الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة عن علوم القرآن الكريم
س: ما المقصود بعلوم القرآن؟
ج: المقصود بعلوم القرآن: الأبحاث التي تتعلق بهذا الكتاب العظيم الخالد؛ من حيث نزوله، وجمعه، وتدوينه، وترتيب آياته وسوره، ومعرفة المكي منه والمدني، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، وتفسير آياته، ومعرفة أحكامه وغير ذلك من الأبحاث الكثيرة التي تتعلق بالقرآن العظيم أو لها صلة به ..
س: ما هو الغرض من هذه الدراسة؟
ج: الغرض من هذه الدراسة: فهم كلام الله تعالى على ضوء ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضيح وبيان، وما نقل عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين. حول تفسيرهم لآيات القرآن، وأيضا معرفة طرق المفسرين، وأساليبهم في التفسير مع بيان مشاهيرهم، ومعرفة خصائص كلّ منهم، وشروط التفسير وغير ذلك من حقائق هذا العلم المفيد.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعرفون عن القرآن وعلومه ما عرف العلماء وفوق ما عرف العلماء في كل عصر، ولكن معارفهم لم توضع في ذلك العهد كفنون مدونة ولم تجمع في كتب مؤلفة، لأنهم لم تكن لهم حاجة إلى التدوين والتأليف.
- أما الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فلأنه كان يتلقى الوحي عن الله وحده لا شريك له. والله تعالى كتب على نفسه الرحمة، ومن رحمته تعالى برسوله الكريم، جمعه القرآن له في صدره، وإطلاق لسانه بقراءته وترتيله، وكشف له عن أسراره ومعانيه. اقرأ قول الله تعالى:
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (1).
(1) سورة القيامة، الآيات 16، 17، 18، 19.
ولقد بلّغ الرسول صلى الله عليه وسلم ما أنزل عليه لأصحابه، ثم شرح لهم القرآن بقوله وبعمله وبتقريره وبخلقه، أي بسنته الجامعة لأقواله وأفعاله، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى:
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (1).
- وأمّا الصحابة رضوان الله عليهم فكانوا وقتئذ عربا خلّصا متمتعين بجميع خصائص العروبة ومزاياها الكاملة، من قوة في الحافظة، وذكاء في القريحة، وتذوق للبيان، وتقرير للأساليب، ووزن لما يسمعون بأدق المعايير حتى أدركوا من علوم القرآن، ومن إعجازه بسليقتهم وصفاء فطرتهم، ما لا نستطيع نحن أن ندركه مع زحمة العلوم وكثرة الفنون.
وكان بعض الصحابة رضوان الله عليهم مع هذه الخصائص أمّيّين، وأدوات الكتابة لم تكن ميسرة لديهم. والرسول صلى الله عليه وسلم قد نهاهم عن أن يكتبوا عنه شيئا غير القرآن.
وقال لهم في أول العهد عند نزول القرآن فيما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «لا تكتبوا عنّي ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدثوا عني ولا حرج ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» .
س: ما سبب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكتابة لغير القرآن؟
ج: سبب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكتابة لغير القرآن: مخافة أن يلتبس القرآن بغيره، أو يختلط بالقرآن ما ليس منه ما دام الوحي نازلا بالقرآن الكريم.
فلتلك الأسباب المتضافرة لم تدون علوم القرآن كما لم يدون الحديث الشريف.
ومضى الرعيل الأول على ذلك في عهد الشيخين الكبيرين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما. ولكن الصحابة كانوا مضرب الأمثال في نشر الإسلام وتعاليمه، والقرآن وعلومه، والسنة وتحريرها. تلقينا لا تدوينا، ومشافهة لا كتابة.
ثم جاءت خلافة عثمان رضي الله عنه وقد اتسعت رقعة الإسلام واختلط العرب الفاتحون بالأمم التي لا تعرف العربية، وخيف أن تذوب خصائص العروبة من هؤلاء العرب الخلّص من جراء هذا الفتح والاختلاط. بل خيف على القرآن نفسه أن
(1) سورة النحل، آية 44.
يختلف المسلمون فيه، فأمر عثمان رضي الله عنه بجمع القرآن في مصحف إمام، وأن تنسخ منه مصاحف يبعث بها إلى أقطار الإسلام، وأن يحرق الناس كل ما عداها ولا يعتمدوا شيئا سواها، كما سيأتيك في باب جمع القرآن وتدوينه إن شاء الله تعالى. وبهذا العمل العظيم وضع عثمان- رضي الله عنه الأساس لما نسميه علم (رسم القرآن أو علم الرّسم العثماني).
ولكن هذه الهمّة في النشر يصح أن نعتبرها كتمهيد لتدوينها. وكان على رأس من ضرب بسهم وافر في هذه الرواية: الخلفاء الأربعة، وابن عباس، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير، وكلهم من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. وكان على رأس التابعين في تلك الرواية:
مجاهد، وعطاء، وعكرمة، وقتادة، والحسن البصري، ومالك بن أنس من تابعي التابعين رضي الله عنهم أجمعين.
وهؤلاء جميعا يعتبرون أنهم هم واضعوا الأساس لما يسمى علم التفسير، وعلم أسباب النزول، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم غريب القرآن، ونحو ذلك. وستجد بسطا لهذا الإجمال في بابه إن شاء الله تعالى.
ثم جاء عصر التدوين: فألّفت كتب في أنواع علوم القرآن. واتجهت الهمم قبل كل شيء إلى التفسير باعتباره أصل العلوم القرآنية لما فيه من التعرض لها. ومن أوائل الذين كتبوا في التفسير: شعبة بن الحجاج، ووكيع بن الجراح، وسفيان بن عيينة، وتفاسيرهم جامعة لأقوال الصحابة والتابعين، وهؤلاء من علماء القرن الثاني الهجري، ثم تلاهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة (310 هـ) وكتابه من أجلّ التفاسير وأعظمها.
أما علوم القرآن الأخرى ففي مقدمة المؤلفين فيها: علي بن المديني شيخ الإمام البخاري إذ أنه ألّف في أسباب النزول، وأبو عبيد القاسم بن سلام إذ كتب في الناسخ والمنسوخ، وكلاهما من علماء القرن الثالث الهجري.
وفي مقدمة من ألف في غريب القرآن: أبو بكر السجستاني، وهو من علماء القرن الرابع الهجري. وفي طليعة من صنف في إعراب القرآن علي بن سعيد الحوفي،