الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول: أسباب الغزوة وتاريخها
الفصل الأول: سبب الغزوة
…
الفصل الأول: سبب الغزوة
يبدو أن أصحاب المغازي ومن جاء بعدهم من العلماء متفقون على أن سبب هذه الغزوة هو إجلاء يهود بني النضير من المدينة حيث إن الحسد والحقد قد تمكنا من قلوبهم مما جعلهم يضمرون العداء ويتحينون الفرص للتشفي ممن طردهم - وما طردهم إلا بسبب ما ارتكبوه ضد المسلمين - أو التحريش ضده وكانوا لا يستطيعون تنفيذ الأول وهو التشفي وحده، وهذا طبعهم الذي أخبر الله سبحانه وتعالى عنهم في أكثر من آية منها على سبيل المثال قولهم لنبيهم موسى عليه السلام:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} 1.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل بجلاء على جبنهم، وخبث نفوسهم، وعلى عدم طاعتهم لنبيهم بعكس أمة محمد صلى الله عليه وسلم حيث كان حسناً ما أجاب به الصحابة رضي الله عنهم يوم بدر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استشارهم في قتال كفار قريش حيث كان آخر ما قالوه "فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا
1 سورة المائدة الآية (24) .
رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً إنا لصُبُر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله أن يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله"1. كما رواه البخاري2 في كتاب التفسير.
وعندما لم يستطع يهود خيبر - وخاصة بني النضير3 - مجابهة المسلمين لجأوا إلى الأسلوب الثاني وهو أسلوب المكر والتحريش فقد روى ابن إسحاق قال: حدثني يزيد بن رومان4 عن عروة ومن لا أتهم عن عبيد الله5بن
1 تفسير القرآن العظيم 2/38-39، والسيرة النبوية 2/615.
2 صحيح البخاري مع الفتح 7/287 كتاب المغازي.
3 ذلك لأنهم خسروا الكثير من مناطق نفوذهم وسلطانهم فهم موتورون، وأكثر حقداً وتحمساً من غيرهم.
4 يزيد بن رومان الأسدي أبو روح المدني مولى آل الزبير - ثقة - من الخامسة مات سنة ثلاثين وروايته عن أبي هريرة مرسلة روى له الجماعة، التقريب 382، وتهذيب التهذيب 11/35.
5 عبيد الله بن كعب بن مالك الأنصاري - ثقة - من الثالثة روى له (خ م د س) التقريب 227.
كعب بن مالك، ومحمد بن كعب1 القرظي2، والزهري، وعاصم3 بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر4، وغيرهم من علمائنا، وبعضهم يحدث مالا يحدث بعض قالوا: "أنه كان من حديث الخندق5 أن نفراً من اليهود منهم سلام بن أبي
1 محمد بن كعب بن سليم بن أسد أبو حمزة القرظي المدني، وكان قد نزل الكوفة مدة وكان ابوه من سبي قريظة - ثقة - عالم من الثالثة ولد سنة أربعين على الصحيح، ووهم من قال ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال البخاري أن أباه كان ممن لم ينبت من سبي قريظة مات محمد سنة 120، وقيل قبل ذلك روى له الجماعة، تهذيب التهذيب 9/420، التقريب 316.
2 القرظي: بضم القاف وفتح الراء، وفي آخرها ظاء معجمة هذه النسبة إلى قريظة وهم اسم رجل نزل أولاده حصناً بقرب المدينة وقريظة والنضير إخوان من أولاد هارون عليه السلام، والمنتسب إلى قريظة جماعة منهم كعب بن سليم القرظي المدني يروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه روى عنه ابنه محمد بن كعب وابنه محمد بن كعب القرظي أبو حمزة يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما وكان من فضلاء المدينة. انظر في ذلك اللباب في تهذيب الأنساب 3/26
3 عاصم بن عمر بن قتادة ابن النعمان الأوسي الأنصاري أبو عمرو المدني - ثقة - عالم بالمغازي من الرابعة مات بعد العشرين ومائة روي له الجماعة، تهذيب التهذيب 5/53، والتقريب 159.
4 عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي - ثقة - من الخامسة مات سنة (135) ، وهو ابن سبعين سنة روى له الجماعة، التقريب 169، وتهذيب التهذيب 5/164.
5 الخندق: حفير حول أسوار المدن معرب (كندة) وهي الحفرة، وخندق حفرة. ترتيب القاموس 2/116.
الحقيق النضري1، وحيي بن أخطب النضري2، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق3، وهوذة بن قيس الوائلي4، وأبو عمار5 الوائلي، في نفر من بني النضير، ونفر من بني وائل، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا:"إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله" فقالت لهم قريش: "يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن
1 سلام بن أبي الحقيق أبو رافع قتله الصحابة من الخزرج، وذلك بقيادة عبد الله بن عتيك الخزرجي الأنصاري، وكان أبو رافع عدواً لله ولرسوله، وكان قتله في خيبر بعد وقعة بني قريظة ذلك لأن الأوس قتلوا كعب بن الأشراف وكانت الطائفتان الأوس والخزرج تتسابقان في الخيرات. السيرة النبوية لابن حزم 2/274.
2 حيي بن أخطب النضري ستأتي ترجمته في الحقد اليهودي قريباً.
3 كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق هو أحد اليهود من بني النضير، وكان قد خلف على صفية بعد سلام بن مسلمة القرظي، وقد جيء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أيام خيبر وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه فجحده فأتى رجل من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة فأنكر وحفرت تلك الخربة فوجد بعض كنزهم، وأخيراً دفعه إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة. السيرة النبوية 4/336، والمعارف لابن قتيبة 138.
4 هوذة بن قيس الوائلي لم أجد له ترجمة في غير هذا المكان. السيرة النبوية 3/14، وتفسير القرآن العظيم، وهو هناك هودة 1/513.
5 أبو عمار الوائلي لم أجد له ترجمة.
ومحمد أفديننا خير أم دينه؟ " قالوا بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه. فهم الذين أنزل الله فيهم {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} 1.
قال ابن إسحاق: "فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا لذلك واتعدوا له. ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاؤا غطفان2 فدعوهم إلى حرب النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم يكونون معهم عليه، وأن قريشاً قد تابعوهم على
1 سورة النساء الآية 50، وانظر ذلك في السيرة النبوية 2/214-215، والبداية والنهاية 4/94، وتاريخ الطبري 2/565، والطبقات الكبرى 2/65، وعيون الأثر 2/55.
2 غطفان بن سعد بطن عظيم متسع كثير الشعوب والأفخاذ من قيس عيلان من العدنانية، وهم بنو غطفان بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان كانت منازلهم بنجد مما يلي وادي القرى وجبل طيء ثم تفرقوا في الفتوحات الإسلامية، واستولت عليها قبائل طيء، وتنقسم إلى ثلاثة أفخاذ عظيمة هي:
أ - أشجع بن ريث بن غطفان.
ب - عبس. ج - ذبيان.
(=) وقد حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق، وجاءوا من بلادهم لذلك وكانوا أكثر الجموع في الأحزاب ثم ارتدوا بعد موته صلى الله عليه وسلم فحاربهم أبو بكرا لصديق رضي الله عنه وبعث إليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه فقتل منهم كثيراً وتشتت شملهم.
معجم قبائل العرب 3/888، والمعارف لابن قتيبة 82.
ذلك، واجتمعوا معهم فيه1. وقد أورد الطبري2 هذا الأثر في تفسيره عن محمد بن حميد عن سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق بهذا الإسناد".
كما أورده ابن كثير3 عن ابن إسحاق أيضاً. وكذا ذكره جميع أصحاب المغازي والسير والتفاسير4. وقد نقل الحافظ5 هذا القول من مغازي موسى بن عقبة مما يؤيد ويقوي حديث الباب.
وبالنظر إلى سند هذا الأثر:
نجد أن رجاله كلهم ثقات، وأن الذي قال فيه ابن إسحاق (ومن لا أتهم) في قوله (عن عروة ومن لا أتهم) .
لا يؤثر عدم تسميته لأنه مع عروة وعروة ثقة.
1 السيرة النبوية لابن هشام 3/214، وسائر كتب المغازي.
2 جامع البيان 21/129.
3 تفسير ابن كثير 3/470، والبداية والنهاية 4/94.
4 مثل ابن إسحاق، وابن سعد، وابن جرير، وابن حزم، والسهيلي، وابن سيد الناس، وابن كثير.
5 فتح الباري 7/393.
وهذا الإسناد ينتهي إلى هؤلاء التابعين وحكايتهم لشيء حصل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حذف للواسطة الذي شاهد ذلك وهو الصحابي ويحتمل أن يكون سقط قبل الصحابي تابعي فهو يعتبر منقطعاً1.
ويظهر أن للقصة أصلاً، ولذلك أوردها المفسرون عند تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} 2.
فقد قال ابن كثير رحمه الله: "وقال ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي عدي3، عن داود4، عن
1 المنقطع: قال السيوطي: الصحيح الذي ذهب إليه الفقهاء والخطيب، وابن عبد البر وغيرهم من المحدثين أن المنقطع هو ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان انقطاعه، وأكثر ما يستعمل في رواية من دون التابعي عن الصحابي.
وقيل: هو ما اختل منه رجل قبل التابعي محذوفاً أو مبهماً. تدريب الراوي 1/207، أما الصنعاني فقد قال: المشهور أن المنقطع ما سقط من رواته راو واحد غير الصحابي إذا لو كان الساقط الصحابي لكان مرسلاً. ثم قال:
وحكى الحاكم وغيره من أهل الحديث أنه ما سقط منه قبل الوصول إلى التابعي شخص واحد. انظر توضيح الأفكار 1/324.
2 سورة النساء الآية 50.
3 محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وقد ينسب لجده وقيل هو إبراهيم أبو عمرو البصري - ثقة - من التاسعة مات سنة أربع وتسعين ومائة على الصحيح روى له (ع) ، التقريب 288.
4 داود بن أبي هند القشيري مولاهم أبو بكر أو أبو محمد البصري - ثقة متقن - كان يهم بأخرة من الخامسة مات سنة أربعين ومائة وقيل قبلها روى له (خت م) ، التقريب 97.
عكرمة1 أو عن سعيد2 بن جبير عن ابن عباس3، قال: "كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان، وبني قريظة حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع، والربيع بن أبي الحقيق، وأبو عامر، ووحوح بن عامر، وهوذة بن قيس. فأما وحوح وأبو عامر وهوذة فمن بني وائل4، وكان سائرهم من بني النضير5، فلما قدموا على قريش قالوا: هؤلاء أحبار يهود، وأهل العلم بالكتاب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد؟ فسألوهم فقالوا دينكم خير من دينه، وأنتم أهدى منه، وممن اتبعه فأنزل الله عز وجل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ
…
} "6.
1 عكرمة بن عبد الله مولى ابن عباس أصله بربري - ثقة ثبت - عالم بالتفسير ولم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ولا يثبت عنه بدعة من الثالثة مات سنة سبع ومائة وقيل قبل ذلك روى له (ع) التقريب 242-243.
2 سعيد بن جبير الأسدي مولاهم الكوفي - ثقة ثبت فقيه - من الثالثة وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين ولم يكمل الخمسين روى له (ع) التقريب 120.
3 عبد الله بن عباس الصحابي الجليل - مشهور -.
4 الوائلي نسبة إلى عدة قبائل، ولم يذكرهم ابن الأثير هنا. انظر اللباب في تهذيب الأنساب 3/351.
5 النضري بفتح النون والضاد وبعدها راء هذه النسبة إلى بني النضير وهم جماعة من اليهود. اللباب 3/314.
6 تفسير القرآن العظيم 1/513.
والحديث بهذا السند يعتبر حسنا لذاته والشك في قوله عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير لا يضر فكلاهما ثقتان.
ومن طريق ابن إسحاق أخرجه كذلك الطبري1.
قال عبد الرزاق2 عن الزهري في حديثه عن ابن المسيب مطولاً فيه: "وكان حيي بن أخطب استجاش المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الخ الحديث"3. ودرجة حديث عبد الرزاق:
إسناده ضعيف لأن عبد الرزاق أخرجه عن ابن المسيب مرسلاً وبين عبد الرزاق والزهري راوٍ لم يذكر، ويحتمل أن يكون الذي بينهما (معمراً) ، لأن عبد الرزاق غالباً ما يأخذ عن معمر عن الزهري، علماً بأن مراسيل ابن المسيب أصح المراسيل، قد اتفق النقاد من المحدثين على ذلك.
1 جامع البيان 5/135.
2 عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري - بكسر الحاء المهملة وسكون الميم وفتح المثناة التحتية - مولاهم أبو بكر الصنعاني - ثقة حافظ - مصنف شهير عمي في آخر عمره فتغير وكان يتشيع من التاسعة مات سنة إحدى عشرة ومائتين وله خمس وثمانون روى له (ع) التقريب 213.
3 مصنف عبد الرزاق 5/371.
والذي يظهر أن القصة مشهورة وممن ذكرها: ابن سعد، وابن القيم، وابن حجر
قال ابن سعد: "مشيراً إلى جم غفير من العلماء الذي نقل عنهم شيخه الواقدي، قالوا: لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير ساروا إلى خيبر فخرج نفر من أشرافهم ووجوههم إلى مكة، فألبوا قريشاً، ودعوهم إلى الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهدوهم وجامعوهم على قتاله ووعدوهم لذلك موعداً ثم خرجوا من عندهم فأتوا غطفان وسُليماً ففارقوهم على مثل ذلك"1.
وما ذكره ابن سعد يعتبر ضعيفاً لأنه من طريق الواقدي2 وهو متروك.
قال ابن القيم رحمه الله: "وكان سبب غزوة الخندق أن اليهود لما رأوا انتصار المشركين على المسلمين يوم أُحد وعلموا بميعاد أبي سفيان لغزو المسلمين فخرج لذلك ثم رجع للعام المقبل فقد خرج أشراف اليهود إلى قريش بمكة يحرضونهم على
1 الطبقات الكبرى 2/65.
2 محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المدني القاضي نزيل بغداد متروك مع سعة علمه من التاسعة مات سنة سبع وثمانين ومائة وله ثمان وستون روى له ابن ماجه. التقريب 212-213.
غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم وحربه1. وكان القرشيون قد جربوها واكتووا بنارها فصاروا يتهيبونها ويزهدون فيها. فزينها الوفد اليهودي وهون أمرها وقالوا: إنا سنكون معكم حتى نستأصله".
أما الحافظ فقال: "وذكر موسى بن عقبة2 في المغازي قال خرج حيي بن أخطب بعد قتل3 بني النضير إلى مكة يحرض قريشاً على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق يسعى في غطفان، ويحثهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لهم نصف ثمر خيبر فأجابه عيينة بن حصن الفزاري إلى ذلك وكتبوا إلى حلفائهم من بني أسد فأقبل إليهم طليحة بن خويلد بمن أطاعه، وخرج أبو سفيان بن حرب بقريش فنزلوا بمر الظهران فجاءهم من أجابهم من بني سليم مدداً لهم فصاروا في جمع عظيم فهم الذين سماهم الله - تعالى - الأحزاب"4.
1 زاد المعاد 3/270.
2 موسى بن عقبة أبي عياش بتحتانية ومعجمة الأسدي مولى آل الزبير - ثقة فقيه - إمام من المغازي، من الخامسة لم يصح أن ابن معين لينه مات سنة إحدى وأربعين ومائة، وقيل قبل ذلك روى له (ع) التقريب 352.
3 لم يقتل بنو النضير، ولكنهم أُجلوا وقد صرح القرآن الكريم بذلك كما في سورة الحشر، والذين قتلوا هم بنو قريظة.
4 فتح الباري 7/393.
وما ذكره الحافظ نقلاً عن موسى بن عقبة لا نستطيع الجزم بضعفه أو صحته لعدم اطلاعنا على مغازي موسى بن عقبة.
ويتبين مما أوردناه من الآثار السابقة أن يهود بني النضير الذين أجلوا إلى خبير كانوا هم السبب المباشر في وقوع هذه الغزوة وقد ثبت ذلك بطرق تكون بمجموعها صالحة للاحتجاج بها.
وهكذا نرى اتفاق علماء المغازي والسير، وغيرهم من المفسرين على أن سبب هذه الغزوة المباشر هو حقد اليهود، وأملهم في القضاء على الإسلام والمسلمين ليشفوا الغيظ الذي أحرق قلوبهم نتيجة طردهم (من حوالي المدينة1) رغم أن إجلاءهم كان نتيجة نقضهم للعهود وتلاعبهم بالمواثيق. لذلك قال أبو الحسن الندوي:
وتمت الاتفاقية العسكرية والتي كان قريش وغطفان واليهود من أهم أعضائها واتفقوا على شروط من أهمها:
1-
أن تشارك غطفان في جيش الاتحاد بأكبر عدد ممكن.
2-
أن يدفع اليهود لقبائل غطفان كل تمر خيبر لسنة كاملة.
1 تاريخ الخميس 1/480، ولا يفهم من هذا أنهم خارج المدينة بل كانوا فيها.
وأسندت قيادة الجيش لأبي سفيان بن حرب1. وقد شذ صاحب العقد الثمين2 فقال: وكان المشركون عشرة آلاف عليهم الحارث بن عوف النضري3.
1 السيرة النبوية للندوي 198.
2 وهو الإمام محمد بن أحمد الحسني المكي ت 832هـ.
3 لعله يريد الحارث بن عوف المري زعيم بن مرة ولكنه مخالف لما ذكره أهل المغازي.