الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وَقد حكم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِأَن الْفُقَهَاء هم خِيَار النَّاس بقوله عليه السلام (النَّاس معادن كمعادن الذَّهَب وَالْفِضَّة خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا) روياه إِمَامًا الْمُحدثين البُخَارِيّ وَمُسلم رحمهمَا الله فِي صَحِيحهمَا اللَّذين هما أصح الْكتب بعد الْقُرْآن
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين)
روياه فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا زَاد أَبُو نعيم فِي حليته يفقهه فِي الدّين ويلهمه فِيهِ رشده
هَذَا وَفِي كتاب الله تَعَالَى {هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ إِنَّمَا يتَذَكَّر أولُوا الْأَلْبَاب}
فَمنع الله سُبْحَانَهُ
الْمُسَاوَاة بَين الْعَالم وَالْجَاهِل لما خص بِهِ الْعَالم من الْعلم
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (خِيَار أمتِي علماؤها وَخيَار علمائها فقهاؤها)
ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي كِتَابه وروينا عَن الإِمَام بطال بن أَحْمد رحمه الله فِي كتاب وروينا عَن الإِمَام بطال بن أَحْمد رَحمَه فِي كتاب الْأَرْبَعين فِي لفظ الْأَرْبَعين بِإِسْنَادِهِ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ال (خِيَار أمتِي علماؤها وَخيَار علمائها حلماؤها) وَأنْشد بَعضهم فِي الْمَعْنى فَقَالَ
(الْعلم والحلم حلتا كرم
…
للمرء زين إِذا هما اجْتمعَا)
(صنْوَان لَا يستتم حسنهما
…
إِلَّا بِجمع لذا وَذَاكَ مَعًا)
(كم من وضيع سما بِهِ الْعلم
…
والحلم فنال الْعلَا وارتفعا)
(وَمن رفيع الْبناء أضاعهما
…
أخمله مَا أضاع فاتضعا)
وَقَالَ آخر
(الْعلم زين ومنجاة لصَاحبه
…
من المهالك والآفات والعطب)
(وَمَا تلحف إِنْسَان بملحفة
…
أبهى وأجمل من علم وَمن أدب)
وروى أَبُو نعيم الْحَافِظ رحمه الله فِي كِتَابه رياضة المتعلمين بِإِسْنَادِهِ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (الْعَالم والمتعلم شريكان فِي الْأجر وَلَا خير فِي سَائِر النَّاس بعد)
وَكَذَا روينَاهُ فِي كتاب الْأَرْبَعين الآجرى رحمه الله ثمَّ قَالَ الْآجُرِيّ بعد ذكر هَذَا الحَدِيث فقد أعلمك صلى الله عليه وسلم أَن الْخَيْر إِنَّمَا هُوَ فِيمَن يطْلب الْعلم وَمن يعلم فَمن لم يكن كَذَلِك فَلَا خير فِيهِ
هَذَا كَلَامه رَحمَه الله تَعَالَى
وَيُؤَيّد قَوْله هَذَا مَا روينَاهُ فِي جَامع الْحَافِظ التِّرْمِذِيّ رحمه الله أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (الدُّنْيَا ملعونة مَلْعُون مَا فِيهَا إِلَّا ذكر الله وَمَا وَالَاهُ أَو عَالما أَو متعلما ورويناه فِي كتاب الْفَاضِل لِابْنِ خَلاد رحمه الله عَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لَا خير فِي الْعَيْش إِلَّا لِرجلَيْنِ مستمع واع أَو عَالم نَاطِق)
وَذكر الإِمَام الْغَزالِيّ رحمه الله فِي الْإِحْيَاء أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (أفضل
النَّاس الْمُؤمن الْعَالم الَّذِي إِن احْتِيجَ إِلَيْهِ نفع وَإِن استغني عَنهُ أغْنى نَفسه)
وَأنْشد بَعضهم
(الْعَالم الْعَاقِل ابْن نَفسه
…
أغناه جنس علمه عَن جنسه)
(كن ابْن من شِئْت وَكن مؤدبا
…
فَإِنَّمَا الْمَرْء بِفضل كيسه)
(وَلَيْسَ من تكرمه لغيره
…
كَمثل من تكرمه لنَفسِهِ)
وَذكر صَاحب زهرَة الْعُيُون أَنه عليه السلام قَالَ (الْعَالم من ذهب والمتعلم من فضَّة وَالثَّالِث من نُحَاس)
وَذكر صَاحب تَنْبِيه الغافلين عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه كن عَالما أَو متعلما أَو مستمعا وَلَا تكن الرَّابِع فتهلك
قَالَ مُصَنفه رحمه الله يَعْنِي بالرابع من لَا يعلم وَلَا يتَعَلَّم وَلَا يسمع
ورويناه عَن صَاحب كتاب التَّرْغِيب والترهيب بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْن درسْتوَيْه
قَالَ سَمِعت سهل بن عبد الله وَنحن بَين يَدَيْهِ إِذْ أقبل أَصْحَاب الحَدِيث وَمَعَهُمْ المحابر
فَقَالَ سهل اجهدوا أَن
لَا تلقوا الله إِلَّا وَمَعَكُمْ المحابر فغمزت بَعضهم وَقلت لَهُ قل لَهُ يملي شَيْئا فَقَالَ أَيهَا الشَّيْخ قد مدحتها فَذَكرنَا بِشَيْء
قَالَ اكتبوا الدُّنْيَا كلهَا لَا شَيْء إِلَّا مَا كَانَ مِنْهَا علم وَالْعلم كُله حجَّة إِلَّا مَا كَانَ مِنْهُ عمل
وَالْعَمَل كُله هباء إِلَّا مَا كَانَ مِنْهُ إخلاص وَأهل الْإِخْلَاص على وَجل ثمَّ تَلا {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة}
انْتهى كَلَامه رحمه الله وَمَا أحْسنه
وَقَالَ ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ رحمه الله الْعلم عِنْد أهل الْجَهْل قَبِيح كَمَا أَن الْجَهْل عِنْد أهل الْعلم قَبِيح وَالْعلم ذكر لَا يُحِبهُ من الرِّجَال إِلَّا مذكروهم وَلَا يبغضه مِنْهُم إِلَّا مؤنثوهم
وَأنْشد أَبُو الْفضل الْعَبَّاس بن مُحَمَّد الْخُرَاسَانِي فِي الْمَعْنى
(لَا يطْلب الْعلم إِلَّا بازل ذكر
…
وَلَيْسَ يبغضه إِلَّا المخانيث)
وَقَالَ الشَّافِعِي رضي الله عنه من لَا يحب الْعلم فَلَا خير فِيهِ فَلَا تكن بَيْنك وَبَينه معرفَة وصداقة
وينشد لعَلي رضي الله عنه
(النَّاس من جِهَة التَّمْثِيل أكفاء
…
أبوهم آدم وَالأُم حَوَّاء)
(فَإِن يكن لَهُم من أصلهم شرف
…
يفاخرون بِهِ فالطين وَالْمَاء)
(لَا تحقرن امْرَءًا مهما تكون لَهُ
…
أم من الرّوم أَو سَوْدَاء عجماء)
(فَإِنَّمَا أُمَّهَات النَّاس أوعية
…
مستودعات وللأحساب آبَاء)
(مَا الْفَخر إِلَّا لأهل الْعلم إِنَّهُم
…
على الْهدى لمن استهدى أدلاء)
(وَقِيمَة الْمَرْء مَا قد كَانَ يُحسنهُ
…
والجاهلون لأهل الْعلم أَعدَاء)
وَمن هَذِه الأبيات أَيْضا
(ففز بِعلم تعش حَيا بِهِ أبدا
…
فَالنَّاس موتى وَأهل الْعلم أَحيَاء)
وَذكر الإِمَام أَبُو الْحسن الْمَاوَرْدِيّ رحمه الله فِي
كتاب أدب الدُّنْيَا وَالدّين أَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما روى أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بمجلسين أَحدهمَا يذكرُونَ الله عز وجل وَالْآخر يتفقهون فِي الدّين فَقَالَ عليه السلام (كلا المجلسين على خير وَأَحَدهمَا أحب إِلَيّ من صَاحبه أما هَؤُلَاءِ فَيذكرُونَ الله عز وجل ويسألونه فَإِن شَاءَ أَعْطَاهُم وَإِن شَاءَ مَنعهم وَأما الآخر فيتعلمون الْفِقْه ويعلمون الْجَاهِل وَإِنَّمَا بعثت معلما فَجَلَسَ إِلَى أَصْحَاب الْفِقْه)
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم الْحَافِظ فِي كتاب رياضة المتعلمين بِإِسْنَادِهِ وَرَوَاهُ أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي فِي كِتَابه
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (خير النَّاس وَخير من يمشي على جَدِيد الأَرْض المعلمون كلما خلق الدّين جددوه)
رَوَاهُ الثعالبي بِإِسْنَادِهِ وَتَبعهُ الطَّبَرِيّ عَلَيْهِ رَحْمَة الله
وَأنْشد بَعضهم
(رَأَيْت الْعلم صَاحبه شرِيف
…
وَإِن ربته آبَاء لئام)
(فَفِي الْعلم النجَاة من المخازي
…
وَفِي الْجَهْل المذلة والغرام)
(وَلَوْلَا الْعلم مَا سعدت نفوس
…
وَلَا عرف الْحَلَال وَلَا الْحَرَام)
(هُوَ الْعلم الدَّلِيل إِلَى الْمَعَالِي
…
ومصباح يضيء بِهِ الظلام)