الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
، لكنها في الواقع بعيدة كل البعد عن طريقة التفسير ومهيعه المعروف عند العلماء (1).
الثالثة: تقسيم كتب التفسير بين المأثور الرأي
.
كان من أكبر نتائج مصطلحي المأثور والرأي أن قُسِّمت كتب التفسير بين هذين النوعين، وليس هناك حجة واضحة في هذا التوزيع، ولا تكاد تجد حدًّا فاصلاً في عَدِّ تفسير من التفاسير بأنه من المأثور أو من الرأي، ومن ذلك تقسيم محمد حسين الذهبي (ت:1397)، فقد جعل كتب التفسير المأثور ما يأتي:
جامع البيان، لابن جرير الطبري (ت:310)، وبحر العلوم، لأبي الليث السمرقندي (ت:375)، والكشف والبيان عن تفسير القرآن، لأبي إسحاق الثعلبي (ت:427)، ومعالم التنْزيل، لأبي محمد الحسين البغوي (ت:516)، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية الأندلسي (ت:542)، والجواهر الحسان في تفسير القرآن، لعبد الرحمن
(1) في كلامه رحمه الله وكذا عند الذهبي في كتاب التفسير والمفسرون ـ مغالطات فيما يتعلق بالتفسير المأثور عن السلف، أرجو أن ييسر الله لي الحديث عنها في مكان آخر، وهو الموفق.
الثعالبي (ت:876)، والدر المنثور في التفسير المأثور، للسيوطي (ت:911) (1).
وجعل من كتب التفسير بالرأي المحمود:
مفاتح الغيب، للفخر الرازي (ت:606)، وأنوار التنْزيل وأسرار التأويل، للبيضاوي (ت:685)، ومدارك التنْزيل وحقائق التأويل، للنسفي (ت:701)، ولباب التأويل في معاني التنْزيل، للخازن (ت:741)، والبحر المحيط، لأبي حيان (ت:745)، وغرائب التنْزيل ورغائب التأويل، للنيسابوري (ت:728)، وتفسير الجلالين، والسراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الخبير، للشربيني (ت:977)، وإرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، لأبي السعود (ت:982)، وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، للآلوسي (ت:1270) (2).
ثم ذكر التفسير بالرأي المذموم، وذكر ضمنه بعض كتبه؛ ككتاب تنْزيه القرآن عن المطاعن، للقاضي عبد الجبار (ت:415)، وأمالي الشريف المرتضى (ت:436) والكشاف، للزمخشري (ت:538).
(1) التفسير والمفسرون (1:204).
(2)
التفسير والمفسرون (1: 289).
وإليك بعض الملحوظات على توزيعاتهم:
1 -
يعدون تفسير الطبري (ت:310) من كتب التفسير بالمأثور، ويغفلون عن ذكر تعرضه لتوجيه الأقوال والترجيح بينها، وإذا كانت هذه طريقته، فلم لا يكون من التفسير بالرأي، وما الحدُّ الفاصل في جعله من كتب التفسير بالمأثور لا من كتب التفسير بالرأي؟!.
فالتفسير ينسب إليه، وفيه آراؤه في التفسير، وفيه مصادره التي من أعظمها التفسير المأثور عن السلف، ومنها اللغة، ولو سلك من يكتب عن تفسيره الأسلوب الذي انتهجه هؤلاء في عدِّهم لتفسيره أنه من التفسير بالمأثور بسبب أسانيده ورواياته لتفسير السلف، لو عدَّه من كتب التفسير اللغوي بسبب كثرة اعتماده عليها، لما أبعد في ذلك.
لكن النظر هنا إلى تحريراته في التفسير، لا إلى مصادره، وإذا كان النظر من هذه الزاوية ـ وهي الصحيحة لا غير ـ فهو من أعظم كتب التفسير بالرأي المحمود.
2 -
يعدُّون تفسير الخازن المسمى (لباب التأويل في معاني التَّنْزيل) من التفسير بالرأي (1)، مع أن مؤلفه نصَّ في
(1) ذكر عبد العظيم الزرقاني في مناهل العرفان أهم كتب التفسير بالرأي (2:65)، وذكر منها تفسير الخازن (2:66، 69)، وكذا =
المقدمة على أنه ليس له في هذا التفسير سوى النقل، قال: «
…
ولما كان هذا الكتاب كما وصفت [يعني كتاب معالم التنْزيل للبغوي] أحببت أن أنتخب من غُرَرِ فوائدِه، ودُرَرِ فرائده، وزواهرِ نصوصِه، وجواهرِ فُصوصِه = مختصراً جامعاً لمعاني التفسير، ولباب التنْزيل والتعبير، حاوياً لخلاصة منقوله، متضمناً لنكته وأصوله، مع فوائد نقلتها، وفرائد لخصتها من كتب التفاسير المصنفة في سائر علومه المؤلفة، ولم أجعل لنفسي تصرفاً سوى النقل والانتخاب، وحذفت منه الإسناد؛ لأنه أقرب إلى تحصيل المراد
…
» (1).
يظهر من هذا النص أن الخازن (ت:741) قد اختصر تفسير البغوي (ت:516)، وأنه قد انتخب من غيره من التفاسير، وأنه ليس له فيها سوى النقل والانتخاب. وتراهم قد عدَّوا تفسير البغوي (ت:516) من كتب التفسير بالمأثور (2)، فلِمَ لم يجعلوا المختصر الخازنيَّ من كتب التفسير بالمأثورِ تبعاً لأصله البغويِّ؟!
= القطان في مباحث في علوم القرآن (ص:366).
(1)
تفسير الخازن، بهامشه تفسير البغوي (1:3).
(2)
ينظر مثلاً: مناهل العرفان (2:30)، ومباحث في علوم القرآن للقطان (ص:360).