الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه من الاختلاف:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدرك أن بقاء هذه المة رهين بتآلف القلوب التي التقت على الحب في الله، وان حتفها في تناحر قلوبها لذلك كان عليه الصلاة والسلام يحذر من أن يذر الخلاف قرنه فيقول:«الا تختلفوا فتختلف قلوبكم» (19) . وكان كرام الصحابة رضوان الله عليهم يرون أن الخلاف لا يأتي بخير كما في قول ابن مسعود رضي الله عنه: «الخلاف شر» .
لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتث بذرة الخلاف قبل ان تتنامى
…
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: هجّرت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم» يوما فسمع اصوات رجلين اختلفا في آية فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال: «انما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب» (20) .
وعن النزال بن سبرة قال: سمعت عبد الله بن مسعود قال سمعت رجلا قرأ آية سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كلاهما محسن» قال شعبة: أظنه قال: لا تختلفوا فان من قبلكم اختلفوا فهلكوا» (21) .
(19) أخرجه البخاري على ما في الجامع الصغير (2/494) .
(20)
راجع الإحكام في أصول الاحكام لابن حزم (5/66) .
(21)
راجع الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم، وينظر صحيح البخاري «باب كراهية الاختلاف» (13/289) وباب «نزل القرآن على سبعة أحرف» (9/22 36) .
فهنا يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة ومن يأتي بعدهم عواقب الاختلاف ويحذرهم منه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة رضوان الله عليهم أدبا هاما من آداب الاختلاف في قراءة القرآن خاصة، فيقول في الحديث الصحيح:«اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فاذا اختلفتم فيه فقوموا» (22) .
فيندبهم عليه الصلاة والسلام للقيام عن القرآن العظيم اذا اختلفوا في بعض احرف القراءة او في المعاني المرادة من الآيات الكريمة حتى تهدأ النفوس والقلوب والخواطر، وتنتفي دواعي الحدة في الجدال المؤدية الى المنازعة والشقاق، اما اذا ائتلفت القلوب وسيطرت الرغبة المخلصة في الفهم فعليهم ان يواصلوا القراءة والتدبر والتفكير في آيات الكتاب. ونرى كذلك أن القرآن الكريم كان احيانا يتولى التنبيه على «ادب الاختلاف» حين يقع بين الصحابة رضوان الله عليهم، فعن عبد الله بن الزبير قال: «كاد الخيّران ان يهلكا اب وبكر وعمر رضي الله عنهما.. رفعا اصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم فأشار احدهما بالاقرع بن حابس، وأشار الآخر بالقعقاع بن معبد بن زرارة، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت الاّ خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك، فارتفعت اصواتهما في ذلك، فأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت
(22) اخرجه الشيخان وأحمد في السند، والنسائي على ما في الجامع الصغير (1/86) والفتح الكبير (1/218) .