الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفهوم المفسِّرِ
لم يحظ مصطلح المُفَسِّرِ من علماء القرآن والتفسير بتعريفٍ (1) كما عرَّفوا مصطلح التفسير، ويعتبر كتاب السيوطي (ت:911) طبقات المفسرين أول كتاب يجمع تراجمهم في كتاب مستقلٍّ، وقد قسم المفسرين إلى أنواع:
النوع الأول: المفسرون من السلف: الصحابة والتابعون وأتباع التابعين.
النوع الثاني: المفسرون من المحدِّثين، وهم الذين صنفوا التفاسير مسندة مُورداً فيها أقوال الصحابة والتابعين بالإسناد.
النوع الثالث: بقية المفسرين من علماء السنة، الذين ضموا إلى التفسيرِ التأويلَ (2) والكلامَ على معاني القرآن وأحكامه وإعرابه وغير ذلك.
(1) انظر: قواعد الترجيح عند المفسرين، للشيخ حسين الحربي (1:33)، فقد قال في تعريف المفسر:«من له أهلية تامةٌ يعرف بها مراد الله تعالى بكلامه المتعبد بتلاوته، قدر الطاقة البشرية، وراض نفسه على مناهج المفسرين، مع معرفته جُملاً كثيرة من تفسير كتاب الله، ومارس التفسير عملياً بتعليم أو تأليف» .
(2)
هذا على المصطلح الحادث، وقد سمَّاهم أصحاب هذا القسم =
النوع الرابع: من صنف تفسيراً من المبتدعة؛ كالمعتزلة والشيعة وأضرابهم (1).
وهذا يعني أنك لو اعتمدت ما يذكره هو ومن كتب بعده في طبقات المفسرين = لقلت:
المفسر: من كان له مشاركة في علم التفسير، أو كتب فيه.
ويظهر أنَّ هذا سيكون من باب التسامح في المصطلح، دون التحرير له، وهذا ما يشير إليه كلام السيوطي عن الطبقة الثانية، حيث جعل أكثرهم نقلة
= مؤولة كما سيأتي، وقد عرفت مما سبق أن هذا المصطلح غير صحيح، وما سيبنى عليه فإنه سيكون غير صحيح أيضاً، ومنه هذه التسمية المطلقة لمن جاء بعد السلف.
(1)
ينظر: طبقات المفسرين (ص:9 - 10).
(2)
طبقات المفسرين (ص:10).
للتفسير، ومع ذلك ذكرهم في طبقات المفسرين.
ولا شكَّ أن من كتب في طبقات المفسرين لم يكن قصدُه تعريفَ المفسر، بل كان قصدُه إيرادَ من له كتابةٌ في التفسير، دون تحليلٍ لنوع هذه الكتابة، من حيث كونها نقل أو اجتهاد من المفسر.
ولا تكاد تَجِدُ ضابطاً في إيراد فلان من العلماء في عِداد المفسرين، ولذا ترى من أصحاب التراجم إدخالاً لبعض الصحابة في المفسرين، وإن كان الوارد عنهم فيه قليلٌ؛ كزيد بن ثابت (ت:45) وعبد الله بن الزبير (ت:73).
وقد يكون في ذلك تساهل في عَدِّهِمْ من المفسِّرين، وإذا نظرت إلى بعضهم وجدت أنه قد برز في بعض العلوم، فزيد بن ثابت (ت:45) كان مقرئاً، وهو الذي قام بكتابة المصحف، وكان فرضيًّا، فقد يكون بسبب بروزه في هذين العلمين ـ خصوصاً لعلم القراءة المتعلِّق بالقرآن ـ تُسُمِّحَ في إطلاق لقب المفسر عليه، والله أعلم.
والبروزُ العلميُّ العامُّ لا يلزمُ منه البروز في علمٍ معيَّنٍ من العلومِ، بل لقد كانَ علمُ الفقه وعلمُ القراءةِ أشهرَ العلومِ التي كانَ الصحابة يعلِّمونها للتَّابعينَ، ولذا لا يُستبعدُ أنَّ من كتبَ في طبقاتِ المفسِّرين قد تأثَّر بكتاباتِ من سبقَه