الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما لم يلاحظ هذا الملحظ الأولون (1):
أولًا: لقوة العلم وتمكنهم منه.
وثانيًا: لعلمهم بما عند أهله من قوة الدين المانعة من دخول المرء فيما لم يصل إليه، ولا كذلك أهل العصر الأخير؛ "بدأ الإِسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ"(2).
* * *
(الشاهد الثاني)
ومن الشواهد لما ذكرناه أيضًا:
أن الحريق الواقع بالمدينة النبوية ليلة الجمعة أول شهر رمضان سنة ستمائة وأربع وخمسين (3)، وعمل في الحجرة المحيطة بالقبور الشريفة الثلاثة، وتساقطت الأبنية عليها وأخذ الحريق جميع سقف المسجد النبوي، وبقيت الدعائم تتمايل عند هبوب الرياح، وذهب رصاص بعض الأساطين فسقطت، وكان إذ ذلك بالمدينة من العلماء الصالحين والأتقياء والفالحين ما يومئ إليه "تاريخ ابن فرحون"(4)، إذ ذكر خلفهم من بقايا أهل ذلك القرن وأهل القرن الثامن.
= الكلام على هذه المسألة الإمام السيوطي في "التدريب": 114 - 122، وكذا العلامة اللكنوي في "الأجوبة الفاضلة" في إجابة السؤال الثالث: 149 - 159، وينظر معه:"التعليقات الحافلة"، لفضيلة مولانا وشيخنا العلامة سيدي عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى.
(1)
لعله يعني ملحظ ابن الصلاح رحمه الله تعالى.
(2)
حديث صحيح؛ أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان من حديث أبي هريرة (370)، ومن حديث ابن عمر (371).
(3)
تفاصيل ذلك الحادث الجلل في "خلاصة الوفاء"، للسمهودي: 598 - 647.
(4)
وهو المسمى "نصيحة المشاور وتعزية المجاور"، للعلامة الإِمام الفقيه أبي محمَّد عبد الله بن =
وقال السيد المحقق القدوة المدقق عالِمُ طيبةَ السمهوديُّ (1) في تاريخه "خلاصة الوفاء": في صبيحة الجمعة عزلوا موضعًا للصلاة وكتبوا بذلك للخليفة المعتصم بالله ابن المستنصر بالله العباسي (2)، فوصلت الآلات صحبة الصناع مع الركب العراقي في أوائل سنة خمس وخمسين وستمائة، وقصدوا إزالة ما وقع من السقف على القبور الثلاثة الكريمة، فلم يجسروا على ذلك.
واتفق رأي المنيف بن شيحه بن هاشم بن مهنا الحسني (3) مع رأي أكابر الحرم أن يطالَع الإِمام المعتصم بذلك فيفعل ما يصل إليه أمره، فأرسلوا بذلك فلم يصل جوابه لاشتغاله وأهل دولته بإزعاج التتار لهم واستيلائهم على جميع أعمال بغداد في تلك السنة، فترك الرد على حاله ولم يجسر أحد على التعرض لهذه العظيمة التي دون مرامها تزل الأقدام، ولا يتأتى من أحد بادئ بدئه الدخول فيه والإِقدام، انتهى (4).
= محمَّد بن فرحون المالكي (693 - 769)، مولده ووفاته بالمدينة المنورة، طبع تاريخه سنة 1417 هـ، وصدر عن دار المدينة المنورة بعناية الأخ الأستاذ حسين محمَّد علي شكري.
(1)
هو السيد الشريف العلامة المحقق الحجة نور الدين علي بن أحمد السمهودي الحسني، نزيل المدينة المنورة ومفتيها وعالمها، ولد سنة 844 هـ، وتوفي سنة 911 هـ. له تصانيف مفيدة جليلة القدر، منها:"جواهر العقدين في فضل الشرفين"، و"وفاء الوفاء" و"خلاصة الوفاء" كلاهما في تاريخ المدينة المنورة.
(2)
كذا بالأصل، وصوابه: المستعصم، وهو عبد الله بن منصور (المستنصر) بن محمَّد (الظاهر) العباسي، من سلالة هارون الرشيد، آخر خلفاء الدولة العباسية بالعراق، ولد ببغداد سنة 609 هـ، وولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة 640 هـ في حين لم يبق للخلفاء غير دار الملك ببغداد، وقتله هلاكو سنة 656 هـ. الأعلام: 4/ 140.
(3)
هو الشريف أمير المدينة المنورة: منيف بن شيحه بن هاشم بن قاسم بن مهنّا
…
الحسني، أبو الحسين، تولى إمارة المدينة انتزاعًا من أخيه عيسى سنة 649 هـ، وتوفي سنة 657، وتولى بعده أخوه جماز
…
ينظر: تاريخ ابن فرحون: 233، 247 - 248 وما بعدها.
(4)
وفاء الوفا: 600 - 601، وفيها زيادة على ما نقله المصنف عن الخلاصة.