الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة الثامنة والأربعون: العشرة الزوجية
الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن من الأمور التي اهتم بها الإسلام: أمر الأسرة داخل البيت وخارجه، ونظرًا لأن أساس الأسرة الزوج والزوجة، فقد شرع لهما شرائع وحد لهما حدوداً وأوجب عليهما أموراً متى ما قام بها الزوجان صلحت الأسرة وسعدت، ومن ثم صلح المجتمع كله، وأشير هنا إلى بعض المعالم التي يهتدي بها الزوجان لإقامة الحياة الزوجية وإصلاحها.
فمن ذلك أن اللَّه سبحانه وتعالى خلق المرأة من الرجل ليناسبها فيسكن إليها وتتم بذلك النعمة ويحصل بذلك السرور، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1].
قال ابن كثير: «وخلق منها زوجها وهي حواء عليها السلام خُلقت من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه»
(1)
.
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1)
تفسير ابن كثير (3/ 333).
(1)
…
الحديث.
ومن ذلك أن اللَّه سبحانه وتعالى جعل المرأة سكناً للرجل، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189]؛ فكما أن الإنسان يتخذ المسكن ليستتر به ويتقي به الحر والبرد وغير ذلك، فإن الزوجة تكون سكناً لزوجها ليطمئن إليها ويجد في قربها الأنس والراحة.
ومن ذلك أن الزوجين ستر لبعضهما ووقاية وجمال، وقد عبر عن ذلك ربنا سبحانه وتعالى بهذا التعبير البليغ الجميل فقال:{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة: 187].
ومن ذلك إكرام المرأة وعدم إهانتها أو تحقيرها، وقد أمر اللَّه عز وجل أن يسكنها حيث يسكن وأن يطعمها مما يطعم ويكسوها إذا اكتسى، قال اللَّه تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله معاوية بن حيدة ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:«أَن تُطعِمَهَا إِذَا طَعِمتَ، وَتَكسُوَهَا إِذَا اكتَسَيتَ - أَو: اكتَسَبتَ - وَلَا تَضرِبِ الوَجهَ، وَلَا تُقَبِّح، وَلَا تَهجُر إِلَّا فِي البَيتِ»
(2)
.
ومن ذلك المودة والرحمة بينهما، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً
(1)
ص: 635 برقم 3331، صحيح مسلم ص: 586 برقم 1468.
(2)
سنن أبي داود ص: 243 برقم 2142، قال أبو داود: ولا تقبح: أن تقول قبَّحكِ اللَّه، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/ 402) برقم 1875.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون (21)} [الروم].
قال أبو الأسود الدؤلي:
خُذِي العَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي
…
وَلَا تَنْطِقي في سَوْرَتِي حِينَ أَغْضبُ
فإَنِيِّ وَجَدْتُ الحُبَّ في الصَّدْرِ والأَذَى
…
إِذا اجْتَمَعَا لَمْ يَلْبَثِ الحُبُّ يَذْهبُ
ومن المعالم التي يُهتدى بها في إصلاح الحياة الزوجية أن ما بينهما من حقوق وما يلزمهما من واجبات كل ذلك مبني على ما تعارف عليه الناس من كرائم الأخلاق وجميل الصفات حسب ما جرى به العرف في كل زمان ومكان، قال تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وقال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة:«خُذِي مَا يَكفِيكِ وَوَلدُكِ بِالمَعرُوفِ»
(1)
، وقد نص تعالى على أن للمرأة حقوقاً لزوجها وأن لها مثل الذي عليها مع اختصاص الرجل بالدرجة دونها، قال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228].
وقد بين تعالى هذه الدرجة في آية أخرى فقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، ومع أن هذه الحقوق والواجبات مبنية على ما جرت به عادات الناس الكريمة كما سبق بيانه فإن النصوص الشرعية قد نصت على أمور يجب التنبه لها وعدم الغفلة عنها، فمن ذلك:
أولاً: أن على الزوجة طاعة زوجها في غير معصية اللَّه، قال
(1)
صحيح البخاري ص: 1062 برقم 5364، وصحيح مسلم ص: 712 برقم 1714.
تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ} [النساء: 34]، وقال تعالى:{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء: 34]، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ»
(1)
(2)
.
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَلَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ اللَّهِ عز وجل عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ، حَتَّى لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ لَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ»
(3)
.
وروى الإمام أحمد في مسنده أن عبدالرحمن بن عوف قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ»
(4)
.
ثانياً: التحبب والتودد إليه، وتفقد حاجاته وخدمته في بيته
(1)
ص: 621 برقم 3237، وصحيح مسلم ص: 570 برقم 1436.
(2)
صحيح مسلم ص: 570 برقم 1436.
(3)
(32/ 145) برقم 19403، وقال محققوه: حديث جيد.
(4)
(3/ 199) برقم 1661، وقال محققوه: حسن لغيره.
وتربية أولاده، روى مسلم في صحيحه من حديث عبد اللَّه بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ»
(1)
.
وقد وصفت المرأة الصالحة في حديث آخر رواه النسائي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ»
(2)
.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَاذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ»
(3)
.
قال النووي رحمه الله: وسببه أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام، وحقه فيه واجب على الفور، فلا يفوته بتطوع، ولا بواجب على التراخي
(4)
.
وقد ضربت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أروع الأمثلة في ذلك عندما كانت تتأخر بقضاء الصيام من شهر رمضان حتى يأتي شهر شعبان، وقد عللت ذلك بقولها: أنشغل من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(5)
.
(1)
ص: 585 برقم 1467.
(2)
ص: 342 برقم 3231، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح (2/ 976) برقم 3272.
(3)
ص: 1029 برقم 5195، وصحيح مسلم ص: 395 - 396 برقم 1026.
(4)
شرح صحيح مسلم (3/ 115).
(5)
صحيح البخاري ص: 370 برقم 1950، وصحيح مسلم ص: 442 برقم 1146.
ثالثاً: حفظها نفسها والابتعاد عن كل ما يدخل الشكوك عليه، روى الترمذي في سننه من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجة الوداع:«فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ: فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَاذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ»
(1)
.
رابعاً: عدم الخروج إلا بإذنه حتى لو كان ذلك إلى المسجد، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا اسْتَاذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَاذَنُوا لَهُنَّ»
(2)
.
نقل ابن حجر عن النووي قوله: استُدِل به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن، وتعقبه ابن دقيق العيد بأنه إن أخذ من المفهوم فهو مفهوم لقب وهو ضعيف لكن يتقوى بأن يقال: إن منع الرجال نساءهم أمر مقرر، وإنما علق الحكم بالمساجد لبيان محل الجواز فيبقى ما عداه على المنع، وفيه إشارة إلى أن الإذن المذكور لغير الوجوب لأنه لو كان واجباً لانتفى صفة الاستئذان لأن ذلك إنما يتحقق إذا كان المستأذن مخيراً في الإجابة أو الرد
(3)
اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند شرحه حديث: «اسْتَوْصُوا
(1)
ص: 207 برقم 1163، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
ص: 175 برقم 865، وصحيح مسلم ص: 187 - 188 برقم 442.
(3)
فتح الباري (2/ 347 - 348).
بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ»
(1)
. فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير، فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة
(2)
.
كما أن على الزوج مع ما سبق ذكره التنبه لهذه الأمور التالية:
1 -
إيفائها مهرها الذي استحل به فرجها، قال تعالى:{وَآتُوا النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4].
2 -
الإنفاق عليها بطيب قلب وسخاء نفس، قال تعالى:{لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ} [الطلاق: 7]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه:«وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ»
(3)
.
3 -
ترك مضارتها وعدم إهانتها بقول أو فعل، قال تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6].
4 -
إكرامها والثناء عليها فيما تقوم به من خدمة وتربية وغيرها، والتجاوز عن هفواتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»
(4)
.
(1)
جزء من حديث في سنن الترمذي ص: 207 برقم 1163، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ومعنى قوله:(عوان عندكم) يعني: أسرى في أيديكم.
(2)
الفتاوى (32/ 263).
(3)
صحيح البخاري ص: 113 برقم 5668؛ وصحيح مسلم ص: 667 - 668 برقم 1628 واللفظ له.
(4)
سنن الترمذي ص: 601 برقم 3895، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في آداب الزفاف ص:269.
قال الشاعر يمدح امرأة:
وَلَوْ كَانَ النساءُ كَمِثْلِ هَذِي
…
لَفُضِّلَتِ النِّساءُ على الرجالِ
فَما التَانِيثُ لاسْمِ الشَّمْسِ عَيْبٌ
…
ولا التَّذْكِيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»
(1)
.
5 -
إعانتها على دينها وحثها على الخير وتعليمها ما ينفعها، فعلى سبيل المثال لا يدخل عليها شيء من آلات الطرب والأجهزة الإعلامية التي تبث الفساد وتنشر الرذيلة، وتهدم الأخلاق الفاضلة، وأن يتعاهدها بالحجاب، ويأمرها بأداء الصلاة في أوقاتها وسائر العبادات الأخرى ويعلمها الأخلاق الكريمة والآداب الإسلامية وغيرها من الأمور الشرعية، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَامُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]، وقال تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا (54) وَكَانَ يَامُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)} [مريم].
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أدبوهم وعلموهم الخير، والحقوق والواجبات بين الزوجين كثيرة جداً، منها الواجب ومنها المستحب وما بين ذلك إلا أنه مما ينبغي التنبيه عليه في ختام هذه الكلمة أن على الزوجين أن يلتزم كل واحد منهما بالقيام
(1)
ص: 586 برقم 1469.
بما فرض اللَّه عليه من الواجبات والحقوق تجاه الآخر، فلا تطلب الزوجة مثلاً أن تُساوي الرجل في جميع حقوقه، ولا يستغل الرجل ما فضله اللَّه تعالى به عليها من السيادة والرياسة فيظلمها ويضربها بدون حق، قال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
(1)
[البقرة: 228].
قال شريح القاضي:
رَأَيْتُ رِجالاً يضربونَ نِسَاءُهم
…
فَشُلَّتْ يَمِينِي حِينَ أضْرِبُ زَيْنَبَ
أأضربها من غير ذنب أتت به
…
فما العدلُ مِنِّي ضَرْبُ من لَيْسَ مُذْنباً
وزينبُ شَمْسٌ والنساءُ كواكبُ
…
إذا طَلَعَتْ لم يبقَ مِنْهُنَّ كَوْكبَا
والحمد للَّه رب العالمين وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
انظر: آداب الزفاف للشيخ الألباني رحمه الله ص: 269.