الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحيض
سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن: عن أقل الطهر، وأكثره؟
فأجاب: الجمهور على أن أقل الطهر بين الحيضتين: ثلاثة عشر يوماً، واختار شيخ الإسلام: أنه قد يكون أقل إذا كان عادة. وأكثر الحيض: خمسة عشر يوماً، وأقله: يوم وليلة؛ وأبو حنيفة يقول: أقله: ثلاثة أيام بلياليها، وأكثره: عشرة أيام. ومذهب مالك والشافعي في أكثر الحيض كمذهب أحمد، والشافعي كذلك في أقله، وأما مالك فيقول: لا حد لأقله.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله: هل يجوز للحائض الجلوس في المسجد مع أمن التلويث؟ فأجاب: الحائض لا يحل لها الجلوس في المسجد ولو أمنت التلويث، بل تمنع من الجلوس فيه بالكلية؛ وقد نص الفقهاء على أن الحائض لا تجلس في المسجد، ولو بعد انقطاع الدم حتى تغتسل؛ وأما النفساء فحكمها حكم الحائض، والله أعلم.
وسئل: هل يجوز وطء الحائض إذا طهرت قبل أن تغتسل؟
فأجاب: لا يجوز ذلك حتى تغتسل أو تتيمم إن عدمت الماء، كما هو قول مالك والشافعي وأحمد؛ وهو معنى ما يروى عن الصحابة حيث قالوا في المعتدة: هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة. وقال أبو حنيفة: إذا انقطع الدم لأكثر الحيض عنده، وهو عشرة أيام، جاز وطؤها؛ والقول الأول هو الصواب، لأن الله تعالى قال:{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [سورة البقرة آية: 222]، قال مجاهد يعني: ينقطع الدم؛ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [سورة البقرة آية: 222] اغتسلن بالماء.
وسئل: عن المجدورة إذا حاضت وانقطع الدم ولم تغتسل، هل تصلي وتصوم ولا يلزمها إعادة؟ وكذلك هل يجب عليها الغسل من الجنابة والحيض إذا أصابها؟
فأجاب: المرأة إذا حاضت وهي مجدورة فإذا انقطع عنها الدم اغتسلت، فإن عجزت عن ذلك أو خافت الضرر تيممت ثم صلت وصامت، ولا يلزمها إعادة إذا برأت من مرضها؛ بل عليها أن تغتسل متى قدرت على الغسل بلا ضرر يلحقها.
سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: عمن اغتسلت من الحيض فوطئها زوجها ثم رأى على ذكره أثر الدم؟
فأجاب: إذا اغتسلت من الحيض فوطئها، ثم رأى على ذكره أثر الدم، فالخطب في ذلك يسير إن شاء الله تعالى، لأن قصاراه أن الدم عاودها بعد الطهر، وذلك حيض عند
الجمهور إذا لم تبلغ خمسة عشر يوماً، وقد وطئها في حال جريان الدم جاهلاً، فيكون معذوراً ولا إثم عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم " عفي لأمتي الخطأ والنسيان ". وأما الكفارة: ففيها خلاف هل تجب على العامد دون المخطئ والناسي، أم تجب على الجميع؟ والذي عليه الجمهور: أنه لا كفارة على الجميع، بل من تعمد ذلك أثم وليس عليه إلا التوبة.
وعن أحمد في ذلك روايتان: إحداهما: كقول الجمهور، والثانية: عليه الكفارة إذا تعمد، لحديث ابن عباس المرفوع أنه " يتصدق بدينار، أو نصف دينار " 1، والحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي، لكن مداره على عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وقد قيل لأحمد: في نفسك منه شيء؟ قال: نعم، لأنه من حديث فلان، أظنه قال: عبد الحميد، وقال لو صح ذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كنا نرى عليه الكفارة، وقال في موضع: ليس به بأس قد روى الناس عنه؛ فاختلاف الرواية في الكفارة مبني على اختلاف قول أحمد في الحديث، وهذه الروايتان عن أحمد في العامد، وأما الجاهل والناسي، فعلى وجهين للأصحاب: أحدهما: تجب، وهي المذهب لعموم الخبر. والثاني: لا تجب لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " عفي لأمتي الخطأ والنسيان "؛ فعلى هذا، لو وطئ طاهراً فحاضت في أثناء وطئه فلا كفارة عليه، وعلى الأول عليه الكفارة.
1 النسائي: الطهارة (289) والحيض والاستحاضة (370)، وأبو داود: الطهارة (264)، وابن ماجة: الطهارة وسننها (640) ، وأحمد (1/229، 1/237، 1/286)، والدارمي: الطهارة (1106، 1107) .
وسئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عن الوطء بعد الحيض قبل الغسل؟
فأجاب: الوطء بعد الحيض قبل الغسل، الظاهر أنه لا كفارة فيه.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: عن الحامل إذا رأت الدم؟
فأجاب: إذا رأت الحامل الدم، فهذا ينظر في حال المرأة، فإذا كان ذلك ليس بعادة لها إذا حملت، فهذا لا تلتفت إليه، بل تصلي فيه وتصوم، وتكون حكمها حكم المستحاضة؛ وليس في هذا اختلاف. وإنما الاختلاف فيما إذا كان عادة المرأة أنها تحيض وهي حامل ويتكرر، ويأتيها في عادة الحيض، وتطهر في عادة الطهر؛ فهذا الذي اختلف فيه العلماء، والراجح في الدليل أنه حيض إذا كان على ما وصفنا، ولكنه قليل الوقوع، وكثير الوقوع على الصفة الأولى. فأنت، افهم الفرق بين من هو لها عادة متكررة، وبين من ليس لها عادة ويضطرب عليها الدم، فإنها تشتبه على كثير من الطلبة.
سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: عن المرأة إذا بلغت سن الإياس؟ وما قدر سن الإياس والدم يأتيها على عادتها، هل تصوم وتصلي وتقضي الصوم؟ أو لا بد من انقطاع الدم عنها؟
فأجاب: الإياس لا يقدر بشيء إلا إذا تغير الدم، أو انقطع، صامت ولا تقض.
وأجاب ابنه الشيخ عبد الله: والإياس له حد، بل متى انقطع الحيض لأجل الكبر وأيست من عوده، فهي الآيسة.
وأجاب: الشيخ عبد الله أبا بطين: إذا بلغت فوق خمسين سنة وأتاها الدم، ففيها ثلاثة أقوال: الجمهور يقولون: متى بلغت خمسين فلا تجلس، بل تصوم وتصلي. والقول الآخر: إذا بلغت خمسين فلا تنظر إليه. وأما شيخ الإسلام وأبو حنيفة فيقولان: تجلس على عادة جلوسها في عادة حيضها، ولا تصوم حتى ينقطع عنها الدم، ولا تسمى آيسة حتى ينقطع عنها الدم، لقول الله تعالى:{وَاللَاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [سورة الطلاق آية: 4] ؛ وقول شيخ الإسلام وأبي حنيفة هو الراجح، والعمل عليه.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله: عمن رأت الطهر ساعة ثم عاودها الدم؟
فأجاب: إذا رأت المرأة الطهر ساعة ثم عاودها الدم، فإن كان ذلك في العادة جلست عن الصلاة، سواء كان دماً أو صفرة أو كدرة، وإن كان بعد انقضاء العادة، فإن كان صفرة أو كدرة لم تلتفت إليه، وإن كان دماً أسود ففيه اختلاف بين العلماء: فبعضهم يقول: لا تلتفت إليه حتى يتكرر ثلاثاً، وبعضهم يقول: تجلس عن الصلاة حتى يبلغ خمسة عشر يوماً من أول الحيض؛ هذا هو الذي عليه الجمهور.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن: عمن رأت النقاء في أيام الحيض؟
فأجاب: إذا رأت النقاء في أيام الحيض، فالمذهب أن النقاء طهر وإن لم تر معه بياضاً، فعليها أن تغتسل وتصلي؛ وفيه قول: أن البياض الذي يأتي المرأة عقب انقطاع الحيض هو الطهر، وهو الصحيح، وإليه يميل شيخنا، رحمه الله، فيما نرى، والله أعلم.
سئل الشيخ حسن بن حسين بن محمد، رحمهم الله تعالى: عن دليل اشتراطهم دخول الوقت لمن حدثه دائم؟
فأجاب: دليل ما ذكروه من اشتراط دخول الوقت لمن حدثه دائم، كسلس البول، ودائم الريح، والجروح التي لا يرقى دمها، والقروح السيالة، هو: القياس على المستحاضة، بجامع العذر؛ وقد أسلفنا لك: أن القياس إذا صح، دليل مستقل بنفسه، ونحن نذكر حكم المسألة من كلامهم: قال في شرح المفردات، عند قول الناظم:
وبدخول وقت طهر يبطلُ
…
من بها استحاضة قد نقلوا
لا بالخروج منه لو تطهرتْ
…
للفجر لم يبطل بشمس طلعتْ
يعني: أن المستحاضة ومن به سلس البول ونحوه، يتوضأ لوقت كل صلاة، إلا أن لا يخرج منه شيء؛ وهو قول أصحاب الرأي، لحديث عدي ابن ثابت عن أبيه عن جده في
المستحاضة: "ت دع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصوم وتصلي، وتتوضأ عند كل صلاة " 1، وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت خبرها، ثم قال:" توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " 2، رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح. فإذا توضأ أحد هؤلاء قبل الوقت، ثم دخل الوقت بطلت طهارته، لأن دخوله يخرج به الوقت الذي توضأ فيه؛ والحدث مبطل للطهارة، وإنما عفي عنه مع الحاجة إلى الطهارة، ولا حاجة قبل الوقت. وإن توضأ بعد الوقت صح وضوؤه، ولم يؤثر فيه ما يتجدد من الحدث الذي لا يمكن التحرز منه.
ولا تبطل الطهارة بخروج الوقت، إذا لم يدخل وقت صلاة أخرى؛ فمتى تطهرت لصلاة الصبح لم يبطل وضوؤها بطلوع الشمس، لأنه لم يدخل وقت صلاة أخرى؛ قال المجد في شرح الهداية: ظاهر كلام أحمد أن طهارة المستحاضة تبطل بدخول الوقت دون خروجه، قال أبو يعلى: تبطل بكل واحد منهما - ثم قال - والأول أولى. انتهى. ومشى على الثاني في الإقناع. والمشهور عند الحنفية: أنه يبطل بخروج الوقت لا بدخوله، فلو توضأت بعد طلوع الشمس لم يبطل حتى يخرج وقت الظهر. انتهى كلامه. وقال أبو العباس: أظهر قولي العلماء أن مثل هؤلاء يتوضؤون لوقت كل صلاة، ولكل صلاة.
1 النسائي: الطهارة (210)، وابن ماجة: الطهارة وسننها (626)، والدارمي: الطهارة (768) .
2 البخاري: الوضوء (228) .