الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: الروايات التفسيرية في فتح الباري
سورة الفاتحة
قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الآية: 1
أخرج أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم من طريق عمرو ابن دينار1 عن سعيد بن جبير2 عن ابن عباس3 قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ختم السورة حتى ينزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} "، وفي رواية:"فإذا نزلت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} علموا أن السورة قد انقضت"4.
1 عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم، الجُمَحي مولاهم، ثقة ثبت. مات سنة ست وعشرين ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 2/69.
2 سعيد بن جبير الأسدي مولاهم، الكوفي، ثقة ثبت فقيه، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين، ولم يكمل الخمسين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/11-13، والتقريب 1/292.
3 عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفهم في القرآن، فكان يسمى البحر، والحبر، لسعة علمه، وقال عمر: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد، مات سنة ثمان وستين بالطائف، وهو أحد المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/291، رقم3037، والإصابة 4/121، رقم4799، والتقريب 1/425.
4 فتح الباري 9/42.
أخرجه أبو داود رقم788 - في الصلاة، باب من جهر بها أي {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} -، والحاكم 1/231 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد ابن جبير، به. ورجاله رجال الصحيحين، وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. =
[2]
عن أبي ميسرة1 "أن أول ما أمر به جبريل قال له: قل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} " هو مرسل، وإن كان رجاله ثقات، والمحفوظ أن أول ما نزل {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وإنّ نزول الفاتحة كان بعد ذلك2.
= وأخرجه البزار كشف الأستار، رقم2187 من طريق سفيان، به، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/313 مطولا، وقال: - قلت: روى أبو داود منه "لا يعرف خاتمة السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فقط " - رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. وصحح ابن كثير إسناده. انظر: التفسير 1/31. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/20 ونسبه إلى أبي داود والبزار والطبراني والحاكم - وصححه - والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس، ثم قال: زاد البزار والطبراني "فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت، واستقلت، أو ابتدئت سورة أخرى".
1 اسمه عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي، مشهور بكنيته، روى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم، وروى عنه أبو وائل وأبو إسحاق السبيعي ومسروق وغيرهم. ثقة عابد مخضرم. مات سنة ثلاث وستين. أخرج له الجماعة إلا ابن ماجه. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/237، والتهذيب 8/42-43، والتقريب 2/72.
2 فتح الباري 8/719.
أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة كما في البداية والنهاية 3/9-10 والبيهقي في دلائل النبوة 2/158 كلاهما من حديث يونس بن بكير، عن يونس بن عمرو، عن أبيه، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، به في سياق طويل. وقال البيهقي عقبه: هذا منقطع، فإن كان محفوظا فيحمل أن يكون خبراً عن نزولها بعد ما نزلت عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] ، و {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] والله أعلم. اهـ. وقال ابن كثير بعد ما نقل عن الكتابين المتقدمين: وهو مرسل، وفيه غرابة وهو كون الفاتحة أول ما نزل.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 14/292-293، والواحدي في أسباب النزول ص29 من وجهين عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة - بنحوه.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/10 ونسبه إلى ابن أبي شيبة في المصنف وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في دلائل النبوة والواحدي والثعلبي عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل.
قوله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الآية: 2
[3]
أورد الخطابي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " {الرَّحْمَنِ} و {الرَّحِيمِ} اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر"1.
[4]
وعن مقاتل2 أنه نقل عن جماعة من التابعين مثله، وزاد فـ {الرَّحْمَنِ} بمعنى المترحم، و {الرَّحِيمِ} بمعنى المتعطف
…
، والحديث المذكور عن ابن عباس لا يثبت لأنه من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه، والكلبي متروك الحديث، وكذلك مقاتل3.
1 فتح الباري 13/359.
أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص51 من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، به. والكلبي ضعيف، بل متروك. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/24 ونسبه إلى البيهقي في الأسماء والصفات.
وقد نقل البيهقي عن الخطابي قال: فالرحمن ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم، وعمت المؤمن والكافر، والصالح والطالح، وأما الرحيم فخاص بالمؤمنين كقوله:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب:43] قال: والرحيم وزنه فعيل بمعنى فاعل أي راحم، وبناء فعيل أيضا للمبالغة كعالم وعليم وقادر قدير. الأسماء والصفات ص50-51.
2 ومقاتل هو ابن سليمان بن بشير، الأزدي الخراساني، أبو الحسن البلخي، أصله من بلخ، عاش في البصرة ثم في بغداد، وكان مفسرا ومتكلما، لم يكن تفسيره للقرآن موضع تقدير؛ لأنه في شروحه كان يطلق العنان لخياله، ويكمل الجوانب الموجزة في القرآن الكريم بمأثورات النصارى واليهود. كذّبوه وهجروه، ورمي بالتجسم، مات سنة خمس ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 10/249-254، والتقريب 2/272، والميزان 5/298 رقم8741، وطبقات المفسرين للداودي 2/330.
3 فتح الباري 13/359.
ضعيف، وقد أشار إلى ذلك ابن حجر كما في الصلب.
قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} الآية: 4
أخرج الحاكم من طريق السدي1 عن مرة الهمداني2 عن ابن مسعود3 وناس من الصحابة، في قوله تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: هو يوم الحساب ويوم الجزاء4.
1 اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي - بضم المهملة وتشديد الدال - أبو محمد الكوفي، صدوق يهم ورمي بالتشيع، من الرابعة. قال يحيى القطان: لا بأس به، وقال أحمد: ثقة، وقال ابن معين: في حديثه ضعف، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال ابن عدي: هو عندي صدوق، وقال الفلاس عن ابن مهدي: ضعيف. مات سنة سبع وعشرين ومائة، أخرج له مسلم والأربعة.
انظر: الضعفاء الكبير 1/87، الجرح والتعديل 2/184، الكامل 1/274، الميزان 1/236-237 رقم907، وتهذيب التهذيب 1/273-274، والتقريب 1/81-72.
2 هو مرة بن شراحيل الهمْداني - بسكون الميم -، أبو إسماعيل الكوفي، وهو الذي يقال له مرة الطيب، ثقة عابد، من الثالثة، مات سنة ست وسبعين وقيل بعد ذلك، أخرج له الجماعة. انظر: التقريب 2/238.
3 هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، أبو عبد الرحمن، من السابقين الأولين، ومن كبار العلماء، من الصحابة، مناقبه جمة، وأمّره عمر على الكوفة، ومات سنة اثنتين وثلاثين، أو في التي بعدها بالمدينة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/381، رقم3182، والإصابة 4/198، رقم4970، والتقريب 1/450.
4 فتح الباري 8/156.
أخرجه الحاكم في المستدرك 2/258، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وليس عنده لفظ "ويوم الجزاء".
هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانا في كتب التفسير المسندة، وبخاصة تفسير الطبري، ولأئمة الحديث كلام فيه وفي بعض رجاله، وفي هذا التفسير الذي جمعه السدي بهذه الأسانيد، وقد تعرّض له الطبري نفسه فقال: "وقد ذكر السدي عن ابن مسعود وابن عباس بهذا الإسناد، فإن كان صحيحا، ولست أعلمه صحيحا، إذ كنت بإسناده مرتابا
…
"، ولم يبين علة ارتيابه في إسناده، وهو مع ارتيابه قد أكثر من الرواية به، ولكنه لم يجعلها حجة قط. =
قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} الآية: 7
[6]
روى أحمد وابن حبان من حديث عدي بن حاتم1 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} : اليهود، {الضَّالِّينَ} : النصارى"، هكذا أورده مختصرا، وهو عند الترمذي في حديث طويل2.
= [انظر: تفسير الطبري 1/156-160 شاكر، الحاشية، و353-354] .
هذا وقد ذكر الحافظ ابن حجر - في مقدمة العجاب في بيان الأسباب 1/211 - السديَّ فيمن روى التفسير من الضعفاء من طبقة التابعين، وقال: وهو كوفي صدوق لكنه جمع التفسير من طرق منها: عن أبي صالح عن ابن عباس. وعن مرة بن شراحيل عن ابن مسعود. وعن ناس من الصحابة، وغيرهم. وخلط روايات الجميع، فلم تتميز روايات الثقة من الضعيف. ولم يلق السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك. اهـ.
هذا وإن للشيخ محمود محمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري رأيا آخر، إذ يصحّح هذا الإسناد.
انظر: تفسير الطبري 1/353-354، 156-160 شاكر.
وله شواهد، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبيه قال: ثنا محمود بن غيلان، ثنا سفيان بن عيينة، عن حميد الأعرج في قول الله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: يوم الجزاء. وروى البخاري تعليقا عن مجاهد: بالدين: بالحساب، مدينين: محاسبين، ووصلهما عبد بن حميد في التفسير من طريقين، وسيأتي ذكرهما برقم 2911 م، و3288 م.
1 عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، الطائي، أبو طريف، صحابي شهير، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع، فأسلم، وكان نصرانيا قبل ذلك. وكان ممن ثبت على الإسلام في الردَّة، وحضر فتوح العراق وحروب علي، ومات سنة ثمان وستين، وقيل ابن مائة وعشرين سنة. وقيل ثمانين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/7، رقم3610، والإصابة 4/388، رقم5491، والتقريب 2/16.
2 فتح الباري 8/159.
أخرجه الإمام أحمد 4/378-379، والترمذي في جامعه في التفسير، باب "ومن سورة فاتحة الكتاب" رقم2954، وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم40، والطبراني في الكبير ج17/رقم237، والبيهقي في الدلائل 5/339-341، وابن حبان في =
[7]
وأخرجه ابن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر1 2.
= صحيحه الإحسان رقم7206 كلهم من طريق غندر محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم مرفوعا نحوه، ضمن حديث طويل في قصة قدوم عدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإسلامه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/335 وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير عباد بن حبيش، وهو ثقة.
قلت: لم يوثقه غير ابن حبان، قال ابن حجر: مقبول، من الثالثة. انظر: الثقات 5/142، والتقريب 1/391.
وأخرجه الترمذي 2953 من طريق عمرو بن أبي قيس، عن سماك، به نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب.
قلت: إن سماك بن حرب لم ينفرد بروايته، فقد أخرجه ابن جرير 193، 207 من طريق سفيان ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، به. وقد صحّح إسناده الشيخ أحمد شاكر.
قال ابن كثير: وروي حديث عدي هذا من طرق، وله ألفاظ كثيرة. تفسير ابن كثير 1/46. وقال ابن أبي حاتم - عقب حديث عدي هذا -: ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافا. التفسير، الفاتحة والبقرة ص23. ونقل ابن حجر عن السهيلي قوله: وشاهد ذلك قوله تعالى في اليهود: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البقرة: 90] وفي النصارى: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً} [المائدة: 77] .
والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور 1/42 ونسبه إلى أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه.
1 أبو ذر الغفاري، اسمه جندب بن جنادة - على الصحيح - صحابي مشهور، وكان من السابقين إلى الإسلام. وكان زاهدا صادقا اللهجة. مات سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان.
انظر ترجمته في: أسد الغابة 6/96، رقم5869، والإصابة 7/105، رقم9877.
2 فتح الباري 8/159.
أخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 1/46 من حديث إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عنه. ولفظه: قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم؟ قال: "اليهود"، قلت: الضالين؟ قال: "النصارى". وقد حسن إسناده ابن حجر، كما في الصلب. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/42 ونسبه إلى ابن مردريه فقط.
[8]
وأخرجه أحمد من طريق عبد الله بن شقيق 1 أنه أخبره مَن سمع النبي صلى الله عليه وسلم نحوه2.
1 هو عبد الله بن شقيق العقيلي أبو عبد الرحمن ويقال أبو محمد البصري، تابعي ثقة، روى عنه بديل بن ميسرة العقيلي وغيره، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والأربعة، مات سنة ثمان ومائة.
انظر: تهذيب التهذيب 5/223-224، والتقريب 1/422.
2 فتح الباري 8/159.
أخرجه عبد الرزاق 1/37، ومن طريقه الإمام أحمد 5/32-33: ثنا معمر، عن بديل العقيلي، قال: أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى وهو على فرسه، فسأله رجل من بني القين، فذكره، ولفظه "قال: يا رسول الله من هؤلاء؟ قال: "المغضوب عليهم"، وأشار إلى اليهود"، قال: فمن هؤلاء؟ قال: "هؤلاء الضالين، يعني النصارى".
قلت: وفيه من لم يسم، فإن كان هو الصحابي فقط فلا يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول. ثم إن له شاهدين أحدهما من حديث عدي والآخر من حديث أبي ذر، وقد تقدما.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/42 ونسبه إلى عبد الرزاق وأحمد في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر وأبي الشيخ.