الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6)
أبو الفداء، طبعة فليشر، ص 192.
(7)
ابن قتيبة: المعارف، طبعة فستنفلد، ص 18، 30.
(8)
Die Chroniken der Stadt Mekka، طبعة فستنفلد، فى مواضع مختلفة.
(9)
سيرة عنتر، طبعة القاهرة سنة 1306 هـ، جـ 1، ص 35 - 38.
(10)
Biblische Legenden der: Weil musulmanner، طبعة فرانكفورت سنة 1845 م، ص 82 - 93.
(11)
Neue Beirage zur: Grunbaum semitischen Sagenkunde، ليدن سنة 1893 م، ص 120 - 111.
[فنسنك A.J.Wensinck]
الإسماعيلية
فرقة من الشيعة سميت بهذا الاسم لأنها وقفت بسلسلة الأئمة عند إسماعيل، الابن الأكبر لجعفر الصادق الإمام السادس، وقد جعلوا الإمامة بعد جعفر لابنه إسماعيل، وكان جعفر قد استخلف إسماعيل، ولكنه عاد فاستخلف ابنه الثانى موسى لأنه لقى إسماعيل ثملا. ولكن الإسماعيلية لم يسلموا بنزع الإمامة من إسماعيل لأنهم كانوا يرون أن الإمام معصوم، وأن شرب الخمر لا يفسد عصمته، وأنه لا يجوز لله أن يأمر بشئ ثم ينسخه على نقيض ما قرر جعفر. وتوفى إسماعيل
فى المدينة عام 143 هـ (760 - 761 م) أى قبل وفاة أبيه بخمسة أعوام ودفن فى مقبرة بقيع الغَرْقَد.
وأراد جعفر أن يؤكد وفاة ابنه بأقوال شهود عديدين، ولكن أتباع إسماعيل لم يسلموا بموته وزعموا أنه كان حياً بعد وفاة أبيه بخمس سنوات وأنه رئى فى سوق البصرة حيث وضع يده على مُقعد فأبرأه. وقد ترك أبناء إسماعيل المدينة لما لحقهم من الاضطهادات السياسية التى حاقت بالعلويين، فذهب محمد وهو الابن الأكبر إلى اقليم دَماوَنْد بالقرب من الرَى واختفى هناك، واختبأ أبناؤه فى خراسان، وبعد ذلك ذهبوا إلى قَنْدَهار ثم إلى الهند وما زالوا هناك إلى اليوم، وذهب أخوه على إلى الشام وبلاد المغرب. وكان أبناء إسماعيل يبعثون وهم فى البلاد التى اختبأوا فيها،
بالدعاة إلى العالم الإسلامى ليدعوا الناس إلى مذهب الباطنية الذى ينهض على تأويل القرآن، ومن أشهر دعاتهم ميمون الملقب بالقَداح الذى أصبح ولده عبد الله رأس فرقة القرامطة. واستعان عبد الله برجل من أغنياء الفرس يعرف بمحمد بن الحسين ويلقب بزيدان. وكان محمد هذا يزعم أنه وجد فى الحكم النجومى انتقال دولة الإسلام إلى دولة الفرس، فحاول نشر دعوة عبد الله الدينية والاجتماعية فى وقت معا بين الفرس (الفهرست، ص 168؛ : O . Loth morgen[andische Forchungen، ص 307؛ storia dei Musulmani di Si- M. Amamari cilia، ص 114).
وفى أواخر القرن الثالث للهجرة أقام عبيد الله بن محمد المهدي -الذى بايعه بربر قبيلة كتامة بالإمامة- الدولة الفاطمية أو العبيدية فى بلاد المغرب، التى لم تلبث أن انتقلت إلى مصر.
الإسماعيلية فى فارس:
ولد الحسن بن الصَبّاح فى الرَّى وتعلم فيها تعاليم الباطنية ثم رحل إلى مصر فى عهد الخليفة المستنصر عام 471 هـ (1078 - 1079 م) للتفقه فى هذا المذهب. وبعد أن أقام فى مصر نحو عام ونصف العام أخرج منها فعاد إلى فارس ليبث الدعوة فيها. وتسلل إلى قلعة ألموت خفية فى 6 رجب عام 483 هـ (4 سبتمبر عام 1090 م) وكان له فيها أتباع عديدون. واتخذ من تلك القلعة معقلا له، وقام هو وأتباعه بعدة غارات على الأماكن المجاورة، واستولى مباغتة على الحصون الموجودة فيها وبنى حصوناً جديدة. ويقال إنه أنشأ هناك حدائق غناء كان الفدائيون يتمتعون فيها بالملاذ التى يتوقعون التنعم بها فى الفردوس. ولكن الأرجح أن جنتهم تلك كانت محض خيال يصوره لهم الحشيش الذى كانوا يدخنونه.
ولما رأى السلطان السلجوقى ملكشاه أن وجود الإسماعيلية فى هذا المعقل كبير الخطر، عهد إلى الأمير أرسلان طاش بمحاربة الحسن بن الصَبّاح (485 هـ = 1092 م) فحاصر قلعة ألموت ولكنه هزم هزيمة منكرة إذ خرج عليه الإسماعيلية ليلًا من القلعة
وفاجأوه بالقتال. وفى هذا العام نفسه حاصر قزل صاريغ، أحد قواد السلطان، قلعة ديره وهى مركز آخر من مراكز الدعوة الإسماعيلية، ولكنه لم يظفر منها بطائل. على أن وفاة السلطان ملكشاه وضعت حداً لتلك المحاولات: وقبل وفاة ملكشاه بأربعين يوماً قتل فدائى يدعى ظاهر أرانى الوزير نظام الملك. وكان ذلك أول هذه الاغتيالات الخفية التى روعت العالم الإسلامى. وفى عام 495 هـ (1102 م) استولى اثنان من أتباع الحسن بن الصباح وهما الرئيس المظفر وكيابُزرُ كميد على قلعتى كردْ كوه ولمسر (ويذكرها حمد الله الَمستوفى فى نزهة القلوب، ص 61 باسم لنبسر).
وأوفد السلطان محمد، نظام الدين أحمد لمحاربة الإسماعيلية فظل سبع سنوات يخرب ديارهم حول قلعة ألموت، ثم أرسل بعده الأتابك أنوشتكين شير كير وكاد يستولى على قلعة لمسر وقلعة ألموت فى أواخر عام 511 هـ (أبريل عام 1118 م) ولكن موت السلطان صرفه عن القتال. وسالم سنجر الإسماعيلية خوفاً ورهبة بعد أن رأى خنجراً ألقاه أحد الفدائيين على الأرض أمام عرشه.
ولما توفي الحسن بن الصباح فى 26 ربيع الأول عام 518 هـ (12 يونيه سنة 1124 م)، خلفه كيابزر كميد فى الحكم دون أن يعكر صفوه شئ إلى أن توفي فى 26 جمادى الأولى عام 532 هـ (11 مايو 1138 م). ثم خلفه ولده محمد فى الحكم على نفس المنوال إلى أن توفي عام 557 هـ (1162 م)، واستحدث ابنه حسن - ويقولون فيه:"على ذكره السلام"- بدعا فى مراسم الإسماعيلية فوضع المنبر قبالة القبلة عام 559 هـ (1164 م) وكانت السُّنة تقضى بوضعه على يسار المحراب. وادعى أنه من سلالة نزار ولد المستنصر وأنه لذلك يستحق الإمامة. ويقول أتباعه إنه إمام بالنص، وفى نهاية العام الرابع من حكمه قتله صهره وهو من أسرة بنى بويه فى حصن لمسر. وقد ثار له ولده محمد الثانى إذ قتل أفراد أسرة القاتل، وظل فى الحكم دون منازع تسعة وأربعين عاماً. وبينما نجد محمداً الثانى هذا يسير على نهج أبيه فى الحكم نجد ابنه جلال الدين
حسن الثالث على العكس منه يعلن عند اعتلائه العرش عزمه على إعادة توطيد شرائع الدين الإسلامى القويم، فأمر ببناء المساجد من جديد وأن يقوم الناس بصلاة الجماعة يوم الجمعة، ولهذا سمى "نَوْمُسْلمان" أى المسلم الجديد، وتوفى جلال الدين مسموماً كأبيه. وكان علاء الدين محمد الثالث يبلغ من العمر تسع سنوات فقط عند وفاة أبيه. وقد اضطر هذا الابن إلى اعتزال الحياة العامة لحداثة سنه ولفقده جزءا من دمه فى حادث وقع له فى العام الخامس من حكمه، وعاش معتكفا فى قصره إلى أن قتل فى لحظة كان فيها ثملا بتحريض ولده ركن الدين خورشاه وذلك فى آخر ذى القعدة عام 651 هـ (21 يناير سنة 1254 م). وأمر إمبراطور المغول القائد هولاكو بهدم معقل هؤلاء المتعصبين الخطرين عام 654 هـ (1256 م) فحاصر قلعة ميمون (ميمون دز) حيث كان ركن الدين. وقد سلم ركن الدين نفسه فأسر واقتيد إلى بلاط منكو الذى أبى أن يراه، ثم قتل بعد ذلك عند شواطن نهر سيحون أثناء رجوعه. وسلمت قلعة ألموت، وأما قلعة كرْدكوه فقد ظلت تقاوم ثلاث سنواتَ وانمحت آخر آثار الإسماعيلية فى قوهستان [كوهستان] فى عهد خان المغول أبى سعيد الذى أرسل بعثة لهداية الناس فى قاين. وأخرج كذلك شاه رخ بن تيمور، آخر أتباع تلك الطائفة من هذا الإقليم، ولم يكن موضع شبهة هناك إلا فئة قليلة من الجند والدراويش.
الإسماعيلية فى الشام:
استقر الإسماعيلية فى هذا القطر بُعيد استقرارهم فى جبال الديلم، ووجدوا فى حلب حوالى نهاية القرن الحادى عشر الميلادى فى أيام الأمير السلجوقى رضوان بن تتش الذى اعتنق مذهبهم على يد طبيب عالم بالنجوم. وكان أول ضحاياهم صهر هذا الأمير، وهو الأمير جناح الدولة حسين صاحب حمص، فقد قتل أثناء سيره لمهاجمة الكونت سنت جيلز St. Gilles ليكرهه على فك حصار حصن الأكراد، قتله وهو يصلى ثلاثة من الفرس تزيوا بلباس الصوفية. ولم ينقض وقت طويل حتى توفي ذلك المنجم فجأة (وربما قتل غيلة). وانتقل سلطانه إلى رفيق له من أصل فارسى أيضًا وهو أبو طاهر
ابن الصائغ، وفى عام 499 هـ (1106 م) خادع الإسماعيلية الفرنجة واستولوا على حصن أفامية " Apamaea"، ولكن سرعان ما عاد الصليبيون إليه. وأدى تطرف الإسماعيلية وغلوهم إلى الإيقاع بهم فذبحوا فى حلب عام 507 هـ (1113 م) ونجا الداعية إبراهيم فحاول الاستيلاء على شَيْزَر الواقعة على نهر العاصى Orontes عند انصراف النصارى إلى الاحتفال بأحد أعيادهم، وبالرغم من نجاحه فى مفاجأة المدينة فإن سكانها، وكان يقودهم الأمراء من بيت منقذ، استولوا ثانية على "الباشورة" وتسلقوا الأسوار بواسطة الحبال التى أدلاها لهم نساء المدينة اللائى بقين فيها. واستعاد الإسماعيلية شيئًا من سلطانهم فى حلب، ومع هذا فإن إيلغازى حال بينهم وبين الاستيلاء على قلعة الشريف. وفى 23 رمضان عام 515 هـ (5 ديسمبر عام 1121 م) قتل فدائيو الإسماعيلية الوزير الفاطمى الأفضل بن بدر الجمالى.
وثار أهل ديار بكر على الإسماعيلية وقتلوا الدعاة الذين بعثوا بهم إلى تلك المدينة عام 518 هـ (1124 م)، ولكن استيلاء الإسماعيلية على حصن بانياس وطد مركزهم. ولما أراد طغتكين صاحب دمشق إنقاذ صاحبه بهرام من سوء معاملة أهل دمشق له، ولاه على ذلك الحصن. وثار أهله على بهرام فقاتلهم عام 522 هـ (1128 م). ثم خلفه إسماعيل الفارسي، ولما ذبّح أتباعه فى دمشق (15 رمضان عام 523 هـ = 1 سبتمبر عام 1129 م) سلم حصن بانياس للصليبيين.
وأراد الإسماعيلية أن يعوضوا هذه الخسارة فاشتروا حصن قدموس من صاحبه سيف الملك بن عمران عام 527 هـ (1132 م). وقد وجد بنيامين التطيلى بعد ذلك العهد بعشرات قليلة من السنين أن ذلك الحصن كان مقر زعيم هذه الطائفة، الذى استولى بخديعة على حصن مَصْياث (مصياف). وكان للإسماعيلية فى ذلك الوقت ما لا يقل عن ستة حصون فى الشام، أو عشرة كما يقول وليم الصوري. وأراد الداوية أن يثأروا لقتل ريموند الأول حاكَم طرابلس فأغاروا على الإسماعيلية وأكرهوهم على أداء الجزية.
وكان على رأس الإسماعيلية فى ذلك العهد (منذ عام 1169) راشد الدين سنان بن سليمان زعيم الحشاشين الذى جاء من جوار البصرة وتعلم فى قلعة ألموت. وأسرف الإسماعيلية فى إتيان المنكرات فثار عليهم أهل مدينة الباب الواقعة بين مدينتى بُزاعَة وحلب وأخرجوهم من منازلهم وطاردوهم إلى مكان سحيق (انظر أيضًا: ابن جبير، طبعة رايت وده غوية، ص 249 وما بعدها). وفى 11 ذى القعدة عام 571 هـ (22 مايو 1176 م) نجا صلاح الدين من مكيدة دبَّرها الإسماعيلية لقتله بفضل الزرد الذى كان يحيط بقلنسوته. وأراد أن يثأر منهم بحصاره لمصياث، ولكنه عدل، عن ذلك لتعب جيوشه. وربما كان سبب هذا العدول أيضًا اتقاء وعيد الحشاشين.
ويظهر أن صلاح الدين سالَم خصومه لأن المعاهدة التى عقدها مع ريتشارد قلب الأسد شملت بلاد الإسماعيلية أيضًا.
وفى 13 ربيع الآخر عام 588 هـ (29 أبريل عام 1192 م) اعتدى رجلان من الإسماعيلية على كونراد صاحب صور Tyre وقتلوه عند عودته من مأدبة دعاه إليها أحد الأساقفة، وقتلوا أيضًا فيما بعد رايموند الابن الأكبر لبوهيمند الرابع أمير أنطاكية بينما كان فى كنيسة أنطرسوس.
وقبل أن يقتل هولاكو ركن الدين خورشاه سيد قلعة ألموت، استكتبه كتاباً لقواده فى حصون الشام يأمرهم فيه بتسليم تلك الحصون إلى المغول. وكان المغول قد حاصروا بالفعل أربعة من تلك الحصون بمجرد ظهورهم فى الشام فى 658 هـ (1260 م). ولكن سرعان ما استعادها أصحابها عند انتصار قطز سلطان المماليك. وفتح هذه الحصون فتحاً كاملا السلطان بيبرس فيما بين سنة 668 وسنة 671 هـ (1270 - 1273 م). ومنذ ذلك التاريخ أقر الإسماعيلية بالخضوع لسلطان مصر ودأبوا على تقديم "حشاشيهم" إلى الولاة الذين يرغبون فى استخدامهم. ويقول ابن بطوطة (طبعة باريس، جـ 1، ص 166 - 167) إنهم كانوا فى خدمة الملك الناصر محمد بن قلاوون.