الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة المائدة
قوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} الآية: 3
[647]
وصل ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله: {النُّصُبِ} قال: أنصاب يذبحون عليها1.
1 فتح الباري 8/277.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/204 ثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا حجاج بن محمد، أخبرني ابن جريج، وعثمان بن عطاء، عن عطاء، به مثله. وعطاء هو الخراساني ولم يسمع من ابن عباس، لذا فهو منقطع. قال ابن حجر في معرض بيان حال مَنْ نقل عنه التفسير من التابعين ومن بعدهم:"والذين اشتهر عنهم القول في ذلك - أي التفسير - من التابعين أصحاب ابن عباس، وفيهم ثقات وضعفاء، فذكر من الثقات "ومن طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، ثم قال: لكن فيما يتعلق بالبقرة وآل عمران، وما عدا ذلك يكون عطاء هو الخراساني، وهو لم يسمع من ابن عباس، فيكون منقطعا، إلا إن صرح ابن جريج بأنه عطاء بن أبي رباح " انظر: مقدمة العجاب 1/208-209.
هذا ولم أجد في تفسير ابن أبي حاتم بهذا اللفظ، فقد أخرجه عند قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ} [الآية:90] بالسند نفسه بلفظ "الأنصاب حجارة كانوا يذبحون لها".
و"النُّصُب" واحد الأنصاب، وهي الحجارة التي كانوا يعبدونها"، كذا قال أبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: هي حجارة أوصنم كانوا ينصبونها ويذبحون عندها، فينصب عليها دماء الذبائح. والأنصاب أيضا نَصْب - بفتح أوله ثم سكون - وهي الأصنام. ورجّح الطبري بأن النصب هي الأوثان من الحجارة، كان المشركون يقربون لها، وليست بأصنام. وأخرج عدة روايات تدلّ على هذا المعنى. انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة 1/152 وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص 140-141، وجامع البيان 9/508.
قوله تعالى: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ}
[648]
وصل ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس {بِالْأَزْلامِ} القداح يقتسمون بها في الأمور1.
[649]
وروى الطبري من طريق سعيد بن جبير قال: الأزلام حصى بيض2.
[650]
ومن طريق مجاهد قال: حجارة مكتوب عليها3.
1 فتح الباري 8/277. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6754 حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا حجاج بن محمد، أنا ابن جريج وعثمان بن عطاء، عن عطاء، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/204 به سندا ومتنا. قال ابن أبي حاتم: وروي عن الحسن ومجاهد وعطاء وإبراهيم ومقاتل بن حيان نحو ذلك. وقد صحّح إسناده الشيخ بدر الدين العيني في عمدة القارئ 18/208 قائلا: ورواه أبو محمد ابن أبي حاتم بسند صحيح نحوه!.
قلت: وفي تصحيحه نظر؛ فكيف يكون صحيحا مع ما في إسناده من الانقطاع بين عطاء وابن عباس. ولعله ظن أن المراد بعطاء هو ابن أبي رباح. وانظر التعليق على ما قبله.
فائدة: قال ابن جرير: كانوا في الجاهلية يعمدون إلى ثلاثة سهام، على أحدها مكتوب "افعل" وعلى الثاني "لا تفعل" والثالث "غُفُل".
وقال الفراء: كان على الواحد "أمرني ربي" وعلى الثاني "نهاني ربي" وعلى الثالث "غُفُل"، فإذا أراد أحدهم الأمر أخرج واحداً، فإن طلع الآمر فعل، أو الناهي ترك، أو الغفل أعاد. انظر: معاني القرآن للفراء 1/301، وجامع البيان 9/510.
2 فتح الباري 8/277.
أخرجه ابن جرير رقم11059 عن ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن شريك، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، به. وزاد "كانوا يضربون بها".
قلت: وإسناده ضعيف لضعف شيخ الطبري "ابن وكيع".
3 فتح الباري 8/277.
أخرجه ابن جرير رقم11061 عن ابن وكيع، قال حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عنه، به. وزاد " يسمونها القداح". قلت: وإسناده ضعيف كسابقه.
[651]
وعنه كانوا يضربون بها لكل سفر وغزو وتجارة1.
قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} الآية: 3
[652]
أخرج الطبري بسند فيه ابن لهيعة عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت يوم الاثنين2.
[653]
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس أن اليوم المذكور ليس بمعلوم3.
1 فتح الباري 8/277.
قال ابن حجر: وهذا محمول على غير التي كانت في الكعبة. والذي تحصل من كلام أهل النقل أن الأزلام كانت عندهم على ثلاثة أنحاء: أحدها لكل واحد، وهي ثلاثة كما تقدم. وثانيها للأحكام، وهي التي عند الكعبة، وكان عند كل كاهن وحاكم للعرب مثل ذلك. وثالثها قداح الميسر. انظر فتح الباري 8/277.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم11062 عن محمد بن عمرو، حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأخرجه رقم11063 من طريق شبل عن ابن أبي نجيح، به مثله.
2 فتح الباري 8/281.
أخرجه ابن جرير رقم11109 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا محمد ابن حرب، قال حدثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن ابن عباس - فذكره في حديث طويل. وقد ذكره ابن كثير 3/25 وقال: إنه أثر غريب، وإسناده ضعيف. ثم قال: ولعل ابن عباس أراد أنها نزلت يوم عيدين اثنين كما تقدم - يعني به ما ورد عن ابن عباس أنه قال "إنها نزلت في يوم عيدين اثنين: يوم عيد، ويوم جمعة" أخرجه الطبري برقم11098 - فاشتبه على الراوي، والله أعلم. اهـ.
3 فتح الباري 8/271.
أخرجه ابن جرير رقم11113 حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس - نحوه. وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء.
[654]
وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {مَخْمَصَةٍ} قال: مجاعة1.
[655]
عند الترمذي من حديث ابن عباس" أن يهوديا سأله عن ذلك اليوم فقال: "نزلت في يوم عيدين، يوم جمعة ويوم عرفة"2.
قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ}
[656]
نقل الطبري عن ابن عباس وغيره {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} معناه: غير متعمد لإثم3.
قوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} الآية: 4
[657]
وأخرج سعيد بن منصور من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا أرسلت كلبك المعلم فسميت فأكل فلا تأكل، وإذا أكل قبل أن
1 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/200-201 من طريق معاوية بن صالح، عن علي، به.
2 فتح الباري 1/105.
أخرجه الترمذي رقم3044 - في تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة - حدثنا عبد بن حميد، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار - فذكره. ولفظه "قال: قرأ ابن عباس {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} وعنده يهودي فقال: لو أنزلت هذه علينا لاتخذنا يومها عيداً، قال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيد في يوم جمعة ويوم عرفة".
3 فتح الباري 5/357.
أخرجه ابن جرير رقم11119 حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/20 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
يأتي صاحبه فليس بعالم لقول الله عز وجل: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} وينبغي إذا فعل ذلك أن يضربه حتى يدع ذلك الخُلُق1.
قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الآية: 5
[658]
وصل البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} قال: ذبائحهم2.
قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} الآية: 6
[659]
روى إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قال: هو الجماع3.
[660]
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير بإسناد صحيح4.
1 فتح الباري 9/610.
هكذا عزاه ابن حجر لسعيد بن منصور، مع أني لم أجده عنده في كتاب التفسير، ولعله في كتاب الصيد. والله أعلم.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم11162 حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أبو المعلى، عن سعيد بن جبير، به.
2 فتح الباري 9/637.
أخرجه ابن جرير رقم11247، والبيهقي في سننه 9/282 كلاهما من طريق عبد الله ابن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/24 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في سننه.
3 فتح الباري 8/272.
أخرجه إسماعيل القاضي كما في تغليق التعليق 4/203 عن مسدد، ثنا يحيى، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، به.
4 فتح الباري 8/272.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/202 ثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قال: هو الجماع.
[661]
وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن ابن عباس قال: هو الجماع، ولكن الله يُعِفُّ1 ويُكْنِي2.
[662]
وروى عبد بن حميد من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والغشيان والجماع كله النكاح، ولكن الله يُكْنِي3.
[663]
وروى عبد الرزاق من طريق بكر بن عبد الله المزني قال: قال ابن عباس: إن الله حيي كريم يكني عما شاء، الدخول والتغشي والإفضاء والمباشرة والرفث واللمس: الجماع، إلا أن الله حيي كريم يكني بما شاء عما شاء. وإسناده صحيح4.
1 وقع في الفتح "يعفو"، والتصحيح من تفسير عبد الرزاق، وهو الأليق به هنا.
2 فتح الباري 8/272.
أخرجه عبد الرزاق 1/184-185 به سندا ومتنا.
3 فتح الباري 8/272.
أخرجه إسماعيل القاضي كما في تغليق التعليق 4/203 وابن المنذر فيما ذكره العيني في عمدة القارئ 18/200 كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، به نحوه. وذكر السيوطي في الدر المنثور 3/30-31 نحوه، ونسبه إلى عبد بن حميد فقط.
4 فتح الباري 9/158 و8/272.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه في النكاح، باب {وَرَبَائِبُكُمُ} 6/277، رقم10826 عن الثوري، عن عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عباس - نحوه.
وأخرجه إسماعيل القاضي كما في تغليق التعليق 4/203 حدثنا مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله، به.
قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}
[664]
روى الطبراني من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير1 عن عائشة قالت: لما كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا، خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أخرى، فسقطت أيضا عقدي حتى حبس الناس على التماسه، فقال لي أبو بكر: يا بنية في كل سفر تكونين عناء وبلاء على الناس؟ فأنزل الله عز وجل الرخصة في تيمم، فقال أبو بكر: إنك لمباركة، ثلاثا. وفي إسناده محمد بن حميد الرازي، وفيه مقال2.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} الآية: 11
[665]
ذكر موسى بن عقبة في المغازي قال: كانت النضير قد دسوا
1 عباد بن بن عبد الله بن الزبير بن العوّام، كان قاضي مكة زمن أبيه، وخليفته إذا حجّ، ثقة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/392.
2 فتح الباري 1/435.
أخرجه الطبراني في الكبير ج 23/رقم159 حدثنا القاسم بن عباد الخطابي، ثنا محمد ابن حميد الرازي، ثنا سلمة بن الفضل وإبراهيم بن المختار، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، به نحوه. قال ابن حجر:"وفي إسناده محمد ابن حميد الرازي، وفيه مقال".
قلت: وللحديث متابعة جيدة أخرجها البخاري رقم4608 بسنده عن عائشة قالت: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل، فثنى رأسه في حجري راقداً، فأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال: حبستِ الناس في قلادة، فبي الموتُ لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مني، وقد أوجعني، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ، وحضرت الصبح، فالتُمِسَ الماءُ فلم يوجد، فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إلى آخر الآية، فقال أسيد بن الحضير: لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر، ما أنتم إلا بركة لهم".
إلى قريش وحضوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلّوهم على العورة، ثم ذكر مجيء النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجلين وطلبه أن يعينوه في ديتهما، وهمّهم بالغدر به صلى الله عليه وسلم، قال: وفي ذلك نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} الآية1.
قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} الآية: 13
[666]
عن قتادة في قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} قال: بنقضهم، أخرجه الطبري من طريقه2.
ق وله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} الآية: 14
[667]
وقد روى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد في قوله: {فَأَغْرَيْنَا} قال: ألقينا3.
1 فتح الباري 7/332.
هذه الواقعة أخرجها ابن جرير رقم11557 من طريق محمد بن إسحاق، عن عاصم ابن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر - فذكره بنحوه. وهذا مرسل، ثم إن ابن إسحاق مدلّس ولم يصرح بالتحديث.
2 فتح الباري 8/268.
أخرجه ابن جرير رقم11584 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، به.
وكذا قال أبو عبيدة في مجاز القرآن 1/157 قال: والعرب تستعمل "ما" في كلامهم توكيدا، فإن كان الذي قبلها يجر أو يرفع أو ينصب عمل فيما بعدها.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/41 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
3 فتح الباري 8/269.
أخرجه آدم في تفسيره المسمى بتفسير مجاهد ص190 نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - مثله، وزاد في آخره "يعني بين اليهود والنصارى".
قوله تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} الآية:21
[668]
عن ابن إسحاق: كتب لكم أي وهب لكم، أخرجه الطبري1.
[669]
وأخرج من طريق السدي أن معناه أمر2.
قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً} الآية: 27
[670]
وذكر السدي في تفسيره عن مشايخه بأسانيده أن سبب قتل قابيل لأخيه هابيل، أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن من ولده بأنثى الآخر، وأن أخت قابيل كانت أحسن من أخت هابيل، فأراد قابيل أن يستأثر أخته فمنعه آدم، فلما ألحّ عليه، أمرهما أن يقرّبا قربانا، فقرّب قابيل حزمة من زرع، وكان صاحب زرع، وقرّب هابيل جذعة سمينة، وكان صاحب مواشي، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل دون قابيل، وكان ذلك سبب الشر بينهما3.
1 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن جرير رقم11653 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد ابن إسحاق، به.
2 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن جرير رقم11654 حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، به.
قال الطبري: والمراد أنه قدرها لسكنى بني إسرائيل في الجملة، فلا يرد كون المخاطبين بذلك لم يسكنوها؛ لأن المراد جنسهم، بل قد سكنها بعض أولئك كيوشع وهو ممن خوطب بذلك قطعا. انظر: جامع البيان 10/169، ونقله عنه ابن حجر في الفتح 8/269.
3 فتح الباري 6/369.
أخرجه ابن جرير رقم11715 حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي فيما ذكر، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه. والسدي ضعيف وقد تقدم. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/54 - 55 عن ابن مسعود عن ناس من الصحابة، ونسبه إلى ابن جرير فقط.
قوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ} الآية: 29
[671]
روى الطبري من طريق مجاهد قال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ} أن تكون عليك خطيئتك ودمي1.
قوله تعالى: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} الآية: 32
[672]
أخرج الطبري عن الحسن ومجاهد وقتادة "قتل الناس جميعا، وأحيا الناس جميعا" معناه تغليظ الوزر والتعظيم في قتل المؤمن، ولفظ الحسن "إن قاتل النفس الواحد يصير إلى النار كما لو قتل الناس جميعا2.
1 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن جرير رقم11733 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وزاد في آخره "تبوء بهما جميعا".
2 فتح الباري 12/192.
هكذا جمع ابن حجر قول الثلاثة وساقها بسياق واحد، ثم قال ولفظ الحسن "إن قاتل النفس الواحد يصير إلى النار كما لو قتل الناس جميعا "، مع أن هذا القول لم يخرج الطبري عن الحسن، وإنما عن مجاهد. فأخرجه الأرقام11774-11778 من طريق خصيف وغيره عنه، بهذا اللفظ.
نعم وقد أخرج - أي الطبري - عن الحسن وقتادة ما دلّ عليه اللفظ الأول، فأخرج رقم11799 من طريق عبد الرزاق، عن معمر قال: تلا قتادة {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} قال: عظم والله أمرها، وعظم والله وِزْرها!
وأخرج رقم11801 من طريق سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سعيد ابن زيد، قال: سمعت خالداً أبا الفضل قال: سمعت الحسن تلا هذه الآية {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} إلى قوله {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} ثم قال: عظَّم والله في الوزر كما تسمعون، ورغَّب والله في الأجر كما تسمعون! إذا ظننت، يا ابن آدم أنك لو قتلت الناس جميعا، فإن لك من عملك ما تفوز به من النار!! كذبتك والله نفسك، وكذبك الشيطان".
هذا وقد اختار الطبري هذا القول ورجّحه. انظر: تفسير الطبري 10/240-241.
[673]
أخرج الطبري عن زيد بن أسلم: يجب عليه من القود بقتله المؤمن مثل ما يجب عليه لو قتل الناس جميعا؛ لأنه لا يكون عليه غير قتله واحدة فجميعهم1.
[674]
وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وَمَنْ أَحْيَاهَا} يعني من حرّم قتلها إلا بحق حَيِيَ الناس منه جميعا2.
قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية: 33
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة حديث العُرَنِيِّيْن 3 وفي آخره قال: "بلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية4.
1 فتح الباري 12/192.
أخرجه ابن جرير رقم11787 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} فذكر نحوه، ثم قال: كان أبي يقول ذلك.
2 فتح الباري 8/270. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم11781، وابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/201 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه.
3 العُرَنِيِّيْن: نسبة إلى عُرَينة، حي من قضاعة من القحطانية، وهي قبيلة من بَجِيلة. وعُرَينة وادٍ بين عرفات ومنى. الأنساب للسمعاني 4/182، ومعجم قبائل العرب لعمر رضا كحالة 2/776.
4 فتح الباري 12/109. =
[676]
ووقع مثله في حديث أبي هريرة1.
[677]
وأخرج الطبري من طريق روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في آخر قصة العُرَنِيّين قال: فذكر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} 2.
= وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فقال بعضهم: هذه الآية ناسخة لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله في أمر العرنيين من التمثيل بهم، وسمل أعينهم، وتركهم حتى ماتوا. فممن قال هذا محمد بن سيرين. وقال آخرون: بل ذلك حكم ثابت في نظرائهم أبداً. انظر للمزيد: الناسخ والمنسوخ للنحاس 2/274-278، وتفسير الطبري 10/252-253، وتفسير القرطبي 6/98-99.
أما هذا الأثر فقد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه باب المحاربة 10/106-107، رقم18538 عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك. ولفظه قال:"أن نفراً من عكل وعرينة تكلموا في الإسلام فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه أنهم كانوا أهل ضرع، ولم يكونوا أهل ريف، فاجتووا المدينة وشكوا حمّاها فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بذود، وأمر لهم براع، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرة، كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم وساقوا الذود، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث الطلب في طلبهم، فأتي بهم، فسمل أعينهم وقطع أيديهم وأرجلهم، وتُركوا بناحية الحرة يقضموا حجارتها حتى ماتوا. قال قتادة: فبلغنا أن هذه الآية أنزلت فيهم {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية كلها".
1 فتح الباري 12/109.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/107، رقم18541 عن إبراهيم، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة. ولفظه قال:"قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رجال من بني فزارة قد ماتوا هزلاً، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى لقاحه، يشربوا منها حتى صحّوا، ثم غدوا على لقاحه فرسقوها، فطُلبوا فأُتِيَ بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم. قال أبو هريرة فنزلت فيهم هذه الآية {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، قال: فترك النبي صلى الله عليه وسلم سمل الأعين بعد". والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/67 ونسبه إلى عبد الرزاق فقط.
2 فتح الباري 12/110.
أخرجه ابن جرير رقم11808 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن أنس - فذكره قصة العرنيين. ولفظه قال: "إن رهطا من عُكل وعُرَينة أتوا النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله أنا أهل ضَرْع ولم نكن أهل ريف، وإنا استوخمنا المدينة. فأمر لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بَذوْد وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها. فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الذود، وكفروا بعد إسلامهم. فأتِيَ بهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرّة حتى ماتوا. فذكر لنا - الحديث.
[678]
وأخرج نحوه من وجه آخر عن أنس1.
[679]
وأخرج الإسماعيلي هناك من طريق مروان بن معاوية عن معاوية بن أبي العباس عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} قال: هم من عُكَل2 3.
[680]
وصل ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير والحسن: المحاربة لله الكفر به4.
1 فتح الباري 12/110.
أخرجه ابن جرير رقم11816، 11854 حدثنا عليّ بن سهل، قال: حدثنا الوليد ابن مسلم، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب: أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس بن مالك يسأله عن هذه الآية - فذكر نحوه. ولفظه "فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين، وهم من بجيلة. قال أنس: فارتدوا عن الإسلام، وقتلوا الراعي، وساقوا الإبل، وأخافوا السبيل، وأصابوا الفرْج الحرام".
2 عُكَل: قبيلة من الرباب تُسْتحمق، يقولون لمن يستحمقمونه عُكَلِي. وهي بطن من طابخة، من العدنانية، وعكل اسم امرأة حضنت بني عو بن وائل بن عبد مناة بن أدّ ابن طابخة بن إلياس بن مضر، فغلبت عليهم وسموا باسمها. انظر: معجم البلدان 4/161، رقم8505، والأنساب 2/396، والقاموس ص 932.
3 فتح الباري 12/110.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/66-67 ونسبه إلى الحافظ عبد الغني في إيضاح الإشكال من طريق أبي قلابة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4 فتح الباري 8/274. وعلقه البخاري في ترجمة الباب ولم ينسبه لقائل.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في عمدة القارئ 18/203 حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير، حدثني ابن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} قال: يعني بالمحاربة الكفر بعد الإسلام. وابن لهيعة ضعيف. وانظر التعليق على رقم 141.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} الآية: 41
[681]
عند الطبري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ناشده قال "يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم ليعلمون أنك نبي مرسل ولكنهم يحسدونك "وقال في آخر الحديث "ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا ونزلت فيه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} الآية1.
1 فتح الباري 12/169.
هذا جزء من حديث طويل رواه أبو هريرة، وأخرجه الطبري رقم11921 من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني الزهري، قال: سمعت رجلا من مزينة يحدث، عن سعيد ابن المسيب، أن أبا هريرة حدثهم - فذكر الحديث بطوله. ولفظه قال:" إن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدارس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت. فقالوا: انطلقوا بهذا الرجل وبهذه المرأة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فاسألوه كيف الحكم فيهما، وولُّوه الحكم عليهما، فإن عمل فيهما بعملكم من التحميم، وهو الجلد بحبل من ليف مطليّ بقارٍ، ثم يُسوّد وجوههما، ثم يُحملان على حمارين وتحوّل وجوههما من قِبَل دبر الحمار، فاتبعوه، فإنما هو ملك. وإن هو حكم فيهما بالرجم فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلُبكموه. فأتوه فقالوا: يا محمد هذا الرجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت، فاحكم فيهما، فقد وليّناك الحكم فيهما، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدارس، فقال: "يا مَعْشَرَ اليَهُودِ أخْرِجُوا إليّ أعْلَمَكُم " فأخرجوا إليه عبد الله بن صُورِيا الأعور. وقد روي بعض بني قريظة أنهم أخرجوا إليه يومئذٍ مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب ووهب بن يهودا، فقالوا: هؤلاء علماؤنا فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل أمرهم، إلى أن قالوا لابن صوريا: هذا أعلم من بقي بالتوراة. فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان غلاما شابا من أحدثهم سناً، فألظّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة، يقول: "يا ابْنَ صُورِيا أنْشُدُك الله وأذكرك أيادِيه عِنْدَ بني إسْرائيل، هل تَعْلَمُ أنّ الله حَكَمَ فيمَنْ زَنَى بَعْدَ إحْصَانِهِ بالرّجْمِ في التّوْرَاة؟ " فقال: اللهمّ نعم! أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعلمون أنكّ نبيّ مرسل، ولكنهم يحسدونَك. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بهما فرُجما عند باب مسجده في بني عثمان بن غالب بن النجار. ثم كفر بعد ذلك ابن صُوريا، فأنزل الله:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} ". وإسناده ضعيف، ففيه راوٍ لم يسم.
قوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الآية: 42
[682]
وأخرج أبو داود من طريق علي بن صالح بن حي1 عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان قريظة والنضير، وكان النضير أشرف من قريظة، فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به، وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة يُودى بمائة وسق من التمر، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل من النضير رجلا من قريظة، فقالوا: ادفعوا لنا نقتله، فقالوا: بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم، فأتوه، فنزلت {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} والقسط: النفس بالنفس، ثم نزلت:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} 2.
1 علي بن صالح بن صالح بن حيّ الهمداني، أبو محمد، الكوفي، ثقة عابد، روى عن أبيه وأبي إسحاق السبيعي وسلمة بن كهيل وسماك بن حرب وغيرهم، وعنه عبيد الله بن موسى وغيره، مات سنة إحدى وخمسين ومائة، وقيل بعدها. انظر ترجمته في: التهذيب 7/292، والتقريب 2/38.
2 فتح الباري 12/210.
أخرجه أبو داود في سننه رقم4494 - في الديات، باب النفس بالنفس -، والنسائي في سننه رقم4746 - في القسامة -، وابن أبي حاتم رقم6391، والحاكم 4/366-367 كلهم من طريق عبيد الله بن موسى، عن علي بن صالح، به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن جرير رقم11975 من طريق عبيد الله بن موسى، به مثله، دون قوله "والقسط: النفس بالنفس إلخ ". وصحّحه الشيخ الألباني في سنن أبي داود رقم3740.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/83 ونسبه إلى ابن أبي شيبة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس.
قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} الآية: 48
[683]
أورد ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} قال: القرآن أمين على كل كتاب كان قبله1.
[684]
وروى عبد بن حميد من طريق أَرْبِدة التميمي2 عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} قال: مؤتمنا عليه3.
[685]
وساق البيهقي من طريق مجاهد قال: المهيمن الشاهد4.
1 فتح الباري 8/269 و13/366. وعزاه إلى البيهقي أيضا.
أخرجه ابن جرير رقم12114 وابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/201-202 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/95 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي.
2 أَرْبِدة - بسكون الراء بعدها موحدة مكسورة - ويقال: أربد التميمي المفسر، تابعي كوفي أصله من البصرة. روى عن ابن عباس، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي والمنهال بن عمرو. وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات. وذكره ابن أبي حاتم، وسكت عنه. وقال ابن حجر: صدوق. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/345، والتهذيب 1/173، والتقريب 1/50.
3 فتح الباري 8/269 و13/366. وعزاه إلى البيهقي أيضا.
أخرجه عبد بن حميد كما في عمدة القارئ 18/197 حدثنا سليمان بن دواد، عن شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت التميمي، سمعت ابن عباس - فذكره. وأخرجه ابن جرير الأرقام 12102-12113 من طرق عن أبي إسحاق، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/95 ونسبه إلى الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات.
4 فتح الباري 13/366.
أخرجه ابن جرير رقم12106 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، به. وفي إسناده الحسين وهو سنيد ضعيف. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/95 ونسبه إلى آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} - إلى قوله – {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} الآية:51
[686]
وروى ابن إسحاق في المغازي عن أبيه1 عن عبادة بن الوليد2 عن عبادة ابن الصامت3 قال "لما حاربت بنو قينقاع قام بأمرهم عبد الله ابن أبي، فمشى عبادة بن الصامت، وكان له من حلفهم مثل الذي لعبد الله ابن أبي، فتبرأ عبادة منهم. قال: فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} - إلى قوله – {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} وكان عبد الله بن أبي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يمنّ عليهم قال: يامحمد، إنهم منعوني من الأسود والأحمر، وإنّي امرؤ أخشى
1 هو إسحاق بن يسار المدني المطلبي، والد محمد صاحب المغازي، ثقة. روى له أبو داود في المراسيل.
انظر ترجمته في: التهذيب 1/225، والتقريب 1/62.
2 عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري، أبو الصامت المدني، ويقال له: عبد الله. روى عن أبيه وجده وعائشة وجابر بن عبد الله وغيرهم، وعنه ابن إسحاق وغيره. ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.
انظر ترجمته في: التهذيب 5/100، والتقريب 1/396.
3 عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي، أبو الوليد المدني، أحد النقباء، صحابي بدري مشهور، قال ابن سعد: مات بالرملة من أرض الشام سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنهما.
انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى 7/387، أسد الغابة 3/158، رقم2791، والإصابة 3/505، رقم4515.
الدوائر، فوهبهم له1.
[687]
وعند البيهقي من طريق عياض الأشعري2 عن أبي موسى أنه استكتب نصرانيا فانتهره عمر، وقرأ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} الآية. فقال أبو موسى: والله ما توليته، وإنما كان يكتب، فقال: أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب، لا تدنهم إذ أقصاهم الله، ولا تأتمنهم إذ خوّنهم الله، ولا تُعِزّهم بعد أن ذلّهم الله3.
1 فتح الباري 7/332.
أخرجه ابن إسحاق سيرة ابن هشام 2/810-811 ومن طريقه ابن جرير رقم12158، والبيهقي في الدلائل 3/174-175 قال: حدثني أبي إسحاق ابن يسار، عن عُبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت - قال: لما حاربت بنو قينقاع - فذكره بنحوه، ولم يقل "عن عبادة بن الصامت".
وأخرجه ابن أبي حاتم رقم6506 بهذا الإسناد، وقال:"عن عبادة بن الوليد، عن عبادة بن الصامت".
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/98 ونسبه إلى ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبادة ابن الوليد، أن عبادة بن الصامت قال - فذكره.
2 عياض بن عمرو الأشعري، قال ابن حبان له صحبة، وقال البغوي: يُشك في صحبته، وجزم أبو حاتم بأن حديثه مرسل، وأنه رأى أبا عبيدة بن الجرّاح، فيكون حديثه مرسلا. قال ابن حجر: صحابي له حديث. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/314، رقم4158، والإصابة 4/629، رقم6154، والتقريب 2/96.
3 فتح الباري 13/184.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6510 من طريق عمرو بن أبي قيس، والبيهقي في شعب الإيمان رقم9384 من طريق أسباط، كلاهما عن سماك بن حرب، عن عياض الأشعري، به نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/100 بنحوه، وعزاه لابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان.
قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} الآية: 67
[688]
أخرج ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال "كنا إذا نزلنا طلبنا للنبي صلى الله عليه وسلم أعظم شجرة وأظلها، فنزل تحت شجرة، فجاء رجل، فأخذ سيفه فقال: يا محمد من يمنعك مني؟ قال: الله. فأنزل الله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وهذا إسناد حسن1.
[689]
أخرج الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} 2.
1 فتح الباري 6/98.
أخرجه ابن حبان في صحيحه فيما ذكره ابن كثير في تفسيره 3/146 من طريق مؤمل ابن إسماعيل، وابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/146 من طريق آدم، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/119 ونسبه إلى ابن حبان وابن مردويه. كما ذكره السيوطي في أسباب النزول ص 94-95 ونسبه إلى ابن حبان في صحيحه. هذا ولم أهتد إليه في صحيح ابن حبان، إلا أني وجدت فيه قصة الرجل الذي سلّ السيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن عبد الله. انظر الإحسان 7/136-139. وحديث جابر هذا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. انظر: البخاري كتاب الجهاد، باب من علق سيفه بالشجر ومسلم، كتاب الفضائل، باب توكله على الله.
2 فتح الباري 13/219.
أخرجه الترمذي رقم3046 - في تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة - حدثنا عبد بن حميد، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحارث بن عبيد، عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق، به. وزاد في آخره "فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة، فقال لهم: "يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله". قال الترمذي: هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن الجريري عن عبد الله بن شقيق قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس، ولم يذكروا فيه عن عائشة". وحسّنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2440. وذكره ابن كثير 3/144 برواية ابن أبي حاتم، ثم أشار إلى رواية الترمذي وابن جرير والحاكم وسعيد بن منصور له.
[690]
وأخرج الطبراني في الصغير من حديث أبي سعيد "كان العباس فيمن يحرس النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نزلت هذه الآية ترك"1.
قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} الآية: 68
[691]
وقد روى ابن أبي حاتم أن الآية نزلت في سبب خاص، فأخرج بإسناد حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال "جاء مالك ابن الصيف وجماعة من الأحبار فقالوا: يا محمد، ألست تزعم أنك على ملكة إبراهيم وتؤمن بما في التوراة وتشهد أنها حق؟ قال: بلى، ولكنكم كتمتم منها ما أمرتم ببيانه، فأنا أبرأ مما أحدثتموه. قالوا: فإنا نتمسك بما في أيدينا من الهدى والحق ولا نؤمن بك ولا بما جئت به، فأنزل الله هذه الآية2.
1 فتح الباري 13/219.
أخرجه الطبراني في الصغير الروض الداني 1/255، رقم418، وعنه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/144 قال: حدثنا حمد بن محمد بن حمد أبو نصر الكاتب البغدادي، حدثنا كردوس بن محمد الواسطي، حدثنا معلى بن عبد الرحمن، عن فضيل ابن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، به. قال الطبراني: لم يروه عن فضيل إلا المعلى، ولا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد. اهـ. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/20 وقال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف، في إسناده "معلى بن عبد الرحمن"، متهم بالوضع. انظر: التقريب 2/265.
2 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 1/602-603 ومن طريقه كل من ابن جرير رقم12284 وابن أبي حاتم رقم6618 حدثني محمد أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، به بنحوه. وقد حسن ابن حجر إسناده كما في الأعلى.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/120-121 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.
قوله تعالى:
[692]
في الترمذي محسنا من حديث ابن عباس "أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إذا أكلت من هذا اللحم انتشرت، وإني حرمت عليَّ اللحم فنزلت"1.
[693]
وروى ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أنها نزلت في ناس قالوا: "نترك شهوات الدنيا ونسيح في الأرض" الحديث2.
1 فتح الباري 8/276.
أخرجه الترمذي رقم3054 - في التفسير، باب "ومن سورة المائدة" -، وابن جرير رقم12350، وابن أبي حاتم رقم6687 كلهم من طريق أبي عاصم النبيل، حدثنا عثمان بن سعد، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس - نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. ورواه بعضهم عن عثمان بن سعد مرسلا، ليس فيه عن ابن عباس، ورواه خالد الحذاء عن عكرمة مرسلا. صحّحه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2441. والحديث ذكره ابن كثير 3/160 برواية ابن أبي حاتم، ثم أشار إلى تخريج الترمذي وابن جرير له. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/139 ونسبه إلى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل والطبراني وابن مردويه.
2 فتح الباري 8/276.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6689 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه. ولفظه "قال: نزلت هذه الآية في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا نقطع مذاكيرنا ونترك شهوات الدنيا ونسيح في الأرض كما يفعل الرهبان. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فذكر لهم ذلك، فقالوا: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني ". وذكره ابن كثير 3/160 برواية ابن أبي حاتم.
وأخرجه ابن جرير رقم12346 من طريق علي بن أبي طلحة، به نحوه.
[694]
وعند ابن مردويه من طريق الحسن العرني 1 "كان علي في أناس ممن أرادوا أن يحرموا الشهوات، فنزلت الآية في المائدة2.
[695]
أخرج يزيد بن هارون في كتاب النكاح ومن طريقه البيهقي بسند صحيح عن يوسف بن ماهك3 "أن أعرابيا أتى ابن عباس فقال: إني جعلت امرأتي حراما، قال: ليست عليك بحرام. قال: أرأيت قول الله تعالى {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ} الآية؟ فقال ابن عباس: إن إسرائيل كان به عرق النسا فجعل على نفسه إن شفاه الله أن لا يأكل العروق من كل شيء، وليست بحرام يعني على هذه الأمة4.
[696]
أخرج الثوري في جامعه وابن المنذر من طريقه بسند صحيح عن ابن مسعود أنه جيء عنده بطعام فتنحى رجل فقال: إني حرمته أن لا آكله،
1 في الفتح "العدني" - بالدال المهملة - وهو تصحيف، وهو الحسن بن الحسين العرني الكوفي، روى عن شريك والمعلى بن عرفان وكادح بن جعفر، روى عنه ابنه الحسين وأحمد بن عثمان بن حكيم الأزدي. قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الرحمن قال: سألت أبي عنه فقال: لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشيعة. انظر: الجرح والتعديل 3/6.
2 فتح الباري 9/104.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/143 ونسبه إلى ابن مردويه فقط. والأثر ضعيف لما تقدم من حال الحسن العرني، فإنه متهم كما نقل عن أبي حاتم الرازي. والله أعلم.
3 يوسف بن مَاهِك بن بُهْزاد الفارسي، المكي مولى قريش، ثقة، مات سنة ست ومائة، وقيل قبل ذلك. انظر ترجمته في: التهذيب 11/370، والتقريب 2/382.
4 فتح الباري 9/372-373.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/351 عن أبي عبد الله الحافط - وهو الحاكم - أنا أبو العباس محمد ابن يعقوب، نا الحسن بن مكرم، نا يزيد بن هارون، أنا شعبة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، به. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في الأعلى.
فقال: ادن فكل وكفر عن يمينك، ثم تلا هذه الآية إلى قوله:{وَلا تَعْتَدُوا} 1.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الآية: 90، 93
[697]
وقد أخرج أحمد ومسلم في سبب نزول هذه الآية عن سعد ابن أبي وقاص قال: صنع رجل من الأنصار طعاما فدعانا فشربنا الخمر قبل أن تحرم حتى سكرنا، فتفاخرنا، إلى أن قال: فنزلت: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} - إلى قوله -: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} 2.
[698]
وأخرج النسائي والبيهقي بسند صحيح عن ابن عباس أنه لما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من الأنصار شربوا، فلما ثمل القوم عبث بعضهم ببعض، فلما أن صحوا جعل الرجل يرى في وجهه ورأسه الأثر فيقول: صنع هذا أخي فلان، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن، فيقول: والله لو كان بي رحيما ما صنع بي هذا، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن، فأنزل الله عز وجل هذه
1 فتح الباري 11/575.
أخرجه الثوري كما في تفسير ابن كثير 3/161، ومن طريقه ابن أبي حاتم رقم6691 عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: كنا عند عبد الله ابن مسعود - فذكر هـ.
وأخرجه الحاكم 2/313-314 من طريق إسحاق بن راهويه، عن جرير، عن منصور، به. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 فتح الباري 8/278.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم1748-43، 44 - في فضائل الصحابة، باب في فضائل سعد - بسنده عن سعد - نحوه مطولا. وهو في المسند 1/181، 186. وقد ذكره ابن كثير 3/176 برواية البيهقي مختصراً، ثم أشار إلى رواية مسلم.
الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} - إلى قوله -: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} قال: فقال ناس من المتكلفين1: هي رجس، وهي في بطن فلان وقد قتل يوم أحد، فأنزل الله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} - إلى -: {الْمُحْسِنِينَ} إلى آخرها2.
[699]
وروى أصحاب السنن من طريق أبي ميسرة عن عمر أنه قال:
1 قال ابن حجر: روى البزار من حديث جابر أن الذين قالوا ذلك كانوا من اليهود. فتح الباري 8/278.
قلت: وحديث جابر هذا أخرجه البزار في مسنده كما في تفسير ابن كثير 3/177 حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمع جابر بن عبد الله يقول - فذكره. ولفظه "اصطبح ناس الخمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قتلوا شهداء يوم أحد، فقالت اليهود: فقد مات بعض الذين قتلوا وهي في بطونهم، فأنزل الله {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} . قال البزار: وهذا إسناد صحيح. وقال ابن كثير بعد أن نقل قول البزار هذا "وهو كما قال، ولكن في سياقه غرابة".
وأصل هذا الحديث في البخاري رقم4618 ولكن لم يذكر فيه قول اليهود ولا ذكر نزول الآية، ولفظه "قال جابر: صبحّ ناس غذاة أحد الخمر، فقتلوا من يومهم جميعاً، وذلك قبل تحريمها".
2 فتح الباري 10/31 و8/279.
أخرجه النسائي في تفسيره رقم171 وابن جرير رقم12522 والطبراني في الكبير رقم12459 والحاكم 4/141-142 والبيهقي في سننه 8/285-286 كلهم من طريق ربيعة بن كلثوم بن جبر، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - نحوه. سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: صحيح على شرط مسلم. ونقل السيوطي عن الحاكم تصحيحه. كما صحح ابن حجر إسناده كما في الأعلى. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/21 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وذكره ابن كثير 3/176 برواية البيهقي ثم أشار إلى رواية النسائي. وأورده السيوطي في الدر المنثور 3/158-159 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.
اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في البقرة:{قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [الآية:219] فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت التي في النساء:{لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [الآية:43] فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت التي في المائدة:{فَاجْتَنِبُوهُ - إلى قوله -: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فقال عمر: انتهينا انتهينا، وصححه علي بن المديني والترمذي1.
[700]
وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة نحوه دون قصة عمر، لكن قال عند نزول آية البقرة "فقال الناس: ما حرّم علينا، فكانوا يشربون، حتى أم رجل أصحابه في المغرب فخلط في قراءته فنزلت الآية التي في النساء، فكانوا يشربون ولا يقرب الرجل الصلاة حتى يفيق، ثم نزلت آية المائدة فقالوا: يا رسول الله ناس قتلوا في سبيل الله وماتوا على فرشهم وكانوا يشربونها، فأنزل الله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} الآية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو حرّم عليهم لتركوه كما تركتموه"2.
1 فتح الباري 8/279.
أخرجه أحمد 1/53 وأبو داود رقم3670 والترمذي رقم3049 والنسائي رقم5555 وابن جرير رقم12512 والحاكم 2/278 كلهم من طرق عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عمر - نحوه. قال ابن حجر: صححه علي بن المديني والترمذي، وأشار إلى تصحيحهما الحافظ ابن كثير أيضا، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، كما صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2443. هذا وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/605 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي الشيخ والضياء في المختارة وأبي يعلى والبيهقي والنحاس في الناسخ والمنسوخ.
2 فتح الباري 8/279-280. =
[701]
وفي مسند الطيالسي من حديث ابن عمر نحوه، وقال "في الآية الأولى قيل حرّمت الخمر، فقالوا: دعنا يا رسول الله ننتفع بها، وفي الثانية فقيل حرمت الخمر، فقالوا: لا إنا لا نشربها قرب الصلاة، وقال في الثالثة فقالوا: يا رسول الله حرمت الخمر1.
[702]
وأخرج الطبراني وابن مردويه وصححه الحاكم من طريق
= أخرجه أحمد 2/351-352 حدثنا سُرَيج يعني ابن النعمان، حدثنا أبو معشر، عن أبي وهب مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة، به. وأوله "قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} إلى آخر الآية، فقال الناس: ما حرّم علينا
…
الحديث. والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/54 وقال: رواه أحمد، وأبو وهب مولى أبي هريرة لم يجرحه أحد ولم يوثقه، وأبو نجيح ضعيف لسوء حفظه، وقد وثقه غير واحد، وسريج ثقة. قلت: و"أبو معشر" اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي، - وليس أبو نجيح كما ذكر الهيثمي -. وللحديث شواهد تقدمت، فهو بهذه الشواهد ترتفع إلى درجة الحسن لغيره.
والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور 3/157 ونسبه إلى أحمد فقط.
1 فتح الباري 8/280.
أخرجه الطيالسي في مسنده رقم1957 حدثنا محمد بن أبي حميد، عن أبي توبة المصري، قال: سمعت ابن عمر يقول - فذكره. ولفظه "نزلت في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزل {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآية [البقرة:219] ، فقيل: حرمت الخمر، فقيل يا رسول الله، دعنا ننتفع بها كما قال الله عز وجل، فسكت عنهم ثم نزلت هذه الآية {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43] فقيل حرمت، فقالوا: لا يا رسول الله، إنا لا نشربها قرب الصلاة، فسكت عنهم، ثم نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّمت الخمر
…
الحديث.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/158-159 ونسبه إلى الطيالسي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان.
طلحة بن مُصَرِّف1 عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزل تحريم الخمر مشى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض فقالوا: حرمت الخمر وجعلت عدلا للشرك2.
قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا} الآية: 93
[703]
وصل النسائي والطحاوي من طريق يحيى بن فليح3 عن ثور4 عن عكرمة عن ابن عباس مطولا ولفظه "إن الشُّرَّاب كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي والنعال والعصا حتى توفي، فكانوا في خلافة أبي بكر
1 طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الكوفي، روى عن أنس وعبد الله بن أبي أوفى وقرة بن شراحيل وخيثمة بن عبد الرحمن وسعيد ابن جبير ومجاهد وغيرهم، ثقة قارئ، فاضل، مات سنة ثلاث عشرة ومائة.
انظر ترجمته في: التهذيب 5/23، والتقريب 1/389-380.
2 فتح الباري 10/31.
قيل يشير إلى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية، فإن الأنصاب والأزلام من عمل المشركين بتزيين الشيطان، فنسب العمل إليه. قاله ابن حجر في الفتح 10/310.
والأثر أخرجه الحاكم 4/144، والطبراني في الكبير ج 12/رقم12399 كلاهما من طريق الحسن ابن عمرو الفقيمي عن طلحة بن مصرف، به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/55 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
3 يحيى بن فليح: ترجم له ابن حجر في اللسان 6/273 وقال: قال ابن حزم: مجهول، وقال مرة: ليس بالقوي. ولم يعقب عليه ابن حجر بشيء.
4 هو ثور بن زيد الديلي مولاهم المدني، روى عن أبي الزناد وعكرمة والحسن بن البصري، ثقة، مات سنة خمس وثلاثين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 2/29، والتقريب 1/120.
أكثر منهم، فقال أبو بكر: لو فرضنا لهم حدا، فتوخى نحو ماكانوا يضربون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فجلدهم أربعين حتى توفي، ثم كان عمر فجلدهم كذلك حتى أتي برجل " فذكر قصة وأنه تأول قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} وأن ابن عباس ناظره في ذلك واحتج ببقية الآية، وهو قوله تعالى:{إِذَا مَا اتَّقَوْا} والذي يرتكب ما حرّمه الله ليس بمتق، فقال عمر: ما ترون؟ فقال عليّ، فذكره وزاد بعد قوله:"وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة، فأمر به عمر فجلده ثمانين"1.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الآية: 95
[704]
قيل السبب في نزول هذه الآية أن أبا اليَسْر قتل حمار وحش وهو محرم في عمرة الحديبية2
1 فتح الباري 12/69.
أخرجه النسائي في الكبري 3/252، رقم5288، والحاكم 4/375، والبيهقي في السنن 8/320، 321 كلهم من حديث يحيى بن فليح أبي المغيرة الخزاعي، ثنا ثور ابن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس - بنحوه. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقرّه الذهبي.
قلت: وقد عرفت من ترجمة يحيى بن فليح أنه مجهول، فكيف يصحّ إسناده؟
هذا وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/161 ونسبه إلى أبي الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه.
2 الحُدَيبية: بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة وباء موحدة مكسورة وياء مشددة أو هي مخففة، قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بابع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها أصحابه بيعة الرضوان، وتقع على بعد 22 كيلا غرب مكة على طريق جدة القديم، وهو خارج الحرم غير بعيدة منه، على مرأى. انظر: معجم البلدان 2/265، رقم3558، ومعجم المعالم الجغرافية ص 94.
وعمرة الحديبية هي تلك العمرة التي أحرم النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية شهر ذي القعدة سنة ست للهجرة، خرج صلى الله عليه وسلم معتمراً لا يريد حربا وساق معه الهدي، فلما سمعت به قريش خرجوا إلى ذي طوى يعاهدون الله لا يدخلها عليهم أبداً. ثم جرى هناك الصلح بينه وبين سهيل بن عمرو. وأحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من إحرامه.
انظر: سيرة ابن هشام 3/1133-1134.
فنزلت، حكاه مقاتل في تفسيره1.
قوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ}
[705]
أخرج الطبري بإسناد صحيح إلى عبد الله بن عبيد بن عمير2 قال: قال ابن عباس: الهدي شاة، فقيل له في ذلك، فقال: أنا أقرأ عليكم من كتاب الله ما تقودون به، ما في الظبي؟ قالوا: شاة، قال: فإن الله تعالى يقول: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} 3.
قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} الآية: 96
[706]
وصل الطبري من طريق أبي بكر بن حفص 4 عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} قال: طعامه ميتته5.
1 فتح الباري 4/21.
لم أقف عليه مسنداً.
2 عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي، ثقة، استشهد غازيا سنة ثلاث عشرة. أخرج له مسلم والأربعة. التقريب 1/431.
3 فتح الباري 3/535.
لم أهتد إليه في تفسير الطبري.
4 اسمه عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري أبو بكر المدني، مشهور بكنيته، ثقة، أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 5/165، والتقريب 1/409.
5 فتح الباري 9/615.
أخرجه ابن جرير رقم12697 حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثني الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد، به.
[707]
وأخرج عبد الرزاق من وجه آخر عن ابن عباس وذكر صيد البحر: لا تأكل منه طافيا. في سنده الأجلج وهو لين1.
[708]
وصل عبد الرزاق في التفسير عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: صيد الأنهار وقلات السيل أصيد بحر هو؟ قال: نعم، ثم تلا:{هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً} [فاطر:12]2.
قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ} الآية: 97
[709]
وقد روى ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية فقال: لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة3.
[710]
وعن عطاء قال: {قِيَاماً لِلنَّاسِ} لو تركوه عاما لم ينظروا أن يهلكوا4.
1 فتح الباري 9/615.
2 فتح الباري 9/616.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 4/453، رقم8422 - في المناسك، باب صيد الأنهار - عن ابن جريج، به.
3 فتح الباري 3/455.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6857 عن أبيه، قال: حدثنا الحجاج بن المنهال، ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن - مثله. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في الأعلى. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/202 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 3/455.
لم أقف على من أسنده، وقد عطف ابن حجر على الرواية السابقة بالواو مما يوحي أنه عزاه لابن أبي حاتم، ولكن لم أجده فيه.
قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية:101
[711]
روى الطبري من طريق أبي صالح عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان محمارّ وجهه حتى جلس على المنبر، فقام إليه رجل فقال: أين أبي؟ 1 قال: "في النار". فقام آخر فقال: "من أبي؟ " فقال: "حذافة". فقام عمر - فذكر كلامه وزاد فيه - وبالقرآن إماما، قال: فسكن غضبه ونزلت هذه الآية2.
[712]
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الكريم عن عكرمة قال: نزلت في الذي سأل عن أبيه3.
[713]
وعن سعيد بن جبير في الذين سألوا عن البحيرة وغيرها4.
[714]
وعن مقسم فيما سأل الأمم أنبياءها عن الآيات5.
1 وقع في الفتح "أين أنا"، والتصحيح من تفسير الطبري وتفسير ابن كثير.
2 فتح الباري 8/281.
أخرجه ابن جرير رقم12802 حدثنا الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا قيس، عن أبي حصين، عن أبي صالح، به. وكلام عمر المشار إليه في الحديث "فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن إماما، إنا يا رسول الله، حديثو عهد بجاهلية وشرك، والله يعلم مَن آباؤنا" - الحديث. والحديث نقله ابن كثير 3/199 عن الطبري، وقال: إسناده جيد، كما جوّده ابن حجر. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/205-206 ونسبه إلى ابن جرير والفريابي وابن مردويه.
3 فتح الباري 8/282.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6879 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا كثير بن هشام، ثنا فرات ابن سلمان، عن عبد الكريم، به نحوه.
4 فتح الباري 8/282.
ذكره ابن أبي حاتم عقب رواية عكرمة المتقدم من غير إسناد.
5 فتح الباري 8/282. هذا أيضا ذكره عقب رواية عكرمة المتقدم من غير إسناد.
[715]
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطية قال "نهوا أن يسألوا مثل ما سأل النصارى من المائدة فأصبحوا بها كافرين1.
[716]
روى الترمذي من حديث علي قال "لما نزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} قالوا: يا رسول الله في كل عام؟ فسكت، ثم قالوا: يا رسول الله في كل عام؟ فقال: "لا، ولو قلت نعم لوجبت". فأنزل الله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا} 2.
1 فتح الباري 8/282.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6881 من طريق عطية العوفي، عن ابن عباس - بنحوه. والعوفي ضعيف. هذا وقد نقل ابن حجر عن الماوردي ترجيحه له، ثم قال:"وكأنه من حيث المعنى، لوقوع قصة المائدة في السورة بعد ذلك، واستبعد نزولها في قصة من سأل عن أبيه أو عن الحج كل عام، قال ابن حجر: وهو إغفال منه لما في الصحيح ".
2 فتح الباري 8/282.
أخرجه الإمام أحمد 1/113 والترمذي رقم814 و3055 وابن ماجه رقم2884 والحاكم 2/293-294 كلهم من طريق منصور بن وردان الأسدي، حدثنا علي ابن عبد الأعلى، عن أبيه، عن أبي البَخْتَري، عن علي، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث علي. وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: مخول رافضي وعبد الأعلى هو ابن عامر ضعفه أحمد.
قلت: وفيه علة أخرى وهي الانقطاع؛ فأبو البختري - واسمه سعيد بن فيروز - لم يدرك عليا، كما بين ذلك البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم رقم الترجمة 115، والجرح والتعديل 4/54، وتهذيب التهذيب 4/65، والتقريب 1/303. وقد ذكره الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي رقم134 و584 وقال: ضعيف.
والحديث ذكره ابن كثير 3/200 برواية الإمام أحمد، ثم أشار إلى رواية الترمذي وابن ماجه، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/207 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني وابن مردويه.
[717]
وقد روى أحمد من حديث أبي هريرة والطبري من حديث أبي أمامة نحو حديث علي هذا1.
[718]
وكذا أخرجه من وجه ضعيف ومن آخر منقطع عن ابن عباس2.
[719]
أخرج الطبري وسعيد بن منصور من طريق خُصَيف3 عن
1 فتح الباري 8/282.
أما حديث أبي هريرة فأخرجه الإمام أحمد 2/508 حدثنا يزيد، أنا الربيع بن مسلم القرشي، عن محمد ابن زياد، عن أبي هريرة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض عليكم الحج فحجوا
…
فذكر الحديث نحوه. ولكن ليس فيه ذكر لنزول الآية.
نعم أخرجه ابن جرير رقم12804 من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة - فذكر نحو حديث محمد بن زياد، وفيه "فأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حتى ختم الآية. و"إبراهيم بن مسلم الهجري" هذا ضعيف، لكنه متابع، كما يشهد له ما قبله وما بعده.
وهو حديث أبي أمامة فأخرجه ابن جرير رقم12807 حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري، قال: حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر، حدثنا أبو مطيع معاوية ابن يحيى، عن صفوان بن عمر، حدثني سليم بن عامر، قال: سمعت أبا أمامة يقول: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فقال: "كتب عليكم الحج" - فذكر نحوه بأطول منه سياقا. وقد نقله ابن كثير في تفسيره 3/201 وقال: في إسناده ضعف.
2 فتح الباري 8/282.
أخرج ابن جرير رقم12808 من طريق عطية العوفي عن ابن عباس - بنحو حديث أبي أمامة، وفيه أن السائل رجل من بني أسد. والعوفي ضعيف.
وأخرج رقم12809 من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس - نحوه.
3 خُصيف - بالصاد المهملة مصغرا، ابن عبد الرحمن الجزري، أبو عون، روى عن عطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، صدوق، سيء الحفظ، خلط بآخره، ورمي بالإرجاء، مات سنة سبع وثلاثين ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/123-124، والتقريب 1/224.
مجاهد عن ابن عباس: أن المراد بالأشياء البحيرة والوصيلة والسائبة والحام. قال1 فكان عكرمة يقول: إنهم كانوا يسألون عن الآيات، فنهوا عن ذلك. قال: والمراد بالآيات نحو سؤال قريش أن يجعل الصفا لهم ذهبا، وسؤال اليهود أن ينزل عليهم كتابا من السماء ونحو ذلك2.
[720]
ذكر مسلم من رواية محمد بن زياد3 عن أبي هريرة "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا"، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم"، ثم قال: "ذروني ما تركتكم" الحديث4. وأخرجه الدارقطني مختصرا وزاد فيه فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
1 القائل هو خصيف.
2 فتح الباري 8/282.
أخرجه سعيد بن منصور رقم839، وأخرجه ابن جرير رقم12811 كلاهما من حديث عتاب بن بشير، عن خُصيف، به نحوه، بدون الزيادة من قوله "والمراد بالآيات نحو سؤال قريش " إلى آخره.
وسنده ضعيف لما تقدم من حال خصيف كما أن رواية عتاب عنه منكرة هكذا قال الإمام أحمد. انظر: تهذيب التهذيب 7/84. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/208 وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.
3 محمد بن زياد القرشي الجُمَحي مولاهم، أبو الحارث المدني، نزيل البصرة، روى عن أبي هريرة وغيره، وعنه الربيع بن مسلم وغيره، ثقة ثبت، ربما دلس. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 9/149، والتقريب 2/162.
4 فتح الباري 13/260.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رقم1337-412 - في الحج، باب فرض الحج مرة في العمر - حدثني زهير بن حرب، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الربيع بن مسلم القرشي، عن محمد بن زياد، به. وليس فيه ذكر لنزول الآية.
وأصله في صحيح البخاري رقم7288 من رواية أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بدون ذكر السبب، وبدون ذكر نزول الآية. ولفظه " قال صلى الله عليه وسلم:"دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم".
آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} 1.
[721]
وله شاهد عن ابن عباس عند الطبري في التفسير، فيه "لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم، فاتركوني ما تركتكم" الحديث وفيه "فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية2.
[722]
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال: لما نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية، كنا قد اتقينا أن نسأله صلى الله عليه وسلم فأتينا أعرابيا فرشوناه بردا وقلنا: سل النبي صلى الله عليه وسلم3.
1 فتح الباري 13/260.
أخرجه الدارقطني 2/181، وابن خزيمة في صحيحه رقم2508، وابن حبان الإحسان، رقم3704 كلهم من طريق الربيع بن مسلم، قال: حدثني محمد بن زياد، به. وعندهم جميعا ذكر نزول الآية.
2 فتح الباري 13/260.
أخرجه ابن جرير رقم12808 من طريق عطية العوفي، عنه، به. والعوفي ضعيف.
وأخرج رقم12809 نحوه من طريق علي بن أبي طلحة، عنه.
3 فتح الباري 13/266.
أخرجه الإمام أحمد 5/266 والطبراني في الكبير ج8/رقم7867 من طريق أبي المغيرة، عن معاوية ابن رفاعة، عن علي بن يزيد، عن القاسم مولى بني يزيد، عن أبي أمامة - بنحوه مطولا. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 1/204-205 وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير - وعند ابن ماجه طرف منه - وإسناد الطبراني أصح؛ لأن في إسناد أحمد علي بن يزيد، وهو ضعيف جداً، وهو عند الطبراني من طرق في بعضها الحجاج ابن أرطأة، وهو مدلس صدوق يكتب حديثه، وليس ممن يتعمد الكذب، والله أعلم. أهـ.
[723]
نقل ابن عبد البر عن رواية مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته "لا يسألني أحد عن شيء إلا أخبرته، ولو سألني عن أبيه"، فقام عبد الله ابن حذافة، وذكر فيه عتاب أمه له وجوابه، وذكر فيه "فقام رجل فسأل عن الحج، فذكره، وفيه فقام سعد مولى شيبة فقال: من أنا يا رسول الله؟ قال: أنت سعد بن سالم مولى شيبة، فيه فقام رجل من بني أسد فقال: أين أنا؟ قال في النار. فذكر قصة عمر قال: فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال1.
1 فتح الباري 13/270.
هذا مجموع من عدة أحاديث أخرجها مسلم، وساقها ابن عبد البر - كما نقل عنه ابن حجر - بسياق واحد.
فأخرج رقم2359-134 - في الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك، ولفظه "قال بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء. فخطب فقال:"عرضت علي الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا"، قال: فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه، قال: غطوّا رءوسهم، ولهم حنين، قال: فقام عمر، فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، قال: فقام ذاك الرجل فقال: من أبي؟ قال: "أبوك فلان"، فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ".
وأخرج رقم2359-137 من حديث أنس أيضا، ولفظه قال:"أن الناس سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال: "سلوني لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم" فلما سمع ذلك القوم أرموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر قال أنس فجعلت ألتفت يمينا وشمالا فإذا كل رجل لاف رأسه في ثوبه يبكي فأنشأ رجل من المسجد كان يلاحى فيدعى لغير أبيه فقال: يا نبي الله من أبي؟ قال: "أبوك حذافة" ثم أنشأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عائذا بالله من سوء الفتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم أر كاليوم قط في الخير والشر إني صورت لي الجنة والنار فرأيتهما دون هذا الحائط".
وأخرجه رقم2360-138 من حديث أبي موسى قال: "قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن =
قوله تعالى:
{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} الآية: 103
[724]
روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: البحيرة من الإبل كانت الناقة إذا نتجت خمس بطون، فإن كان الخامس ذكرا كان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى بتكت أذنها ثم أرسلت فلم يخزوا لها وبراً ولم يشربواً لها لبناً ولم يركبوا لها ظهراً، وإن تكن ميتة فهم فيه شركاء: الرجال والنساء1.
[725]
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: السائبة كانوا يسيبون بعض إبلهم فلا تمنع حوضا أن تشرب فيه2.
[726]
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الوصيلة الشاة كانت إذا ولدت سبعة فإن كان السابع ذكرا ذبح وأكل وإن كان أنثى تركت وإن كان ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها فترك ولم يذبح3.
= أشياء كرهها فلما أكثر عليه غضب ثم قال للناس: "سلوني عم شئتم" فقال رجل: مَنْ أبي؟ قال: "أبوك حذافة"، فقام آخر فقال: من أبي يا رسول الله؟ قال: "أبوك سالم مولى شيبة" فلما رأى عمر ما في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب قال: يا رسول الله إنا نتوب إلى الله وفي رواية أبي كريب قال: من أبي يا رسول الله قال: "أبوك سالم مولى شيبة".
وأصله في البخاري رقم7295 من حديث أنس بن مالك مختصراً، ولفظه قال:"قال رجل يا نبي الله، من أبي؟ قال: "أبوك فلان"، ونزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية".
1 فتح الباري 8/284.
أخرجه عبد الرزاق 1/197-198 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 8/284.
أخرجه عبد الرزاق 1/197-198 به سندا ومتنا مع الأثر السابق في سياق واحد.
3 فتح الباري 8/284.
أخرجه عبد الرزاق 1/197-198 به سندا ومتنا مع الأثرين السابقين في سياق واحد.
[727]
أخرج ابن مردويه من طريق خالد بن حميد المهري1 عن ابن الهاد - وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي - 2 عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "رأيت عمرو ابن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار"، وكان أول من سيّب السوائب، والسائبة التي كانت تسيب فلا يحمل عليها شيء، والبحيرة التي يمنع درّها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس. والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل، ثم تنثي ثانيا، فكانوا يسمونها للطواغيت3.
قوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً} الآية: 107
[728]
وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة "فإن عثر على أنهما استحقا إثما: إن اطلع منهما على خيانة"4.
1 خالد بن حميد المَهْر أبو حميد الإسكندراني، ذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: لا بأس به. مات سنة تسع وستين بعد المائة. أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وابن ماجه في التفسير. انظر ترجمته في: التهذيب 3/73، والتقريب 1/212.
2 يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، أبو عبد الله المدني، ثقة مكثر. مات سنة تسع وثلاثين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: والتقريب 2/367.
3 فتح الباري 8/285.
قال ابن حجر عقبه: وأخرجه أبو عوانة وابن أبي عاصم في "الأوائل" والبيهقي والطبراني من طرق عن الليث عن ابن الهاد بالمرفوع فقط. ثم عقبه قائلا: وظهر أن في رواية خالد بن حميد إدراجا، وأن التفسير من كلام سعيد بن المسيب، والله أعلم.
والحديث أخرجه ابن مردويه في تفسيره كما في تغليق التعليق 4/408 ثنا محمد بن أحمد، ثنا أحمد بن محمد بن عصم، ثنا أبو حفص عمر بن حفص الوصابيّ، ثنا محمد بن حميد، ثنا خالد بن حميد المهري، به.
4 فتح الباري 5/410.
أخرجه ابن جرير رقم19262 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، به. وزاد في آخره "أنهما كذبا أو كتما".
[729]
وعن ابن عباس "أن الآية نزلت فيمن مات مسافرا وليس عنده أحد من المسلمين، فإن اتهما استحلفا، أخرجه الطبري بإسناد رجاله ثقات1.
قوله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} الآية: 111
[730]
وصل ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس: سمي الحواريين لبياض ثيابهم، وإنهم كانوا صيادين، وإسناده صحيح إليه2.
[731]
وأخرج عن الضحاك أن الحواري هو الغسال بالنبطية، لكنهم يجعلون الحاء هاء3.
[732]
وعن قتادة: الحواري هو الذي يصلح للخلافة4.
[733]
وعنه: هو الوزير5.
1 فتح الباري 5/412.
أخرجه ابن جرير رقم12946، 12947 حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عنه - نحوه.
2 فتح الباري 7/80.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7006 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي عثمان النهدي عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عنه، به.
3 فتح الباري 7/80.
أخرج ابن أبي حاتم رقم7008 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثن الوليد بن القاسم، عن جويبر، عن الضحاك - نحوه. ولم يذكر فيه قوله "هو الغسال"، وإنما قال:"مرّ عيسى عليه الصلاة والسلام بقوم ضالين فدعاهم فأجابوه قال: فلذلك سمّاهم الحواريين، قال: وبالنبطية هواري، وبالعربية المجور". وفي إسناده جويبر وهو ضعيف.
4 فتح الباري 7/80.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7009 حدثنا أبي، ثنا ابن الطباع، ثنا إسماعيل بن علية، عن روح بن القاسم، عن قتادة - نحوه. ولفظه "قال: الحواريون هم الزمق تصلح لهم الخلافة".
5 فتح الباري 7/80.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7010 من طريق عبد الرزاق، قال: معمر، قال قتادة، به.
[734]
وعن ابن عيينة: هو الناصر، أخرجه الترمذي وغيره عنه1.
[735]
وعند الزبير بن بكار من طريق مسلمة بن عبد الله بن عروة2 مثله3.
[736]
وقال الزبير عن محمد بن سلام: سألت يونس بن حبيب عن الحواري: قال: الخالص4.
[737]
وعن ابن الكلبي: الحواري الخليل5.
1 فتح الباري 7/80.
ذكره الترمذي في جامعه 5/604 - في المناقب، باب 24 - عقب حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حواريا وإن حواريّ الزبير بن العوام".
2 مسلمة بن عبد الله بن عروة بن الزبير، روى عن زيد بن أبي عتاب، عن أبي سلمة، روى عنه محمد بن عمر. قال ابن أبي حاتم: خط عليه أبي وقال: هذا هو الواقدي. انظر: الجرح والتعديل 8/270.
3 فتح الباري 7/80.
ضعيف الإسناد، فإن مسلمة بن عبد الله بن عروة قد ضعّفه أبو حاتم كما تقدم في ترجمته.
4 فتح الباري 7/80.
5 فتح الباري 7/80.