الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ سعد بن عتيق
هو العلامة الورع الزاهد الشيخ سعد ابن الشيخ حمد بن علي بن محمد بن عتيق بن راشد بن حميضة، اشتهر كوالده بابن عتيق ولد ببلدة العمار من بلدان الأفلاج 1 الناحية المعروفة جنوب نجد سنة تسع وسبعين ومائتين وألف تقريبا، فنشأ في كنف والده الشيخ حمد وقرأ عليه جملة من المتون المؤلفة في توحيد العبادة وتوحيد الأسماء والصفات والفقه والحديث والنحو.
ثم سافر إلي الهند سنة تسع وتسعين ومائتين وألف وقدم بهبال واجتمع بصديق بن حسن خان وقرأ عليه وأخذ عن الشيخ شريف حسين والشيخ محمد بشير السندي والشيخ سلامة الله الهندي وعن الشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي اليماني المقيم بالهند وبقي تسع سنين يقرأ على علماء الحديث المذكورين ثم
1 الأفلاج جمع فلج وهو النهر الصفير وهو اليوم يطلق على ناحية كبيرة من نواحي نجد تقع بين وادي بريك وبلدانه وهي الحوطة والعام والحلوة والصدر والعطيان والمفيجر تقع الأفلاج بين هذه القرى وبين السليل وتبعد عن مدينة الرياض نحو ثلاثمائة كيلومترا وتشتمل الأفلاج على عدة قرى أعرف منها ما يأتي "ليلى" وهي العاصمة "والحمر، والهدار والستارة، والخرفة، وسيح آل حامد، والغيل، والعمار" وبها ولد المترجم له" وحراضة، وواسط، ووسيلا، ومروان، والزريقية، والروضة، والبديعة، وسويدان "جميع هذه القرى يطلق عليها اسم الأفلاج وهي آهل بالسكان وفيها نخيل وقصور ومزارع وأنهار عديدة وماؤها غزير لا ينضب وفيها مدارس بنين وبنات ودوائر حكومية وفيها جميع لوازم الحياة أطال الله عمر إمام المسلمين الملك فيصل آل سعود الذي تقدمت المملكة في عهده تقدما عظيما في شتى المجالات والميادين حفظه الله من كل مكروه وأدام عليه نعمة التوفيق إنه لسميع مجيب.
رجع إلي وطنه وحج وبعد فراغه من الحج مكث بمكة ووجد بها الشيخ أحمد ابن إبراهيم بن عيسى النجدي مجاورا فقرأ عليه الروض المربع شرح زاد المستقنع، وأخذ عن جماعة من علماء مكة المكرمة منهم الشيخ حسب الله الهندي والشيخ عبد الله الزواوي والشيخ أحمد أبو الخير، ثم عاد إلي وطنه وبقي في مسقط رأسه بلدة العمار وتولى قضاء الأفلاج للإمام عبد الله ابن الإمام فيصل ابن الإمام تركي أخريات أيامه واستمر في قضاء الأفلاج مدة ولاة آل رشيد، ولما تولى جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ملك نجد نقله إلي مدينة الرياض بجانبه وولاه القضاء في الدماء وجميع القضايا التي تتعلق بالبوادي وإقامة الفروض الخمسة بمسجد الجامع الكبير، وعقد بالجامع المذكور حلقتين للتدريس إحداهما بعد طلوع الشمس والأخرى بعد صلاة الظهر، وكان شديد التحري والضبط في دروسه يضبط الألفاظ ويحترز من اللحن وإن قل، وكان قليل الكلام كثير التثبت، لا يقرأ عليه في كتاب إلا إذا كان قد راجع جميع ما عليه من شروح وحواشي واستوفاها مطالعة، وكان لا يترك الطالب يقرأ عليه من عبارات الفقهاء أكثر من أربع مسائل أو خمس ثم يتبع الكلام عليها منطوقا ومفهوما ويقرر عليها تقريرا واضحا مفيدا يفهمه الطالب ويرسخ في ذهنه.
أخذ العلم عنه خلق كثير نذكر من فضلائهم في هذه الترجمة المقتضبة:
سماحة الشيخ عبد الله بن حسن رئيس القضاة في حياته، والشيخ محمد بن عبد اللطيف وسماحه الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطف مفتي الديار السعودية ورئيس قضائها في حياته _ رحمه الله _، وسماحة الشيخ عمر ابن الشيخ حسن رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الوسطى والشرقية، والشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف مدير المعاهد والكليات في حياته – رحمه الله _ والشيخ محمد عثمان الشاوي والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري والشيخ عبد الله بن حمد الدوسري والشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد والشيخ إبراهيم بن سليمان آل مبارك والشيخ
فيصل بن عبد العزيز آل مبارك والشيخ عبد الرحمن بن عودان والشيخ سعود ابن رشود. وأخذ عنه ابنه محمد بن سعد وابن أخيه محمد بن عبد العزيز بن حمد بن عتيق ومحمد بن علي التويجري.
ألف رسالة سماها "حجة التحريض في تحريم الذبح للمريض"
وكان يقرض الشعر على طريقة العلماء، نظم متن "زاد المستقنع، مختصر المقنع" حتى وصل في نظمه إلي الشهادات، وله رسائل طبعت في مجموع الرسائل والمسائل النجدية وقد كف بصره آخر عمره.
وتوفي رحمه الله _ بمدينة الرياض ثالث عشر جمادى لأولى سنة 1349هـ، وخلف أبناء ليس لي معرفة بأسمائهم، وقد رثاه بعض الأدباء والشعراء منهم الشيخ محمد بن عبد الله عثيمين، رثاه بهذه القصيدة الرائية الفريدة:
أهكذا البدر تخفي نوره الحفر
…
ويفقد العلم لا عين ولا أثر
خبت مصابيح كنا نستضيء بها
…
وطوحت للمغيب الأنجم الزهر
واستحكمت غربة الإسلام وانكسفت
…
شمس العلوم التي يهدى بها البشر
تجرم الصالحون المقتدى بهمو
…
وقام منهم مقام المبتدا الخير
فلست تسمع إلا كان ثم مضى
…
ويلحق الفارط الباقي كما غبروا
فنح على العلم نوح الثاكلات وقل
…
وا لهف نفسي على أهل له قبروا
الثابتين على الإيمان جهد همو
…
والصادقين فما مانوا ولا ختروا
والعادلين عن الدنيا وزهرتها
…
والآمرين بخير بعدما ائتمروا
لم يجعلوا سلما للمال علمهمو
…
بل نزهوه فلم يعلق به وضر
هذي المكارم لا تزويق أبنية
…
ولا الشفوف التي تكسى بها ولجدر
فابك على العلم الفرد الذي حنت
…
بذكر أفعاله الأخبار والسير
من لم يبال بحق الله لائمة
…
ولا يحابي امرءا في خده صعر
بحر من العلم قد فاضت جداوله
…
أضحى وقد ضمه في بطنه المدر
فليت شعري من للمشكلات إذا
…
حارت بغامضها الإفهام والفكر
من للمدارس بالتعليم بعمرها
…
ينتابها زمر من بعدها زمر
هذي رسوم علوم الدين تنديه
…
ثكلى عليه ولكن عزها القدر
طوتك يا سعد أيام طوت أمما
…
كانوا فبانوا وفي الماضين معتبر
إن كان شخصك قد واراه ملحده
…
فعلمك الجم في الآفاق منتشر
بنى لكم حمد يا للعتيق علا
…
لم يبينها لكمو مال ولا خطر
لكنه العلم يسمو من يسود به
…
على الجهول ولو من جده مضر
والعلم إن كان أقوالا بلا عمل
…
فليت صاحبه بالجهل منغمر
يا حامل العلم والقرآن إن لنا
…
يوما تضم به الماضون والأخر
فيسأل الله كلا عن وظيفته
…
فليت شعري بماذا منه نعتذر
وما الجواب إذا قال العليم إذا
…
قال الرسول أو الصديق أو عمر
والكل بأتيه مغلول اليدين فمن
…
ناج ومن هالك قد لوحت سقر
فجدوا نية لله خالصة
…
قوموا فرادى ومثنى واصبر وأومروا
وناصحوا دائما من ولي أمركمو
…
فالصفو لا بد يأتي بعده كدر
والله يلطف في الدنيا بنا وبكم
…
ويوم يشخص من أهواله البصر
وصل ربي على المختار سيدنا
…
شفيعنا يوم نار الكرب تستعر
محمد خير مبعوث وشيعته
…
وصحبه ما بدا من افقه قمر
آخرها رحم الله الشيخ سعدا وغفر له وعفا عنه أنه سميع مجيب.