الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وَمن تمسك بِسنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وبالعلم الشريف وَأحب الْعلم وَالْعُلَمَاء وَأهل الدّين الحنيف وصبر على مَا يلقاه من الْجَاهِل السخيف فقد نَالَ الْحَظ الْكَامِل والشرف المنيف لَا يضرّهُ كيد كايد وَلَا يشينه حسد حَاسِد إِن شَاءَ الله وَله الْمِنَّة وَسَيَعُودُ كيد كائده عَلَيْهِ وَيرجع وبال ظالمه إِلَيْهِ {وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا بأَهْله}
وسيحيق بالظالم سوء فعله
وَقد وعد الله الصابرين على الْفِتْنَة العاكفين على السّنة والمحبة بالنصر الْحسن ونيل المُرَاد
فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الْكَرِيم الْجواد الصَّادِق الْعلي الَّذِي لَا يخلف الميعاد {إِنَّا لننصر رسلنَا وَالَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَيَوْم يقوم الأشهاد}
)
فَكُن من المنتظرين لوعده الواقفين عِنْد أمره وَحده فقد وعد سُبْحَانَهُ الْمُؤمنِينَ بالنصر فِي دنياهم وبالأجر فِي أخراهم وَالْحَمْد لله الَّذِي لم يَجْعَل لجبار سَبِيلا إِلَى نزع مَا أعْطى من الْعلم وَجعل الْعلم شرفا لأَهله فِي الْحَرْب وَالسّلم وأعزه الله فِي كل مِلَّة على كل حَال وَفضل حامليه على سَائِر الرِّجَال فَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي الْآيَات المحكمات {يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات}
قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما للْعُلَمَاء دَرَجَات فَوق الْمُؤمنِينَ بسبعمائة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ مسيرَة خَمْسمِائَة عَام
ذكره الْغَزالِيّ رحمه الله فِي الْإِحْيَاء وَغَيره
فَيَنْبَغِي لمن لم يكن عَالما وَلَا عَاملا أَن فليحب الْعلمَاء العاملين وَمن لم يكن صَالحا فلحب الصَّالِحين فَمن أحب قوما فَهُوَ مِنْهُم وَمن تشبه بِقوم فَهُوَ مِنْهُم
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (الْمَرْء مَعَ من أحب)
وَرُوِيَ (من أحب الْعلم وَالْعُلَمَاء لم تكْتب عَلَيْهِ
خَطِيئَة أَيَّام حَيَاته) رَوَاهُ الْمُقْرِئ أَبُو بكر النقاش فِي تَفْسِيره شِفَاء الصُّدُور
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (عَلَيْكُم بحب علمائكم وَلَا تبغضوهم وَلَا تحسدوهم وَلَا تطعنوا فيهم أَلا من أحبهم فقد أَحبَّنِي وَمن أَحبَّنِي فقد أحب الله وَمن أبْغضهُم فقد أبغضني وَمن أبغضني فقد أبْغض الله اللَّهُمَّ هَل بلغت)
رَوَاهُ أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي رحمه الله بِإِسْنَادِهِ قَالَ وَلَو لم يكن فِي حُضُور مجْلِس الْعلم مَنْفَعَة سوى النّظر إِلَى وَجه الْعَالم لَكَانَ الْوَاجِب على الْعَاقِل أَن يرغب فِيهِ
قَالَ وَقد أَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعلمَاء مقَام نَفسه
فَقَالَ (من زار عَالما فَكَأَنَّمَا زارني وَمن صَافح عَالما فَكَأَنَّمَا صَافَحَنِي وَمن جَالس عَالما فَكَأَنَّمَا جالسني وَمن جالسني فِي الدُّنْيَا أجلسه الله تَعَالَى معي يَوْم الْقِيَامَة فِي الْجنَّة)
انْتهى كَلَامه
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (الْعلم خَزَائِن ومفتاحها السُّؤَال فاسألوا يَرْحَمكُمْ الله فَإِنَّهُ يُؤجر فِيهِ أَرْبَعَة السَّائِل والمعلم والمستمع والمحب لَهُم)
ذكره فِي كتاب الْفَقِيه
والمتفقه وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو نعيم فِي حليته بِإِسْنَادِهِ
وَعَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (اغْدُ عَالما أَو متعلما أم مستمعا أَو محبا وَلَا تكن الْخَامِس فتهلك)
رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي كِتَابه بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ قَالَ عَطاء قَالَ لي مسعر أحد رُوَاة الحَدِيث ويل لمن لم يكن فِيهِ وَاحِدَة من هَذِه
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ يَا بني جَالس الْعلمَاء فَإنَّك إِن لم تعْمل بعملهم أخذت من أَخْلَاقهم وَإِن لم تَأْخُذ من أَخْلَاقهم نزلت الرَّحْمَة وَأَنت فيهم)
ذكره فِي كتاب التَّرْغِيب والترهيب فَالْحَمْد لله الَّذِي جعلنَا للْعلم وَالْعُلَمَاء محبين وصيرنا بهم وإليهم منتسبين وجعلهم لنا نسبا وَعزا وعدة بَين الْعَالمين نفتخر بذكرهم ونزداد وَنَرْجُو ببركتهم نيل المُرَاد كَمَا قيل
(أحب الصَّالِحين وَلست مِنْهُم
…
أرجي أَن أنال بهم شَفَاعَة)
وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (يشفع يَوْم الْقِيَامَة الْأَنْبِيَاء ثمَّ الْعلمَاء ثمَّ الشُّهَدَاء)
رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن مَاجَه الْقزْوِينِي رحمه الله فِي سنَنه وَأعظم بمرتبة هِيَ وَاسِطَة بَين الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (إِن لطَالب الْعلم شَفَاعَة كشفاعة الْأَنْبِيَاء)
ذكره الْفَقِيه مُوسَى فِي كتاب الْحجَّة وَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (يجاء بالعالم وَالْعَابِد فَيُقَال للعابد ادخل الْجنَّة وَيُقَال للْعَالم قف حَتَّى تشفع للنَّاس)
روينَاهُ فِي كتاب التَّرْغِيب والترهيب لأبي الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ وَفِي كتاب ابْن عبد الْمجِيد الميانشي رحمه الله عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (إِذا اجْتمع الْعَالم وَالْعَابِد على الصِّرَاط قيل للعابد أَدخل الْجنَّة وتنعم بعبادتك وَقيل للْعَالم قف اشفع لمن أَحْبَبْت)
وَقَالَ الإِمَام الْحَافِظ ابْن الْجَوْزِيّ رحمه الله اصحب الصَّالِحين وَإِن لم تكن مِنْهُم فَإِن الله سُبْحَانَهُ لما أَحْيَا عُزَيْرًا أَحْيَا حِمَاره وَلما بعث أهل الْكَهْف بعث كلبهم
وَقَالَ قَتَادَة رحمه الله فِي كِتَابه إِن عليا كرم الله وَجهه قَالَ كن عَالما أَو متعلما أَو مستمعا أَو محبا وَلَا تكن الْخَامِس فتهلك
وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (كونُوا عُلَمَاء صالحين فَإِن لم تَكُونُوا عُلَمَاء صالحين فجالسوا الْعلمَاء فَاسْتَمعُوا علما يدلكم على الْهدى أَو يردعكم عَن الردى)
وَذكر الإِمَام الْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء أَن رجلا قَالَ
لعمر بن عبد الْعَزِيز رحمه الله إِنَّه كَانَ يُقَال إِن اسْتَطَعْت أَن تكون عَالما فَكُن عَالما وَإِن لم تستطع أَن تكون عَالما فَكُن متعلما فَإِن لم تستطع أَن تكون متعلما فأحبهم فَإِن لم تستطع أَن تحبهم فَلَا تبغضهم فَقَالَ سُبْحَانَ الله لقد جعل الله مخرجا
وَقيل للفضيل رحمه الله إِن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قبل جَائِزَة السُّلْطَان فَقَالَ الفضيل مَا أَخذ مِنْهُم إِلَّا دون حَقه ثمَّ خلا بِهِ وعاتبه بِرِفْق فَقَالَ يَا أَبَا عَليّ إِن لم نَكُنْ من الصَّالِحين فَإنَّا نحب الصَّالِحين
وَيُقَال كفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن لَا يكون صَالحا وَيَقَع فِي الصَّالِحين وَمعنى يَقع فيهم أَي يغتابهم ليظْهر للنَّاس معايبهم وَقيل
(وَمَا عبر الْإِنْسَان عَن نقص نَفسه
…
بِمثل اعْتِقَاد النَّقْص فِي كل فَاضل)
نسْأَل الله الْكَرِيم أَن ينفعنا بهم وَأَن يحشرنا على حبهم ويجعلنا فِي زمرتهم بمنه وَكَرمه وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم