد الله، فكلمه فيه فقال: إني أجرته، فقال له عبيد الله: يا منذر، ليمدحن أباك ويهجون أبي، وليمدحنك ويهجوني، ثم أرضى بذلك؟! لا والله، فخرج المنذر من الدار، وحبس ابن مفرغ، وأسلم إلى الحجامين، وهو حيث يقول:

وما كنت حجاماً ولكن أحلني

بمنزلة الحجام نأيي عن الأهل

وهجا من أجاره وأخفره. وكان مما هجاهم به ابن زياد:

شهدت بأن أمك لم تباشر

أبا سفيان واضعة القناع

ولكن كان أمراً فيه لبس

على وجل شديد وارتياع

وقيل: إن عبيد الله أمر به، فسقي دواء، ثم حمل على حمار على إكاف، فجعل يطاف به، وهو يسلح في ثيابه، ويمر به في الأسواق، فقال للمنذر بن الجارود:

ص: 342

تركت قريشاً أن أجاور فيهم

وجاورت عبد القيس أهل المشقر

أناس أجارونا فكان جوارهم

أعاصير من فسو العراق المبذر

فأصبح جاري من جذيمة نائماً

ولا يمنع الجيران غير المنفر

وقال:

أصبحت لا من بني قيس فتنصرني

بكر العراق ولم تغضب لنا مضر

ولم تكلم قريش في حليفهم

إذ غاب ناصره بالشام واحتضروا

وقال لعبد الله بن زياد:

يغسل الماء ما صنعت وشعري

راسخ منك في العظام البوالي

ثم حمله عبيد الله إلى عباد، حتى قدم على معاوية، فقال: إن حمير غدت على معاوية في خمس مئة فارس دارع، فسألوه ان يهبه لهم فقال في طريقه:

عدس ما لعباد عليك إمارة

نجوت، وهذا تحملين طليق

لعمري لقد نجاك من هوة الردى

إمام وحبل للإمام وثيق

سأشكر ما أوليت من حسن نعمة

ومثلي بشكر المنعمين حقيق

فلما دخل على معاوية بكى، وقال: ركب مني ما لم يركب من مسلم، على غير حدث ولا جرم. قال: أو لست القائل:

ص: 343

ألا أبلغ معاوية بن حرب

مغلغلة من الرجل اليماني

أتغضب أن يقال أبوك عف

وترضى أن يقال أبوك زان

فأشهد أن رحمك من زياد

كرحم الفيل من ولد الأتان

وأشهد أنها ولدت زياداً

وصخر من سمية غير دان

قال: لا، والذي عظم حق أمير المؤمنين ما قلت هذا. قال: أفلم تقل:

فأشهد أن أمك لم تباشر

أبا سفيان واضعة القناع

في أشعار كثيرة هجوت بها بني زياد؟، اذهب، فقد عفوت عنك، وعن جرمك، فانظر أي أرض شئت، فانزل. فنزل الموصل، ثم ارتاح إلى البصرة، فقدمها فنزل على عبيد الله فأمنه، ولم يزل عبيد الله والياً على البصرة حتى مات معاوية بدمشق سنة ستين، وقيل: إن الذي أطلقه يزيد بن معاوية.

وقيل: إن ابن مفرغ لما طال حبسه وبلاؤه ركب طلحة الطلحات إلى الحجاز ولقي قريشاً، وكان ابن مفرغ حليفاً لبني أمية، فقال لهم طلحة: يا معشر قريش، إن أخاكم وحليفكم ابن مفرغ قد ابتلي بهذه الأعبد من بني زياد، وهو عديدكم وحليفكم ورجل منكم، ووالله ما أحب أن يجري الله عافيته على يدي دونكم، ولا أفوز بالمكرمة في أمره وتخلوا منها، فانهضوا معي بجماعتكم إلى يزيد بن معاوية، فإن أهل اليمن قد تحركوا بالشام، فركب خالد بن عبد الله بن اسيد وأخوه أمية وعمر بن عبيد الله بن معمر ووجوه خزاعة وكنانة، وخرجوا إلى يزيد، فبينا هم يسيرون ذات ليلة إذ سمعوا راكباً يتغنى في سواد الليل بقول ابن مفرغ:

إن تركي ندى سعيد بن عثما

ن بن عفان ناصري وعديدي

وإتباعي أخا الضراعة واللؤ

م لنقص وفوت شأو بعيد

ص: 344

قلت والليل مطبق بعراه

ليتني مت قبل ترك سعيد

ليتني مت قبل تركي أخا النج

دة والحزم والفعال السديد

عبشمي أبوه عبد مناف

فاز منها بتاجها المعقود

ثم جود لو قيل فيه مزيد

قلت للسائلين ما من مزيد

قل لقومي لدى الأباطح من آ

ل لؤي بن غالب ذي الجدود

سامني بعدكم دعي زياد

خطة الغادر اللئيم الزهيد

كان ما كان في الأراكة واجت

ب ببرد سنام عيشي وجيدي

أوغل العبد في العقوبة والشت

م وأودى بطارفي وتليدي

فارحلوا في حليفكم وأخيكم

نحو غوث المستصرخين يزيد

فاطلبوا النصف من دعي زياد

وسلوني بما ادعيت شهودي

فدعا القوم بالراكب، فقالوا له: ما هذا الذي تغني به؟ قال: قول رجل أمره عجب، رجل ضائع بين قريش واليمن، وهو رجل البأس، قالوا: ومن هو؟ قال: ابن مفرغ، قالوا: ما رحلنا إلا فيه وانتسبوا له، فضحك وقال: فاسمعوا من قوله أيضاً وأنشدهم:

لعمري لو كان الأسير ابن معمر

وصاحبه وشكله ابن أسيد

ولو انهم نالوا أمية أرقلت

بركابها الوجناء نحو يزيد

فأبلغت عذراً في لؤي بن غالب

وأتلفت فيهم طارفي وتليدي

فإن لم يغيرها الإمام بحقها

عدلت إلى شم شوامخ صيد

فناديت فيهم دعوة يمنية

كما كان آبائي دعوا وجدودي

ص: 345

ودافعت حتى أبلغ الجهد عنهم

دفاع امرئ في الخير غير زهيد

فإن لم تكونوا عند ظني بنصركم

فليس لها غير الأغر سعيد

بنفسي أهلي ذاك حياً وميتاً

نضار، وعود المرء أكرم عود

فكم من مقام في قريش كفيته

ويوم يشيب الكاعبات شديد

وخصم تحاماه لؤي بن غالب

شببت له ناري فهاب وقودي

وخير كثير قد أفأت عليكم

وأنتم رقود أو شبيه رقود

قال: فاسترجع القوم لقوله، وقالوا: والله لا نغسل رؤوسنا في العرب إن لم نستقلها بفكه، فأغذوا السير إلى الشام.

وبعث ابن مفرغ رجلاً من بني الحارث بن كعب فقام على سور حمص، فنادى بأعلى صوته الحصين بن نمير - وكان والي حمص - بهذه الأبيات وكان عظيم الجبهة:

أبلغ لديك بني قحطان قاطبةً

عضت بأي

أبيها سادة اليمن

أمسى دعي زياد فقع قرقرة

يا للعجائب يلهو بابن ذي يزن

والحميري طريح وسط مزبلة

هذا لعمركم غبن من الغبن

والأجبه ابن نمير فوق مفرشه

يرنو إلى أحور العينين ذي غنن

قوموا فقولوا: أمير المؤمنين لنا

حق عليك ومن ليس كالمنن

فاكفف دعي زياد عن أكارمنا

ماذا يريد إلى الأحقاد والإحن

ص: 346

فاجتمعت اليمانية إلى حصين فعيروه بما قاله ابن مفرغ، فقال الحصين: ليس لي رأي دون يزيد بن أسيد ومخرمة بن شرحبيل، فأرسل إليهما: فقال لهما حصين: اسمعا ما أهدى إلي شاعركم، وقاله لكم في أخيكم - يعني: نفسه - وأنشدهم، فقال يزيد بن أسيد: فإني قد جئتكم والله بأعظم من هذا، في قوله فيما صنع به:

وما كنت حجاماً ولكن أحلني

بمنزلة الحجام نأيي عن الأهل

فقال الحصين: لقد أساء إلينا أمير المؤمنين في صاحبنا مرتين: إحداهما أنه هرب إليه فلم يجره، والأخرى أنه أمر بعذابه غير مراقب لنا فيه، وقال يزيد بن أسيد: إني لأظن أن طاعتنا سوف تفسد ويمحوها ما صنع بابن مفرغ، ولقد تطلع من نفسي شيء للموت أحب إلي منه. وقال مخرمة بن شرحبيل: أيها الرجلان، اعقلا، فإنه لا معاوية لكما، واعرفا أن صاحبكما لا تقدح فيه الغلظة، فاقصدا للتضرع، فركب القوم إلى دمشق، وقدموا على يزيد بن معاوية، وقد سبقهم الرجل، فنادى بذلك الشعر يوم الجمعة على درج دمشق، فثارت اليمانية، وتكلموا، ومشى بعضهم إلى بعض، وقدم وفد القرشيين في أمره مع طلحة الطلحات، فسبقوا القرشيين، ودخلوا على يزيد.

فتكلم الحصين بن نمير، وذكر بلاءه وبلاء قومه وطاعتهم، وقال: يا أمير المؤمنين، إن الذي أتاه ابن زياد إلى صاحبنا لا قرار عليه، قد سامنا عبيد الله وعباد خطة خسف، وقلدانا قلادة عار، فأنصف كريمنا من صاحبه، فوالله لئن قدرنا لنعفون، وإن ظلمنا لننتصرن.

وقال يزيد بن أسيد: يا أمير المؤمنين، إنا لو رضينا بمثلة ابن زياد بصاحبنا وعظيم ما انتهك منه لم يرض الله بذلك، ولئن تقربنا إليك بما يسخط الله ليباعدننا الله منك. وقد نفرت لصاحبنا نفرة طار غرابها، وما أدري متى يقع، وكل نائرة تقدح في

ص: 347

الملك - وإن صغرت - لم يؤمن أن تكبر، وإطفاؤها خير من إضرامها، ولا سيما إذا كانت في أنف لا يجدع، ويد لا تقطع، فأنصفنا من ابن زياد.

وقال مخرمة بن شرحبيل، وكان متألهاً، عظيم الطاعة في أهل اليمن: إنه لا يد تحجزك عن هواك دون الله، ولو مثلت بأخينا، وتوليت منه ذلك بنفسك لم يقم فيه قائم، ولم يعاتبك فيه معاتب، ولكن ابني زياد استخفا بما يثقل عليك من حقنا، وتهاونا بما تكرمه منا، وأنت بيننا وبين الله، ونحن بينك وبين الناس، فأنصفنا من صاحبيك، ولينفعنا بلاؤنا عندك.

فقال يزيد: إن صاحبكم أتى عظيماً، نفى زياداً عن أبي سفيان، ونفى عباداً وعبيد الله عن زياد، وقلدهم طوق المامة، وما شجعه على ذلك إلا نسبه فيكم، وحلفه في قريش، فأما إذ بلغ الأمر ما أرى، وأشفى بكم على ما أشفى، فهو لكم وعلي رضاكم.

وانتهى القرشيون إلى الحاجب فاستأذن لهم، فأذن، وقال لليمانيين: قد أتتكم برى الذهب من أهل العراق، فدخلوا فسلموا، والغضب يتبين في وجوههم، فظن يزيد الظنون، وقال لهم: ما لكم آنفتق فتق؟ أم حدث حدث فيكم؟ قالوا: لا، فسكن.

فقال طلحة الطلحات: يا أمير المؤمنين، ما كفى ما لقيت من زياد، حتى استعملت عليها ولده، يستثيرون لك أحقادها، ويبغضونك إليها؟ إن عبيد الله وأخاه أتيا إلى ابن مفرغ ما قد بلغك، فأنصفنا منهما إنصافاً تعلم العرب به أن لنا منك خلفاً من أبيك، فلقد خبأ لك فعلهما خبئاً عند أهل اليمن لا نحمده لك، ولا تحمده لنفسك. وتكلم خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد فقال: يا أمير المؤمنين، إن زياداً ربا في شر حجر، ونشأ في أخبث نشوء فأثبتم نصابه في قريش وحملتموه على رقاب الناس،

ص: 348

فوثب ابناه على أخينا وحليفنا وحليفك، ففعلا به الأفاعيل التي بلغتك، وقد غضبت له قريش الحجاز ويمن الشام ممن لا أحب لك غضبه، فأنصفنا من ابني زياد.

وتكلم أخوه أمية بنحو مما تكلم أخوه، وقال: والله يا أمير المؤمنين، لا أحط رحلي ولا أخلع ثياب سفري، أو تنصفنا من ابني زياد، أو تعلم العرب أنك قد قطعت أرحامنا، ووصلت ابني زياد بقطيعتنا، وحكمت بغير الحق لهم علينا.

وقال ابن معمر: يا أمير المؤمنين، إن ابن مفرغ طالما ناضل عن عرضك وعرض أبيك وأعراض قومك، ورمى عن جمرة أهلك، وقد أتى بنو زياد فيه ما لو كان معاوية حياً لم يرض به، وهذا رجل له شرف في قومه، وقد نفروا له نفرة لها ما بعدها، فأعتبهم وأنصف الرجل، ولا تؤثر مرضاة بني زياد على مرضاة الله عز وجل.

فقال لهم يزيد: مرحباً بكم وأهلاً، والله لو أصابه ابني بما ذكرتم لأنصفته منه، ولو رحلتم في جميع ما تحيط به العراق لوهبته لكم، وما عندي إلا إنصاف المظلوم، ولكن صاحبكم أسرف على القوم. وكتب يزيد ببناء داره، ورد ماله، وتخلية سبيله، وأن لا إمرة لأحد من بني زياد عليه، وقال: لولا أن في القود بعدها جرى منه فساداً في الملك لأقدته من عباد.

وسرح يزيد رجلاً من حمير يقال له خمخام، وكتب معه إلى عباد: نفسك نفسك أن تسقط من ابن مفرغ شعرة، فأقيدك والله به، ولا سلطان لك ولا لأحد غيري عليه. فجاء خمخام حتى انتزعه جهاراً من الحبس بمحضر من الناس، وأخرجه.

فلما دخل على يزيد قال له: يا أمير المؤمنين، اختر مني خصلة من ثلاث خصال في كلها لي فرج: إما أن تقيدني من ابن زياد، وإما أن تخلي بيني وبينه، وإما أن تقدمني فتضرب عنقي.

فقال له يزيد: قبح الله ما اخترته وخيرتنيه، أما القود من ابن زياد فما كنت

ص: 349

لأقيدك من عامل كان عليك، ظلمته وشتمت عرضه، وعرضي معه، وأما التخلية بينك وبينه فلا، وايم الله ما كنت لأخلي بينك وبين أهلي تقطع أعراضهم، وأما ضرب عنقك فما كنت لأضرب عنق مسلم من غير أن يستحق، ولكني أفعل بك ما هو خير لك مما اخترت لنفسك، أعطيك ديتك، فإنهم عرضوك للقتل، واكفف عن ولد زياد، فلا يبلغني أنك ذكرتهم، وانزل أي البلاد شئت، وأمر له بعشرة آلاف درهم.

فخرج، ونزل الموصل، فأقام بها ما شاء الله.

كان أبو موسى وجه ناب بن ذي الجرة سنة عشرين وهو محاصر رامهرمز في مئتي راكب، فأتى قلعة دشتمول وهي قلعة ذي الزناق، وفيها خزائن وسلاح، فطرقهم ليلاً، وقد شربوا يومهم لعيد لهم، فأمنوا ولم يخافوا، فدب في أربعين رجلاً إلى باب الحصن وعليه حرس، لم يغلقوا الباب لغلبة السكر عليهم، فقتلوهم، ودخلوا القلعة، فوصلوا إلى ذي الزناق وقد بدر بهم وهم على دهش، فقاتلوهم فعانق ناب ذا الزناق، فعضه ذو الزناق، فقطع أصبعه، فلم يفارقه ناب وصرعه فقتله، وأعطى الآخر بأيديهم فقتلهم، وحوى ما في القلعة، فقال ابن مفرغ يمدح ناب بن ذي الجرة الحميري من أبيات:

وذو الزناق أتاه في فوارسه

في عصبة قد شروا لله أطياب

إمامهم ماجد كالسيد يقدمهم

حامي الحقيقة ماض غير مرتاب

حتى توسط جمعاً بعدما نذروا

وقد تواصوا بحراس وحجاب

فعانق البش منهم حازم بطل

وغودر القوم صرعى بين أبواب

قالوا: وقيل له: ذو الزناق أنه كان إذا ظفر برجل يحاربه، أو يخافه أو جنى

ص: 350

جناية زنقه. وكان من فرسانهم. وكان اسم ناب عبد الجليل ولقبه ناب، فقدم على أبي بكر، فسماه عبد الرحمن.

قال أبو عبيدة: لما قتل عبيد الله بن زياد، وكان يزيد بن ربيعة بن مفرغ يسهب في هجو القوم، فعاتبه الناس على ذلك وقالوا له: قد قتل الرجل، فإن أمسكت عن ذكره كان هو الأحسن لك، فقال لهم: أعتب إن شاء الله. فلما أصبح في غد ذلك اليوم، دخل المسجد وتقوض إليه الناس فأنشأ يقول:

إن الذي عاش ختاراً بذمته

ومات عبداً قتيل الله بالزاب

العبد بالعبد لا أصل ولا طرف

ألوت به ذات أظفار وأنياب

أقول لما أتاني ثم مصرعه

لابن الخبيثة وابن الكودن الكابي

ما شق جيب ولا ناحتك نائحة

ولا بكتك جياد عند أسلاب

هلا جموع نزار إذ لقيتهم

كنت امرأً من نزار غير مرتاب

لا من نزار ولا من خذم ذي يمن

جلمودة ألقيت من بين ألهاب

إن المنايا إذا حاولن طاغية

هتكن منه ستوراً بعد أبواب

لا تقبل الأرض موتاهم إذا دفنوا

وكيف تقبل رجساً بين أثواب

ثم عاهد الله في مجلسه على هجائهم إلى أن يموت.

توفي ابن مفرغ في الطاعون في ولاية مصعب بن الزبير العراق.

ص: 351