المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الوضوء قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى: - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٤

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌ ‌باب الوضوء قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى:

‌باب الوضوء

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى: الشرط الرابع - يعني من شروط الصلاة -: رفع الحدث، وهو الوضوء المعروف؛ وموجبه الحدث؛ وشروطه عشرة: الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية، واستصحاب حكمها، بأن لا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة، وانقطاع موجب، واستنجاء أو استجمار قبله، وطهورية الماء وإباحته، وإزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة، ودخول وقت على من حدثه دائم لفرضه.

وأما فروضه فستة: غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق، وحدّه طولاً من منابت شعر الرأس إلى الذقن، وعرضاً إلى فروع الأذنين، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح جميع الرأس ومنه الأذنان، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والترتيب، والموالاة؛ والدليل: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} الآية [سورة المائدة آية: 6] . ودليل الترتيب: الحديث: "ابدؤوا بما بدأ الله به ". ودليل الموالاة: حديث صاحب اللمعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلاً في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء،

ص: 155

فأمره بالإعادة. وواجبه التسمية مع الذكر.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله: عن الحناء في مواضع الوضوء؟

فأجاب: وأما الحناء، فيغسل إذا دخل وقت الصلاة.

سئل الشيخ عبد العزيز بن الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، رحمهم الله: إذا غسل يديه ثم استنجى، ثم أراد أن يتوضأ، فهل يغسل يديه بعد الاستنجاء وقبل الوضوء؟

فأجاب: هذه المسألة لم أرها في كلام أحد من الأصحاب، وإنما ذكروا استحباب غسلهما عند الوضوء، وإن تيقن طهارتهما، لعموم الأدلة؛ قاله في الإنصاف، وقيل: لا يغسلهما إذا تيقن طهارتهما، بل يكره، ذكره في الرعاية. وقال القاضي: إن شك فيهما غسلهما، وإن تحقق طهارتهما خُيِّر. انتهى. والأول هو قول أكثر أهل العلم، لأن عثمان وعلياً وعبد الله بن زيد، وصفوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكروا أنه غسل كفيه ثلاثاً؛ لكن يقال: إذا غسل الإنسان كفيه عند الاستنجاء، ثم استنجى وتوضأ في الحين من غير فصل، وهو الصورة المسؤول عنها، فقد حصل المقصود من غسلهما قبل الوضوء؛ والفقهاء عللوا الأمر بغسلهما بإرادة نقل الماء إلى الأعضاء، ففي غسلهما احتياط لجميع الوضوء، وهذا حاصل بغسلهما قبل الاستنجاء.

ص: 156

ويدل على هذا: أن عائشة وميمونة، رضي الله عنهما، وصفتا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرتا أنه يغسل يديه قبل أن يستنجي، ولم يذكرا ذلك عند إرادته الوضوء، وفي لفظ حديث عائشة، رضي الله عنها:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يده، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوء الصلاة " 1، وحديث ميمونة:" أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً، ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ على فرجه فغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً، ثم توضأ وضوء الصلاة، ثم أفرغ على رأسه " 2، وذكر تمام غسله في كلا الحديثين، ولم يذكر أنه غسل كفيه بعد الغسل الأول؛ وهو دليل على ما ذكرنا.

سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عن قول الشيخ، رحمه الله: فإن الله أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مسح العضو.

فأجاب: مراده أن الأمر بالمسح بالعضو، أبلغ من مسح العضو، وأن الباء تقتضي أن يكون هناك شيء يمسح به العضو، بخلاف إذا لم تذكر الباء، وهذه الباء تسمى: باء الإلصاق، أي: إلصاق الفعل بالمفعول، إذ المسح إلصاق ماسح بممسوح، فكأنه قيل: ألصقوا المسح برؤوسكم، أي: المسح بالماء في الوضوء، وبالصعيد في التيمم، وهذا

1 مسلم: الحيض (316) .

2 البخاري: الغسل (265)، ومسلم: الحيض (317)، والترمذي: الطهارة (103)، والنسائي: الغسل والتيمم (419)، وأبو داود: الطهارة (245)، وابن ماجة: الطهارة وسننها (573) ، وأحمد (6/329) .

ص: 157

بخلاف ما لو قيل: امسحوا رؤوسكم، فإنه لا يدل على أن ثم شيئاً ملصقاً كما يقال: مسحت رأس اليتيم.

سئل الشيخ سعيد بن حجي: عمن توضأ لنافلة، هل يصلى به الفرض؟ فأجاب: يصلي به ما شاء، فرضاً أو نفلاً؛ قال في الشرح الكبير: ولا بأس أن يصلي الصلوات بالوضوء الواحد، لا نعلم فيه خلافاً.

وسئل: عن الأذكار التي تقولها العامة عند الوضوء على كل عضو؟

فأجاب: لا يجوز، لأنه بدعة؛ قال ابن القيم، رحمه الله تعالى: الأذكار التي تقولها العامة عند غسل كل عضو، لا أصل لها.

سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عمن يقرأ سورة القدر بعد الوضوء؟

فأجاب: أما قراءة سورة القدر بعد الوضوء، فلا أصل له.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: عن السلام على الذي يتوضأ، أو يستنجي؟

فأجاب: أما السلام على الذي يتوضأ، فلا أعلم فيه كراهة، فإذا سلم عليه، رد عليه السلام؛ وأما السلام على الذي يستنجي بالماء في المطهرة، فلا أعلم.

ص: 158