المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما يقول إذا رأى الهلال - نسيمات من عبق الروضة

[أمل طعمة]

الفصل: ‌ما يقول إذا رأى الهلال

‌ما يقول إذا رأى الهلال

عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال:

الله أكبر اللهم أهلِّهُ علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تُحبّ وترضى ربنا وربك الله.

إنه تجديد بالعهد كل شهر وتطمين للنفس بالأمن والسلام من عند السلام المهيمن، تجديد بالعمل لما يرضي الله ويحبه .. وتفكّر بمخلوقات الله وعظمة كونه وقدرته جل جلاله.

لفتة نبوية لا يمكن أن يفوتها صلى الله عليه وسلم لتذكير الغافل وتحفيز النفوس، فإن ران على القلب شيء فكان التقاعس سلوكه تكون هذه اللفتة العظيمة مسحاً للماضي وتحفيزاً للمستقبل. وما أحوج الإنسان إلى مثل ذلك في هذه الحياة الدنيا المليئة بالمغريات والمشتتات والملهيات.

إنه الله صلى الله عليه وسلم يطرق على قلب المسلم بلطف لئلا يدعه لنفسه وشيطانه فالمعصوم من عاش مع ذكر الله وأذكار رسول الله الله صلى الله عليه وسلم قلباً وقالباً ذكراً باللسان والقلب.

ص: 85

وعن قتادة أنه بلغه أن نبي الله الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: " هِلالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، آمَنْتُ بِالَّذِيْ خَلَقَكَ " ثلاثَ مَرَّاتٍ، ثمَّ يَقُوْلُ:" الْحَمْدُ للهِ الَّذِيْ ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا، وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا "(1)

إن عبارة (هلال خيرٍ ورشد) تبعث في النفس معنيين أولهما تطمين للنفس وترويح لها بأن يكون هلالاً جديداً فيه الخير

فإن كان الشهر الذي قُضي فيه من العسر والشدة، فهذا تفاؤل بانقضاء الضراء وانحسار الشدة فهو يفتح باب التفاؤل للمعسر والطمع بالخير القادم.

وهذا له أثر كبير على النفس لتفتح صفحة جديدة مع شهر جديد وأيام قادمة، ولا يخفى على من له اطلاع بعلم النفس البشرية آثار هذا التفاؤل في شخذ الهمم وإيقاظ الأمل .... الأمل بالله وبخير فجر الشهر الجديد.

أما كلمة (رشدٍ) فهي صفحة جديدة أخرى للمتقاعس والغافل والمذنب الذي حاد عن الطريق قليلاً كي يعود إلى طريق الرشد

إنه فتح لباب التوبة الذي لا يقفل أبداً.

(1) سنن أبو داود حديث: 4449.

ص: 86

عن أبي موسى، عن النبي الله صلى الله عليه وسلم، قال "إِنَّ الله عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِالليْلِ لِيَتُوْبَ مُسِيْءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوْبَ مُسِيْءُ الليْلِ، حَتَّىْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا". (1)

فسبحانه جل جلاله من تجلى على عباده بأسماء وصفات الجمال فأقبلت القلوب إليه محبة مشتاقة، ومن تجلى على عباده بأسماء الجلال فأقبلت إليه منكسرة مخبتة، وهو في كل الأحوال متعرّف وناظر ومحيط بعباده يفرح بتوبتهم ويقبل على من أقبل محباً عاشقاً، يمد يد العون للغافل والمتقاعس والمذنب والمدبر فكيف بمن أقبل عليه يرجو وجهه الكريم!

(1) صحيح مسلم حديث: 5060.

ص: 87