الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ حمد بن ناصر بن معمر
هو العالم العلامة المحقق الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان معمر النجدي التميمي من آل معمر أهل العيينة، نزح منها واستوطن مدينة الدرعية وقرأ فيها على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وعلى الشيخ أبي بكر حسين بن غنام نزيل الدرعية، صاحب التاريخ المشهور وعلى الشيخ سليمان بن عبد الوهاب أخي الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبعد ذلك جلس للتدريس بمدينة الدرعية فأخذ عنه العلم خلق كثير من أهل الدرعية وغيرهم من أهل نجد الوافدين إليها، نذكر من فضلائهم في هذه الترجمة المقتضبة ما يأتي _ الشيخ العلامة الشهيد سليمان ابن الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. والشيخ العالم الكبير عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ونجل المترجم الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ حمد بن معمر والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين.
وبعد ذلك لما كان في سنة ألف ومائتين واحد عشرة من الهجرة طلب غالب بن مساعد شريف مكة من الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود أن يبعث إليه عالما ليناظر علماء الحرم الشريف في شيء من أمور الدين، فبعث إليه الإمام عبد العزيز المترجم الشيخ حمد بن ناصر بن معمر على رأس ركب من العلماء، فلما وصلوا إلي الحرم الشريف أناخوا رواحلهم أمام قصر الشريف غالب فاستقبلهم بالحفاوة والإكرام وأنزلهم منزلا محترما يليق بهم، فلما طافوا وسعوا للعمرة ونحروا الجزر التي أرسلها معهم الأمير سعود بن عبد
العزيز هديا للحرم واستراحوا أربعة أيام من عناء السفر جمع الشريف غالب علماء الحرم الشريف من أرباب مذاهب الأئمة الأربعة _ ما عدا الحنابلة فوقع بين علماء الحرم ومقدمهم يومئذ في الكلام الشيخ 1عبد الملك القلعي الحنفي وبين الشيخ حمد بن ناصر مناظرة عظيمة في مجالس عديدة بحضرة والي مكة الشريف غالب وبمشهد عظيم من أهل مكة وذلك في شهر رجب من السنة المذكورة سنة 1211هـ فظهر عليهم الشيخ حمد بن ناصر بن معمر بالحجة قهرهم بالحق فسلموا له وأذعنوا وقد سألهم _ رحمه الله _ تعالى ثلاث مسائل الأولى، ما قولكم فيمن دعا نبيا أو وليا واستغاث به في تفريج الكربات كقوله: يا رسول الله، أو يا ابن عباس، أو يا محجوب، أو غيرهم من الأولياء الصالحين.
والثانية، من قال _ لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ولم يصل ولم يزك هل يكون مؤمنا؟ والثالثة، قال _ هل يجوز البناء على القبور؟ فعكس علماء الحرم هذه الأسئلة على الشيخ حمد المذكور. وطلبوا منه الإجابة عليها فأجاب عنها _ رحمه الله _ بما يشفي الغليل، ويبتهج به من يتبع الدليل، وأصل الإجابة وحررها لهم في رسالة سماها علماء الدرعية "الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب" وقد أوردها الشيخ حسين بن غنام، في الجزء الثاني من تاريخه _ واختارها الشيخ سليمان بن سحمان مع مختاراته التي جمعها في رسالة وسماها "الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية" فطبعت عدة مرات، ولولا ذلك لأوردناها في ترجمتنا للشيخ حمد بن معمر المذكور، فإنها جليلة القدر عظيمة الفائدة، وقد أشار إلي ما جرى بين الشيخ
1 هو الشيخ عبد الملك بن عبد المنعم بن تاج الذين بن عيد المحسن بن سالم القلعي الحنفي. ولد بمكة وتلقى العلم عن علماء المسجد الحرام وبعد أن أجيز بالتدريس جلس للتدريس بالمسجد الحرام فقرأ عليه خلق كثير ولما قدم إلي مكة محمد علي باشا الألباني بلغه أن الشيخ عبد الملك مريض فزارة توفي سنة 1228هـ وله مؤلفات "1" فتاوى في 3 مجلدات "2" شرح على متن الأجرومية "3" حل الرمز على شرح الكنز.
1 أوردها الشيخ حسين بن غنام في الجزء الثاني من تاريخه بكاملها وحذفت من التاريخ المذكور المطبوع بمطبعة المدني بمصر.
حمد ين ناصر بن معمر، وعلماء مكة من المناظرة الشيخ محمد بن علي الشوكاني. فقال في الجزء الثاني من كتابه "البدر الطالع" ص7 بعد ترجمته للشريف غالب بن مساعد، ما نصه: وبلغنا أنه وصل إلي مكة بعض علماء نجد لقصد المناظرة فناظر علماء مكة بحضرة الشريف في مسائل، تدل على ثبات قدمه، وقدم صاحبه في الدين انتهى كلام الشوكاني.
وللشيخ حمد بن معمر غير هذه الرسالة رسائل كثيرة، أجاب فيها على أسئلة علمية، لو جمعت لبلغت مجلدا ضخما، ولكنها طبعت مفرقة في مجاميع الرسائل والمسائل النجدية، التي طبعت بمطبعة المنار أولا، ثم بمطبعة أم القرى في مكة المكرمة ثانيا، وقد ولاه الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود قضاء الدرعية من جملة قضاتها الكثيرين، وبعثه بعدما استولى على الحجاز1 سنة 1220هـ إلي مكة، عند الشريف غالب مشرفا على أحكام قضاة مكة المكرمة، فأقام بمكة نحو أربعة سنوات، ثم توفي بها _ رحمه الله _ سنة ألف ومائتين وخمس وعشرين من الهجرة، في أول شهر ذي الحجة، وصلى عليه الناس تحت الكعبة المشرفة، ثم خرجوا به من الحرم إلي البياضية2 فخرج الإمام سعود بن عبد العزيز من قصره بالبياضية وصلى عليه بعدد كثير من المسلمين صلاة ثانية. قبل أن يدفن ثم دفنوه بعد ذلك بمقبرة البياضية.
قال أحمد بن محمد بن أحمد الحضراوي في تاريخه المخطوط الذي سماه "اللطائف في تاريخ الطائف ما نصه، نقلا منه عن السيد محمد ياسين ميرغني بن عبد الله المحجوب لما ذكر كشف الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود للقبة التي فوق صخرة مقام إبراهيم. قال: وكان المباشر له أي لكشف
1 استولى الإمام سعود بن عبد العزيز على الحجاز سنة 1220هـ وبعث المترجم إلي مكة سنة 1221هـ.
2 البياضية تقع بأعلى مكة شرقي القصر العالي المشهور قبل ذلك بقصر السقاف والبياضية محلها محاكم المستعجلات اليوم الواقعة شرقي القصر المذكور.
القبة حمد بن ناصر، يقصد به المترجم له. ثم ذكر بعد كلام لا فائدة في ذكره، انه مات ودفن بالبياضية.
وقد ذكر المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر في الجزء الأول من تاريخه ص 159طبعة أبي بطين: أن الشيخ حمد 1 بن ناصر بن معمر _ توفي بمكة وخفي عليه أنه دفن بمقبرة البياضية. فلم يذكر ذلك.
وقد خلف الشيخ حمد ابنا عالما هو الشيخ عبد العزيز صاحب "منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب" وسنورد له ترجمة في هده الرسالة _ رحم الله الشيخ أحمد ورحم ابنه الشيخ عبد العزيز، وجميع مشائخ الإسلام، وعلماء الدين، إنه سميع مجيب. وصلى الله على محمد وسلم.
1 قلت أورد صاحب خلاصة الكلام ذكره في معرض تحدثه عن الصلح الذي تم بين غالب والإمام سعود بن الإمام عبد العزيز قائلا ما نصه: "ثم وصل من الدرعية عشرون رجلا فيهم حمد بن ناصر أحد علمائهم وكان الشريف بجدة وأعطوه كتابا من سعود فيه إتهام أمر الصلح ونزل حمد إلي مسجد عكاش وجمع الناس وقرأ عليهم رسالة محمد بن عبد الوهاب وقبل الشريف بمنع جميع الأمور فأمر بهدم القباب وترك شرب التنباك عدم بيعه وبدخول الناس المسجد عند سماع الأذان لصلاة الجماعة في المسجد وبتدريس رسائل ابن عبد الوهاب، وترك تكرير الجماعة في المسجد الحرام والاقتصار على الأذان في المنابر وترك التسليم والتذكير والترحيم وأبطل ضرب نوبته ونوبة والي جدة فتوجه حمد بن ناصر إلي الدرعية يخبرهم بذلك وأرسل الشريف معه رسولا فرجع بالجواب والشريف باق بجدة" انتهى ما ذكره دحلان مع حذف بعض كلمات عدائية نابية لا يليق ذكرها.