الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في التحذير من المدارس الأجنبية المنحرفة]
خطبة
في التحذير من المدارس الأجنبية المنحرفة الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، تفرد بصفات الكمال وتنزه عن النقائص والأشباه والأمثال.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الكبير المتعال، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل العالمين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله بفعل أوامره وترك نواهيه، وتحببوا إليه بفعل ما يحبه ويرضيه. واعلموا أن الله مَنَّ عليكم بدين الإسلام، الذي فيه السعادة والفلاح والخير كله على التَّمام. أنقذكم به من الضلالة والشقاء وأرشدكم به إلى كل خير ورشد وهدى. {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103] (سورة آل عمران: الآية 103)، إلى {عَظِيمٌ} [آل عمران: 105] (سورة آل عمران: الآية: 105) .
واحذروا أعداء الإسلام، فإنهم لا يزالون يبغون لكم الغوائل، وينصبون لإضلالكم المصائد والحبائل. فأعظم حبائلهم مدارسهم التي لم تؤسس إلا لإضلال الناس، ولا بنيت إلا لإفساد العقائد والأخلاق، فبئس الأساس. انظروا إلى آثارها ومن يتخرج منها كيف انسلخوا وانحلوا من الدين، وكيف كان الاستهزاء واحتقار الدين مهنة هؤلاء الأرذلين. فكم أخرجت هذه المدارس المنحرفة من أبناء المسلمين من كانوا للإسلام أكبر الأعداء، ويظن الغالطون أنها أدوية لأمراضهم، وكانت - والله - أعظم الداء، ويعتبرونها نافعة لهم في دنياهم، فكانت هي الشر والبلاء، وخرجوا منها منسلخين من أخلاقهم وآدابه وإيمانهم متهكمين ومستهزئين بأسلافهم وآبائهم وإخوانهم، مستبدلين من الأخلاق الجميلة كل خلق رذيل، منحرفين من الصراط السوي إلى منحرف السبيل.
كيف يرضى مسلم أن يختارها لأولاده وهم عنده ودائع وأمانات؟ وكيف يضعهم في شبكة الهلاك؟ فهذا أكبر الخيانات، وكيف يرضى أن يخسر ولده بسعيه واختياره، ويذهب عمله سدى
بل ضررا إذا باء بغبنه وخياره. ألم يكن عندكم وفي بلادكم من مدارس الحكومة ما يحصل به المقصود، وفيها الأساتذة المعروفون بالعلم والدين وبذل المجهود. . ألم تبذل الحكومة لراحة الجميع خير مجهود، ألم تروا من آثار أعمالهم ومنفعة المتعلمين ما هو محسوس ومشهود. ففيم الرغبة بعد هذا في مدارس الأجانب التي نفعها الدنيوي طفيف بالنسبة إلى ما فيها من الأضرار، وعاقبة المتخرجين منها في الغالب الهلاك والبوار. كل تعليم لا يقوم على الدين فهو ساقط منها، وكل سعي لا يصلح الأخلاق فهو سفه وخسارة، إذا ذهب الدين فبأي شيء تفرح. وإذا خسرت الأخلاق الفاضلة فبأي سلعة تربح. وإذا اضمحلت الآداب فمتى تفلح وتنجح.
{وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ - يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الجاثية: 7 - 8](سورة الجاثية: الآيتان 7، 8) ومن خلال دراسة هذا النموذج تبين ما يلي:
1 -
اشتمال مقدمة الخطبة على:
أ - حمد الله والثناء عليه بما هو أهله.
ب - الشهادتين.
ج - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
2 -
الوصية بتقوى الله عز وجل.
3 -
براعة الاستهلاك بذكر جمل وآيات دالة على عظم منة الله عز وجل على الأمة بهذا الدين العظيم.
4 -
الدخول إلى الموضوع ببيان أمر كلي عام وهو التحذير من أعداء الإسلام وبيان مواصلتهم للكيد والمكر بالمسلمين لإضلالهم.
- الدخول إلى الموضوع وتوضيح خطورة المدارس الأجنبية، وأنها من أحابيل الكفار في إفساد العقائد والأخلاق.
- الإشارة إلى صفات المتخرجين من هذه المدارس وجعل هذه الإشارة طريقا للتخويف من أن يصير أبناء المسلمين الداخلين فيها متمثلين بها.
- تقدير خيانة الأب الذي يرضى لأولاده بدخول هذه المدارس.
- توضيح البديل الموجود وهو مدارس الدولة التي في داخل البلد التي بذل من أجلها الكثير، والقائمون عليها معروفون موثوقون، وأن في ذلك الغنية.
- معالجة الهدف الذي يريده الناس بإدخال أبنائهم المدارس الأجنبية المنحرفة، بتقرير أن النفع الدنيوي المضمون في المدارس الأجنبية لا يفرح به، لأن به ذهاب الأديان والأخلاق.
5 -
أن من الملاحظ أن الموضوع يعالج قضية حادثة في المجتمع آنذاك.
6 -
الاختصار في الكلام والتركيز على موضوع واحد دون تشتيت ذهن السامعين بالدخول في موضوعات متعددة.
7 -
حسن المعالجة للموضوع، وعدم الإعلان بالأماكن والأسماء ونحو ذلك.
8 -
الدلالة على وعي الشيخ بما يدور حوله في مجتمعه، وحرصه على معالجة القضايا المستجدة.
وختم الخطبة بآية قرآنية مع الاستدلال أثناءها لبعض الآيات.
هذا ما أردت تسطيره في هذا البحث وأنا مقر بتقصيري فيه، ولكن لعل في ضيق الوقت، وقصر المدة ما يمهد لي العذر، أسال الله أن ينفع بما كتبت، ويغفر لي ما فيه من زلل والحمد لله أولًا وأخيرًا.