المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هشام بن العاص بن وائل - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٢٧

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد

- ‌هارون بن معاوية أبي عبيد الله الأشعري

- ‌هارون بن موسى بن شريك

- ‌هارون بن أبي الهيذام

- ‌هارون بن يزيد الشاري النيسابوري

- ‌هاشم بن بلال

- ‌هاشم بن خالد بن أبي جميل

- ‌هاشم بن زايد

- ‌هاشم بن سعيد البعلبكي

- ‌هاشم بن عتيبة بن أبي وقاص

- ‌هاشم بن عمرو بن هاشم

- ‌هاشم بن محمد بن أحمد بن إسماعيل

- ‌هاشم بن مرثد بن سليمان

- ‌هاشم المرادي شاعر

- ‌هامة بن الهيم بن لاقيس بن إبليس

- ‌هانئ بن عروة بن فضفاض

- ‌هبار بن الأسود بن المطلب

- ‌هبة الله بن أحمد بن عبد الله

- ‌هبة الله بن أحمد بن محمد

- ‌هبة الله بن جعفر بن الهيثم

- ‌هبة الله بن الحسن بن هبة الله

- ‌هبة الله بن عبد الله بن الحسن

- ‌هبة الله بن عبد الله أبو القاسم

- ‌هبة الله بن عبد الوارث بن علي

- ‌هبة الله بن محمد بن بديع

- ‌هبة الله بن محمد بن حميد

- ‌هبة الله بن المسلم بن نصر

- ‌هبيرة بن عبد الرحمن

- ‌هدبة بن الخشرم بن كرز

- ‌هذيل بن زفر بن الحارث بن عمرو

- ‌هرم بن حيان العبدي الربعي العامري

- ‌هشام بن أحمد بن هشام

- ‌هشام بن إسماعيل بن هشام

- ‌هشام بن إسماعيل بن يحيى

- ‌هشام بن حبيش بن خالد بن الأشعر

- ‌هشام بن حكيم بن حزام

- ‌هشام بن خالد بن يزيد

- ‌هشام بن الدرفس الغساني

- ‌هشام بن سليمان الداراني

- ‌هشام بن زياد

- ‌هشام بن العاص بن وائل

- ‌هشام بن عبد الله بن هشام

- ‌هشام بن عبيد الله الدمشقي

- ‌هشام بن عبد الملك بن مروان

- ‌هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة

- ‌هشام بن الغاز بن ربيعة أبو العباس

- ‌هشام بن محمد بن أحمد بن علي

- ‌هشام بن محمد بن جعفر بن هشام

- ‌هشام بن مصاد بن زياد

- ‌هشام بن مطيع الدمشقي

- ‌هشام بن يحيى بن يحيى بن قيس

- ‌هضاب بن طوق اللخمي الكاتب

- ‌هقل واسمه محمد

- ‌همام بن أحمد

- ‌همام بن إسماعيل

- ‌همام بن غالب بن صعصعة

- ‌همام بن قبيصة بن مسعود

- ‌همام بن محمد بن سعيد أراه

- ‌همام بن محمد بن أبي شيبان العبسي

- ‌همام بن الوليد الدمشقي

- ‌هميم بن همام بن يوسف

- ‌هنبل بن محمد بن يحيى بن هنبل

- ‌هنيدة من أصحاب الوليد بن عبد الملك

- ‌هني مولى عمر بن الخطاب

- ‌هود بن عبد الله بن رباح

- ‌هود بن عطاء يمامي وقع إلى الشام

- ‌هوذة

- ‌هلال بن ضيغم السلامي

- ‌هلال بن سراج بن مجاعة

- ‌هلال بن عبد الأعلى

- ‌هلال بن عبد الرحمن القرشي

- ‌هلال أبو طعمة

- ‌هياج بن عبيد بن الحسين

- ‌الهيثم بن أحمد بن محمد بن مسلمة

- ‌الهيثم بن الأسود بن أقيش

- ‌الهيثم بن حميد، أبو أحمد

- ‌الهيثم بن خارجة أبو أحمد

- ‌الهيثم بن رياب

- ‌الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن

- ‌الهيثم بن عمران بن عبد الله

- ‌الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران أبو الحكم العنسي

- ‌أسماء النساء على حرف الهاء

- ‌هجيمة ويقال جهيمة بنت حيي

- ‌هند بنت أسماء بن خارجة بن حصن الفزارية

- ‌هند بنت عتبة بن ربيعة

- ‌هند بنت معاوية بن أبي سفيان

- ‌هند بنت المهلب بن أبي صفرة

- ‌هند الخولانية امرأة بلال بن رباح

- ‌هوى جارية أديبة

- ‌حرف الياء

- ‌ياسين بن سهل بن محمد بن الحسن

- ‌ياسين بن عبد الصمد بن عبد العزيز

- ‌ياقوت بن عبد الله أبو الدر

- ‌يحمد أبو أمية الشعباني من دمشق

- ‌يحيى بن أحمد بن بسطام

- ‌يحيى بن أحمد بن محمد بن الحسن

- ‌يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد

- ‌يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن عمر

- ‌يحيى بن أسامة ويقال ابن زيد

- ‌يحيى بن إسحاق أبو زكريا البجلي

- ‌يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله

- ‌يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن

- ‌يحيى بن بختيار بن عبد الله

- ‌يحيى بن بسطام بن حريث

- ‌يحيى بن بشر بن كثير

- ‌يحيى بن بطريق بن بشرى أبو القاسم

- ‌يحيى بن تمام بن علي

- ‌يحيى بن جابر بن حسان

- ‌يحيى بن الحارث أبو عمرو

- ‌يحيى بن حسان أبو زكريا

- ‌يحيى بن الحسين بن علي

- ‌يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية

- ‌يحيى بن حكيم

- ‌يحيى بن حمزة بن واقد

- ‌يحيى بن أبي حية

- ‌يحيى بن أبي الخصيب زياد الرازي

- ‌يحيى بن دواد بن سيار

- ‌يحيى بن راشد بن مسلم

- ‌يحيى بن أبي راشد النصري

- ‌يحيى بن أبي عمرو زرعة

- ‌يحيى بن زكريا بن أحمد

- ‌يحيى بن زكريا بن لشوى

- ‌يحيى بن زكريا بن يحيى

- ‌يحيى بن زياد بن عبيد الله

- ‌يحيى بن زيد بن علي

- ‌يحيى بن زيد بن يحيى

- ‌يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد

- ‌يحيى بن سعيد بن العاص

- ‌يحيى بن سعيد بن عبد الله

- ‌يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو

- ‌يحيى بن سعيد أبو زكريا الأنصاري

- ‌يحيى بن سليمان

- ‌يحيى بن صالح أبو زكريا

- ‌يحيى بن طالب أبو زكريا الأنطاكي

- ‌يحيى بن طلحة بن عبيد الله

- ‌يحيى بن عبد الله بن أسامة

- ‌يحيى بن عبد الله بن الحارث

- ‌يحيى بن عبد الله بن الضحاك

- ‌يحيى بن عبد الله بن محمد

- ‌يحيى بن عبد الله أبو عبد الله

- ‌يحيى بن عبد الباقي بن يحيى

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن عمارة

- ‌يحيى بن عبد الرحمن أبو شيبة

- ‌يحيى بن عبد العزيز بن إسماعيل

- ‌يحيى بن عبد العزيز أبو عبد العزيز

- ‌يحيى بن عبد الواحد بن سليمان

- ‌يحيى بن عبد الواحد بن علي

- ‌يحيى بن عتبة بن عبد السلام

- ‌يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير

- ‌يحيى بن عثمان أبو زكريا

- ‌يحيى بن عروة بن الزبير بن العوام

- ‌يحيى بن علي بن عبد العزيز

- ‌يحيى بن علي بن محمد بن هاشم

- ‌أبو العباس الكندي الحلبي الخفاف

- ‌يحيى بن علي بن محمد

- ‌يحيى بن علي بن محمد بن الحسن بن بسطام

- ‌يحيى بن علي بن محمد بن زهير

- ‌يحيى بن عمرو بن عمارة بن راشد بن مسلم

- ‌يحيى بن عمير الغساني

- ‌يحيى بن غسان الدمشقي

- ‌يحيى بن محمد بن سهل

- ‌يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب

- ‌يحيى بن محمد بن عبد الحميد السكسكي البتلهي

- ‌يحيى بن محمد بن علي

- ‌يحيى بن محمد بن عمران

- ‌يحيى بن محمد بن محمد بن زياد بن زبار

- ‌يحيى بن محمد بن المسلم

- ‌يحيى بن مبارك الصنعاني

- ‌يحيى بن مسعر بن محمد بن يحيى بن الفرج

- ‌يحيى بن أبي المطاع القرشي الشامي

- ‌يحيى بن معين بن عون بن زياد

- ‌يحيى بن منقذ الفراديسي

- ‌يحيى بن موسى بن إسحاق

- ‌يحيى بن هانئ بن عروة بن فضفاض

- ‌يحيى بن هانئ أبو صفوان

- ‌يحيى بن هشام بن عبد الملك

- ‌يحيى بن يحيى بن قيس بن الحارثة

- ‌يحيى بن يزيد أبي حفصة

- ‌يحيى أبو محمد التميمي

- ‌يخلف بن عبد الله بن بحر

- ‌يرفا مولى عمر بن الخطاب وحاجبه

- ‌يزيد بن أحمد بن يزيد

- ‌يزيد بن أبان أبو عمرو الرقاشي

- ‌يزيد بن الأخنس بن حبيب بن جرة

- ‌يزيد بن أسد بن كرز بن عامر

- ‌يزيد بن الأسود أبو الأسود

- ‌يزيد بن أسيد بن زافر

- ‌يزيد بن الأصم

- ‌يزيد بن بشر السكسكي

- ‌يزيد بن بشر بن يزيد بن بشر

- ‌يزيد بن تميم بن حجر السلمي

- ‌يزيد بن جابر الأزدي والد يزيد

- ‌يزيد بن أبي جميل

- ‌يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب

- ‌يزيد بن حازم أبو بكر الأزدي

- ‌يزيد بن حجية بن عبد الله

- ‌يزيد بن الحر ويقال ابن زحر

- ‌يزيد بن حصين بن نمير

- ‌يزيد بن الحكم بن أبي العاص

- ‌يزيد بن خالد بن عبد الله

- ‌يزيد بن ربيعة أبو كامل الرحبي

- ‌يزيد بن زياد بن ربيعة

- ‌يزيد بن زياد ويقال ابن أبي زياد

- ‌يزيد بن زياد القرشي البصري

- ‌يزيد بن سعد أبو عثمان الحجوري

- ‌يزيد بن أبي سعيد مولى المهري

- ‌يزيد بن سعيد بن ذي عصوان

- ‌يزيد بن سمرة أبو هزان الرهاوي المذحجي

- ‌يزيد بن السمط أبو السمط الصنعاني الفقيه

- ‌يزيد بن أبي سمية أبو صخر الأيلي

- ‌يزيد بن سنان يقال إن له صحبة

- ‌يزيد بن شجرة أبو شجرة الرهاوي

- ‌يزيد بن شجعة الحميري من دمشق

- ‌يزيد بن شريح الحضرمي الحمصي

- ‌يزيد بن صخر أبي سفيان بن حرب

- ‌يزيد بن صهيب أبو عثمان الفقير الكوفي

- ‌يزيد بن عبد الله بن رزيق

- ‌يزيد بن عبد الله بن قسيط

- ‌يزيد بن عبد الله بن مسعدة الفزاري

- ‌يزيد بن عبد الله بن موهب

- ‌يزيد بن عبد الله أبو خالد السراج

- ‌يزيد بن عبد الله النجراني

- ‌يزيد بن عبد الحميد بن عاصم

- ‌يزيد بن عبد الرحمن الهمداني

- ‌يزيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي

- ‌يزيد بن عبد المدان

- ‌يزيد بن عبد الملك بن مروان

- ‌يزيد بن عبيدة بن أبي المهاجر السكوني

- ‌يزيد بن عطاء ويقال ابن أبي عطاء

- ‌يزيد بن أبي عطاء غير منسوب

- ‌يزيد بن عمر بن عبد العزيز

- ‌يزيد بن عمر بن مورق

- ‌يزيد بن عمر بن هبيرة بن معية

- ‌يزيد بن عميرة الزبيدي ويقال الكلبي

- ‌يزيد بن فروة مولى بني مروان

- ‌يزيد بن فضالة

- ‌يزيد بن قبيس بن سليمان أبو سهل

- ‌يزيد بن القعقاع أبو جعفر المخزومي

الفصل: ‌هشام بن العاص بن وائل

‌هشام بن العاص بن وائل

ابن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص، أبو مطيع كان يكنى أبا العاص فكناه النبي صلى الله عليه وسلم أبا مطيع. أخو عمرو بن العاص، وهو أصغر من عمرو. صحب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وشهد له بالأيمان، وخرج إلى الشام مجاهداً، فقتل يوم أجنادين. وقيل: يوم يرموك. وقد كان دخل دمشق رسولاً من أبي بكر الصديق إلى ملك الروم.

قال هشام بن العاص: بعثت أنا ورجل من قريش إلى هرقل صاحب الروم، ندعوه إلى الإسلام، فقدمنا الغوطة - يعني: دمشق - ونزلنا على جبلة بن الأيهم الغساني، فإذا هو على سرير له، فأرسل إلينا برسول نكلمه، فقلنا: لا نكلم رسولاً، إنما بعثنا إلى الملك، فإن أذن لنا كلمناه، وإلا لم نكلم الرسول، فأخبره الرسول بذلك، فأذن لنا، فكلمه هشام ودعاه إلى الإسلام، وعليه ثياب سواد، فقال له هشام: وما هذه التي عليك؟ قال: لبستها، وحلفت ألا أنزعها حتى أخرجكم من الشام، قلنا: ومجلسك هذا، فو الله لنأخذنه منك،

ص: 88

ولنأخذن ملك الملك الأعظم إن شاء الله، أخبرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم. قال: لستم بهم، بل هم قوم يصومون بالنهار، ويفطرون بالليل، فكيف صومكم؟ فأخبرناهن فملأ وجهه سواداً، فقال: قوموا، وبعث معنا رسولاً إلى الملك. فخرجنا. فلما كنا قريباً من المينة قال لنا الذي معنا: إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك، فإن شئتم حملناكم على براذين وبغال، قلنا: لا والله لا ندخل إلا عليها، فأرسلوا إلى الملك أنهم يأتون، فدخلنا على رواحنا متقلدين سيوفنا حتى انتهينا إلى غرفة له، فأنخنا في أصلها، وهو ينظر إلينا، فقلنا: لا إله إلا الله والله أكبر، والله يعلم لقد تنقضت الغرفة حتى صارت كأنها عذق تصفقه الرياح، وهو على فراش، وعنده بطارقته من الروم، وكل شيء في مجلسه أحمر، وما حوله حمرة، وعليه ثياب من الحمرة، فدنوا منه، فضحك، وقال: ما كان عليكم لو حييتموني بتحيتكم فيما بينكم، وعنده رجل فصيح بالعربية كثير الكلام، فقلنا له: إن تحيتنا فيما بيننا لا تحل عليك، وتحيتك التي تحيا بها لا يحل لنل أن نحييك بها، قال: كيف تحيتكم فيما بينكم؟ فقلنا: السلام عليك، قال: فكيف تحيون ملككم؟ قلنا: بها، قال: وكيف يرد عليكم؟ قلنا: بها، قال: كلامكم؟ قلنا: لا إله إلا الله والله أكبر. فلما تكلمنا بها قال: - والله يعلم لقد تنقضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها. قال - فهذه الكلمة التي قلتموها، حيث تنقضت الغرفة كلما قلتموها في بيوتكم تنقض بيوتكم عليكم؟ قلنا: لا، ما رأيناها فعلت هذا قط إلا عندك، قال: لوددت أنكم كلما قلتم ينقض كل شيء عليكم، وأني خرجت من نصف ملكي، قلنا: لم؟ قال: لأنه كان أيسر لشأنها، وألا يكون من أمر النبوة، وأن يكون من خبل الناس. ثم سألنا عما أراد، فأخبرناه، ثم قال: كيف صلاتكم وصومكم؟ فأخبرناه، فقال: قوموا، فقمنا، فأنزلنا بمنزل حسن، ونزل كبير، فأقمنا ثلاثاً. فأرسل إلينا ليلاً، فدخلنا عليه، فاستعاد قولنا، فأعدناه ثم دعا بشيء كهيئة

ص: 89

الربعة العظيمة مذهبة، فيها بيوت صغار، عليها أبواب، ففتح بيتاً وقفلاً، فاستخرج حريرة سوداء، فنشرها، وإذا فيها صورة حمراء، وإذا فيها رجل ضخم العينين، عظيم الأليتين، لم أر مثل طول عنقه، وليست له لحية، وله ضفيرتان أحسن ما خلق الله، قال: تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا آدم عليه السلام وإذا هو أكثر الناس شعراً. ثم فتح لنا باباً آخر، فاستخرج منه حريرة حمراء، وفيها صورة بيضاء، وإذا له شعر كشعر القطط، أحمر العينين، ضخم الهامة، حسن اللحية، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا نوح. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء، فيها رجل شديد البياض، حسن العينين، صلب الجبين، طويل الخد، أبيض اللحية، كأنه يبتسم، قال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا إبراهيم. ثم فتح باباً آخر، فإذا صورة بيضاء، وإذا والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتعرفون هذا؟ قلنا نعم، هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكينا، قال: والله يعلم إنه قام قائماً ثم جلس، ثم قال: والله إنه لهو، قلنا: نعم لهو، كما ننظر إليه، فأمسك ساعة ينظر إليها ثم قال: أما إنه كان آخر البيوت، ولكني عجلته لكم، لأنظر ما عندكم. ثم فتح باباً آخر فستخرج منه حريرة سوداء، وإذا فيها صورة أدماء سحماء، وإذا رجل جعد، قطط، غائر العينين، حديد النظر، عابس، متراكب الأسنان، مقلص الشفة، كأنه غضبان، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا موسى، وإلى جنبه صورة تشبهه، إلا أنه مدهان الرأس، عريض الجبين، في عينه قبل، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا هارون بن عمران.

ص: 90

ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء، فإذا فيها صورة رجل آدم، نشيط، ربعة، كأنه غضبان، فقال: هل تعرفون

هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا لوط. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء فيها صورة رجل أبيض، مشرب حمرة، أقنى، خفيف العارضين، حسن الوجه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا يعقوب. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء، فيها صورة رجل أبيض، حسن الوجه، أقنى الأنف، حسن الهامة، يعلو وجهه نور، يعرف في وجهه الخشوع، يضرب إلى الحمرة، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، فقال: هذا إسماعيل جد نبيكم صلى الله عليه وسلم. ثم فتح باباً آخر، فستخرج منه حريرة بيضاء، فيها صورة كأنها صورة آدم، كأن الشمس وجهه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا يوسف. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء، فيها صورة رجل أحمر، أخنس العينين، حمش الساقين، ضخم البطن، ربعة، متقلد سيفاً، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا داود. ثم فتح باباً آخر، فستخرج منه حريرة بيضاء، فبها صورة رجل ضخم الأليتين، طويل الرجلين، راكب فرساً، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا سليمان بن داود. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء، فإذا رجل شاب، شديد سواد اللحية، كثير الشعر، حسن العينين، حسن الوجه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا ابن مريم.؟ قلنا: لا، قال: هذا لوط. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء فيها صورة رجل أبيض، مشرب حمرة، أقنى، خفيف العارضين، حسن الوجه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا يعقوب. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء، فيها صورة رجل أبيض، حسن الوجه، أقنى الأنف، حسن الهامة، يعلو وجهه نور، يعرف في وجهه الخشوع، يضرب إلى الحمرة، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، فقال: هذا إسماعيل جد نبيكم صلى الله عليه وسلم. ثم فتح باباً آخر، فستخرج منه حريرة بيضاء، فيها صورة كأنها صورة آدم، كأن الشمس وجهه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا يوسف. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء، فيها صورة رجل أحمر، أخنس العينين، حمش الساقين، ضخم البطن، ربعة، متقلد سيفاً، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا داود. ثم فتح باباً آخر، فستخرج منه حريرة بيضاء، فبها صورة رجل ضخم الأليتين، طويل الرجلين، راكب فرساً، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا سليمان بن داود. ثم فتح باباً آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء، فإذا رجل شاب، شديد سواد اللحية، كثير الشعر، حسن العينين، حسن الوجه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا ابن مريم.

ص: 91

قلنا: من أين لك هذه الصور، لأنا نعلم أنها على ما صورت عليه الأنبياء، لأنا رأينا صورة نبينا مثله، فقال: إن آدم سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده، فأنزل عليه صورهم، وكانت في خزانة آدم عند مغرب الشمس، فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس، فدفعها إلى دانيال. ثم قال لنا: والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي، وأني كنت عبداً - لا يسرهم ملكه - حتى أموت. ثم أجازنا، فأحسن جائزتنا، وسرحنا، فلما أتينا أبا بكر الصديق، حدثناه بما رأينا، وما قال لنا، وما أجازنا، فبكى أبو بكر وقال: مسكين، لو أراد الله به خيراً لفعل. ثم قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم واليهود يجدون نعت محمد صلى الله عليه وسلم عندهم.

وأم هشام بن العاص أم حرملة بنت هشام بن المغيرة. وكان قديم الإسلام بمكة. وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية وقدم مكة حين بلغه مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يريد اللحاق به، فحبسه أبوه وقومه بمكة حتى قدم بعد الخندق على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فشهد ما بعد ذلك من المشاهد. وقتل في اليرموك سنة خمس عشرة. وقيل: سنة ثلاث عشرة.

وسعيد بضم السين، وفتح العين: سعيد بن سهم، وسهم بن عمرو بن هصيص هو جد السهميين. من ولده عمرو بن العاص، وأخوه هشام.

قال عمر بن الخطاب: لما اجتمعنا للهجرة اتعدت وأنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص، وقلنا: الميعاد بيننا التناصب من أضاءة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فقد حبس، فليمض

ص: 92

صاحباه، فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس هشام، وفتن فافتتن. وقدمنا المدينة، فكنا نقول: ما الله بقابل من هؤلاء توبة، قوم قد عرفوا الله وآمنوا به وصدقوا برسوله، ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا، وكانوا يقولونه لأنفسهم، فأنزل الله عز وجل فيهم:" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله " إلى قوله " مثوى للمتكبرين " قال عمر: فكتبتها بيدي كتاباً ثم بعثت بها إلى هشام. قال هشام بن العاص: فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى، فجعلت أصعد فيها وأصوب لأفهمها، فقلت: اللهم، فهمنيها، فعرفت أنما أنزلت فينا لما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، فرجعت فجلست على بعيري، فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقتل هشام بأجنادين في ولاية أبي بكر رضي الله عنه.

كان العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مئة بدنة، وإن هشام بن العاص نحر حصته خمسين بدنة. وإن عمراً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: أما أبوك - وكان أقر بالتوحيد - فقمت وتصدقت عنه. نفعه ذلك.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابنا العاص مؤمنان: هشام وعمرو.

قال سعيد بن عمرو الهذلي: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان، فبث السرايا في كل وجه، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام، فخرج هشام بن العاص في مئتين قبل يلملم.

وعن علي بن رباح قال: أقبلت الروم يوم دالي في جمع كبير من الروم ونصارى العرب، عليهم نياق

ص: 93

البطريق، فقال بعض القوم لبعض: إنه قد حضركم جمع عظيم، فإن رأيتم أن تناجزوا إلى نواظر الشام، إلى بيرين وقدس، وتكتبوا إلى أبي بكر فيمدكم، فقال هشام بن العاص إن كنتم تعلمون أنما النصر من عند العزيز الحكيم، فقاتلوا، وإن كنتم تنتظرون نصراً من عند أبي بكر ركبت راحلتي حتى ألق به، فقال بعض القوم: ما ترك لكم هشام بن العاص مقالاً، فقاتلوا، فقتل من المسلمين بشر كثير، وقتل هشام بن العاص، وهزم الله الروم، وقتل نياق البطريق، فمر رجل بهشام بن العاص وهو قتيل، فقال: رحمك الله، هذا الذي كنت تبتغي.

قال هشام بن العاص يوم أجنادين: يا معشر المسلمين، إن هؤلاء القلعاء لا صبر لهم على السيف، فاصنعوا كما أصنع، فجعل يدخل وسطهم فيقتل النفر منهم حتى قتل.

ورأى من المسلمين بعض النكوص عن العدو، فألقى المغفر عن وجهه وجعل يتقدم في نحر العدو وهو يصيح: يا معشر المسلمين، إلي إلي، أنا هشام بن العاص، أمن الجنة تفرون؟ حتى قتل. ولما انهزمت الروم يوم أجنادين انتهوا إلى موضع لا يعبره إلا إنسان إنسان، فجعلت الروم تقاتل عليه، وقد تقدموا، وعبروه، فتقدم هشام بن العاص، فقاتلهم عليه حتى قتل، ووقع على تلك الثلمة فسدها. فلما انتهى المسلمون إليها هابوا أن يوطئوه الخيل، فقال عمرو بن العاص: أيها الناس، إن الله قد استشهده، ورفع روحه، وإنما هو جثة، فأوطئوه الخيل، ثم أوطأه هو وتبعه الناس حتى قطعوه. فلما انتهت الهزيمة، ورجع المسلمون إلى العسكر كر عمرو بن العاص، فجمع لحمه وأعضاءه وعظامه، وحمله في نطع فواراه.

ولما بلغ عمر بن الخطاب قتله قال: رحمه الله، فنعم العون كان للإسلام.

ص: 94

قال أبو الجهم بن حذيفة العدوي: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمي ومعي شنة من ماء، فقلت: إن كان به رماق سقيته من الماء ومسحت به وجهه، فإذا أنا به ينشغ، فقلت: أسقيك؟ فأشار أي نعم، فإذا رجل يقول: آه، فأشار ابن عمي أن انطلق إليه، فإذا هو هشام بن العاص، فأتيته فقلت: أسقيك؟ قال: نعم، فسمع آخر يقول: آه، فأشار هشام أن انطلق إليه، فجئته فإذا هو قد مات، ثم رجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، ثم أتيت ابن عمي فإذا هو قد مات.

قال عمرو بن شعيب: علق عمرو يوم اليرموك سبعين سيفاً بعمود فسطاطه قتلوا من بني سهم.

دخل عمرو إلى الطواف، فتكلم فيه نفر من قريش، فقال لهم: ما قلتم؟ قالوا: تكلمنا فيك وفي أخيك هشام: أيكما أفضل، فقال: أفرغ من طوافي وأخبركم. فلما انصرف من طوافه قال: أخبركم عني وعنه: بيننا خصال ثلاث: أمه بنت هشام بن المغيرة، وأمي أمي، وكان أحب إلى أبيه مني، وفراسة الوالد في ولده فراسته، واستبقنا إلى الله فسبقني.

وفي رواية: فبات وبت يسأل الله، وأسأله إياها، فلما أصبحنا رزقها وحرمتها، ففي ذلك يبين فضله علي.

46 -

ص: 95