المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب التيمم سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله: - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٤

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌ ‌باب التيمم سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله:

‌باب التيمم

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله: هل يجوز التيمم مع وجود الماء؟

فأجاب: التيمم لا يجوز إلا عند عدم الماء، قال الله تعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} الآية [سورة النساء آية: 43] .

وسئل: هل التراب بدل لكل ما يفعل بالماء؟

فأجاب: أما التراب فهو بدل لكل ما يفعل بالماء؛ فمن عجز عن استعمال الماء، أو عدم الماء، فالصعيد الطيب له طهور.

وسئل: هل التيمم عند عدم الماء مبيح أو رافع؟

فأجاب: الذي عليه الأكثر أنه مبيح.

سئل بعضهم: إذا خاف برد الماء، هل يتيمم

إلخ؟

فأجاب: نعم، يتيمم، لحديث عمرو بن العاص، لما بعث في غزوة ذات السلاسل، وصلى بأصحابه وهو جنب بسبب البرد، ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم؛ قال في الشرح الكبير: وإن خاف البرد، ولم يمكنه استعمال الماء على وجه يأمن الضرر،

ص: 171

تيمم في قول أكثر العلماء. انتهى. ومما يستدل به لذلك: قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [سورة النساء آية: 29] ، وحديث عمرو بن العاص.

وأجاب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: وأما الرجل إذا احتلم أو جامع وخشي برد الماء، فإن أمكنه تسخينه والاغتسال به لزمه ذلك؛ فإن خاف الضرر باستعماله غسل ما لا يتضرر به، وتيمم للباقي وصلى، ويكون قد فعل ما أمر به من غير تفريط منه ولا عدوان.

سئل الشيخ سعيد بن حجي، رحمه الله: عمن أصاب ثوبه أو بدنه نجاسة، وعدم الماء، هل يتيمم؟

فأجاب: قال الشيخ تقي الدين، رحمه الله تعالى: أما التيمم للنجاسة على الثوب، فلا نعلم به قائلاً من العلماء؛ وإن كانت النجاسة في البدن، فهل يتيمم لها؟ فيه قولان، هما روايتان عن أحمد: إحداهما: لا يتيمم لها، وهذا قول جمهور العلماء، كمالك وأبي حنيفة والشافعي - إلى أن قال - لما كان عاجزاً عن إزالة النجاسة سقط وجوب إزالتها، وجازت الصلاة معها بدون تيمم. انتهى ملخصاً. وقال في الكافي: في وجوب الإعادة روايتان: إحداهما: لا تجب، لقوله:"التراب كافيك ما لم تجد الماء " 1، قياساً على التيمم، والأخرى: تجب الإعادة.

1 أحمد (5/146) .

ص: 172

وسئل الشيخ حمد بن عتيق: عن الرجل يكون معه ماء قليل، وفي بدنه أو ثوبه نجاسة، والماء لا يكفي لغسل الجميع؟

فأجاب: يغسل به النجاسة، ويتيمم للباقي.

سئل الشيخ حسن بن حسين بن الشيخ محمد: هل يشترط الترتيب والموالاة بين الوضوء والتيمم؟

فأجاب: قال في المبدع: وإن كان حدث الجريح أصغر، راعى الترتيب والموالاة، ويعيد غسل الصحيح عند كل تيمم في وجه، وفي الآخر: لا ترتيب ولا موالاة؛ فعلى هذا، لا يعيد الغسل إلا إذا أحدث. انتهى. والأول هو الذي اعتمده المتأخرون، فأوجبوا الترتيب والموالاة بين الوضوء والتيمم، لاشتراط الترتيب في الوضوء، فلا ينقله عن عضو حتى يكمله غسلاً وتيمماً، عملاً بقضية الترتيب؛ فعلى هذا: لا يضر نداوة التراب في يديه، كما هو ظاهر كلامهم، وصرح به الشافعية. وحكى في الفروع عن المجد: أن قياس المذهب أن الترتيب سنة، وحكى في الإنصاف وغيره عن أبي العباس: ينبغي أن لا يرتب.

وقال غيره: لا تلزمه مراعاة الترتيب، وهو الصحيح من مذهب أحمد وغيره، قال: والفصل بين أبعاض الوضوء بتيمم بدعة، وجزم به ابن اللحام في الاختيارات، والنفس تميل إلى ما قال، لا سيما وقد حكى هو وغيره من فقهاء الحديث: أن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما

ص: 173

شرعه الله، اللهم إلا أن يكون بين إيجاب الترتيب والموالاة من الأدلة الشرعية رابط خفى علينا، ففوق كل ذي علم عليم.

وأجاب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين، رحمه الله: وأما اشتراط الترتيب بين الوضوء والتيمم، إذا كان في بعض أعضاء الوضوء جرح مما يتيمم له، فالذي يظهر لي عدم وجوب الموالاة، فيعيد التيمم إذا خرج الوقت الذي تيمم فيه لبعض أعضاء الوضوء فقط، والله أعلم.

سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: عن التيمم بالرمل؟

فأجاب: أما التيمم بالرمل وتراب المسجد، فلا بأس به. وأجاب الشيخ حمد بن عتيق: التيمم بالرمل لا بأس به، للحديث:" أيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره "1.

سئل الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن: عن قول شارح الزاد: أو عدل شعير، 2 ونحوه.

فأجاب: هو ما كان له غبار يعلق باليد.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهم الله: هل يتيمم لكل صلاة؟

فأجاب: وأما التيمم، فيصلي به ما لم يحدث كما يصلي بالماء؛ والاحتياط أن يتيمم لكل صلاة.

وسئل: إذا مر إنسان بالماء في الوقت، فلم يستعمله وصلى بالتيمم، هل يعيد؟

فأجاب: إذا مر المسافر بالماء في الوقت، فلم يستعمله

1 البخاري: التيمم (335)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (521)، والنسائي: الغسل والتيمم (432) والمساجد (736) ، وأحمد (3/304)، والدارمي: الصلاة (1389) .

2 العدل هنا: وعاء له عرى يعلق على الدابة.

ص: 174

وصلى بالتيمم، فالمسألة فيها خلاف بين الفقهاء، وفيها وجهان للأصحاب؛ والمذهب: أنه لا إعادة عليه، لأنه في تلك الحالة عادم للماء.

وسئل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، رحمهما الله: إذا وجد الجنب الماء في غير وقت الصلاة وقد نسي حدثه، ثم جاوز الماء، فلما دخل وقت الصلاة إذا هو عادم للماء، هل تصح صلاته بالتيمم؟

فأجاب: نعم، تصح صلاته بالتيمم.

وسئل بعضهم: عن رجل في سفر، ودخل وقت الظهر وهو عادم الماء، فأخر الظهر ناوياً التأخير إلى العصر، فوجد الماء في وقت الظهر ولم يستعمله، وعدم الماء وقت العصر، هل يعيد؟

فأجاب: المشهور عند الحنابلة أن مثل هذا لا إعادة عليه، لأنه يجوز له تأخير صلاة الظهر إلى وقت العصر إذا كان ناوياً الجمع؛ قال في الشرح الكبير: وإذا كان معه ماء فأراقه قبل الوقت، أو مر بماء قبل الوقت فتجاوزه وعدم الماء في الوقت، صلى بالتيمم من غير إعادة، وهو قول الشافعي. وقال الأوزاعي: إن ظن أنه يدرك الماء في الوقت كقولنا، وإلا صلى بالتيمم وعليه الإعادة، لأنه مفرط؛ ولنا أنه لم يجب عليه استعماله، أشبه ما لو ظن أنه يدرك الماء في الوقت.

وفي شرح منصور على المنتهى: ومن في الوقت أراقه،

ص: 175

أي: الماء، أو مر به وأمكنه الوضوء منه ولم يفعل، وهو يعلم أنه لا يجد غيره، أو باعه، أو وهبه في الوقت لغير من يلزمه بذله له، حرم عليه ذلك، ولم يصح العقد من بيع أو هبة لتعلق حق الله تعالى بالمعقود عليه، فلم يصح نقل الملك فيه كأضحية معينة؛ ثم إن تيمم لعدم غيره، ولم يقدر على رد المبيع والموهوب، وصلى، لم يعد، لأنه عادم للماء حال التيمم، أشبه ما لو فعل ذلك قبل الوقت. انتهى. فإذا كان لا يعيد إذا مر به في الوقت ولم ينو الجمع، فكيف إذا كان ناوياً للجمع؟ والله أعلم.

سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ: عن قوله صلى الله عليه وسلم في شأن الرجل الذي صلى بالتيمم ولم يعد لما وصل إلى الماء: " أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك " 1، وقال للذي أعاد:" لك الأجر مرتين " 2

إلخ؟

فأجاب: لا شك أن الذي لم يعد قد أصاب الحكم الشرعي، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:" أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك " 3؛ وأما الذي أعاد فهو مجتهد فيما فعل، يثاب على الصلاة الأولى والثانية، وهي كونه صلى الثانية مجتهداً، فأثيب على اجتهاده للصلاة الثانية كما أثيب الأول؛ ومن المعلوم أن الفريضة أفضل من التطوع من جنسه وغير جنسه، إلا في أربعة أشياء ليس هذا محل ذكرها 4.

1 النسائي: الغسل والتيمم (433)، وأبو داود: الطهارة (338)، والدارمي: الطهارة (744) .

2 أبو داود: الطهارة (338)، والدارمي: الطهارة (744) .

3 النسائي: الغسل والتيمم (433)، وأبو داود: الطهارة (338)، والدارمي: الطهارة (744) .

4 أي: الطهر قبل الوقت، والابتداء بالسلام، وإبراء المعسر، والختان قبل البلوغ.

ص: 176

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: عمن عدم الماء والتراب

إلخ؟

فأجاب: إذا عدم الجميع، فإنه يصلي على حسب حاله.

سئل الشيخ سعيد بن حجي: إذا دخل الوقت على عادم الماء، فهل الأفضل التأخير؟

فأجاب: إذا دخل الوقت على عادم الماء، فمال في الشرح: يستحب تأخير التيمم لآخر الوقت لمن يرجو وجود الماء؛ روي ذلك عن علي وعطاء والحسن وأصحاب الرأي. وقال الشافعي - في أحد قوليه -: التقديم أفضل.

وأجاب الشيخ حمد بن عتيق: يستحب تأخير التيمم آخر الوقت لمن يرجو وجود الماء؛ وروي عن علي وعطاء والحسن وأصحاب الرأي، وقال الشافعي - في أحد قوليه -: التقديم أفضل.

وسئل أيضاً: الرجل يتيمم وهو يدرك الماء في آخر الوقت؟

فأجاب: هو مخير.

وسئل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق: إذا تحقق وجود الماء آخر الوقت، هل يتيمم أول الوقت ويصلي أو لا؟

فأجاب: يتيمم ويصلي أول الوقت.

سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: الحاقن أيما أفضل: يصلي بوضوء، أو يحدث ثم يتيمم؟

ص: 177

فأجاب: صلاته بالتيمم بلا احتقان أفضل من صلاته بالوضوء مع الاحتقان؛ فإن هذه الصلاة مع الاحتقان مكروهة منهي عنها، وأما صلاة المتيمم فصحيحة بلا كراهة بالاتفاق.

وسئل أيضاً: عن صفة تيمم مقطوع اليد؟

فأجاب: مقطوع اليد يمكنه أن يضرب بيده على التراب، ثم يضعها على ثوبه أو بعض بدنه، ويقلبها على ظاهرها وباطنها ماسحاً لها، ويقلب أصابعه.

وسئل الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري: عن صفة تيمم من في إحدى يديه علة؟ فأجاب: يتيمم ولو بواحدة - يعني السالمة - ويمسحها بأطراف أصابع المعتلة، أو بأسفل كفها، لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن آية: 16] .

ص: 178