المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحكم الرابع عشر: في بيان تحريم الغلول في الغنيمة - مرويات غزوة حنين وحصار الطائف - جـ ٢

[إبراهيم بن إبراهيم قريبي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الرابع: في بيان ما آل إليه أمر هوازن وثقيف

- ‌(تابع) الباب الثاني: ملاحقة فلول المشركين والأحداث التاريخية التي أعقبت ذلك

- ‌الفصل الرابع: في بيان ما آل إليه أمر هوازن وثقيف بعد المعركة

- ‌المبحث الأول: في قدوم وفد هوازن إلى الجعرانة مسلمين

- ‌المبحث الثاني: في إيفاد ثقيف جماعة منهم إلى المدينة للتفاوض

-

- ‌الباب الثالث: في بيان أبرز الأحكام المستنبطة من غزوة حنين

- ‌الحكم الأول: جواز وطء المسبية بعد الاستبراء

- ‌الحكم الثاني: وقوع العزل في أوطاس

- ‌الحكم الثالث: في مسئلة المتعة

- ‌الحكم الرابع: منع المخنثين من الدخول على النساء الأجنبيات

- ‌الحكم الخامس: في النهي عن قتل النساء والضعفاء ومن في حكمهم

- ‌الحكم السادس: العذر الذي يبيح ترك حضور صلاة الجماعة

- ‌الحكم السابع: تعليم أبي محذورة الأذان

- ‌الحكم الثامن: إقامة الحدّ في دار الحرب

- ‌الحكم التاسع: الاستعانة بالمشركين

- ‌الحكم العاشر: العارية من حيث الضمان وعدمه

- ‌الحكم الحادي عشر: قضاء الرسول في شأن محلم بن جثامة

- ‌الحكم الثاني عشر: في بيان نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم

- ‌الحكم الثالث عشر: استحقاق القاتل سلب القتيل

- ‌الحكم الرابع عشر: في بيان تحريم الغلول في الغنيمة

- ‌الحكم الخامس عشر: المؤلفة قلوبهم

- ‌الحكم السادس عشر: بعض ما يجتنبه المحرم

- ‌الحكم السابع عشر: عمرة الرسول صلى الله عليه وسلم من الجعرانة

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الحكم الرابع عشر: في بيان تحريم الغلول في الغنيمة

‌الحكم الرابع عشر: في بيان تحريم الغلول في الغنيمة

الغلول: "هو اعتداء بعض أفراد الجيش على أموال الغنيمة قبل قسمها وهو من كبائر الذنوب، ولا يقدم عليه إلا ضعيف الإيمان ضعيف النفس يحمله جشعه وسوء طبعه على هذه الخيانة العظيمة لإخوانه المجاهدين معه في سبيل الله ولعظيم خطر الغلول جاءت النصوص في الكتاب والسنة تحذر من الوقوع فيه وتبين أنه ذنب عظيم وجريمة أخلاقية فظيعة، قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [سورة آل عمران، الآية: 161] .

قال الشوكاني: "قوله: {يَأْتِ بِمَا غَلَّ} أي يأت به حاملا له على ظهره كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيفضحه بين الخلائق، وهذه الجملة تتضمن تأكيد تحريم الغلول والتنفير منه بأنه ذنب يختص فاعله بعقوبة على رؤوس الأشهاد يطلع عليها أهل المحشر، وهي مجيئه يوم القيامة بما غله حاملا له قبل أن يحاسب عليه ويعاقب عليه".

وقوله: {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} ، [سورة البقرة، من الآية: 281] ، أي تعطى جزاء ما كسبت وافيا من خير وشر، وهذه الآية تعم كل من كسب خيراً أو شراً، ويدخل تحتها الغال دخولاً أوليا لكون السياق فيه1".إهـ".

287-

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات

1 فتح القدير 1/394".

ص: 677

يوم فذكر الغلول1 فعظمه وعظم أمره2 ثم قال: "لا ألفين3 أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته بعير له رغاء4، يقول: "يا رسول الله! أغثني فأقول: "لا أملك لك شيئاً5 قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته فرس له حمحمة6، فيقول يا رسول الله! أغثني فأقول: "لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته شاة لها ثغاء7، يقول:"يا رسول الله! أغثني فأقول: "لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة، على رقبته نفس لها صياح8، فيقول يا رسول الله! أغثني، فأقول:"لا أملك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع9 تخفق10، فيقول: "يا رسول الله! أغثني، فأقول: "لا أملك شيئا، قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة

1 الغلول: "بضم المعجمة واللام، الخيانة في المغنم".

قال ابن قتيبة: "سمي بذلك لأن آخذه يغله في متاعه، أي يخفيه فيه".

وقال أبو عبيد: "الغلول من المغنم خاصة، ولا نراه من الخيانة ولا من الحقد، ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة: "أغل يغل، ومن الحقد:"غل يغل بالكسر، ومن الغلول غل يغل بالضم". (لسان العرب لابن منظرو14/13،وفتح الباري لابن حجر6/185) .

((2قوله: "ذكر الغلول فعظمه وعظم أمره"، قال النووي: "هذا تصريح بغلظ تحريم الغلول، وأصل الغلول: "الخيانة مطلقاً، ثم غلب اختصاصه في الاستعمال بالخيانة في الغنيمة قال نفطويه: "سمي بذلك؛ لأن الأيدي مغلولة عنه، أي محبوسة، يقال: "غل غلولاً، وأغل إغلالاً". (شرح النووي على صحيح مسلم 4/495) .

3 قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ألفين أحدكم إلخ"، (ألفين) بضم الهمزة وبالفاء المكسورة أي لا أجدن أحدكم على هذه الصفة، ومعناه لا تعمل عملا أجدكم بسببه على هذه الصفة". قال عياض:"وفي رواية العذري "لا ألفين" بفتح الهمزة والقاف وله وجه كنحو ما سبق لكن المشهور الأوّل". (شرح النووي على صحيح مسلم 4/495) .

4رغاء: "الرغاء صوت الإبل". (النهاية لابن الأثير 2/240) .

5 قوله صلى الله عليه وسلم: "لا أملك لك شيئا"، قال النووي:"قال القاضي: "معناه من المغفرة والشفاعة إلا بإذن الله تعالى، قال:"ويكون ذلك أولاً غضباً عليهم لمخالفته ثم يشفع في جميع الموحدين بعد ذلك، كما سبق في كتاب الإيمان في شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم". (شرح النووي على صحيح مسلم 4/495) .

6 حمحمة: "هو صوت الفرس دون الصهيل".

(ثغاء) هو صوت الغنم".

((8 (صياح) : "هو صوت الإنسان".

(رقاع) جمع رقعة والمراد بها هنا الثياب".

10 (تخفق) : "تضطرب".

ص: 678

على رقبته صامت1، فيقول:"يا رسول الله! أغثني فأقول: "لا أملك لك شيئا قد أبلغتك" 2".

288-

وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "كان على ثقل3 النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة4، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو في النار"5. فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها 6 ".

والأحاديث الوردة في النهي عن الغلول وعقوبة فاعله كثيرة جداً، وحسبنا في ذلك أن نقتصر على الأحاديث الواردة في غزوتنا هذه، وهي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الحديث طويل وفيه: "

ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من رد سبايا حنين إلى أهلها ركب، واتبعه الناس يقولون:"يا رسول الله أقسم علينا فيئنا من الإبل والغنم حتى ألجئوه إلى شجرة فاختطفت رداءه، فقال: "أدو علي ردائي أيها الناس، فوالله أن لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذاباً ثم قام إلى جنب بعير، فأخذ وبرة7 من سنامه فجعلها بين أصبعيه، ثم رفعها، ثم قال:

1الصامت: "الصامت من المال: "الذهب والفضة". (انظر: "النهاية في غريب الحديث 1/214-436 و2/251و3/52) .

2 البخاري: "الصحيح 4/59 كتاب الجهاد باب الغلول". ومسلم: "الصحيح 3/1461 كتاب الإمارة، باب غلظ تحريم الغلول والرفض له".

((3ثقل: "بمثلثة وقاف مفتوحتين: "العيال وما يثقل حمله من الأمتعة". (فتح الباري 6/187 والمصباح المنير 1/102-103) .

4 كركرة: "ذكر القاضي عياض أنه يقال: "بفتح الكافين وبكسرهما". ونقل البخاري: "الخلاف في كافه هل هي بالفتح أو بالكسر". وقال النووي: "إنما اختلفوا في كافه الأولى، وأما الثانية فمكسورة اتفاقا". وكركرة هذا هو:"مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نوبيا أهداه له هوذة بن علي الحنفي، صاحب اليمامة، فاعتقه وذكر البلاذري: "انه مات في الرق قال ابن مندة: "له صحبة ولا تعرف له رواية، وقال الواقدي: "كان يمسك دابة النبي صلى الله عليه وسلم عند القتال يوم خيبر". (مشارق الأنوار للقاضي عياض 1/352 وفتح الباري 6/187-188 والإصابة 3/293، ومغازي الواقدي 2/681 والمغني لابن طاهر الهندي ص 66) .

((5قوله: "هو في النار"، أي: "يعذب على معصيته أو المراد هو في النار إن لم يعف الله عنه". (فتح الباري 6/188) .

6 البخاري: "الصحيح 4/59 كتاب الجهاد، باب القليل من الغلول".

7 والوبر: "محركة صوف الإبل والأرانب ونحوها وجمعه أوبار". (القاموس المحيط 2/151 والمصباح المنير 2/799) .

وعند مالك: "ثم تناول من الأرض وبرة من بعير أو شيئا" وعند عبد الرزاق: "ثم رفع شعرات أو وبرة من بعيره"، وعند بن أبي شيبة:"ثم تناول شعرة من بعير"، وعند أحمد وأبي داود:"ثم دنا من بعير فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصابعه السبابة والوسطى ثم رفعها" وعند البيهقي "ثم أخذ وبرة من وبر سنام البعير فرفعها".

ص: 679

"أيها الناس، والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة1 إلا الخمس2، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخياط3 والمخيط، فإن الغلول يكون على أهله عاراً4 وناراً وشناراً يوم القيامة، قال: "فجاء رجل من الأنصار بكبة5 من خيوط شعر، فقال: "يا رسول الله، أخذت هذه الكبة أعمل بها برذعة6 بعير لي دبر7، فقال أما نصيْبِي 8 منها فلك ،

1 وعند أحمد: "يا أيها الناس ليس لي من هذا الفيء هؤلاء هذه إلا الخمس"، وعند مالك وعبد الرزاق والطبراني والبيهقي:"ما لي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس"، وعند النسائي:"إنه ليس لي من الفيء شيء ولا هذه إلا الخمس".

2 الخمس: "بضم الميم وسكونها، وقد ضبط بالرفع والنصب، فالرفع على البدل، وهو الأفصح والنصب على الاستثناء، والمعنى (إلا الخمس) لي أتصرف فيه كيف أشاء أو أملكه أو أقسمه على الاختلاف في معناه". (أوجز المسالك إلى موطأ مالك 8/323) . وقوله: "والخمس مردود عليكم" أي والخمس المذكور مع كونه لي "مردود عليكم" أيضا أي مصروف في مصالحكم". (مصدر السابق 8/322) .

3 قوله: "أدوا الخياط والمخيط".

الخياط: "ككتاب الخيط لوروده في حديث عبادة بن الصامت الآتي بلفظ: "أدوا الخيط والمخيط" والمخيط: "بزنة منبر: "الإبرة، وعند عبد الرزاق وأحمد والطبراني واللبيهقي: "ردوا الخياط والمخيط".

قال الخطابي: "فيه دليل على أن قليل ما يغنم وكثيره مقسوم بين من شهد الوقعة ليس لأحد أن يستبد منه بشيء وإن قل، إلا الطعام الذي قد وردت فيه الرخصة، وهذا قول الشافعي". (عون المعبود7/360، وانظر أوجز المسالك إلى موطأ مالك 8/322) .

4 قوله: "عارا ونارا وشنارا يوم القيامة" أي: "يلزم منه شين وسبة في الدنيا، (ونار) جهنم يوم القيامة".

(وشنارا) بفتح الشين المعجمة والنون الخفيفة فألف فراء، أي أقبح العيب والعار، قال ابن عبد البر:"الشنار لفظة جامعة لمعنى النار والعار، ومعناها الشين والنار، يوم القيامة، وقال أبو عبيدة: "الشنار العيب والعار (يوم القيامة) يريد أن الغلول شين وعار ومنقصة في الدنيا وعذاب ونار في الآخرة".

(أوجز المسالك إلى موطأ مالك8/323 والنهاية لابن الأثير 2/504 والمنتقى للباجي 3/199-200) .

5 الكبة: "بضم الكاف وتشديد الموحدة، أي قطعة مكبكبة من غزل شعر". (لسان العرب 2/190 وعون المعبود 7/360) .

6 برذعة: البرذعة الحلس الذي يلقى تحت الرحل، والجمع البراذع، وخص بعضهم به الحمار، وهي بالدال والذال، وفي القاموس:"وإهمال داله أكثر". (لسان العرب 9/355، والقاموس المحيط 3-4) .

7 دبر: "بالتحريك: "الجرح الذي يكون في ظهر البعير، يقال: دبر يدبر دبرا". (النهاية في غريب الحديث 2/97 والقاموس المحيط 1/26) .

8 وعند أبي داود والنسائي وأحمد "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك"، وعند ابن الجارود "أما ما كان لي فهو لك".

ص: 680

قال: أما إذا بلغت1 هذا فلا حاجة لي بها ثم طرحها من يده"2.

حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وقد ورد من أربع طرق:

أ- من طريق يعلى بن شداد عن عبادة عند ابن ماجة والفسوي وهذا سياقه عند ابن ماجة قال: "

289-

حدّثنا عليّ3 بن مُحمّد ثناأبو أسامة4 عن أبي سنان عيسى بن سنان عن يعلى5 بن شداد، عن عبادة بن الصامت قال:"صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، إلى جنب بعير من المقاسم، ثم تناول شيئا من البعير، فأخذ منه قردة6 - يعني وبرة - فجعل بين أصبعيه ثم قال: "يا أيها الناس إن هذا من غنائمكم، أدوا الخيط والمخيط، فما فوق ذلك، فما دون ذلك، فإن الغلول عار على أهله يوم القيامة وشنار ونار "7.

والحديث من زوائد ابن ماجة.

1 وعند أبي داود والنسائي وأحمد "أما إذا بلغت ما أرى فلا إرب لي فيها ونبذها".

2 الحديث سياقه لابن إسحاق وقد تقدم برقم (130) وتحت رقم (180) .

وعند الواقدي: "وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم تجمع، ونادى مناديه: "من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر، فلا يغل،! وجعل الناس غنائمهم في موضع حتى استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ،وكان عقيل بن أبي طالب دخل على زوجته وسيفه متلطخ دما، فقالت: إني قد علمت أنك قد قاتلت المشركين، فماذا أصبت من غنائمهم؟ قال:"هذه الإبرة تخيطين بها فدفعها إليها، وفيه فسمع منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أصاب شيئا من المغنم فليرده فرجع عقيل فقال: "والله ما أرى إبرتك إلا قد ذهبت فألقاها في الغنائم". (مغازي الواقدي3/917-918وشرح المواهب للزرقاني3/36) .

3 علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي - بفتح المهملة وتخفيف النون وبعد الألف فاء ثم مهملة - ثقة عابد، من العاشرة (ت 233 وقيل 235) . /عس ق". (التقريب 2/43 وتهذيب التهذيب 7/378) .

4 هو حماد بن أسامة القرشي مولاهم، الكوفي، أبو أسامة مشهور بكنيته ثقة ثبت، ربما دلس، من كبار التاسعة (ت 201) . / ع". (التقريب 1/195 وتهذيب التهذيب 3/2-3) .

5 يعلى بن شداد بن أوس الأنصاري، أبو ثابت المدني، صدوق، نزيل الشام، من الثالثة". /د ق". (المصدر السابق 2/378، و11/402) .

6 القرد: "محركة ما تمعط من الوبر والصوف أو نفايته والسعف سل خوصها، واحدته بهاء، هو أردأ ما يكون من الوبر والصوف". (النهاية لابن الأثير 4/37 والقاموس المحيط للفيروز آبادي 1/326) .

7 ابن ماجه: "السنن 2/950 كتاب الجهاد، باب الغلول".

والفسوي المعرفة والتاريخ 2/360-361".

ص: 681

قال البوصيري: "في إسناده عيسى1 بن سنان، اختلف فيه كلام ابن معين قال: "لين لحديث وليس بالقوي، وقيل:"ضعيف، وقيل: "لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد ثقات".إهـ.

ولكن الحديث له طرق أخرى عن عبادة يتقوى بها وهي:

ب- طريق أبي أمامة الباهلي عن عبادة عند أحمد وغيره وهذا سياق أحمد قال: "حدثنا معاوية2 بن عمرو ثنا أبو إسحاق3 - يعني الفزاري - عن عبد الرحمن4 ابن الحارث بن عياش عن سليمان5 بن موسى عن مكحول6 عن أبي سلام7 عن أبي أمامة8 الباهلي، عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أدوا الخيط والمخيط وإياكم والغلول فإنه عار على أهله يوم القيامة".

1 هو أبو سنان القسملي - بفتح القاف وسكون المهملة، وفتح الميم وتخفيف اللام - الفلسطيني نزيل البصرة".

قال عنه ابن حجر في التقريب: " (لين الحديث) ./بخ قد ت ق". (التقريب 2/98 وتهذيب التهذيب 8/211-212 وتهذيب الكمال للمزي 6/540 وميزان الاعتدال 3/312، والكاشف 2/367 كلاهما للذهبي، والخلاصة للخزرجي 2/317) . ووقع في التقريب الطبعة المصرية (س) بدل (ق) وهو خطأ".

2 معاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي، المعنى - بفتح الميم وسكون المهملة وكسر النون- أبو عمرو البغدادي، ويعرف بابن الكرماني، ثقة من صغار التاسعة (ت214) على الصحيح"./ ع". (التقريب 2/240وتهذيب التهذيب 10/215 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13/197 والخلاصة للخزرجي 3/41) .

ووقع عند ابن كثير في التفسير 2/283 في هذا الإسناد عن أحمد حدثنا (أبو معاوية بن عمر) بدل (معاوية بن عمرو) ولعله خطأ".

3 أبو إسحاق الفزاري هو إبراهيم بن محمد، ثقة حافظ، تقدم في حديث (135) .

4صدوق له أوهام، تقدم في حديث (267) . ووقع في إرواء الغليل 5/74 للألباني (عبد الرحمن بن عباس) بالسين المهملة والباء الموحدة، وهو خطأ".

5 سليمان بن موسى الأموي، مولاهم الدمشقي الأشدق، صدوق فقيه، في حديثه بعض لين وخلط قبل موته بقليل، من الخامسة". /م عم". (التقريب 1/331 وتهذيب التهذيب 4/226) . وفي ميزان الاعتدال 2/225-226 قال الذهبي:"كان سليمان مقدما على أصحاب مكحول، ثم ذكر له بعض الأحاديث التي انتقد من أجلها، ثم قال: "قلت: "كان سليمان فقيه أهل الشام في وقته قبل الأوزاعي وهذه الغرائب التي تستنكر له، يجوز أن يكون حفظها".

6 مكحول هو أبو عبد الله الشامي، ثقة فقيه كثير الإرسال تقدم في حديث (136) .وسقط من أحد أسانيد أحمد 5/323 وكذا عند ابن كثير في التفسير 2/283".

7 أبو سلام هو ممطور الأسود، ثقة يرسل، تقدم في حديث (50) ووقع عند ابن كثير في التفسير 2/283 (أبي سلامة) وهو خطأ".

8 أبو أمامة الباهلي تقدم في حديث (152) . هو صدى ابن عجلان صحابي مشهور".

ص: 682

وفي لفظ عن عبادة قال: "أخذ النبي صلى الله عليه وسلم وبرة من جنب بعير فقال: "أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم".

وجاء بهذا الإسناد في قصة بدر1.

وفيه: "قال عبادة: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدو نفل الربع، وإذا أقبل راجعاً وكلَّ الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال، ويقول:"ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم". هكذا روى الإمام أحمد هذا الحديث عن عبادة مفرقا2.

وكذا روى بعضه الدارمي مفرقا أيضاً3.

وروى البيهقي منه هذا الجزء الأخير4.

ورواه ابن حبان في صحيحه مجموعاً في سياق واحد، مشتملا على قصة بدر.

وفيه "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفلهم إذا خرجوا بادئين الربع، وينفلهم إذا قفلوا الثلث".

وقال: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من جنب بعير ثم قال: "يا أيها الناس، إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا

1 وسياق الحديث: "قال عبادة: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا فالتقى الناس فهزم الله تبارك وتعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، فأكبت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو:"لستم بأحق بها منّا نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: "لستم بأحق بها منّا نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وخفنا أن يصيب العدو منه غرة، واشتغلنا به، فنَزلت:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة الأنفال الآية: "1] ، فقسمها رسول اله صلى الله عليه وسلم على فواق بين المسلمين، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار الخ".

وروى الحاكم هذا القدر من الحديث من هذا الطريق وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي". (مسند أحمد 5/323-324 ومستدرك الحاكم 2/135-136".) .

2 المسند 5/318-319-323-324) .

3 سنن الدارمي 2/147-148) . كتاب السير، باب ما جاء في أن ينفل في البدأة الربع، وفي الرجعة الثلث، وباب في كراهية الأنفال، وباب ما جاء أنه قال:"أدو الخيط والمخيط".

4 السنن الكبرى 6/315".

ص: 683

الخيط والمخيط، وإياكم والغلول فإنه عار على أهله يوم القيامة، وعليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم، قال:"وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الأنفال ويقول: "ليرد قوي1 المؤمنين على ضعيفهم" 2.

ورواه الطحاوي والحاكم كلاهما من طريق عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى الأشدق به، دون قصة بدر3".

ورواه النسائي والبيهقي كلاهما من طريق عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى به قوله: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من جنب بعير فقال: "يا أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم" 4".

جـ طريق ابن أبي مريم عن أبي سلام عن المقدام بن معد يكرب الكندي عند أحمد وهذا سياق الحديث:

1 قوله: "ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم أي لا يفضل أحد من أقوياء المؤمنين مما أفاء الله عليهم لقوته على ضعيفهم لضعفه، ويستوون في ذلك". شرح معاني الآثار 3/241) .

2 موارد الظمآن ص 410، رواه من طريق إسماعيل بن جعفر حدثني محمد بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن سليمان بن موسى به، والظاهر أن قوله (محمد ابن الحارث) الخ خطأ مطبعي وذلك لما يأتي:

أولاً: "أن جميع طرق هذا الحديث عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن سليمان بن موسى".

ثانياً: "لم أجد ترجمة (محمد هذا) ولم يذكر في تلاميذ سليمان بن موسى، وإنما المعروف بالرواية لهذا الحديث عن سليمان هو عبد الرحمن بن الحارث".

ثالثاً: "أورد ابن كثير هذا الحديث في التفسير 2/283-284 منسوبا لأحمد بن حنبل ثم قال: "ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من حديث عبد الرحمن ابن الحارث، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه". (المستدرك 2/135-136- و3/49) . فظهر من هذا أن ذكر محمد بن الحارث خطأ، وأن الصواب (عبد الرحمن بن الحارث) .

3 الطحاوي: "شرح معاني الآثار 3/241 والحاكم المستدرك 3/49 ووقع في المستدرك عن أبي سلام الباهلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبادة بن الصامت، وصوابه: "عن أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبادة بن الصامت". وقد رواه الحاكم على الصواب في المستدرك 2/135-136".

وأيضا فإن أبا سلام ليس صحابياً ولا باهلياً".

4 النسائي: "السنن 7/119 كتاب قسم الفيء". والبيهقي: "السنن الكبرى 6/303 و315".

ص: 684

حدثنا أبو اليمان1 وإسحاق2 بن عيسى قالا ثنا إسماعيل3 بن عياش عن أبي بكر4 بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي سلام، قال إسحاق5:"- الأعرج - عن المقدام6 بن معديكرب الكندي أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء7 والحارث8 بن معاوية الكندي فتذاكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال أبو الدرداء لعبادة: "يا عبادة كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس فقال عبادة: قال إسحاق في حديثه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى بهم في غزوهم إلى بعير من المقسم، فلما سلم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول وبرة بين أنملته9 فقال: إن هذه من غنائمكم وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم، إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط وأكبر من ذلك وأصغر ولا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة" 10 الحديث.

قال الألباني في إرواء الغليل: "هذا إسناد جيد في المتابعات أبو سلام الأعرج هو ممطور الحبشي الدمشقي وهو ثقة من رجال مسلم، وابن أبي مريم ضعيف

1 هو: "الحكم بن نافع البهراني- بفتح الموحدة وسكون الهاء - أبو اليمان الحمصي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من العاشرة، (ت222) ./ع". (التقريب 1/193 وتهذيب التهذيب2/441) .

2 إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي، أبو يعقوب بن الطباع سكن أذنة، صدوق من التاسعة (ت114) وقيل بعدها بسنة"./م ت س ق". (المصدر السابق 1/60 و1/245) .

3 إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي _بفتح العين وسكون النون_أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم، من الثامنة (ت181أو182) . /ي عم". (المصدر السابق 1/73 و1/321-326، وروايته هنا عن أهل بلده) .

4 هو الغسائي الشامي، وقد ينسب إلى جده، ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط، من السابعة (ت156) ./د ت ق". (المصدر السابق 2/398و12/28-30) .

5 أي: "قال إسحاق بن عيسى أن أبا سلام هو الأعرج".

6 المقدام بن معد يكرب بن عمرو الكندي، صحابي مشهور نزل الشام (ت87) على الصحيح". /خ عم". (المصدر السابق 2/272 و10/287) .

7 أبو الدرداء: "هو عويمر بن عامر الأنصاري الخزرجي صحابي جليل".

8 الحارث بن معاوية: "اختلف في صحبته ورجح ابن حجر أنه مخضرم أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ووفد في خلافة عمر بن الخطاب". (الإصابة 1/290-291 وتعجيل المنفعة ص56) .

((9الأنملة: "بفتح الهمزة: "المفصل الأعلى الذي فيه الظفر من الأصبع والجمع أنامل وأنملات وهي رؤوس الأصابع". (لسان العرب 14/203) .

10 أحمد: "المسند 5/316 و326 و330 وتمام الحديث: "وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى، القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم وأقيموا الحدود في الحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم، ينجي الله تبارك وتعالى به من الغم والهم".

ص: 685

لاختلاطه، لكن تابعه أبو يزيد غيلان، أخرجه الدولابي في "الكنى"1 ثم قال: وأبو يزيد مقبول كما في "التقريب"2 وساق سند الدولابي3 في سلسلة الأحاديث الصحيحة، ثم قال:"وقع في إسناده في الأصل: "بياض بين كعب ومعد، ولعل الصواب:"المقدام بن معديكرب فقد أورد الحديث الحافظ في الإصابة وقال: "قال أبو نعيم: "رواه أبو سلام عن المقدام الكندي فقال: "الحارث بن معاوية الكندي".

والمقدام الكندي هو ابن معد يكرب وهو صحابي مشهور".

ثم ذكر الخلاف في صحبة الحارث وأشار إلى ترجيح ابن حجر بأنه مخضرم".

ثم قال: "وغيلان هو ابن أنس قال في "التقريب" مقبول"4".

وبقية الرجال ثقات غير منصور الخولاني، فلم أجد له ترجمة5".اهـ".

قلت: "وهذا الحديث المشارإليه عند الدولابي أَخْرَجَهُ أيضاً الفسوي ومن طريقه أخرجه البيهقي وهذا سياقه عند الفسوي قال: حدثني منصور عن أبي يزيد غيلان مولى كنانة عن أبي سلام الحبشي عن المقدام بن معد كرب عن الحارث بن معاوية قال: حدثنا عبادة بن الصامت وعنده أبو الدرداء أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بعير من المقاسم، فلما فرغ من صلاته أخذ منه قردة بين أصبعيه- وهي وبرة- فقال: "ألا إن هذا من غنائمكم وليس لي منه إلا الخمس والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط وأصغر من ذلك وأكبر فإن الغلول عار على أهله في الدنيا والآخرة" الحديث6.

د- طريق ربيعة بن ناجد عن عبادة عند عبد الله بن أحمد في زوائد المسند وهذا سياقه:

1 انظر: كتاب الكنى 2/163 وإسناده: "أخبرني أحمد بن شعيب عن محمد بن وهب قال حدثنا محمد بن سلامة قال حدثني أبو عبد الرحيم قال: حدثني منصور الخولاني عن أبي يزيد غيلان الخ وفي إسناده البياض الذي ذكر الألباني".

2 انظر: "التقريب 2/106

3 الدولابي: "هو أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري الرازي الوراق صاحب التصانيف الحافظ (324/310) . (الذهبي: "تذكرة الحفاظ 2/759 ومعجم المؤلفين لكحالة 8/255) .

4 انظر التقريب 2/106".

5 إرواء الغليل 5/114-115 وسلسلة الأحاديث الصحيحة 2/716-817 رقم (985) .

6 الفسوي: المعرفة والتاريخ2/359-360،والبيهقي: السنن الكبرى9/103-104".

ص: 686

حدثني عبد الله 1 بن سالم الكوفي المفلوج، كان ثقة ثنا عبيدة 2 ابن الأسود عن القاسم3 بن الوليد عن أبي صادق4 عن ربيعة5 بن ناجد عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الوبرة من جنب البعير من المغنم، فيقول:"مالي فيه إلا مثل ما لأحدكم منه، وإياكم والغلول، فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة أدو الخيط والمخيط وما فوق ذلك، وجاهدوا في سبيل الله تعالى القريب والبعيد " الحديث6.

والخلاصة أن الحديث ورد من أربع طرق:

الأولى: "طريق يعلى بن شداد عند ابن ماجة والفسوي، وفيها (عيسى بن سنان) وهو ضعيف كما تقدم7".

الثانية: "طريق أبي أمامة الباهلي عن عبادة عند أحمد وغيره وقد حسنها الزرقاني8".

وقال الألباني عن هذا الحديث في صحيح الجامع: "صحيح" وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، قال:"إسناده حسن رجاله كلهم ثقات، وفي عبد الرحمن بن الحارث وشيخه سليمان بن موسى الأشدق، كلام لا ينزل حديثهما عن رتبة الحسن، لا سيما وقد جاء الحديث من طرق".

وفي إرواء الغليل، قال: "الحديث سكت عليه الحاكم والذهبي، وإسناده

1 عبد الله بن سالم، أو ابن محمد بن سالم الزبيدي- بالضم - أبو محمد الكوفي القزاز المفلوج، ثقة، ربما خالف، من كبار الحادية عشرة (ت 235) ./د عس ق". (التقريب 1/417 وتهذيب التهذيب 5/228) .

2 عبيدة - بضم أوله- ابن الأسود بن سعيد الهمداني الكوفي، صدوق، ربما دلس، من الثامنة"./د ت ق". (المصدر السابق 1/548 و7/86) .

3 القاسم بن الوليد الهمداني أبو عبد الرحمن الكوفي، القاضي، صدوق يغرب، من السابعة (ت141) ./ ق". (التقريب 2/121 وفي تهذيب التهذيب 8/340: "نقل توثيقه عن ابن معين والعجلي وابن سعد، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يخطئ ويخالف) .

4 أبو صادق الأزدي الكوفي، صدوق، تقدم في حديث (140) .

5 ربيعة بن ناجد - بالنون والجيم ثم مهملة- الأزدي الكوفي، يقال أخو أبي صادق الراوي عنه، ثقة من الثانية"./ص ق". (المصدر السابق 1/248، و3/263-264) . وعلم له في التقريب ط".المصرية (س ق) والصواب (ص ق) كما في تهذيب التهذيب والخلاصة للخزرجي". 1/323) .

6 مسند أحمد 5/330".

7 انظر: "حديث (289) .

8 انظر: "أوجز المسالك إلى موطأ مالك 8/320".

ص: 687

حسن عندي وفي عبد الرحمن وسليمان كلام لا ينزل به حديثهما عن المرتبة التي ذكرنا"1.

قلت: "وقد روى الحاكم هذا الحديث في موضع آخر بهذا الإسناد مقتصرا فيه على ما حصل من الصحابة من الاختلاف في غنائم بدر، ثم قال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه2". ووافقه الذهبي".

الثالثة: "طريق ابن أبي مريم عند أحمد، وفيها (ابن أبي مريم) وهو ضعيف".

وقد تابعه غيلان بن أنس الكلبي أبو يزيد عند الدولابي والفسوي والبيهقي (وغيلان) قال عنه ابن حجر في التقريب "مقبول"3".

وفي الإسناد أيضا منصور الخولاني ولم أجد ترجمته".

الرابعة: "طريق ربيعة بن ماجد عند عبد الله بن أحمد في زوائد المسند وإسناده حسن".

وخلاصة القول أن النهي عن الغلول في غزوة حنين ورد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده حسن4".

ومن حديث عبادة بن الصامت وإسناده حسن على أقل تقدير".

وهذه الأحاديث تدل على تحريم الغلول وعلى عقوبة من يتعاطى ذلك، وأنه من الكبائر التي توبق صاحبها وتعرضه للمقت يوم القيامة".

قال النووي: "أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول، وأنه من الكبائر وأجمعوا على أن على الغال رد ما غل، فإن تفرق الجيش وتعذر إيصال حق كل واحد إليه، ففه خلاف بين العلماء، قال الشافعي وطائفة: "يجب تسليمه إلى الإمام أو الحاكم كسائر الأموال الضائعة.

1 صحيح الجامع 6/272 وسلسلة الأحاديث الصحيحة 2/716-817 حديث رقم (985) . وإرواء الغليل 5/74".

2 المستدرك 2/135-136".

3 انظر: "التقريب 2/106

4 وقال الألباني عنه (صحيح) . (انظر صحيح الجامع الصغير 6/272-273) . وذلك لكثرة طرقه وشواهده المتعددة". وانظر حديث عمرو بن شعيب ص 667".

ص: 688

وقال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية والحسن والزهري والأوزاعي ومالك والثوري والليث وأحمد والجمهور: "يدفع خمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقي".

واختلفوا في صفة عقوبة الغال، فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار:"يعزر على حسب ما يراه الإمام ولا يحرق متاعه".

وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم".

وقال مكحول والحسن والأوزاعي1: "يحرق رحله ومتاعه كله، قال الأوزاعي: "إلا سلاحه وثيابه التي عليه، وقال الحسن:"إلا الحيوان والمصحف 2".

290-

واحتجوا بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في تحريق رحله3".

1 مكحول: "هو أبو عبد الله الشامي، والحسن هو البصري، والأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو".

2 انظر أقوالهم في: "مصنف عبد الرزاق 5/246-247، وهو قول إسحاق بن راهويه ورواية عن أحمد ذكر ذلك الترمذي والباجي وابن حجر".

3 الحديث رواه أبو داود في السنن 2/63كتاب الجهاد، باب في عقوبة الغال، والترمذي:"في السنن 3/11 كتاب الحدود، باب ما جاء في الغال ما يصنع به، وأحمد: "المسند 1/22، والدارمي:"السنن 2/149 كتاب السير، باب في عقوبة الغال، والحاكم: "المستدرك 2/127-128 ومن طريقه رواه البيهقي في السنن الكبرى 9/102-103".

الجميع من طريق صالح بن محمد بن زائدة قال: "دخلت مع مسلمة بن عبد الملك أرض الروم فأتى برجل قد غل، فسأل سالما عنه فقال: "سمعت أبي يحدث عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه" قال: "فوجدنا في متاعه مصحفا فَسُئِلَ سالم عنه فقال: "بعه وتصدق بثمنه" والحديث رجح أبو داود وقفه على سالم".

وقال الترمذي: "بعد إخراجه هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه والعمل عند بعض أهل العلم، وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحاق". وسألت محمداً - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: "إنما روى هذا صالح بن محمد بن زائدة وهو أبو واقد الليثي وهو منكر الحديث".

قال محمد - يعني البخاري- وقد روي في غير حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغال". ولم يأمر فيه بحرق متاعه".

وأورد الذهبي وابن حجر هذا الحديث في ترجمة صالح بن محمد ثم قالا: قال البخاري: "هذا الحديث باطل ليس له أصل، وصالح هذا لا يعتمد عيه". (ميزان الاعتدال 2/300 وتهذيب التهذيب 4/402 وفي التقريب 1/262) قال عنه "ضعيف".

وقال الدارقطني أنكروا هذا الحديث على صالح بن محمد قال: "وهذا ضعيف لم يتابع عليه ولا أصل لهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (عون المعبود 7/382) . وقد قال الحاكم عن هذا الحديث". صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وبهذا تعلم عدم صحة هذا التصحيح وهذه الموافقة من الذهبي بعد أن عرفت بعض أقوال العلماء في (صالح بن محمد) راوي هذا الحديث، ومنهم الذهبي نفسه كما في ميزان الاعتدال".

ص: 689

قال الجمهور: "وهذا حديث ضعيف لأنه مما انفرد به صالح بن محمد عن سالم وهو ضعيف".

قال الطحاوي: "ولو صح يحمل على أنه كان حين كانت العقوبة بالأموال كأخذ شطر المال من مانع الزكاة وضالة الإبل، وسارق التمر وكل ذلك منسوخ 1".إهـ.

وبوب البخاري بقوله (باب القليل من الغلول) .

ثم قال: "ولم يذكر عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرق متاعه وهذا أصح".

ثم ساق حديث عبد الله بن عمرو المتقدم في قصة (كركرة) 2".

قال ابن حجر: "قوله ولم يذكر عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرق متاعه يعني في حديثه الذي ساقه في الباب في قصة الذي غل العباءة".

وقوله: "وهذا أصح"، أشار إلى تضعيف ما روي عن عبد الله بن عمر في الأمر بحرق رحل الغال".

والإشارة بقوله (هذا) إلى الحديث الذي ساقه".

ثم قال ابن حجر: "والأمر بحرق رحل الغال، أخرجه أبو داود من طريق صالح بن محمد بن زائدة الليثي المدني أحد الضعفاء، قال: "دخلت مع مسلمة بن عبد الملك أرض الروم فأتى رجل قد غل فسأل سالما أي- ابن عبد الله بن عمر - عنه فقال: "سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه" 3.

ثم ساق من وجه آخر عن سالم موقوفا ثم قال أبو داود: "وهذا أصح4".

1 النووي: "شرح صحيح مسلم 4/496 وانظر فتح الباري 6/186-188 وفيض القدير للمناوي 6/451، والمنتقى للباجي 3/204".

2 تقدم تخريج الحديث برقم (288) .

3 تقدم تخريجه برقم (290) .

4 وسياقه عند أبي داود: "حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى الأنطاكي قال أنبأنا أبو إسحاق عن صالح بن محمد قال: "غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد الله بن عمر، وعمر بن عبد العزيز فغل رجل متاعا فأمر الوليد بمتاعه فأحرق وطيف به ولم يعطه سهمه". قال أبو داود هذا أصح الحديثين (سنن أبي داود 2/63 كتاب الجهاد، باب في عقوبة الغال، قال في عون المعبود 7/383: "المعنى أن هذا الحديث الموقوف أصح من الحديث المرفوع الذي قبله". إهـ، والذي أمر الوليد بن هشام بحرق متاعه هو: "زياد بن سعد الملقب (زياد شعر) كما في سنن أبي داود".

ص: 690

وقال البخاري في (التاريخ) يحتجون بهذا الحديث في إحراق رحل الغال، وهو باطل ليس له أصل وراويه لا يعتمد عليه، ثم قال ابن حجر:"وروى الترمذي عنه أيضاً أنه قال: "(صالح) منكر الحديث".

وقد جاء في غير حديث ذكر الغال وليس فيه الأمر بحرق متاعه1، ثم قال ابن حجر:"قلت وقد جاء من غير طريق صالح بن محمد".

291-

أخرجه أبو داود أيضا من طريق زهير بن محمد عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده 2".

ثم أخرجه من وجه آخر عن زهير عن عمرو بن شعيب موقوفا عليه وهو الراجح3".

ثم قال ابن حجر: "وقد أخذ بظاهر هذا الحديث أحمد في رواية، وهو قول مكحول والأوزاعي".

وعن الحسن يحرق متاعه إلا الحيوان والمصحف".

وقال الطحاوي: "لو صح الحديث لاحتمل أن يكون حين كانت العقوبة بالمال4".إهـ.

ورجح ابن قيم الجوزية عدم النسخ وقال: "الصواب أن هذا من باب التعزير والعقوبات المالية الراجعة إلى اجتهاد الأئمة بحسب المصلحة، فإنه صلى الله عليه وسلم حرق وترك، وكذلك خلفاؤه من بعده5".

1انظر سنن الترمذي 3/11 كتاب الحدود، باب ما جاء في الغال ما يصنع به، وانظر:"تاريخ البخاري الكبير 4/291 والتاريخ الصغير ص 171".

2 وسياقه عند أبي داود 2/63: "حدثنا محمد بن عوف حدثنا موسى بن أيوب قال: "حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه".

3 وسياقه قال أبو داود: "وحدثنا به الوليد بن عتبة وعبد الوهاب بن نجدة قالا حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب قوله". أهـ. وزهير بن محمد الراوي لهذا الحديث عن عمرو بن شعيب وعنه الوليد بن مسلم هو: "الخراساني نزيل مكة".

قال البيهقي: "ويقال إن زهيراً هذا مجهول وليس بالمكي". (السنن الكبرى للبيهقي 9/102، وتهذيب التهذيب لابن حجر 3/350) .

4 فتح الباري 6/186-188".

5 دليله حديث عمرو بن شعيب المتقدم برقم (291) وهو حديث ضعيف".

ص: 691

ونظير هذا قتل شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة1.

فليس بحد ولا منسوخ، وإنما هو تعزير يتعلق باجتهاد الإمام2.إهـ.

ومال محمد الأمين الشنقيطي إلى اختيار ابن قيم الجوزية هذا، وقال:"وإنما قلنا: "إن هذا القول أرجح عندنا لأن الجمع واجب إذا أمكن وهو مقدم على الترجيح بين الأدلة كما علم في الأصول3".إهـ.

وهذا الترجيح الذي مال إليه ابن قيم الجوزية وتابعه الشنقيطي في العقوبة بالمال وجيه، غير أن الحديث الوارد في حرق متاع الغال بخصوصه لم يثبت4، وإنما يصار إلى الجمع بين الأدلة على هذا الوجه إذا كانت متكافئة في الصحة، ومادام الحديث في حرق متاع الغال لم يثبت فيكون الراجح في هذا قول جمهور العلماء وهو تعزير الغال بما يراه الإمام دون حرق المتاع، وذلك لأن في حرق المتاع مفسدة للمال الذي يمكن أن يستفيد منه المسلمون، خاصة أن الأحاديث الصحيحة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم بعقوبة الغال، ليس فيها الأمر بحرق متاع الغال كما تقدم في حديث عبد الله ابن عمرو في قصة (كركرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"هو في النار" ولم يأمر بحرق رحله5.

1 أخرجه أو داود والترمذي، وابن ماجة من حديث معاوية بن أبي سفيان.

وأبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن عمر.

وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة من حديث أبي هريرة.

وأبو داود من حديث قبيصة بن ذؤيب". والترمذي من حديث جابر بن عبد الله. (سنن أبي داود 2/473-474 كتاب الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر) .

والترمذي: السنن 2/449-450 كتاب الحدود، باب ما جاء مَن شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه. والنسائي 8/281 كتاب الأشربة باب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر.

وابن ماجة 2/859 كتاب الحدود، باب في شرب الخمر مرارا، وهو حديث صحيح وقد أخرجه غير هؤلاء.

2 زاد المعاد 3/106 و108 و 109.

3 أضواء البيان 2/407

4 انظر: "السنن الكبرى للبيهقي 9/102-103".

5 انظر: "الحديث رقم (288) .

ص: 692

292-

وفي حديث زيد1 بن خالد الجهني، بإسناد صحيح، قال: "تفي رجل من أشجع بخيبر2 فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"صلوا على صاحبكم" فأنكر الناس ذلك وتغيرت له وجوههم، فلما رأى ذلك قال:"إن صاحبكم غل في سبيل الله"3.

قال زيد: "فالتمسوا في متاعه، فإذا خرزات4 من خرز يهود ما تساوي درهمين 5".

ولم يأمر صلى الله عليه وسلم بحرق رحله".

قال الكندهلوي: "قوله: "فتغيرت وجوه الناس لذلك".

قال الباجي6: "يحتمل أن يريد به وجه المؤمنين لامتناعه من الصلاة على من هو من جملتهم، ولا يعلمون له ذنباً انفرد به، فخافوا أن يكون المانع أمرا يشملهم فيهلكوا بذلك، ويحتمل أن يريد به قبيلة وطائفة تغيرت وجوههم لما يخصهم من أمره، ولما خافوا أن يكون ذلك المعنى شائع فيهم"7".

1 زيد بن خالد الجهني المدني صحابي مشهور مات بالكوفة، سنة 68 أو 70 وله 85 سنة"./ع". (التقريب 1/274) .

2 وقع في الموطأ (يوم حنين) قال العلماء: "وهو وهم". (المنتقى للباجي 3/200) .

3 أخرجه أبو داود: "في السنن 2/62 كتاب الجهاد، باب في تعظيم الغلول". والنسائي: "السنن 4/52 كتاب الجنائز، باب الصلاة على من غل". وابن ماجه: "السنن 2/550كتاب الجهاد باب في الغلول، وموطأ مالك 2/458 كتاب الجهاد، باب ما جاء في الغلول". وأحمد: "المسند4/114 و5/192 والحاكم: "المستدرك 2/127-128". والبيهقي السنن الكبرى 9/101".

4 الخرز بفتحتين الذي ينظم، والواحدة خرزة". (لسان العرب 7/221، ومختار الصحاح ص 172) .

5 قوله: "ما تساوي درهمين"، قال الكاندهلوي:"ليعلم لتفاهة قيمتها وأن أخذ هذا المقدار على تفاهته من جملة الكبائر التي تمنع من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم". (أوجز المسالك 8/333) .

6 الباجي: "هو أبو الوليد سليمان بن خلف التجيبي، القرطبي، الذهبي المالكي، الحافظ العلامة صاحب الفنون، له مصنفات كثيرة من جملتها كتاب المعاني في شرح الموطأ عديم النظير". (وفيات الأعيان لابن خلكان 2/408-409 وتذكرة الحفاظ للذهبي 3/1178-1183 ومعجم المؤلفين لكحالة 4/261-262) .

7 انظر: "المنتقى شرح موطأ الإمام مالك للباجي 3/200".

ص: 693

ثم قال الكاندهلوي: "قلت أو تغيرت وجوههم لأجل هذا الرجل خاصة لأنهم قد علموا من حاله أنه لا يمتنع من الصلاة إلا على لا ترضى حاله، وأنه قد علم أنه أحدث حدثا يمنعه من الصلاة".

فقال زيد: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن صاحبكم قد غل في سبيل الله" أي خان في الغنيمة، فبين المعنى الذي امتنع به عن الصلاة عليه".

ثم قال: "قال الشيخ1 في البذل: "فلهذا قالت الفقهاء إذا مات الفاسق المصر على الفسق يجوز أن لا يصلي عليه الأئمة الذين يقتدى بهم، بل يأمرون الناس أن يصلوا عليه".

ثم قال الكاندهلوي: "قال الباجي: "وهذه سنة في امتناع الأئمة، وأهل الفضل من الصلاة على أهل الكبائر على وجه الردع والزجر على مثل فعلهم، وأمر غيره عليه الصلاة والسلام بالصلاة عليه دليل على أن لهم حكم الإيمان لا يخرجون عنه بما أحدثوه من المعصية وقد روى ابن سحنون2 عن أبيه3 عن مالك أنه قال: "لا بأس أن يُصُلَّى على من غل وذلك يحتمل وجهين:

أحدهما: "أن يريد به أن يصلي عليه غير الإمام".

والثاني: "أن الإمام مخير إن شاء صلى، وإن شاء ترك وإن ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من الامتناع لم يكن على وجه المنع على الصلاة عليه وإنما كان ذلك لأنه رأى ذلك في ذلك الوقت أفضل، وأن رأى الصلاة في وقت تكون الصلاة أفضل أن يصلي". وقد قال صلى الله عليه وسلم في الصلاة على المنافقين إني خيرت4 فاخترت5". إهـ".

1 هو خليل الدين أحمد السهارنفوري المتوفى سنة (1346هـ) واسم كتابه (بذل المجهود في حل أبي داود) .

2 هو محمد بن عبد السلام بن سحنون بن سعيد التنوخي، القيرواني، المالكي أبو عبد الله، فقيه حافظ (202-256هـ) . (معجم المؤلفين لكحالة 10/169) .

3 هو عبد السلام بن سعيد الملقب سحنون الفقيه المالكي، صاحب المدونة الكبرى في الفقه المالكي، (160-240هـ) . (وفيات الأعيان لابن خلكان 3/180-182 ومعجم المؤلفين لكحالة 5/224) .

4 يشير إلى ما أخرجه البخاري في صحيحه في قصة الصلاة على عبد الله بن أبي ابن سلول، وأن عمر قال:"يا رسول الله أتصلي عليه، وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال: "إني خيرت فاخترت". الحديث". (انظر صحيح البخاري 2/84 كتاب الجنائز، باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين) .

5 أوجز المسالك 8/332، والمنتقى شرح موطأ مالك للباجي 3/200".

ص: 694

وفي هذه الأحاديث تظهر عناية الإسلام بالحقوق العامة وتقديمها على المصلحة الخاصة، وذلك أن الغنائم حق مشاع لجميع أفراد الجيش لا يجوز لفرد منهم أن تغلبه مصلحة نفسه فيأخذ من هذا الحق المشاع لنفسه بحجة أن له حقاً فيها، ولذلك جاءت هذه النصوص تنذر بالويل والعذاب الأليم لمن يغل ويخون في الغنائم قبل أن تتميز الحقوق وتظهر بالقسمة العادلة حصة كل فرد من أفراد الجيش الإسلامي، ويتضح ذلك جليا في تشديد الرسول صلى الله عليه وسلم في أخذ الخيط والمخيط وما فوق ذلك وما دون ذلك فهو أعظم حماية للحقوق العامة وأجل صيانة لاحترام المصالح العامة للأمة، وفي نفس الوقت فإن حقوق الفرد لا تضيع فسوف تقسم هذه الغنائم ويأخذ كل فرد حقه كاملا غير منقوص، وهذه خصائص الدين الإسلامي العظيمة التي يجب فهمها وتطبيقها بالعلم والعدل".

ص: 695