الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ عمر بن محمد سليم
هو العالم الجليل الشيخ عمر بن محمد بن عبد الله بن سليم ولد بمدينة بريدة بالقصيم سنة ألف ومائتين وثمان وتسعين من الهجرة نشأ في كنف والده الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم فقرأ القرآن حتى حفظه نظرا وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة العلم على والده وجلا معه إلي قرية النبهانية من قرى القصيم حيث حدد إقامة والده بهذه القرية عبد العزيز بن متعب بن رشيد، فلازم والده ملازمة تامة في هذه القرية وقرأ عليه جميع فنون العلم من توحيد وفقه وتفسير ونحو وفرائض ولما استولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على نجد رجع في معية والده من قرية النبهانية إلي مدينة بريدة وبعثه والده بعد ذلك إلي الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف في مدينة الرياض فقرأ عليه في التوحيد وأصول الدين نحو ستة أشهر ثم أجازه إجازة علمية ورجع إلي والده بمدينة بريدة ولازم القراءة عليه وعلى غيره من علماء بريدة إلي أن توفي والده ثم عين قاضيا في هجرة "دخنة"1 ولما تأسست هجرة الأرطاوية سنة 1330هـ عينه الملك عبد العزيز قاضيا ومرشدا لسكانها وغالبهم من عشيرة مطير وبقي عندهم مرشدا وقاضيا إلي عام 1337هـ ثم رجع إلي مدينة بريدة وعين إمام في مسجد ناصر بن سليمان بن سيف بمدينة بريدة فعمر هذا المسجد
1 دخنة تعرف في كتب معاجم البلدان بمنعج وسكنتها من قبائل حرب.
ومنعج جاء ذكره على لسان بعض شعراء العرب الأقدمين بقوله:
أحب بلاد الله ما بين منعج
…
إلي وسلمى أن يصوب سحابها
بلاد بها عق الشباب تمائمي
…
وأول أرض مس جلدي ترابها
بتدريس العلم حيث عقد فيه حلقات للعلم فتخرج عليه في هذا المسجد أفواج من طلبة العلم وكان إلي جانب إمامة المسجد وإلقاء الدروس فيه ينوب عن أخيه الشيخ عبد الله في القضاء إذا غاب أو مرض، وينوب عنه أيضا في صلاة الجمعة والأعياد، فلما توفي أخوه الشيخ عبد الله سنة 1351هـ أسند إليه قضاء مدينة بريدة وتوابعها من القرى البلدان وتولى أيضا إمامة مسجد الجامع وخطابته وصلاة الأعياد والتدريس في المسجد الجامع الكبير.
طريقة دروسه وأوقاته:
كان _ رحمه الله _ إذا صلى الفجر جلس الطلاب العلم في المسجد المذكور يقرأون عليه في النحو الأجرومية والقطر وملحة الأغراب والألفية فإذا طلعت الشمس وانتشرت خرج إلي داره للاستراحة وتجديد الوضوء ثم يرجع إلي المسجد ويصلي تحية المسجد يجلس في ناحيته الشرقية ثم يشرع الطلبة يقرأون عليه في مختلف العلوم حديثا وفقها وتوحيدا وأصولا فإذا فرغ من التدريس ذهب إلي داره لتناول الغداء ثم جلس في داره للقضاء بين المتحاكمين من الخصوم فإذا أذن الظهر خرج إلى المسجد وصلى النافلة ثم المكتوبة فالنافلة ثم جلس للتدريس إلي قريب العصر ثم رجع إلي داره فإذا أذن العصر خرج إلي المسجد وصلى في الجماعة ثم جلس بعد صلاة العصر للطلبة في أصول الفقه وبلوغ المرام ومصطلح الحديث ثم يخرج ويجلس للناس للقضاء بينهم في داره إلي أذان المغرب فإذا أذن المغرب خرج إلي المسجد وصلى بالناس وبعد صلاة المغرب يجلس للطلبة في الفرائض والمواريث فإذا أذن العشاء قام من الحلقة إلي الصف الأول وشرع القارئ يقرأ عليه في التفسير.
ثم أقيمت صلاة فإذا صلى العشاء ثم النافلة والوتر ذهب إلي دار عبد العزيز بن مشيقح للقهوة ودرس عليه هناك بعض الطلبة وعددهم نحو الخمسة عشر طالبا ثم ذهب إلي داره، فهذه طريقة دروسه وترتيبها مدة حياته. وكان إلي جانب ذلك يتعاطى أسباب البيع والشراء كالسلم في الثمار من الحنطة والتمر والتورق، فوسع الله عليه في الرزق.
تلامذته:
أخذ عنه العلم عدد كثير نعرف منهم من يأتي:
1_
الشيخ سليمان بن عبد الله المشعلي تولى القضاء في عدة بلدان من بلدان القصيم.
2_
الشيخ محمد بن عبد العزيز العجاجي.
3_
الشيخ عثمان بن أحمد بن بشر قاضي الأجفر.
4_
عبد الرحمن بن عبد العزيز بن صعب.
5_
عبد الله بن رشيد بن فرج خطيب جامع بريدة.
6_
الشيخ عبد العزيز بن عبدان قاضي أبها ثم الزلفي فمدينة عنيزة.
7_
الشيخ الجليل صالح بن محمد الخريصي رئيس محكمة بريدة.
8_
الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عثيمين الموظف سابقا بوزارة الحج ومؤلف السابلة في تراجم الحنابلة "خ".
9_
عبد الله بن سليمان بن حميد قاضي برك الغماد سابقا 1
10_
سليمان بن محمد بن جربوع قاضي العظيم ثم الأرطاوية.
11_
عبد الرحمن بن عبد الله بن بداح.
12-
عبد الله بن سليمان بن نقير مطوع هجرة النفي
13_
عبد الرحمن بن دخيل قاضي بلدة لينة. 2
1 برك الغماد بكسر الباء وتسكين الراء بلدة تقع بين بلدة القنفذة وبين بلدة القمحة وهو واقع على ساحل البحر الأحمر وقد ورد ذكره في الأثر حيث قال بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو خضت بنا البحر إلي برك العماد لحضناه معك وقد ذكره محمد بن أبان بن جرير بقوله:
دع عنك من أمسى بغور محلها
…
ببرك الغماد بين هضبة بارح
2 لينه ذكرها ياقوت في معجمه ج 7ص347وأورد عليها شعرا للأشهب بن رميلة وهو قوله:
ولله دري أي نظرة ذي هوى
…
نظرت ودوني لينة وكثيبها
وذكرها أبو مدرك مريزيق بن صالح اللبيني القشيري بقوله:
أيا أضلع الماء اللواتي "بلينة"
…
سقيتن من صوب الغمام اللوامح
وقد صارت لينة في هذا العهد الزاهر عهد إمام المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود بلدة كبيرة آهلة بالسكان بها أمارة ومحكمة شرعية ومدارس بنين ومصح وغير ذلك من لوازم الحياة أدام الله بقاء أمام المسلمين الذي زهت الربوع في عهده وعمرت البلدان ونعمت الرعية في ظله بالرخاء والأمان
وفاته:
توفي _ رحمه الله _ في سابع عشر شهر الحجة عام 1362هـ1 ووجم الناس لموته وحزنوا عليه حزنا شديدا ورثاه العلماء والأدباء نثرا وشعرا نذكر منهم من يأتي:
الشيخ حمد بن مزيد رثاه بقصيدة طويلة أبياتها خمسة وخمسين بيتا ومطلعها:
على العالم النحرير شمس المعالم
…
نريق دموعا مثل صوب الغمائم
ورثاه السيد عبد الفتاح ساكن ناحية اليمن بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها نحو خمسين بيتا ومطلعها:
ما للمدامع كالطوفان تنحدر
…
والناس سكرى وأيم الله ما سكروا
ورثاه عبد المحسن بن عبيد بقصيدة طويلة أبياتها واحدا وأربعين بيتا ومطلعها:
أشكو إلي الله علام الخفيات
…
مصيبة عظمت لا كالمصيبات
ورثاه الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عثيمين مؤلف "تسهيل السابلة في تراجم الحنابلة" بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها خمسين بيتا ومطلعها:
مصاب عظيم حق فيه التلهف
…
وصارت به عيناي بالدمع تذرف
1 خلف الشيخ عمر بن محمد بن سليم ابنين عبد الله وإبراهيم.
ورثاه الشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل المستشار الشرعي بديوان المظالم بقصيدة تبلغ أبياتها ثلاثة وعشرين ومطلعها:
رضا وصبرا وحمدا ليس منحصرا
…
على قضاء الذي للخلق قد فطرا
ورثاه صاحب السماحة العلامة مفتى الديار السعودية ورئيس قضاتها في حياته الشيخ محمد بن إبراهيم بن الشيخ عبد اللطيف بهذه الأبيات الأربعة:
أن المصيبة حقا فقدنا عمرا
…
أعظم بميتته رزءا بنا كبرا
قطب القصيم وما دون القصيم وما
…
خلف القصيم وما مجرى القصيم جرى
عليه دار الهدى والحق بينه
…
كان الحياة وكان السمع والبصرا
ارزقه يا ربنا عفوا ومغفرة
…
واجبر مصيبتنا يا خير من جبرا
…
ورثاه ابنه الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ محمد بن إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب مدير المعاهد والكليات بهذه القصيدة التالية:
الدمع من عينى ذو هملان
…
والقلب مملوء بذي الأحزان
والجسم أصبح مستدقا ناحلا
…
والنوم حارب مقلتي وجفاني
والليل طال وبدلت نعماؤنا
…
بؤسا لفقد العالم الرباني
عمر الذي عمر المجالس بالتقى
…
والدرس والتحقيق والعرفان
رب المعارف والحقائق والعلى
…
والحلم والإرشاد والإحسان
ورث المكارم كابرا عن كابر
…
بنو سليم هم أولو الإتقان
يتقشفون على كثافة قدرهم
…
يتواضعون وهم عظيمو الشان
من للمجالس في بريدة بعده
…
من للعلوم وسنة العدناني
يا رب فرحمه واسق ضريحه
…
صوبا من الرضوان والغفران
مولاي أبق لنا إمام الدين
…
والتحقيق ناصر شرعة الرحمن
قمر الدجى رب العلى زين الملا
…
بحر العلوم ترجمان قرآن
شيخ المشائخ سيد العلماء في
…
هذا الزمان بل وكل زمان
هو والدي والحق يشهد أنني
…
فيما أقول مقصر ببياني
يا رب فاحفظه ومتعنا به
…
يا دائم المعروف والإحسان
وامنن علي ببره ورضائه
…
وكذاك أولادي كذا إخواني
وأفض علينا منه علما نافعا
…
يا سيدي يا منزل الفرقان
وكذاك أبق لنا مشائخنا فهم
…
فينا البدور تضيء للعميان
واغرس لهذا الدين غرسا واحمه
…
من كيد كل ملدد شيطان
ثم الصلاة على الحبيب شفيعنا
…
والآل والأصحاب والأعوان
ماسح ودق أو تغنى منشدا
…
الدمع من عيني ذو هملان
آخرها رحم الله الشيخ عمر بن محمد بن سليم وغفر له إنه سميع مجيب.