المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وكانت مكتبة إسحاق من أعظم المكتبات فى بغداد، غنية خاصة - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌إريتريا

- ‌الأزهر الشريف (جامع وجامعة)

- ‌العصر الفاطمى

- ‌العصر الأيوبى والعصر المملوكى

- ‌العصر الحديث

- ‌مرحلة التطوير

- ‌أروقة الأزهر الشريف

- ‌مكتبة الأزهر الشريف

- ‌شيوخ الأزهر

- ‌الشيخ الإمام محمد الخراشى

- ‌الشيخ الإمام إبراهيم البرماوى

- ‌الشيخ الإمام محمد النشرتى

- ‌الشيخ الإمام عبد الباقى القلينى

- ‌الشيخ الإمام محمد شنن

- ‌الشيخ الإمام إبراهيم الفيومى

- ‌الشيخ الإمام عبد الله الشبراوى

- ‌الشيخ الإمام محمد الحفنى

- ‌الشيخ الإمام عبد الرءوف السجينى

- ‌الشيخ الإمام أحمد الدمنهورى

- ‌الشيخ الإمام أحمد العروسى

- ‌الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوى

- ‌الشيخ الإمام محمد الشنوانى

- ‌الشيخ الإمام محمد العروسى

- ‌الشيخ الإمام أحمد الدمهوجى

- ‌الشيخ الإمام حسن العطار

- ‌الشيخ الإمام حسن القويسنى

- ‌الشيخ الإمام أحمد عبد الجواد السفطى

- ‌الشيخ الإمام إبراهيم الباجورى

- ‌الشيخ الإمام مصطفى محمد العروسى

- ‌الشيخ الإمام محمد المهدى العباسى

- ‌الشيخ الإمام شمس الدين الإنبابى

- ‌ الشيخ الإمام حسونة النواوى

- ‌الشيخ الإمام عبد الرحمن النواوى

- ‌الشيخ الإمام سليم بن أبى فراج البشرى

- ‌الشيخ الإمام على محمد الببلاوى

- ‌الشيخ الإمام عبد الرحمن الشربينى

- ‌الشيخ الإمام أبو الفضل الجيزاوى

- ‌الشيخ الإمام محمد مصطفى المراغى

- ‌الشيخ الإمام محمد الأحمدى الظواهرى

- ‌الشيخ الإمام مصطفى عبد الرازق

- ‌الشيخ الإمام محمد مأمون الشناوى

- ‌الشيخ الإمام عبد المجيد سليم

- ‌الشيخ الإمام إبراهيم إبراهيم حمروش

- ‌الشيخ الإمام محمد الخضر حسين

- ‌الشيخ الإمام عبد الرحمن تاج

- ‌الشيخ الإمام محمود شلتوت

- ‌الشيخ الإمام حسن مأمون

- ‌الشيخ الإمام الدكتور محمد الفحام

- ‌الشيخ الإمام الدكتور عبد الحليم محمود

- ‌الشيخ الإمام الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار

- ‌الشيخ الإمام جاد الحق على جاد الحق

- ‌الشيخ الإمام محمد سيد طنطاوى

- ‌أسامة بن زيد

- ‌أستاذ

- ‌استخارة

- ‌إسحاق [عليه السلام]

- ‌إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادى

- ‌إسحاق الموصلى

- ‌إسراء

- ‌إسرائيل

- ‌إسرافيل

- ‌أسطرلاب

- ‌إسلام

- ‌أسماء

- ‌إسماعيل [عليه السلام]

- ‌الإسماعيلية

- ‌الإسماعيلية في الهند

- ‌انتشار الاسماعيلية فى الوقت الحاضر:

- ‌إشبيلية

- ‌الأشعرى أبو الحسن

- ‌الأشعرى أبو موسى

- ‌الأشعرية

- ‌أصحاب (صحابة)

- ‌أصحاب الأخدود

- ‌أصحاب الرأى

- ‌أصحاب الكهف

- ‌الإصطخرى

- ‌الأصمعى

- ‌أصول

- ‌أضحى

- ‌الأضداد

- ‌الاعتقاد

- ‌اعتكاف

- ‌الأعراف

- ‌الأعشى

- ‌أعيان

- ‌أغا

- ‌أفغانستان *

- ‌أفندى

- ‌إقامة

- ‌اقتباس

- ‌إقطاع

- ‌أكدرية

الفصل: وكانت مكتبة إسحاق من أعظم المكتبات فى بغداد، غنية خاصة

وكانت مكتبة إسحاق من أعظم المكتبات فى بغداد، غنية خاصة بكتب اللغة. وكان من تلاميذه ابن خُرْداذْبَه وزِريّاب وعمرو بن بانة؛ وقد كتب سيرته ابنه حمّاد، وكان هو نفسه محدثًا وصاحب تآليف (الفهرست، ص 142 - 143).

المصادر:

(1)

كتاب الأغانى، طبعة بولاق، ص 52 - 131.

(2)

الفهرست طبعة ليبسك سنة 1871 - 1872 م، 141 - 143.

(3)

ابن عبد ربّه: العقد الفريد، القاهرة سنة 1305 هـ، جـ 3، ص 188.

(4)

النويرى: نهاية الأرب جـ 5، ص 1 - 9.

(5)

notices: Caussin De Perceval Anecdotiques Les Principaux Musiciens Arabes فى Journ. As سنة 1873 م، ص 569.

(6)

Abu Nuwds: Ahlwardt، ص 13 - 19.

(7)

Ibrahim،: Barbier de Meynard fuls de Mehdi فى journ. As.، سنة 1896 م، ص 201 وما بعدها.

(8)

محمد كامل حجاج: الموسيقى الشرقية، القاهرة سنة 1924 م، ص 25 وما بعدها.

(9)

History of Arabian-: Farmer sic، لندن سنة 1929 م، ص 124 وما بعدها.

(10)

الكاتب نفسه Misical In fluence: Historial Facts for the Arabuan لندن سنة 1930 م، ص 247 وما بعدها، والفهرس.

خورشيد [فارمر H. G.Farmer]

‌إسراء

ورد هذا المصطلح فى القرآن فى سورة الإسراء، الآية الأولى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . ولسنا نعرف إذا كانت هذه

ص: 712

الآية هى فى الأصل من سورة الاسراء أم إنها كانت فى باديء الأمر من سورة أخرى، وليس بنا من حاجة إلى البحث فيما يمكن أن يكون معناها الحقيقى. ومهما يكن من شئ فإننا نلاحظ أن الروايات فسرت هذه الآية على ثلاثة أوجه فحسب:

1 -

تذهب أقدم هذه الروايات، وقد اختفت من التفاسير الحديثة، إلى أن هذه الآية تشير إلى صعود محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء: وأهم ما فى هذه الروايات (البخارى، طبعة القاهرة 1278 هـ، جـ 2، ص 185 "باب كان النبى تنام عينه ولا ينام قلبه" رقم 2؛ مسلم، طبعة بولاق، 1290 هـ، جـ 1، ص 59؛ الطبرى: التفسير، الطبعة الأولى جـ 15، س 3؛ وانظر der Islam جـ 6، ص 14، 14) هو أنها احتفظت أيضا بالمعنى البدائى لقصة الصعود التى صورت على أنها بداية لتعاليم النبوة التعبدية (mohammed، s: Bevan Ascension To Heaven؛ ص 56؛ der Islam Schrieke: ، جـ 2، ص 1 وما بعدها، وهذا القول يفسر عبارة "المسجد الأقصى" بالسماء، وفى الحق إن الرواية القديمة تستعمل فى كثير من الأحيان كلمة "إسراء" مرادفة لكلمة "معراج" (Der Islam جـ 6، ص 14).

2 -

والرواية الثانية، وهى الوحيدة فى جميع التفاسير المتأخرة، تفسر "المسجد الأقصى" ببيت المقدس. وليس هناك سبب بيّن لهذا التفسير. ويظهر أنه أوحت به سياسة الأمويين التى رمت إلى تعظيم بيت المقدس على حساب مكة التى كان يحكمها حينذاك عبد الله بن الزبير (كولدتسيهر Muh Stud جـ 2، ص 55 وما بعدها؛ Der Is- lam، جـ 6، ص 13 وما بعدها). ويبدو أن الطبرى قد رفض الأخذ بهذا التفسير، وهو لا يذكره فى تاريخه بل يظهر إنه كان أميل إلى تأييد التفسير الأول (Der Islam جـ 6، ص 2، 5 ، 6 ، 12، 14، وفى الطبرى: التاريخ، جـ 1، ص 1175 وما بعدها تجد فقرة يظهر أنها تمثل رأى المؤرخ الذى بناه بعد امتحان الأدلة التى أتيحت له، انظر Bevan. كتابه المذكور آنفا، ص 57).

ص: 713

وتتفق الروايتان الأولى والثانية فى تفسير كلمة "عبد" الواردة فى الآية الأولى من سورة الإسراء بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويظهر أن هذا صواب (Der Islam، جـ 6، ص 13، تعليق رقم 6).

وأقر "الإجماع" هذين التفسيرين، ولما ظهر تفسير الأمويين وفق الإجماع بينه وبينهما بأن أعطى لكلمة "إسراء" مدلولا خاصًا هو"الرحلة الليلية إلى بيت المقدس" وإذ فقد "الصعود" مدلوله الأصلى تغير تاريخه وقالوا بحدوثه فى تاريخ متأخر وأصبح من الممكن الجمع بين القصتين كما فعل ذلك ابن إسحاق فى كتاب السيرة (Bevan: كتابه المذكور آنفا ص 54) وهو أقدم كتب السيرة.

وقصة الرحلة الليلية إلى بيت المقدس هى كما يأتى:

كان النبى محمد صلى الله عليه وسلم نائمًا ذات ليلة بالقرب من الكعبة بمكة (أو فى بيت أم هانئ، Der Islam. جـ 6، ص 11 وما بعدها) فأيقظه جبريل وأتاه بحيوان ذى جناح يسمى البُرَاق (Bevan: المصدر المذكور آنفا، ص 59، 57، 55؛ Der Islam جـ 6، ص 12 وما بعدها، وانظر كذلك المصادر المذكورة فى هذه المجلة) ولما اعتلى محمد هذا الحيوان رحل مع جبريل إلى بيت المقدس، وصادفا فى طريقهما عدة قوى مختلفة خيّرة وشريرة (مشكاة المصابيح، طبعة دهلى سنة 1267 هـ، ص 521 وما بعدها؛ البغوى: مصابيح السنة، طبعة القاهرة سنة 1294 هـ، جـ 2، ص 179 وفيه تحشيات للتوفيق) وزارا الخليل وبيت لحم (النسائى: السنن، طبعة القاهرة سنة 1321 هـ، جـ 1، ص 77 وما بعدها؛ النويرى: المخطوط المحفوظ بليدن، رقم 2، ص 93، س 7 - 10) وقابلا فى بيت المقدس إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وقد وصف البخارى هذه المقابلة (البخارى، طبعة القاهرة سنة 1278 هـ، جـ 2، ص 147). وصلى محمد عليه الصلاة والسلام بهؤلاء الأنبياء وهذا يدل على تقدمه على جميع

ص: 714

الأنبياء الذين اجتمعوا هناك. 3 - أما التفسير الثالث للآية الأولى من سورة الإسراء فيعتمد على الآية الثانية والستين من السورة نفسها إذ وردت فيها كلمة الرؤيا بمعنى الإسراء وهذا يتضمن أن الرحلة الليلية لم تكن رحلة حقيقية؛ وإنما كانت رؤيا. ولما وقف محمد صلى الله عليه وسلم بالحِجْر، رأى بيت المقدس. ووصف لقريش ما رآه فلم يصدقوه (البخارى، جـ 2، ص 221؛ جـ 3، ص 102؛ مسلم، جـ 1، ص 62؛ تفسير الطبرى، جـ 15، ص 5، س 62؛ ووضعت القصة على نحو يوفق بين التفسيرين الثانى والثالث، وذلك كما يأتى:

سافر محمد صلى الله عليه وسلم ليلا إلى بيت المقدس، ثم عاد ووصف فى مكة ما رآه فلم تصدقه قريش، بل وأنكر ذلك منه بعض المسلمين. وحاول محمد التدليل على صدق روايته ولكنه نسى التفصيلات، فاراه الفه بالفعل بيت المقدس (Der Islam جـ 6، ص 15 وما بعدها).

وقد تبسطوا فى سرد هذه القصة فى المؤلفات المتأخرة المطولة (Der Islam in morgen - and: A. Muller Abendland جـ 1، ص 86 - 87). ويقال إن النبى خاطب الله فى السماء سبعين ألف مرة مع أن الرحلة كلها تمت على وجه السرعة بحيث إنه لما رجع كان فراشه ما زال دافئًا وكان الكأس الذى قلبه بقدمه عند إسراعه فى الرحيل ما زال نديًا. وقد اختلف علماء المسلمين فيما إذا كان الإسراء حدث فى نوم محمد صلى الله عليه وسلم أم فى يقظته وفيما إذا كان أسرى بروحه أم بجسده، ويذهب أهل السُّنة إلى أن الإسراء كان بالجسد إبان يقظته. ويؤيد الطبرى فى تفسيره (جـ 15، ص 13) هذا الرأى تأييدًا قاطعًا معتمدًا على البراهين الآتية:

1 -

إن لم يكن النبى قد أسرى بجسده، فإن الإسراء لا يعطينا دليلا على نبوته، ولم يكفّر الطبرى من لم يسلم بهذه القصة.

ص: 715

2 -

جاء فى القرآن أن الله أسرى يعبده ولم يقل إنه أسرى بروح عبده.

3 -

إذا كان النبى أسرى بروحه فقط لم تكن هناك حاجة إلى البراق لأن الحيوان يحمل الأجسام لا الأرواح (Bevan: الكتاب المذكور آنفا، ص 60؛ Schrieke: Der Islam، جـ 6، ص 13؛ وانظر تفاسير الطبرى والبيضاوى والبغوى). ويفضل المتصوفة والفلاسفة التفسير الرمزى (كولدتسيهر: - Ge -shichet der Philosphie im Mittelatter، Kul tur der Gegenwan - جـ 1، 5 ص 319).

المصادر:

(1)

Muhammed،s Ascension: Bevan to Heaven فى Beihefte zur Zeitschrift fur die altestam Wissenschaft، جـ 27، ص 51 وما بعدها.

(2)

Die Himmeisreise Mu-: Schrieke hammed فى Der Islam جـ 6، ص 1 وما بعدها، وانظر أيضًا المصادر المذكورة فى هذه المجلة الأخيرة.

[شريك B. Schrieke]

تعليق على مادة "إسراء"

وضع القرآن قانونًا ساميًا لحرية العقل وقال {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (1).

ويجب على الانسان أن لا يتبع غير سبيل العلم والعقل، كما يجب عليه أن يجرد نفسه من كل أثر للتقليد المذموم بلسان القرآن والعقل، وأن يكون فى البحث العلمى حر الرأى.

ويجب على العلماء أن يتلقوا البحث العلمى الحر بصدر رحب، فمسألة الإسراء من المسائل التى ارتبكت فيها الأفكار واخللفت الآراء بثلاثة:

(1)

أن الإسراء كان بصعود النبى صلى الله عليه وسلم إلى السماء بجسده.

(2)

أن النبى صلى الله عليه وسلم أحاط بروحه الزكية على أسرار من العالم المحجوب، ووصل إلى عالم رفيع

(1) سورة الإسراء.

ص: 716

من العلم فى دلك الليلة وأزيح له النقاب عن كثير من المجهولات.

(3)

أنه كان رؤيا رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخذ (شريك Schrieke) كاتب هذه المادة خلاصة ما ذكر فى كتب القدماء من المفسرين والمحدثين من غير تامل أو نظر فى دلائل الآراء والنصوص الواردة فيها لتظهر له الحقيقة، بل إنه لا يخلو من ميل إلى تشويه حقائق الإسلام المضيئة (2).

أما القول الأول فلا يقره العلم ولا يصدقه العقل، فإن العقل -كما يقول القرآن- يرى أن الله تعالى أحاط بالوجود وهو محضه الذى هو أقرب إلينا من حبل الوريد، كما أنه أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددًا وتنزه عن أن يكون فى جهة من الجهات حتى يشار إليه أو يتلقاه أحد فيها والسموات مطويات بيمينه.

والقرآن لا يصرح بأن الإسراء كان بجسده الشريف. إنما ظهر هذا القول لأن عدة من الصحابة رضى الله عنهم لما رأوا فى النبى صلى الله عليه وسلم من الآيات الباهرات من صدقه وأمانته وخلقه العظيم وعلمه بأسرار الأمور خضعوا له غاية الخضوع بدرجة لم يكونوا لشدة إيمانهم به يتأملون فى نبل أقواله المتضمنة للأسرار أو الرموز التى كانت الظروف توجبها أحيانا (3).

روى الطبرى عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: علمت ما فى السماء والأرض وشرح الله صدرى فأفضى إلىّ بأشياء لم يؤذن لى أن أحدثكموها (4)

وكان صلى الله عليه وسلم يشير إلى بعض الأمور أحيانًا حسب استعداد المخاطب لسماعها، ولا يصرح بما هو فوق عقله واستعداده.

أضف إلى ذلك أننا إذا نظرنا إلى

(2) انظر إلى قوله: ويقال أن النبى خاطب الله فى السماء إلى قوله نديا.

(3)

وبذلك أشير فى كلامه [صلى الله عليه وسلم].

(4)

طبرى س 28 جـ 27.

ص: 717

ما ورد من طريق الصحابة والمفسرين منسوبًا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه المسألة من جميع نواحيها نجد ما يهدينا إلى أن الإسراء كان بالروح.

روى الطبرى عن محمد بن كعب القرظى عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: قلنا يا نبى الله، هل رأيت ربك؟ قال: لم أره بعينى ورأيته بفؤادى مرتين ثم تلا {دَنَا فَتَدَلَّى} (5)

وروى أيضًا عن أبى نمر قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة المسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج جبريل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة ثم علا بما لا يعلمه إلا الله حتى جاءا لسدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى (6).

فإنا نجد أن آية (دنا فتدلى) تفسر فى قول أنس بن مالك بمسألة الإسراء، كما نجد فى قول النبى صلى الله عليه وسلم حين يسأل عن رؤية ربه اتجاهًا لهذه الآية لأنه يدلوها عقيب هذا السؤال إلى مسألة الإسراء ثم نظام هذه الآية فى سورة النجم نجد ضوءًا يهدى إلى الحق وهو قوله تعالى {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} فينسب المرئى وهو انكشاف الحقائق العلمية إلى الفؤاد وبذلك تعرف أن الإسراء كان بالروح وإلا كان ينسب المرئى إلى البصر دون الفؤاد.

على أن فى نفس النصوص المروية عن بعض الصحابة ما يدل بل يصرح بذلك: يقول الطبرى فى روايته إن جبريل شق ما بين نحره صلى الله عليه وسلم حتى فرج عن صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم حتى أنقى جوفه ثم أتى بطست من ذهب فيه نور محشو إيمانا وحكمة فحشا به جوفه وصدره ولغاديده ثم أطبقه (7).

ويروى أيضًا عن أبى هريرة أن جبريل جاء إلى النبى صلى الله عليه

(5) طبرى جـ 27 ص 27.

(6)

طبرى جـ 15 ص 26.

(7)

طبرى جـ 15 ص 4.

ص: 718

وسلم ومعه ميكائيل فقال جبريل لميكائيل: ائتنى بطست من ماء كيما أطهر قلبه وأخرج له صدره قال فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل بثلاث طسات من ماء زمزم فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل وملأه حلمًا وعلمًا وحكمة وإيمانًا ويقينًا وإسلامًا وختم ما بين كتفيه بخاتم النبوة. وفى صحيح البخارى عن صعصعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أتانى آت فاستخرج قلبى ثم أتيت بطست من الذهب مملوء إيمانًا فغسل قلبى ثم حُشى ثم أعيد (8).

والنظر الدقيق والتأمل الصادق فى هذه النصوص يهدى إلى أن الإسراء كان بروحه، لأن العقل والنقل لا يقرّان بأن الشق من جبرائيل كان لجسمه الشريف ولا يشك فيه عاقل، ثم هل يقر العلم والعقل أن الإيمان والعلم والحكمة والحلم والإسلام واليقين مما توضع فى طست من الذهب، وهل صفة الغل تغسل بالماء، وهل هذه الأمور التى ذكرت فى ابتداء الإسراء إلا شواهد بأنه كان بالروح؟

وفى رواية الطبرى أيضا (9) أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بعير من أعيار قريش بواد من تلك الأودية فنفرت العير وفيها بعير عليه غرارتان سوداء وزرقاء حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيلياء فأتى بعد حين بقدح خمر وقدح لبن فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح اللبن، فقال له جبريل (هديت إلى الفطرة، لو أخذت قدح الخمر لغوت أمتك). وهل يبقى بعد ذلك شك فى أن هذه الأمور تشير إلى إسراء حصل له صلى الله عليه وسلم بروحه واتصل بمقام من العلم الرفيع وكان منه قاب قوسين أو أدنى؟

وفى كلام حكماء الإسلام الإلهيين ما يعلل مسألة الإسراء فلسفيًا بما لا

(8) طبرى جـ 3 ص 345 مطبعة مصر.

(9)

طبرى جـ 15 ص 5.

ص: 719

يدع للشك إليه سبيلا. يقول صدر الدين محمد بن إبراهيم الفيلسوف الشيرازى (10) فى كتابه (مفاتيح الغيب) فى المفتاح الرابع من مراتب الكشف: قد تكون المكاشفة على سبيل الملامسة، وهى بالاتصال بين النورين. كما قال ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت ربى فوضع كفه بين كتفى فوجدت بردها بين ثديىّ فعلمت ما فى السموات ثم تلا {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} . يقول صدر الدين: رآه صلى الله عليه وسلم بالتجلى والمكاشفة، ومنبع هذه المكاشفات هو القلب الإنسانى أى نفسه الناطقة المنورة بالعقل العملى المستعمل بحواسه الروحانية. وللنفس فى ذاتها عين وسمع كما أشير إليه: فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور. وهذه الحواس الروحانية هى أصل هذه الحواس الجسمانية، فإذا ارتفع الحجاب بينها وبين هذه الخارجية يتحد الأصل فيشاهد بهذه الحواس ما يشاهد بها (أى فى المكاشفة بهذا المعنى يرى القلب كما ترى العين). والروح تشاهد جميع ذلك بذاتها، لأن هذه الحقائق يتحد فى مرتبتها عند كونها فى مقام العقل كل الموجودات. وهذه المكاشفة القلبية أعلى مراتب الكشف، ويسمى بالشهود الروحى. فهى بمثابة الشمس المنورة بثمرات مراتب الروح وأراضى الجسد، فهو بذاته أخذ من الله العليم الحكيم المبانى الحقيقية من غير واسطة على قدر استعداد المكاشف، انتهى. وبذلك يستقيم المعنى ونعرف سر قوله تعالى:{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} الوارد فى نظام آيات سورة النجم فى هذا المعنى.

أبو عبد الله الزنجانى

(10) وهو من كبار الحكماء وضعت فى شخصيته وآرائه رسالة.

ص: 720