الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الإِيماء في الحديث الأول:
[
…
] (1) الهدم وإدخال الحجر وجعل البابين لها إليه دون غيره من باقي المسلمين، فدل على أنه المخاطب بذلك دون غيره، وإذ لو كان الخطاب عامًّا على الكفاية لقال:"لَهُدِمت الكعبة وبُنِيَت" بالأفعال المجهولة، إيماءً إلى عدم توجيه الخطاب إلى واحد بعينه، لأنَّ القصد وجودُ الفعلِ من غير نظرٍ إلى خصوصِ الفاعل إذ ذلك شأنُ فرضِ الكفاية. أو قال: "لولا حِدْثانُ قومك بجاهلية لطُلِب من المسلمين هدمُه وإعادتُه
…
" إلى آخره، فيكون ذلك نظير قوله:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104].
فكلٌّ من الثلاثة المذكورةِ في الآية فرضُ كفاية على الأمة، وعُبِّر عنه بما ذكر فيها، وهو في حقه فرض عين كما ذكروه في الخصائص. ولذا خص بالخطاب بقوله:{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199]. فيؤخذ من عدول المصطفى صلى الله عليه وسلم عن كلٍّ من ذينك العبارتين وما في معناهما إلى ما عبَّر به أنّ الخطابَ بعمارةِ البيتِ الحرام متوجِّهٌ لإِمام المسلمين وملاذِهم وهو النبيُّ صلى الله عليه وسلم وبعده الخلفاء عنه في الأمة.
ووجهه في الحديث الثاني:
أنه لم يبْدُ لأحد من قوم عائشة أن يعيدَ البيتَ لقواعدِ إبراهيم سوى ابن أختها (2) عبد الله بن الزبير (3) رضي الله عنهما، وهو كان خليفة على الحجاز
(1) خرم بالأصل.
(2)
هي أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
(3)
عبد الله بن الزبير بن العوام، رضي الله عنهما، أبوه من العشرة المبشرين، وأمه أسماء، وجده الصديق، وجدته لأبيه صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمة أبيه خديجة بنت خويلد، وخالته أم المؤمنين عائشة، وهو أول مولود ولد للمهاجرين بالمدينة بعد الهجرة، وحنكه =
ومصر والعراق واليمن (1).
فـ (قومٌ) وإن كان عامًّا في الخبر لفظًا لأنه اسم جمع واحده رجل كما في "المصباح المنير" للفيومي، أو جمع قائم، أو مصدرٌ وصِفَ به كما قاله القاضي البيضاوي، ومضافٌ، إلَّا أن المرادَ منه بشهادة الوِجْدانِ واحدٌ وهو ابنُ الزبير، فيكون عامًّا مخصوصًا أو مرادًا به خاص.
ولم يقع تعميرُ البيت من أحد من قوم عائشة غير ابن الزبير، وأضيف لها (2) مع أنه من بني أسد بن عبد العزى (3) وهي من بني تيم (4) لأنها كانت تبنته حتى كنّيت به (5)، ولذا خصها بالتعريف لما بينها وبينه من الاختصاص، فيكون فيه الإِيماءُ إلى مُغَيّبٍ هي خلافتُه، فتعمِيرُه البيتَ الحرام، والله أعلم.
* * *
= رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله وكناه أبا بكر بكنية جده، ولد في السنة الأولى للهجرة، وقتل شهيدًا سنة 73 هـ، ومناقبه عظيمة وكثيرة. من تهذيب الأسماء: 1/ 266، 267.
(1)
بويع له بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية منتصف شهر ربيع الأول سنة 64 هـ، وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان، وجدد عمارة الكعبة. تهذيب الأسماء: المصدر السابق.
(2)
أي بكونه من قومها.
(3)
تمام نسب ابن الزبير رضي الله عنهما: عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب
…
إلخ. "التبيين في نسب القرشين"، لابن قدامة: ص 223.
(4)
تمام نسب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: هي عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله العتيق بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة
…
"التبيين": ص 269.
(5)
قال الإِمام النووي: كنية عائشة أم عبد الله، كناها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم عبد الله بابن أختها عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أجمعين. تهذيب الأسماء: 2/ 351.