الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 -
ترميمها مؤخرًا عام 1418 هـ، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وفقه الله.
ولجماعة من المؤرخين رأي في بعض ما ذكر، قال العلامة الحلبي في سيرته "الحلبية": "والحق أن الكعبة لم تبن جميعها إلَّا ثلاث مرات: الأول بناء إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم. والثاني: بناء قريش، وكان بينهما ألفا سنة وسبعمائة سنة وخمس وسبعون سنة. والثالثة: بناء عبد الله بن الزبير، أي وكان بينهما نحو اثنتين وثمانين سنة.
وأما بناء الملائكة وبناء آدم وبناء شيث فلم يصح. وأما بناء جرهم والعمالقة وقصي فإنما كان ترميمًا، ولم تبن بعد هدمها جميعها إلَّا مرتين: مرة زمن قريش، ومرة زمن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه. اهـ (1).
ومن جملة أسباب إعادة البناء أو العمارة: الحرائق، كما حدث زمن قريش وزمن ابن الزبير.
ومنها أو من أعظم الأسباب وأدعاها لذلك: السيول العظيمة التي تدهم المسجد الحرام بين الفينة والأخرى.
نبذة عن السيول بمكة:
وقد بلغت إحصائية السيول التي دهمت المسجد الحرام، من زمن جرهم في الجاهلية إلى سنة 1384 هـ:(89) تسعة وثمانين سيلًا، حسبما ورد في "التاريخ القويم" للمؤرخ المكي محمَّد طاهر الكردي رحمه الله (2). وكان من أعظم تلك السيول سيل عام 1039 هـ، والذي هدمت بسببه الكعبة المشرفة وطاحت جدرانها كما سيأتي تفصيله في هذه الرسالة
…
(1) السيرة الحلبية: 1/ 279 - 280، ط دار المعرفة - بيروت. وينظر كتاب:"تاريخ الكعبة الشريفة"، للمؤرخ حسين عبد الله بن سلامة المكي.
(2)
التاريخ القويم: 2/ 194 - 200، الطبعة الأولى.
وسبب دخول هذه السيول إلى المسجد الحرام هو الموقع الجغرافي لمكة المكرمة، إذ أنها واقعة في وادٍ تحف به الجبال من كل جانب، فإذا نزلت الأمطار عليها بشدة نزلت المياه من جميع الجبال، ومن المرتفعات وغيرها إلى المواضع المنخفضة بمكة، فتجمعت في أزقتها وشوارعها، وإذا زادت الأمطار في ضواحيها جاءت السيول من أعاليها من جهة منى إلى داخل مكة، فتدخل المسجد الحرام فتحدث به الأضرار الجسيمة، وكذا تفعل بالبيوت القديمة الواقعة حوله (1).
مجرى السيل بمكة قديمًا:
كانت السيول قديمًا تنزل من جهة منى ومن جهة حراء إلى مكة، ثم ينزل بطن الوادي من طريق المدعى أي من الموضع الذي كان يرى منه البيت الحرام، وكان هذا الموضع في عهده صلى الله عليه وسلم غير مرتفع، ولم يرتفع إلَّا بعد أن ردمه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالصخور العظام ليمنع السيل عن المسجد الحرام، وكان يسمى "ردم بني جمح".
وبعد حدوث هذا الردم امتنع السيل من الدخول من جهة المدعى، لكنه صار يأتي من جهة سوق الليل ومن جهة الغزة إلى جهة الحرم ومنه إلى المسفلة، ولكن هناك سيل يسمى "سيل جياد" كان يسيل كل عشر سنوات ويصطدم بسيل وادي إبراهيم فيوقفه عن المسيل فيدخل المسجد الحرام، كما ذكر ذلك القطبي في "الإِعلام" وأيده عليه المؤرخ الكردي رحمهما الله (2).
ثم قال الكردي بعد أن ساق كلام القطبي: فمن عصره بل من قبل عصره [أي من القرن العاشر] والسيول لا تزال تدخل المسجد الحرام إذا عظمت وقويت إلى عصرنا هذا، أي إلى سنة 1375 هـ، ألف وثلاثمائة وخمس وسبعين هجرية.
ثم لما ابتدأوا بتوسيع المسجد الحرام في السنة المذكورة عملوا نفقًا خاصًّا للسيول خلف المسعى من جهة الصفا تمر منه السيول وتخرج إلى المسفلة من جهة
(1) التاريخ القويم: 2/ 193.
(2)
السابق: 2/ 202.