الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المكي والمدني من القرآن الكريم
س: نريد أن نعرف المكي والمدني من سور القرآن الكريم. وما هي سمات كل منهما؟
ج: إن الذي يقرأ القرآن العظيم ويتمعن فيه يجد بفطرته لما نزل بمكة خصائص ليست متوفرة فيما نزل بالمدينة المنورة من سور وآيات، وإنه يحس ذلك من وقعها ومعانيها وأسبابها. مع أن الثاني وهو المدني مبني على الأول في الأحكام والتشريع والأوامر والنواهي. فأهل مكة كانوا يعبدون الأوثان، ويشركون بالله، وينكرون الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا يكذّبون بيوم الدين، ويقولون كما حكى القرآن عنهم: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (1) وكانوا يقولون أيضا:
وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ (2). وكانوا ألدّاء في الخصومة. أهل مجادلة ولجاجة في القول مع فصاحة وبيان، ولذلك نزل الوحي قوارع زاجرة وشهبا منذرة وحججا قاطعة، يحطم وثنيتهم، ويدعوهم إلى توحيد الإله الواحد الأحد الفرد الصمد الخالق الرازق المبدع لكل الأشياء. وقد جاء القرآن المعجز متحديا لهم على فصاحتهم بأن يأتوا بمثل هذا القرآن، أو بشيء من مثله فلم يقدروا مع فصاحتهم وبلاغتهم وسبقهم في هذا الميدان. وحين تكونت الجماعة المؤمنة بالله تعالى وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشرّه، وامتحنت في عقيدتها بكل أنواع الأذى من المشركين والكافرين والجاحدين، فصبرت وصابرت وهاجرت بدينها مؤثرة ما عند الله تعالى على متاع الحياة الدنيا بأكمله .... حين تكونت هذه الجماعة نرى الآيات القرآنية التي نزلت في المدينة المنورة طويلة المقاطع تتناول أحكام الإسلام وحدوده وتدعو إلى الجهاد في سبيل الله، والاستشهاد والتضحية بكل غال وثمين في سبيل إعلاء كلمة الحق، ونشر دين الإسلام.
كما أن هذه الآيات المدنية جاءت مفصلة لأصول الشريعة الإسلامية. واضعة قواعد المجتمع المسلم الصحيح. كما أنها أيضا كانت تفضح المنافقين وأسرارهم، وتجادل أهل الكتاب وتلجم أفواههم. وهذا هو الطابع العام للقرآن المدني: أي الذي
(1) سورة الواقعة آية 47.
(2)
سورة الجاثية آية 24.
نزل في المدينة المنورة. ولقد وقع الخلاف بين أهل العلم فيما نزل من القرآن الكريم في مكة وفيما نزل منه بالمدينة المنورة من سوره وآياته
…
ونريد في هذا المختصر أن نبعد الخلاف المطول الذي لا يتسع المقام لحصره ونذكر فقط أقرب ما قيل من تعداد السور المكية والمدنية إلى الصحة والصواب. ونسأل الله تعالى العون والتوفيق لما فيه الخير والصواب.
أولا: قيل إن المدني من القرآن الكريم أي الذي نزل بالمدينة المنورة عشرون سورة وهي:
1 -
البقرة 2 - آل عمران 3 - النساء 4 - المائدة 5 - الأنفال 6 - التوبة 7 - النور 8 - الأحزاب 9 - سورة محمد صلى الله عليه وسلم 10 - الفتح 11 - الحجرات 12 - الحديد 13 - المجادلة 14 - الحشر 15 - الممتحنة 16 - الجمعة 17 - المنافقون 18 - الطلاق 19 - التحريم 20 - النصر.
س: هذا ما نزل من سور القرآن الكريم بالمدينة. فما الذي نزل بمكة المكرمة؟ وما هو المختلف فيه بينهما؟
ج: هنا نذكر أسماء السور المختلف فيها بعد ذكر أسماء السور المدنية وما يتبقى بعد ذلك يكون مكيا. فالمختلف فيه بين مكيته ومدنيته اثنتا عشرة سورة وهي:
1 -
الفاتحة 2 - الرعد 3 - الرحمن 4 - الصف 5 - التغابن 6 - المطففين 7 - القدر 8 - البينة 9 - الزلزلة 10 - الإخلاص 11 - الفلق 12 - الناس.
وبهذا يكون المدني عشرون سورة. والمختلف فيه اثنتا عشرة سورة. والباقي من سور القرآن وعدده اثنتان وثمانون سورة، فهو مكي أي: نزل بمكة. فيكون مجموع سور القرآن الكريم مائة وأربع عشرة سورة. هذا على أرجح الأقوال بالنسبة لسور القرآن. أما بالنسبة لآياته فهناك بعض الآيات المكية في سور مدنية. وبعض الآيات المدنية في سور مكية (1).
وقد سبق أن قلنا أن للعلماء فيها آراء ومذاهب لا يتسع لذكرها وحصرها هذا
(1) راجع الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ص 8 - 18.
المختصر. ومن أراد التوسع في معرفتها فعليه بأمهات الكتب.
س: ما هي فوائد العلم بمعرفة المكي والمدني من القرآن الكريم؟
ج: للعلم بالمكي والمدني فوائد عدة نذكر أهمها:
أولا: الاستعانة بمعرفة المكي والمدني في تفسير القرآن فإن معرفة مواقع النزول تساعد الباحث على فهم الآية وتفسيرها تفسيرا صحيحا. وإن كانت العبرة بعموم اللفظ
لا بخصوص السبب.
ثانيا: تذوق أساليب القرآن الكريم والاستفادة منها في أسلوب الدعوة إلى الله تعالى فإن لكل مقام مقالا.
ثالثا: الوقوف على السيرة النبوية من خلال الآيات القرآنية. فإن تتابع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساير تاريخ الدعوة بأحداثها كلها في العهد المكي والعهد المدني منذ بدأ الوحي حتى آخر آية نزلت من القرآن الكريم.
س: ما هو الفرق بين المكي والمدني من القرآن الكريم؟
ج: للعلماء في الفرق بين المكي والمدني من القرآن الكريم ثلاثة آراء اصطلاحية:
الرأي الأول: اعتبار زمن النزول. فالمكي ما نزل قبل الهجرة وإن كان بغير مكة، والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان بغير المدينة.
الرأي الثاني: اعتبار مكان النزول: فالمكي ما نزل بمكة وما جاورها كمنى وعرفات والحديبية، والمدني ما نزل بالمدينة وما جاورها كأحد وقباء وسلع (1).
الرأي الثالث: اعتبار المخاطب. فالمكي: ما كان خطابا لأهل مكة. والمدني ما كان خطابا لأهل المدينة. وينبني على هذا الرأي عند أصحابه: أن ما في القرآن من قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ مكي. وما فيه من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فمدني.
س: هل هناك ضوابط ومميزات أخرى للمكي والمدني.
(1) سلع اسم جبل بالمدينة معروف لأهلها.