المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لم يبق شيءٌ من الدنيا تُسَرّ به … غيرُ الدفاترِ - نظم اللآل في الحكم والأمثال

[عبد الله فكري]

الفصل: لم يبق شيءٌ من الدنيا تُسَرّ به … غيرُ الدفاترِ

لم يبق شيءٌ من الدنيا تُسَرّ به

غيرُ الدفاترِ فيها الشعرُ والسّمَرَ

لم يبق لي ما يسرني غير كتبي أقرأ فيها الأشعار والأخبار.

لم يجتمع جمعٌ لغيرِ بَيْنِ

لفرقةٍ كُلٌُّ اجتماع اثنينِ

كل اثنين مجتمعين لا بد أن يتفرقا.

لَوَ أنّ الأمرَ مُقبِلُه جَلِيّ

كَمُدْبرِهِ لما عَميَ البصيرُ

لو كنا نعرف عواقب الأمور كما نعرف ما مضى منها لم نخطئ.

لوْ أنّ من قال: نارٌ أحرقَتْ فمه

لما تَفوّهَ باسمِ النارِ مَخلوقُ

ليس من ينطق بلفظ (نار) يحرق لسانه، وإلا لما تفوه بها أحد.

لوْ فَكّرَ العاشقْ في منتهى

حُسْنِ الذي يَسْبيهِ لمْ يَسْبِه

لو عرف العاشق كيف يصبح معشوقه في القبر جثة هامدة لما عشقه.

لوْ كان يُمْكنني سفرْتُ عن الصبّا

فالشيبُ مِن قبلِ الأوانِ تَلَثُّمْ

أنا شاب، وقد عاجلني الشيب، ولكني ما أزال أتمتع بقوة الشباب، والشيب قبل أوانه مثل اللثام الذي يستر وجهك.

لو كان لي أو لغيْري قدْرُ أنملة

فوقَ التّرابِ لكانَ الأمر مُشْتَركا

لو كان للناس حبة تراب من الأرض التي يسكنونها، ظننت أنهم مشتركون في ملكها، ولكن الناس يذهبون والأرض تبقى، وليست ملكاً لأحد.

لولا اشتعالُ النارِ فيما جاورت

ما كانَ يُعرفُ طَيبُ عَرفِ العودِ

لا تعرف فضيلة المحسود إلا بلسان الحاسد، كما لا تعرف رائحة العود الطيبة إلا بعد إحراق العود.

لولا العقولُ لكانَ أدنى ضيغمٍ

أدنى إلى شرَفٍ من الإنسانِ

لو كان الشرف للقوة البدنية لا للعقل لكان الأسد أشرف من الإنسان.

لولا المشقّةُ سادَ الناسُ كلُهُمو

الجُود يُفقرُ والإقدامُ قتّالُ

لولا الجهد والتعب في طلب المجد لأصبح الناس جميعا سادة، ولكن للمجد تكاليف وأعباء فإن الكرم يفقر صاحبه، وإنّ الشجاعة تقتل ربها.

لو نظرَ الناسُ إلى عَيْبِهمْ

ما عابَ إنسانٌ على الناسِ

لو نظر كل إنسان إلى عيبه لم يعب إنساناً إنسان.

لياليّ بَعْدُ الظاعنينَ شُكولُ

طِوالٌ وليلُ العاشقينَ طَويلُ

لقد بعد أحبابي عني فأصبحت لياليّ على شكل واحد في طولها وأرقها وعذابها، وليل العاشق طويل.

ليسَ الجمال لوجهٍ صحّ مارِنُه

أنفُ العزيز بِقَطُع العِزّ يُجتدَعُ

ليس الجمال بجمال الأنوف، فرب عزيز قطع أنفه، أنفةً من الذل والضيم.

ليسَ الحجابُ بمُقصٍ عنكَ لي أملاً

إنّ السماءَ تُرجى حينَ تَحتجِبُ

لقد حجبت نفسك عني فلم أرك، ولكن أملي لم ينقطع منك والسماء يرجى مطرها وخيرها حين تحجبها الغيوم.

ليسَ الغبيُّ بسيّدٍ في قومه

لكِنّ سيد قومه المتُغابي

الغبي لا يكون سيداً، ولكن المتغابي عن هفوات أهله وقومه، هو السيد.

ليسَ اللئيم تَزينُه أثْوابهِ

كالميت ليسَ تَزينُه الأكفانُ

لا تزين اللئيم أثوابه، كما لا تزين الميت أكفانه.

ليسَ بالسِنِّ تُستَحَقُّ المنايا

كم نجا بازلٌ وعُوجِل بَكْرُ

ليس تقدم الإنسان في سنه هو الذي يميته، فكم عاش العجوز ومات الشاب.

ليسَ بِعلمٍ ما يقي القِمَطْرُ

ما العلمُ إلا ما وَعاهُ الصّدْرُ

العلم في الصدور لا في السطور القمطر الكتاب والدفتر.

ليسَ على اللهِ بِمُسْتَنْكَرٍ

أنْ يَجمعَ العالمَ في واحِدِ

رب إنسان واحد كأنه الناس كلهم، في علمه وفضله وكرمه، وليس ذلك على الله بكثير.

ليسَ للحاجاتِ إلا

مَنْ لهُ وَجْهٌ وقاحُ

لا يدرك حاجاته إلا الوقح الملحاح

ليسَ لمَنْ ليست له حيلة

إلا عزاءُ النفسِ بالصبّرِ

من لم يستطع تحقيق أمله تعزى عنه بالصبر.

لئنْ كنتُ محتاجاً إلى الحلمٍ إنني

إلى الجهل في بعضِ الأحايين أحوجُ

أنا محتاج إلى الحلم والعقل في أكثر الأحيان، ولكني أحتاج إلى الجهل والطيش في بعض الأحيان، حسب من أعامل من الناس.

‌حرف الميم

ما أحسنَ الدّينَ والدنيا إذا اجتمعا

وأقبحَ الكفرَ والإفلاسَ بالرّجلِ

ما أحسن أن يكون الإنسان جامعاً بين الدين والدنيا وما أقبح أن يجمع بين الكفر والفقر.

ص: 31

ما أحسنَ العفو من القادرِ

لا سِيّما عن غَيْرِ ذي ناصرِ

ما أحسن القادر الذي يعفو ولا سيما عن الضعيف الذي ليس له من ينصره.

ما أخدعَ الدنيا لِكلّ عاقلِ

ما أصرعَ الدنيا لِكلّ جاهلِ

الدنيا تخدع العاقل وتهلك الجاهل.

ما أرسلَ الإنسانُ في حاجةٍ

أمضى ولا أنجعَ مِنْ درهمِ

أحسن رسول يرسله الإنسان لقضاء حاجته، هو الدرهم.

ما أعجب الدهرَ ومِنْ عجائبِهْ

تَقلُّبُ الإنسان في قوالبه

الدهر عجيب، وأعجب ما فيه تقلب أحواله.

ما أقطعَ الآجالَ للآمالِ

وأسرعَ الآمالَ في الآجالِ

الموت يقطع الأمل، والأمل يقرب الأجل.

ما الذي عِنْدَهُ تدارُ المنايا

كالذي عندَهُ تدارُ الشّمولُ

ليس الرئيس الذي يحارب ويدير كؤوس الموت، مثل الرئيس الذي يلهو ويدير كؤوس الخمر.

ما الناسُ إلا مَعَ الدنيا وصاحبها

فكيفما انقلبتْ يوماً به انقلبُوا

الناس أصدقاء من كانت الدنيا معه فإذا انصرفت عنه، انصرفوا عنه.

ما إن يضرّ العَضْبَ كونُ قرابهِ

خَلَقاً ولا البازي حقارةُ عُشِّهِ

لا يضر السيف القاطع أن يكون غمده بالياً، ولا يضر النسر القوي أن يكون عشه حقيراً.

ما أولعَ النفسَ بسوءِ الظنّ

ما أسرعَ النفسَ إلى التَمَنّي

النفس مولعة بسوء الظن بالناس، والنفس سريعة إلى الأماني والأحلام.

ما بالُ عرضِك ترضى أن تدنّسهُ

وثوبُ جلدِك مغسولٌ مِنَ الدنسِ

لماذا ترضى بدنس شرفك، وثوبك نظيف لا دنس فيه.

ما تنقضي حسرةٌ مني ولا جزَعُ

إذا ذكرْتُ شباباً ليسَ يرتَجعُ

لا أذكر شبابي الذي ذهب ولن يعود إلا تحسرت عليه.

ما حَكّ جلدَك مثل ظُفْرِكْ

فتَوَلّ أنتَ جميعَ أمركْ

لا يحك جلدك غير ظفرك، فقم أنت بكل أعمالك.

ماذا لقيتُ من الدّنيا وأعجبُه

أنّى بما أنا باكٍ مِنه محْسودُ

لم ألق من الدنيا غير الشر، ومع ذلك فالناس يحسدونني على ما أشكو منه.

ما ذاقتِ النفسُ على شهوةٍ

ألذّ مِنْ وُدّ صديقٍ أمينْ

أطيب اللذات صداقة صديق مخلص.

ما ضَرّني حسَدُ اللئامِ ولم يزَلْ

ذو الفضلِ يَحْسُدُهُ ذوو التقصيرِ

لا يضرني حسد اللئام لي، فالفاضل دائماً يحسده الناقص.

ما طابَ فرعٌ أصلُه خَبيثُ

ولا زَكا مَنْ مَجْدهُ حديثُ

لا يطيب الفرع إذا كانت الشجرة خبيثة، وكل حديث الغنى والمجد لا يسمو ولا يرتفع.

ما طابَ فرعٌ لا يطيبُ أصلهُ

حَمى مؤاخاةَ اللئيمِ فِعْلُهُ

لا يطيب فرع أصله غير طيب، وأنت لا تصادق اللئيم لأنك ترى ما يفعل.

ما طارَ طيرٌ فارتفعْ

إلا كما طارَ وقعْ

مهما ارتفع الطير فلا بد له من الوقوع ومهما علا الجبل فلا بد أن ينخفض.

ما عُوّضَ الصبرَ امرؤٌ إلا رأى

ما فاته دونَ الذي قَدْ عُوّضا

إذا كان الإنسان متمتعاً بالصبر وجده عوضاً له عن كل ما فاته تحقيقه.

ما كُلّ قولٍ لهُ جوابٌ

جَوابُ ما يُكْرَهُ السّكوتُ

قد يبقى الكلام دون جواب، وجواب السخيف السكوت عنه.

ما كُلّ ما يتمنّى المرءُ يدركُه

تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفن

لا يدرك الإنسان كل ما يتمنى كما أن السفن لا تلائمها الرياح على الدوام.

ما كُلّ من طلبَ المعاليَ نافذاً

فيها ولا كُلّ الرّجالِ فُحولا

ما كل من طلب المجد ناله، وليس كل الرجال أبطالا

ما كنتُ أوفي شبابي كُنْهَ عزّته

حتى انقضى فإذا الدنيا لَهُ تَبَعُ

ما كنت أعرف قيمة شبابي حتى فقدته، ففقدت عند فقده كل مسرات الدنيا.

ما للرّجالِ وللتّنَعُّمِ إنّما

خُلِقوا ليومِ كريهةٍ وكفاحِ

لا يليق بالرجال التمتع بحياة الترف والنعيم، فهم خلقوا للنضال والكفاح.

ما لم يضقْ خُلُقُ الفتى

فالأرضُ واسعةٌ عليهِ

إذا لم يضق أمل الفتى وصدره، فالدنيا واسعة، والأرض كبيرة.

ما وهبَ اللهُ لامرئٍ هبةً

أشرفَ مِن عقلهِ ومنْ أدَبه

أحسن هبات الله للإنسان العقل والأدب.

ما يكونُ الأمرُ سهلاً كُلّهُ

إنما الدنيا سُهولُ وحُزونُ

ص: 32

ليست الحياة كلها سهلة، بل فيها السهل والصعب.

متى تُردِ الشفاءَ لكُلّ غَيْظٍ

تَكُنْ مما يغيظُكَ في ازديادِ

إذا أردت أن تشفي نفسك من كل من يغيظك ظللت في غيظ دائم.

متى تضع الكرامةَ في لئيمٍ

فإنك قدْ أسأتَ إلى الكرامه

إذا أكرمت اللئيم أهنت الكرامة.

متى ما تقدْ بالباطلِ الحقّ يأبَهُ

وإن تقدِ الأطوادَ بالحق تَنْقَدِ

الحق لا ينقاد بالباطل، وتنقاد للحق الجبال.

مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرَعٌ

والشمسُ رأدَ الضحى كالشمس في الطّفلِ

مجدي في شبابي مثل مجدي في شيخوختي، والشمس عند الصباح مثل الشمس عند المساء.

مُحَسّدٌ بخلالٍ فيه فاضلةٍ

وليسَ تَفترِقُ النعماءُ والحسَدُ

هذا الرجل محسود لأنه فاضل، والفضل مقترن بالحسد.

مِحنُ الزمانِ كثيرةٌ لاتنقضي

وسرورهُ يأتيكَ كالأعيادِ

مصائب الزمان لا تنتهي، وأفراح الزمان تأتي بين حين وحين كالأعياد.

مدحتك مدحةَ السيف المحلى

فلما أنْ ضربت بك انثنيتا

مدحتك كما أمدح السيف، ولكنك وياللأسف لم تستحق المديح، فكنت كالسيف لما ضربت به نبا.

مَسَرةُ الدنيا إلى تنغيصِ

ورُبّما أكدَتْ يدُ الحريصِ

عاقبة السرور الكدر، والحريص ربما أوقعه حرصه.

مطالبُ الخيرِ جميعاً سَهْلهَ

والخيرُ لا يَطْلُبُ إلا أهلهَ

عمل الخير سهل، وله أهل،

مُلتمس الحمد بأعمال الكذب

كمخرج الحكمة من قلب خرب

من طلب حمد الناس له بالباطل، مثل من يطلب الحكمة من المجنون.

مَلكٌ تسوسُ له المكارمُ نفسَهُ

والمجدُ حُسنُ سياسةِ النّفسِ

هذا الملك تقوده نفسه إلى فعل المكرمات، ولا ينال المجد إلا بحسن سياسة النفس.

مَنْ أبرم الأمرَ بلا تدبيرِ

صَيّرهُ الدّهرُ إلى تَدْميرِ

من طلب أمراً دون تدبير ولا وعي أصابه الدمار.

مَنْ أجابَ الهوى إلى كلّ ما يد

عو إليه داعيه ضَلّ وتاها

من أجاب هواه ضلّ

منْ أطاق التماس شيءٍ غلاباً

واغتصاباً لم يلتمسهُ سؤالا

من استطاع أن يحقق أمانيه غضبا وحربا، لم يطلبها سلاما وتوسلا.

مَنِ استنامَ إلى الأشرار نامَ وفي

قميصه منهمو صلّ وثعبان

من أمن الأشرار كان كمن ينام وفي ثيابه الأفاعي.

مَنِ اشتكى الدهرَ أطالَ الشكوى

والدهرُ ما ليَسَ عليهِ عدوى

لا فائدة من شكوى الدهر، فليس له من ينصرك عليه.

منَ الحلم أن تستعمل الجهلَ دونَه

إذا اتسعت في الحلم طرق المظالم

قد تضطر إلى استعمال الجهل بدل الحلم، إذا كان الحلم يوقعك في الظلم.

منَ القليل يُجْمَعُ الكثيرُ

ربّ صغيرٍ قَدْرُه كبيرُ

الكثير يأتي من القليل، والصغير له قيمة كبرى.

من الناسِ من يغشى الأباعدَ نفعُه

وتَشْقى به حتى المماتِ أقارِ بُهْ

من الناس من يشقى به الأقارب ويسعد به الأجانب.

منْ أمِنَ الدهر أتي من مأمَنِهْ

لا تشتثرْ ذا لبَدٍ مِن مَكمَنِهْ

إذا أمنت الدهر أصابك من موضع أمنك، وإذا كان الليث رابضاً في عرينه، فلا تثره ولا تهييجه.

من جادَ بالمالِ مال الناسُ قاطبةً

إليه والمالُ للإنسانِ فتّانُ

من جاد بالمال مال إليه الناس، فالمال يفتن الإنسان.

من راقبَ الناس لم يظفر بحاجته

وفاز بالطيبات الفاتكُ اللهجُ

من راقب الناس لم يحقق آماله، ومن كان فاتكاً مُصرا على مطالبه فاز بالطيبات.

مَن راقبَ الناسَ ماتَ غماً

وفازَ باللذة الجَسُورُ

من راقب الناس قتله غمه، والجسور يفوز بما يرجوه.

من سألَ الناسَ تجنّبوهُ

ولمْ يُواسوه وخيَبّوهُ

من سأل الناس ملّوه وتركوه.

من سالمَ الناسَ يسلَمْ من غوائلهمْ

وعاشَ وهو قرير العينِ جذلان

من سالم الناس سلم.

من شابَ قدْ ماتَ وهوَ حيّ

يمشي على الأرضِ مشيَ هالكِ

من شاب مات وإن كان حياً

من عفّ خفّ على الصديق لقاؤه

وأخو الحوائج وجهُه معلولُ

من عف خف على قلوب الأصدقاء، ومن ألح في طلب الحاجات مله الناس.

ص: 33