المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يونس بن متى ذو النون نبي الله - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٢٨

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌يزيد بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الله بن يزيد بن ذكوان أبو القاسم

- ‌يزيد بن مرثد أبو عثمان الهمداني

- ‌يزيد بن أبي مريم بن أبي عطاء

- ‌يزيد بن أبي المساحق السلمي

- ‌يزيد بن أبي مسلم أبو العلاء الثقفي

- ‌يزيد بن معاوية بن صخر أبي سفيان

- ‌يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي

- ‌يزيد بن أبي يزيد مولى بسر بن أبي أرطاة

- ‌يزيد بن يعلى بن الضخم

- ‌يزيد بن يوسف أبو يوسف الصنعاني

- ‌يزيد ذو مصر المقرائي

- ‌يزيد غير منسوب

- ‌يزيد أبو حفصة مولى مروان بن الحكم

- ‌يسار بن سبع أبو الغادية

- ‌يساف بن شريح اليشكري

- ‌يسرة بن صفوان بن جميل

- ‌اليسع وهو الأسباط بن عدي

- ‌يعقوب ويقال يعبوث بن عمرو بن ضريس القضاعي ثم المشجعي

- ‌يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد أبو عوانة النيسابوري ثم الإسفرائيني

- ‌يعقوب بن إسحاق بن حنش

- ‌يعقوب بن إسحاق أبو يوسف اللغوي

- ‌يعقوب بن دينار ويقال ميمون

- ‌يعقوب بن سعيد أبو سعيد الطرميسي

- ‌يعقوب بن سفيان بن جوان

- ‌يعقوب بن سلمة بن عبد الله

- ‌يعقوب بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي التيمي المدني

- ‌يعقوب بن عبد الرحمن بن سليم الكلبي

- ‌يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي

- ‌يعقوب بن علي بن يعقوب أبو إسحاق

- ‌يعقوب بن عمر بن قتادة بن النعمان

- ‌يعقوب بن عمير بن هانئ العنسي

- ‌يعقوب بن كعب بن حامد أبو يوسف

- ‌يعقوب بن مسدد بن أبي يوسف

- ‌يعقوب بن يوسف بن كلس

- ‌يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان

- ‌يعقوب بن يوسف بن يعقوب

- ‌يعقوب مولى هشام بن عبد الملك

- ‌يعلى بن الأشدق أبو الهيثم العقيلي

- ‌يعلى بن أمية أبو خالد

- ‌يعلى بن حكيم الثقفي

- ‌يعلى بن الضخم العنسي

- ‌يعلى بن عطاء العامري

- ‌يعلى بن مرة بن وهب بن جابر

- ‌يعمر بن مسعود

- ‌يعيش بن الوليد بن هشام بن معاوية

- ‌يغمر بن ألب سارخ أبو الندى

- ‌يلتكين التركي

- ‌يمان بن عفير

- ‌يمكجور التركي

- ‌يموت بن المزرع بن يموت

- ‌ينجوتكين التركي

- ‌ذكر من اسمه يوسف من الرجال

- ‌يوسف بن إبراهيم بن مرزوق بن حمدان

- ‌يوسف بن إبراهيم أبو الحسن الكاتب

- ‌يوسف بن إسماعيل بن يوسف

- ‌يوسف بن أيوب بن شادي الملك الناصر صلاح الدين

- ‌يوسف بن بحر بن عبد الرحمن

- ‌يوسف بن الحسن بن محمد أبو القاسم

- ‌يوسف بن الحسين بن علي أبو يعقوب

- ‌يوسف بن الحكم بن أبي عقيل

- ‌يوسف بن دوناس بن عيسى أبو الحجاج

- ‌يوسف بن رباح بن علي بن موسى

- ‌يوسف بن رمضان بن بندار أبو المحاسن

- ‌يوسف بن الزبير المكي مولى عبد الله بن الزبير

- ‌يوسف بن سعيد بن مسلم أبو يعقوب المصيصي

- ‌يوسف بن السفر

- ‌يوسف بن عبد الله بن سلام

- ‌يوسف بن عبد العزيز بن علي

- ‌يوسف بن عروة بن عطية السعدي

- ‌يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي

- ‌يوسف بن عمرو الشعيثي

- ‌يوسف بن القاسم بن يوسف بن فارس

- ‌يوسف بن محمد بن عروة بن محمد بن عطية

- ‌يوسف بن محمد بن مقلد بن عيسى

- ‌يوسف بن محمد بن يوسف الثقفي

- ‌يوسف بن ماهك المكي الفارسي

- ‌يوسف بن مكي بن علي بن يوسف

- ‌يوسف بن موسى بن عبد الله

- ‌يوسف بن الهيذام بن عامر

- ‌يوسف بن يعقوب أبو عمرو النيسابوري

- ‌يوشع بن نون بن أفرائيم

- ‌ذكر من اسمه يونس من الرجال

- ‌يونس بن إبراهيم أبو الخير

- ‌يونس بن رطاجة

- ‌يونس بن سعيد بن عبيد

- ‌يونس بن أبي شبيب الرقي

- ‌يونس بن عبد الرحيم بن سعد

- ‌يونس بن محمد بن يونس بن محمد

- ‌يونس بن متى ذو النون نبي الله

- ‌يونس بن ميسرة بن حلبس أبو عبيد

- ‌يونس بن يزيد بن أبي النجاد

- ‌يونس المديني الكاتب

- ‌ذكر من سمي بكنيته

- ‌حرف الألف

- ‌أبو أحمد بن علي الكلاعي

- ‌أبو أحمد بن هارون الرشيد

- ‌أبو إبراهيم الدمشقي

- ‌أبو الأبرد الدمشقي

- ‌أبو الأبطال

- ‌أبو الأبيض العبسي الشامي

- ‌أبو أحيحة القرشي

- ‌أبو الأخضر

- ‌أبو الأزهر

- ‌أبو إسماعيل

- ‌أبو الأسود البيروتي

- ‌أبو أسيد

- ‌أبو أوس

- ‌أبو إياس الليثي

- ‌‌‌أبو أيوب

- ‌أبو أيوب

- ‌أم أبان بنت عتبة بن ربيعة

- ‌أم أبيها بنت عبد الله بن جعفر

- ‌حرف الباء

- ‌أبو البختري

- ‌‌‌أبو بردة

- ‌أبو بردة

- ‌أبو بسرة الجهني

- ‌أبو بشر التنوخي

- ‌أبو بشر مؤذن مسجد دمشق

- ‌أبو بشر المروزي

- ‌أبو بقية

- ‌ذكر من اسمه أبو بكر

- ‌أبو بكر بن أنس بن مالك بن النضر الأنصاري

- ‌أبو بكر بن حنظلة العنزي

- ‌أبو بكر بن سعيد الأوزاعي

- ‌أبو بكر بن سليمان بن أبي السائب

- ‌أبو بكر بن عبيد بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري

- ‌أبو بكر بن عبد الله بن حويطب بن عبد العزى

- ‌أبو بكر بن عبد الله بن محمد

- ‌أبو بكر بن عبد الله الأسوار بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

- ‌أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث

- ‌أبو بكر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشي الأموي

- ‌أبو بكر بن محمد بن عمرو

- ‌أبو بكر بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي

- ‌أبو بكر بن يزيد بن أبي بكر بن يزيد بن معاوية الأموي

- ‌أبو بكر بن يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الموي

- ‌أبو بكر الكلبي العابد

- ‌أبو بكر رجل من أهل دمشق

- ‌أبو بكر الشبلي

- ‌أبو بكر الوراق الصوفي

- ‌أبو بكر الجصاص البصري الصوفي

- ‌أبو بكر الدمشقي

- ‌أبو بكر بن العطار الداراني

- ‌أبو بكر القلانسي

- ‌أبو بكر بن الفريابي

- ‌أبو بكر الواسطي الصوفي

- ‌أبو بكر السمرقندي الفقيه الحنفي المعروف بالظهير

- ‌كنى النساء على حرف الباء

- ‌أم البراء بنت صفوان بن هلال

- ‌أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد

- ‌حرف التاء

- ‌أبو تجراة الكندي

- ‌أبو تميمة مولى بني مروان الأموي

- ‌أبو توبة المصري

- ‌حرف الثاء

- ‌أبو الثريا الكردي

- ‌أبو ثعلبة الخشنيّ

- ‌حرف الجيم

- ‌أبو الجرح الغساني

- ‌أبو الجعد السائح

- ‌أبو جعفر الصاحي

- ‌أبو جعفر الخراساني الشافعي

- ‌أبو جعفر ابن بنت أبي سعيد الثعلبي

- ‌أبو جعفر بن ماهان الرازي

- ‌أبو جعفر الحداد الصوفي

- ‌أبو الجعيد

- ‌أبو جلتا البهراني

- ‌أبو الجلد التميمي

- ‌أبو جميع بن عمر بن الوليد

- ‌أبو جميل القدريّ

- ‌أبو جندل بن سهيل

- ‌أبو الجنوب المؤذن المؤدب

- ‌أبو الجهم بن كنانة الكلبي

- ‌أبو الجلاس العبدي

- ‌حرف الحاء

- ‌أبو حارثة

- ‌أبو الحارث الصوفي

- ‌أبو حازم الأسدي الخناصري

- ‌أبو حديرة ويقال أبو حديرج

- ‌أبو حرب اليماني المبرقع

- ‌أبو حرة الحجازي

- ‌أبو حريش الكناني

- ‌أبو حسان بن حسان البسري

- ‌‌‌أبو الحسن

- ‌أبو الحسن

- ‌أبو الحسن الأعرابي الصوفي

- ‌أبو الحسن الأطرابلسي

- ‌أبو الحسن المعاني

- ‌أبو الحسن الدمشقي

- ‌أبو الحسن الدويدة

- ‌ذكر من اسمه أبو الحسين

- ‌أبو الحسين بن أحمد بن الطيب

- ‌أبو الحسين بن بنان المصري الصوفي

- ‌أبو الحسين بن حريش

- ‌أبو الحسين بن عمرو بن محمد

- ‌أبو الحسين الرائق المعري الشاعر

- ‌‌‌أبو حفص الدمشقي

- ‌أبو حفص الدمشقي

- ‌أبو الحكم بن أبي الأبيض العبسي

- ‌أبو حلحة الفزاري

- ‌أبو حلحلة بن الرداد الشاعر

- ‌أبو حلخان الصوفي

- ‌أبو حمزة الخراساني الصوفي

- ‌أبو حملة

- ‌كنى النساء على الحاء

- ‌أم حبيب بنت فلان القرشية

- ‌أم حرام بنت ملحان

- ‌أم الحكم بنت أبي سفيان صخر

- ‌أم حكيم بنت الحارث بن هشام

- ‌أم حكيم بنت يحيى

- ‌حرف الخاء

- ‌أبو خالد الحرسي

- ‌أبو خالد القصاع

- ‌أبو خداش بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب

- ‌أبو خراسان بن تميم الفارسي

- ‌أبو الخير الأقطع التيناتي

- ‌كنى النساء ممن ابتداء أسمائهن على الخاء

- ‌أم خالد بنت عتبة بن ربيعة

- ‌أم الخير بنت الحريش بن سراقة

- ‌حرف الذال

- ‌أبو ذر الغفاري

- ‌أبو ذر البعلبكي

- ‌أبو الذكر

- ‌أبو الذيال

- ‌حرف الراء

- ‌أبو راشد الحبراني

- ‌أبو الربيع الدمشقي

- ‌أبو رجاء بن أخي أبي إدريس الخولاني

- ‌أبو الرضا الصياد العابد

- ‌أبو الرضا بن النحاس الحلبي

- ‌أبو روح شيخ صالح

- ‌أبو روق الدمشقي

- ‌أبو رويحة الخثعمي

- ‌أم الربيع

- ‌حرف الزاي

- ‌أبو زائد الدمشقي

- ‌أبو الزبير الدمشقي

- ‌أبو زرعة بن عمرو بن جرير

- ‌أبو زرعة اللخمي

- ‌أبو زرعة الدمشقي الصوفي

- ‌أبو زرعة الجنبي

- ‌أبو زكار الزاهد

- ‌أبو الزهراء القشيري

- ‌ذكر من اسمه أبو زياد

- ‌أبو زياد مولى آل دراج الجمحي

- ‌أبو زياد أو أبو ثابت أو ثابت

- ‌أبو زياد الدمشقي

- ‌أبو زياد من أهل جبيل

- ‌أبو زيد الأسدي ويقال الأزدي

- ‌أبو زيد الدمشقي

- ‌أبو زيد الأعمى

- ‌حرف السين

- ‌أبو الساكن

- ‌أبو سباع

- ‌أبو سبرة النخعي

- ‌أبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري

- ‌أبو سعد الحمصي

- ‌ذكر من اسمه أبو سعيد

- ‌أبو سعيد المعيطي

- ‌أبو سعيد بن حبيب بن المهلب

- ‌أبو سعيد بن محمد

- ‌أبو سعيد البجلي

- ‌أبو سعيد الصوفي

- ‌ذكر من اسمه أبو سفيان

- ‌أبو سفيان بن أبي بكر بن يزيد

- ‌أبو سفيان بن خالد بن يزيد

- ‌أبو سفيان بن عبد الله الأموي

- ‌أبو سفيان بن عبد الله بن يزيد

- ‌أبو سفيان بن عتبة بن ربيعة القرشي

- ‌أبو سفيان بن عتبة الأعور

- ‌أبو سفيان بن يزيد بن عبد الملك

- ‌أبو سفيان بن يزيد بن معاوية

- ‌أبو سفيان القيني

- ‌حرف السين

- ‌أبو سلمة الصنعاني

- ‌أبو سلمى راعي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو سليمان الحرستاني

- ‌أبو سليمان القرشي العامري البسري

- ‌أبو سليمان العنسي

- ‌أبو سهل ويقال أبو سهيل الأسود

- ‌أبو سيار

- ‌أم سعيد بنت سعيد بن عثمان

- ‌أم سعيد

- ‌أم سعيد

الفصل: ‌يونس بن متى ذو النون نبي الله

كذبوا، لا والله، ما رأيته قط، ولا أعرفه؛ ولكن قدم علينا رجل، فزعم أن أهل بلده يسيئون فيه القول.

‌يونس بن محمد بن يونس بن محمد

أبو نصر الأصبهاني المقرئ نزيل بيت المقدس. مات سنة إحدى وستين وأربعمائة.

‌يونس بن متى ذو النون نبي الله

ورسوله، صلى الله عليه وسلم وهو من سبط لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام. كان من أهل الشام، من أعمال بعلبك. قيل إنه مات وهو صغير، فسألت أمه نبي الله إلياس عليه السلام، فدعا الله، فأحياه، ولم يكن لها غيره. ونبئ يونس وله أربعون سنةً، وكان من عباد بني إسرائيل، فهرب بدينه من الشام، ونزل شاطئ دجلة، فبعثه الله إلى أهل نينوى.

قال إسحاق بن بشر بأسانيده: كان يونس عبداً صالحاً، لم يكن في الأنبياء أحد أكثر صلاةً منه، كان يصلي كل يوم ثلاثمائة ركعة قبل أن يطعم، وقلما كان يطعم من دهره. وكان يصلي كل ليلة قبل أن يأخذ مضجعه ثلاثمائة ركعة، وقلما كان يتوسد الأرض. فلما أن فشت المعاصي في أهل نينوى، وعظمت أحداثهم بعث إليهم.

عن الحسن قال: كانت العجائب في بني إسرائيل، ولا يموت نبي حتى يبعث الله نبياً مكانه. وإنها كانت تكون فيهم الأنبياء الكثيرة.

ص: 105

قال ابن منبه اليماني: إن للنوبة أثقالاً ومؤونةً لا يحملها إلا القوي، وإن يونس بن متى كان عبداً صالحاً، وكان خلقه ضيقاً، فلما حملت عليه النبوة تفسح تحتها تفسخ الربع تحت الحمل، فرفضها من يده، وخرج هارباً، فقال الله تعالى لنبيه:" فأصْبِرْ كَمَا صَبَر أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ "، وقال:" فأصْبِرْ لحُكْمِ رَبِّكَ ولا تَكُنْ كصاحِبِ الحُوتِ إذ نَادَى وهو مَكْظُوم ".

قال علي بن عاصم: قال بعض أصحابنا: بلغني أن يونس عليه السلام كان في خلقه ضعف، والنبوة لها ثقل، فأتاه جبريل وهو قائم يصلي في المسجد، فقذفها عليه، فتفسخ تحتها.

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى.

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لأحد أن يقول: إني خير من يونس بن متى.

عن شهر بن حوشب قال:

كان يونس بن متى رجلاً من بني إسرائيل، وكان قلما رئي ساعةً تحل فيها الصلاة إلا وجد يصلي، فأتاه الرسول، فوجده يصلي في المسجد ببيت المقدس، فانفتل إليه، فقال له: إن الله يأمرك أن تأتي أهل نينوى، فتدعوهم إليه، قال: إلى أهل المدرة السوء؟ قال: نعم. فجعلت نفسه تأبى، فعاد الرسول إليه، فوجده قائماً يصلي في

ص: 106

المسجد، فأعاد عليه الرسالة، قال: إنما آتيهم مشياً، فأخرج إلى السوق، فاشتري حذاءً. فنهض عنه الرسول. وأبت نفسه، وجعل يقول: أولئك يجيئوني، كانوا عند بني إسرائيل أخبث أهل الأرض، لأنهم كانوا أول من غزا بيت المقدس، وقتلوا وحرقوا. فعاد إليه الرسول، فوجده قائماً يصلي في المسجد. فاستحثه، فخرج مغاضباً، وأتى البحر، فوجد سفينةً فذكر ركوبه فيها، والتقام الحوت إياه.

عن ابن عباس في قوله تعالى: " إذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً "، قال: عبد أبق من ربه. ثم اجتباه.

وعنه في قوله: " فَظَنَّ أَنْ لن نَقْدِرَ عليه "، يقول: ظن ألا يأخذه العذاب الذي أصابه وفي رواية: غضب على قومه، فظن أن لن نقضي عليه عقوبة، ولا بلاءً فيما صنع بقومه في غضبه عليهم، وفراره.

وعن مجاهد: فظن أن لن نقدر عليه؛ أن لن نعاقبه بذنبه.

وعن قتادة في قوله تعالى: " فساهَمَ، فكان من المُدْحَضِين "، قال: احتبست السفينة، فعلم القوم أنها احتبست من حدث أحدثه بعضهم، فتساهموا، فقرع يونس، فرمى بنفسه، " فالتَقَمَه الحوتُ وهو مُلِيم "، قال: وهو مسيء فيما صنع، " فلَوْلا أنَّه كان مِنَ المُسَبِّحين "، قال: كان كثير الصلاة في الرخاء، ناجاه.

عن الحسن: أن يونس كان مع نبي من أنبياء بني إسرائيل، فأوحى الله إليه أن ابعث يونس إلى أهل نينوى يحذرهم عقوبتي. قال: وكانت الأنبياء تبعث بإقامة التوراة فيهم، وما أنزل الله بعد موسى كتاباً إلا الإنجيل، وزبور داود. فمضى يونس على كره منه، وكان رجلاً حديداً، شديد الغضب لله عز وجل فأتاهم، وحذرهم، وأنذرهم. فكذبوه، وردوا عليه نصيحته، ورموه بالحجارة، وأخرجوه. فانصرف عنهم. فقال له نبي بني إسرائيل: ارجع إليهم، فرجع، ففعلوا مثل ذلك ثلاث مرات، فأوعدهم العذاب، فقالوا: كذبت.

قال ابن عباس: فلما أيس من إيمان قومه دعا عليهم ربه، وأوعدهم العذاب بعد

ص: 107

ثلاثة أيام، وأخرج أهله، ومعه ابناه صغيرين، فصعد جبلاً ينظر إلى أهل نينوى، ويترقب العذاب. قال: وعاين قوم يونس العذاب للوقت الذي وقت لهم يونس، فلما استيقنوا بالعذاب سقط في أيديهم، وعلموا أن يونس قد صدقهم، فبعث القوم إلى أنبياء كانت في بني إسرائيل، فسألوهم عما ابتلوا به، فقالوا: اطلبوا يونس يدعو لكم، فإنه هو الذي دعا عليكم، فطلبوه، فلم يقدروا عليه، فقالوا: تعالوا نجتمع إلى الله، فنتوب إليه. فخرجوا جميعاً الرجال والنساء والبهائم، وجعلوا الرماد على رؤوسهم، ووضعوا الشوك من تحت أرجلهم، ولبسوا المسوح والصوف، ثم رفعوا أصواتهم بالبكاء والدعاء، وجأروا إلى الله، وعلم الله منهم الصدق، فقبل توبتهم.

يقول الله تعالى: " فَلوْلا "، يعني: فلم يكن " قرية آمنت " عند معاينة العذاب، " فَنَفَعَها إيمانُها إلاّ قوْمَ يونسَ لمّا آمنوا كَشَفْنا عنهم عذابَ الخِزْي في الحياةِ الدنيا ".

قال: وكانوا عاينوا العذاب أول يوم من ذي الحجة، ورفع عنهم يوم العاشر من المحرم. فلما رأى يونس ذلك جاءه إبليس عدو الله، فقال له: يا يونس، إنك إن رجعت إلى قومك اتهموك وكذبوك، فذهب مغاضباً لقومه، " فظَنَّ أَنْ لن نقدِرَ عليه "، فقد كذب. فانطلق يونس حتى أتى شاطئ دجلة ومعه أهله وابناه. فجاءت سفينة، فقال: احملوني، فقالوا: قد أوقرنا سفينتنا هذه، فإن شئت حملنا بعض من معك، فتلحقنا بسفينة أخرى، فتركبها. قال: فحمل أهله، وبقي يونس وابناه، فطلعت سفينة، فانطلق يونس إليها، ودنا أحد ابنيه من شاطئ دجلة، فزلت رجله، فوقع في الماء، فغرق، وجاء الذئب فاحتمل ابنه الآخر، فأكله. فجاء يونس، فوجد أحد ابنيه طافياً على الماء، والآخر قد أكله الذئب، فعلم أنها عقوبة، فركب السفينة ليلحق بأهله، فلما توسطت السفينة الماء أوحى الله إلى السفينة أن اركدي، فركدت، والسفن تمر يميناً وشمالاً، فقالوا: ما بال سفينتكم؟ قالوا: لا ندري. قال يونس: أنا أدري، فيها عبد أبق من ربه، فلا تسير حتى تلقوه. قالوا: ومن هو؟ قال: أنا، فقالوا: أما أنت فلسنا نلقيك والله، ما نرجو النجاة منها إلا بك! قال: فاقترعوا، فمن

ص: 108

قرع فألقوه في الماء، فاقترعوا، فقرعهم يونس، فأبوا أن يلقوه في الماء، وقالوا: إن القرعة تخطئ وتصيب. فاقترعوا الثانية، فقرعهم، فقال لهم: ألقوني في الماء، فأوحي إلى حوت كان يكون في بحر من وراء البحور أن يجيء حتى يحيط بسفينة يونس، فاخترق الحوت البحار، فاستقبل سفينة يونس، فأحاط بها، وفغر فاه، فأوحى الله إلى الحوت ألا يخدش له لحماً، ولا يكسر له عظماً، فإنه نبيي وصفيي. وقال الحوت: يا رب، جعلت بطني له مسكناً، لأحفظنه حفظ الوالدة ولدها. قال: واحتمل يونس إلى ناحية السفينة ليلقى في الماء، فانصرف الحوت إليها، فقال: انطلقوا بي إلى ناحية أخرى، فانطلقوا به، فإذا هم بالحوت، ففعلوا مثل ذلك بجميع جوانب السفينة، فقال: اقذفوني، فقذفوا به، فأخذه الحوت، وهوى به إلى مسكنه من البحر، ثم انطلق به إلى قرار الأرض، فطاف به البحار أربعين يوماً، فسمع يونس تسبيح الجن، وتسبيح الحيتان، فجعل يسمع الحس، ولا يرى ما هو، فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت: يا يونس، هذا تسبيح دواب البحر، فجعل يسبح ويهلل، وقال: سيدي، من الجبال أهبطتني، وفي البلاد سيرتني، وفي الظلمات الثلاث سجنتني: ظلمة الليل، وظلمة الماء، وظلمة بطن الحوت. إلهي، عاقبتني بعقوبة لم تعاقبها أحداً قبلي.

فلما كان تمام أربعين ليلة وهي قدر ما كان قومه في العذاب، وأصابه الغم، " فَنَادى في الظُّلُماتِ أَنْ لا إله إلَاّ أنتَ سُبحانَكَ إنّي كنتُ مِنَ الظالمين "، فسمعت الملائكة بكاءه، وعرفوا صوته، فبكت الملائكة لبكاء يونس، وقالوا: يا ربنا، صوت ضعيف حزين نعرفه في مكان غريب! قال: ذلك عبدي يونس، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر. فقالوا: يا رب، العبد الصالح الذي كان يصعد له كل يوم وليلة العمل الصالح الكثير؟ قال: نعم.

قال ابن عباس: هذه عقوبته لأوليائه فكيف لأعدائه؟ فشفعت له الملائكة، فبعث الله جبريل إلى الحوت يأمره أن يقذف يونس حيث ابتلعه، قال: فجاء به إلى شاطئ دجلة، فدنا جبريل من الحوت، وقرب فاه من في الحوت، وقال: السلام عليك يا يونس، رب العزة يقرئك السلام، فقال يونس: مرحباً بصوت كنت خشيت ألا

ص: 109

أسمعه أبداً، ومرحباً بصوت كنت أرجوه قريباً من شدتي. ثم قال جبريل للحوت: اقذف يونس بإذن الرحمن، فقذفه مثل الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش، فاحتضنه جبريل وقيل: بقي يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاثة ليال وقذفه على الساحل مثل الصبي المنفوس، لم ينقص منه خلقاً، ولم يكس له عظماً.

وقيل: لما أمر الحوت أن يلتقمه قال: يا رب، كنت أشقى خلقك برسولك! فبعث الله حوتاً آخر، فجعل يقول للحوت: والله لتلتقمن يونس أو لألتقمنك، فمضى الحوت لأمر الله تعالى، وقيل: أوحى الله إلى الحوت: إني لم أجعل يونس لك رزقاً، وإنما جعلت بطنك له سجناً؛ فلا تهشمن من يونس عظماً. وقيل: لما استقر في بطن الحوت قال: وعزتك، لأبنين لك مسجداً في مكان لم يبنه أحد قبلي، فجعل يسجد له. وقال تعالى:" فلوْلا أنّه كان مِنَ المُسَبِّحين "، أي من المكثرين للصلاة قبل ذلك.

قال الحسن: شكر الله له صلاته قبل ذلك، فأنجاه بها.

قال ميمون بن مهران: سمعت الضحاك بن قيس يقول على المنبر: اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة، فإن يونس كان عبداً ذاكراً لله، فلما أصابته الشدة دعا الله، فقال الله:" فلولا أنَّه كان مِنَ المُسَبّحين ". وكان فرعون طاغياً، فلما " أَدْرَكَه الغَرَقُ قال: آمَنْتُ "، فقال الله: " ءآلآن، وقد عَصَيْتَ قبلُ ".

وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون الذي دعا بها في بطن الحوت: " لا إله إلاّ أنتَ سبحانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظالمين "، لم يدع بها مسلم في كربة إلا استجاب الله له.

ص: 110

قال علي بن عثام: دعاء الأنبياء: " ربِّ إنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إليَّ مِنْ خَيْرٍ فقِير "، " إلاّ تَغْفِرْ لي وتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الخاسرين "، " لا إله إلَاّ أَنْتَ سبحانَكَ إنِّي كنتُ مِنَ الظالمين ".

عن سعيد بن جبير قال: لما ألقي يونس في بطن الحوت جرى به الحوت في البحور كلها سبعة أيام، ثم انتهى إلى شط دجلة، فقذفه على شط دجلة، فأنبت الله عليه شجرةً من يقطين، قال: من نبات البرية، وأرسله إلى " مائة ألفٍ أو يزيدون "، قال: يزيدون سبعين ألفاً، وقد كان أظلهم العذاب، ففرقوا بين كل ذات رحم ورحمها من الناس والبهائم، ثم عجوا إلى الله، فصرف عنهم العذاب، ومطرت السماء دماً.

قال أمية بن أبي الصلت قبل الإسلام في ذلك بيتاً من شعر: من الطويل

فأنبت يقطيناً عليه برحمةٍ

من الله، لولا الله ألقي ضاحيا

عن مجاهد في قوله تعالى: " وَأَنْبَتْنا عليه شَجَرةً مِنْ يَقْطِين "، قال: كل غير ذات أصل من الدباء وغيره.

عن الحسن قال: وكان لها ظل واسع يستظل بها، وأمرت أن ترضعه أغصانها، فكان يرضع منها كما يرضع الصبي، ويؤوب إليه جسمه.

وفي رواية أخرى عن الحسن قال: بعث الله تعالى إلى يونس وعلةً من وعل الجبل، يدر ضرعها لبناً، حتى جاءت إلى

ص: 111

يونس وهو مثل الفرخ، ثم ربضت، وجعلت ضرعها في في يونس، فكان يمصه كما يمص الصبي، فإذا شبع انصرفت، فكانت تختلف إليه حتى اشتد، ونبت شعره خلقاً جديداً، ورجع إلى حاله قبل أن يقع في بطن الحوت، فمرت به مارة، فكسوه كساءً فبينا هو ذات يوم نائم إذ أوحى الله إلى الشمس: أحرقي شجرة يونس، فأحرقتها، وأصابت الشمس جلده، فأحرقته، فبكى، فأوحى الله إليه: اتبكي على شيء لا ينفع، ولا يضر، ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم في غداة واحدة؟ فعند ذلك عرف يونس ذنبه، فاستغفر ربه، فغفر له.

وروي عن عائشة مرفوعاً: أما صلاة الفجر فتاب الله على آدم، وأما صلاة الهاجرة فتاب الله على داود، وأما العصر فتاب الله على سليمان، وأما المغرب فبشر يعقوب بيوسف، وأما العشاء فأخرج الله يونس من بطن الحوت حين اشتبكت النجوم، وغاب الشفق، فصلى لله أربع ركعات شكراً، فجعلها الله لي ولأمتي تمحيصاً، وكفارات ودرجات.

وقيل: إن يونس كان آثر الصمت، فقيل له: يا نبي الله، إنا نراك تكثر السكوت؟ فقال: كثرة الكلام اسكنتني بطن الحوت. فلما خرج يونس من بطن الحوت عاتبه الله في دعائه على قومه، فقال له: آليت على نفسي أن أعذبك، فقال: عذاب الدنيا، فقال: اخطب من فلان ابنته، ففعل، فكانت تسومه سوء العذاب.

قال شهر بن حوشب: كانت رسالة يونس بعدما نبذه الحوت. ولم يذهب إلى القوم إلا من بعد ما خرج من بطن الحوت.

عن الحسن قال: إن يونس كان نبياً، ثم صار من بعد ما أنجاه الله من بطن الحوت نبياً رسولاً، لأن الله يقول:" وأَنْبَتْنا عليه شَجَرةً مِنْ يَقْطِين. وأرسلناه " يعني من بعد ذلك " إلى مائةِ أَلْفٍ أو يزيدون "، قال: والزيادة عشرون ألفاً، وقيل: سبعون ألفاً.

ص: 112

عن قتادة قال: إن يونس عليه السلام لقي راعياً من أهل نينوى بعد أن كشف الله عنهم العذاب، فقال له: أنا يونس، فقال الراعي: هات بينة على ما تقول؛ فإني من قوم إذا حدث رجل منه فكذب قتل. قال: هذه الشاة تشهد لك، وهذه الشجرة. فشهدتا له بذلك، فملكوه.

وعن الحسن قال:

فرجع يونس، فمر بارع من رعاة قومه، فقال له: ما فعل يونس؟ قال: لا ندي ما حاله، غير أنه كان خير الناس، وأصدق الناس؛ وأخبرنا عن العذاب فجاءنا على ما قال، فتبنا إلى الله، فرحمنا. ونحن نطلب يونس، ما ندري أين هو، ولا نسمع له بذكر. فقال له يونس: هل عندك لبن؟ قال: والذي أكرم يونس ما أمطرت السماء، ولا أعشبت الأرض منذ فارقنا يونس. فقال: ائتني بنعجة، فمسح يده على بطنها، ثم قال: دي بإذن الله، فدرت لبناً، فاحتلبها يونس، فشرب يونس والراعي، فقال له الراعي: إن كان يونس حياً فأنت هو، قال: فإني أنا يونس، فأت قومك، فأقرهم مني السلام، قال الراعي: إن الملك قد قال: من أتاني فأعلمني أنه رأى يونس، وجاءني على ذلك ببرهان جعلت له عليه ملكي، وجعلته مكاني، ولا أستطيع أبلغه ذلك إلا بحجة، فإني أخاف أن يقال لي: إنما فعلت هذا القول للملك. قال يونس: تشهد الشاة التي شربت من لبنها. فقال: ما يمنعك يا نبي الله أن تأتيهم، فتسلم عليهم؟ قال: لا يروني أبداً.

وعن الحسن: أنه رجع إليهم! وذلك أن الراعي انطلق، فنادى في المدينة بصوت رفيع حزين: ألا إن رسول الله يونس بن متى قد رأيته. فاجتمع الناس، وكذبوه، فقال: إن لي بينة، واستشهد الشاة أنه رآه، فاطلق الله لسانها، فقالت: نعم، وشرب من لبني، وأمرني أن أشهد لك. ثم انطلق بهم إلى الصخرة، فقال لها: أيتها الصخرة، نشدتك بالذي كشف عنا العذاب، هل رأيت يونس؟ قالت: نعم، وأمرني أن أشهد لك، وإنه لتحت ظلي الساعة، فانحدروا في الوادي، فإذا هم بيونس قائماً يصلي، فاحتملوه، ورفعوا أصواتهم

ص: 113

بالبكاء والتضرع إلى الله حتى أدخلوه مدينتهم، فأنزل الله عليهم بركات السماء، وأخرج لهم من بركات الإرض، وجمع الله تعالى بين يونس وأهله، فأقام فيهم حتى أقام لهم السنن والشرائع. ثم سأل ربه أن يخرج، فيسيح في الأرض، فيتعبد حتى يلحق بالله، فأذن له، فخرج. وعمد الملك إلى الراعي الذي رأى يونس، فولاه الملك، وقال: أنت خيرنا وسيدنا. ثم لحق الملك بالنساك، فلم ير بعد ذلك يونس، ولا الملك. وقالوا للراعي: أنت خيرنا وسيدنا، ولا ينبغي أن يكون فينا أحد أرفع منك، ولا نعصي لك أمراً. فملكهم الراعي أربعين سنة.

قال أبو الجلد: إن العذاب لما هبط على قوم يونس جعل يحوم على رؤوسهم مثل قطع الليل المظلم، فمشى ذوو العقول منهم إلى شيخ من بقية علمائهم، فقالوا: إنا قد نزل بنا ما ترى فعلمنا دعاء ندعو به عسى الله أن يرفع عنا عقوبته. قال: قولوا: يا حي حين لا حي، ويا حي تحيي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت. فكشف الله عنهم.

قال الفضيل بن عياض: بلغني أن قوم يونس لما عاينوا العذاب قال رجل منهم: الله إن ذنوبنا قد عظمت وجلت، وأنت أعظم منها، وأجل، فافعل بنا ما أنت أهله، ولا تفعل بنا ما نحن أهله. قال: فكشف الله عنهم العذاب.

عن عباد بن كثير والحسن قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفضلوا بيني وبين إخوتي من النبيين ولا ينبغي لأحد أن يفضل على يونس بن متى.

عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على وادي الأزرق، وقال: كأني أنظر إلى موسى منهبطاً وله جؤار إلى ربه بالتلبية. ثم أتى على ثنية، فقال: كأني أنظر إلى يونس بن

ص: 114

متى عليه عباءتان قطوانيتان يلبي تجيبه الجبال، والله يقول له: لبيك يا يونس، هذا أنا معك.

وعنه قال: كانت تلبية موسى: لبيك عبدك وابن عبدك، وكانت تلبية يونس: لبيك كاشف الكرب.

عن عثمان بن الأسود بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقد مر بفم الروحاء سبعون نبياً على نوق حمر خطمها الليف، ولباسهم العباء، وتلبيتهم شتى، فمنهم يونس بن متى، يقول: لبيك فارج الكرب لبيك.

قال محمد بن معاوية بن الأزرق: حدثنا شيخ لنا قال: التقى يونس وجبريل عليهما السلام فقال يونس: يا جبريل، دلني على أعبد أهل الأرض، فأتى به على رجل قد قطع الجذام يديه ورجليه، وهو يقول: متعتني بهما حيث شئت، وسلبتنيهما حيث شئت، وأبقيت لي فيك طول الأمل، يا بارئاً رضاك.

فقال يونس: يا جبريل، إنما سألتك أن ترينيه صواماً قواماً، قال جبريل: إن هذا كان قبل البلاء هكذا، وقد أمرت أن أسلبه بصره، قال: فأشار إلى عينيه، فسالتا، فقال: متعتني بهما حيث شئت، وسلبتنيهما حيث شئت، وأبقيت لي فيك طول الأمل، يا بارئاً رضاك. فقال جبريل: هل تدعو الله، وندعو معك فيرد عليك يديك ورجليك وبصرك، فتعود إلى العبادة التي كنت فيها، قال: ما أحب ذلك، قال: ولم؟ قال: أما إذ كانت محبته في هذا فمحبته أحب إلي من ذاك. قال يونس: بالله يا جبريل، ما رأيت أحداً أعبد من هذا قط. قال جبريل: يا يونس، هذا طريق لا يوصل إلى الله عز وجل بشيء أفضل منه.

عن كعب قال: إن يونس لحق بالعباد، وكانت العباد حين عظمت الأحداث في بني إسرائيل خرجوا

ص: 115