الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ذكر في الصيد للمحرم، وفي جزاء الصيد
58-
من سماع ابن القاسم من مالك:
قال ابن القاسم: لا بأس بقوله بأكل بيض الدجاج والإوز، ولا يؤكل بيض الحمام، ولا بأس أن يذبح أهل مكة الحمام الرومية التي تتخذ للفراخ.
59-
ومن سماع أشهب وابن نافع:
وسألته عن المحرم يصيد الثعلب والذئب، فقال: لا؛ ثم قال: والله، ما أدري أعلى هذا أصل رأيك أم تتجاهل بصيد المحرم؛ فقلت له: ما أتجاهل ولكن ظننت أن تراه من السباع.
60-
قال: وسألته عن الذي يصيب الجراد وهو محرمٌ، أيكتفي بالذي جاء من الحديث أم يحكم عليه؛ قال: لا، بل يحكم عليه.
61-
وسألته عن الحمار الوحشي، فقال: فيه بقرةٌ؛ قلت له: أترى أن يؤديها قبل أن يحكم عليه بها؛ قال: بل، أرى أن يذهب حتى يحكم عليه ببقرةٍ، وأرى في بقرة الوحش بقرة.
62-
وسألته عمن قتل الصيد في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعليه جزاء؛ قال: لا يتعمد قتله، فإن قتله، فلا جزاء عليه. وكل شيءٍ وسنته، ومن مضى أعلم ممن بقي، ولو كان هذا لسنوا فيه. والصيد في ثقيل ثم ثقيل.
63-
ومن سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم:
قال: وأخذ مالك بالحديث: يحرم ما بين لابتيها حرام، يعني لابتي المدينة، ولا يرى فيه جزاءً، يراه ذنباً من الذنوب.
64-
وسألت ابن القاسم عن الرجل المحرم يقتل الظبي الداجن؛ قال: قال مالك: عليه قيمته لصاحبه وعليه الجزاء سوى القيمة؛ قلت: فإن كسر لصاحبه رجله؛ قال: إن برئ
⦗ص: 78⦘
وانجبر، فلا جزاء عليه، وعليه ما نقصه، إن كان نقصه.
65-
وقال مالك في رجلٍ اشترى من رجلٍ صيداً والبائع بالخيار ثلاثة أيام، ثم أحرما جميعاً من يومهما؛ قال ابن القاسم: يوقف الذي له الخيار من ساعته، فإن لم يختر فهو منه ويسرحه، وإن اختار البيع فهو من المشتري ويسرحه.
قيل له: فإن سرحه المشتري حين أحرم قبل أن يوقف الآخر على الخيار؛ قال: يكون عليه قيمته.
66-
ومن سماع يحيى بن يحيى من ابن القاسم:
وسئل عن المحرم يصطاد من أجله الصيد فيأكله؛ قال:
⦗ص: 79⦘
أرى عليه جزاءه إن كان أكل منه وعلم أنه صيد من أجله.
قيل له: فإن أكل منه محرمٌ، لم يصد من أجله؛ قال: لا أحب له أن يفعل، فإن فعل لم يكن عليه شيءٌ وبئس ما صنع.
قيل له: فإن صيد لجماعةٍ من المحرمين فأكلوا منه وهم يعلمون أنه صيد من أجلهم؛ قال: يكون على كل واحد منهم جزاء ذلك الصيد.
قيل: فإن أكله منهم من لا يعلم أنه صيد من أجل الحجاج؛ قال: فلا شيء عليه، قال: وكل شيءٍ صيد من أجل الحجاج فأكل منه من قد علم أنه صيد من أجل الحجاج، فإنه إن كان محرماً يوم صيد ذلك الصيد فعليه جزاؤه إن أكل منه وهو يعلم؛ وإن لم يعلم أنه صيد من أجل الحجاج أو تبين له أنه صيد للحجاج
⦗ص: 80⦘
قبل أن يحرم هذا الذي أكل، فلا شيء عليه. ولا أحب له أن يتعمد الأكل منه.
قلت: فإن صيد من أجل رجلٍ محرمٍ صيدٌ، فدخل عند القوم فأكل منه بعد أن حل، أعليه شيءٌ؛ قال: لا أحب له أن يأكل منه شيئاً، ولا أرى عليه شيئاً إن فعل. قال: فكل صيدٍ صيد من أجل الحجاج فلا أحب لحرام لم يصد من أجله خاصة، ولا من بعد ما أحرم بالحج أو بالعمرة، ولا لحلال، أن يأكل منه، فإن فعل فلا شيء عليه.
67-
قال: وإن صاد محرم صيداً فحبسه حتى حل، ثم
⦗ص: 81⦘
ذبحه؛ كان عليه جزاؤه لأن إرساله قد كان لزمه حين صاده وهو محرمٌ.
قال: وإن أرسله فكان ممن لا يخاف عليه الهلاك بإرسال له، فلا شيء عليه. وإن كان مما يخاف عليه الهلاك وإن أرسل فأرى عليه جزاءه.
قيل له: فإن كان صاده وهو حلال، ثم حبسه في إحرامه حياً، ثم أكله، أترى عليه جزاءه.
68-
وسئل ابن نافع عن المحرم يصيب بيض النعام أتأخذ فيه بقول مالك إن فديته عشر قيمة النعامة؛ قال: لا آخذ
⦗ص: 82⦘
في ذلك بقول مالك هذا، بل أتبع ما جاء فيه عن النبي عليه السلام، وذلك أن محمد بن أبي كثير حدثني عن محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجلٌ محرمٌ عن ثلاث بيضات نعامةٍ أصابهن، فقال: صم لكل بيضة يوماً.
69-
قال ابن وهب: ومن السنة أن يخير الحكمان من أصاب الصيد إذا استحكما فيقولان له: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {يحكم به ذوا عدلٍ منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارةٌ طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً} ، فيخير كما
⦗ص: 83⦘
خيره الله عز وجل؛ فإن اختار الهدي حكما عليه من الهدي بما يريانه نظيراً لما أصاب من الصيد ما بينهما وبين أن يكون عدل للذي يحكمان فيه شاة، فإنها أدنى الهدي، ومالم يبلغ قيمته عندهما أن يحكما فيه شاة حكما فيه بالطعام.
وما اختار أن يحكما فيه عليه بالطعام ولم يبلغ قيمة ما يحكمان فيه الشاة فحكما فيه بالطعام، فهو مخير أن يطعم ذلك الطعام الذي يحكمان به عليه المساكين أو أن يصوم مكان كل مد يوماً.
⦗ص: 84⦘
فقلت: أيطعمهم بمكة خاصة أم حيث شاء ويصوم حيث شاء؛ قال: إذا حكما بالهدي فلا يكون إلا بمكة لقول الله تبارك وتعالى: {هديا بالغ الكعبة} . وما صار إلى الطعام أو إلى الصيام، فإنه يفعل ذلك حيث ما شاء.
قلت: أرأيت إن أحب أن يطعم في بلده والطعام عندهم أرخص، أيجزئه أن يخرج المكيلة التي حكما بها عليه؛ فقال: لا، ولكن ينظر إلى قيمة ذلك الطعام من الثمن من الدنانير والدراهم حيث أصاب الصيد ووجب عليه الحكم، ثم يشتري بذلك الثمن طعاماً ببلده.
قلت: أرأيت إن وجد طعاماً ببلده أغلى منه حيث حكم عليه، أيجزيه أن يشتري بذلك الثمن وإن قل الطعام أم لا يجزيه إلا أن يطعم تلك المكيلة التي حكم بها عليه؛ قال: يشتري بذلك الثمن الذي باع به الطعام الذي حكم به عليه حيث أحب أن يتصدق بالطعام
⦗ص: 85⦘
غلا الطعام بذلك البلد أو رخص، لا شيء عليه إلا ذلك.
70-
ومن سماع سحنون من ابن القاسم:
قال ابن القاسم: قال مالك: فيما صيد لمحرمٍ فأكله وهو يعلم أنه صيد من أجله فعليه جزاؤه؛ وإن أكله غيره من المحرمين فليس عليه شيء، وبئس ما صنع.
قلت: لابن القاسم: علموا أنه صيد لمحرم أو لم يعلموا؛ قال: نعم.
قلت: فإن لم يعلم الذي صيد له فأكل منه؛ قال: فلا شيء عليه.
قال ابن القاسم: وكل ما صيد للمحرمين يتلقونهم به، فأكله محرم وهو يعلم أنه إنما صيد لهم؛ قال: أما من كان محرماً
⦗ص: 86⦘
يوم صيد لهم فأكله رجلٌ من أولائك وهو يعلم فعليه الفدية؛ وإن لم يعلم، فلا شيء عليه. ومن أكله من المحرمين ممن أحرم بعد ما صيد للمحرمين، فبئس ما صنع، فلا شيء عليه.
وإن علم أنه صيد للمحرمين إذا كان قد صيد قبل أن يحرم هذا؛ قال ابن القاسم: قال مالك: لو أن رجلاً بلغه أن رجلاً يريد الحج فصاد له، أو قومٌ أرادوا الحج فصيد لهم صيدٌ قبل أن يحرموا، ثم أحرموا، فلا بأس عليهم في أكله.
قيل له: فإن صيد صيدٌ من أجل محرم بعينه وهو محرم فلم يأكل المحرم حتى حل من إحرامه؛ قال: بئس ما صنع، ولا شيء عليه.
قلت له: أرأيت رجلاً صاد صيداً، وهو حلال أو حرام، فأدخل الحلال صيده الحرم أو أحرم وهو معه، ثم أخرجه وحل من إحرامه أو حل الذي صاد وهو محرم والصيد معهم لم يرسل فأكلاه؛
⦗ص: 87⦘
قال: أرى عليهما الجزاء، لأنه قد وجب عليهما إرساله.
قال: وإن كان مما لا يحل فأرى عليهما جزاؤه. وقد خالفني فيها أشهب وقال: لا شيء عليهما جميعاً.