الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الحج عن الميت والوصية
169-
من سماع ابن القاسم قال:
قلت لابن القاسم: فإن هلك رجلٌ بالفسطاط وأوصى أن يحج عنه، فدفع عنه إلى رجلٍ ليحج عنه، ولم يتشرطوا عليه أن يحرم من ذي الحليفة أو غيرها. فخرج فأحرم هو عن نفسه من ذي الحليفة بعمرة، وحج عن البيت من مكة؛ قال: أراه ضامناً لحجه أو يرد المال، ولا أبالي اشترطوا عليه الإحرام من ذي الحليفة أولم يشترطوا، لأنه من دفع إليه مالاً ليحج به عن الميت، فليحرم من
⦗ص: 143⦘
ميقات الموضع الذي يحج منه.
170-
قال مالك: ومن مشى عن أحدٍ وحج عن نفسه وهو صرورة، أجزأت عنه حجته الفريضة، ولم يضره مشيه الذي مشى عن أحدٍ.
قال ابن القاسم: لأنه لا يمشي أحدٌ عن أحدٍ، ولأنه في مشيه عن نفسه الذي ينبغي له أن يقضي الذي هو أتمها إذا أشرك معه غيره. وقد كان في هذا الكلام، فسئل مالك عنه عاماً بعد عامٍ، فثبت لنا على هذا أنه يقضي حجة الإسلام ويكون من مشيه لنذره.
171-
ومن سماع عيسى بن دينار:
وسئل عن رجل أوصى لرجل بعشرين ديناراً يحج بها عنه وعشرين ديناراً لرجلٍ آخر وصيةً؛ قال: إن كان الحج عن الميت وكان صرورة بدىء بها على العشرين، وإن كان ليس صرورةً أو أوصى بذلك لرجل أجنبي يحج بها عن نفسه، فكان الثلث عشرين. قال: يتحاصان. قيل له: فإن لم يكن فيما صار للحج في المحاصة ما يحمله ولم يأخذها؛ قال: يعطى غيره ممن يحج بها عنه من أهل المدينة، فإن لم يجد فمن مكة.
قلت: فإن لم يكن ذلك إلا الشيء اليسير، الدينار وما أشبهه؛ قال: يرد إلى الورثة.
قلت: فالأجنبي؛ قال: إن أحب الحج أعطيه ويقوى
⦗ص: 145⦘
بذلك في نفقته، وإن لم يرد الحج رد ذلك إلى الورثة.
172-
وسألته عن الذي يوصي بستين ديناراً يحج بها عنه فلا يجدون من يحج بها عنه من الأندلس لقلتها، أيبعث بها إلى إفريقية أو مصر فيكرون بها من يحج بها من ثم، والموصي إنما أوصى بها من الأندلس، وبها مات. وهل يختلف إن قالوا: حجوا بها عني من الأندلس، أو قال: حجوا بها عني، ولم يقل من الأندلس، إلا أنه من أهلها وبها مات؛ قال ابن القاسم، نعم، يختلف: أما قوله: حجوا بها عني، ولم يسم الأندلس ولا من مكانٍ يحج منه، فإنهم إن لم يجدوا من يحج بها عنه من بلده،
⦗ص: 146⦘
بعثوا بها إلى المواضع التي يجدون بها من يحج بها عنه منها، وإن كان من أهل إفريقية أو مصر؛ فإن لم يجدوا ففيما وراء ذلك أو المدينة وأمامها حتى ينفذوها فيما أوصى وسمى.
وأما قوله: الأندلس، فإن وجدوا من يحج بها من الأندلس كما أوصى وسمى، وإلا ردت إلى الورثة ولم يخرج إلى ما وراء ذلك.
173-
ومن سماع يحيى بن يحيى:
وسئل عن الذي يوصي أن لا يحج عنه بثلث ماله، فوجد ثلث ماله ألف دينار ونحو ذلك، أيخرج عنه لمن يحج به عنه
⦗ص: 147⦘
حجةً واحدةً، ويكون ما بقي للورثة، أو يهدي عنهما بقي قال: بل ينفذ ذلك كله في الحج عنه، ويعطاه رجال يحجون حتى يستوعبوا الثلث بالغاً ما بلغ.
قيل له: أرأيت إن لم يكن في الثلث ما يحج به عنه من بلده؛ قال: بل، فليحج عنه بثلثه ذلك، وإن قل من حيث يوجد من يحج به عنه بذلك الثلث، وإن لم يكن ذلك إلا من مكة.