الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد العزيز؟ فتصببت عرقاً. ثم سئلت عن الفتيل والنقير والقطمير، وعن كل قضية قضيت بها. ثم غفر لي. فمررت بجيفة ملقاة، فقلت للملائكة: من هذا؟ قالوا: إنك إن كلمته كلمك. فوكزته برجلي، فرفع رأسه إلي، وفتح عينيه. فقلت له: من أنت؟ فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا عمر بن عبد العزيز، قال: ما فعل الله بك؟ فقلت: تفضل علي، وفعل بي ما فعل بالخلفاء الأربعة الذين غفر لهم، وأما الباقون فلا أدري ما فعل بهم، فقال لي: هنيئاً لك ما صرت إليه، قلت: من أنت؟ قال: أنا الحجاج، قدمت على الله، فوجدته شديد العقاب، فقتلني بكل قتيل قتلته، وها أنا ذا موقوف بين يدي الله أنتظر ما ينتظر الموحدون من ربهم؛ إما في جنة وإما إلى نار.
قال أبو حازم: فعاهدت الله تعالى بعد رؤيا عمر بن عبد العزيز ألا أقطع على أحد بالنار ممن يموت يقول: لا إله إلا الله.
أبو حديرة ويقال أبو حديرج
ويقال: أبو حدير الجذامي ويقال: الأجذمي، ويقال: اللخمي. ثم من بني جذيم بن لخم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، شهد خطبة عمر بالجابية.
عن يزيد بن أبي حبيب: أن عبد العزيز بن مروان سأل عمن شهد خطبة عمر هذه، فأخبروه بسفيان بن وهب، فأرسل إليه، فأتاه، فقال: أشهدت خطبة عمر بالجابية؟ فقال: نعم شهدتها. قال: قال عمر: قد اجتمعت هذه الموال، فأنا قاسمها على من أفاءها الله عليه إلا هذين الحيين من لخم وجذام. فقام أبو حديرة الجذامي، فقال: أنشدك الله يا أمير المؤمنين والعدل. فقال عمر: العدل أردت، والله؛ أجعل أقواماً أنهكوا الظهر، وشدوا الغرض، وساحوا في
البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم؟ فلو أن الهجرة كانت بصنعاء ما هاجر من لخم وجذام أحد! فقال أبو حديرة: إن الله وضعنا في بلاده بحيث شاء، ثم ساق إلينا الهجرة، فأسلمنا، وقاتلنا، ونصرنا، فذلك الذي يقطع بحظنا! فقال عمر: لكم حظكم مع المسلمين.
عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه: أن عبد العزيز بن مروان قال لكريب بن أبرهة: أحضرت عمر بن الخطاب بالجابية؟ قال: لا، قال: فمن يحدثنا عنها؟ قال كريب: إن بعثت إلى سفيان بن وهب الخولاني حدثك عنها. فأرسل إليه، فقال: حدثني عن خطبة عمر بن الخطاب يوم الجابية.
قال سفيان: إنه لما اجتمع الفيء أرسل أمراء الأجناد إلى عمر بن الخطاب أن يقدم بنفسه، فقدم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن هذا المال نقسمه على من أفاء الله عليه بالعدل إلا هذين الحيين من لخم وجذام، فلا حق لهم فيه. فقام إليه أبو حديرة الأجذمي، فقال: ننشدك الله يا عمر في العدل! فقال عمر: العدل أريد: أنا أجعل أقواماً أنفقوا في الظهر، وشدوا الغرض، وساحوا في البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم؟ ولو أن الهجرة كانت بصنعاء أو عدن ما هاجر إليها من لخم وجذام أحد! فقام أبو حديرة، فقال: إن الله وضعنا من بلاده حيث شاء، وساق إلينا الهجرة في بلانا، فقبلناها، ونصرناها، أفذلك يقطع حقنا يا عمر؟ قال: لكم حقكم مع المسلمين. ثم قسم، فكان للرجل نصف دينار. فإذا كانت معه امرأته أعطاه ديناراً. ثم دعا ابن قاطوراء صاحب الأرض، فقال: أخبرني ما يكفي الرجل من القوت في الشهر، وفي اليوم. فأتي بالمدي والقسط، فقال: يكفيه هذان المديان في الشهر، وقسط زيت، وقسط خل.