الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7)
Libros del saber de Astronomia deI rey D Alfonso X de Castilla مجريط 1863 - 1867، جـ 2، الأسطرلاب العادى والأسطرلاب الكرّى، جـ 3 صفيحة الزرقالة.
(8)
Description of a: W. H. Morley planispheric Astrolabe، constructed for shah Sultan Husain Safawi لندن سنة 1856 م.
[نالينو C.A. Nallino]
إسلام
هو الاسم الذى يطلقه المسلمون فى كل قطر على عقيدتهم. ومعنى هذه الكلمة الخضوع أو الاستسلام [لله]. وقد وردت فى القرآن الكريم ثمانى مرات كقوله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (سورة آل عمران، آية 17) وقوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (سورة المائدة آية 5) وقوله تعالى {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} سورة الأنعام آية 125) وسيكون مقالنا هذا مقصورًا على وصف إحصائى لانتشار الدين الإسلامى فى الأقطار المخللفة فى الوقت الحاضر. أما فيما يتعلق بالكلام على عقائد هذا الدين وفرائضه وتطور عقيدته إلخ
…
فإنا نحيل القارئ إلى مادتى "الله" و"محمد [صلى الله عليه وسلم] وغيرهما. وكذلك فى الكلام على سير المسلمين وتاريخهم وجغرافيتهم الخ .. نطلب إلى القارئ الرجوع إلى المواد المختلفة المناسبة لكل مقام.
وقد قدر عدد المسلمين فى العالم تقديرات متباينة، وهى تختلف من 175 مليونًا إلى 270 مليونًا. ولكن هناك جانبا كبيرًا من الشك يحيط بكل تقدير، لأن كثيرًا من الأقطار التى يكثر فيها المسلمون لم يعمل بها قط إحصاء دينى، ولهذا فإنه يعوزنا فيها الإحصاء الدقيق. وهذا على وجه خاص هو الحال فى البلاد التى كانت منبع الإسلام، وكل تقدير لعدد السكان المسلمين ما هو إلا من قبيل التخمين. ويمكننا أن نعتمد بعض الاعتماد على الاحصائيات التى عملت فى المناطق الواقعة تحت النفوذ الأوربى، فقد ذكر أن عدد سكان عدن والجزر المجاورة لها مثل جزيرة
يريم وسقطرى وغيرهما يبلغ
…
ر 56 نسمة، وعدد سكان جزائر البحرين يبلغ 89.000؛ أما تقدير عدد السكان فى الأجزاء المستقلة من بلاد العرب مثل نجد وحضرموت وغيرهما، الذى يذهب إلى أن عدد سكانها يبلغ 2.500.000 نسمة حسب تقدير زويمر 3.500.000 حسب تقدير هارتمان، وعدد سكان الحجاز واليمن وكانا تحت حكم الترك، 1.050.000 فكلها تقديرات اجتهادية.
على أن العرب ليسوا محصورين فى حدود بلاد العرب وحدها، فمنذ بداية القرن الثالث الميلادى أخذ العرب يهاجرون جماعات متفرقة إلى الشمال، وكان من نتائج هذا أن استقروا تدريجًا فى فلسطين والشام وبلاد الجزيرة ثم استغلوا فيما بعد النزاع الذى نشب بين الروم والفرس، فهاجرت طوائف كثيرة من البدو واستقرت فى المناطق الخصبة الواقعة على حدود بلادهم الأصلية القاحلة؛ وحركة الهجرهّ هذه بلغت غايتها بانتشار الجنس العربى انتشارًا واسعًا وساعد ذلك فتوحات القرن السابع الميلادى التى انتهت باستيلاء العرب على بعض الولايات البوزنطية الغنية وإخضاع بلاد الفرس بأكملها.
وانتشرت لغة العرب تدريجًا فى معظم بلاد الشام ومصر وشمالى إفريقية، وهذا دليل على تغلغل الدم العربى فى سكان هذه البلاد. واستمر تيار الهجرة، وإن يكن فى غير تواصل، فهاجر كثير من العرب إلى إفريقية عن طريق البحر الأحمر واتجه تيار آخر من تيارات الهجرة نحو الشرق عن طريق المحيط الهندى، ولم يأت منتصف القرن الثامن الميلادى إلا وقد وصل تجار العرب إلى الصين، وكان منهم عدد كبير فى كانتون. وهناك محلات تجارية للعرب متفرقة فى جزائر الملايو، وقد استقرت جماعات صغيرة من العرب فى عهود تاريخية مختلفة على شواطن الهند البريطانية، وذهب أفراد منهم إلى معظم جهات العالم الإسلامى، وبخاصة ما كان الوصول إليه منها ميسورًا عن طريق البحر. على أنه لم يحاول قط تقدير جملة هؤلاء العرب الذين يعيشون خارج حدود شبه الجزيرة العربية باعتبارهم طوائف منفصلة عن
السكان المسلمين مع أنهم جزء من هؤلاء السكان.
ولدينا إحصاءات دقيقة لبعض الأقطار الأسيوية الخاضعة للحكم الأوروبى، ففى الهند -حيث يعنى ببيان التنوع فى الاعتقادات الدينية- بلغ عدد المسلمين حسب تعداد عام 1911 م:66.647.299 نسمة من مجموع السكان البالغ 315 مليونًا (1) والمسلمون فى الهند يزدادون بنسبة أكبر من نسبة ازدياد الهندوس، ففى العشر السنوات التى انتهت بعام 1901 م كانت نسبة الزيادة فى الهنود جميعا 2.4 % فى حين أنها كانت 8.9 % فى المسلمين منهم، وفى العشر السنوات التى تلتها زاد عدد المسلمين بنسبة 6.7 % بينما كانت الزيادة فى الهندوس 5 % فقط، وربما كانت الدعوة إلى الإسلام بعض السبب فى هذه الزيادة، ولكن يبدو أن العامل الأقوى للزيادة المطردة فى عدد المسلمين هو أن عاداتهم الاجتماعية أشد ملاءمة لكثرة المواليد من عادات الهندوس. فقيود الزواج عندهم أقل، وكثيرا ما تتزوج أراملهم، والانتقال من دين إلى دين نادر، ولكن الذين يتحولون من الإسلام إلى النصرانية فى شمال الهند -وبخاصة فى البنجاب- يعدون بالآلاف (- The Mohammedan World of to day ص 170، 924). وقد تحول عدد من المسلمين الذين يجرى فى عروقهم دم الهندوس إلى الهندوسية متأثرين بدعوة مبشرى آريا سَماج أما فى جزيرة سيلان فبالرغم من الصلات التجارية القوية التى تربط العرب بهذه الجزيرة فإن الإسلام لم ينتشر فيها انتشارًا واسعًا. وفى عام 1912 م بلغ عدد المسلمين 284.000 من جملة عدد سكانها البالغ أربعة ملايين، وتعوزنا الإحصاءات الوافية عن شبه جزيرة الملايو والجزر الواقعة هناك، ويقدر زويمر أن عدد سكان ولايات الملايو المتحدة والجماعات التى تقطن المضايق من المسلمين يبلغ 673.159 بينما يقدر هارتمان ضعف هذا العدد تقريبًا. وقد دخل الإسلام إلى ملَقَا من ناحية الهند وانتشر على طول الطريق
(1) بلغ مجموع المسلمين فى الهند حسب تعداد عام 77.1921 مليونا (وجهة الإسلام، ص 109 - 111).
اللجنة
التجارى الذاهب إلى جاوة وغيرها من جزر الأرخبيل. وفى عام 1905 م كان عدد المسلمين فى جزر الهند الهولاندية 35.043.25 منهم 29.605.653 فى جاوة (1) ويقال إن هذا العدد آخذ فى الازدياد بسرعة نظرًا لدخول كثير من الوثنيين من سكان البلاد فى الإسلام. ومن جهة أخرى نجد البعوث التبشيرية المسيحية قد نجحت فى السنوات الأخيرة فى تنصير عدد من مسلمى جاوة، ويقال إن أكثر من ثلثمائة مسلم يتنصرون كل عام وفى سنة 1906 م كان عدد المسلمين الذين اعتنقوا المسيحية 18000 (The Mohammedan World of to - day ص 237). أما فى سومطرة فإن هيئات التبشير تزعم أنها نصرت 6500 وعمّدت 1150 من المسلمين، وذلك منذ سنة 1860 م (نفس المصدر، ص 222، 228).
ولم ينجح الإسلام فى توطيد نفوذه فى سيام، غير أنه انتشر بعض الشئ فى الشمال لاتصال سكانه بأهالى ولايات الملايو، وفى المدن الساحلية أيضا لاتصال سكانها بأهالى أرخبيل الملايو، وليست جملة المسلمين فى سيام بأكثر من 300.000 وفى بعض الجهات الأسيوية الأخرى الخاضعة للحكم الأوروبى نجد أن عدد المسلمين فى الممتلكات الفرنسية بالهند الصينية 1.146.000 من عدد السكان البالغ 17.800.000 نسمة، وفى المستعمرات الروسية الأسيوية- بما فيها بلاد القوقاز- يبلغ عدد المسلمين 11.966.700 نسمة من جملة عدد السكان البالغ 25.000.000 تقريبا. وفى جزائر الفيلييين الخاضعة للحكم الأمريكى يبلغ عدد المسلمين 277.547 من جملة السكان البالغة ثمانية ملايين ونصف المليون.
ولكننا إذا انتقلنا إلى الممالك التى تفتقر إلى طرائق الإحصاء الدقيق على المنهج الأوروبى فإنه يخامرنا كثير من الشك فى إحصاءاتها، فقد زعمت بعض هيئات التبشير المسيحية أن عدد المسلمين فى بلاد الفرس لا يتجاوز خمسمائة ألف من عدد السكان البالغ خمسة ملايين؛ أما بلاد الأفغان فيظن
(1) بلغ عدد المسلمين جاوة 43.000.000 وجهة الإسلام، الترجمة العربية، ص 154).
أن عدد المسلمين فيها نحو أربعة ملايين.
وكانت أول محاولة جدية لإحصاء المسلمين فى بلاد الصين، للك المحاولة التى قام بها برومهول Broomhall ودولونى D'Ollone وقد قدر أولهما عدد المسلمين بـ 8.421.000 (Islam ،China ص 215) بينما يذهب الثانى إلى أن عددهم أربعة ملايين فقط (Rechercher sur les Musulmans Chinois ص 430)، وهذان التقديران يباينان مباينة تامة المبالغة فى التقديرات التى عملت فى القرن التاسع عشر والتى ذهبت إلى أن عدد المسلمين فى الصين كان عشرين أو ثلاثين مليونا، بل ذهبت إلى القول أيضا بأن عددهم كان سبعين مليونا، على أن بعض هيئات التبشير المسيحية تعتبر أن أحدث التقديرات أقل كثيرًا من الواقع. ولكن مهما تكن نسبة المسلمين فى الصين إلى عدد سكان البلاد، فمن الراجح أن عددهم كان أكبر بكثير قبل حدوث المذابح التى اضطهد فيها المسلمون فى ثوراتهم الكبيرة اضطهادًا كبيرًا وقد أحصى دولونى هذه الثورات (المصدر السابق ص 436) ويقال إن ملايين من المسلمين هلكوا فيها. أما فى بلاد التبت فيقال إن عدد المسلمين فيها 28.500 معظمهم جاءوا من الصين وكشمير، وقليل منهم من تحول عن دينه إلى الإسلام أو تحول أسلافهم عن دينهم إلى الإسلام. ولم يكثر المسلمون فى بلاد اليابان، فقد اعتنق الإسلام فى السنوات الأخيرة نحو مائتى يابانى فى بلاد اليابان نفسها، أما جزيرة فرموزه ففيها 25.500 مسلم.
أما فيما يختص بأقدم الأقطار الإسلامية التى يشملها الحكم العثمانى فى آسية فى الوقت الحاضر (1) - إذا استثنينا منها الجهات المستقلة فى بلاد العرب- فقد عملت تقديرات مختلفة لعدد المسلمين فيها. ويقول هارتمان إن عددهم 11.190.000، أما زويمر فيذهب إلى أن عددهم 12.278.800، ولكنا مضطرون إلى اعتبار أن هذه التقديرات تقريبية بحتة لعدم وجود
(1) كان هذا وقت كتابة المادة.
الإحصاءات الدقيقة (A' de la Jonquriere: Histoire nde LEmpire Ottoman باريس سنة 1914، ص 457 وما بعدها). وإفريقية هى القارة التى تلى آسية مباشرة فى كثرة السكان المسلمين. ولكننا نفتقر كل الافتقار إلى البيانات التى تخول لنا صدق الحكم فى هذا الموضوع، فإن التقديرات التى عملت عن عدد المسلمين فى إفريقية، بما فى ذلك أحدثها عهدًا، تقدر عددهم تقديرًا يتراوح بين 42 مليونًا و 76 مليونًا وأدق هذه التقديرات كلها هو تقدير الأستاذ وسترمان Westermann .D الذى أخذ به زويمر، وهو يذهب إلى أن عدد المسلمين فى إفريقية يبلغ 42.039.349 موزعين على الوجه الآتى:
500.
000 فى بلاد الحبشة (1)
و10.269.445 فى مصر (2) و 280.000 فى ليبريا، أما بقية أقطار هذه القارة فهى مستعمرات أوروبية ونجد فى معظمها إحصاءً دقيقًا. وعدد المسلمين هى المستعمرات البلجيكية 60.000، وفى المستعمرات الفرنسية 15.085.000 وفى المستعمرات الألمانية 1.480.000 وفى المستعمرات البريطانية 12.539.904، وفى المستعمرات الإيطالية 1.365.000، وفى المستعمرات البرتغالية 330.000، وفى المستعمرات الأسبانية 130.000.
وإحصاء المسلمين فى البلاد الإفريقية اجتهادى بالضرورة، إلا أننا مع هذا نستطيع ألاعتماد بعض الشئ على تعداد المسلمين فى الممالك التى كل سكانها منهم مثل: مراكش وعدد المسلمين فيها 3.100.000 (3) من جملة عدد السكان البالغ 3.220.000 (4) وكذلك فى الجهات التى أسلم فيها قسم من السكان بجملته مثل قبيلة الهوسا وقبيلة الفلبه، وما زال الإسلام آخذًا فى الانتشار بين القبائل الوثنية، وفى كل عام يزداد عدد المسلمين بمن يدخل فى دينهم من هؤلاء الوثنيين.
(1) بلغ عددهم سنة 1950: 4.500.000
(2)
بلغ عددهم سنة 1950: 18.900.800
(3)
بلغ عددهم سنة 1950: 7.900.000.
(4)
بلغ عددهم سنة 1950: 8.410.000.
أما فى أوروبا فالأمر على عكس ذلك، لأن نفوذ الإسلام فيها آخذ فى الاضمحلال. وليس فى الإمكان تقدير عدد سكان الأندلس فى أزهى عصورها الإسلامية، على أن عدد المسلمين واليهود معاً بلغ عام 1492 م ما يربو على مليونين، وعندها طرد فيليب الثالث البقية الباقية من المسلممين عام 1609 - 1615 م كان عدد من ترك البلاد حوالى 500.000 انظر: The Mnriscos of Spain: H. C Lea ص 359، لندن 1091 م).
وفى الوقت الحاضر نجد أن المسلمين فى أوروبا ينحصر وجودهم غالباً فى الروسيا وفى البلدان التى كانت جزءاً من أملاك الدولة العثمانية فى أوائل القرن التاسع عشر. ويبلغ عدد المسلمين فى روسيا أوربا حوالى 3.500.000 (1) ولكن لم يكن هناك تعداد دينى فى الإمبراطورية الروسية منذ 1897 م ومعظم هؤلاء المسلمين من الجنس المغولى. ولكن الإسلام انتشر إلى حد كبير بين القبائل الفنية Finnish . مثل الجرمس Chere miss والفوتياك Votiaks والَجَواش Chu vash وقد زاد عدد الداخلين فى الإسلام منذ صدور مرسوم عام 1905 م الذى كفل حرية المعتقد. والاحصاءات الدينية الخاصة بشبه جزيرة البلقان تعوزها الدقة إلى حدّ كبير، بل إن التقديرات الرسمية لا تخلو مما يثير الشك الكثير من ناحية تلفيقها كى تلائم بعض المصالح الدينية والعنصرية.
ويقال أن عدد المسلمين فى تركية أوروبا بلغ عام 1900 م حوالى 3.200.000 فى حين كتب هارتمان عام 1909 م أن عددهم 3.295.000، وعددهم فى بلغاريا 603.876 من مجموع السكان البالغ حوالى أربعة ملايين ونصف مليون، أما فى رومانيا فيبلغ عدد المسلمين حوالى 43.700 يعيش معظمهم فى دبروجه. وفى الصرب عام 1910 م كان عددهم 14.435، وفى الجبل الأسود 14.000، ويقال إن مجموع مسلمى ألبانيا بلغ 23.4000 منهم.
(1) كان ذلك وقت كتابة هذه المادة.
12.
000 من الغجر و 40.000 من الصرب و 26.000 من الألبان. ولا يزال فى بلاد اليونان 24.000 مسلم بينما نقص عددهم فى جزيرة إقريطش إلى 27.852 وكانوا عام 1909 م حوالي 23.496 مع أنهم كانوا عام 1881 م يزيدون عن 73.000. وفى البوسنة والهرسك كان بين سكان الصرب الوطنيين 612.137 مسلماً، أما فى أجزاء الإمبراطورية النمساوية الأخرى ففيها غير هؤلاء 1.450 مسلماً.
أما فى البلاد الأوربية الأخرى - وخاصة فرنسا وبريطانيا العظمى- فكان بها بعض الجماعات الإسلامية الصغيرة مبعثرة هنا وهناك، ومعظم أفرادها من أصل إفريقى أو أسيوى وإقامتهم فى تلك البلاد موقوتة.
وقد زادت الهجرة والنشاط التجارى 8.000 مسلم إلى عدد السكان فى أمريكا الشمالية و 166.000 فى أمريكا الوسطى والجنوبية، بما فى ذلك جزائر الهند الغربية حيث نجد 10.499 مسلماً فى ترنداد و 3.000 فى جاميكا.
أما فى أستراليا فهناك 195.000 مسلم يعيش معظمهم فى بيرث، perth.
المصادر:
(1)
Verbreitung des: Hubert Jansen Landern der Isldms in den verschiedenen Erde، برلين سنة 1897 م وهو أول من حاول أن يعطينا إلمامة إحصائية شاملة عن المسلمين، إلا أن أرقامه مبالغ فيها غالباً، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن التقدير القريب من الصواب ينقص كثيراً عن الأرقام التى أعطاها.
(2)
Der Islam Ges-: Martin mann chichte Glaube - Rechi، ليبسك سنة 1909 م، وهو يعطينا إحصاءات تفصيلية ولكنه لا يذكر المصادر التى استقى منها.
(3)
ويعطينا S.M Zwemer فى الفصل الثالث من كتابه Mohmmed or Christ لندن، سنة 1916 م تعداداً لعدد المسلمين فى العالم مع ذكر المصادر التى أخذ عنها.
(4)
وهناك أبحاث منفصلة عن إحصائيات بعض البلاد الإسلامية:
مثل: (أ) Islam in Ghina: M. Broomhall لندن سنة، 1910 م (ب) S.Bobrovnik Moslems in Russia: off فى The Moslem World المجلد الأول، لندن سنة 1911 م. (جـ) Westermann . D: Der Islam in West -und Zentr al - Sudan (Die Welt des Is - (Iams، جـ 1، ص 85 وما بعدها، برلين 1913 (د) Statistik: G. Kampffimeyer -Mohammedaner auf der Bal der kanhalhinsel and in nsterreich، جـ 1، ص 32 - 33.
(5)
أما عن إفريقية وآسية فانظر Mohammedan World of to - day The نيويورك سنة، 1960 م.
(6)
وتعطينا كل من الحكومتين البريطانية والهولندية تفصيلات عن انتشار الإسلام فى ممتلكاتهما فى النشرات الرسمية التى تذيعانها كل عشر سنوات Kaloniaal Verslag، Census of india
(7)
والاحصائيات الدينية ترد فى The Statesman's Year Book، التى تطبع سنويا فى لندن.
(8)
وفى مجلة العالم الإسلامى التى تصدر بالفرنسية مقالات مدعمة بالإحصائيات الخاصة بعدد المسلمين فى أقطار مختلفة (انظر الفهرس العام الخاص بمجلداتها من 1 - 16، باريس 1912 م).
[أرنولد T.W. Arnold]
كلمة إسلام (1) أصلها - معناها - تطوراتها
أ - النظريات المختلفة فى صلة المعنى الشرعى لكلمة "إسلام" بالمعنى اللغوى الأصلى:
1 -
مقدمة فى تسمية الدين المحمدى بـ "الإسلام" -المعانى الشرعية أو الدينية ووثاقة الصلة بينها وبين المعانى اللغوية.
2 -
جملة آراء الإِسلاميين فى المعنى اللغوى الذى يرجع إليه المعنى الشرعى للفظ "إسلام" على ما ذكره الرازى.
3 -
آراء المحدثين فى ذلك مع تعليق على هذه الآراء: جولدتسيهر، أرنولد، بابنجر، سيد أمير على، إدوارد سل، كارا دى فو.
* * *
(1) تفضل الاستاذ الشيخ مصطفى عبد الرازق بهذا المقال توفية لهادة "إسلام".
1 -
الدين الذى جاء به محمد بن عبد الله النبى العربى المولود بمكة سنة 571 م المتوفى بالمدينة سنة 632 م معروف باسم "الإسلام" منذ عهده الأول.
وقد يسمى السلم بكسر السين والسَلْم بفتحها علىَ ما ذكره "لسان العرب".
وهذه الأسماء الثلاثة هى ألفاظ عربية المادة والصيغة، فلها عند العرب معان هى حقائق لغوية.
ولما استعملت النصوص المقدسة الإسلامية هذه الألفاظ فى الدلاله على الدين الإسلامى، كان ذلك بالضرورة تصرفاً فى المعنى اللغوى الأصلى.
وقد جرى عرف العلماء على تسمية الألفاظ المستعملة فى معان وضعها لها الشرع بالأسماء الشرعية كالصلاة والزكاة، والحج، وكالإيمان، والكفر وربما خص ما يتعلق بالعقائد مثل الإيمان، والكفر والإسلام، بالأسماء الدينية.
ويذكرون فى كتب أصول الفقه خلافاً فى الأسماء الشرعية نفياً وإثباتاً فى الوقوع على معنى أن ما استعمله الشارع من أسماء أهل اللغة كالصوم، والإيمان، هل خرج به عن وضعهم إلى وضع مستحدث، أم لم يخرج به عن وضعهم، وإنما استعمله استعمالا مجازياً جارياً على أساليبهم؟
قال بالأول القاضى أبو بكر الباقلانى المتوفى سنة 404 هـ (1013 م)، وقال بالثانى المعتزلة والخوارج والفقهاء.
ويستفاد من هذا البحث الذى فصّله سيف الدين أبو الحسن على الآمدى المتوفى سنة 583 هـ (1186 م) فى كتاب "الأحكام فى أصول الأحكام"(جـ 1، ص 48 - 61) أن علماء الإسلام يعتبرون المعانى الشرعية متفرعة من المعانى اللغوية وثيقة الصلة بها.
2 -
وقد عني المفسرون، والمتكلمون واللغويون، وغيرهم من الباحثين برد المعنى الشرعى للفظ "إسلام" إلى أصله اللغوى.
وجمع الفخر الرازى المتوفى سنة 606 هـ (1209 م) فى تفسيره جعلة المذاهب فى ذلك فقال: "وأما الإسلام ففى معناه فى أصل اللغة ثلاثة أوجه:
الأول - أنه عبارة عن الدخول فى الإسلام أى فى الانقياد والمتابعة، قال تعالى {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ} (سورة 4، النساء مدنية الآية 94) أى لمن صار منقاداً لكم ومتابعاً لكم.
والثانى - من أسلم أى دخل فى السلم كقولهم: أسنى، وأقحط. وأصل السلم السلامة.
الثالث - قال ابن الأنبارى المتوفى سنة 328 هـ (938 هـ): المسلم معناه المخلص لله عبادته، من قولهم: سلم الشيء لفلان خلص له، فالإِسلام معناه "إخلاص الدين والعقيدة لله تعالى" جـ 2، ص 423، المطبعة الخيرية. عام 1308 هـ).
3 -
أما المحدثون فجمهرة المستشرقين منهم ترى أن اسم "إسلام" يرجع إلى معنى من الطاعة والخضوع غير إرادى، أى التسخير لإرادة قاهرة.
يقول جولدتسيهر:
"إسلام بمعنى خضوع، أى خضوع المؤمن لله. وهذه الكلمة - التى هى أوفى من كل كل كلمة غيرها فى تعيين المنزلة التى جعلها محمد [صلى الله عليه وسلم] للمؤمن فى علاقته بمعبوده - عليها طابع ظاهر من الشعور بالتبعية لقدرة لا تحيط بها حدود، ويجب على الإنسان أن يستسلم لها متبرئاً من كل حول له وقوة". ("عقيدة الإسلام وشريعته"، ص 2).
ويشير إلى مثل ذلك القول "أرنولد" فى الفصل الذى كتبه عن "الإسلام" فى دائرة المعارف الإسلامية.
ولا يختلف ما ذكره "بابنجر" فى الفصل الذى كتبه عن الإسلام فى كتاب "أديان العالم" عن كلام "جولدتسيهر" فى شئ.
وقد تنبه "سيد أمير على" الهندى إلى أن أمثال هؤلاء المستشرقين اعتبروا معنى الانقياد الذى فسر به لفظ "إسلام" انقياداً مطلقاً لإرادة لا حدود لسلطانها ولا كسب لأحد معها، فجاء يبين فى كتابه "روح الإسلام" أن ليس فى استعمال كلمة إسلام لغة أو شرعًا ما يدل على معنى الانقياد المطلق والخضوع المتضمن لمعنى الجبر كما يفرضه عادة أكثر الباحثين من علماء الغرب. على أن "سيد أمير على" يقرر
أن المعنى الشرعى "للإسلام" هو الكد فى تحرى الرشد والتماس الفلاح بتزكية النفس، كما يؤخذ من الآيات 14 س 72 - الجن مكية، 7 - 10 س 91 - الشمس مكية. وذلك يستلزم معنى الطاعة الإرادية ظاهرا وباطناً. "والرشد" هو الهدى والفلاح، وهو الذى يهدى إليه القرآن الكريم من تصديق خبر الله وامتثال أمره كما فى كتاب "مفتاح دار السعادة" لابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751 هـ (جـ 1، ص 40، 42).
وبهذا البيان يتضح ما فى كلام (إدواردسل) من التعسف فى تأويل رأى أمير على. (مقال (دوارد سل عن الإسلام فى دائرة المعارف الدينية والخلقية جـ 7).
يرى إدوارد سل أن اعتبار المؤلفين الأوربيين أن لفظ "إسلام" يعبر عن الإذعان التام لإرادة الله فى كل شئون العقائد والأحكام توسع فى فهم معنى اللفظ، إذ هو إنما يدل على معنى أخص من الإذعان المطلق، فهو إنما يدل على الإذعان العملى، ويستشهد بقول "سيد أمير على" إن الإسلام هو تحرى الرشد.
ثم يحاول إدوارد سل أن يجعل جملة ما ورد فى القرآن الكريم من لفظ "إسلام" ومشتقاته مؤدياً معنى الانقياد الظاهر والطاعة بالجوارح.
ويزعم أن المفسرين يبدو أنهم مجمعون على استعمال اللفظ فى معنى آلي، ويقول إن هذا يتفق مع عدم ورود كلمة "إسلام" فى السور الأولى، إذ هى لم ترد إلا ثمانى مرات منها ست فى السور المدنية واثنتان فى السور المكية الأخيرة. ويرجع ذلك إلى أن أركان الدين العملية لم تصر جزءا منه على وجه قاطع حتى كوَّن محمد [صلى الله عليه وسلم] دينه فى المدينة. ويخلص من ذلك إلى أن لفظ "إسلام" عندما ينظر إليه من وجهة النظر المحمدية يفقد كثيرا من جماله الروحى الذى تجمع حول فكرة الخضوع التام لإرادة الله ويصبح مؤيداً للمبدأ اليهودى القائل بأن المهم ليس هو روح الشريعة، بل المهم هو مراعاة الأداء الصوري لواجبات ظاهرة خاصة.
ودعوى "إدوارد سل" أن كلام سيد أمير على يفيد قصر الإسلام خضوع الجوارح دون خضوع القلب لا يمكن
يؤخذ من عبارات سيد أمير على وليس فى كتابيه ما يؤيدها.
ومحاولة إدوارد سل أن يجعل جملة ما ورد فى القرآن الكريم من لفظ "إسلام" وما اشتق منه مؤديا معنى الانقياد الظاهر والطاعة بالجوارح فقط، محاولة لا تقوم على أساس، لأن ما ذكر فى القرآن الكريم من لفظ "إسلام" وما اشتق منه مقابلا للإيمان ومخالفا له بحيث يدل الإسلام على العمل الظاهر، والإيمان على التصديق، لا يعدو ثلاث آيات على ما ورد فى كتاب "حجج القرآن" لأبي الفضل أحمد بن المظفر الرازى الحنفى (أتم كتابه سنة 630 هـ = 1232 م) أو لا يعدو أربعًا كما هو الواقع، إذ ترك صاحب الكتاب ى 5 س 66 التحريم مدنية.
إما إجماع المفسرين على استعمال لفظ "إسلام" فى معنى آلي فغير صحيح كما يتضح لكل مطلع على التفاسير المختلفة للقرآن، وسيأتى ما يؤيد ذلك فيما يلى.
وعدم ورود لفظ "إسلام" فى السور الأولى لا يُنتج ما يريد أن يستنتجه المؤلف، فقد وردت فى القرآن صيغة اسم الفاعل من أسلم فى 39 آية المكيات منها 24 والمدنيات 15، وبعض هذه المكيات فى سور غير متأخرة كما فى ى 35 س 68 - القلم مكية وهى السورة الثانية فى ترتيب نزول القرآن على ما نقله صاحب الفهرست عن نعمان بن بشير، وكما فى ى 14 س 72 - الجن مكية التى ورد فيها الفعل أيضًا.
ولكاراً دى فو رأى فى معنى كلمة "إسلام" وأصلها يبينه على الوجه الآتى:
كان من يتبع إبراهيم يسمى حنيفاً، ومعناه المائل، لأنهم مالوا عن عبادة الأصنام التى كانت قد فشت فى العالم، أو يسمى المسلم أى الذى يجدد ويصون الشئ سالما، ذلك بأنهم جددوا أو صانوا التوحيد الخالص؛ وتفسير مسلم بأنه المستسلم لله أو المسلم نفسه لله أبعد غوراً فى التصوف من أن يكون المعنى الأصلى (كارا دى فو: مفكرو الإسلام، جـ 3، ص 55).
وهذا الرأى غير وجيه من الناحية اللغوية، فإنه ليس فى مادة "إسلام"
ولا صورتها ما يؤيده على مقتضى أصول اللغة وقواعد الاشتقاق، وما علمنا بأن من مدلولات هذه المادة التجديد أو الصون ولا رأينا أن صيغة أفعل تفيد أحد هذين المعنيين.
ب - النظرية الراجحة:
1 -
المعنى اللغوى الذى يمكن أن يعتبر الأصل الأصيل لمعانى مادة "سلم" جميعها وباقى المعانى اللغوية.
2 -
المعنى الشرعى للفظ "إسلام" وما اشتق منه - نظريات المسلمين فى هذا المعنى الشرعى:
أ - رأى من يذهب إلى أن للإسلام معنى شرعياً واحداً هو الإيمان.
ب - رأى القائلين بأن للإسلام معنيين شرعيين.
جـ - مذهب من يرى أن لفظ "إسلام" له ثلاثة معان شرعية.
3 -
أثر الفرق الإسلامية فى هذا الخلاف بل كونه من عملها.
4 -
الإشكال الذى يزعمون أنه دعا العلماء الإِسلاميين لأن يجعلوا للفظ "إسلام" معانى شرعية مختلفة - حل هذا الإشكال:
القرآن يستعمل صيغاً مختلفة من مادة "سلم" فى معانيها اللغوية الحقيقية، ويستعمل بعض هذه الصيغ أيضًا فى معنى شرعى واحد غير متعدد مرتبط بالأصل الأول لمادة "سلم"
5 -
الدليل على أن معنى الإسلام الشرعى هو خلوص العقيدة.
6 -
ما حدث من التطور فى المعنى الشرعى للفظ "إسلام" -آثار المعنى الشرعى الأول فيما جد من التطور.
1 -
من تأمل فيما ذكره اللغويون من معانى مادة "سلم" على اختلاف ألفاظها وصيغها متحرياً البحث عما يصلح أن يكون أصلا تتفرع عن سائر المعانى، وجد فى كتب اللغة المعتبرة مثل كتاب "الاشتقاق" لابن دريد و"الصحاح" للجوهرى و"المفردات فى غريب القرآن" للراغب الأصفهانى و"لسان العرب" لابن منظور و"المصباح المنير" للفيومى: السلام بكسر السين والسلم بكسر اللام الحجارة الصلبة، سميت بذلك
لسلامتها من الرخاوة، والواحدة سلمة، واستلم فلان الحجر الأسود هو افتَعل من السلِمة، وأن السلَم بفتحتين شجر عظيم له شوك ورقه القرظ يُدبغ به، واحده سلَمة بفتحتين أيضاً، كأنما سمى بذلك لاعتقادهم أنه سليم من الآفات، ويقال منه سلَمت الجلد بفتح اللام أسلِمه بكسرها إذا دبغته بالسّلَم.
ولعل هذه المعانى هى التى ينبغى أن تكون الأصل الأول لمادة "سلم" وعنها تفرعت جميع الاستعمالات الأخرى.
ذلك بأن هذه المعانى هى أمور مادية محسوسة قريبة إلى حياة البداوة، فهى أجدر أن تكون أصلًا لوضع المعانى المجردة.
وقد ولّد العرب من هذه المعانى معانى أخر وضعية حقيقية قائمة على معنى الخلوص الذى هو ملحوظ فى المعانى الأولى.
وهذه المعانى الحقيقية المولدة هى:
1 -
معنى الخلوص من الشوائب الظاهرة أو الباطنة. وفى معاجم اللغة أن السلْم بفتح فسكون، والسلَم بفتحتين، والسِلْم بكسر فسكون، والسلام والسلامة، تكون بمعنى الخلوص والتعرى من الآفات الظاهرة أو الباطنة.
2 -
معنى الصلح والأمان. ويقول اللغويون: إن السلْم والسلْم بكسر السين وفتحها لَغتان فى الصلح، يذكران ويؤنثان كالسلام.
3 -
معنى الطاعة والإذعان. فالسلَم بفتحتين على ما فى كتب اللغة، والسلم بفتح فسكون، والسلْم بكسر فسكون: الاستسلام والإذعان والطاعة.
ويردّ اللغويون السلام الذى هو من أسماء الله والسلام بمعنى التحية والدعاء، إلى معنى الخلوص والسلامة من المكاره، والآفات. ورد السّلَم بمعنى السلف إلى هذا المعنى غير عسير.
وفعل أسلم يستعمل فى اللغة على وجهين:
أحدهما: أن يستعمل لازما.
والثانى: أن يستعمل متعدياً.
واللازم يكون بمعنى الدخول فى السلم بمعنى الصلح أو الطاعة. وقد ذكر علماء الصرف أن صيغة أفعل اللازم
تأتى بمعنى الدخول فى شئ كأصبح بمعنى دخل فى الصباح، وأقحط: دخل فى القحط، وأعرق دخل فى العراق. وأما المتعدى فصيغة أفعل فيه للتعدية وهى تصيير الفاعل قبل دخول الهمزة مفعولا، فأسلم الشيء لفلان منقول بالهمزة عن سلم الشيء لفلان خلص له من غير منازع كسلمه له تسليما المنقول بالتضعيف، وحقيقة معناه أخلصه له وجعله له سالماً.
ولفظ "إسلام" مصدر أسلم لازماً كان أو متعدياً، فهو صالح للدلالة على كل ما يدل عليه الفعل من المعانى السالفة.
هذه هى جملة المعانى اللغوية لمادة "سلم" وما تفرع عنها، وقد ورد فى القرآن الكريم استعمال كثير من صيغ هذه المادة فى معانيها اللغوية:
فورد معنى الخلوص والبراءة من الشوائب الظاهرة والباطنة فى الآية 71 من السورة 2 - البقرة مدنية، وفى الآية 89 س 26 - الشعراء مكية، وورد فى غير هاتين الآيتين أيضاً.
وجاء معنى الصلح فى مثل الآية 35 سورة 47 - محمد مدنية، والآية 61 س 8 - الأنفال مدنية.
واستعمل القرآن الكريم بعض صيغ هذه المادة فى معنى الانقياد والخضوع كما فى الآية 26 س 37 - الصافات مكية.
2 -
على أن القرآن الكريم استعمل لفظ "إسلام" وفعله والوصف منه فى معنى شرعى خاص.
وقد اختلفوا فى هذا المعنى الشرعى على مذاهب ثلاثة:
1 -
قال قائلون إن الإسلام هو الإيمان. والإيمان باتفاق أهل العلم من اللغويين وغيرهم التصديق كما فى لسان العرب، وذهب هذا المذهب الفخر الرازى فى تفسيره عند آية {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} الإسلام" مستدلا عليه.
ب - قال آخرون إن لفظ "إسلام" يطلق فى لسان الشرع على معنيين: أحدهما الإيمان، والثانى معنى أعم من الإيمان وهو الانقياد بالقلب أو بالظاهر.
وقد نقل هذا المذهب النووى فى شرحه على صحيح مسلم، عن الخطابى.
ومن القائلين بأن لفظ "إسلام" يطلق فى لسان الشرع على معنيين من يفسر هذين المعنيين بما فسرهما به الراغب الأصفهانى.
فأحد المعنيين دون الإيمان، وهو الاعتراف باللسان.
والثانى: فوق الإيمان، وهو أن يكون مع الاعتراف باللسان اعتقاد القلب، ووفاء بالفعل، واستسلام لله فى جميع ما قضى وقدّر (المفردات فى غريب القرآن الكريم).
جـ - وقال قائلون إن الإسلام يطلق شرعا على ثلاثة معان. وعلى ذلك جرى الغزالي فى الإحياء، وهذه المعانى الثلاثة هى:
أولا: إطلاق الإسلام بمعنى الاستسلام ظاهراً باللسان والجوارح مع إطلاق الإيمان على التصديق بالقلب فقط، وبذلك يكون الإيمان والإِسلام مختلفين.
ثانياً: أن يكون الإسلام عبارة عن التسليم بالقلب والقول والعمل جميعًا، ويكون الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب، فالإيمان أخص من الإسلام.
ثالثاً: أن يجعل الإسلام عبارة عن التسليم بالقلب والظاهر جميعًا، وكذا الإيمان، وعلى هذا فالإسلام والإيمان مترادفان.
3 -
وأثر الفرق الإسلامية ظاهر قوى فى هذا الخلاف المرتبط بمسألة احتدم فيها النزاع بين الفرق، وهى مسألة الكفر بارتكاب الكبيرة. فالأشعرية لا يكفّرون أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه ما لم يرتكبه مستحلا له غير معتقد تحريمه، خلافا للخوارج القائلين بأن مرتكب الكبائر يكفر ويزول عنه الإيمان، وخلافا للقدرية والمعتزلة القائلين بأنه يخرج من الإيمان ولا يدخل فى الكفر فيكون بين الكفر والإيمان (الإبانه للأشعرى ص 10 وشرح الفقه الأكبر لأبى منصور الماتريدى المتوفى سنة 333 هـ ص 2 - 4 طبع الهند) بل إن الفرق جعلت مسألة المعنى الشرعى للإسلام والإيمان من أسس نزاعها صراحة، فالأشعرى يقول فى الإبانة:
"ونقول إن الإسلام أوسع من الإيمان، وليس كل إسلام إيمانا" ص
10.
ويقول الطبرسى الشيعي فى تفسيره "مجمع البيان": "والإسلام والإيمان بمعنى واحد عندنا وعند المعتزلة" جـ 1، ص 175 طبعة فارس سنة 1304 هـ.
فالخلاف على هذه المسألة إنما هو فى الحقيقة من تمحلات الفرق والتماسها دقائق البحث اندفاعاً وراء جموح النظر، فهو مصطنع اصطناعاً.
4 -
ولكنهم يريدون أن يلتمسوا سبباً لهذا الخلاف فى القرآن الكريم نفسه، وعندهم أن منشأه أن علماء الإسلام وجدوا فى آيات القرآن الكريم ما ذكر فيه الإسلام مقابلا للإيمان على وجه يشعر بالتغاير بينهما (ى 14 س 49 - الحجرات مدنية، ى 5 س 66 - التحريم مدنية، ى 35 س 33 - الأحزاب مدنية، ى 69 س 43 - الزخرف مكية) كما وجدوا فى آيات ما يدل على أن الإسلام والإيمان واحد (ى 84 س 10 - يونس مكية، ى 35 و 36 س 51 - الذاريات مكية، ى 17 س 49 - الحجرات مدنية). وقد أرادوا التحلل من هذا الإشكال بأن جعلوا للإسلام فى لسان الشرع معانى مختلفة.
على أن الأمر لا يدعو إلى ذلك، فإن القرآن الكريم استعمل من مادة "سلم" صيغاً كثيرة فى معانيها اللغوية كما استعملها العرب، ولكنه استحدث للفظ "إسلام" وما اشتق منه معنى واحداً شرعياً استعمله فى آيات غير قليلة، وهذا المعنى هو التوحيد وإخلاص النفس لله وحده لا يكون فيها لغيره شريك يعبد ويسمى إلهاً، وهو معنى مولد من المعنى اللغوى الذى هو الخلوص والسلامة، قال ابن دريد فى كتاب الاشتقاق (جـ 1، ص 22): "واشتقاق المسلم من قولهم أسلمت لله أى سلم له ضميرى".
أما سائر استعمالات القرآن الكريم لهذه المادة فاستعمالات لغوية جارية على الأوضاع والاستعمالات العربية الحقيقية، وقد ذكر ما يفيد ذلك الزمخشرى فى الكشاف عند تفسير آية {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} .
5 -
والدليل على أن معنى الإسلام الشرعى هو التوحيد وإخلاص الضمير لله من وجوه:
أحدها: أن القرآن الكريم يقرر أن الدين واحد على لسان جميع الأنبياء
وهو الإيمان بما يجب الإيمان به، وإنما تختلف الشرائع أى الأحكام العملية (ى 13 س 42 - الشورى مكية. يراجع تفسير الطبرى والكَشاف والرازى والبيضاوى، ى 90 س 6 - الأنعام مكية. يراجع الكشاف، ى 48 س 5 - المائدة مدنية. يراجع الطبرى ويراجع كتاب "مفتاح السعادة" الطبعة الأولى بمصر جـ 2 ص 126، 127، وكتاب "حجة الله البالغة" جـ 1 ص 68 - 69).
ودين الله الواحد الذى لا يدخله النسخ ولا يختلف باختلاف الأنبياء هو فى عرف القرآن الكريم المسمى إسلاماً (ى 19 و 20 س 3 - آل عمران مدنية. يراجع الكَشاف، وى 84 و 85 س 3 - آل عمران مدنية. يراجع الكشاف أيضا، ى 3 س 5 - المائدة مدنية) وهذه الآية الأخيرة نزلت يوم عرفة فى حجة الوداع، قالوا: ولم يعش النبى بعدها إلا 81 ليلة. وهى تدل على أن الدين الذى هو الإسلام هو التنصيص على قواعد العقائد والتوقيف على أصول الشرائع التى كملت فى القرآن الكريم. أما الأحكام العملية فهى تختلف باختلاف الأنبياء والأمم، وقد تتغير بتغير المظان، ولم يجمعها القرآن الكريم إلا إجمالا بتبيينه الأصول التى تستمد منها تلك الأحكام ولم تكن كملت عند نزول الآية (ويراجع تفسير البيضاوى لهذه الآية، والموافقات للشاطبى جـ 3، ص 62، جـ 4، ص 116، 117).
وقد ثبت بما ذكرناه أن الدين فى عرف القرآن الكريم هو الإيمان بالأصول الدينية التى هى حقائق خالدة لا يدخلها النسخ ولا يختلف فيها الأنبياء، وأن الإسلام هو هذا الدين إذ لا دين غيره عند الله.
ثانيها: أن صيغة "إسلام" وردت فى القرآن الكريم مضافة وغير مضافة فى ثمانى آيات، ست منها مدنية وآيتان مكيتان، أما المكيتان فهما ى 125 س 6 - الأنعام مكية وى س 39 - الزمر. والآيتان صريحتان فى أن الإسلام فيهما هو الإيمان الخالص الذى موضعه الصدر أى القلب.
أما الآيات المدنية فهى ى 7 س 61 - الصف. وتفسير "الإسلام" فى هذه الآية بالإيمان تدل عليه الآيات اللاحقة دلالة ظاهرة وى 74 س 9 - التوبة. والإسلام فى هذه الآية مذكور فى
مقابلة الكفر. وقد قوبل الإسلام وما يشتق منه فى القرآن الكريم بالكفر كما فى هذه الآية وى 80، س 3 - آل عمران مدنية وى 2، س 15 - الحجر مكية، وبالشرك فى آيات عديدة منها ى 67، س 3 - آل عمران ى 14، س 6 - الأنعام مكية، ثم ى 17، س 49 - الحجرات مدنية، وهى من الآيات التى ذكرها كتاب "حجج القرآن" فى حجج القائلين بأن الإيمان والإسلام واحد، وى 19، س 3، ى 85، س 3، ى 3 س 5. وقد بين الزمخشرى وغيره من المفكرين فى تفسير هذه الآيات أن الإسلام فيها هو التوحيد وإسلام الوجه لله. وذلك يقتضى أن لفظ "إسلام" لم يرد فى القرآن الكريم إلا مستعملا فى معناه الشرعى مرادفا للإيمان.
ثالثها: أن القرآن الكريم سمى أتباع دين محمد [صلى الله عليه وسلم]"الذين آمنوا" فى آيات، منها ى 62، س 2 - البقرة مدنية، ى 69، س 5 - المائدة مدنية، ى 17 س 2 - الحج مدنية، كما سماهم "المسلمين" فى آيات، منها ى 78، س 22 - الحج مدنية، ى 102 س 2 مدنية. وفى ذلك إشعار بأن معنى الإيمان والإِسلام متفق غير مختلف.
6 -
وإذا كات الإسلام فى عرف القرآن الكريم هو القواعد الأصولية التى يجب الإيمان بها والتى جمعها القرآن الكريم كاملة بحيث يعرف الإسلام بأنه هو ما أوحاه الله إلى نبيه محمد [صلى الله عليه وسلم] فى القرآن الكريم وأمره بتبيينه للناس كما تشير إليه ى 44، س 16 - النحل مكية، فقد تطور استعمال لفظ "الإسلام" إلى ما يشمل الأصول الاعتقادية والفروع العملية، وتطور استعمال لفظ الدين كذلك. فأصبح تعريف الدين عن المسلمين هو:"وضع إلهى سائق لذوى العقول باختيارهم إياه إلى الصلاح فى الحال والفلاح فى المآل" وهذا يشمل العقائد والأعمال. (كشاف اصطلاحات الفنون).
ومع هذا التطور فقد بقيت بين المسلمين آثار العرف الشرعى إلى اليوم.
فهم يقسمون الدين إلى فروع وأصول، باعتباره منقسما إلى معرفة هى الأصل وطاعة هى الفرع.
ويقولون إن العقائد يقينية، فلا بد أن تكون ثابتة بطريق دينى يقينى قطعى وهو القرآن الكريم وحده، إذ هو المقطوع به وحده فى الجملة والتفصيل.
أما الأحكام العملية فيكفى فيها الظن (شرح المواقف، جـ 1، ص 38، الموافقات جـ 4، ص 3). ويقولون إن النسخ لا يكون فى مسائل علم الكلام، وإنما يكون فى مسائل الفقه.
ثم إن الخلاف بين المسلمين فى شئون الأحكام العملية ليس له خطر الخلاف فى الأمور الاعتقادية.
فالآراء المتباينة فى الأولى تسمى مذاهب، وأتباع كل مذهب يعتقدون أن مذهبهم صواب يحتمل الخطأ ومذهب غيرهم خطأ يحتمل الصواب. بل يرى بعضهم أن الحق يتعدد فى المسائل الاجتهادية باعتبار أن الله لم يكلف الناس إلا بأن يبذلوا جهدهم فى تحرى الصواب فما وصلوا إليه بجهدهم فهو بالنسبة لهم الحق لا يجوز العدول عنه.
ولست تجد شيئًا من ذلك فى أمور العقائد التى يؤدى الاختلاف فيها إلى تفرق الفرق يكفر بعضها بعضاً، والحق فى مسائل العقائد واحد لا يتعدد وكل ما سواه باطل. أحسن الفروض بالنسبة لصاحبه أن يعذر فينجو من عقاب الأخذ بالباطل. ("فصول البدائع، فى أصول الشرائع" للفنارى، جـ 2، ص 417، 424).
هذا، والأعمال البدنية نفسها لا يكون لها اعتبار فى دين المسلمين بحسب صورها الظاهرة، وإنما هى معتبرة بالنيات والهيئات النفسانية التى هى مصدرها. يراجع كتاب "حجة الله البالغة"(جـ 1، ص 4) وفى القرآن الكريم: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} (ى 37 س 22 - الحج مدنية).
ويروى عن النبى حديث هو أحد الأحاديث التى عليها مدار الإسلام، وقال الشافعى وأحمد: إنه يدخل فيه ثلث العلم، وهو من أصح الأحاديث النبوية وأشهرها حتى زعم بعضهم أنه متواتر (شرح القسطلانى على البخاري، جـ 1، ص 55) اعترافا بمكانته بين السنن تجده فى فاتحه كتب الحديث المعتبرة كصحيح البخاري وصحيح مسلم.
هذا الحديث هو: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".
مصطفى عبد الرازق