الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكان هذا الكتاب لهذه الأمة هو الحجة البالغة، والمعجزة الباهرة، والنعمة التامة فهو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا:{إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} 1. هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه فقد هدى إلى صراط مستقيم.
ففتح الله به آذانا صما، وأعينا عميا، وقلوبا غلفا، وأمر بالاعتصام به، والاهتداء بهديه، وتدبر آياته، والعمل بما فيه، وتكفل لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل فى الدنيا، ولا يشقى في الآخرة فقال:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} 2 وأتم النعمة بأن تكفل بحفظه فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 3.
ولقد علم المسلمون أن هذا الكتاب العزيز هو مكمن قوتهم، ومصدر عزتهم، وسبب نجاتهم، وانبرى العلماء الأكفاء منهم لتفسير كتاب الله، وبيان ما يشتمل عليه من أنواع العلوم والهدى.
وكان الأسوة في ذلك البيان هو رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان "خلقه القرآن" تحليلاً لما أحل، وتحريماً لما حرم، وهدياً ومنهجاً، فكان ذلك من قبيل بيانه للناس الذي أمره الله به بقوله:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} 4.
ثم تأسى به أصحابه الكرام، أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، وغرر الزمان الذين لم تكتحل عين الزمان بمثلهم أصحاباً. فأخذوا بالقرآن، واعتصموا به، وأقبلوا عليه تعلماً وتعليماً واهتداءً، فزكت نفوسهم، وتهذبت أخلاقهم، واستقامت أمورهم، ثم تلاهم في ذلك التابعون وتابعوهم بإحسان فنهجوا نهجهم وسلكوا سبيلهم وعكفوا على كتاب ربهم وسخروا العلوم لخدمته
1 سورة الجن: آية "1".
2 سورة طه: آية "123".
3 سورة الحجر: آية "9".
4 سورة النحل: آية "44".
وبذلوا جهدهم في تفسيره، وإيضاح دلالاته، واستنباط فوائده وأحكامه، وكلما ادلهمت عليهم الخطوب، وتكالبت الشرور، وجدوا في كتاب ربهم النجاة والمنعة، وصدق الله {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} 1.
وقد كان من العلماء الأعلام، أئمة الهدى الذين أعز الله بهم دينه، وأعلى بهم كلمته الإمام المجدد، شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي ألهمه الله رشده، ونور بصيرته، وعرفه بكتابه فعمل به، ودعا إليه وبينه، واستنبط كثيراً من أحكامه، ولفت الأنظار إليه، وذم من أعرض عنه، وابتغى الهدى من غيره.
حيث نشأ رحمه الله في زمن انتشرت فيه الجهالة في كثير من الأنحاء، وبعد الناس عن كتاب ربهم، وتمسكوا بأقوال متبوعيهم غير المعصومين في حين أعرضوا عن كتاب الله زاعمين أنهم لا يستطيعون فهمه مباشرة، فضيقوا على أنفسهم، وحجروا على غيرهم تفسير كتاب الله، فإذا فسر لهم آية رمقته عيونهم، ومقتته قلوبهم، واشمأزت منه نفوسهم.
فقام الشيخ بكتاب الله يدعو إليه، ويبين معانيه وأحكامه، وما تضمنه من عقيدة وأحكام وعبر، ويستنبط منه الفوائد، ويؤلف في ذلك، ويدعم رسائله وفتاواه بنصوص الوحي المطهر، حتى ظهر دين الله، وارتفعت رايته، وثاب المسلمون إلى رشدهم، وعادوا إلى كتاب ربهم، ونهلوا من معينه، وطبقوه في واقع حياتهم، فكان منهج الشيخ في التفسير والاستنباط- ذلك المنهج الذي كان من ثمراته تلك الدعوة الإصلاحية المباركة التي ما زالت تؤتي ثمارها- جديرا بالاهتمام والدراسة.
ولذ ارأيت أن يكون موضع رسالتي في مرحلة الماجستير بعنوان "منهج شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تفسيره مع تحقيق جزء من تفسيره"- وذلك لما أراه من أهمية هذا الموضوع، وفائدته، وحيويته.
1 سورة الأنبياء: آية "18".
هذا وتتلخص أسباب اختيار الموضوع فيما يلي:
1-
خدمة لكتاب الله عز وجل ببيان منهج من المناهج القويمة في فهم كتاب الله وتفسيره والاستنباط منه والاهتداء بهديه.
2-
رغبة في إلقاء الضوء على جانب مهم من جوانب حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب العلمية، وهو الجانب التفسيري ذلكم الجانب الذي لم يلق العناية اللازمة من الباحثين مع أصالته وأهميته بالرغم من كثرة ما كتب فيما يتعلق ببيان جوانب مشرقة من حياة الشيخ.
3-
قيمة تفسير الشيخ العلمية.
وإنما تظهر قيمه لما تميز به من ميزات قد ذكرتها في موضع آخر وألخصها هنا فيما يلي:
1-
سلفية الشيخ ومنهجه القويم في الاعتقاد والتفسير، ومعلوم ذلكم التلازم الوثيق بين استقامة هذين الجانبين.
ولذا اصطبغ تفسيره بالصبغة السلفية فلا تحريف ولا تأويل، وإنما تمش مع النصوص وإجراء لها على ظواهرها مع الأيمان بمعانيها والاستفادة العلمية والعملية منها. فكان موضع ثقة وقبول من أهل الاعتقاد الصحيح.
2-
اهتمامه في تفسيره واستنباطاته بالربط بين الواقع وبين المعاني المفهومة من الآيات فى سبيل إصلاح المجتمع وعلاجه من أدوائه، وربط الناس بكتاب الله ليأخذوا منه مباشرة ويهتدوا بهداه. وقد ظهر هذا الجانب في تفسيره ومنهجه نصاً واستقراء ومن ذلك قوله: اعلم أن الله سبحانه عالم بكل شيء يعلم ما يقع على خلقه، وأنزل هذا الكتاب المبارك الذي جعله تبياناً لكل شيء وتفصيلاً لكل شيء وجعله هدى لأهل القرن الثاني عشر ومن بعدهم، كما جعله هدى لأهل القرن الأول ومن بعدهم1.
1 مؤلفات الشيخ/ القسم الرابع / التفسير ص "263".
3-
الشمولية في استنباطاته بالتعرض لمعظم ما يذكر في الآية، وإن كان ذلك على وجه الاختصار أحياناً إذ الغرض هو التنبيه والإعلام، ولفت الأنظار إلى تلك المسائل المستنبطة والتي تتضمنها الآية.
كما أردت أن أحقق جزءاً من تفسير الشيخ واستنباطاته يشتمل على تفسير "سورة يوسف وسورة الحجر وسورة النحل" وذلك لتوالى هذه السور في المخطوطات التي بين يدي، ولتفسير الشيخ إياها كاملة. ليكون ذلك مثالاً قريباً لتفسيرات الشيخ واستنباطاته وليتبين من خلالها منهجه المتكامل.
لهذا كله أحببت أن أكتب في هذا الموضوع مستعيناً بالله ومتبرئاً من الحول والقوة ة إلا به.
وقد قسمت البحث إلى قسمين:
أولاً: قسم الدراسة.
ويشتمل على مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب:
أما المقدمة فهي هذه.
وأما التمهيد فقد بينت فيه ما يلي:
أولاً: البيئة من حول الشيخ.
ثانياً: اسم الشيخ ومولده وأسرته ونشأته.
ثالثاً: رحلاته العلمية.
رابعاً: نبذه عن دعوته الإصلاحية والمراحل التي مرت بها.
خامساً: علاقة دعوته بالقرآن وتفسيره.
سادساً: قيمة تفسيره العلمية.
سابعاً: مشائخه.
ثامناً: تلاميذه.
تاسعاً: مؤلفاته.
عاشراً: وفاته.
حادي عشر: ثناء العلماء عليه مفسراً.
وأما الأبواب فهي كما يلي:
الباب الأول: تفسير الشيخ القرآن بالمأثور.
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: تفسيره القرآن بالقرآن.
الفصل الثاني: تفسيره القرآن بالسنة.
الفصل الثالث: تفسيره القرآن بأقوال السلف من الصحابة والتابعين.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تفسيره القرآن بأقوال الصحابة.
المبحث الثاني: تفسيره القرآن بأقوال التابعين.
المبحث الثالث: موقفه من اختلاف السلف في التفسير.
الباب الثاني: التفسير بالرأي أو بالمعقول.
ويشتمل على خمسة فصول:
الفصل الأول: نظرته إلى العقل ومكانته من الشرع.
الفصل الثاني: نظرته إلى التفسير بالرأي.
الفصل الثالث: توفر أدوات التفسير بالرأي المحمود لديه.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: معرفته باللغة ومدى اهتمامه بها في تفسيره.
المبحث الثاني: معرفته بالنحو والإعراب ومدى اهتمامه به في تفسيره.
المبحث الثالث: معرفته بالبلاغة ومدى اهتمامه بها في تفسيره.
الفصل الرابع: مظاهر التفسير بالرأي لدى الشيخ.
ويشتمل على ثلاثة مباحث.
المبحث الأول: التفسير الإفرادي.
المبحث الثاني: التفسير الإجمالي.
المبحث الثالث: الاستنباط المباشر من الآيات.
الفصل الخامس: السمات العامة لتفسيره بالرأي.
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: تمشيه مع روح الشريعة الإسلامية.
المبحث الثاني: تمشيه مع تفسيرات السلف وأقوالهم.
الباب الثالث: أهم الأغراض التي تناولها الشيخ أو حققها من خلال تفسيره:
ويشتمل على ستة فصول:
الفصل الأول: التركيز على العقيدة من خلال تفسيره.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: اهتمامه بالعقيدة من خلال تفسيره بصفة عامة.
المبحث الثاني: أهم المباحث العقدية التي بينها من خلال تفسيره.
المبحث الثالث: استنباطه جوانب حماية العقيدة من خلال تفسيره.
الفصل الثاني: اهتمامه في تفسيره بالردود على المخالفين.
الفصل الثالث: الاتجاه الإصلاحي في تفسيره.
الفصل الرابع: اهتمامه بالفقه والتأصيل في تفسيره.
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: اهتمامه بالفقه في تفسيره.
المبحث الثاني: اهتمامه بالتأصيل في تفسيره.
ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: اهتمامه بالتأصيل العام في تفسيره.
المطلب الثاني: اهتمامه بأصول الفقه في تفسيره.
الفصل الخامس: القصص في تفسير الشيخ ومدى اهتمامه به.
ويشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول: نظرته إلى القصص واهتمامه به.
المبحث الثاني: طريقته في دراسة القصص والاستنباط منها.
المبحث الثالث: المنهج الموضوعي في تفسير القصص عنده.
المبحث الرابع: موقفه من القصص الإسرائيلي.
الفصل السادس: ما ذكره من علوم القرآن في تفسيره.
واشتمل على ما يلي:
1-
علم القراءات.
2-
علم فضائل القرآن.
3-
علم قصص القرآن.
4-
علم أسباب النزول.
5-
تعرضه للنسخ في القرآن الكريم.
وقد التزمت في بحث كل جزئيه من الجزئيات أن أدلل عليها من تفسيرات الشيخ نصاً أو استقراء.
ثانياً: قسم التحقيق.
فقد قدمت له بمقدمة بينت فيها ما يلي:
أولاً: اسم الكتاب المحقق جزؤه وتوثيق نسبته إلى مؤلفه.
ثانياً: وصف النسخ المخطوطة.
ثالثاً: منهجي في التحقيق.
ثم شرعت فى تحقيق النص ويشتمل على تحقيق السور الثلاث "يوسف والحجر والنحل".
ثم ختمت البحت بخاتمة بينت فيها أهم نتائج البحث.
وذيلت الرسالة بعمل فهارس عامة على النحو التالي:-
1-
فهرس الآيات القرآنية. وقد اكتفيت فيه بفهرس الآيات المستشهد بها أو الواردة في غير موضعها. أما الواردة في موضعها من التحقيق فلم أفهرسها لتسلسلها مع معرفة سورها.
2-
فهرس الأحاديث والآثار.
3-
فهرس الأعلام.
4-
فهرس المراجع العامة.
5-
فهرس الموضوعات.
هذا وقد بذلت جهدي لإظهار هذه الرسالة بالمظهر اللائق على اعتراف مني بالتقصير وحسبي أني لفت الأنظار إلى جانب مهم من جوانب حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب "رحمه الله".
فإن أصبت ووفقت فذلك من فضل الله فله الحمد والمنة، وإن أخطأت فمن نفسي وأستغفر الله.
هذا وفي الختام أشكر الله عز وجل أولاً وآخراً على ما من به من التوفيق والسداد والنعم العظيمة التي لا تحصى وأسأله المزيد والقبول.
ثم أشكر الجامعة الإسلامية التي كان لنا شرف الانتماء إليها وتلقي العلم الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله على منهج السلف الصالح في أحضانها.
وأسأل الله عز وجل لها مزيد التوفيق والثبات على منهجها السني.
كما أسأله أن يجزي كل من ساهم فى إنجاز هذه الرسالة أو كان له بها أي علاقة خير الجزاء.
وأسأله تعالى آن يلهمنا رشدنا ويقينا شرور أنفسنا ويختم بالصالحات أعمالنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الطالب
مسعد بن مساعد الحسيني
ال
تمهيد
تناول كثير من الباحثين دراسة جوانب عديدة من حياة الشيخ الخاصة والعامة فدرسوا بيئته ونشأته ودعوته الإصلاحية دراسات مستفيضة جلت جوانب كثيرة منها1، ولم تحظ أي دعوة إصلاحية في العصر الحديث بمثل ما حظيت به هذه الدعوة من الدراسة والتحليل، ولا نكاد نجد دراسة لأحوال جزيرة العرب في القرن الثاني عشر الهجري إلا وتعرضت لذكر هذه الدعوة والقائم بها.
فلا حاجة بي إذاً إلى الإفاضة في ذكر تلك الجوانب التي استبانت إذ لست هنا بمقام المؤرخ، وإنما أحببت أن أعطي القارئ إلمامه بهذا العلم الهمام، ونشأته، وأصل دعوته، وما يتعلق بذلك لتتبين له المنزلة العلمية لمن أنا بصدد دراسة منهجه في التفسير. مع الإحالة إلى بعض المراجع الموسعة لمن أحب التوسع والاستزادة.
فأقول وبالله التوفيق:-
"1" من أشهر من كتب في ذلك وأكثرت من النقل عنهم:
1-
العلامة المؤرخ أبو بكر حسين بن غنام. في "روضة الأفكار والأفهام".
2-
العلامة المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر. في "تاريخ نجد".
3-
الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية "3: 379 وما بعدها".
4-
الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم في "الدرر السنية""13: 3 وما بعدها".
5-
الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي في "الشيخ محمد بن عبد الوهاب. عقيدته السلفية، ودعوته الإصلاحية، وثناء العلماء عليه".
6-
الدكتور صالح العبود في "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية، وأثرها في العالم الإسلامي".
7-
الدكتور عبد الله الصالح العثيمين في "الشيخ محمد بن عبد الوهاب. حياته وفكره".
أولاً: البيئة من حول الشيخ1:
درس كثير من الباحثين البيئة التي قام فيها الشيخ بدعوته، واتفق أهل التحقيق منهم على أن العصر الذي نشأ فيه قد انتشرت فيه الضلالة، وعمت الجهالة، وطمست فيه أنوار الهداية، وذلك بطمس أسها وملاكها وهو توحيد العبادة وعدم تحققه في قلوب كثير من العباد، حيث ارتكس كثير من الناس في أوحال الشرك، وارتدوا إلى الجاهلية، لغلبة الجهل عليهم وقلة أو عدم المرشد لديهم، واستعلاء ذوي الأهواء والضلال عليهم. فنبذوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم معرضين عن تدبرهما والاهتداء بهما متبعين لأهوائهم وما كان عليه آباؤهم وأجدادهم ولسان حالهم يقول:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} 2.
فعدلوا عن عبادة رب العباد إلى عبادة العباد، إذ عدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين، وتقديسهم، والتبرك بهم، ودعائهم في تفريج الكربات وقضاء الحاجات، وتقديم القرابين والنذور لهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون.
وكما عبد الأولياء والصالحون، فقد عبدت الأغوار والأشجار والأحجار في كثير من الأقطار.
ولم تكن غير نجد من البلدان بأحسن حالا منها، بل عمها طغيان الجهالة والضلالة، فنحو ما في نجد كان يوجد في سائر الأقطار والبلدان في جدة واليمن
1 انظر وصف ابن غنام للبيئة من حول الشيخ في روضة الأفكار "1: 5- 14" فقد ذكر ما يندى له الجبين، وتقشعر منه الأبدان.
وقد أفاض شيخنا الدكتور/ صالح العبود في وصف البيئة من حول الشيخ في العالم الإسلامي، وضمنها نقولاً كثيرة فراجعها في كتابه "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية، وأثرها في العالم الإسلامي "1: 21- 64".
2 سورة الزخرف: آية "23".
وحضرموت وما جاورها، ومصر وصعيدها، والشام ونواحيها والموصل وبلاد الأكراد. كما لم يسلم الحرمان الشريفان من ذلك الطغيان، بل أصابها ما أصاب غيرها، فكان طوائف من الوفود والأعراب يأتون فيها من الفسوق والضلال والعصيان ما يملأ القلب أسى وحزناً إذ عبدت المآثر والقبور وارتكبت المحارم وانتهكت الحدود، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما العلماء فإنهم ما بين مقتصر على درسه وحلقته لا يتجاوزها إلى مجتمعه لعلاجه، أو متأسف عاجز، أو مجامل للعامة والرؤساء مشفق على مركزه خائف زواله بالإنكار عليهم، أو صاحب مصلحة في الضلالة كما يزين له الشيطان – والعياذ بالله- أو جاهل بأصل الدين وحقيقته.
فكان الناس في أمس الحاجة إلى عناية إلهية تنقذهم مما هم فيه من ضلال وغي وتعيدهم إلى رشدهم ودينهم القويم.
فتجلت تلك العناية الإلهية في ذلك المرشد الموفق، والمصلح المسدد، الذي ألهمه الله رشده ونور بصيرته وهو الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي عرف حقيقة التوحيد وأصله وأنه أعظم ما دعا إليه القرآن وهو الغاية من خلق الناس وبعث الرسل كما يتبين ذلك من القرآن في غير موضع كما قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 1. وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 2. وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} 3، وعرف ما عليه كثير من الناس من أعمال مضادة للتوحيد ومناقضة أو قادحة فيه، فقام بدعوته إلى الله، وبين للناس ولفت أنظارهم إلى ما تضمنه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من دلائل التوحيد، ونصب أعلامه وجاهد في سبيل ذلك حتى عاد للعقيدة نقاؤها وصفاؤها.
1 سورة الذاريات: آية "56".
2 سورة النحل: آية "36".
3 سورة الأنبياء: آية "25".
ثانياً:- نسب الشيخ ومولده وأسرته ونشأته.
نسبه:
هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف الوهيبي التميمي1.
وأما أمه فهي بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي. فهي من عشيرته الأدنين2.
مولده:
ولد الشيخ سنة "1115" خمس عشرة وألف ومائه من الهجرة النبوية في بلدة "العيينة" من بلدان نجد3.
أسرته ونشأته:
نشأ الشيخ في أسرة علمية دينية. وذلك أن "آل مشرف" الذين ينتمي إليهم الشيخ قد برز منهم علماء أفذاذ، وقضاة، كانت لهم المكانة العلمية الظاهرة.
والمتتبع للمصادر التاريخية يلحظ بوضوح أنه منذ القرن العاشر الهجري لمعت أسماء علماء من "آل مشرف" المذكورين، منهم القاضي: عبد القادر بن بريد المشرفي، وأحمد بن مشرف، تلميذ أبي النجا الحجاوي، مصنف الإقناع وزاد المستنقع وغيرهما4.
أما إذا انتقلنا إلى أسرته الأقربين فإنا نجد أن جده الشيخ سليمان بن علي قد تولى القضاء في روضة سدير، ثم في العيينة، وكان فقيهاً غزير المعرفة، علامة زمانه، ومرجع علماء نجد في زمنه. وقد ألف منسكا سماه "تحفة الناسك في أحكام المناسك"5.
1 انظر روضة الأفكار والأفهام لابن غنام "25:1".
2 انظر علماء نجد خلال ستة قرون للبسام "26:1".
3 روضة الأفكار والأفهام "1: 25".
4 انظر عنوان المجد "1: 22""سابقه" وعلماء نجد "2: 492" وكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حياته وفكره ص "26".
5 انظر عنوان المجد "62:1" وعلماء نجد "309:1-313".
وأما أبوه الشيخ عبد الوهاب:-
فقد ولد في "العيينة" في كنف والده، فتلقى العلم والفقه على يديه كما تلقى عن غير من العلماء حتى تضلع في الفقه، فولي قضاء "العيينة" بعد أبيه، ثم أنتقل منها إلى "حريملاء" ونشأ الشيخ في بيت أبيه الذي كان من الطبيعي أن يكون ملتقى طلاب العلم وخواص العلماء الذين لا تخلو مجالسهم من مسائل علمية ومناقشات بصفته منزل القاضي فكان يحضر تلك المجالس، إضافة إلى قربه مما يعرض لأبيه من قضايا شرعية، وما يحكم به على مرأى منه ومسمع فكان لهذا الأثر في حياة الشيخ وشغفه بالعلم وتزوده منه1.
وأما عمه الشيخ إبراهيم بن سليمان:-
فكان على قدر من العلم والفقه، وقد تلقى عن والده، وكان كثير الإقامة مع أخيه عبد الوهاب قال البسام: وقد ولي القضاء في بلدة "أشيقر" ورأيت له حكماً في بعض عقاراتها2.
وفى هذه الأسرة الدينية العريقة ولد الشيخ ونشأ فأنبته الله نباتاً حسناً إذ ترعرع في كنف والده، فحفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة من عمره، وكان حاد الفهم، وقاد الذهن، ذكيًا، سريع الكتابة والحفظ.
فقرأ على أبيه الفقه فبرز فيه.
وجد في طلب العلم وأدرك وهو في سن مبكرة حظاً وافراً من العلم، حتى إن والده كان يتوسم فيه مخايل النجابة والذكاء، ويتعجب من فهمه وإدراكه ويذكر أنه استفاد منه بعض الفوائد. وقد كتب إلى بعض إخوانه رسالة نوة فيها بشأن ابنه، وأثنى عليه، وعلى حفظه وفهمه وإتقانه، وذكر فيها أن ابنه بلغ الاحتلام قبل أن يكمل اثنتي عشرة سنة من عمره، وأنه رآه حينئذٍ أهلاً للصلاة بالجماعة لمعرفته بالأحكام فقدمه ليؤم الناس، وزوجه وهو
1 انظر: عنوان المجد "1: 90" وكتاب "الشيخ محمد بن عبد الوهاب/ حياته وفكره" ص "29".
2 انظر: عنوان المجد "1: 90" والدرر السنية "9: 215" وعلماء نجد "1: 110".
ابن اثنتي عشرة سنة بعد البلوغ.
ثم استأذن أباه في الحج فأذن له فحج ثم قصد مدينة الرسول "صلى الله عليه وسلم" وأقام فيها قرابة شهرين ثم عاد إلى نجد فلزم أباه، وأخذ في القراءة عليه في الفقه على مذهب الإمام أحمد1.
وكان "رحمه الله" في صغره كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام، فشرح الله صدره لمعرفة التوحيد وتحقيقه، ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه. وتبين له ما وقع فيه كثير من الناس من البدع والشركيات وتقديس الأشجار والأحجار والمشاهد وما إلى ذلك. فكان ينهى عن ذلك وينكره، ويستدل عليه بالآيات البينات، ويحث الناس على تدبرها وفهمها فاستحسنه منه كثير من الناس، إلا أنهم لم ينهوا عما فعل الجاهلون2.
فلما رأى أن القول لا يغني وحده صمم على مزيد من التزود بالعلم، الذي يكون معه سلاحاً في وجه قوى الشر والطغيان3، فلم تقف طموحه وآماله عند مجرد الأخذ عن أبيه في بلده بل رغب في الرحلة في طلب العلم.
1 انظر فيما تقدم روضة الأفكار والأفهام"1: 25، 26" وتاريخ نجد "1: 6" والدرر السنية "9: 215""12: 4".
2 تاريخ نجد "1: 6، 7"
3 المرجع السابق "7:1" بتصرف. وانظر: عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للدكتور صالح العبود ص "80، 81".
ثالثاً- رحلاته العلمية:
بعد أن نهل الشيخ من منهل أبيه الذي يغلب عليه الجانب الفقهي تطلع إلى المزيد وذلك بالسير على منهج الأسلاف في الرحلة في طلب العلم الشرعي مهما كلف ذلك من مشقة وعناء.
فبدأ هذه الرحلات الميمونة بحج بيت الله الحرام، فلما قضى حجه سار إلى المدينة النبوية فقضى بها زمناً أخذ فيه العلم عن علمائها المشهورين في ذلك الزمان، ومنهم الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ثم المدني، الذي أجازه من طريقين1، كما أجازه في كل ما حواه ثبت الشيخ عبد الباقي أبي المواهب الحنبلي قراءة وتعلماً وتعليماً من صحيح البخاري بسنده إلى مؤلفه، وكذا صحيح مسلم وشروح كل منهما، وسنن الترمذي وسنن أبى داود وسنن ابن ماجة وسنن النسائي الكبرى وسنن الدرامي وكتب القراءات واللغة
…
إلى غير ذلك مما ثبت في ثبت الشيخ عبد الباقي2.
وكان أول ما سمع من الشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي من الحديث الحديث المسلسل بالأولية المروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"3.
كما سمع منه مسلسل الحنابلة المروي عن ابن عدي عن حميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله".
قالوا: كيف يستعمله؟
1 انظر روضة الأفكار"1: 26" والدرر السنية "12: 4".
2 التوضيح عن توحيد الخلاق ص "17" عقيدة الشيخ: للدكتور العبود ص "96".
3 روضة الأفكار "1: 26، 27" والدرر السنية "12: 4". والحديث رواه أحمد في مسنده "2:16" وأبو داود قي سننه/ كتاب الأدب/ باب في الرحمة "4: 285" ح "4941".
والترمذي في جامعه/ كتاب البر والصلة/ باب ما جاء في رحمة المسلمين "4: 323، 324"، ح "1924" وقال حسن صحيح. والحاكم في مستدركه "4: 159" وصححه ووافقه الذهبي. وغيرهم كما صححه من المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ح "925" وانظر المقاصد الحسنة للسخاوي ص"100"ح "88".
قال: "يوفقه لعمل صالح قبل موته"1.
ثم وصل الشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي حبل الشيخ بحبل المحدث الشيخ محمد حياة السندي وعرفه به وبأهله، فأقام الشيخ عنده وأخذ عنه، وتأثر به كثيراً2.
قال ابن بشر3: وحكي أن الشيخ محمداً وقف يوماً عند الحجرة النبوية عند أناس يدعون ويستغيثون عند حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فرآه محمد حياة فأتى إليه فقال الشيخ: ما تقول في هؤلاء؟ قال: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 4.
فأقام الشيخ في المدينة ما شاء الله يأخذ عن علمائها، ثم خرج منها إلى نجد، فقصد بلدة العيينة، وأقام بها قرابة سنة ثم تجهز إلى البصرة5.
وفي البصرة:
سمع الحديث والفقه من جماعة كثيرين، وقرأ بها النحو وأتقنه، وكتب الكثير من الحديث واللغة6.
وكان من أشهر من أخذ عنه الشيخ من علماء البصرة عالم يدعى الشيخ: "محمد المجموعي"7.
1 انظر روضة الأفكار "1: 27" والدرر السنية "12: 4".
والحديث رواه أحمد في مسنده "224:5" والحاكم في مستدركه "1: 340".
وصححه ووافقه الذهبي. كما صححه الألباني من المعاصرين في سلسلة الأحاديث الصحيحة ح "1114".
2 مصباح الظلام ص "139" وكتاب محمد بن عبد الوهاب.. لأحمد بن حجر آل بوطامي ص19.
3 عنوان المجد "7:1".
4 سورة الأعراف: آية "139".
5 عنوان المجد "7:1" ومشاهير علماء نجد "17".
6 انظر روضة الأفكار "27:1" ومجموعة الرسائل والمسائل النجدية "3: 380".
7 عنوان المجد "1: 8".
وكان الشيخ في أثناء مقامه في البصرة ينكر ما يرى ويسمع من الشرك والبدع، ويحث على طريق الهدى والاستقامة، ويبين دلائل التوحيد، ويعلن للناس أن الدعوة كلها لله ولا يجوز صرف شيء منها لغير الله، ويبين لهم أن دعاء الصالحين ليس من محبتهم في شيء، وإنما محبتهم باتباعهم فيما كانوا عليه من الهدى والدين1.
وقد كان لدعوته قبول حسن لدى شيخه المجموعي، إذ قرر الشيخ له توحيد العبادة، ومعنى لا إله إلا الله، فانتفع شيخه بذلك حتى لقد قال ابن بشر:
أخبرني شيخنا القاضي عثمان بن منصور الناصري قال: أخبرني رجل في مجموعة البصرة بأن أولاد ذلك العالم الذي قرأ عليه الشيخ محمد هم أحسن أهل بلدهم بالصلاح، ومعرفة التوحيد، وهذا – والله أعلم- ببركة اجتماع بوالدهم2.
ثم رحل الشيخ إلى الأحساء:
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "ثم إن شيخنا "رحمه الله تعالى" بعد رحلته إلى البصرة رحل إلى الأحساء ثم رجع من الأحساء إلى البصرة"3.
ومن العلماء الذين أخذ عنهم الشيخ في الأحساء الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي، وأجازه بما في ثبت الشيخ عبد الباقي، كما لقي الشيخ عبد الله بن فيروز وغيرهم4.
1 روضة الأفكار "1: 27، 28" والمحرر "1: 76".
2 عنوان المجد "1: 8".
3 الدرر السنية "9: 216".
4 انظر عنوان المجد "1: 8" والدرر السنية "9: 216" وتحفة المستفيد بتاريخ الأحساء القديم والجديد "1: 125""2: 74" وكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. لأحمد بن حجر آل بوطامي ص"19".
والأحسائي المذكور له ذكر في عنوان المجد "1: 8" والدرر السنية "9: 216" وتحفة المستفيد "1: 125""2: 74" ويذكر من المناوئين للدعوة. انظر دعاوى المناوئين ص "42".
وابن فيروز هو: عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن محمد بن فيروز الوهيبي التميمي ولد سنة "1105" هـ وأخذ عن والده وخاله الشيخ عبد الوهاب ابن سليمان بن علي وغيرهما، مهر في الفقه وأصوله وأصول الدين وغيرها. وكان سلفي العقيدة. وتوفي سنة "1175"هـ.
قاله ابن بسام في "علماء نجد خلال ستة قرون""2: 627، 628".
ثم إن الشيخ في البصرة استمر على ما كان عليه من النصح والإرشاد، وبيان التوحيد الخالص، والتحذير مما يشو به من بدع وشركيات، مما لم يرق لأهل المصالح من علماء السوء وأعداء التوحيد الذين وشوا به عند ملأ البصرة وأعيانها فآذوه أشد الأذى وأخرجوه في وقت الهاجرة1.
قال ابن بشر: فلما خرج وتوسط في الدرب فيما بينها وبين بلد "الزبير" أدركه العطش، وأشرف على الهلاك، وكان ماشياً على رجليه وحده، فوافاه صاحب حمار مكارى يقال له أبو حميدان فسقاه وحمله على حماره حتى وصل "الزبير"2.
ويذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن أن الشيخ خرج من البصرة إلى نجد قاصداً الحج فحج "رحمه الله"، فلما قضى حجه وقف في الملتزم وسأل الله أن يظهر هذا الدين بدعوته وأن يرزقه القبول من الناس، فخرج قاصداً المدينة مع الحجاج يريد الشام فعرض له بعض سراق الحجيج فضربوه وسلبوه، وأخذوا ما معه، وشجوا رأسه وعاقه ذلك عن مسيره مع الحجاج، فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها ثم رجع منها إلى نجد3.
وعندما تيمم نجدا قصد بلدة حريملاء إذ كان أبوه قد انتقل إليها، فاستقر معه فيها بما حمله من علم سني جم من جراء تنقله خلال رحلاته العلمية، بين كثير من مراكز العلم في زمنه كالمدينة والبصرة والأحساء وغيرها.
وقبل هذه المرحلة وأثناءها أخذ الشيخ عن مشائخ فضلاء وعلماء أجلاء في نجد والمدينة والبصرة والأحساء، وحصل على إجازات منهم، وكتب كثيراً من كتب السنة وكتب ابن تيمية وابن القيم، وكان ينكر ما يراه مخالفاً للإسلام إنكاراً لفت الأنظار إليه، وجعله مستهدفاً بالأذى والإخراج
1 مشاهير علماء نجد "17، 18".
2 عنوان المجد: "1: 8" باختصار بسيط.
3 الدرر السنية "9: 215، 216" باختصار. وانظر "عقيدة الشيخ للدكتور العبود ص "84"".
كما حصل له في البصرة1.
وعندما استقر بالشيخ المقام في نجد لم تنقطع صلته بالعلم بل كان كما يذكر الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف يقرأ على والده، وبعد فراغه من القراءة يخلو بنفسه ويعكف على دراسة الكتاب والسنة وتفاسير علماء السلف الأجلاء وشروحهم بتدبر وإمعان، فبلغ رحمه الله الغاية القصوى، والطريقة المثلى في معرفة معاني الكتاب والسنة، واستنباط ما فيها من الأسرار الشرعية، والأحكام الدينية، وأكب معهما على مطالعة مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، فأزداد بهما علماً وتحقيقاً وعرفاناً، وبصيرة في كتاب الله تعالى وإدراكاً لمعانيه وأسراره والاهتداء به في شئون الحياة2.
وفي هذه الفترة كان مستمراً على إنكار ما يفعله الجهال من البدعيات والشركيات في الأقوال والأفعال، حتى توفي والده سنة "1153" ثلاث وخمسين ومائه وألف من الهجرة النبوية. فحينئذ شمر عن ساعد الجد للقيام بدعوته الإصلاحية3.
1 انظر: "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.." لشيخنا الدكتور العبود ص "88".
2 انظر: مشاهير علماء نجد ص "18". بتصرف وزيادات.
3 انظر: عنوان المجد "1: 8،9"
رابعاً: نبذة عن سير دعوته والمراحل التى مرت بها:-
كان الشيخ "رحمه الله" في كل مكان حل فيه يبين التوحيد ودلائله من الكتاب والسنة وأقوال السلف لمن حوله وينكر ما يرى من الشركيات والبدع، وذلك لما علمه من منافاتها لما عليه سلف الأمة، ولما فيها من قدح في العقيدة الصحيحة أو منافاة لها.
ولما توفي والده استمر الشيخ في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهر بذلك، وأخذ يقرره للعام والخاص، ويزجر من يرتكب شيئاً من المنكرات فذاع ذكره في جميع بلدان العارض، في حريملاء والعيينة والدرعية والرياض ومنفوحه، وصار له أنصار ومعارضون كما هي سنة الله تعالى الجارية في الصراع بين الحق والباطل1.
وكان في "حريملاء" عبيد كثر تعديهم وفسقهم، فأراد الشيخ أن يمنعوا، فتآمروا على قتله، وتسوروا عليه الجدار، فرآهم بعض أهل البلد فصاحوا بهم فهربوا ثم لما لم يجد الشيخ مناصرة ومؤازرة قوية توجه إلى "العيينة" وأميرها يومئذ عثمان بن حمد بن معمر فتلقاه بالإجلال والاحترام، فعرض عليه الشيخ دعوته، وبين له التوحيد، ورغبه فيه، فاتبعه وناصره، وألزم الخاصة والعامة أن يمتثلوا أمره2.
وكان في "العيينة" وما حولها كثير من القباب والمساجد والمشاهد المبنية على قبور الصحابة، وكثير من الأشجار التي يقدسونها ويتبركون بها.
فأمر الشيخ بتغيير تلك المنكرات، فخرج هو والأمير فقطعوا الأشجار، وهدموا المشاهد وعدلوا القبور على السنة3.
وهكذا استمرت الأمور على أحسن حال، فعلت كلمة الحق، وأحببت سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأقيمت الحدود وعاد للعقيدة صفاؤها وأثرها.
1 انظر تاريخ نجد "المحرر": "1: 77" وعنوان المجد "8:1، 9".
2 انظر تاريخ نجد "المحرر": "1: 78" وعنوان المجد "1: 9".
3 انظر المرجعين السابقين بصحائفهما.
وعاد الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتدبرهما وتطبيقهما في واقع الحياة1.
فبم يرق ذلك لعلماء السوء وأرباب المصالح بل أنكرته قلوبهم، وما أنكرت إلا التوحيد وتطبيق القرآن، ولسان حالهم يقول:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 2. فتألبوا على الإنكار عليه ومخاصمته ومحاربته، وإثارة الشبهات حول دعوته: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} 3. فكتبوا إلى علماء الأحساء والبصرة والحرمين يشوهون الحقائق، ويؤلبون على الشيخ ويغرون به العامة والخاصة، وخصوصاً الحكام، حتى وشوا به إلى حاكم الأحساء سليمان بن محمد بن غرير الحميدي4.
فكتب سليمان هذا إلى عثمان بن معمر يأمره بقتل الشيخ أو إجلائه عن بلده وشدد عليه، وهدده بقطع ما كان يبعث به إليه من خراج.
فلما ورد كتابه على عثمان عظم الأمر في عينه، وعز عليه مخالفة أمير الأحساء، فأمر الشيخ بالخروج من العيينة5.
فخرج الشيخ منها محفوفاً برعاية الله سنة سبع أو ثمان وخمسين ومائة وألف، وتوجه إلى الدرعية، حيث كان له أنصار وتلاميذ، فنزل أول ليلة على عبد الله بن سويلم ثم انتقل في اليوم التالي إلى دار تلميذه الشيخ: أحمد بن سويلم6.
1 انظر تاريخ نجد "المحرر": "1: 78، 79" وعنوان المجد "1: 9، 10" بتصرف.
2 سورة "ص": آية "5".
3 سورة الصف: آية "8".
4 انظر ترجمته فيما يأتي من الدراسة ص "205".
5 انظر روضة الأفكار "1: 31، 33""2: 2، 3" والمحرر باسم تاريخ نجد "1: 80". وعنوان المجد "1: 10، 11".
6 انظر روضة الأفكار "3:2".
فلما سمع أميرها الإمام محمد بن سعود بذلك، وشرح الله صدره لنصرة التوحيد قام مسرعاً فأتى الشيخ في بيت أحمد بن سويلم فسلم عليه ورحب به وقال: أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعز والمنعة.
فقال الشيخ:- وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة "لا إله إلا الله" من تمسك بها، وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم.
وبين له ما كان عليه الرسول "صلى الله عليه وسلم"، وما دعا إليه، وما كان عليه صحابته "رضي الله عنهم أجمعين" من بعده، وما أمروا به، وما نهوا عنه، وأن كل بدعة ضلاله، وما أمرهم الله به من الجهاد في سبيله وأغناهم به وجعلهم إخوانا.
ثم أخبره بما عليه أهل نجد في زمنه من مخالفة لشرع الله بالشرك به تعالى والبدع والاختلاف، وإعراض عن القرآن وتفهمه والعمل به.
فتحقق الإمام معرفة التوحيد، وعاهد الشيخ على النصرة والتأييد، فهيأ الله لهذه الدعوة المباركة قوة السنان والسلطان، كما هيأ لها قوة الإيضاح والبيان1.
فقام الشيخ بالدعوة إلى الله بلسانه وبيانه معلماً، وواعظاً، ومدرساً، وبقلمه مؤلفاً، ومكاتباً، وبنفسه مجاهداً في سبيل الله، نصرة لدينه وإعلاء لكلمته، يؤازره هذا الإمام الراشد وأعوانه حتى آتت هذه الدعوة المباركة ثمارها، وعاد للعقيدة صفاؤها ودورها في الحياة فاستبان الناس الحق ووضح لهم الصواب وانكشفت عنهم غياهب الجهل والشك والارتياب.
وعادوا إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم قراءةً وتفهماً وتدبراً وإستنباطاً واستدلالاً واهتداءً بهما.
وما تزال هذه الدعوة المباركة تؤتي ثمارها كل حين بإذن ربها منتشرة
1 انظر روضة الأفكار "3:2" وعنوان المجد "1: 11، 12".
في الأفاق، ملاقية القبول عند كل من عرف حقيقتها، وتجرد عن الهوى إذ ليست هي إلا الدعوة إلى دين الله الخالص الخالي من كل البدع والشوائب فالحمد لله على فضله وإحسانه، وجزى الله الدعاة إليها ومناصريهم وأتباعهم بإحسان خير الجزاء.
خامساً:- علاقة دعوته بالقرآن الكريم وتفسيره 1:
إن علاقة دعوة الشيخ بالقرآن الكريم علاقة تلازم وارتباط، فلا يمكن أن تنفك عنه أبداً، وذلك أنها دعوة سلفية سنية، ومن المعلوم أنه من مقتضيات ذلك ولوازمه، بل من أساسياته ومما لا تكون الدعوة سلفية إلا به الاعتماد على كتاب الله تعالى، والإيمان به هدى وبياناً، ومنهجاً وبرهاناً، فهي دعوة نابعة من القرآن وداعية إليه. فلذا كتب لها البقاء والذيوع والانتشار لإيوائها إلى هذا الركن الشديد.
فيجد الناظر- بكل وضوح- أن حامل لواء هذه الدعوة ارحمه الله يحث دائماً على النظر في كتاب الله تعالى وتدبرّه، والاهتداء بهديه، والتزود منه والاعتماد عليه، وينزله المنزلة العظمى معتقداً ومنهجاً، جملة وتفصيلاً.
- ويرى أنه هدى يعتصم به من الضلالة، ورحمة يعتصم به من الهلكة، فلا يضل من اتبعه ولا يشقى، وأنه يفصل الأمور أي يبينها ويوضحها، وأنه كاف عما سواه من الكتب2، وقد ترجم في كتاب "فضل الإسلام" بـ "باب وجوب الاستغناء بمتابعته" يعني القرآن3.
فلذا كله- وغيره مما ذكر كثير من هذا القبيل- يحث على معرفة تفسيره وفهم معانيه وتدبره، وأن يكون أعظم ما عند المسلم في غير ما موضع. من تفسيره، وكتبه، وفتاواه، ورسائله يعرف ذلك من ألقى عليها نظرة ولو سطحية عابرة.
- فمن حثه على تأمل القرآن قوله: "فيجب على كل إنسان يخاف الله والنار أن يتأمل كلام ربه الذي خلقه، هل يحصل4 لأحد من الناس أن يدين الله بغير
1 من المعلوم أن اعتماد الدعوة على القرآن اعتماد على السنة أيضاً لأنه يحيل إليها، ولكن الغرض هنا بيان هذا الجانب بالذات.
2 انظر عقيدة الشيخ في القرآن ضمن كتاب شيخنا الدكتور صالح العبود "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب....". ص "250- 257".
3 مؤلفات الشيخ/ القسم الأول/ العقيدة والآداب الإسلامية/ كتاب فضل الإسلام ص "221".
4 أي هل يستقيم له ويصح منه.
دين النبي صلى الله عليه وسلم. لقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} الآية1، ودين النبي "صلى الله عليه وسلم" التوحيد، وهو معرفة "لا اله إلا الله محمد رسول الله" والعمل بمقتضاهما2.
- ومن ذلك أيضاً إشارته على من قبل نصيحته من إخوانه ألا يصير في قلبه أجل من كتاب الله، ويظن أن القراءة فيه أجل من قراءة القرآن3.
واعتماد الشيخ على القرآن في دعوته ظاهر جلي كما قلت تصريحاً واستقراء.
- ومن ذلك أنه يدعو من يخالفه إلى التحاكم لكتاب الله كقوله: وأنا أدعو من خالفني إلى أحد أربع: إما إلى كتاب الله، وإما إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما إلى إجماع أهل العلم، فإن عاند دعوته إلى المباهله
…
4.
- وقوله: والقائل إنه يطلب الشفاعة- أي من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة- بعد موته يورد علينا الدليل من كتاب الله أو من سنة رسول الله أو من إجماع الأمة والحق أحق أن يتبع5.
- ومن الأمثلة الظاهرة على ارتكاز الدعوة على القرآن، وفهم تفسيره ومعانيه، والتزود به، قول الشيخ في وصيته العامة إلى من يصل إليه من المسلمين: وقد يكون لأعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} 6، فإذا عرفت ذلك، وعرفت أن الطريق إلى الله لابد له من أعداء قاعدين عليه أهل فصاحة وعلم وحجج كما قال تعالى:{وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الآية7
1 سورة النساء: آية "115".
2 مؤلفات الشيخ/ القسم الخامس/ الرسائل الشخصية ص "182".
3 المرجع السابق ص "37".
4 المرجع السابق ص "266".
5 المرجع المسابق ص "49".
6 سورة غافر: آية "83"
7 سورة الأعراف: آية "86".
فالواجب عليك أن تعلم من دين الله ما يصير لك سلاحاً تقاتل به هؤلاء الشياطين الذين قال إمامهم ومقدمهم لربك عز وجل: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} 1. ولكن إذا أقبلت على الله وأصغيت إلى حجج الله وبيناته فلا تخف ولا تحزن: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} 2. والعامي من الموحدين يغلب ألفاً من علماء المشركين، كما قال تعالى:{وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} 3، فجند الله هم الغالبون بالحجة واللسان، كما أنهم الغالبون بالسيف والسنان، وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح، وقد من الله علينا بكتابه الذي جعله تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، فلا يأتي صاحب باطل بحجة إلا وفي القرآن ما ينقضها ويبين بطلانها كما قال تعالى:{وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} 4، قال بعض المفسرين: هذه الآية عامة في كل حجة يأتي بها أهل الباطل إلى يوم القيامة.
ثم يقول: ومن أعجب ما جرى من الرؤساء المخالفين أني لما بينت لهم كلام الله وما ذكر أهل التفسير في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} الآية5، وقوله:{وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه} 6، وقوله:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 7، وما ذكر الله من إقرار الكفار في قوله:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} الآية8 وغير ذلك. قالوا القرآن لا يجوز العمل به لنا ولأمثالنا ولا بكلام الرسول ولا بكلام المتقدمين
…
إلى آخر ما ذكر "رحمه الله"9.
1 سورة الأعراف: الآيتان "16، 17".
2 سورة النساء: آية "76".
3 سورة الصافات: آية "173".
4 سورة الفرقان: آية "33".
5 سورة الإسراء: آية "57".
6 سورة يونس: آية "18".
7 سورة الزمر: آية "3".
8 سورة يونس: آية "31".
9 مؤلفات الشيخ/ القسم الخامس/ الرسائل الشخصية ص "156، 157".
- ومن حثه أيضاً على التمعن في كتاب الله، وفهم التوحيد منه قوله: "قيل: إن أول آية نزلت قوله سبحانه بعد إقرأ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} 1 قف عندها ثم قف ثم قف ترى العجب العجيب، ويتبين لك ما أضاع الناس من أصل الأصول، وكذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً} الآية2، وكذلك قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} الآية3، وكذلك قوله تعالى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية4، وغير ذلك من النصوص الدالة على حقيقة التوحيد
…
5.
- وبمقابل ذلك نجد أن الشيخ "رحمه الله" يذم فن يتبع غير كتاب الله ويعرض عنه فيقول عند قول الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} الآية6:كون أناس من أهل الكتاب إذا وقعت المسألة وأرادوا إقامة الدليل عليها تركوا كتاب الله7.
ويقول ذاماً لكتب علم الكلام:
…
مع أنك إذا طالعت في كتاب من كتب الكلام مع كونه يزعم أن هذا- أي الإيمان بتوحيد الأسماء والصفات وتنزيه الله تعالى- واجب على كل أحد، وهو أصل الدين تجد الكتاب من أوله إلى آخره لا يستدل على مسألة منه بآية من كتاب الله ولا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إلا أن يذكره ليحرفه عن مواضعه8.
كما يذم ذماً بالغاً- في غير موضع- الذين يحجرون على أنفسهم ويعرضون عن القرآن بحجة أنه لا يفهمه إلا المجتهد، ولذا حرموا الهدى والعياذ بالله9.
وكل ما تقدم- وغيره كثير- إنما هو في بيان علاقة دعوته بالقرآن وتفسيره من خلال نصوصه وتصريحه، وأما إذا ما نظرت إلى كتبه ومؤلفاته
1 سورة المدثر: الآيتان "1، 2".
2 سورة النحل: آية "36".
3 سورة الجاثية: آية "23".
4 سورة التوبة: آية "31".
5 مؤلفات الشيخ/ القسم الخامس/ الرسائل الشخصية ص "172، 173".
6 سورة البقرة: آية "102".
7 مؤلفات الشيخ/ القسم الرابع/ التفسير ص "21".
8 مؤلفات الشيخ/ القسم الخامس/ الرسائل الشخصية ص "263".
9 انظر منهج الشيخ في تفسيره فيما يأتي ص "93-95".
واستقرأت موضوعاتها فإنك تجدها مليئة بالاستدلال بكتاب الله عز وجل وتفسيره.
فانظر مثلاً إلى أعظم مؤلفاته وهو "كتاب التوحيد" تجده مشحوناً بالاستدلال بالآيات القرآنية، بل بالترجمة بها أحياناً والاستنباط منها كما يظهر من المسائل في آخر كل باب وكذا الحال في بقية كتبه ورسائله كرسالة "كشف الشبهات" و "القواعد الأربع" إذ استدل على كل قاعدة منها بآية قرآنية وكذا الأصول الثلاثة وغيرها مما يتبين به حقيقة الأمر، وأن دعوته رحمه الله مرتكزة على كتاب الله ونابعة منه ومحيلة إليه وإلى تفسير السلف لمعانيه وبيان فوائده وأحكامه.
فلا غرو إذاً أن يهتم هو بتفسير بعض السور والآيات، ويركز جل اهتمامه على تفسير الآيات المتعلقة بالعقيدة مباشرة، وإن كان القرآن كله مقرراً للعقيدة ومبيناً لها.
سادساً:- قيمة تفسير الشيخ العلمية.
لتفسير الشيخ "رحمه الله" قيمه علمية لا يستهان بها، وتلك القيمة لما تميز به هذا التفسير من ميزات قد لا تتوفر في كثير من كتب التفاسير منها:
1-
سلفية مؤلفه ومنهجه القويم في الاعتقاد وبالتالي الاتجاه والدعوة والأسلوب فقد درس تفاسير السلف وأقوالهم وكتبهم وتضلع من ذلك كما تشير إليه مصادر ترجمته، وكما تشعر به مؤلفاته ورسائله ودعوته كلها.
فلذا كان من الطبيعي أن يصطبغ تفسيره بتلك الصبغة السلفية، فلا تحريف ولا تأويل؛ ولذا يأنس إليه كل ذي التماس لهذا المنهج وانتماء إليه.
وكم يسر طالب العلم الحق عندما يجد من يثق فيه معتقداً وعلماً يفسر له آية من كتاب الله، إذ سيطمئن إلى تفسيره لهذه الآية على وجهها، ويأمن من أن يدس له السم في العسل- كما يقال- من حيث لا يشعر.
2-
اهتمامه البالغ بالتعرض للآيات المتعلقة بالعقيدة مباشرة، تفسيراً واستنباطاً، إذ فاق اهتمامه بها اهتمام كثير من المفسرين ففسر تلك الآيات مستفيداً من أقوال المحققين من السلف، ومستنيراً بها، فاجتمع في تفسيره من الاستنباطات العقدية الكثير جداً، مما لم يبلغه كثير من التفاسير، ولم يهتم به كثير من المفسرين.
3-
ما يلمح في تفسيره من اهتمام بالنواحي الإصلاحية للحياة، ومعالجة للمجتمع بآيات الكتاب العزيز، الذي جعله الله تبياناً لكل شيء، بربطه به، ولفت الأنظار إلى تدبر كتاب الله الذي يسره لكل مدكر، فلم يقف عند مجرد سرد أقوال المفسرين بل استفاد منها مع ما آتاه الله من الفهم، ومعرفة شأن القرآن، وأحوال المجتمع.
4-
الشمولية في الاستنباط إذ لا يقصر النظر على جانب واحد في الآية بل يستنبط كل ما يظهر تعرض الآية له أوجله. ولا أريد أن استبق الأمور فكل هذه الميزات والجوانب سيأتي إيضاحها في موضعها من الدراسة إن شاء الله تعالى.
وأختم ما يحضرني من ميزات تفسير الشيخ بما ذكره الدكتور: فهد الرومي بقوله:
5-
ذلكم التأثير العجيب الذي يشعر به قارئ مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب "رحمه الله" إذا قرأها بتمعن وتأمل وتجرد فلا يكاد يقرأ فيها حتى يحس بتدفق تأثيرها في قلبه، ويشعر بسريانها في كوامنه، وما تزال تدب في مشاعره دبيب الوعي في النائم عند استيقاظه حتى يجد نفسه وقد أشرف على حقيقة كان يجهلها، أو على الأقل غابت عن ذهنه1.
وقد قال بنحو قوله من قبل الأستاذ مسعود الندوي، حيث قال عن مؤلفات الشيخ رحمه الله:"ولكن هناك جوهرة ثمينة أخرى في مكتوباته ونادراً ما نراها في التراث الإسلامي كله.. وإن سمحتم نعبر عنها "بالروح ".. فإن كل سطر من سطوره مملوء بالتأثير، ولعل سببه كامن في ذلك الشعور الديني الوقاد الذي كان يقض مضجعه طوال حياته.. 2.
وهذا هو ما استطعت بيانه مما يبين قيمة تفسيره مع هذه العجالة وقد يتبين لناظر في تفسيره غيري أكثر مما تبين لي.
1 مقدمة تحقيق تفسير سورة الفاتحة للشيخ محمد بن عبد الوهاب تحقيق الدكتور فهد الرومي ص "11، 12".
2 "محمد بن عبد الوهاب، مصلح مظلوم، ومفترى عليه" للأستاذ مسعود الندوي ص "135".
سابعاً- مشائخه:
تلقى الشيخ "رحمه الله" العلم عن عدد من علماء عصره في وطنه والأقطار التي رحل إليها في طلب العلم ومنهم:
1-
والده الشيخ عبد الوهاب بن سليمان.
وقد نشأ والده في بيت علم وفضل، وتلقى العلم على يد أبيه علامة نجد في زمنه وغيره من العلماء حتى أدرك في الفقه خاصة، وتولى قضاء العيينة زمناً ثم انتقل منها عام "1139هـ" تسع وثلاثين ومائة وألف إلى قضاء حريملاء إلى أن توفي سنة "1153هـ" ثلاث وخمسين ومائة وألف "رحمه الله" وقد ربى ابنه تربية علمية دينية كما بينته سابقاً. وقرأ ابنه عليه في الفقه والحديث والتفسير1.
2-
عمه الشيخ إبراهيم بن سليمان.
وقد ولد سنة "1070" سبعين وألف من الهجرة في بلدة "العيينة"، وأخذ العلم عن أبيه وعن غيره من العلماء فنال منه حظاً وافراً وخصوصاً في الفقه وكتب منه شيئاً كثيراً وقد ولي قضاء بلدة "أشيقر" وتوفي سنة "1141" إحدى وأربعين ومائة وألف من الهجرة "رحمه الله"2.
3-
الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف من آل سيف رؤساء بلده "المجمعة" وهو من أفاضل الفقهاء قرأ على علماء المدينة ثم ارتحل إلى الشام فقرأ على شيخ الحنابلة هناك العلامة أبي المواهب ثم عاد إلى المدينة فسكن بها حتى توفي سنة "1140" أربعين ومائة وألف من الهجرة النبوية3 "رحمه الله" وقد قرأ عليه الشيخ فأجازه من طريقين، وروى عنه الحديث المسلسل بالأولية والحديث المسلسل بالحنابلة كما تقدم4.
1 انظر "علماء نجد خلال ستة قرون" للبسام: "669:3، 670" وانظر ما تقدم "6".
2 انظر السحب الوابلة "25".
3 انظر "علماء نجد خلال ستة قرون": "2: 501- 504".
4 انظر ما تقدم ص "8".
4-
العلامة الكبير والمحدث الشهير الشيخ محمد حياة بن إبراهيم السندي المدني. ولد بالسند ثم تنقل في طلب العلم حتى استقربه المقام في المدينة النبوية فلازم الشيخ أبا الحسن محمد بن عبد الهادي السندي "صاحب الحواشي على دواوين السنة الستة" وأجازه الشيخ عبد الله بن سالم البصري وغيره.
وكان عالماً جليلاً متحرراً للدليل. وله مصنفات كثيرة منها "شرح الترغيب والترهيب" و "تحفة المحبين في شرح الأربعين" وغيرهما1.
وقد كان له الأثر الحسن في حياة الشيخ محمد العلمية، يبين هذا قول الشيخ عبد الرحمن بن حسن "وكان له أكبر الأثر في توجيهه إلى إخلاص توحيد العبادة، والتخلص من رق التقليد الأعمى والاشتغال بالكتاب والسنة2.
وتوفي الشيخ "محمد حياة السندي" بالمدينة سنه "1163" ثلاث وستين ومائة وألف من الهجرة3، وقيل غير ذلك "رحمه الله".
وقد أخذ الشيخ عن غير هؤلاء العلماء ومنهم:
5-
مسند الحجاز العلامة المحقق "عبد الله بن سالم البصري أصلاً المكي مولد الشافعي المتوفى سنه "1134" أربع وثلاثين ومائه وألف من الهجرة بمكة المكرمة "رحمه الله" 4.
6-
الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني صاحب "كشف الخفا" المتوفى سنة "1162" اثنتين وستين ومائة وألف من الهجرة "رحمه الله"5.
1 انظر عنوان المجد "1: 25، 26" وسلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر "4: 34" وفهرس الفهارس "1: 356، 357".
2 مصباح الظلام ص "154".
3 انظر سلك الدرر "4: 34" وفهرس الفهارس "1: 356" وعنوان المجد "1: 25، 26".
4 انظر هدية العارفين "1: 480" وفهرس الفهارس "1: 193" وانظر بحث إسماعيل الأنصاري المقدم لمؤتمر أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب "1: 129- 130"، وكتاب عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لشيخنا العبود "90- 92".
5 انظر ترجمته في سلك الدرر "1: 259- 272" وقد ذكره من مشائخ الشيخ محمد بن عبد الوهاب كل من ابن بدران في المدخل إلى مذهب الإمام أحمد" ص"447" وابن قاسم في الدرر السنية "12: 4" وانظر "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. لشيخنا العبود "99- 100".
7-
الشيخ علي أفندي بن صادق الداغستاني المتوفى سنة "1199" تسع وتسعين ومائه وألف من الهجرة. رحمه الله1.
وقد أخذ الشيخ عنه في المدينة وأجازه بمثل ما أجازه به الشيخ/ عبد الله بن إبراهيم النجدي بما في ثبت أبي المواهب الحنبلي2.
8-
الشيخ عبد اللطيف العفالقي الأحسائي.
وقد ذكر صاحب "التوضيح عن توحيد الخلاق" وأحمد بن حجر آل بوطامي أنه أجاز الشيخ بمثل ما أجازه به الشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي بما في ثبت أبي المواهب الحنبلي أيضاً3.
9-
الشيخ محمد المجموعي.
وقد أخذ الشيخ عنه بالبصرة كما تقدم ذكره4.
وقد أخذ الشيخ عن غير هؤلاء من العلماء.
ثامناً- تلاميذه.
إن من الطبيعي لدعوة سلفية إصلاحية كدعوة الشيخ كان لها أنصار كثير، أن يتوافد أنصارها- وخصوصاً من طلبة العلم- إلى هذا الإمام المجدد لينهلوا من علمه، ويكونوا بقربه.
1 انظر ترجمته في سلك الدرر "3: 215"، وفهرس الفهارس "1: 365"، وقد ذكره من مشائخ الشيخ محمد الشيخ محمد بن علي بن غريب في التوضيح عن توحيد الخلاق ص "16، 17". وابن بدران في "المدخل" ص "447"، وابن قاسم في الدرر "12: 4" والشيخ إسماعيل الأنصاري في بحوث أسبوع الشيخ ص "129" وغيرهم.
2 انظر التوضيح عن توحيد الخلاق ص "16، 17" وكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. لأحمد بن حجر آل بوطامي ص "19".
3 انظر التوضيح عن توحيد الخلاق ص "16، 17" وكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. لأحمد بن حجر آل بوطامي ص "19".
4 انظر ما تقدم ص "9".
ولذا فقد كثر تلاميذ الشيخ جداً وصعب حصرهم، وسأكتفي هنا بذكر بعض المشهورين منهم وهم:-
1-
ابنه الشيخ حسين..
أخذ عن أبيه حتى أدرك، وصار له معرفة تامة في أصول العلم وفروعه، وولي قضاء الدرعية زمناً فحمد قضاؤه، وعدله، وكان له دروس واستفاد بعلمه خلق كثير منهم ابناه علي وعبد الرحمن، وسعيد بن حجي وغيرهم.
وتوفي سنة "1224" أربع وعشرين ومائتين وألف من الهجرة في "الدرعية" رحمه الله1.
2-
ابنه الشيخ عبد الله..
أخذ عن أبيه وغيره، وكان آية في العلم ومعرفته، ومعرفة فنونه، ولي القضاء بعد أبيه، وكان مرجعاً للعلماء والقضاة، وله دور بارز في نشر الدعوة بعد أبيه والرد على أعدائها كما ألف جملة من المصنفات المشهورة منها "جواب أهل السنة في نقض كلام الشيعة والزيدية" و"مختصر السيرة" و"الفصول النافعة في المكفرات الواقعة" وغيرها.
وأخذ عنه العلم خلق كثير منهم بنوه الشيخ سليمان وعلي وعبد الرحمن والشيخ عبد الرحمن بن حسن وغيرهم.
وتوفى سنه "1242" اثنتين وأربعين ومائتين وألف من الهجرة في "مصر" رحمه الله2.
3-
ابنه الشيخ علي..
أخذ العلم عن أبيه وغيره. وقال فيه ابن بشر: "كان عالماً جليلاً ورعاً كثير الخوف من الله، وكان يضرب به المثل في بلد الدرعية بالورع والديانة، وله معرفة في الفقه والتفسير وغير ذلك، وراودوه على القضاء فأبى
1 انظر الدرر السنية "46:12" ومشاهير علماء نجد وغيرهم ص "28".
2 انظر: الدرر السنية "12: 43-45" ومشاهير علماء نجد وغيرهم ص "32- 50" وعلماء نجد "48:1- 55".
عنه1" أ. هـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف: "الغالب على الظن أن الشيخ علي توفي سنة "1245هـ" بمصر رحمه الله2.
4-
ابنه الشيخ إبراهيم.
قال ابن بشر: "رأيت عنده حلقة في التدريس، وله معرفة في العلم، ولكنه لم يل القضاء3".
وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم" ولم أقف له على وفاة ولكنه موجود سنة "1251هـ" في مصر وتوفي فيها4 رحمه الله.
5-
الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب.
أخذ العلم عن جده الشيخ، وعن عمومته والشيخ حمد بن ناصر بن معمر وغيرهم في شتى الفنون. وكان فقيهاً، محدثاً بارعاً في الفنون كلها وله مؤلفات شهيرة منها "كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" و "قرة عيون الموحدين وتأسيس التقديس في الرد على داود بن جرجيس" وغيرها.
وقد ولي القضاء في الدرعية وأخذ العلم عنه خلق كثير من القضاة والفقهاء منهم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن بشر والشيخ حمد بن عتيق وغيرهما. وتوفي سنه "1285" خمس وثمانين ومائتين وألف من الهجرة في الرياض "رحمه الله"5.
6-
الشيح حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر.
وكان عالماً جليلاً أخذ عن الشيخ وعن سليمان بن عبد الوهاب، وأخذ العربية عن الشيخ حسين بن غنام، وأخذ عنه ابنه عبد العزيز والشيخ عبد الرحمن بن حسن والشيخ عبد الله أبابطين وغيرهم.
1 عنوان المجد "1: 93".
2 مشاهير علماء نجد وغيرهم:"51" وانظر الدرر السنية "12: 46، 47".
3 عنوان المجد "1: 93".
4 الدرر السنية "12: 46".
5 عنوان المجد "1: 93، 94" والدرر السنية "12: 60، 66".
وقد ولي قضاء الدرعية زمناً، ثم أرسله الإمام سعود بن عبد العزيز قاضياً ومعلماً في مكة المكرمة، فأقام فيها حتى توفي سنة "1225" خمس وعشرين ومائتين وألف من الهجرة "رحمه الله".
وله في الدرر السنية رسائل وأجوبه تدل على جلالة قدره وعلمه. وله رسالة قيمة اسمها "الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب"1.
7-
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الحصين الناصري التميمي.
وكان عالماً فقيهاً أخذ عن الشيخ وأبنائه والشيخ حمد بن معمر المتقدم ذكره وغيرهم، وعنه جمع من العلماء منهم الشيخ عبد الله أبابطين والشيخ إبراهيم بن سيف وغيرهما.
وقد ولي القضاء في ناحية "الوشم" زمناً.
وتوفي سنة "1237هـ" سبع وثلاثين ومائتين وألف من الهجرة. "رحمه الله"2.
8-
الشيخ سعيد بن حجي.
رحل إلى الدرعية، وأخذ عن الشيخ، وابنيه الشيخ عبد الله، والشيخ حسين، والشيخ حمد بن ناصر بن معمر وغيرهم. فلما تفقه عينه الإمام عبد العزيز بن محمد قاضياً في حوطة بني تميم وما حولها، فقام بالقضاء والإفتاء والتدريس فيها حتى توفي سنة "1229" تسع وعشرين ومائتين وألف من الهجرة "رحمه الله"3.
هذا وللشيخ "رحمه الله" تلاميذ آخرون كثير أصبحوا علماء أجله وفقهاء وقضاة قال ابن بشر بعد أن ذكر جمعاً ممن أخذ عن الشيخ: أخذ عنه من القضاة ممن لا يحضرني الآن عده عدد كثير، وأخذ عنه ممن لم يل القضاء من الرؤساء والأعيان ومن دونهم الجم الغفير4"أ. هـ رحم الله الجميع رحمة واسعة.
1 عنوان المجد "1: 94" والدرر السنية "13: 47" مشاهير علماء نجد وغيرهم ص "157-160".
2 عنوان المجد "1: 94" والدرر السنية "12: 49، 50".
3 عنوان المجد "1: 94" وعلماء نجد "273:1".
4 عنوان المجد "1: 94، 95".
تاسعاً: مؤلفاته:
كما نشر الشيخ فكراً سلفياً سنياً، نابعاً من كتاب الله وسنة رسوله "صلى الله عليه وسلم" وفهمهما، وتطبيقهما، وما يتعلق بهما، فقد ترك كذلك ثروة علمية قيمة في فنون شتى، لقيت قبولاً وانتشاراً بين أهل الاعتقاد الحسن، والمهتمين بدعوة الشيخ وعلمه، وهي دالة على ما كان لدى الشيخ من معرفة، وما جمع من علوم.
ومؤلفاته ما بين مؤلف مستقل، ومختصر من كتاب قيم أو منتخب منه.
وقد قام الباحث الدكتور: "أحمد محمد الضبيب" بعمل سجل بيبلوغرافي لما نشر من مؤلفات الشيخ، كما قامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بجمع ما أمكن من مؤلفاته في مجموعة واحدة، كما ذكر غير واحد من الباحثين والمؤلفين مؤلفات الشيخ ودرسوها.
ونظراً لطبع جل مؤلفاته، وتعدد طبعات الكثير منها، فسأقتصر فيما طبع على الإحالة إلى موضعه من المجموعة فقط. وسأتناول ذكر هذه الكتب حسب فنونها فأقول:
أولاً: مؤلفاته فيما يتعلق بالقرآن وعلومه.
1-
فضائل القرآن.
ويقع ضمن مجموعة المؤلفات/القسم الرابع كمقدمة لاستنباط القرآن.
2-
استنباط القرآن.
وقد شمل معظم تفسيره وهو ضمن مجموعة المؤلفات/القسم الرابع.
كما أنه يوجد له تفسير لآيات أخر لم يشملها هذا التفسير وأعظم مجموعة منها ما هو موجود في الدرر السنية لابن قاسم/المجلد الرابع/ الجزء العاشر/ كتاب تفسير القرآن. ولأذكر هنا ما شمله هذان السفران من آيات فسرها الشيخ أو استنبط منها، وهو جل ما اعتمدت عليه في دراسة المنهج.
1-
كلام في الاستعاذة. "الدرر" ص "26".
2-
تفسير سورة الفاتحة. الاستنباط "7-18" الدرر ص "27- 33".
3-
استنباط من سورة الفاتحة. الاستنباط "18" الدرر ص "33".
4-
استنباط من سورة الفاتحة. الدرر "33- 35".
- سورة البقرة:
الآيات "2-5" في الدرر ص "39، 40".
الآيات "102، 109، 110" الاستنباط "21- 29" الدرر "42- 44".
الآيات "124-141" الاستنباط ص "30-42" الدرر ص "45- 49".
كلام يتعلق بالآية "124" أيضاً الدرر ص "45".
الآيات "139-141" الاستنباط ص "28، 29" الدرر ص "44، 45".
الآيتان "140، 141" الاستنباط ص "42- 44" الدرر ص "49، 50".
ذكر ما اشتملت عليه سورة البقرة من تقرير أصول الدين. الدرر ص "54-56".
- سورة آل عمران:
الآية "18" الدرر ص "56".
الآيات "79- 83" الاستنباط ص "45- 47" الدرر ص "57، 58".
الآية "97" الدرر ص "58".
الآيات "100- 108" الاستنباط ص "48- 51" الدرر ص "59".
- سورة النساء:
الآيات "26- 28" الدرر ص "62".
الآيات "97-100" الدرر ص "62".
سورة الأنعام:
الآيات"40- 45" الاستنباط ص "53- 55" الدرر ص "63، 64".
الآيات "50- 55" الاستنباط ص "56- 58" الدرر ص "64، 65".
الآيات"71.- 73" الاستنباط ص "59- 61" الدرر ص "65، 66".
الآيات "71- 73" مرة أخرى الاستنباط ص "1 6- 63" الدرر ص "66، 67".
الآية "71" مرة أخرى أيضاً الدرر ص "67".
الآيات "74- 90" الاستنباط ص "63- 68" الدرر ص "67- 69".
استنباط يتعلق بالآية "136" الدرر ص "70".
استنباط يتعلق بالآية "145" الدرر ص "69، 70".
- سورة الأعراف:
الآيات "2- 33" ما عدا الآية "25" الاستنباط ص "69- 80" الدرر ص "71- 72""79- 81".
- قصة آدم وإبليس:- الاستنباط "81- 98" الدرر ص "72-79""129، 130". مسائل مستنبطة منها أيضاً- الدرر ص "79".
الآيات "28- 30" الاستنباط ص "99، 100" الدرر ص "80، 81".
كلام يتعلق بالآية "30" الدرر ص "79".
الآيات "59- 84" الاستنباط ص "101- 110" الدرر ص "83- 85".
الآيات "175- 177" الاستنباط ص "111، 112" الدرر ص "91، 92".
سورة يونس:
الآية "35" الدرر ص "94، 95".
الآيات "104- 106" الاستنباط ص "113، 114" الدرر ص "95، 96".
- سورة هود:
الآيات "1- 13" الاستنباط ص "115- 119" الدرر ص "97، 98".
الآيتان "15، 16" الاستنباط ص "120- 123" الدرر ص "98، 99".
الآيات "49، 31، 40، 46، 36، 27" حسب ورودها في المسائل المستنبطة.
الاستنباط "124- 126" الدرر "99، 100".
الآيات "110- 123" الدرر ص "100- 102".
- سورة يوسف:
جميعها. الاستنباط ص "127- 182" الدرر ص "104- 125".
- سورة إبراهيم:
الآية "24". الدرر ص "126".
- سورة الحجر:
جميعها. الاستنباط ص "183- 197" الدرر ص "126- 129".
- سورة النحل:
جميعها. الاستنباط ص "199- 236" الدرر ص "130- 138".
كلام في معنى السلطان المثبت في قوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} الآية "100" النحل. والسلطان المنفي في قوله: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي..} الآية "22" إبراهيم- الدرر "138".
الآيات "120- 123" مرة أخرى الاستنباط ص "237" الدرر ص "138".
- سورة الكهف:
الآيات "1- 10" الاستنباط ص "239- 242" الدرر ص "139، 140".
الآيات "13- 16" الاستنباط ص "242- 244" الدرر ص "141".
الآيات "19- 29" الاستنباط ص "245- 250" الدرر ص "141- 143".
الآية "49". الاستنباط ص "250" الدرر ص "143".
- قصة موسى والخضر. وهي الواردة في الآيات "60- 82" 0 الاستنباط ص "251- 260" الدرر ص "143- 145".
الآية "110" الاستنباط ص "260، 261" الدرر ص "145، 146".
- سورة طه:
الآيات "124- 127" الاستنباط ص "263- 268" الدرر ص "146- 147".
- سورة المؤمنون:
الآيات "51- 53" الاستنباط ص "269، 270" الدرر ص "149، 150".
- سورة النور:
الآيات "1- 37" الاستنباط ص "271- 278" الدرر ص "150، 151".
الآيتان "39، 40" الاستنباط ص "278" الدرر ص "151".
الآيات "47- 54" الاستنباط ص "278، 279" الدرر ص "151".
- سورة القصص:
الآيات "1- 42" الاستنباط ص "381- 294" الدرر ص "152- 155".
- قصة "موسى وفرعون" في السور الأخرى، الاستنباط ص "295- 316" الدرر ص "155- 159" والسور هي:
طه: الآيات "9- 75" الأعراف الآيات "104، 105، 116، 118، 119". "123-
137" الشعراء: الآيات "18- 39" "44" "50- 68" النمل: الآيات "8- 14" يونس: الآيات "77- 92" هود: الآيات "96- 98" الإسراء: الآيات "101-104" الحج: الآيات "42- 44" الصافات: الآيتان "114، 115" غافر: الآيات "23- 46" الزخرف: الآيات "46- 56" الدخان: الآيات "17- 30" المؤمنون: الآيات "45- 48" الذاريات: الآيتان "38، 39" القمر: الآيات "41- 43". المزمل: الآيات "15- 17" النازعات: الآيات "15- 26".
- الآيات "58- 61" الدرر ص "159، 160".
- سورة الزمر:
جميعها الاستنباط ص "317- 343" الدرر ص "162- 169".
كلام يتعلق بقوله: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} في الآية "22" الدرر ص "169".
كلام يتعلق بقوله: {مَثَانِيَ} في الآية "23" الدرر ص "169".
الآيات "64- 67" مرة أخرى. الاستنباط ص "344 - 348" الدرر ص "169- 171".
استنباط من سورة "الفتح" وأغلبه من أحداث القصة ذاتها وهو أشبه بها يسمى "فقه السيرة" الدرر ص "172- 176".
- سورة الحجرات:-
الآيات "1- 8" وذكرت الآيتان "9، 10" ولم يذكر تفسيرهما. الاستنباط "349- 354" الدرر ص "176- 178".
- سورة الحديد:
الآيتان "23، 24" الدرر ص "183".
سورة المجادلة:
الآية "11" الدرر ص "182، 183".
استنباطات عامه من السور الثلاث "نوح، والجن، والمزمل" الدرر ص "185".
- سورة الجن:
جميعها الاستنباط ص "355- 363" الدرر ص "185- 188".
الآية "18" مرة أخرى. الاستنباط ص "362، 363" الدرر ص "188".
- سورة المدثر:
الآيات "1- 7" الاستنباط ص "365، 366" الدرر ص "190".
- مقارنات بين سورتي "اقرأ""العلق" والمدثر الاستنباط ص "366، 367" الدرر ص "190، 191".
- سورة العلق:
جميعها الاستنباط ص "369- 373" الدرر ص "189، 190".
- استنباطات من سورة: اقرأ. "العلق" إلى آخر القرآن. الاستنباط ص "375- 380" الدرر ص "191، 192".
- ما في قصة سبب نزول "تبت""المسد" إلى آخرها من المسائل الاستنباط ص "381، 382".
- ذكر ما في سورة "التكاثر" إلى آخر القرآن من المسائل الدرر ص "193".
- استنباطات من بعض قصار السور. الدرر ص "193".
- استنباطات من بعض قصار السور. الدرر ص "194".
- سورة الإخلاص:
جميعها، الاستنباط ص "383" الدرر ص "198، 199".
- سورة الفلق:
جميعها. الاستنباط ص "385، 386" الدرر ص "199، 200".
- سورة الناس:
جميعها الاستنباط ص "387- 389" الدرر ص "200".
وهذا عدا ما نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية في التفسير فلم أثبته هنا.
3-
مختصر تفسير سورة الأنفال:
ويقع ضمن مجموعة المؤلفات/ ملحق المصنفات.
4-
تفسير سورة الفلق:
وهو مختصر من تفسير الإمام ابن القيم لها.
وموجود بالمتحف العراقي ببغداد ومصورته بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رقم "2320". وقد حققه أخيراً الدكتور/ فهد بن عبد الرحمن الرومي.
كما تناسب للشيخ كتب في التفسير أخرى ومنها:
1-
مختصر تفسير سورة الحجرات:
وهو مصور بجامعة الملك سعود بالرياض برقم "1639" ضمن مجموع يشتمل على عشرين كتابا لعلماء السلف كابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهما. وهو بقدر سبع صفحات ونصف تقريبا بمعدل "25" سطراً في الصفحة الواحدة. وهو مختصر من تفسير الإمام ابن كثير وجار على منهج الشيخ في الاختصار بالمحافظة على اللفظ المختصر حتى كأنه منتخب منه انتخاباً.
2-
قطعة من مختصر تفسير ابن كثير:
وهي موجودة لدى الشيخ: عبد الرحمن الفارس1 بالرياض.
وهو جزء من المختصر، مبتور من أوله ومن آخره، إذ يبدأ من أواخر ما يتعلق بتفسير الآية "الثالثة والستين" من سورة الأنبياء. وينتهي بعد سطرين مما يتعلق بتفسير آخر سورة الحجرات. وقد أفادني الشيخ الفارس أنه كان في أوله ورقة فيها نسبته إلى الشيخ محمد "رحمه الله" ويقع هذا التفسير في حوالي "280" ورقة تترواح عدد سطور صفحاتها من "23" إلى "33" سطرا، وأكثر صفحاتها إلى "33" سطراً أقرب.
1 قاضي تمييز متقاعد بالرياض وهو من تلاميذ الشيخ محمد بن إبراهيم "رحمه الله" انظر مشاهير علماء نجد ص "137".
وهذا التفسير جارٍ على منهج الشيخ في الاختصار كما في سابقه.
وقد ذكر للشيخ مختصرا التفسير ابن كثير صاحب تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء القديم والجديد "1: 127" للشيخ محمد بن عبد الله بن عبد المحسن آل عبد القادر الأحسائي. فالله أعلم.
2-
تفسير سورة النصر.
وهي تالية لمختصر تفسير سورة الحجرات المتقدم ذكره وبقدر ثمان صفحات تقريبا معدل كل صفحة "26" سطرا.
وقد تبين لي بالمقارنة أنها للحافظ ابن رجب الحنبلي وقد نسبت في المخطوط للشيخ محمد بن عبد الوهاب خطأ.
ثانياً: مؤلفاته فيما يتعلق بالحديث.
1-
كتاب مجموع الحديث على أبواب الفقه.
وهو ضمن مجموعة المؤلفات/ قسم الحديث "الأجزاء 1، 2، 3، 4".
2-
كتاب بعنوان: هذه أحاديث في الفتن والحوادث التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها ستكون بعده جمعها الشيخ/ محمد ابن عبد الوهاب.
3-
مختصر فتح الباري:
ذكره ابن قاسم في الدرر السنية1،ولم أقف عليه.
1 انظر "12: 19".
ثالثاً:- مؤلفاته فيما يتعلق بالعقيدة والآداب الإسلامية.
وسأبدأ بذكر ما جمع مجموعة المؤلفات/ القسم الأول/العقيدة والآداب الإسلامية وهو ما يلي:-
1-
كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد. ص "7- 151".
2-
كشف الشبهات. ص "153- 181".
3-
ثلاثة الأصول. ص "183- 196".
4-
القواعد الأربع. ص "197- 202".
5-
فضل الإسلام. ص "203- 227".
6-
أصول الإيمان. ص "229- 277".
7-
كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد. ص "279- 329".
7-
مجموعة رسائل في التوحيد والإيمان ومنها:-
- الرسالة الأولى: "مسائل الجاهلية" ص "332- 352".
- الرسالة الثانية: "شرح ستة مواضع من السيرة" ص "353- 362".
- الرسالة الثالثة: "تفسير كلمة التوحيد" ص "363- 369".
- الرسالة الرابعة: "تلقين أصول العقيدة للعامة""370- 373".
- الرسالة الخامسة: "ثلاث مسائل". ص "374، 375".
- الرسالة السادسة: "معنى الطاغوت ورؤوس أنواعه""376- 378".
- الرسالة السابعة: "الأصل الجامع لعبادة الله وحده""379- 381".
- رسالة في "نواقض الإسلام" ص "385- 387".
- رسالة في "ستة أصول عظيمة مفيدة" في "393- 397".
- "رسالة في توحيد العبادة" ص "398 -399".
9-
كتاب الكبائر.
وهو ضمن مجموعة المؤلفات/القسم الأول/ العقيدة والآداب الإسلامية.
1-
رسالة في الرد على الرافضة..
وهو ضمن مجموعة المؤلفات/ ملحق المصنفات.
كما تذكر له بعض المختصرات في العقيدة. لم أقف على شيء منها وهي:
1-
مختصر الإيمان.
2-
مختصر العقل والنقل.
3-
مختصر الصواعق.
4-
مختصر المنهاج1.
رابعاً: مؤلفاته فيما يتعلق بالفقه والأحكام.
وهي ضمن مجموعة المؤلفات/ القسم الثاني / الفقه.
1-
مختصر الإنصاف والشرح الكبير "ضمن المجلد الأول" وما بعده ضمن المجلد الثاني.
2-
أربع قواعد تدور الأحكام عليها.
3-
مبحث الاجتهاد والخلاف.
4-
كتاب الطهارة.
5-
شروط الصلاة وأركانها وواجباتها.
6-
كتاب آداب المشي إلى الصلاة.
7-
أحكام الصلاة.
خامساً: مؤلفاته في السيرة وفقهها.
1-
مختصر سيرة الرسول "صلى الله عليه وسلم".
وهو ضمن مجموعة المؤلفات / القسم الثالث.
وقد ذكر له كل من ابن غنام وابن قاسم كتابا آخر في السيرة وهو "السيرة المطولة" ولم أقف عليه2.
1 ذكر هذه المختصرات وغيرها ابن قاسم في الدرر السنية "12: 18،19".
2 انظر روضة الأفكار: "1: 50" والدرر السنية"12: 18"، وانظر تعليق شخنا الدكتور صالح العبود في كتابه "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.." ص "123" حول ما ذكر.
3-
مختصر زاد المعاد.
وهو ضمن مجموعة المؤلفات/ القسم الرابع.
3 -
بعض فوائد صلح الحديبية.
وهو ضمن مجموعة المؤلفات/ ملحق المصنفات.
4-
شرح ستة مواضع من السميرة.
وهو ضمن مجموعة المؤلفات/ القسم الأول ص "353- 362"
وغير ذلك من الرسائل والمكاتبات والخطب التي جمع الكثير منها.
وفاته:
في سنة "1206" ست ومائتين وألف من الهجرة النبوية توفي الشيخ: الإمام محمد بن عبد الوهاب بمدينة الدرعية عن عمر يناهز الثانية والتسعين1.
ذكر ابن قاسم عن يوم جنازته "وكان يوماً مشهوداً، تزاحم الناس على سريره وصلوا عليه في بلدة الدرعية، وخرج مع جنازته الكبير والصغير2.
وقد رثاه الشعراء وأثنى عليه العلماء.
فرحمه الله رحمة واسعة، واسكنه فسيح جناته، وأتم له أجر من دعا إلى هدى، وحشرنا وإياه في زمرة الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
ثناء العلماء عليه مفسراً:
إن العظماء في التاريخ كالشيخ محمد "رحمه الله" لتثني عليهم جهودهم العظيمة وآثارهم الحميدة وقد أثنى العلماء والمنصفون على الشيخ ثناءً عطراً، فلا تكاد تعثر على ترجمة له إلا وتجدها تفوح بالثناء العاطر على هذا الإمام الجليل والمصلح النبيل.
وسأقتصر هنا على إيراد بعض ثناء العلماء في ما يناسب المقام وذلك في جانب الثناء عليه مفسراً.
فقد تبين من خلال ترجمة الشيخ ورحلاته العلمية أنه قرأ التفسير وتأمل فيه وبرز وقد صرح بعض العلماء بذكر منزلته فيه فمن ذلك:-
تلميذه ومعاصره ابن غنام حيث يقول: "كان رحمه الله تعالى رحمة واسعة.. قد أعطى في القرآن فهماً وقاداً حديداً، ومقولاً باهراً مصيباً سديداً موفقاً مجيداً، فكان إذا تكلم على الآيات ونزلها على الواقع بهر
1 روضة الأفكار لابن غنام "2: 154" وعنوان المجد "1: 95".
2 الدرر السنية "12: 20".
السامع كلامه" 1.
وقال في الثناء عليه في هذا الجانب أيضاً "
…
المستنبط من كتاب الله تعالى ما يقصر عن بعضه الفهم.. المتفنن في فهم القرآن والاستنباط.." 2.
ولهذه الشهادة وزنها وقيمتها لصدورها ممن عاصر الشيخ وجالسه وأخذ عنه مع بروزه في علم اللغة والنحو3.
وممن أثنى عليه بالتفسير ومعرفته ابن بشر في "عنوان المجد" حيث قال عند ذكر مؤلفاته:
وكلامه على القرآن أكثر من مجلد. أتى فيه بالعجب العجاب من تقرير التوحيد ومعرفة الشرك، وكل آية وقصة يأتي عليها بعدة مسائل حتى أتى من قصه موسى والخضر في سورة الكهف بقريب مائة مسألة.
وممن أثنى عليه بهذا أيضاً العلامة الشوكاني في رثائه له بقصيدته الطويلة الشهيرة وفيها:
فمن للبخاري بعده ولمسلم
…
يبين المخبا منهما للمحاول
ومن ذا لتفسير الكتاب ومن ترى
…
لأحكام فقه الدين من للرسائل4
وممن أثنى عليه في هذا المجال أيضاً الشيخ ابن قاسم في "الدرر السنية" حيث قال: وله من المسائل المستنبطات من كتاب الله ما يقصر عنه فهم الفحول الأفاضل ولا يقدر على إبرازه ذوو التدقيق الأماثل. تكلم على غالب السور واستنبط منها من الفوائد ما لم يسبق إليه5.
وكل ناظر في تفسير الشيخ بفكر وتعمق وروية مع تجرد عن الهوى لا يملك إلا أن يذعن لهذا الإمام بالمعرفة بهذا الفن، وما أوتيه من دقة فهم واستنباط وغوص لمعان عميقة ونكت بديعة مما يدل على تمكنه فيه.
1 روضة الأفكار "1: 222".
2 المرجع السابق "2: 154".
3 انظر الثناء على ابن غنام بمعرفة علوم العربية في تحفة المستفيد "2: 104" مع دلالة أسلوبه في "روضة الأفكار" على ذلك.
4 الدرر السنية "12: 23".
5 المرجع السابق "12: 19".