الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قيل
(1)
: هو سألَ العصمةَ من الاعتقادات المانعة من الإيمان، وهي إما شكّ وإما ظنّ وإما وهم، وغرضُه بذلك ما يذكره طائفة من السالكين من أنَّ النفسَ إذا زُكِّيَت عن الصفات المذمومة وحُلَّت
(2)
بالصفات الممدوحة انتقشت فيها العلومُ والمعارف، كما يذكر ذلك صاحبُ الكتب المضنون بها وغيره في «الإحياء»
(3)
وغيره.
قيل: الجواب في مقامين:
أحدهما: أنَّ هذا ليس مطلوب الداعي
(4)
لوجوه:
أحدها:
أن هذه الطريق فيها اجتناب الأخلاق والأفعال المذمومة
(5)
، ففيها ترك الإرادات المذمومة لا مجرَّد ترك الاعتقادات الفاسدة، وهذا الداعي إنما طلب العصمة من جنس الاعتقادات، وهو الشكّ والظنّ والوهم. فإن الاعتقاد الذي ليس بجازم
(6)
؛ إما راجح، وإما مرجوح، وإما مساوي
(7)
. فطائفة من النُّظَّار يسمُّون الراجِحَ ظنًّا، والمرجوحَ وهمًا، والمُساويَ شكًّا. وهو اصطلاح أبي عبد الله الرازي
(8)
وغيره.
(1)
وهذا هو الاحتمال الثاني لمعنى (الشكوك
…
) وتقدم الأول (ص 57).
(2)
في (ت): «وجُليت» .
(3)
انظر «الإحياء» : (1/ 31 و 3/ 21).
(4)
العبارة في (ت): «ليس هو مطلوب هذا الداعي» .
(5)
من (ت).
(6)
(م): «بجائز» ، والصواب ما في (ت).
(7)
(ت): «متساوي» .
(8)
انظر «المحصول» : (1/ 12) للرازي.
وإن كان هذا أمرًا اصطلاحيًّا وأكثر الفقهاء يقولون: ليس هو
(1)
اللغة العامة العربية التي بها نزل القرآن، وخاطبنا الرسولُ، بل قد يجعلون الشكَّ مقارنًا
(2)
للظنِّ الراجح، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا شكَّ أحدُكُم في صلاته فلم يَدْر أثلاثًا صلى أم أربَعًا، فليَطْرَح الشكَّ، وليَبْنِ على ما استيقن»
(3)
، وفي الحديث الآخر:«فَلْيتحرَّ الصوابَ»
(4)
.
وكذلك مسائل الشكّ التي تكلَّم
(5)
فيها الفقهاء، كقولهم: إذا شكَّ هل أحدَث أم لا؟ وإذا شك هل طلَّق أم لا؟ وإذا اختلط الطاهر بالنجس وشكَّ في عين الطاهر، ونحو ذلك، فإنَّ هذه العبارة عندهم تتناول الراجح والمرجوحَ والمُساويَ، ولهذا يقول بعضهم: إنه يتحرى، ويقول الآخر: إنه لا يتحرَّى، فالتحرِّي عندهم يُجامع الشكَّ مع أنَّ التحرِّي لابدَّ فيه من ظنٍّ راجح، وهذا مبسوطٌ في موضعه
(6)
.
والمقصود هنا أن هذا الدَّاعي طلبَ نَفْي ما ليس جازمًا من الشكّ والظن والوهم دون الجازم منها وإن كان غير مطابق، ودون الإرادات الفاسدة، والأعمال الفاسدة.
(1)
(م): «وأن هذا أمر اصطلاحي ليس هو
…
».
(2)
(م): «خاطبنا الرسول ولغة الفقهاء بل الشك مقارن» والمثبت من (ت).
(3)
أخرجه مسلم (571) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري (401)، ومسلم (572) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(5)
(ت»: «يتكلم» .
(6)
انظر «الفتاوى» : (23/ 7 - 9).