الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمسجد الذي يرتاده العمال غير المثقفين غير الذي يرتاده المتعلمون، والمسجد الذي يرتاده الزراع غير المسجد الذي يرتاده الصناع.
فمن الحكمة أن يِختار الخطيبِ من الموضوعات ما يتناسب مع المصلين، بل قد يكون موضوع واحد يُعالج من أوجه عدة بحسب حال المصلين، فالزكاة يركز فيها عند المزارعين على زكاة الزروع والثمار، وعند التجار على زكاة الأثمان وعروض التجارة وهكذا.
[المطلب السابع حسن النقد وجمال النصح]
المطلب السابع
حسن النقد وجمال النصح إن الناس تقع منهم أخطاء، ويقع بعضهم في منكرات يراها الخطيب، فينصح عن طريق المنبر ويبين الحق، وهنا يجب أن ينبه إلى جملة ضوابط حتى يِؤدى النصح ثمرته ولا المنصوص إلى التمادي على الخطأ فمن تلك الضوابط:
الضابط الأول: الإخلاص لله عز وجل، وأن يكون هدف الناصح الإصلاح فالنية أصل جميع الأعمال، وبحسبها يكون ثواب
الناصح يقول الله عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] ) (1) .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى» " (2) .
ويكون قدوة الخطيِب الداعية إلى الله في ذلك الأنبياء والرسل الذين كانوا مخلصين في دعوتهم للإصلاح كما ، قال شعيب عليه الصلاة والسلام فيما حكاه الله عنه:( {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] )(3) .
وعلى الخطيب أن يجاهد نفسه بإصلاح النية، لأن في النصح العلني ما فيه من أغراض النفس، والموفق من وفق للتجرد لله عز وجل.
الضابط الثاني: أن لا يجرح ذوات الأشخاص ولا يِفتري عليِهم فيذكر خبرًا غير صادق نقله من أفواه الناس، وهذا الضابط أثرٌ
(1) سورة البينة الآية 5.
(2)
البخاري كتاب الوحي: باب كيف بدأ الوحي (1 / 13) .
(3)
سورة هود الآية 88.
من آثَار الضابط السابق فإن من صلحت نيته لم يِجرح أحدًا من الخلق، بل هدفه الإصلاح.
الضابط الثالث: البعد عن تصيد الأخطاء أو الإلزام بلوازم الأقوال والأفعال أو محاولة لي النصوص لتكون وسائل إدانة للمنصوحين.
الضابط الرابع: أن يكون الناصح لطيفًا في نصحه مبتعدًا عما يثير في المنصوح العناد أو التمادي على الباطل، وأن يهتدي بهدي سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يوجه ويِنصح في الخطب فيقول في نصحه:(ما بال أقوام)، وقد ورد عنه هذا كثيرًا فمن ذلك قول عائشة رضى الله عنها:«صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني أعلمهم بالله وأشدهم له خشية» (1) . بل صار ذلك منهجًا له فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه
(1) رواه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلوا في الدين والبدع (13 / 289) .