المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: عدد جيش المشركين، وبيان قواده - مرويات غزوة الخندق

[إبراهيم بن محمد المدخلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: أسباب الغزوة وتاريخها

- ‌الفصل الأول: سبب الغزوة

- ‌الفصل الثاني: تاريخ الغزوة

- ‌الباب الثاني: الدوافع والأسباب التي دعت إلى تكتل الأحزاب

- ‌الفصل الأول: دور اليهود في هذه الغزوة

- ‌المبحث الأول: الحقد اليهودي على البشرية منذ القدم

- ‌المبحث الثاني: الوفد اليهودي المحرض

- ‌المبحث الثالث: القبائل التي أغراها اليهود على قتال المسلمين

- ‌الفصل الثاني: دور المنافقين في هذه الغزوة

- ‌الباب الثالث: موقف المسلمين من تحركات الأحزاب

- ‌الفصل الأول: مشاورة الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه حول خطة الدفع "حفر الخندق

- ‌الفصل الثاني: تواضعه صلى الله عليه وسلم ومباشرته الحفر بنفسه

- ‌الفصل الثالث: الكدية وتغلب المسلمين عليها

- ‌الفصل الرابع: مكان الخندق وسرعة إنجاز المسلمين لحفره

- ‌الباب الرابع: وصول الأحزاب إلى مشارف المدينة

- ‌الفصل الأول: بيان عدد الجيش

- ‌المبحث الأول: عدد جيش المشركين، وبيان قواده

- ‌المبحث الثاني: عدد جيش المسلمين

- ‌الفصل الثاني: تواطؤ اليهود مع المشركين وعزمهم على ضرب المسلمين من الخلف

- ‌الفصل الثالث: تخذيل المنافقين للصف الإسلامي

- ‌الباب الخامس: وصف ما دار في غزوة الأحزاب من مناوشات

- ‌الفصل الأول: اقتحام المشركين للخندق وتصدي المسلمين لهم

- ‌المبحث الأول: الحصار الذي لحق بالمسلمين

- ‌المبحث الثاني: المبارزة

- ‌المبحث الثالث: القتلى من الجانبين

- ‌الفصل الثاني: اشتداد المعركة يمنع المسلمين من الصلاة

- ‌الفصل الثالث: "دور سعد بن معاذ وبلاؤه في هذه الغزوة

- ‌الفصل الرابع: دور نعيم بن مسعود الأشجعي في هذه الغزوة

- ‌الفصل الخامس: دور حذيفة بن اليمان في هذه الغزوة

- ‌الفصل السادس: حصول النزاع بين الأحزاب وانهزامهم

- ‌المبحث الأول: هبوب الريح

- ‌المبحث الثاني: "نتائج الغزوة

- ‌الخاتمة: في الأحكام والفوائد والعبر المستنبطة من هذه الغزوة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الأول: عدد جيش المشركين، وبيان قواده

‌الباب الرابع: وصول الأحزاب إلى مشارف المدينة

‌الفصل الأول: بيان عدد الجيش

‌المبحث الأول: عدد جيش المشركين، وبيان قواده

المبحث الأول: عدد جيش المشركين، وبيان قواده

بعد أن اجتمع الوفد اليهودي بقيادة زعيمهم الحاقد حيي بن أخطب بقواد قريش وزعمائها، وبعد أن رجعوا فرحين بما جاء به ذلك الوفد المشؤوم الذي كشف الله أمره، ولعنه حيث قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً} 1 الآية.

بعد ذلك كله اجتمع زعماء قريش في دار الندوة2 للمشاورة وخرجوا بقرار نهائي هو الموافقة على ما أراده اليهود منهم وقد صادف

1 سورة النساء الآيتين 52- 53.

2 دار الندوة: مكان بمكة أحدثه قصي بن كلاب بن مرة لما تملك مكة، وهي دار كانوا يجتمعون فيها للمشاورة، واللفظة مأخوذة من لفظ الندى والنادي والمنتدى، وهو مجلس القوم الذي يندون حوله أي يذهبون قريباً منه ثم يرجعون هذا ما قاله ياقوت. معجم البلدان 2/413، أما ابن دريد فقال:"أن قصياً أول من بنى الكعبة بعد بناء تبع، وبني دار الندوة، وهي الدار التي كانت قريش تجتمع فيها عند النوائب في الحرب أو غيرها. الاشتقاق 155"، وقال الحلبي:"دار الندوة من جهة الحِجر وكان لها باب إلى المسجد أعدت للاجتماع"، السيرة الحلبية 2/222.

ص: 209

هوى في نفوسهم ألا وهو استئصال الإسلام والقضاء على حامليه كما كانوا يعتقدون ذلك؛ لأن نظرتهم كانت تغتر بالعدد الكبير الذي حشدوه إلى أرض المعركة، ونسوا أن النصر من عند الله، وأنه هو الذي نصر المؤمنين مع قلتهم في بدرٍ وغيرها. تجاهلوا ذلك كله وكان يراودهم أمل متعلق بالكثرة الكاثرة التي ذهب اليهود من أجلها إلى غطفان وبقية القبائل المعادية للإسلام في ذلك الوقت.

ولكنهم كما قال الله تعالى: {

وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} 1.

وهم مع ذلك لا يعلمون أن الله سبحانه وتعالى قال: {

كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ

} 2 الآية.

قال ابن إسحاق: "ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع

1 سورة الأنفال الآية 30.

2 سورة البقرة الآية 249.

ص: 210

الأسيال من رومة1 بين الجرف وزغابة2 في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة، وأهل تهامة وأقبلت غطفان، ومن تبعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمي3 إلى جانب أحد"4، أهـ.

1 رومة: بضم الراء وسكون الواو: أرض بالمدينة بين الجرف وزغابة نزلها المشركون عام الخندق. وبهذا يعرف التصحيف الذي ورد عند الطبري في تاريخ الأمم والملوك 2/46، حيث قال بمجتمع الأسيال من دومة: بالدال. وقلت لعله تصحيف لأن الدومة بالعالية قرب بني قريظة، وإلى جانبها الدويمة مصغراً أما رومة فهي العرصة الكبرى التي تلتقي بالجرف وكلاهما في آخر العقيق. قال ذلك الفيروزآبادي والسمهودي. المغانم المطابة 171، وفاء الوفاء 4/1227، ومعجم البلدان لياقوت 3/104.

2 زغابة: قال ياقوت بالفتح في الأول وبعد الألف باء موحدة قال ابن إسحاق: "ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف

" الخ.

قال ورواه أبو عبد البكري الأندلسي زغابة بضم الزاي وعين مهملة وذكره الطبري فقال بين الجرف والغابة واختار هذه الرواية، وقال لأن زغابة لا تعرف. وليس الأمر كذلك فإنه قد روي في الحديث المسند أنه عليه الصلاة والسلام قال في ناقة أهداها إليه أعرابي فكافأه بست بكرات فلم يرض فقال عليه الصلاة والسلام ألا تعجبون لهذا الأعرابي أهدي إلي ناقتي أعرفها بعينها ذهبت مني يوم زغابة، وقد كافأته بست فسخط الحديث، وقد جاء ذكر زغابة في حديث آخر فكيف لا يكون معروفاً؟ فالا عرف إذا عندنا زغابة بالغين المعجمة. أ. هـ. كلام ياقوت في معجم البلدان 3/141-142. وقد وافقه الفيروزآبادي في القاموس 1/79.

3 نقمي: بالتحريك والقصر: موضع من أعراض المدينة كان لآل أبي طالب، قال ابن إسحاق، وأقبلت غطفان يوم الخندق، ومن تبعها من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أحد أ. هـ. كلام ياقوت في معجم البلدان 5/300، وكذا في القاموس 4/183، والمغانم المطابة 414كلاهما للفيروزآبادي.

4 السيرة النبوية 2/215، والروض الآنف 3/261.

ص: 211

أما ابن سعد فقد قال في سياق حديثه عن الخندق: أخبرنا أبو الوليد الطيالسي1 أخبرنا أبو عوانة2 عن أبي بشر3 عن سعيد بن جبير قال كان يوم الخندق بالمدينة قال فجاء أبو سفيان بن حرب ومن معه من قريش ومن تبعه من كنانة

وعيينة بن حصن ومن تبعه من غطفان. وطليحة ومن تبعه من بني أسد وأبو الأعور السلمي ومن تبعه من بني سليم4

والأثر موقوف على سعيد بن جبير: "ورجال السند ثقات".

وقد ذكر ابن سعد أن زعماء قريش دخلوا دار الندوة وعقدوا اللواء

1 أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري ثقة ثبت من التاسعة مات سنة سبع وعشرين ومائتين وله أربع وتسعون سنة روى له (ع) . التقريب 364.

2 أبو عوانة

هو وضاح بتشديد المعجمة ثم مهملة بن عبد الله اليشكري الواسطي البزاز مشهور بالكنية - ثقة ثبت- من السابعة مات سنة خمس أو ست وسبعين (بعد المائة) روى له (ع) التقريب 369.

3 أبو بشر هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية بفتح الواو وسكون المهملة وكسر المعجمة وتثقيل التحتانية - ثقة - من أثبت الناس في سعيد بن جبير ضعفه شعبة في حبيب بن سالم وفي مجاهد من الخامسة مات سنة خمس وقيل سنة ست وعشرين (بعد المائة) روى له (ع) التقريب 55.

4 الطبقات الكبرى 2/71.

ص: 212

فيها وحمله عثمان1 بن طلحة بن أبي طلحة، وذلك بعد أن ساق سنده الطويل، وفيه قال: قالوا2: "لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير ساروا إلى خيبر فخرج نفر من أشرافهم ووجوههم إلى مكة فألبوا قريشاً ودعوهم إلى الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاهدوهم على قتاله ووعدوهم لذلك موعداً ثم خرجوا من عندهم حتى أتوا غطفان وسليماً ففارقوهم على مثل ما اتفقوا عليه مع قريش". قال ابن سعد: "عندئذ تجهزت قريش وجمعوا أحابيشهم ومن تبعهم من العرب فكانوا أربعة آلاف وعقدوا اللواء في دار الندوة، وحمله عثمان بن طلحة ابن أبي طلحة، وقادوا معهم ثلاثمائة فرس وكان معم ألف وخمسمائة بعير قال: "وخرجوا يقودهم أبو سفيان بن حرب بن أمية"3، ووافقهم بنو سليم

1 عثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدري هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية مع خالد بن الوليد فلقيا عمرو بن العاص قد أتى من عند النجاشي يريد الهجرة فاصطحبوا حتى قدموا المدينة وقال صلى الله عليه وسلم حين رآهم (ألقت إليكم مكة أفلاذ كبدها) يعني أنهم وجوه أهل مكة. أسد الغابة 3/273.

2 أي السند المتقدم في أول الكتاب وهذه طريقته يقدم السند في أول الكتاب ثم يعيد لضمير إليه ويقول قالوا.

3 أبو سفيان هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي صحابي مشهور أسلم عام الفتح مات سنة اثنتين وثلاثين وقيل بعدها. انظر الاستيعاب 4/240، والتقريب 151.

ص: 213

بمر الظهران وهم سبعمائة يقودهم سفيان بن عبد شمس" أهـ. كلام ابن سعد1.

وقد ذكر ذلك ابن إسحاق2، إلا أنه لم يذكر عدد جيش قريش ولكنه ذكر العدد الإجمالي لجيش الأحزاب وتابعه على ذلك ابن كثير3.

أما الطبري فقد ساق حديثاً من طريق ابن إسحاق قال: "ثنى يزيد بن رومان في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا

} 4 الآية. والجنود قريش وغطفان وبنو قريظة

الخ"5.

ثم ساق حديثاً آخر طويلاً من طريق ابن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة وعن محمد بن كعب القرظي وعن عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم6 وفيه:

1 الطبقات الكبرى 2/5.

2 السيرة النبوية 2/215.

3 البداية والنهاية 4/95.

4 سورة الأحزاب الآية 9.

5 جامع البيان 21/129 وقد تقدمت تراجم رجال السند.

6 تقدمت تراجمهم في ص 47.

ص: 214

"فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة ومسعود بن رخيلة1 الأشجعي فيمن تابعه من قومه من أشجع. فلما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبما اجتمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف والغابة2، في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة وأقبلت غطفان ومن تابعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أحد"3.

1 هكذا ورد اسمه في طبقات ابن سعد 2/66، وتاريخ الأمم والملوك للطبري2/44، الاستيعاب لأبي عمر 3/448، وأسد الغابة 4/357، والأمتاع للمقريزي 1/230، والإصابة لابن حجر 3/410 كل هذه المراجع تذكر بأن اسمه مسعود بن رخيلة بضم الراء وفتح الخاء المعجمة مصغراً وفي السيرة النبوية لابن هشام 2/215، وجوامع السيرة لابن حزم (186)(مسعر) وكذا الطبري في جامع البيان 21/130.

2 الجرف: بالضم ثم السكون موضع على ثلاثة أميال من المدينة من جهة الشام كانت به أموال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قالوا والذي سماه بهذا الاسم هو تبع مر به فقال هذا جرف الأرض، وكان يسمي قبل ذلك العرض بكسر العين. انظر معجم البلدان 2/128، والمغانم المطابة 88/89.

3 جامع البيان 21/129-130.

ص: 215

قال ابن القيم: "خرجت قريش وقائدهم أبو سفيان في أربعة آلاف ووافاهم بنو سليم بمر الظهران وخرجت بنو أسد وفزارة وأشجع وبنو مرة وجاءت غطفان وقائدهم عيينة بن حصن وكان من وافى الخندق من الكفار عشرة آلاف"1.

أما الطبري فقد قال: "فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري على بني فزارة والحارث بن عوف المري على بني مرة ومسعود بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من أشجع

الخ"2. وقد تابعه في هذا ابن حزم3، وابن الأثير 4، والقرطبي5.

1 زاد المعاد 3/271.

2 تاريخ الأمم والملوك 2/44.

3 جوامع السيرة 186.

4 الكامل 2/122.

5 الجامع لأحكام القرآن 14/128.

ص: 216

عقب ذلك قال السيوطي: "وأخرج ابن إسحاق وابن مردويه عن ابن عباس قال أنزل الله في شأن الخندق وذكر نعمه عليهم وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن ومقالة من تكلم من أهل النفاق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} 1 الآية. وكانت الجنود التي أتت المسلمين أسداً وغطفان وسليماً

الخ"2.

كما ذكر ابن الجوزي3: "أن عدد قريش كان أربعة آلاف رجل قادوا معهم ثلاثمائة فرس ومائة وخمسين بعيراً، وبنو سليم كانوا سبعمائة، وفزارة كانوا ألف رجل، وأشجع كانوا أربعمائة رجل، وبنو مرة كانوا أربعمائة"4

وبه قال المقريزي5. أخيراً قال الحافظ ابن حجر، ذكر موسى بن عقبة في المغازي قال:

1 سورة الأحزاب الآية 9.

2 الدر المنثور 5/186.

3 هو عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر القرشي التيمي البكري البغدادي المعروف بابن الجوزي جمال الدين أبو الفرج. توفي سنة 597هـ. تذكرة الحفاظ 3/1342، ومعجم المؤلفين 5/157.

4 الوفاء بأخبار المصطفى 692.

5 إمتاع الأسماع 1/218-219.

ص: 217

"خرج حيي بن أخطب بعد قتل بني النضير1 إلى مكة يحرض2 قريشاً على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق يسعى في غطفان، ويحضهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لهم نصف تمر خيبر فأجابه عيينة بن حصن الفزاري إلى ذلك وكتبوا إلى حلفائهم من بني أسد فأقبل إليهم طليحة بن خويلد فيمن أطاعه، وخرج أبو سفيان بن حرب بقريش فنزلوا بمر الظهران فجاء من أجابهم من بني سليم مدداً لهم فصاروا في جمع عظيم فهم الذين سماهم الله - الأحزاب - وذكر ابن إسحاق بأسانيده أن عدتهم عشرة آلاف3.

نبذة عن القواد الخمسة المشاركين في هذه الغزوة ومتى كان إسلامهم:

1 هذا وهم أو سبق قلم - ذكر قتل بني النضير- والواقع بخلاف ذلك. حيث بين الله في كتابه الكريم أنه أخرجهم من درياهم، ولم يذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قتل أحداً منهم حيث قال سبحانه:{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ} الخ الآية من سورة الحشر رقم (2) . أما قصة إخراجهم وسببها فقد ذكره أصحاب المغازي والسير والتفاسير من ذلك السيرة النبوية 2/190.

2 حرض تحرضياً: حثه، القاموس المحيط 2/327.

3 فتح الباري 7/393.

ص: 218

1-

أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية:

أسلم يوم الفتح وشارك مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين والطائف بعد أن شارك في قتاله صلى الله عليه وسلم كثيراً. وقد ولد قبل الفيل بعشر سنين، وقد أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة بعير وأربعين أوقية كما أعطى المؤلفة قلوبهم، وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية فقال له أبو سفيان:"والله إنك لكريم فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك فلنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فنعم المسالم أنت جزاك الله خيراً"، تولى على نجران في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى مكة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وسكنها مدة ثم عاد إلى المدينة فمات بها سنة إحدى وثلاثين، وقيل اثنتين وثلاثين، وقيل أربع وثلاثين، وقيل كان عمره ثمان وثمانين، وقيل ثلاثاً وتسعين سنة1.

2-

أما عيينة بن حصن، كنيته أبو مالك

فكان من الجفاة الغلاظ وكان اسمه حذيفة، وسمي عيينة لشتر كان بعينه، أسلم ثم ارتد، وآمن بطليحة حين تنبأ، وأخذه خالد بن الوليد أسيراً فأتي به أبا بكر رضي الله عنه، فمن عليه وروي أنه دخل المدينة مجموعة يداه إلى عنقه جعل الغلمان يطعنونه بأيديهم في بطنه وخاصرته،

1 أسد الغابة 3/12.

ص: 219

ويقولون أي عدو الله ارتددت عن الإسلام فيقول، والله ما كنت آمنت قط1، ولم يزل مظهراً الإسلام على جفوته حتى مات وهو عم الحر بن قيس، وكان الحر رجلاً صالحاً من أهل القرآن، وكان عيينة أيضاً من المؤلفة قلوبهم، وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم الأحمق المطاع لأنه كان في الجاهلية من الجرارين2 يقود عشرة آلاف قناة3.

3-

الحارث بن عوف المري:

وقد أسلم، ولم يذكر متى كان ذلك، وإنما قالوا4 قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وبعث معه رجلاً من الأنصار إلى قومه ليسلموا فقتلوا الأنصاري، ولم يستطع الحارث أن يمنع عنه وهو صاحب الحمالة في

1 البداية والنهاية 6/318، وأسد الغابة 4/167.

2 انفرد بها ابن الأثير ولم ادر معناها رغم بحثي في كتب الغريب ولعله كما قالت الخنساء: ترثي أخاها صخراً حمال ألوية شهاد أندية للجيش جرار.

3 أسد الغابة 4/167، والسيرة النبوية 2/215. والقناة: الرمح.

4 أي المؤرخين مثل ابن الأثير في أسد الغابة 1/342، وابن حجر في الإصابة 1/286، وقد قال البيهقي في الدلائل 3/399 - فزعموا أن الحارث بن عوف أخا بني مرة قال لعيينة بن بدر وغطفان ياقومي أطيعوني ودعوا قتال هذا الرجل وخلوا بينه وبين عدوه من العرب فغلب عليهم الشيطان وقطع أعناقهم الطمع فانقادوا لأمر عيينة بن بدر أ. هـ.

ص: 220

حرب داحس والغبراء1، وأحد رؤوس الأحزاب يوم الخندق، وقد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على قومه بني مرة. انتهى.

قال ابن سعد: "وقد روى الزهري أن الحارث رجع ببني مرة فلم يشهد الخندق منهم أحد قال والأول أثبت أي أنهم - شهدوا الخندق مع الحارث بن عوف"2-. وعلى كلٍ فقد كان الحارث أحسن قواد الكفار، وأرجحهم عقلاً، وأقلهم حقداً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم وحسن إسلامه، وعد من الصحابة الكرام.

4-

أبو الأعور السلمي:

هو سفيان بن عمرو، وهو مشهور بكنيته، ولا يعلم متى أسلم كذا قال الحلبي3:"ولكنه شارك في القتال مع معاوية رضي الله عنه ضد علي رضي الله عنه يوم صفين4. وأنه كان على مقدمة جيش معاوية ذلك اليوم" أ: هـ.

1 المعارف لابن قتية 61.

2 طبقات ابن سعد 2/66.

3 السيرة الحلبية 2/631.

4 البداية والنهاية 7/261.

ص: 221

5-

مسعود بن رخيلة:

هو مسعود بن رخلية بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع الأشجعي كان قائد أشجع يوم الأحزاب مع المشركين، أسلم فحسن إسلامه، ذكر ذلك أبو جعفر الطبري1.

6-

طليحة الأسدي:

طليحة هذا كان أحد القواد لجيش الأحزاب حيث كان على رأس قومه بني أسد الذين جاءوا مساعدين لغطفان كما قيل.

وعلى كلٍ فقد تنبأ طليحة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسل إليه أبو بكر رضي الله عنه خالداً رضي الله عنه، وقد انضم إلى طليحة كثير من القبائل منهم عيينة بن حصن في سبعمائة من قومه بني فزارة ثم انهزم الناس عن طليحة فلما جاء المسلمون ركب على فرس قد أعدها له وأركب زوجته النوار على بعير له ثم انهزم بها إلى الشام وتفرق جمعه2.

وقد قال ابن كثير: "إن طليحة ارتد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عاد إلى الإسلام، وحسن إسلامه وشهد القتال مع خالد في بقية أيامه.

1 انظر: الاستيعاب لابن عبد البر 3/448، وأسد الغابة لابن الأثير 4/357، والإصابة 3/410.

2 طبقات ابن سعد 2/66، البداية والنهاية 6/318.

ص: 222

وقد سأل خالد رضي الله عنه بعض أصحاب طليحة ممن أسلموا عن الوحي الذي أخبرهم به فقال: إنه كان يقول: الحمام واليمام والصرد والصوام قد صمن قبلكم بأعوام ليبلغن ملكنا العراق والشام، إلى غير ذلك من الخرافات"1

وأسلم طليحة إسلاماً صحيحاً، وله في قتال الفرس في القادسية بلاءٌ حسنٌ، وقد أوصى عمر رضي الله عنه النعمان بن مقرن أن يستعين في حربه بطليحة وعمرو بن معدي كرب، وأن يستشيرهما في الحرب ولا يوليهما من الأمر شيئاً2.

والخلاصة أن عدد جيش الكفار كان عشرة آلاف، وهو العدد الإجمالي الذي ذكره ابن إسحاق وغير واحد.

1 البداية والنهاية 6/318، السيرة الحلبية 2/631.

2 أسد الغابة 3/66.

ص: 223