الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قد صَار هَذَا النَّاقِد الْمَذْكُور وَالْجَاهِل الْمَغْرُور فِي أَوديَة ضلال يَدُور وَفِي بحار هَلَاك تمور قد غلب عَلَيْهِ الْحَسَد فأورثه الْهم والكمد وَالله سُبْحَانَهُ قد أبْغض الحسدة وَأعد لَهُم ناره الموقدة وَلَا يضر الْحَاسِد إِلَّا نَفسه وَلَا يكْسب إِلَّا نحسه
وَقد حسد الْأَنْبِيَاء فَمَا ضرهم بل ضاعف الله تَعَالَى أجرهم وَأبْدى عزهم ونصرهم وَأخْبر سُبْحَانَهُ أَنهم حسدوا بل كذبُوا وأوذوا وجحدوا فَأمروا بِالصبرِ حَتَّى أَتَاهُم النَّصْر قَالَ الله سبحانه وتعالى {وَلَقَد كذبت رسل من قبلك فصبروا على مَا كذبُوا وأوذوا حَتَّى أَتَاهُم نصرنَا وَلَا مبدل لكلمات الله وَلَقَد جَاءَك من نبإ الْمُرْسلين} وَقَالَ
فَلَو كَانَ الْملك الْعَظِيم خَطِيئَة لما من الله بِهِ وَلَا أنزل مدحه فِي كتبه وَلَا اسْتَجَابَ لِسُلَيْمَان صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم حِين طلب الْملك الْكَبِير وَلَا فتح لذِي القرنين ومكنه حَيْثُ يسير وَلَا حكى عَن يُوسُف الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم أَنه قَالَ {اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض إِنِّي حفيظ عليم}
بل قَالَ سُبْحَانَهُ {وَكَذَلِكَ مكنا ليوسف فِي الأَرْض يتبوأ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نصيب برحمتنا من نشَاء وَلَا نضيع أجر الْمُحْسِنِينَ}
فَذكر سُبْحَانَهُ أَن الَّذِي حصل ليوسف من التَّمْكِين رَحْمَة من رب السَّمَوَات وَالْأَرضين
وَقَالَ بعض عُلَمَاء السّلف إِذا أَرَادَ الله بِالنَّاسِ خيرا جعل الْعلم فِي مُلُوكهمْ وَالْملك فِي عُلَمَائهمْ
ذكره أَبُو الْحسن المارودي فِي كِتَابه
وَقَالَ سبحانه وتعالى فِي دَاوُد صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم {وآتاه الله الْملك وَالْحكمَة وَعلمه مِمَّا يَشَاء}
)
وَقَالَ تَعَالَى فِيهِ أَيْضا {وشددنا ملكه وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَة}
قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما كَانَ دَاوُد عليه السلام أَشد مُلُوك الأَرْض سُلْطَانا
وَكَانَ يحرس محرابه كل لَيْلَة سِتَّة وَثَلَاثُونَ ألف رجل مَعَ مَا سخر الله لَهُ من الْجبَال وَالطير وَالسِّبَاع وألان لَهُ الْحَدِيد
وَكَيف يُقَال المَال منقصة للدّين وَقد وعد الله بِهِ على طَاعَته عباده الْمُتَّقِينَ وَشَرطه شرطا لَازِما رغب بِهِ التائبين والمستغفرين فَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه الْمُبين على أَلْسِنَة الْمُرْسلين {اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين} {وَيَا قوم اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا ويزدكم قُوَّة إِلَى قوتكم وَلَا تَتَوَلَّوْا مجرمين} {وَلَو أَن أهل الْقرى آمنُوا وَاتَّقوا لفتحنا عَلَيْهِم بَرَكَات من السَّمَاء وَالْأَرْض}
{وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب}
فَجعل الله سُبْحَانَهُ جَزَاء الإستغفار وَالتَّقوى الْإِمْدَاد بالأموال فِي الدُّنْيَا ثمَّ قَالَ وَهُوَ أصدق الْقَائِلين {ولأجر الْآخِرَة خير للَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (من لزم الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل ضيق مخرجا وَمن كل هم فرجا ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَأَبُو نعيم فِي حليته وَغَيرهم
فَجعل اسْتِغْفَار الله شرطا لحُصُول رزق الله
وَقد أخبر سُبْحَانَهُ عَن اليتيمين الْمَذْكُورين فِي سُورَة الْكَهْف أَن أباهما كَانَ صَالحا
وَقد ورث لَهما كنزا فحفظه الله لَهما بصلاح أَبِيهِمَا حَتَّى يبلغَا أشدهما ويستخرجا كنزهما رَحْمَة من رَبك فَالْأَصْل هُوَ تقوى الله وَلَا يضر مَعهَا الْكثير وَلَا يشين صَاحبهَا حسد كَبِير وَلَا صَغِير فيا خَادِم سنة البشير النذير وَيَا حَامِل الشَّرْع الشريف
الخطير لقد سعدت فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ونلت الشّرف الْكَبِير وسيلحق حاسدك النَّدَم والتدمير وَلَا ينبيك مثل خَبِير فَنَادِ بصوتك الجهير وَلَا تبال بوزير وَلَا أَمِير
(وَقل للحاسدين أَلا أفيقوا
…
وَإِن أعْطى الْإِلَه فَلَا تضيقوا)
(فَذَلِك زينكم بَين البرايا
…
وَمن يحْسد سيلقاه الْمضيق)
(فَإِن الله عدل ذُو اقتدار
…
ومكر الله لَيْسَ لَهُ مطيق)
(فموعدنا من الرَّحْمَن نصر
…
وقاصد ضرنا عرق سحيق)
(خدمنا شَرعه نرجو رِضَاهُ
…
وَأحمد ذخرنا نعم الشفيق)
(عواقب من أطَاع الله فوز
…
وعقبى من بغى هول عميق)
(وعار ثمَّ خزي ثمَّ ذل
…
وَفِي الْأُخْرَى لَهُ فِيهَا حريق)
(وخدام الرَّسُول لَهُم فتوح
…
وَنصر الله ركنهم الوثيق)
(مخالفهم يذل وهم يعزوا
…
وحاسدهم يهون وهم يفيقوا)
(وخدام الْمُلُوك لَهُم فنَاء
…
وذم ثمَّ نَار ثمَّ ضيق)
(فيا من رام يهضم حزب رَبِّي
…
تهَيَّأ للبلاء وَلَا تطِيق)
(فجرب سَوف تذكر لي كَلَامي
…
وتذكر حِين تأخذك الْحُقُوق)
(فحاشا الله أَن يخشوا سواهُ
…
وَمَا قدمت أَنْت لَهُ تذوق)
(إِذا أنس الفخور بِحسن زِيّ
…
وَأبْدى سَيْفه وَله بريق)
(فَإنَّا آنسون بِمن خدمنا
…
بِسنة أَحْمد نعم الطَّرِيق)
(خدمناها ونخدم من رَوَاهَا
…
وخادمها لَهُ عز وثيق)
(إِذا افتخر الظلوم بعز حصن
…
وجند كل فعلهم عقوق)
(فمفخرنا بأشياخ كرام
…
من الْعلمَاء لَيْسَ بهم فسوق)
(ونفخر بِالنَّبِيِّ رَسُول رَبِّي
…
وسنته الَّتِي سنّ الصدوق)
(رويناها عَن الأخيار قوم
…
فريق الْحق يَا نعم الْفَرِيق)
(وَفِي صحب النَّبِي لنا افتخار
…
هداة الْخلق إِن ظَهرت فتوق)
(ومفخرنا ابْن أَشْعَث وَالْبُخَارِيّ
…
وَمُسلم وَابْن سُورَة يَا شَقِيق)
(وَمَالك وَابْن حَنْبَل المزكى
…
ونعمان وسُفْيَان الرفيق)
(ونفخر فِي مَشَايِخنَا إِلَيْهِم
…
فيالك سادة فيهم وثوق)
(ومفخرنا ابْن إِدْرِيس إِمَام
…
قريشي لَهُ نسب عريق)
(وَفِي أَصْحَابه أنس وفخر
…
وَإِن بجاههم ينجو الغريق)
(أَئِمَّتنَا وسادتنا جَمِيعًا
…
وكل بالثنا قمن حقيق)
(أَبُو إِسْحَاق شيخ الْفِقْه حَقًا
…
ومحيي الدّين عدَّة من يضيق)
(ولاتنسى الْجُوَيْنِيّ وَالْغَزالِيّ
…
لَهُم فِي كل مكرمَة طَرِيق)
(وَيحيى نسل عمرَان الْيَمَانِيّ
…
بِمَا أنشا بذا الْمَعْنى الدَّقِيق)
(فَأهل الْعلم أَحيَاء وموتى
…
لنا نسب وَكلهمْ صديق)
(بحب الْعلم وَالْعُلَمَاء نعلو
…
على رغم الحسود ونستفيق)
(فَقل للحاسدين أَلا أفيقوا
…
وطولوا واقصروا فغدا تذوقوا)
(وبال فعالكم من كل بُد
…
ومكركم بِأَنْفُسِكُمْ يَحِيق)