الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: الاستنباط المباشر من الآيات
كثيرا ما يعمد الشيخ رحمه الله إلى الاستنباط المباشر من الآيات دون التعرض لتفسيرها قبل ذلك تفصيلاً أو إجمالاً.
ولاشك أنه يتبين من خلال استنباطه فهمه الآيات، ووجهها عنده، إذ الاستنباط ناتج عن ذلك الفهم فلا يتصور أن يستنبط من الآيات الاستنباطات الصحيحة من لم يفهمها.
وفهم الشيخ هذا يعتمد في كثير من الأحيان على النظر المتأمل في الآيات دون الاعتماد على أثر في معناها فهو يندرج حينئذ تحت التفسير بالرأي. وينحى الشيخ هذا المنحى غالبا فيما يرى وضوح معناه عموما، وإنما يحتاج إلى النص على ما يقرره من مسائل، وما ينطوي عليه من فوائد. وأمثله هذه الطريقة كثيرة جداً، إذ ينهج هذه الطريقة في أغلب تفسيره من ذلك:-
- استنباط من سورة الفاتحة حيث يقول:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} : فيها التوحيد.
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فيها المتابعة1.
فهذه الاستنباطات المختصرة مبنية على فهم مسبق للآيات، ويتضح هذا الفهم من خلال تفسيره المبسوط لهذه الآيات فليراجع2.
- وقوله مستنبطاً من أول سورة النور:- 3
فيه مسائل:
الأولى: حد الزانية4.
الثانية: النهي عن الرأفة 5.
1 مؤلفات الشيخ/ القسم الرابع/ التفسير ص "18".
2 المرجع السابق ص "16،17".
3 المرجع السابق ص "273، 273".
4 في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} .
5 في قوله تعالى: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} .
الثالثة: قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 1.
الرابعة: تحريم نكاح الزانية2.
الخامسة: ما ذكر الله في رمي المحصنات ما لم يأتوا بالبينة3.
السادسة: رد شهادتهم4.
السابعة. كون الله استثنى التوبة والإصلاح5.
الثامنة: ما ذكر الله في رمي الإنسان زوجته، وفيه من الأحكام أنها إذا لم تلاعن ترجم6.
…
إلى غير ذلك من الاستنباطات المتمشية مع ظاهر النص القرآني ومنها يتبين فهم الشيخ للآيات وإجراؤه إياها على ظاهرها والاكتفاء بالنص على ما فيها من أحكام.
ومن ذلك أيضاً قوله مستنبطاً من قول الله تعالى: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا
1 سورة النور: آية "2".
2 في قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} سورة النور آية "3".
3 في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} .
4 في قوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} آية "4".
5 في قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} آية "5".
كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} 1 الإيمان بالقدر2.
وهذا مبين لوجه المعنى عند الشيخ، وأنه يرى عود الضمير في قوله:{نَسْلُكُهُ} إلى الاستهزاء المذكور والكفر، كما ذهب إليه جمع من السلف على ما سيأتي بيانه في موضع آخر إن شاء الله تعال3.
والأمثلة على هذا القسم كثيرة والغرض هنا بيان هدا المنهج والاستشهاد له لا استقصاء كل ما يندرج تحته.
والله أعلم.
1 سورة الحجر: الآيات "11- 13".
2 مؤلفات الشيخ/ القسم الرابع/ التفسير ص "185".
3 انظر ما يأتي ص "124" وقسم التحقيق ص "405".