الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إشبيلية
" إِشبِيلْيَة" بالإسبانية سِفيلاً Sevilla. وينسب إليها فيقال الإشبيلى: مدينة كبيرة فى الأندلس يربو عدد سكانها على 150.000 نسمة، وهى قصبة الإقليم المعروف بهذا الاسم. وكانت فيما مضى عاصمة مملكة إشبيلية، وهى ترتفع عن سطح البحر حوالى 45 قدمًا وتقع فى واد فسيح الجنبات على الضفة اليسرى لنهر الوادى الكبير الذى يفصلها عن ضاحية طرْيانَة. ومع أن هذه المدينة تبعد عن البحر مسافة ستين ميلا إلا أن لها جميع خصائص الثغور، لأن النهر عندها بطئ التيار ويصل المدّ إلى ما بعدها. Aequoreus omnis للشاعر اللاتينى ومناخها دفئ جاف.
وكان إقليم إشبيلية يشمل فى العهد الإسلامي الحوض الأدنى لنهر الوادى الكبير ويمتد شرقاً إلى جبل الأرك وقادس وغربًا إلى وادى آنا فى إقليم غنى أخصبه النهر الكبير. ومنحدرات جبل الشرف التى تقع فى جوار القصبة مباشرة خصبة تنبت فيها أشجار التين والزيتون المشهورة ثمارها فى جميع أنحاء الأندلس. وما فتئ جغرافيو العرب يشيدون بذكر خصوبة الإقليم وثروته، وكان هذا الإقليم هو الوحيد فى شبه الجزيرة الذى يزرع فيه القطن، كما كانت صادراته من الأهمية بمكان، ومن أهم الحاصلات الأخرى قصب السكر والزعفران. وكان الإقليم مكتظاً بالسكان، ويقول الإدريسى إنه كان به ما لا يقل عن 8000 قرية تعتمد كلها على العاصمة.
واسم إشبيلية مشتق من الاسم القديم إسيالس Hispalis وهو من أصل أيبيرى استبقاه الرومان للمدينة. وبعد أن فتحها يوليوس قيصر عام 45 ق م أصبح لها شأن كبير فى عهد الرومان. وقد أطلق عليها هذا القائد Colonic Julia Romula. وكانت فى عهد الإمبراطورية -هى وقرطبة أو بايتيس Baetis وطالقة Italaic على التعاقب - عاصمة لأقليم
قرطبة Baetica؛ ثم أصبحت بعد ذلك مملكة للوندال عام 411 م، كما أصبحت من عام 441 م مقر ملوك القوط الغربيين حتى جاء أثانا كلده - Athan agilde عام 567 م فنقل مقر حكمه إلى طليطلة. ويقول بعض المؤرخين إن مدينة إشبيلية سقطت فى ربيع عام 94 هـ (712 م) بعد وقوع شذونة وقرمونة Carmona فى أيدى المسلمين إثر حصار دام شهرًا، ولعلها سقطت فى مدة أطول إذا أخذنا بالوصف المفصل للفتح الذى جاء فى "أخبار مجموعة" الذى لا نعرف مؤلفه. والتجأت طائفة من المسيحيين إلى باجة Beja، وأسكن الفاتح موسى بن نصير جماعة من اليهود إشبيلية وترك بها حامية أمر عليها عيسى بن عبد الله الطويل المدنى، كما استعمله على المدينة، ثم حاصر ماردة Merida . وفى يوليه من السنة عينها قام مسيحيو إشبيلية بفتنة، يعاونهم فى ذلك إخوانهم من أهل باجة ولَبْلَة Niebla، إلا أن عبد العزيز بن موسى بن نصير نجح فى قمعها واستعاد المدينة نهائياً وأعمل القتل فى الثوار. ولما قفل موسى راجعًا إلى المشرق أصبح عبد العزيز والياً على الأندلس واختار إشبيلية حاضرة له وفيها تزوج أرملة لذريق - لا ابنته كما يروى عادة - إكلونه Egilona التى عرفها مؤرخو العرب باسم أيلو أو أم عاصم، وأقام فى كنيسة سنت روفينة وابتنى فى قبالتها مسجداً، وهناك قتله الجنود فى رجب من عام 97 هـ (مارس سنة 719 م) بتحريض الخليفة سليمان.
وبعد وفاة عبد العزيز نقل العرب مقر حكمهم إلى قرطبة، ومع ذلك ظلت إشبيلية من أغنى مدائن الأندلس. والحق إن إشبيلية كانت أقل مدن الأندلس تأثرًا بالفاتحين، وما من شك فى أن أهلها دخلوا الإسلام فى بطء. وكانت المدينة مصطبغة إلى حد كبير بالصبغة الرومانية أو القوطية، وظلت أسماء أعلام هذه المدينة أمدا طويلا تدل
على هذا الأصل المشترك. وساعد انتشار الإسلام فى شبه الجزيرة على ازدهار التجارة والزراعة، وزادت بذلك أهمية ثغرها إشبيلية.
وعند تقسيم الأندلس مقيميات وإقطاعات وقعت إشبيلية من نصيب جند حمص أنزلهم فيها عام 125 هـ (742 م) العامل أبو الخَطار حُسام بن ضِرار الكلبى، كما أنزل فى نفس الوقت جند دمشق مدينة إلبيرة Elvira، وجند الأردن مدينة مالقة Malaga. وأنزل جند قنَّسْرِين مدينة جَيّان Jaen، وجند فَلسطين مدينة شَذُونة، وجند مصر مدينة تُدْمير (مُرْسية)، ويطلق على إشبيلية أَحياناً اسمَ حمص (ياقوت: معجم البلدان، انظر آخر مادة "حمص").
ولما استتب الأمر للخلافة الأموية بالأندلس فى عهد عبد الرحمن الداخل ابن معاوية وخلفائه من بعده، نيطت إشبيلية بعماله مثل العامل المقتدر عبد الملك بن عمر. وكانت إشبيلية -شأن غيرها من المدائن- مشهدًا للفتن فى كثير من الأحيان. وفى عام 149 هـ (766 م) أخمدت الفتنتان اللتان قام بهما سعيد اليحصُبى المّطَرى اللّبْلى وأبر الصباح ابن يحيى اليحصبى. وفى عام 156 هـ (773 م) كان على الخليفة أن يقضى على المحاولة الاستقلالية التى قام بها العامل عبد الغافر -أو عبد الغفار- اليمنى وحياة بن مُلامِس أو مُلابِس.
وأقام عبد الرحمن الثانى حول المدينة سورًا محصنًا كما شيد فيها مسجدًا جامعًا. وفى عهده استولى القراصنة النرمانديون (المجوس عند العرب) على مدينة إشبيلية للمرة الأولى عام 230 هـ (844 م). فقد غزيت المدينة بعد حصار قصير واضطر الخليفة إلى تنظيم جنده لاستعادة المدينة، وحمل الغزاة على الفرار فى الوقعة الفاصلة المعروفة باسم وقعة طَلْياطة. وشيد
عبد الرحمن الثانى داراً للصنعة خشية سقوط المدينة ثانية فى أيدى المجوس كما ابتنى مراكب سريعة، ولم يمنع هذا من وجود صلات ودية بينه وبين ملك المجوس، بل لقد أسفر يحيى بن الحكم الغزال إلى بلاط هذا الملك. وفى عهد ولده محمد هاجم النرمانديون الأندلس مرة أخرى عام 245 هـ (859 م) ولكن الراجح أن يكون النرمانديون الذين عسكروا عند مصب نهر الوادى الكبير لم يذهبوا إلى إشبيلية بل ذهبوا مباشرة للاستيلاء على الجزيرة الخضراء - Al geciras . ومع ذلك يفترض ابن خلدون والنميرى أن النرمانديين نزلوا إلى إشبيلية فى ذلك الوقت (انظر على الأخص Recherches Les Normandes en Espagne: R.Dozy ص 256 - 263، ص 279 - 284).
وفى عهد الخليفة عبد الله اضطربت المدينة مدة طويلة من جراء أطماع وتدابير الأسرتين اليمنيتين الكبيرتين: بنى خلدون وبنى حجاج، وكان لهما أملاك واسعة وموال فى جميع أرجاء البلاد، وكانوا يبغضون أسيان إشبيلية الذين دخلوا فى الإسلام، كما كانوا يبغضون خلفاء قرطبة الأمويين. وما إن اعتلى عبد الله العرش حتى ألّب زعيم الأسرة الأول كُرَيْب بن خلدون جميع بلاد الشرف وضم تحت لوائه زعيم بنى حجاج وغيره من زعماء جنوبى الأندلس من العرب والبربر وعاث فى جميع أنحاء إشبيلية بالسيف والنار، ولكنه قضى بعد ذلك عام 278 هـ (891 م) على المارقين فى إشبيلية، وأحيانًا كان الخليفة يعاونه فى ذلك. وأصبحت السلطة للعرب فى هذه المدينة. ولم ينفذ الخليفة إليهم حملة إلا بعد أربعة أعوام.
وفى عام 286 هـ (899 م) تنازعت الأسرتان بعد أن كانتا فى صفاء فانتصر إبراهيم بن الحجاج وقتل كُريبًا، وبعد أن تحالف إبراهيم مع الثائر المشهور عمر بن حفصون خضع آخر الأمر لخليفة قرطبة. بينما كان يستمتع
فى إشبيلية بسلطان لا حدّ له ووطد حكمه فيها، وكان الشعراء المبرزون والمغنى المعروف قمر زينة بلاطه. وقد بدأ الأمن يستتب فى الأندلس عندما عاد إبراهيم إلى الولاء لبنى أمية. ومرت إشبيلية فى عهد الخليفة العظيم عبد الرحمن الثالث بفترة سلام ورخاء وإن لم تكسف نور قرطبة، كما ظلت على خضوعها للسلطة المركزية.
ولكن أظهر عصور إشبيلية وأهمها من الوجهة السياسية هو العصر الذى تلا سقوط الخلافة الأموية حين أصبحت حاضرة بنى عباد المستقلين منذ عام 414 هـ (1023 م). وكان مؤسس هذه الأسرة، وهو القاضى أبو القاسم محمد الأول، ابنًا للفقيه الأندلسى اللخمى المشهور إسماعيل بن عباد، واستولى على السلطان واعترف فى أول الأمر بسيادة السلطان الحَمُّودى يحيى بن على ولكنه سرعان ما خلع عن كاهله هذه السيادة الاسمية، ولما توفى أبو القاسم عام 434 هـ (1042 م) خلفه ابنه أبو عمرو عبّاد المعروف بالمعتضد وحكم سبعة وعشرين عامًا امتازت بأعمال القسوة والغدر، ومد ملكه على حساب الإمارات المتاخمة له غربًا وجنوبًا، ولم يصمد له إلا باديس الزِّيرى ملك غرناطة، وتوفى عام 461 هـ (1068 م). وقد اشتهر ابنه أبو القاسم محمد الثانى، ولقبه المعتمد، بمواهبه وتذوقه للشعر، وفى عهده أصبحت إشبيلية ملتقى الفحول من علماء عصره، واستولى على قرطبة من بنى جوهر، ولكنه سرعان ما اصطدم بأطماع ملك قشتالة الأذفونش (ألفونسو) الثالث Alfonso فاضطر إلى طلب النجدة من سلطان المرابطين بالمغرب يوسف بن تاشفِين فعبر إليه يوسف فى الثانى عشر من رجب عام 479 هـ (23 أكتوبر 1086 م) وانتصر انتصارًا باهرًا فى الزَلاقة، وما إن عاد المرابطون إلى مراكش حتى عاود المسيحيون الهجوم، فاضطر المعتمد إلى الذهاب إلى سلطان لَمْتونة يطلب النجدة
مرة أخرى فأعانه يوسف. ولكن لم يمض وقت طويل حتى اغتصب مملكته واستولى على ثروته. وفى عام 484 هـ (1091 م) سقطت إشبيلية وقرطبة والمرية Almeria ومُرْسِيَة Murcia ودانية Denia فى يد قائده سِير بن أبى بكر بن تاشفين، ونهب جنود البربر المدينة من أقصاها إلى أقصاها وهدموا قصور بنى عبّاد، وأسر المعتمد ونفى إلى مراكش ومات فى أغمات عام 488 هـ (1095 م) بعد أن بث أشجانه فى مراث حظيت من المتأدبين بالشهرة والذيوع، واشتهر بالكرم والشجاعة والعلم. وقد جمع دوزى جميع الوثائق التى تتعلق بإشبيلية فى عهد بنى عبّاد (Scrintnrum Arahum loci de Ahhadidis فى ثلاثة مجلدات، ليدن سنة 1846 - 1863) وحكم القائد المرابطى سِير إشبيلية من قِبل سيده، وأضحت -شأن جميع مدائن الأندلس- تحت حكم سلاطين المغرب. وفى رجب عام 526 هـ (مايو 1132 م) غزت قوة من نصارى طليطلة ما جاور إشبيلية، وقتل فى هذا العراك عامل المدينة عمر بن مَكُور.
واغتبط أهل إشبيلية عندما جاءهم خبر سقوط المرابطين وقيام دولة الموحدين، وحاصر بَرّاز بن محمد المَسوفى قائد السلطان عبد المؤمن مدينة إشبيلية بعد أن غزا الجنوب الغربى من شبه الجزيرة، واستولى عليها فى شعبان عام 541 هـ (يناير 1147 م) وألجأ حامية المرابطين إلى الفرار. وفى العام التالى ذهب جماعة من وجوه إشبيلية لمبايعة سلطان الموحدين يتزعمهم القاضى أبو بكر بن العربى الذى توفي فى مدينة فاس أثناء عودته. واستعمل عبدُ المؤمن على المدينة يوسفَ ابن سليمان الموحدى، كما استعمل عليها عام 551 هـ (1156 م) ابنه أبا يعقوب يوسف نزولا على رغبة أهلها وظل عليها إلى أن خلف أباه عام 558 هـ (1163 م).
وقد أصبحت إشبيلية فى عهده قاعدة لقوات الموحدين بالأندلس، وبقى
أبو يعقوب هناك من عام 568 هـ (1172) إلى عام 571 هـ (1175 م) ولما غادرها ولىّ عليها اخاه أبا إسحاق إبراهيم مع القائد محمد بن يوسف بن وانُودِين وأمير البحر عبد الله بن جامع. وفى إشبيلية قام أبو يعقوب عام 580 هـ (1184 م) بإعداد القوة لحملة شنترين Santarem التى لقى فيها حتفه. وأعاد ابنه أبو يوسف يعقوب المنصور (580 - 595 هـ = 1184 - 1199 م) جيش الموحدين إلى إشبيلية ثم رجع إلى مراكش بعد أن استعمل على المدينة الزعيم الحفصى أبا يوسف، واستقدمه أبو يوسف فعاد إلى إشبيلية عام 586 هـ (1190 م) كى يستعيد شِلْب Silves من أيدى النصارى الذين كانوا قد استولوا عليها عنوة، وبعد أن انتصر أبو يوسف يعقوب انتصارًا مبينًا على الأذفونش الثامن صاحب قشتالة فى الأرك فى 8 شعبان عام 591 هـ (19 يوليه 1195 م) أقام مدة طويلة بإشبيلية، وفى أثناء إقامته هذه سجن الفيلسوف القرطبى المشهور ابن رشد. ولم يعد إلى مراكش إلا قبل وفاته بعام واحد أى عام 594 هـ (1198 م).
وفى عهد هذين السلطانين كانت إشبيلية تضاهى ما كانت عليه فى أزهى عهود بنى عَبَاد، وكانت فى تلك الفترة احفل بالسكان من قرطبة. وابتنى فيها سلاطين الموحدين وكبار رجال دولتهم القصور، كما زاد عدد المساجد والحمامات والنزل والأسواق زيادة كبيرة. وشيد فى عهد أبى يعقوب المسجد الكبير الجديد على الموقع الذى قامت عليه بعد ذلك الكنيسة الموجودة إلى الآن والتى شيدت فى القرن الخامس عشر الميلادى. ويقول صاحب روض القرطاس (طبعة تورنبرغ، ص
138) إن بناء هذا المسجد كان عام 567 هـ (1172 م) بينما ورد فى كتاب الحُلَل المَوْشِئة الذى لا يعرف مؤلفه (طبعة تونس، ص 120) أنه شيد عام 572 هـ (1176 - 1177 م). ويروى ابن أبى زرع أن بناء هذا المسجد
استغرق أحد عشر شهرًا، وهذا أمر بعيد الاحتمال فيما يبدو. ويروى المؤلف نفسه أنه قد بنى فى العام نفسه قنطرة على نهر الوادى الكبير وقصبتان وأسوار وخنادق وأرصفة على شاطئ النهر وجسر معلق. ولم يبق من مسجد الموحدين الكبير بإشبيلية إلا صحنه ويعرف الآن باسم (- Patio de los Na ranjos ومعناها صحن أشجار البرتقال) مع باب يطلق عليه اسم - Puer ta del Perdon، وأهم ما بقى منه المئذنة المشهورة المعروفة باسم الخيرالدا - Gi ralda (وسميت كذلك لأن عليها شعارًا دينيًا يدور مع الريح، ولفظة Girar الإسيانية معناها يدور). وهذه المئذنة مساحة قاعدتها ثلاث وأربعون قدمًا مربعة، وهى بصفة عامة أقل شأنًا من مئذنة جامع حَسّان برباط الفتح ومئذنة جامع الكُتْبيين بمراكش اللتين شيدتا فى الوقت نفسه. وهى مبنية من الآجر، وسمك جدرانها سبع أقدام تتخللها نوافذ رؤوسها على النمطين العربى والقوطى الغربى. وحولت منارة المسجد التى تقوم من قاعدة المئذنة إلى برج للناقوس، ويبلغ ارتفاع البرج ما يربو على ثلاثمائة قدم.
وفى عام 609 هـ (1212 م) جمع خليفة المنصور -وهو محمد الناصر الموحدى- جيشا عرمرمًا كى يستعيد الجزء الذى استولى عليه النصارى من الأندلس، ولكنه انهزم فى الخامس عشر من صفر من السنة نفسها (16 يوليه) عند حصن العُقاب Las Navas de Tolosa وعاد السلطان وجنده إلى إشبيلية فى حالة يرثى لها.
وبعد ذلك بقليل، فى عهد يوسف الثانى المستنصر الموحدى، شيد عامله أبو العلا عام 617 هـ (1220 م) برجًا على ضفة الوادى الكبير لحماية النهر وقصر السلطان (ويسمى الآن ألكازار (Alcazar وقد أعاد بناءه فى القرن الرابع عشر بدْرو الطاغية، واحتفظ باسمه العربى "برج الذهب" فأطلقوا عليه
بالإسبانية Torre del Oro. ومازال قائما جزؤه الأسفل المكون من اثنتى عشرة طبقة بعضها فوق بعض تتوجها أبراج أصغرها على القمة.
وبعد بضعة أعوام أصبحت إشبيلية معقل السلطان إدريس المأمون الموحدى، فلما نزح عنها إلى مراكش عام 626 هـ (1228 - 1229 م) استولى على المدينة الثائر محمد بن يوسف بن فود الذى استطاع فى آخر الأمر أن يطرد الموحدين من الأندلس جملة. واستطاع فرديناند الثالث -بفضل الحلف الذى عقده مع محمد الأول بن الأحمر أول سلاطين غرناطة من بنى نصر- أن يحاصر إشبيلية 1247 م حصارًا دام ستة عشر شهرًا، ثم سقطت المدينة فى غرة شعبان عام 646 هـ (9 نوفمبر 1248 م) أو بعد ذلك بأربعة اْيام فى روايات أخرى. وأبقى على حياة السكان المسلمين وسمح لهم بالهجرة إلى إفريقية وإلى الأجزاء الإسلامية من الأندلس. وفى الأعوام التالية حاول سلاطين الأسرة المرينية بمراكش استعادة المدينة من النصارى، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل. وفى عام 674 هـ (1275 م) خرّب السلطان أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق إقليمى إشبيلية وشريش Jerez بعد أن هزم جيش القائد دون نونو ده لارا Don Nuno de Lara ولكنه سرعان ما اضطر إلى رفع الحصار عن هذه الحاضرة. وفى حملته الثانية على الأندلس عام 676 هـ (1278 م) وصل مرة أخرى إلى أسوار إشبيلية وخرّب إقليم الشرف Al-jarafe ثم واصل غزواته التى وردت بالتفصيل فى روض القرطاس حتى عام 684 هـ (1285 م) واضطر دون سانخو Don Sancho إلى أن يعقد صلحًا دام حتى عام 690 هـ (1290 م) أى إلى عهد خليفة أبى يوسف وابنه أبى يعقوب يوسف. ولما هزم أبو الحسن على -وهو من الأسرة نفسها- عند أسوار جزيرة طريف Tarifa ضاع كل أمل للمسلمين فى استعادة المدينة.
وليس لدينا من الفراغ ما يسمح لنا بتعداد جميع أعيان المسلمين الذين عاشوا أو ولدوا بمدينة إشبيلية. ونكتفى بذكر الشعراء ابن حمديس وابن هانئ وابن قُزْمان، والمحدث ابن العربى وصاحب السير أبو بكر بن خير.
المصادر:
(1)
الإدريسى، طبعة وترجمة دوزى ودي غويه ص 178 من الأصل، ص 215 من الترجمة.
(2)
ياقوت: معجم البلدان، طبعة فستنفلد.
(3)
ابن عبد المنعم الحميرى: الروض المعطار، وهو مخطوط لم يطبع بعد، انظر مادة إشبيلية.
(4)
أبو الفدا: تقويم البلدان، طبعة رينو وده ساون، باريس سنة 1840. ص 174 - 175
(5)
Extraits inedits re-: E. Fagnan latifs au Maghreb، الجزائر سنة 1924، ص 75، 137، 209.
(6)
أخبار مجموعة، مجريط سنة 1867، ص 16 - 18 من النص، ص 28 - 30 من الترجمة.
(7)
ابن العِذارى: البيان المغرب، طبعة دوزى، ترجمة فانيان، المجلد الثانى.
(8)
ابن الأثير: الكامل، طبعة تورنبرغ وترجم بعضه فانيان (Annales du Maghreb et de L'Espagne، الجزائر 1901)، الفهرس.
(9)
المراكشى: المعجب، طبعة دوزى وترجمة فانيان، الفهرس.
(10)
المَقَّرى: نفح الطيب، طبعة ليدن، جـ 1، ص 99.
(11)
ابن أبى زرع: روض القرطاس.
(12)
ابن خلدون: العبر، طبعة وترجمة ده سلان.
(13)
Histoire des Musul-: Dozy mans d'Espagne . المجلد الثانى والرابع.
(14)
الكاتب نفسه: Recherches sut i'histoire la litterature Arabes d'Espagns باريس - ليدن سنة 1881، جـ 1، ص 53 - 57، ص 359 - 264.
(15)
D ecadenciay de-: F. Codera -saparicion de los Amorauides en Es pana، سرقسطة سنة 1899 م، ص 14، 284.
(16)
Lerchundi Simonet:
Crestomatia Arabigo - espondo، غرناطة سنة 1881، ص 40 - 41.
(17)
Diccionario geo-: Madoz
graico-estatistico - his - torico de Espana المجلد 14، مجريط سنة 1849، ص 209 - 434.
(18)
Anales ec-: Ortiz de Zuniga lesiasticos y seculares de la ciudad de seuilla. إشبيلية سنة 1893 وما بعدها، المجلد السادس.
(19)
Seuilla mon-: Gestoso y perez umental y artistica إشبيلية سنة 1889 - 1892 فى ثلاثة مجلدات.
(20)
Antiguedades: Rodrigo Cara y principado de la ilustrisima ciudad de Seuilla ، إشبيلية سنة فى 1896 فى مجلدين.
(21)
de Seuilla y pue-: Guichot blos importantes de su prouincia إشبيلية فى سبعة مجلدات.
(22)
Rodrigo Amador de los Rios: Inscrincinnes arahes de Seuilla، مجريط سنة 1875.
(23)
Estudio Descriptiuo: Contreras - de los monumentos arabes de G ra nada،Seuilla y Cordoba، مجريط سنة 1855.
(24)
Moorish Remains: A.f. Calvert in Spain لندن سنة 1906.
[ليفى يروفنسال. S. Le va-Provencal]