الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يقول إذا نظر في المرآة
عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر إلى المرآة قال:
الحمد لله، اللهم كما حسَّنت خَلقي فحسّن خُلقي.
حبّة يجب معالجتها .. تجعدٌ يلزمه دهون ومسوح كي يحافظ على نقاء البشرة .. حاجب يحتاج لتعديلٍ في رسمه .. أنفٌ آهٍ لو استطعت تقصيره .. وأهداب عينٍ يجب تمديدها أو إعادة تشكيلها ..
نحن أمام خواطر من يقف أمام مرآة ليتأمل جماله أو يتفقد أناقته .. ماحال من يخطر في باله مثل هذه الخواطر؟
وهل هذه الخواطر والأحوال هي الأحوال الصحيحة للقلب السليم الذي اختار الله ربه ومحمد نبيه والإسلام دينه؟
الجواب حتماً لا .. لأن من كانت هذه خواطره كان جلّ اهتمامه (أناقتك سيدتي) أو (جمالك سيدي) ولألفيت شاباً ذا شعر وكأنه لم يغتسل منذ شهور، ولكن حذار إنه ليس كذلك فهو دهون
يدعونه (جِلْ)! أجلّك الله. ولوجدت شابة استغنت عن الحاجب الطبيعي برسم من قلم رصاصي!
إن مثل هذا وتلك يمضي عامة يومه أمام المرآة ليتفقد حسنه وجماله، فماذا ستكون بقية أعماله في النهار؟ ذكراً وتلاوة وأعمالاً صالحة!
إنها خواطر شيطانية تُبعد الإنسان عن ربه وعن جادة الطريق السليم. فما هو صمام الأمان كيلا ينزلق الشاب والفتاة؟
(الحمد لله) الرضا بما خلق الله.
إن عدم الرضا سيفتح سلسلة من العمليات التجميلية، وإعراضاً وبعداً عن الله عز وجل، لأنه ببساطة يعترض على ما أهداه الله له من غير ثمن أو أجر. وكل هذه المشاعر لا تفيض على القلب حباً وتقرباً إلى الله، بل ستكسوه تبغضاً وبُعداً.
فإذا تلمّس معاني حمد الله في قلبه ذهب عنه الغمّ. وأيّ غمّ سخيف مهما كان يستحق أن يبعد الإنسان عن خالقه وعن سعادته؟ وهل يستحق هذا الأمر كل هذا العناء؟ هل يستحق انحناء حاجب اعتراضاً على خالقٍ أهدى كل هذه النّعم بلا مقابل؟
(اللهم كما حسَّنت خَلقي فحسّن خُلقي)
ليس الجمال هو الجمال الخارجي فهو يبلى مع الزمن. أرأيت ملكة جمال بعد ثلاثين عاماً كيف أصبحت ذميمة؟ سيما بعد استخدام أطنان من المساحيق طوال هذه الأعوام!
الجمال هو جمال الأخلاق وهذا هو الباقي. باقٍ في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
كم من زوج ظل يبحث عن عروس خارقة الجمال لتكون أنيسه وولفه، وبعد أن حصل على ما أمّل، أصابه غمّ وهمّ! فصاحبة الجمال مغترة بجمالها، مبهورة بأناقتها
…
لا يهمها أحدٌ سواها .. فيجب أن تكون دائماً محط الأنظار أينما حلّت، وهي محور الأحداث!
أين هي من دفء الأسرة وتربية الأولاد؟ وكيف تتخيل سلوكها وأخلاقها؟ لقد ذهب الجمال الظاهري قبل أن يبلوه الزمن أمام قبيح الأخلاق والمعاملة.
ما أحوج الإنسان إلى تذكّر الهدف الأسمى والغاية النبيلة .. فالمهم هو الأخلاق لأنها لا تبلى، بل تظل في ذاكرة الناس وفي ثواب الآخرة
أفضل الجزاء.
ألم يقل عليه الصلاة والسلام:"إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقَاً"(1).
لكننا يجب أن ننتبه إلى أن ذلك لا يعني ألا نرتب شعرنا، بل إنه من السنة ترجيل الشعر وإكرامه، لكن المذموم أن يكون شغلنا الشاغل.
فقد ورد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَنَعْلِهِ وَتَرَجُّلِهِ. (ترجّله أي تمشيط الشعر)(2)
صلى الله على معلم البشرية فن الحياة بقلبٍ سليم.
(1) صحيح البخاري حديث: 4387
(2)
سنن النسائي ج1. ص 202