الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناسخ والمنسوخ
س: ما هو النسخ؟
ج: النسخ في اللغة بمعنى الإزالة، ومنه يقال: نسخت الشمس الظل: أي أزالته، وقد يراد بالنسخ نقل الشيء من موضع إلى موضع آخر، ومنه نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه،
ويقول الله تعالى في كتابه الكريم: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1). والمراد به نقل الأعمال إلى الصحف، والنسخ في الاصطلاح: رفع الحكم الشرعي بخطاب شرعي، أما كلمة (الناسخ) فتطلق على الله تعالى كقوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ (2) وتطلق أيضا على الآية فيقال: هذه الآية ناسخة لآية كذا، وتطلق على الحكم فيقال: حكم كذا ناسخ لحكم كذا، وأما المنسوخ فهو الحكم المرتفع، فآية المواريث مثلا وما فيها من حكم ناسخ لحكم الوصية للوالدين والأقربين كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
س: هل للنسخ شروط؟
ج: نعم؛ للنسخ شروط ثلاثة وهي:-
1 -
أن يكون الحكم المنسوخ شرعيا.
2 -
أن يكون الدليل على ارتفاع الحكم خطابا شرعيا متراخيا (3) عن الخطاب المنسوخ حكمه.
3 -
ألّا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيد بوقت معين، وإلا فالحكم ينتهي بانتهاء وقته ولا يعد هذا نسخا، وقد قال بعض العلماء في قوله تعالى في سورة البقرة فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ (4) قالوا إنه حكم غير منسوخ لأنه مؤجل بأجل، والمؤجل لأجل لا نسخ فيه (5).
ومما هو معروف عند أهل العلم أن النسخ لا يكون إلا في الأوامر والنواهي، سواء
(1) سورة الجاثية آية 29.
(2)
سورة البقرة آية 106.
(3)
متراخيا: أي جاء بعد الحكم المنسوخ في النزول.
(4)
سورة البقرة آية 109.
(5)
ممن حكى هذا القول مكي بن أبي طالب، أصله من القيروان وله مؤلفات كثيرة في علوم القرآن مثل كتاب الناسخ والمنسوخ، سكن قرطبة ثم رحل إلى مصر وتوفي عام 437 هـ.
كانت صريحة في الطلب أو كانت بلفظ الخبر الذي بمعنى الأمر أو النهي على أن يكون ذلك غير متعلق بالعقائد التي ترجع إلى ذات الله تبارك وتعالى وصفاته وكتبه ورسله واليوم الآخر أو الآداب الخلقية أو أصول العبادات والمعاملات؛ لأن الشرائع كلها لا تخلوا من هذه الأصول؛ وهي متفقة فيها. قال الله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (1).
س: هل لمعرفة النسخ أهمية؟
ج: نعم؛ لمعرفة الناسخ والمنسوخ أهمية كبيرة عند أهل العلم من الفقهاء والأصوليين والمفسرين حتى لا تختلط الأحكام، ولهذا وردت أحاديث كثيرة في الحث على معرفة الناسخ والمنسوخ، فقد روي أن عليا كرم الله وجهه ورضي عنه وأرضاه مرّ على قاض فقال له: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، فقال:(هلكت وأهلكت)(2)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله الله تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (3) قال: ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحرامه وحلاله (4).
س: ما الطرق التي يعرف بها الناسخ والمنسوخ؟
ج: لمعرفة الناسخ والمنسوخ طرق نذكرها لك فيما يأتي:-
أولا: النقل الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي كحديث:
«كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» (5).
ثانيا: إجماع الأمة الإسلامية على أن هذا ناسخ وهذا منسوخ.
ثالثا: معرفة المتقدم من المتأخر في النزول، ولا يعتمد في معرفة النسخ على الاجتهاد أو قول المفسرين أو التعارض بين الأدلة ظاهرا أو تأخر إسلام أحد الراويين .. والله أعلم.
(1) سورة الشورى آية 13.
(2)
أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
سورة البقرة آية 269.
(4)
أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(5)
رواه الحاكم.