المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابعالرخصة في بعض المزاح بشروطه - مرويات المزاح والدعابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة

[فهد بن مقعد العتيبي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولفي ذكر معنى المزاح والدعابة لغة، ومما اشتقتا منه، وأقوال أهل اللغة في تصريفهما

- ‌الباب الثانيفي ذكر ما روي عن السلف في ذم المزاح والإكثار منه

- ‌الباب الثالثفي ذكر أدلة القائلين بتحريمه والرد عليهم

- ‌أولًا:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌رابعًا:

- ‌خامسًا:

- ‌سادسًا:

- ‌الباب الرابعالرخصة في بعض المزاح بشروطه

- ‌فصل

- ‌الباب الخامسمزاح النبي صلى الله عليه وسلم ودعاباته وحُسن خُلُقه

- ‌فصلفي مزاح النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته وعِتْرَتِهِ

- ‌أولًا:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌رابعًا:

- ‌خامسًا:

- ‌سادسًا:

- ‌سابعًا:

- ‌ثامنًا:

- ‌تاسعًا:

- ‌فصلفي مزاحه مع أصحابه رضي الله عنهم

- ‌أولًا:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌رابعًا:

- ‌خامسًا:

- ‌سادسًا:

- ‌سابعًا:

- ‌ثامنًا:

- ‌تاسعًا:

- ‌فصلفي مزاحه مع الصبيان

- ‌أولًا:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌رابعًا:

- ‌خامسًا:

- ‌سادسًا:

- ‌سابعًا:

- ‌ثامنًا:

- ‌تاسعًا:

- ‌الباب السادسفي مزاح الصحابة رضي الله عنهم والسلف ودعاباتهم

- ‌أولًا:

- ‌ثانيًا:

- ‌أ - عن أم سلمة

- ‌ب - وعن ربيعة بن عثمان

- ‌ت - عن محمد بن عمرو بن حزم

- ‌ث - وكان مخرمة بن نوفل

- ‌ج - وعن عبدان بن مصعب

- ‌ثالثًا:

- ‌رابعًا:

- ‌خامسًا:

- ‌سادسًا:

- ‌الباب السابعفيما لا يجوز من المزاح

- ‌أولًا:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌الخاتمةرزقنا الله حسنها

الفصل: ‌الباب الرابعالرخصة في بعض المزاح بشروطه

‌الباب الرابع

الرخصة في بعض المزاح بشروطه

رخَّص أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين في المزاح، لكنهم جعلوا له قيودًا وشروطًا تضبطه حتى لا ينفتح بابه على مصراعيه فيفضي إلى محرم أو منهي عنه، كإثارة العداوة وإلهاب الضغينة، وما يوصل إلى التقاطع والتدابر وهجر الإخوان، وقطع الرحم، وكذلك القول الباطل، من كذب وسخرية واستهزاء وتنقص من الآخرين في الخُلُق والسلوك وغيره وأعظم من ذلك التنقص منهم في الخَلق والصورة، وبالجملة فما أفضى إلى محرم فهو محرم سدًّا لباب الذريعة وحسمًا لمادة الحظر، وعملًا بما هو أحوط.

نبَّهَ على هذا المعنى الإمام النووي رحمه الله فقال:

«اعلم أن المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب وشغْلًا عن ذكر الله والفِكْر في مهمات الدين، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار، فأما إن سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله على النُّدْرَةِ لمصلحة تطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهو سُنَّة مستحبَّة،

ص: 41

فاعلم هذا فإنه مما يعظم الاحتياج إليه» اهـ.

وعليه فإن المزاح ضربان كما قال ابن حبان رحمه الله:

«والمزاح على ضربين، فمزاح محمود ومزاح مذموم.

فأما المزاح المحمود فهو الذي لا يشوبه ما كره الله عز وجل، ولا يكون بإثم ولا قطيعة رحِم، وأمَّا المزاح المذموم فالذي يثير العداوة ويذهب البهاء، ويقطع الصداقة، ويجرئ الدَنيَّ عليه ويحقد الشريف به».

وقال أيضًا: «وإذا كان «أي المزاح» من غير معصية فإنه يُسَلِّي الهمَّ ويرفع الخُلَّة ويحيي النفوس ويذهب الحشمة، فالواجب على العاقل أن يستعمل من المزاح ما يُنْسَب بفعله إلى الحلاة، ولا ينوي به أذى أحد ولا سرور أحد بمساءة أحد».

ثم ساق بسنده قول إبراهيم النخعي: «لا يمازحك إلا مَن يحبك» .

وقال: «على أني أكره استعمال المزاح بحضرة الطعام، كما أكره تركه عند حضور الأشكال» أي: الأقران، ومقصوده مؤانستهم بحُكْمِ كَوْنِهِم في منزلة واحدة يجترئ بعضهم على بعض مع التزام الهدي النبوي في ذلك.

وعلى هذا فإن سلم المزاح والدعابة من هذه الأمور فإنه

ص: 42

يُرَخَّص فيه حينئذٍ؛ لأنه وافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسمته وخلقه ومعاملته لأصحابه رضي الله عنهم، بل إنه والحالة هذه يكون سُنَّةً مستحبَّةً وهديًا متَّبَعًا.

ولهذا نقل عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يتمازحون، وعرف بعضهم بذلك واشتهر به مثل «النعيمان» و «سُوَيْبِط» و «حمار الذي جلد في الخمر» ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اشتهروا به بل كان يَسْتَمْلح مزاحهم، وربما ضحك لهم، بل إنه صلى الله عليه وسلم شهد لبعضهم بأنه يحب الله ورسوله، كما في قصة «عبد الله الذي كان يدعى حمارًا» .

كما عرف ذلك عمن بعدهم من التابعين، كالشعبي وشعبة بن الحجاج والأعمش وابن أبي عتيق. وغيرهم.

وعلى هذا جرى عمل الأئمة في مصنفاتهم من صحاح ومسانيد وغيرها. فإنهم بَوَّبوا له في كتبهم للدلالة على تجويزهم له.

فقال البخاري في كتاب الأدب من «صحيحه» : «باب مَن ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها» . وقال: «باب التَّبَسُّم والضحك» .

قال الإمام بدر الدين العيني: «أي: هذا باب في بيان إباحة التبسم والضحك» .

ص: 43

وبَوَّب له الترمذي في «جامعه» فقال في كتاب البر والصلة «باب ما جاء في المزاح» وكذلك أبو داود في «السنن» وقال الترمذي في «الشمائل» : «باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم» .

قال شارحه البَيْجُوري: «أي باب بيان الأخبار الواردة في صفة مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم» .

وقال ابن ماجه في «السنن» «باب المزاح» من كتاب الأدب، وكذلك الإمام الدارمي في «سننه» من كتاب الاستئذان.

وقال ابن حبان في صحيحه «باب المزاح والضحك» من كتاب الحظر والإباحة.

ثم قال: «ذكر الإباحة للمرء أن يمزح مع أخيه المسلم بما لا يُحَرِّمُهُ الكتاب والسُّنَّة» .

ولو تتبعنا من أفراد للمزاح بابًا من أئمة الحديث وسلف الأمة لطال بنا البحث، وفي ذكر هؤلاء الأعلام غُنْيَةٌ وكفايةٌ إن شاء الله.

ص: 44