المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد الباقي بن مراد العمري - الروض النضر في ترجمة أدباء العصر - جـ ١

[عصام الدين العمري]

الفصل: ‌عبد الباقي بن مراد العمري

‌عبد الباقي بن مراد العمري

(1)

عمي عبد الباقي.

فاضل كامل، وكامل فاضل. جبلت طينته بماء الرئاسة، وسارت فواضله بأنواع المكارم والنفاسة. ففضله آية النهار، ومجده هلال جميع الأمصار. ملك زمام الفوائد، فحسن المبادئ والمقاصد. وصاغ قلائد المجد لجيد العلا، ونظم عقود اللآلي لكل الملا.

البسه الله ثياب العلا

فلم تطل عنه ولم تقصر

نظم ونثر، وهطل فقطر. فكان في الشعر أبلغ من أبي نواس، وفي الذكاء أفرط من إياس (2). حتى اخبرني الوالد الماجد رحمه الله عن فرط ذكائه أنه قال: كان مصطفى البصير (3)،

(1) هو عبد الباقي بن مراد اخو علي ابى الفضائل وكان أصغر من أخيه ومات شابا سنة 1109 ولم يعقب. قرأ العلوم كلها على شيوخ الموصل، ودرس وحدث. سافر الى القسطنطينية واجتمع بعلمائها وأخذ عنهم، وتخرج في الروم عليه ناس كثير. ومدح شيخ الاسلام وقاضي العسكر.

وطالب باعادة تدريس الحضرة اليونسية فاعيدت إليه. وولي قضاء سبع ولايات وكان فاضلا أديبا شاعرا. أخباره في منهل الادباء 1: 227 وشمامة العنبر وتاريخ الموصل 2: 145 ومنهج الثقات. والعلم السامي.

(2)

هو إياس بن معاوية بن قرة المزني قاضي البصرة، يضرب المثل بذكائه. توفي سنة 122 هـ.

(3)

هو الشيخ مصطفى بن الملا لطفي كان بصيرا متقنا للعلوم الشرعية والتجويد والقراءة عارفا بانواع المعقول خبيرا بالتفسير والاصول. وكان مدرسا قرأ عليه جماعة وكان شاعرا توفى سنة 1134 هـ وله عدد من المؤلفات انظر (مخطوطات الموصل) اخباره في منهل الادباء 1: 280 وفي الدر المكنون.

ص: 51

في المعارف خبير، وكان في الحفظ لا يقبل النظير. وكان يلازم المومى اليه، ويجعل معوله دون الناس عليه. ويلازم ناديه، متوقعاً لنثار أياديه. وقد أرجت منه نوافج الند، وماست معاطف الرند. وهو في مجلسه، متشرف بتأنسه. فيتناشد الأشعار ويتذاكر عن مواقع النثار، في تلك النضار. ويتفكهون بالنشيد ويتسامرون بالقصيد. فينتعش البصير ويتمايل، ويهتز طرباً بكل ما يتناول. ويحفظ قصائد من نشيد واحد، ويدعي سماعه في الزمان المتباعد. وينشدها فإذا هو كما قال، من غير ضميمة نقص واختلال. فيهتز عمي به طرباً، ويستخرج من معادن فكره جواهر وذهبا.

وكان في الغاية سريع النظم، قوي الفهم، منظوم الكلم.

غريب النباهة، عجيب البداهة. رايق النشيد، فائق النظم والقصيد. فنظم مرة قصيدة، كاللئالئ (1) نضيدة. وهي في بابها عجيبة، وحشية الألفاظ غريبة. متقاربة الألفاظ، مشكلة على الحفاظ. من قبيل ما ذكره صاحب المستطرف (2) نقلا عن الأصمعي (3) قوله:

صوت صفير البلبل

هيج قلب الثمل

امتحانا للبصير، وتجربة لحفظه الغزير. فلم يسعه حفظها. وسلم

(1) في الاصلين كاللئالي.

(2)

المستطرف في كل فن مستظرف. ومؤلفه محمد بن أحمد أبو الفتح الابشيهي المتوفى سنة 850 هـ وطبع المستطرف عدة طبعات وترجم الى الفرنسية.

(3)

الاصمعي عبد الملك بن قريب الراوية المشهور المتوفى سنة (216) هـ.

ص: 52

له بالذكاء والفهم بالحال، وجرت مداعباتهم على هذا القبيل والمنوال. فكان يتأسف الوالد على فقده إذ مات شاب وفات هباب (1)، وغابت شمس فضله في التراب.

فمن منظوم نظمه قوله يمدح قاضي العسكر يحيى بقصيدة وهي:

كيف حال امرئ (2) يبات شجيا

ساهر الطرف لا يزال بكيا (3)

مولع القلب ليس ينفك يملي

صحف البين بكرة وعشيا

كلما هبت الصبا من أقاصي

شعب حدبائه تزايد غيا

وتردى برد السقام وأضحى

شوقه في طوى الضلوع وريا

وتلافى بعد الديار فنادى

ربه في الدجى نداءً خفيا (4)

كيف أنسى من أرضعتني أفا

ويق اغتباط وكان بالي رخيا

وطني موئلي قرارة صفوي

دار أنسي ما بت فيها شقيا (5)

كل يوم لي اجتلاء جديد

في رباها وناظري يتحيا

بين ورد ونرجس وأقاح

وصحاب بيض الوفا والمحيا

فسقى الله ساحة الجوسق ال

فرد من الديمة المسحة ريا (6)

كم ليال مرت بها ذات أنس

حادث الدهر كان عنه غبيا

زمن قد سحبنا فيه فضول ال

عيش بالأنس لا نخاف غويا (7)

(1) كذا في الاصلين وصوابه شابا، وهبابا ولكنه التزم الخطأ لتستقيم له السجعة.

(2)

في الاصلين: امرء.

(3)

في الاصل: لم يزال.

(4)

في الاصلين: في الدجا.

(5)

في الاصل: مؤلي.

(6)

في الأصلين: المسيحة.

(7)

في الاصلين: فصول.

ص: 53

تركتنا أيدي النوى بعده اليو

م بقلب بالهم أمسى مليا

نتلقى الخطوب يوماً فيوما

ونوافي من المكاره غيا

أأعاني من الهوى ما أعاني

وملاذ الورى غدا لي وليا

ذاك قاضي عساكر الروم من قد

أصبح الفضل بين برديه طيا

ذاك يحيى بن صالح في المعالي

والموالي من لا يزال صفيا

ألف العلم والمروءة والسؤ

دد والجود منذ كان صبيا

قلدته جدوده صارم المجد

علاء فحاز كف الثريا

وغدا يجتني ثمار المزايا

حيث ما كان يابسا وطريا

ورقى ذروة الفضائل حتى

جعلته أولو العلاء وصيا

تترامى صرعى لديه الأماني

فتلاقي كنز الرخاء جليا (1)

ما أتاه المقل إلا وأمسى

بعد إقلاله المهيض غنيا

يا عزيز الوجود يا كعبة الجو

د ويا من غدا عزيزاً سنيا

إن لي حاجة إليك فحقق

بك ظني فلا برحت رضيا

بسلام حيث اتجهت وتمسي

اين ما كنت بالسعود نجيا

فاقض لي حاجة وفز بدعائي

بانفصال ففيه أغدو سميا

لا برحت الرشيد في كل أمر

سنداً مسنداً سعيداً عليا

*** وله وقد مدح بها الصدر الشهيد علي باشا:

بشرى لقد جاء نصر الله منذولي

سعد الصدارة مولانا الوزير علي

بدر الوزارة شمس الدين من فخرت

به الليالي على أيامها الأول

(1) في الاصل: المعالي بدل الأماني.

ص: 54

نتيجة الدهر فرد العصر من طبعت

أخلاقه بصحيح القول والعمل

مغني الألوف ووهاب الألوف ومن

بعدله زال قبح الجور والخلل

مولى لو استامه الراجي لصيره

بجوده يصحب الدنيا بلا أمل

له يد لو يباهيها السحاب لما

شام الورى غير صوب العارض الهطل

معاشر الكفر زال الضر وانفرجت

طرق الفتوح بهذا الضيغم البطل

هذا الذي خافه الدهر الخئون وقد

أطاعه بزوال الحادث الجلل

فلا يغرنكم تكثير جمعكم

فسيفه الموت فيه سابق الاجل

هبوا قبيل استداد السبل ويحكم

إلى الفرار وملء السهل والجبل (1)

أو فى السلامة في التسليم لو سلمت

عقولكم لا بجم الجمع والحيل

بشراك يا أيها الصدر الخطير ومن

شاعت مناقبه في معظم الملل

فالسعد والنصر مقرون كما رقموا

في الكتب في يمنك المضروب بالمثل

(1) في الاصلين: ملأ

ص: 55

فسر لنصرة دين الله معتصما

بالله انك محفوظ من العلل

يا من غدا بسخاء الكف مشتهراً

ومن له كل أمر في الأمور جلي

طال اغترابي حتى حن راحلتي

ورحلها وقرى العسالة الذبل

فارحم فديتك من جلت نوائبه

واشتاق للأهل والأصحاب والطلل

عبداً غريباً بعيد الدار صيره

هذا الزمان بلا خل ولا خول (1)

مستلقياً ببلاد الروم ليس له

خل يوازره في دهره العطل

لا زلت مفتاح باب البشر متزرا

بالفتح والنصر مقروناً وأنت علي

*** والشيء بالشيء يذكر، وتلك قاعدة عند أهل الأدب لا تنكر. في سنة أربع وستين ومائة وألف، من هجرة من له المجد والشرف اتفق لي سفرة إلى بلاد الروم، ونهضة إلى تلك المعالم والرسوم.

وامتدت الغربة إلى أربع سنين وأيام، وقد عاركت فيها الأمور الجسيمة العظام. وأقمت في تلك المدة أتدرج في مسارحها،

(1) في ب: عبد بعيدا غريب الدار.

ص: 56

واتصرف في منازهها ومسائحها. وكانت لي تلك البلاد نزهة أربت على نزه الحدباء والرصافة (1)، وأنافت عليها أي انافة.

وفي أثناء ذلك المقام، وفي خلال اتساق الأنس والانتظام، صادفت ما أزعجني وإلى حب الوطن هيجني. وتبدلت انعامات الدهر بوسا، وانقلب ابتسامه عبوسا. وأنحفني البعد وميلني، وأنهلني القلق وعلني. وحنيت إلى الوطن حنين العاشق إلى الخدود النواضر، فأنشأت قصيدة على هذا الوزن والروي فوقع الحافر على الحافر. وهي:

ما فاح نشر صبا تلك المعالم لي

إلا وأذريت دمع العين في وجل

ولا شدا الورق في أيك على فنن

إلا وصرت لشوقي عادم المقل (2)

ولا تذكرت أوطاني ومنزلتي

إلا وأيقنت إن العز بالنقل

أين العراق وتلك الدار أين سنا

تلك الجنان ففيها قد حلا غزلي (3)

أين الأهيل أصيحابي بنو أدبي

يا حسرتي لفراق الأهل والخول

(1) يريد بالحدباء: الموصل، وبالرصافة: الجانب الشرقي من بغداد.

(2)

في الاصل: شدى. وفي سلك الدرر 3: 165 جاري المقل بدل عادم المقل.

(3)

في الاصل: حلى غزلي.

ص: 57

ففي تذكرها زاد الغرام وكم

قد زدت وجداً بذكرى عيشها الخضل

لله إذ كنت فيها في صفاً وهناً

وطيب عيش مضى أحلى من العسل (1)

إذ كنت من حادث الأيام في دعة

مصان من كل سوء حائز الأمل (2)

مبلغا من لدن دنياي كل هنا

مؤملا كل صفو غير منتقل (3)

العيش فيها لذيذ قد حلا وغلا

ونلت فيها منى خال من الزلل (4)

والدهر قد ضمنت أيامه جللا

وأكمنت لي ليالي السود للجلل

فما شعرت بغدر الدهر من سفه

وما انتبهت له حتى تنبه لي

فصار يلفظني أيدي سبا حنقا

على معاملتي إياه في الأزل

يوما بحزوى ويوما بالعقيق وبال

حزون يوما ويوما ذروة الجبل

(1) في الاصل: صفى.

(2)

كذا فى الأصول وصوابه: مصانا

(3)

في الاصول: مبلغ وصوابه مبلغا

(4)

كذا في الاصول «منى خال» وهو خطأ وصوابه خالية ولكن الوزن لا يستقيم الا بالخطأ فاثبتناه. والخطأ كثير في شعره. وفي سلك الدرر الغيث فيها لذيذ ولعل الصواب العيش فيها لذيذ.

ص: 58

والعز يوماً ويوماً رفعة وعلا

والذل يوماً ويوماً رتبة السفل

فانحل عقد اصطباري لوعة وغدا

صحيح حالي محل الفكر والعلل

فصرت لا أهتدي من عظم غائلتي

إلى طريق الهدى للختل والغيل (1)

أبيت حلف السها والعجز يبعدني

عن السهاد ملي القلب من وجل

كيف الوصول وهذا الدهر يقعدني

عن النهوض إلى لذاتنا الأول

بذلت جهدي ولم تنفع مجاهدتي

واحتلت فيه فلم تنفع به حيلي

ظللت في الروم حيراناً وذا كمد

وذا أسى وجوى أرعى مع الهمل (2)

فلا صديق يرجى يوم حادثة

ولا اخا ثقة ينفعك في جلل (3)

فالشهم ذو المجد من يعرف حقيقته

ولم يكل أمره للعجز والكسل (4)

(1) في الاصول للختر.

(2)

في الاصل ذوى كمد وذو اسى وفي ب ذو كمد وذو اسى

(3)

في الاصل: ولا أخي. وقد جزم الفعل ينفع من غير جازم ليستقيم له الوزن.

(4)

جزم يعرف من غير جازم ليستقيم الوزن.

ص: 59

«وإنما رجل الدنيا وواحدها

من لا يعول في الدنيا على رجل» (1)

فالدهر ذو الغدر لا يصفو إلى أحد

فدع مكائده للغدر واعتزل

فكم صفا قبلنا للطالبين له

أيام حتى أخذهم غير محتفل

وكم اعز وكم ذلت به دول

وكم أناخ له من فارس بطل

وظل في رفع أنذال ذوي سفه

أراذل من ذوي الأوغاد والسفل

وهذه سنة الدهر الخئون فكم

أنال شخصاً رذيلا أعظم الدول

وألبس الحر أثواب الرذالة وال

هوان بعد سني الحلي والحلل

فصار بعد نعيم العيش في غصص

يبيت منها ملي البال غير خلي

تبت يدا قلبه أضحى أبا لهب

وذا أسى وعنا حيران ذا ملل (2)

أوقاته كلها للحزن مصحبة

وعن مكابدة الآلام لا تسل

(1) تضمين لبيت الطغرائي في قصيدته المشهورة بلامية العجم.

(2)

في الاصل: ذو أسى، وذو ملل. وفي ب: عنى.

ص: 60

فاصبر على المركي تلقى حلاوته

فان نيل العلا قسم من الأزل

وكن إذاً هدفاً في كل حادثة

«فربما صحت الأجسام بالعلل» (1)

واشدد لها حزم صبر غير مضطرب

واسلك لنيل مناها أصعب السبل

وانهض لنيل العلى واركب لها خطراً

ولا تكن قانعاً في مصة الوشل

فهامة المجد عندي ليس يركبها

من كان يقنع من دنياه بالبلل

فكن أبياً نبيها غير مكترث

بحادث الدهر واسمع صحة المثل

إذا عراك عناء الضيم في بلد

فانهض إلى غيره في الأرض وانتقل

من كان ترقى إلى الجوزاء همته

فغير صنع الليالي غير محتمل

وحيث ينقصك قرب الخلق منزلة

فاحذروكن عن تعاطي الغير في شغل (2)

وكن عن الخلق مهما اسطعت مجتنباً

فان قربهم ضرب من الشلل

(1) الشطر الاخير تضمن من لامية الطغرائي.

(2)

جزم الشاعر ينقصك من غير جازم.

ص: 61

فالناس أجناس إن عاشرت أكثرهم

ألفيت باطنهم فجاً من الدغل

«فجانب الخلق واصحبهم على حذر

فإن صحبتهم نوع من الخطل» (1)

إن رافقوا نافقوا أو صادقوا فإذاً

لم يصدقوا فإلى ما خذله الخجل

فالزم نصيحك واحذر كل غائلة

فغير ذلك معدود من الخبل

ومن شعر صاحب الترجمة قوله في المديح يمدح والده:

أسهرني ذكري لذات الوشام

وقرح الأجفان هجر المنام (2)

وأضرمت في القلب نار الجوى

لما رأت عيناي تلك الخيام

هيفاء إن ماست تخلي الحشى

من مقلتيها مثخناً بالسهام

لو صنم عابده إن رأى

طلعتها يوما لصلى وصام

أو قوم لوط أبصروا حسنها

لما استحالوا دهرهم للغلام

(1) الاصلين فالخلق لا الخلق.

(2)

كذا في الاصلين: طيب المنام والمعنى لا يستقيم به. والوشام جمع وشم.

ص: 62

أو أن هاروت رأى لحظها

لقال إني قد تركت الحرام

يا طيفها ذرني لكي تنطفي

نار التي قد وقدت بالعظام

وبلغ الشوق إليها عسى

تجود للمضني برد السلام

وربما تسمح لي أن أرى

ذاك اللمى والجيد والابتسام (1)

اخبرها عن حالي ونوحي الذي

علم فوق الأيك نوح الحمام

لعلها يوماً تصل مدنفا

صيره الهجر شبيه الحطام (2)

مع أنه لم يدر طرق الهوى

والرأس منه قد غدا كالثغام

دعها وروحي لا أريد الفدى

قتلي حلال وعليها السلام

لا عجب إن لامني لائم

لأنه قبل يرى الخال لام

عدمته ما كان في لومه

إلا ضريرا وعديم الكلام

(1) في الاصلين: اللما.

(2)

جزم الشاعر الفعل تصل من غير جازم ليستقيم له الوزن.

ص: 63

ما باله هل إنه ما درى

حتى غدا مستنداً للملام

نعم فلو شاهدها لاغتدى

صريع لا يدري الضيا والظلام (1)

فإنما بدر السما خادم

من حسنها قد استعار التمام

فاعجب لخال كافر عابد

لنار خد زائد الاضطرام

ما عجب هذا ولكن ما

مثلي غلام في هواها استهام

لا أعرف العشق ولا أدره

لان عهدي لقريب الفطام (2)

اخترتها مالكة لي وما

يوما تقل بشراي هذا غلام (3)

سقيت يا داراً لها هاطلا

من صيب المزن وسح الغمام (4)

كم جليت فيك شموس الضحى

على قدود مائسات القوام

أعرت غصن البان لينا فلو

سلبته ما مال كلا وقام

(1) كذا في الاصلين والصواب صريعا.

(2)

جزم ادره من غير جازم ليستقيم له الوزن.

(3)

جزم تقل من غير جازم ليستقيم له الوزن.

(4)

في الاصلين: هاطل وفي ب: من طيب المزن.

ص: 64

لله كم جند لمن مغرم

طريح لا يصحو ليوم القيام (1)

تركن كل الناس في حبهم

يعذرهم عذري الهوى في الهيام (2)

هذا اصفرار الشمس فيما ترى

لما برزن وأزلن اللثام

أما ترى الورقاء في أيكها

ساجعة تتلو حديث الغرام (3)

لا كان يوم حملوا للسرى

وخلفوا المضني حليف السقام

حيران ولهان سليب القوى

ظمآن لا يرجى وان كان دام

لما رأيت العيس قد أشعرت

وأقلعوا في أثرها كالنعام (4)

بكيت دمعاً بدم سائح

من مقلة قرحها الانسجام

فقلن دع هذا وعن ذكر من

في مدحه لو كان قيس لهام

(1) في الاصل يصحوا.

(2)

في ب: يغدرهم غدر الهوى.

(3)

في الاصل تتلوا.

(4)

في الاصل: اشرعت واقتفوا في آثارها كالنعام.

ص: 65

واترك سبيل الغي والزم إلى

جناب عز جاره لا يضام

ذاك مراد الفضل من بابه

كعبة جود كل يوم ترام

محتجب بالجود يوم القرى

متوج بالمجد بين الأنام

غوث اليتامى كنز جود له

من جوده في كل جيد زمام

ما كل من يبغي العلا سيد

كلا ولا من في المعالي إمام

لو كل مرفوع غدا ناصبا

لارتفع الجيش وحط القتام

فإنما الفخر إلى من له

شاهده صم الحصا والآكام

أما ترى الحدباء في عزها

تحسدها زوراء دار السلام (1)

أما ترى الأعداء قرت له

وصار يسعى نحوه كل هام (2)

(1) الزوراء صفة لمدينة السلام التي بناها المنصور وصفت بذلك لازورار اي انحراف قبلتها ويقصد بدار السلام مدينة السلام ولم تسم حين سميت بدار السلام

(2)

هام جمع هامة وهو رئيس القوم

ص: 66

ما شاهدت هيبته ساعة

وإلا وخرت سجداً كالفدام (1)

له يراع ما بكى وارتكى

الا وهام الجود يسقى الركام (2)

كالبحر بل استغفر الله قد

أخطأت في قولي لهذا الكلام

فإنما أبحره عشرة

وكل بحر ما له من صرام (3)

يا أيها الأعداء ما بالكم

قطعتم دهركم بالخصام

وليس لله بمستنكر

أن يجمع العالم في ذا الهمام (4)

هذا المعني وهو اجتماع العالم في واحد معنى متداول قد تداوله الشعراء ومنه قوله السلامي (5) من قصيدة:

إليك طوى عرض البسيطة جاعل

قصارى المطايا أن يلوح بها القصر

(1) الفدام جمع فدم وهو العي والغليظ الاحمق الجافي

(2)

ارتكى لعله استعمله افتعل من ركا أي حفر الركية وهي البئر. ولم يرد ارتكى بهذا المعنى.

(3)

صرام: مصدر صارم مزيد صرم بمعنى قطع.

(4)

البيت مأخوذ من قول ابي نواس يمدح الفضل بن الربيع

ليس على الله بمستنكر

أن يجمع العالم في واحد

وما ذكره المؤلف بعد هذا ليس من كلامه وانما نقله من كتاب ثمرات الاوراق لابن حجة (ص 40)

(5)

السلامي: محمد بن عبد الله بن محمد المخزومي القرشي، ابو الحسن السلامي، من أشعر أهل العراق في عصره، وهو من شعراء اليتيمة. توفي سنة 393 هـ. والسلامي نسبة الى مدينة السلام (بغداد).

ص: 67

وكنت وعزمي في الظلام وصارمي

ثلاثة أشياء كما اجتمع النسر

فبشرت آمالي بملك هو الورى

ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر

قال ابن خلكان (1) هذا هو على الحقيقة السحر الحلال، والماء العذب الزلال. وقد اخذ هذا المعنى القاضي الارجاني (2) فقال:

يا سائلي عنه لما جئت أمدحه

هذا هو الرجل العاري من العار (3)

لقيته فرأيت الناس في رجل

والدهر في ساعة والأرض في دار

ولكن أين هذا من ذلك وأين الثريا من الثرى.

ولأبي الطيب المتنبي في هذا المعنى:

هو الغرض الأقصى ورؤيتك المنى

ومنزلك الدنيا وأنت الخلائق

ومع هذا فليس لأحد طلاوة بيت السلامي وعذوبته.

ومنها:

يا أيها الفاضل في عصره

ومن له في كل فن مقام

(1) قاضي القضاة شمس الدين ابو العباس احمد بن محمد .. ابن خلكان البرمكي الاربلي المتوفى سنة 681 هـ وهو صاحب التاريخ المشهور «وفيات الاعيان وانباء ابناء الزمان» ترجمته في آخر الجزء الثاني من الكتاب.

(2)

هو القاضي ابو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الارجاني الملقب ناصح الدين كان قاضي تستر وعسكر مكرم وله شعر رائق. ذكره العماد الكاتب الاصبهاني في الخريدة وتوفى سنة 544 هـ.

وديوانه مطبوع في بيروت عام 1307. اخباره في وفيات الاعيان لابن خلكان 1 - 59.

(3)

في الاصلين: العاري من العاري.

ص: 68

هنيت في ذا العيد يا عيده

وحزت في شهرك أجر الصيام

وفزت في ليلة قدر غدت

منصوصة بالخير في كل عام

هلال شوال كرام الورى

وأنت في ذا الدهر بدر التمام

خذها إلى علياك يا سيدي

وإن تكن مقصورة في النظام

لا عتب ان قصر مدحي لكم

مالي وللقول وأنت الامام

لا زلت ترقى في العلا مسعداً

في رتبة تختالها باحتشام

ودولة ما فاح نشر الصبا

وما شذا العطر ونشر الخزام

وكلل الطل خدود الربى

وابتسم الزهر عن الاكتتام

هذا دعائي وثنائي لكم

ما دمت في الدنيا لفض الختام

وللقاضي محي الدين بن عبد الظاهر (1) قصيدة مثلها، منسجمة الألفاظ والمعاني لا بأس بذكرها:

(1) هو محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان الجذامي السعدي، المصري القاضي، أديب ومؤرخ له شعر جيد توفي سنة 692 اخباره في فوات الوفيات 1: 212 - 219.

ص: 69

يا جفن عيني قد جفاك المنام

فاقرأ على الطيف الطروق السلام

وأنت يا قلبي لا تعتقد

أنك تنجو فالغريم الغرام (1)

تروم سلوانا وتصبو إذا

ما قيل قد أومض برق الشآم

هيهات هيهات ترى ناجيا

وأنت مرشوق بتلك السهام

وقد تبدى لك غصن النقا

مع لينه يحمل بدر التمام (2)

بدر اذا عاين بدر الدجى

يقول يا بشراي هذا غلام (3)

مجوهر الثغر له ريقة

أظنها شيئاً تسمى المدام

تزاحم النمل على وردها

«والمنهل العذب كثير الزحام» (4)

ظبي من الترك ولكنه

من عارضيه قد أدار اللثام

(1) في الاصل: تخبوا.

(2)

في الاصلين: تبدا.

(3)

في الاصلين: الدجا.

(4)

الشطر الاخير تضمين.

ص: 70

ذو منطق بعت به مهجتي

فكيف من يبتاعها بالكلام

في خده الحسن غدا مودعا

أما ترى الخال عليه ختام

وأحسن منها قصيدة الأديب البارع تقي الدين أبي بكر ابن حجة (1) التي أولها:

خاطبنا العاذل عند الملام

بكثرة الجهل فقلنا سلام

فإنه أجاد بحسن الابتداء، وهو حسن المطلع، فإنه عبارة عن أن يكون مطلع القصيدة واضح المعنى، صحيح السبك، خليا من الحشو والتعقيد، سهل الألفاظ غير متعلق بما بعده، متناسب القسمين، ومن أخل بشيء من ذلك لم يكن يأتي به. والمستوفي منه قول المتنبي:

أتراها لكثرة العشاق

تحسب الدمع خلقة في المآقي

واكتفت الأدباء بحسن الابتداء عن براعة الاستهلال، وهو أن يأتي الناظم أو الناثر بابتداء كلامه بما يستدل به على المقصود من غير توقف على ما بعده، كقول مهيار الديلمي (2) في

(1) هو تقي الدين ابو بكر بن علي بن محمد بن حجة القادري المشهور بابن حجة الحموي المتوفى سنة 837 هـ. منشئ دواوين الانشاء بالديار المصرية والممالك الاسلامية وكان أديبا شاعرا، أخباره في شذرات الذهب وفيات سنة 837. والضوء اللامع للسخاوي. وحسن المحاضره 1:274.

(2)

هو مهيارين مرزويه الديلمي المتوفى سنة 428 هـ كان مجوسيا فاسلم على يد الشريف الرضي وله ديوان باربع مجلدات مطبوع. أخباره في تاريخ بغداد، وابن خلكان وابو الفداء والباخرزي.

ص: 71

قصيدة له حين وشي (1) به إلى ممدوحه، فتنصل من ذلك بألطف عذر، وأبرزه في معرض الغزل والتشبيب، وهو:

أما وهواها حلفة وتنصلا

لقد نقل الواشي إليها فامحلا (2)

وللمتني في مرثية يرثي بها أم سيف الدولة:

نعد المشرفية والعوالي

وتقتلنا المنون بلا قتال

وينبغي للبليغ الاجتهاد بجميعها، لان سبب تسميتها براعة الاستهلال فهم المقصود من ابتداء كلامه، كما ترى مما ذكرنا.

والقصيدة برمتها هي هذه:

خاطبنا العاذل عند الملام

بكثرة الجهل فقلنا سلام

ما لامنا من قبل لكنه

لما رأى العارض في الخد لام

وليس لي من عشقه مخلص

لكنني أسأل حسن الختام

والجفن في لجة دمعي غدا

من بعده يسح شهراً وعام

ونار خديه التي أضرمت

عذابها كان لقلبي غرام

اخترته مولى ويا ليته

لو قال يا بشراي هذا غلام (3)

سلامه يبخل فيه وما

قصدي إلا رده والسلام

عني حمى الثغر بألحاظه

وكان حالي معه بانتظام

(1) في الاصل: وشا.

(2)

في الاصلين: خلفة وتنضلا. وقد نقل المؤلف كلامه عن مهيار من خزانة ابن حجة (ص 9) وفيها «في معرض التغزل والنسيب» .

(3)

في الاصلين: بشرا.

ص: 72

وفيه قد زاحمني شارب

«والمنهل العذب كثير الزحام» (1)

لبرق هذا الثغر كم عاشق

قد هام جداً بين مصر وشام

دمعي ونظمي في هواه غدا

يألف كل منهما الانسجام

مالي سهم قط من وصله

لكن من اللحظ لقلبي سهام

مذحل ذاك الشعر قلبي غدا

يرقص لكن رقصه في الظلام (2)

ماس وقد غطى بأكمامه

خديه خوفاً من عيون الأنام

فقلت ما ألطف غصن النقا

وأحسن الورد الجني في الكمام

جرت دموعي حين قبلته

فهل رأيت البدر تحت الغمام

وقال لي نظمك بين الورى

معظم ذو شرف واحتشام

فقلت نظمي علوي ولى

غدا علي في البرايا امام

(1) الشطر الاخير تضمين.

(2)

في ب: ذاك الثغر.

ص: 73

ومن شعر صاحب الترجمة:

تبدت فكاد البدر أن يختفي قهرا

وأما نجوم الليل ما ظهرت طرا

مليحة خدر لا يرى الدهر مثلها

وإن شط في حزن وسهّل واستقرا

تريك فعال البيض والسمر في الوغى

إذا نظرت تيهاً وان خطرت سحرا

فلا وأبيك الغر ما هام عاشق

بها واعتلى في ملك قيصر أو كسرى (1)

رأتني مشوقاً مغرماً فتمايلت

بقامة هيفا تخجل الصعدة السمرا

فلاح بخديها بياض وحمرة

فقلت اجتماع قد تولد يا بشرى (2)

فشاكت فؤادي ثم داوت بجفنها

فخيل لي من طرفها أخذوا السحرا

فقلت لأصحابي بها آمنوا فقد

رأيت بعيني أنها الآية الكبرى (3)

ومذ علمت أني فتنت بحبها

فغضت حياء فهي ترمقني شزرا

(1) في الاصول: كسرا.

(2)

في الاصلين: يسرا.

(3)

في الاصل: الكبرا.

ص: 74

بزند كبلور ليستر وجهها

وما شعرت أن سوف يقضي لنا أجرا

أرادت لتخفي فتنة من جمالها

بمعصمها فاستأنفت فتنة أخرى (1)

ألمت بي الأحزان مما تسترت

فهمت فلم أدر يمينا ولا يسرى (2)

وساومت منها الضرب والجسم لم يكد

يبين وان بانت فقوته قسرا

في هذا البيت إشارة إلى قول أبي الطيب المتنبي (3):

أبلى الهوى أسفا يوم النوى بدني

وفرق الهجر بين الجفن والوسن

روح تردد في مثل الخيال إذا

أطارت الريح عنه الثوب لم يبن

كفى بجسمي نحولا أنني رجل

لولا مخاطبتي إياك لم ترني

ذكر علماء البديع إن هذا «لا يمتنع عقلا أن ينحل الشخص حتى يصير مثل الهلال (4) ولا يستدل عليه إلا بالكلام، إذ الشيء

(1) في الاصل: آخرا، وفي ب: عصصها.

(2)

في الاصلين: يسرا.

(3)

الأبيات قالها المتنبي في صباه، وفي الديوان «في مثل الخلال» .

(4)

كذا في الأصلين، وفي خزانة الأدب لابن حجة التي نقل عنها هذا الكلام (ص 228)، وقد وضعناه بين قوسين، «مثل الخلال» يريد عود الخلال والخلال عود تخلل به الاسنان.

ص: 75

الدقيق إذا كان بعيدا لا يرى، بخلاف الصوت. ولكن صيرورة الشخص في النحول إلى مثل هذا الحال ممتنع عادة».

لكن الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض (1) أخذ هذا المعنى الدقيق ووشحه بنفائس العقود حيث قال من قصيدة:

كأني هلال الشك لولا تأوهي

خفيت فلم تهد العيون برؤيتي

وقوله من أخرى:

كهلال الشك لولا أنه

أن عيني عينه لم تتأي

فأين هذا من ذاك؟ فان المتنبي نفى الوجود، والشيخ رضي الله عنه أثبته لكن بالنحول كهلال الشك. والصدق والارتكاب بينهما واضح، وعلامات السعادة على أحد (2) الكلامين لائح.

ومنه قول ابن حجة من قصيدة نبوية، عارض فيها كعب بن زهير (3):

(1) هو أبو حفص وأبو القاسم عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد الحموي الاصل المصري المولد والدار والوفاة المتوفى سنة 632. وهو أشعر الصوفية وطبع ديوانه مرات عديدة وترجم الى الايطالية (انظر معجم المطبوعات العربية). والبيت الأول من قصيدته التي مطلعها:

نعم بالصبا قلبي صبا لاحبتي

فيا حبذا ذاك الشذا حين هبت

والبيت الثاني من قصيدته التي مطلعها:

سائق الاضعان يطوي البيد طي

منعما عرج على كثبان طي

(2)

في الاصل: احدى.

(3)

كعب بن زهير بن أبى سلمى شاعر مخضرم اهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه ثم جاءه مستأمنا فاسلم ومدحه بقصيدته المشهورة التي مطلعها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم اثرها لم يفد مكبول

فعفا عنه وكساه البردة. وهذه القصيدة هي التي عارضها ابن حجة، .

ص: 76

وفوق طرس مشيبي أرخوا تلفى

وذلك الطرس فوق الرأس محمول

وقد تجاوز جسمي حد كل ضنى

فها أنا اليوم في الأوهام تخييل

*** ومنها:

فلو مر بي واش لغادر ميتا

صريع الغواني بات ينتظر الحشرا

كتمت ولي نفس تذلل في الهوى

فأنفاسها حرى وأدمعها عبرى (1)

ومن قبل هذا كان عشقي مضمراً

خفياً ولام العهد مستغرقاً سرا

ولكن دمعي مظهر وشواهدي

تخبر أن الهجر قد قصم الظهرا

وما كان لي عطفا ولا خبرا أرى

من الوصل كلا لا ولا جملة صغرى (2)

ولما دعاني الصد حرفا مضارعاً

ملياً من الحالين ساومني ضرا

رفعت لها رأسي وعهدي بنصبه

ولكن حالي فيه قاعدة أخرى (3)

(1) في الاصلين: عبرا.

(2)

في الاصلين: صغرا.

(3)

في الاصل: اخرا.

ص: 77

فما نظرت نحوي ولا رق طرفها

لما بي وماست والقلوب لها جسرا

فلا هي من دمي تحل ولا ازدهت

سبيل الأماني ما اقتضت سرمداً هجرا

تحيرت في أمر اللقاء فسلطت

علي النوى فاستمطرت أدمعي تترى (1)

ألا أيها الركب العراقي بلغوا

أحباي قتلي واعظموا لهم الأجرا

وقولوا لهم إن غالني غائل النوى

فلا يجزعوا بل يحسنوا بعدي الصبرا

فما مت حتى شيد الصد والجفا

نحولي واستوفت منابتي الفخرا

وحى شفيت النفس من كل عاذل

وأبقيت في أعقاب من عشق الذكرا (2)

فان سألوا ما بالهم فأخبروهم

باني قتيل الغانيات ولا فخرا (3)

فان أخذوا ثأري فذلك بغيتي

والافلي من دونهم سيدا ذخرا (4)

(1) في الاصلين: تترا.

(2)

في الاصلين: المقابي.

(3)

في الاصلين: ضجرا ولا يستقيم بها معنى.

(4)

في الاصلين سيدا ذخرا.

ص: 78

أمير القوافي والعلوم ومن غدت

به القوم تستملي ركاياهم درا (1)

خليل جليل عالم متبحر

كريم السجايا قد غدا كفه بحرا

له في تحاقيق العلوم بدائع

تعالت فما الزهرا فما النجم والشعرى (2)

إذا ثار نقع البحث كان أمامه

يبدد فرسان العلوم إلى اليسرى (3)

نبي سخاء وحيه الجود والندى

له السعد دين والسماحة والبرا (4)

أمولاي إني قد أتيت مقصرا

بمدحي فعذري سيدي لك مضطرا

ومن يهب النيل الذي سمحت به

يداك بلا من فلن يمنع العذرا

فأنت تصيب المجد حيث تلألأت

كواكبه إن أنت لم تصب الأجرا (5)

وجدت فداك اليوم ألطف موقعا

وقد كان لي خلا فأصبح لي صهرا

(1) الركايا جمع ركية وهي البئر غير المطوية اي المبنية.

(2)

في ب: الشعرا.

(3)

في الاصلين: اليسرا.

(4)

كذا في الاصلين البرا وهو خطأ وصوابه البر، وركب الخطأ لتصح له القافيه.

(5)

في الاصلين: نصيب المجد.

ص: 79

فإن أنا لم أشكر لنعماك حامدا

فما نلت نعمي بعدها توجب الشكرا (1)

فلا زلت في العلياء دراً منضدا

سعيداً رشيداً سيداً سنداً صدرا

بحق النبي المصطفى وبآله

وأصحابه أهل السماحة والبرا (2)

عليهم صلاة الله ثم سلامه

مدى الدهر والأيام دوماً لهم تترى (3)

*** وله في مدح الوزير الأعظم مصطفى باشا الكوبرلي رحمه الله:

بشرى لأهل الدين والدنيا معاً

بمن اعتلى صدر الوزارة مبدعا

حامي حمى الإسلام من أضحى به

ربع الطغاة إلى العساكر مربعا

من فل جيش الكافرين وقد غدت

قتلاهم للوحش خصباً ممرعا

لعبت ثعالب رمحه بأسودهم

فغدت غذاء للأرانب مشبعا

(1) في الاصل: نعما.

(2)

كذا في الاصلين البرا، وصوابه البر.

(3)

في الاصلين: تترا.

ص: 80

ختمت قلوبهم سنابك خيله

وسهامه أبصارهم والمسمعا

خطبت سيوف النصر فوق رءوسهم

فتيمموا جدثا وأموا مصرعا

صلى القنا صبحا بمحراب الطلا

ودعا فعفرت الخدود تضرعا (1)

فكأنما هاماتهم قد أصبحت

أكراً تلاعبها الكماة تولعا (2)

وكأن هاتيك الجيوش سحابة

طلعت ففرق غيمها وتقشعا

وكأن هاتيك السيوف بوارق

تغشى بوارقها البروق اللمعا

وكأن هاتيك المدافع والوغى

رعد تقصف بالسحاب ولعلعا (3)

وكأن وقع النبل فوق جسومهم

وبل يسح سحابه متتبعا

كادت كماتهم بموت إذا رأت

شيخاً تطاول أو صبياً مرضعا

(1) في الاصل: صلا، في الاصلين: ودعى.

(2)

في الاصل: الكمات.

(3)

في الاصلين: الوغا.

ص: 81

طلبوا الفرار ولات حين تخلص

ولو أنهم طلبوا المكان البلقعا

أمسى ببيلغراد معقل حزبهم

وتحصنوا وحصونهم لن تنفعا (1)

ظنوا حصونهم تصون دماءهم

تباً لهم رجعت عليهم منجعا

يا ملة الكفران ويحكم خذوا

منه الأمان فلا برحتم مطمعا

هذا الوزير المصطفى والمرتضى

بالعلم والرأي المنير ترفعا

نجل الوير الكبرلي محمد

من عصبة جعلوا الفضائل شرعا

شهم الجوارح والقلوب إذا لقوا

لبسوا القلوب على الدروع لتمنعا

لا يختشون كانتصاب جسومهم

كلا ولا يخشون موتاً مفزعا

كتبوا بسمر رماحهم يوم الوغى

في صفحة الأجسام خطاً مجزعا

خلقوا عيوناً بالصدور وإنما

جعلوا الحواجب والظهور تشنعا

(1) بيلغراد يريد بلغراد عاصمة بلغاريا الآن وكانت يومئذ جزء من الدولة العثمانية.

ص: 82

من كل قرم بالجواد وإن كبا

فيه الجواد فما يقول له لعا

ألفوا الطعان فلو تغيب منهم

طعنوا القلوب عن العفاة تبرعا (1)

ورموا بأسهم جودهم إقلال من

قتل الثراء وشتتوا ما جمعا

وتدرعوا للوافدين فقطعوا

هامات فقر للمقل تدرعا

خافتهم الآساد في آجامها

والطفل روع قبل ان يترعرعا

سقي الوشيج دماء من قتلوا وقد

أنمى وأثر بالرءوس وأينعا

ما قيل أولد فيهم إلا لوت

أعناقها الكرماء قبلا خضعا

خضعت لهم أعناقهم حتى إذا

ذكر اسمهم خروا سجوداً ركعا

حمدوا فلولا مخافة من ربهم

عبدوهم كل الأنام تطوعا (2)

يا أيها الصدر الخطير ومن له

ذكر شذا بين الورى وتضوعا

أشرقت شمس الدين بعد أفولها

فكأنما أصبحت فينا يوشعا

ما احسن استعارة هذا البيت، وتوشيحه (3) وحسن تركيبه وتلميحه إلى قصة يوشع بن نون عليه السلام واستيقافه الشمس، كما روي أنه قاتل الجبارين يوم الجمعة، فلما أدبرت الشمس، خاف أن تغيب قبل فراغه منهم، ويدخل السبت فلا يحل قتالهم،

(1) في الاصل: العفات.

(2)

كذا في الاصلين: عبدوهم وهي لغة بني الحارث بن كعب.

(3)

في الاصلين: وترشيحه، وصوابه وتوشيحه والتوشيح: أن يكون في أول البيت معنى اذا فهم فهمت منه قافية البيت (انظر خزانة الحموي ص 100).

ص: 83

فدعا الله سبحانه وتعالى فرد له الشمس حتى فرغ من قتالهم.

وكان أول من لمح لهذه القصة أبو تمام بقوله:

لحقنا بأخراهم وقد هون الهوى

قلوباً عهدنا طيرها وهي وقع

فردت علينا الشمس والليل راغم

بشمس بدت من جانب الخدر تطلع

نضا ضوؤها صبغ الدجنة وانطوى

لبهجتها ثوب السماء الموشع

فو الله ما أدري أأحلام نائم

ألمت بنا أم كان في الركب يوشع

*** وتبعه البلنسي (1) وخاطب بعض من اسمه موسى.

ما مثل موضعك ابن رزق موضع

زهر يروق وجدول يتدفع

وعشية لبست رداء شجونها

والجو بالغيم الرقيق مقنع

بلغت بنا أمد السرور تألفا

والليل نحو فراقنا يتطلع

قابل بها زمن الغبوق فقد أتى

من دون قرص الشمس ما يتوقع

سقطت ولم يملك نديمك ردها

فوددت يا موسى لو أنك يوشع

وتبعهم ابن فرج الكحال (2) ولمح إلى القضيتين فقال:

(1) البلنسي هو علي بن عطية بن مطرف البلنسي اللخمي ويعرف بابن الزقاق البلنسي، شاعر غزل توفي سنة 528 هـ. نشر ديوانه في بيروت عام 1964 م بتحقيق عفيفة محمود ديواني.

(2)

الشريف الكحال (المتوفي سنة 590 هـ). وهو سليمان بن موسى، ابو الفضل، الشريف برهان الدين ابن شرف الدين: كحال مصري، أديب، له شعر واخبار. كان حظيا عند الملك الناصر-

ص: 84

دخل المساء وللنسيم تضوع

والأنس تنظم شملنا وتجمع

فالزهر يضحك عن بكاء غمامة

ريعت لشم سيوف برق تلمع

فانعم أبا عمران واله بروضة

حسن المصيف بها وطاب المربع

يا شادن الجرعاء من بان اللقا

حيث اللقا وادي النقا والأجرع

الشمس تغرب نورها ولربما

كسفت ونورك كل حين يسطع

أفلت فناب سناك عن إشراقها

وجلا من الظلماء ما يتوقع

فأمنت يا موسى الغروب ولم أقل

فوددت يا موسى لو أنك يوشع

وتبعهم ابن مطروح (1) فقال:

وما أنسى لا أنسى المليحة إذ بدت

دجى فأضاء الأفق من كل موضع

فحدثت نفسي أنها الشمس أشرقت

وأني قد أوتيت آية يوشع

ومن القصيدة المذكورة:

جددت هذا الدين أنت وقد أتى

نص الحديث مخبراً ومشيعا

وفي هذا البيت إشارة إلى ما ورد في الأحاديث المصرحة بذلك

- صلاح الدين ايوب، خدمه بصناعة الكحل (طب العينين) وكانت بينه وبين القاضي الفاضل، وشرف الدين ابن عنين، مودة ومداعبات شعرية. وفيه يقول القاضي الفاضل، وقد كحله:

رجل توكل بي وكحلني

فدهيت في عيني وفي عيني

وخشيت ينقل نقط كحلته

عيني من عين الى غين

ارشاد الاريب 11/ 259 وفيه نماذج من شعره، وعيون الانباء لابن ابي أصيبعه 3/ 299

(1)

هو جمال الدين يحيى بن عيسى المصري، ابن مطروح، الشاعر، ناظر الخزانة بمصر في عهد الصالح ايوب توفي سنة 649 هـ وله ديوان طبع في مطبعة الجوائب في الآستانة عام 1298 هـ.

ص: 85

مضمونها: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمور دينها. وهذا ليس مخصوصاً (1) بالعلماء فقط، بل يشمل الملوك أيضا كما صرح به البسطامي (2) في الفوائح المسكية والفواتح المكية، وعد الملك الظاهر بيبرس ملك مصر (3) إنه مجدد دين هذه الأمة في المائة السابعة فليطلب هناك. انتهى.

والممدوح المذكور جامع كلا الجهتين العلم والرياسة، والفضل والكياسة. ومنها:

فقت الأنام وأنت منهم واحد

وجمعت أشتات الفخار توسعا

هذا مأخوذ من قول المتنبي (4):

فإن تفق الأنام وأنت منهم

فإن المسك بعض دم الغزال

ومنها:

العلم والرأي اللذان كلاهما

ركنان في الدارين فيك تجمعا

لو لم يكن خير البرية خاتما

كنت الرسول إلى الأنام مشفعا

(1) في الاصلين: مخصوص وهو خطأ.

(2)

هو الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي الحنفي البسطامي المتوفى سنة 858 هـ، ذكر كتابه حاجي خليفه في كشف الظنون. وورد اسم الكتاب في الأصول «فوائح» .

(3)

في الاصلين بي برص. وهو أبو الفتوح بيبرس بن عبد الله البندقداري رابع السلاطين المماليك في مصر تولى الملك عام 658 هـ وتوفي عام 676 هـ.

(4)

والبيت من قصيدته التي مطلعها:

نعد المشرفية والعوالي

وتقتلنا المنون بلا قتال

ص: 86

ضلت عقول الروم فيك فجمعوا

وتجمعوا وأتوا إليك تضلعا

قاسوا قسيك كالقسي فحاربوا

فسقيتهم كأس المنية مترعا

وأذقتهم مر النقيع فحاولوا

أكل الرجيع إذاً وعضوا الإصبعا

هيهات لا تجدي الندامة مغنما

ويل لهم لما أزلن البرقعا

لك صارم عزم الخلافة سنه

في حده ليث الفناء تربعا

وقناً يرى بسنانه وسنائه

كيف القضاء وكيف يأتي مزمعا

جندلتهم في الأرض حتى أصبحوا

في العالمين حديث عجب مردعا

لبس النجيع عليهم لما غدت

سلباً ثيابهم وأضحوا نزعا

ألبست بيض جسومهم خلعاً غدت

حمراً بسود وجوههم لن تخلعا

عد البديعيون هذا النوع من المستحسنات، وسموه التدبيج (1)،

(1) التدبيج: أن يذكر المتكلم ألوانا يقصد التورية بها والكناية، يذكرها عن أشياء من نسيب أو مدح أو وصف أو غير ذلك من الأغراض، كقوله تعالى: من الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود (انظر أنوار الربيع)(6: 118).

ص: 87

وهو من مستخرجات ابن أبي الإصبع (1) واستشهد عليه بقول ابن حيوس (2).

إن ترد علم حالهم عن يقين

فالقهم يوم نائل أو قتال

تلق بيض الوجوه سود مثار ال

نقع خضر الاكناف حمر النصال

وظريف هذا قول عز الدين الموصلي (3):

خضرة الصدغ والسواد من العي

ن بيض المشيب قد أورثاني

واحمرار الدموع صفر خدي

كل ذا من تلونات الزمان

ومنه قول الحريري (4) في المقامة الزورائية: فمنذ اغبر عيشي

(1) هو عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن أبى الاصبع العدواني البغدادي، ثم المصري، شاعر، وأديب. ولد بمصر سنة 585 هـ وتوفي بها سنة 654 هـ وله تصانيف حسنة منها «بديع القرآن» أخباره في فوات الوفيات 1: 294 والنجوم الزاهرة 7: 37، ومعاهد التنصيص 4:180.

والاعلام 4: 156.

(2)

في الاصلين: ابن جيوس، وهو خطأ، وصوابه: ابن حيوس، وهو محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس الغنوى، الأمير أبو الفتيان مصطفى الدولة، شاعر الشام في عصره ولد بدمشق سنة 394 هـ وتوفي بحلب سنة 473 هـ. له ديوان شعر بمجلدين، صدره السيد خليل مردم بمقدمة، استوفى فيها سيرته واخباره. اخباره في وفيات الأعيان 2: 10، والوافي بالوفيات 3: 118، والاعلام للزركلي 7: 17 وبروكلمان 1: 257. والتكملة 1: 456.

(3)

هو علي بن الحسين بن علي بن ابى بكر الموصلي الحنبلي، اقام في حلب ثم سكن دمشق وتوفي بها سنة 789 هـ. له ديوان شعر. وله «بديعية» شرحها في كتاب سماه «التوصل بالبديع الى التوسل بالشفيع». اخباره: في الدرر الكامنة 3: 43، وكشف الظنون 1: 173، والأعلام 5:91.

(4)

هو أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري البصري، صاحب المقامات المشهورة وتوفى عام 516 هـ اخباره: الانباري ص 453، وفيات الأعيان 1: 530 معجم الادباء 6: 167، طبقات السبكي 4: 295، خزانة الأدب 2: 117 بغية الوعاة 378 (انظر حول المقامات: معجم المطبوعات العربية، وبروكلمان).

ص: 88

الأخضر، وازور المحبوب الأصفر، اسود يومي الأبيض، وأبيض فودى الأسود، حتى رثى لي العدو الأزرق، فحبذا الموت الأحمر.

ومنها:

هنيت يا ركن الأنام بفتح ما

دقت بشائره وشاع وشعشعا

بل قد أهني الدين فيك لأنه

لولاك كاد عماده أن يصدعا

فاسلم ودم في سيرة عمرية

بصدارة حسنت وجلت مطلعا

لا زلت تولي الوافدين فضائلا

وفواضلا ومكارما ولك الدعا

وله في المديح ويتذكر الوطن:

رعيا لصبرك في الثناء المؤثر

والى متى وحشاي ذات تسعر

ما تذكرون بني أبيك تشوقاً

وتودداً ووداع ذاك المعشر

وحشاشة ذابت وطرفا باكيا

يوم النوى جزعا بفرط تحيري

وحنين والدة إليك وطالما

سهرت عليك بلوعة وتحسر

ص: 89

اين العراق وأين قسطنطينة

شطت عن الحدباء عدة أشهر

يا ما أحيلى ماء دجلة في فمي

والطير يصدح فوق غصن مثمر

ورياض جوسقه وظل قصوره

وخرير جدوله بتلك الأزهر

وشميم نشر خزامها وعرارها

زمن الربيع كنشر مسك أذفر

وكأنما نسج الغمام مطارفا

قد وشعت بالزهر وشي العبقر

وأصابع المنثور ترمي نحونا

حسداً وتغمزنا عيون العبهر (1)

أنسيت تل كناسها وظبائه

من كل غانية شبيه الجؤذر

عرج ركابك يا خليلي أو فعج

وانه اشتياقك للرءوف المبصر

العالم العلم الهزبر السيد ال

سند الأغر أبو الحديث المشهر (2)

صدر الصدور الفاضل ابن محمد

الحافظ الحسن الحميد العنصر

(1) المنثور نوع من الزهر تسميه العامة في العراق (الشبوي). والعبهر: النرجس.

(2)

في الاصلين: أب الحديث.

ص: 90

ذاك الذي فتح الحصون برأيه

والكفر بين تشدد وتكثر

ذاك الذي جعل البلاد أمينة

والرعب يلعب في فؤاد القسور

ذلك الوزير المصطفى بن المرتضى

بن المقتفى ابن العارض المستمطر

ذاك الذي طعن الطروس بمدحه

قلم الأفاضل بالمداد العنبري

حتى تحدثت السطور بأنه

عز الدهور وفذ عقد الجوهر

مغني الألوف بسيبه وبسيفه

مردي الصفوف ببارقات السمر

من مبلغ الروم اللئام بأنه

بالعزم جاوز همة الاسكندر

أنسوا مقارعة الفوارس بالقنا

يوم الكريهة وانعقاد العثير

والروس تنثر بالسيوف كأنها

ورق الخريف لوتها أيدي الأعصر

والقوم بين موشح بدمائه

ومقيد ومجندل ومعفر

ما شاهدوا نار الوغى بل ما رأوا

قبل القيامة كيف هول المحشر

ص: 91

هل ينكرون كماتهم بقيوده

وتجاذب الفرسان مقود خيزر (1)

أني أظن بأنهم إن راجعوا

وتجمعوا وأتوا بجيش مكثر

سروا وإن أسروا برؤية وجهه

وتعشقوه بحسن ذاك المنظر

باعوا نفوسهم له فابتاعهم

فلبئس ما باعوا ونعم المشتري

يا من لكعبة جوده وسعوده

جبت البلاد وكل أقتم مغبر

وجنيت من ثمر الحقوق مكارما

وصحبت في بردي صرير الصرصر

وزرعت شقة سبسب لا تنطوي

إلا بأيدي الناجيات الضمر

وعلوت صهوة كل طود شاهق

زحمت مناكبه سنام النير

وهبطت في قفر القفار كأنما

ثور الثرى مهري وحوت الأبحر

وسلكت كل مفازة لا تهتدي

فيها بنات الوكر طرق الأيسر

والشمس قد حجبت وعين المزن قد

دمعت وقد شابت نواصي العرعر

(1) كذا في الاصلين خيزر ولم نجد في كتب اللغة لهذه الكلمة معنى يصح ان يوصف به الفرس ولعله اخذها من كلمة خيزرى وهي مشية فيها ظلع أو تفكك أو تبختر.

ص: 92

حتى رأيت الليث في سطواته

والبحر بل فلق الصباح المسفر

ورفعت حالي والمقرر نصبه

فعلاه خفض وهو غير مقرر

إن كان حظي عن نوالك عاقني

فالحظ يسعد بالكريم المجبر

خلفت خلفي أربعين وكيف لي

مع ضيق ذات يدي القيام بعسكر

وتركت أصحاب الديون مواعداً

لهم بحسن الفضل منك بمصدر

فارحم شبابي من عدوي أن يرى

أني رجعت بصفر رحل أخسر

أملت مركز والدي فسعيت في

طلب العلاء لرغم أنف المنكر

لا أبتغي الخيلاء فيه وإنما

طعمت بنا أيدي الظلوم المذعر

فرأيت قد رسموا قوانيناً بها

حق القضاء بذي الطريق المعبر

فدخول خارجهم بصحن دراسة

يبدي ملازمة بغير تدبر

إن كان من سنن الصواب فإنني

أرجو ملازمة فلست بمشعر

ص: 93

وليلطفن كرما بما هو أهله

حتى لأغفر ذنب عيشي الأكدر

فأنا الأحق بقول من قد قال في

شكوى الضرورة والزمان المعسر

لم يبق لي شيء يباع بدرهم

تغنيك رؤية منظري عن مخبري

إلا بقية ماء وجه صنتها

عن أن تباع وبعتهالك فاشتر (1)

لا زلت يا صدر الصدور مظفرا

ومؤيداً بسعادة وتصدر

والله يبقي النيرين بعيشة

ممدودة وبدولة لم تشغر

بمحمد وبآله وبصحبه

والبيت والحجر الشريف الأنور

*** وله فيه أيضا مودعاً له:

سعدتم بما رمتم وحفكم النصر

وحيث اتجهتم فاح من عرفكم نشر

وحيا الحيا أرضا طوتها جيادكم

وباكرها الوسمي ووشعها الزهر

عجبت لها إذ شرفتها نعالكم

وما اعشوشبت مجداً وقد حلها القطر

(1) في الاصل: فاشتري.

ص: 94

وأعجب منها إنها بخميسكم

تمور ولم تغرق ومن فوقها البحر

وأعجب من هذين نار الوغى بها

وقود ولم تحرق ومن بينها الجمر

وأعجب شيء ذا الجياد تسابقت

وقد حملت من ضاق عن حمله الدهر

ليهن الصفاح المشرفية ما انتضت

لقد قبلت كفاً به شرف الثغر

وحسب الرماح السمهرية عزة

لقد وازرت صدراً به شرح الصدر

نصير أراد الله نصرة دينه

فصدره فاشتد في أمره الأمر

بصير له في كل أمر بصائر

وزير له في كل وازرة إزر

حليم ولكن في المهابة ضيغم

عظيم ولكن لا يداخله كبر

أمين على الدنيا حفيظ عن الدنا

سريع إلى دفع الأذى دأبه الجبر

هو الألمعي اللوذعي أخو الحجا

هو الحافظ الحاوي هو العالم الحبر

ألم يأن للكفار أن يهتدوا به

وفي كل قفر موحش لهم قبر

ص: 95

فما بالهم لا أنعش الله حالهم

لقد عميت أبصارهم أم وهي الفكر

يحبون أثقال الحديد وقتلهم

وقد نابهم ضعف وحاولهم ضر

أضاقت عليهم دورهم وديارهم

فراموا فضاء الأرض فاغتالهم أسر

أم افتخروا أن النسور إذا غزا

لها كل يوم في لحومهم وكر

أم أعجبهم أن العوالي كأنها

تمد لهم كفاً ومن أخذها العمر

ألم يبكهم ضحك السيوف عليهم

وقد قهقهت حمر المدافع والسمر

وفي كل يوم للسلاسل أنة

بأعناقهم هل كان بينهما شر

وفي كل يوم للسهام تعانق

بأحشائهم هل إنها للحشا صهر

وفي كل يوم للدماء تدفق

على الأرض هل هذي الدما حلل حمر (1)

وفي كل يوم للعتاق تصاهل

وللأرض ترجاف وللفارس الكر

ألا قاتل الله العدو فانه

تعرض حتى أن يكون له فخر

(1) في الاصلين هل هذا.

ص: 96

وليس عجيباً فخره فلقد سعى

إليه الذي قد خاف من قهره القهر

فيا أيها الصدر الذي قد تسارعت

بأقدامه العافون واستأسد النمر

رويدك كفكف غرب عزمك واتئد

فقد بان من حد السلاح لك العذر

فما كل يوم يوم ثج وفدية

وما كل يوم عيد أضحى به نحر (1)

حنانيك إن البحر مازجه دم

فمهلا ومن ذا السفك قد نجس البر

فكيف وضوء القوم أو أن تيمموا

صعيداً وقد آضا وما فيهما طهر (2)

فحسبك يا ابن الاكرمين فضيلة

بألسنة الأعداء أضحى لها شكر

وبشراك في هذا الجهاد فانه

به الفتح مقرون يلوح به البشر

ستقطف روسا حان منها قطافها

بأبيض هندي به البعث والنشر (3)

وتبصرهم والحرب قد قام سوقها

وقد نفروا كلمى كأنهم حمر

(1) الثج: سيلان دم الهدي.

(2)

آض: صار وتحول.

(3)

روسا: يريد رءوسا.

ص: 97

كأن الثرى طرس كأن جسومهم

دواة كأن الدهر في جوفها حبر

كأن القنا الأقلام والجيش كاتب

بليغ وقتلاهم له النظم والنثر

كأن مرامي النبل نقط جراية

إذا طعنت جزم جراح الظبا كسر (1)

كأن مثار النقع ترب خطه

لهذا وجوه العلج صرعى بها عفر

كأن الكماة الصيد قناص اغتدى

له الروم صيد والسلاح له صقر

كأن الطلا ورد كأن سيوفهم

عطاش تروم الورد وهي لها نهر

كأن الوغى ساق كأن كئوسه

جماجمهم أضحت كأن القنا خمر

كأن جيوش الدين فيهم اذا سطت

ليوث لها في كل جارحة ظفر (2)

وتنظرهم وقر الحديد تقودهم

رجال لسبل الموت أنفسهم نذر

فلا تعجبن من حالهم وفعالهم

فللكلب نبح حين يلحقه ذعر

وإن نصبوا للحرب أو رفعوا لها

عجاجاً فمن جهل فعامله الكسر

(1) في الاصلين: الظبى.

(2)

في الاصل: ضفر ..

ص: 98

وتفتض قهرا كل عذراء قد سمت

نفوس ذويها في النكاح لها مهر

بعيدة ما بين السماكين رفعة

لها البدر تاج والدراري لها در

لقد حاولت قرط الثريا فعاقها

حمى الليث عنه واستقر به النسر (1)

ومدت لقرص الشمس كفا فكفها

حجاب ولولا الحجب ما صدها حر

فعادت وقلب الشمس يخفق خشية

وألوانها من خوفها أبداً صفر

وترجع منصوراً وصدرك واسع

وتكسب ما صانوا وفيه لك الأجر (2)

أودعكم لا زال ترعاكم المنى

وتوليكم البشرى ويلقاكم البشر (3)

وتأبى التي ما بين جنبي أنها

تفارقكم لكنما خانها العسر

تحدثني نفسي المسير بإثركم

وراحلتي رجلاي والمأكل النزر

ونثري أحاديث الجهاد وفتحكم

بصحف اذا ما طولعت يحمد الذكر

(1) في الاصل: حما.

(2)

في الاصلين صدرك واسعا وهو خطأ.

(3)

في الاصل: يرعاكم.

ص: 99

ولكن تخاف العذل نفسي فتنثني

ويزعجها شوق فيقعدها الفكر

فإن تقبلوا عبداً مطيعاً أطعتها

وسرت وتأويبي الثنا والسرى الشعر

وإلا فدمتم في فتوح ونصرة

دعائي لكم سر ومدحي لكم جهر

ولي على هذا الروي والقافية قصيدة في مدح الدستور الأكرم، والمشير الأفخم، وزبدة وزراء آل عثمان، عظيم القدر والشان حضرة (1) الحاج حسين باشا الجليلي (2) لا زالت ظلال رأفته عالية، وألسنة الأنام لعلو مكارمه تالية. ولا بأس بإيرادها في هذا المحل وهي:

أبرق بدا يا صاح أم طلع الفجر

أم ابتسمت ليلى فبان لها ثغر

أم الصبح أم هذا الجبين الذي بدا

أم الشمس أم فرق الحبيبة أم بدر

رعى الله خوداً قد أرتنا محاسنا

من الصبح وجهاً والظلام هو الشعر

وثغراً كشهد والرضاب حلاوة

وأشفاف ياقوت لقد حفها در (3)

ونهداً كرمان وصدراً كمرمر

وما شاقني منها سوى الردف والخصر

(1) في الاصل حضرت. ولم تذكر في ب.

(2)

ستذكر ترجمته بعد ذلك، انظر المقدمة ايضا.

(3)

كذا في الاصل أشفاف، وهو جمع عامي للشفة.

ص: 100

فلله كم قد بت منها على هنا

تقضت به أوقاتنا حيث لا عذر (1)

وقد خان دهري وانقضى العمر بالجفا

ومن اكبر الآفات في مثله العمر

سقى الله أطلالا ضممن رواتعا

كأنهم من حسنهم أنجم زهر (2)

بهم ذبت شوقاً في البعاد وحرقة

فهيهات أن يسمح بقربهم الدهر (3)

فما كنت أدري حين ينعش خاطري

بألفاظ سحر ذلك اللفظ أم سحر

أم الريق ما يستقينني أم سلافة

من الثغر أم شهد رضاب أم الخمر

تسامرني ريم الفلاة وليس لي

سوى الوصل في أسمارها أبداً سمر

كأن الحسين المجتبى في لقائه

إذا أمه راج وقد حفه بشر

همام إمام بالمعالي ومسند

له الفضل والإحسان والسعد والنصر (4)

له الراحة الرحباء في كل منهل

تسح لنا جوداً وفي ذاته يسر

(1) في الاصول هنى وهنا مقصور هناء.

(2)

كذا في الاصول وصوابه كأنهن من حسنهن

(3)

جزم الفعل يسمح بعد أن الناصبة ليستقيم له الوزن.

(4)

في الاصل بالمعال ومسند.

ص: 101

غمام له الفضل العظيم من العطا

وقطر ولكن وكفه حيث لا قطر

تظلله يوم الحروب سحائب

من الطير اذ ما انفك عن جيشه النسر

له في قراهم كل يوم ولائم

سباسب تدري فتكه في العلا قفر (1)

هزبر يقد الهام عند اصطدامه

وليث ولكن في توقده جمر

جسور ولكن عند مشتجر القنا

حليم ولكن ليس في حمله نزر (2)

وزير ولكن للوزارة مسند

كبير ولكن ليس في طبعه كبر

هو البدر إلا أنه شمس وقته

هو البحر بل في كل كف له بحر

فكل مكان حله حله هناً

وفي كل فاه للأنام له ذكر (3)

له في العلا والجود والمجد رتبة

وفي كل حزب في الأنام له نشر

وزير أمير سيد وابن سيد

على كل ذي شأن له في العلا فخر

(1) في الاصل تعرف، بدل تدري.

(2)

في الاصل مستجر، ومشتجر القنا: تنازع القنا.

(3)

كذا فاه يريد فم. وفي الاصلين مكان حلها حلها

ص: 102

له من أياد يقصر المدح عندها

ولا يتأتى في لسان لها شكر

وللجود مسك والمكارم عنبر

وللفضل لذ وهو في ذاته عطر

ففي مجده والجود والبذل والعطا

بحور وكل الناس في بحره غدر

لكم يا بني عبد الجليل بشاشة

لمن أمكم إذ أنتم الأوجه الغر

أبا سالم فيكم لقد سدت في الورى

وحزت معال دونها وقع الفخر (1)

فإني بكم يا سيدي وحياتكم

ولو كان في هام السماكين لي قدر

بجدي وجدي نلت مجداً ورفعة

ولكن بكم يا سيدي ينتهي الأمر

ومن أمكم قد نال مجداً وسؤدداً

وفي بابكم لم يسط للمنتمي عسر

فإنك يا مولاي ذو الفضل والعلا

وإنك ذو الافضال علامة حبر

فجد لست ممن غير البعد شأنه

ففي مقلتي سهد وفي كبدي جمر

فإني وإن أذنبت فاعف فقلما

يرى محسن مثلي وحلمك لي عذر

(1) كذا في الاصول معال وصوابه معالى.

ص: 103

وإن أبعدتني سيدي شقوتي فقد

جبرت انكساري إذ بكم وقع الجبر

وإن أزعجتني عن علاك ركائبي

فجودك لي حضر وبذلك لي سفر

تقبل وخذ مني المديح فبغيتي

رضاك وإلا ليس لي أبداً جبر

قبولك عذري في الورى لقصيدتي

صداق ودم واسمح فهذا لها مهر

وجد واعل يا مولاي وارق إلى العلى

وعامل بلطف في الملا ولك الأجر (1)

*** ولصاحب الترجمة:

من طعنة القد أم من صارم النظر

ضناء جسمك أم من رونق الصور

أم صادفتك نبال الطرف من رشأ

جاءت لقلبك يا هذا على قدر

أم نشر عنبر ذاك الخال فاح ضحى

فحرك الشوق من تضويعه العطر

أم سالمتك الليالي فاغتررت بها

بالوصل ثم انقضت عنه بلا وطر

تخال حالك مخفياً على أحد

والدمع ما بين مرسوم ومنحدر (2)

(1) في الاصل: واعلوا، وارقي.

(2)

في الأصل: مخفي على احد.

ص: 104

هذا اصفرارك نمام لكل فتى

فكيف تنكر حباً غير مستتر

صرح بحب الذي قد همت فيه إذاً

سيان ما بين مطوي ومنتشر

سقى لويلة إذ زار الحبيب بها

خوف الوشاة بسر صيب المطر (1)

يكاد يخطر لولا الردف يثقله

مخافة فوق جفن الساهر الحذر

في روضة قد سقاها الغيث أدمعه

وكللتها يد الأنداء بالدرر

قلبي كسته يد الأيام ثوب صبا

وصيرته الليالي فتنة البشر

طفقت أكتب آيات الغرام له

بأدمع تالياً ما جاء بالسور

والطير فوق الغصون الملد صادحة

بلحن معبد تتلو أطيب الخبر

هذا معبد هو ابن وهب، أحد المغنين المشهورين، ضرب به المثل في حسن لحنه وصوته، وفاز في حلبة الغناء بالسبق. قال العلامة الصفدي (2) في شرح لامية العجم: ان الذين رزقوا

(1) كذا ورد في الأصلين لويلة يريد به تصغير ليلة وصوابه لييلية على غير القياس، وقياسه أن يكون لييلة.

(2)

هو صلاح الدين ابو الصفا خليل بن أيبك الصفدي المتوفي سنة 764 هـ، وأسم شرح لامية العجم «الأرب من غيث الأدب» وقد طبع في المطبعة العثمانية سنة 1897 م وطبعت في المطبعة الوطنية بالاسكندرية سنة 1290 باسم «الغيث السجم شرح لامية العجم» .

ص: 105

السعادة في أشياء لم يأت بعدهم من نالها، فمن كان فردا في زمانه أبو بكر الصديق رضي الله عنه في النسب. (علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القضاء)(1). أبو عبيدة في الأمانة. أبو ذر في صدق اللهجة. أبي بن كعب في القرآن. زيد بن ثابت في الفرائض ابن عباس في تفسير القرآن. الحسن البصري في التذكير. وهب بن منبه في القصص. ابن سيرين في التعبير. نافع في القراءة. أبو حنيفة في الفقه قياساً. ابن إسحاق في المغازي. مقاتل في التأويل.

الكلبي في قصص القرآن. ابن الكلبي الصغير في النسب. أبو الحسن المدائني في الأخبار. أبو عبيدة في الشعوبية. محمد بن جرير الطبري في علوم الأثر. الخليل في العروض. الفضيل بن عياض في العبادة. مالك بن أنس في العلم. الشافعي في فقه الحديث.

أبو عبيد في الغريب. علي بن المديني في علل الحديث. يحيى بن معين في الرجال. أحمد بن حنبل في السنة. البخاري في نقل الصحيح. الجنيد في التصوف. محمد بن نصر المروزي في الاختلاف. الجبائي في الاعتزال. الأشعري في الكلام (أبو القاسم الطبراني في العوالي). عبد الرزاق في ارتحال الناس إليه. ابن مندة في سعة الرحلة. أبو بكر بن الخطيب في سرعة الخطابة والقراءة (ابن حزم في الظاهرية). سيبويه في النحو. أبو الحسن البكري في الكذب (2). إياس في التفرس. عبد الحميد في الكتابة والوفاء.

(1) وما بين قوسين ليست في الاصل. اضفناها من شرح لامية العجم.

(2)

في الاصلين: في الكذب وفى شرح الصفدي: فى الصدق.

ص: 106

أبو مسلم الخراساني في علو الهمة والحزم. الموصلي النديم في الغناء أيضا. أبو الفرج الاصبهاني صاحب الأغاني في المحاضرة. أبو معشر البلخي في النجوم. محمد بن زكريا الرازي في الطب. عمارة ابن حمزة في التيه. الفضل بن يحيى في الجود. جعفر بن يحيى في التوجيه والتوقيع. أبو الوليد ابن زيدون في سعة العبارة. (ابن القرية في البلاغة). الجاحظ في الأدب والبيان. الحريري في المقامات. البديع الهمداني في الحفظ. أبو نواس في الخلاعة والمجون. ابن الحجاج في سخف الألفاظ. المتنبي في الحكم والأمثال شعراً. الزمخشري في تعاطي العربية. النسفي (1) في الجدل. جرير في الهجاء الخبيث. حماد الراوية في شعر العرب.

معاوية في الحكم. المأمون في حب العفو. عمرو بن العاص في الدهاء. الوليد في شرب الخمر. أبو موسى الأشعري في سلامة الباطن. عطاء السلمي في الخوف من الله تعالى. ابن البواب في الكتابة. القاضي الفاضل في الترسل والإنشاء. العماد الكاتب في الجناس. ابن الجوزي في الوعظ. أشعب في الطمع. أبو نصر الفارابي في نقل كلام القدماء ومعرفته وتفسيره. ثابت بن قرة الصابي في تهذيب ما نقله من الرياضي إلى العربي (2). ابن سينا في الفلسفة وعلوم الأوائل. الإمام فخر الدين الرازي في الاطلاع على العلوم. السيف الآمدي في التحقيق في الأصول. النصير الطوسي

(1) في الاصول: السيفي واثبتنا ما في شرح الصفدي.

(2)

لم يذكر ثابت بن قرة في شرح الصفدى، وذكر مكانه: حنين بن اسحاق في ترجمة اليوناني الى العربي.

ص: 107

في المجسطي. ابن الهيثم في الرياضي. النجم الكاتبي (1) في المنطق. أبو العلاء المعري في الاطلاع على اللغة. أبو العيناء في الأجوبة المسكتة. مزيد في البخل. القاضي أحمد بن أبي دؤاد في المروءة وحسن التغاضي. ابن المعتز في التشبيه. ابن الرومي في التطير (2). الصولي في الشطرنج. حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في الجمع بين المعقول والمنقول. ابن رشد الحفيد (3) في تلخيص كتب الأقدمين الفلسفية والطبية. محي الدين بن العربي في التصوف. انتهى كلامه (4).

(1) في الاصول النجم الكالي، وفي شرح الصفدي نجم الكاتب وصوابه الكاتبي.

(2)

في الاصول في الروم.

(3)

في الاصل ابن الرشيد الحفيد وفي شرح الصفدي لم تذكر كلمة حفيد.

(4)

والذين ذكرهم الصفدي هم:

1 -

ابو بكر الصديق الخليفة الأول.

2 -

علي بن ابى طالب الخليفة الرابع.

3 -

ابو عبيدة عامر بن الجراح الصحابي المشهور المتوفى سنة 18 هـ.

4 -

ابو ذر الغفاري جندب بن جنادة الصحابى المشهور المتوفى سنة 32 هـ.

5 -

أبي بن كعب كان من كتاب الوحي شهد بدرا والمشاهد كلها وشارك في جمع القرآن توفى سنة 21 للهجرة.

6 -

زيد بن ثابت بن الضحاك الانصاري الخزرجي من أكابر الصحابة، كان كاتب الوحي وتوفى سنة 44 هـ.

7 -

عبد الله بن عباس بن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، المتوفى بعد سنة 68 هـ بقليل.

8 -

الحسن البصري، هو ابو سعيد الحسن بن يسار البصري، امام اهل البصرة، المتوفى سنة 110 هـ.

9 -

وهب بن منبه الأبناوي الصنعاني الذماري، ابو عبد الله، يعد من التابعين عالم بأساطير الأولين ولا سيما الاسرائيليات توفي سنة 144 هـ.

10 -

محمد بن سيرين البصري، ابو بكر، تابعي، امام وقته في علوم الدين توفي سنة 110 هـ.

11 -

نافع بن عبد الرحمن بن أبى نعيم المدني، ابو عبد الله، من أئمة التابعين بالمدينة، توفي سنة 117 هـ.

12 -

ابو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي الامام الاعظم المتوفى سنة 150 هـ.

ص: 108

ومن القصيدة المذكورة:

ونحن بين عتاب في جوى وهوى

في لذة وليالي الوصل في قصر

- 13 - محمد بن اسحاق بن يسار صاحب السيرة المتوفى سنة 150 هـ.

14 -

مقاتل بن سليمان بن بشير، ابو الحسن من اعلام المفسرين. توفي بالبصرة سنة 150 هـ.

15 -

محمد بن السائب الكلبي الكوفي المتوفى سنة 146 هـ.

16 -

ابن الكلبي هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة 206 هـ.

17 -

ابو الحسن المدائني علي بن محمد، المتوفى سنة 215 هـ.

18 -

ابو عبيدة معمر بن المثنى، المتوفى سنة 210 هـ.

19 -

محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ، المتوفى سنة 310 هـ.

20 -

الخليل بن احمد الفراهيدي صاحب كتاب العين وواضع علم العروض المتوفى سنة 170 هـ أو 175 هـ.

21 -

الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي اليربوعي، ابو علي، من أكابر العباد الصالحين.

توفى بمكة سنة 187 هـ.

22 -

مالك بن أنس الامام ابو عبد الله، صاحب مذهب مالك المشهور ومؤلف «الموطأ» المتوفى سنة 175 هـ.

23 -

الشافعي، الامام ابو عبد الله محمد بن ادريس المطلبي الهاشمي القرشي صاحب المذهب المشهور، ومؤلف «كتاب الام» ، المتوفى سنة 204 هـ.

24 -

ابو عبيد القاسم بن سلام صاحب كتب الغريب المتوفي سنة 223 هـ.

25 -

علي بن المديني: علي بن عبد الله بن جعفر، ابو الحسن ويعرف بابن المديني وهو بصري من أئمة الحديث في عصره. توفى سنة 234 هـ.

26 -

يحيى بن معين بن عون البغدادي، أبو زكريا المري، من أئمة الحديث ومؤرخي رجاله، توفي سنة 233 هـ.

27 -

أحمد بن حنبل هو أبو عبد الله احمد بن محمد بن حنبل الشيباني امام المذهب الحنبلي توفي ببغداد سنة 241 هـ.

28 -

البخاري: محمد بن اسماعيل بن ابراهيم، ابو عبد الله الجعفي البخاري الامام في علم الحديث، وصاحب الجامع الصحيح، توفى سنة 256 هـ.

29 -

الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزاز، ابو القاسم، من أكابر الصوفية، توفي ببغداد سنة 297 هـ.

30 -

محمد بن نصر المروزي، أبو عبد الله، امام في الفقه والحديث، كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة فمن بعدهم في الأحكام. توفي سنة 294 هـ.

31 -

الجبائي: محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي، ابو علي، من أئمة المعتزلة واليه نسبة «الجبائية» منهم توفى سنة 302 هـ.

32 -

ابو الحسن الاشعري، علي بن اسماعيل بن اسحاق البصري، امام اهل السنة والجماعة، توفى سنة 324 هـ.

ص: 109

حتى بدا الفجر مجلواً بغرته

كغرة القاضي المحمود في السير

33 - الطبراني: أبو القاسم سليمان بن احمد بن ايوب بن مطير اللخمي الطبراني. ولد بطبرية الشام ورحل في طلب الحديث وله المصنفات النافعة منها المعاجم الثلاثة الكبير والاوسط والصغير وهو أشهر كتبه توفى باصبهان سنة 360 هـ.

34 -

عبد الرزاق بن همام بن نافع، ابو بكر الصنعاني، من حفاظ الحديث الثقات من أهل صنعاء، توفي سنة 211 هـ.

35 -

ابن مندة: محمد بن اسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة، ابو عبد الله العبدي الاصبهاني، من كبار حفاظ الحديث. توفى سنة 395 هـ. او يريد ابنه عبد الرحمن بن محمد المتوفى سنة 470 هـ وكلاهما يعرف بابن مندة.

36 -

ابو بكر احمد بن علي الخطيب البغدادي، الحافظ، صاحب تاريخ بغداد. توفى سنة 463 هـ.

37 -

ابن حزم الظاهري: ابو محمد علي بن محمد بن سعيد بن حزم الظاهر الاندلسي المتوفى سنة 456 هـ.

38 -

سيبويه: ابو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر البصري امام النحاة .. توفى سنة 180 هـ.

39 -

ابو الحسن البكري: احمد بن عبد الله بن محمد صاحب كتاب الانوار لا يوثق بروايته كان يخلق الكلام كثير الكذب توفى في أواسط القرن الثالث للهجرة.

40 -

إياس بن معاوية بن قرة المزني، ابو وائلة، قاضي البصرة يضرب المثل بذكائه وزكنه، كان عجيب الفراسة. توفي بواسط سنة 122 هـ.

41 -

عبد الحميد الكاتب بن يحيى بن سعد من أئمة الكتاب يضرب به المثل في البلاغة، كان كاتب مروان آخر الخلفاء الامويين. وقتله العباسيون سنة 132 هـ.

42 -

ابو مسلم الخراساني: عبد الرحمن بن مسلم، قائد الدولة العباسية قتله المنصور سنة 137 هـ

43 -

الموصلي النديم: ابراهيم بن ماهان او ميمون ابو اسحاق النديم اوحد زمانه في الغناء واختراع الالحان، شاعر- من ندماء الخلفاء توفى سنة 188 هـ.

44 -

ابو الفرج الاصفهاني: علي بن الحسين الاموي الاصفهاني البغدادي مصنف كتاب الاغاني توفى سنة 356 هـ.

45 -

ابو معشر البلخي: جعفر بن محمد بن عمر عالم فلكي مشهور توفى سنة 272 هـ.

46 -

محمد بن زكريا، ابو بكر الرازي، امام وقته في علم الطب توفى سنة 320 هـ وقيل سنة 311 هـ.

47 -

عمارة بن حمزة بن ميمون من ولد عكرمة مولى ابن عباس كاتب ووال كان مقدما عند المنصور والمهدي يضرب به المثل في التيه. توفى سنة 199 هـ.

48 -

الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، وزير الرشيد العباسي توفى في السجن سنة 193 هـ.

49 -

جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، وزير الرشيد. قتل سنة 187 هـ.

50 -

أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن زيدون المخزومي الاندلسي القرطبي الوزير، الشاعر المشهور. توفى سنة 463 هـ.

51 -

ابن القرية: ايوب بن زيد بن قيس بن زرارة الهلالي خطيب يضرب به المثل في البلاغة يقال ابلغ من ابن القرية والقرية امه كان اعرابيا اميا اتصل بالحجاج وخرج مع ابن الاشعث قتله

ص: 110

حسن هذا المخلص معدود من اللطائف، وهو عزيز، ولقد

الحجاج سنة 84 هـ.

52 -

الجاحظ: أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني البصري. توفي سنة 255 هـ.

53 -

الحريري: أبو محمد القاسم بن علي الحريري البصري. صاحب المقامات المشهورة، توفى سنة 516 هـ.

54 -

البديع الهمداني: ابو الفضل احمد بن الحسين بن يحيى الهمداني المعروف ببديع الزمان.

توفي سنة 398 هـ.

55 -

ابو نواس: أبو علي الحسن بن هاني الشاعر المشهور توفي سنة 195 هـ وقيل سنة 199 هـ وقيل 200 هـ.

56 -

ابن الحجاج: ابو عبد الله الحسين بن احمد بن محمد بن جعفر بن الحجاج من شعراء بغداد توفى سنة 391 هـ.

57 -

المتنبي: أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي الشاعر المشهور قتل سنة 354 هـ.

58 -

الزمخشري: محمود بن عمر بن محمد، أبو القاسم جار الله الزمخشري الامام الكبير في التفسير والحديث والنحو واللغة. توفي سنة 538 هـ.

59 -

النسفي: نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد النسفي ويلقب بمفتى الثقلين. كان اماما فاضلا اصوليا متكلما مفسرا محدثا فقيها توفي بسمرقند سنة 537 هـ.

60 -

جرير بن عطية بن الخطفى الشاعر المشهور، المتوفى سنة 110 هـ.

61 -

حماد الراوية: حماد بن سابور بن المبارك، أبو القاسم الكوفي كان من اعلم الناس باشعار العرب واخبارها. توفي سنة 155 هـ.

62 -

معاوية بن ابى سفيان اول الخلفاء الامويين توفى سنة 60 هـ.

63 -

المأمون: عبد الله بن هارون الرشيد الخليفة العباسى المتوفى سنة 218 هـ.

64 -

عمرو بن العاص بن وائل السهمي. توفي سنة 43 هـ.

65 -

الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، الخليفة الأموي قتل سنة 126 هـ.

66 -

أبو موسى الأشعري: عبد الله بن قيس، الصحابي وأحد الحكمين بين علي ومعاوية. توفي سنة 44 هـ.

67 -

عطاء السلمي: من زهاد اهل البصرة روى الحديث عن انس بن مالك والحسن البصري وقتل مع ابن الاشعث.

68 -

ابن البواب: ابو الحسن علي بن هلال، الخطاط البغدادي المشهور. توفي سنة 423 هـ.

69 -

القاضي الفاضل: عبد الرحيم بن علي بن السعيد اللخمي، من أئمة الكتاب. كان من وزراء صلاح الدين الايوبي. توفي سنة 596 هـ.

70 -

العماد الكاتب: ابو عبد الله محمد بن صفي الدين الملقب عماد الدين الكاتب الاصبهاني.

توفى سنة 597 هـ.

71 -

ابن الجوزي: ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي. علامة عصره في التاريخ والحديث توفي سنة 597 هـ.

72 -

أشعب بن جبير المعروف بالطامع، ويقال له ابن ام حميدة ظريف من اهل المدينة ادرك زمان عثمان بن عفان وتوفي سنة 154 هـ.

ص: 111

تلطف ابن الظهير (1) في مثل هذا النوع فانه قال من ابيات:

73 - ابو نصر الفارابي: محمد بن محمد بن طرخان الفارابي، الحكيم المشهور توفي بدمشق سنة 339 هـ.

74 -

ثابت بن قرة بن زهرون الحراني الصائبي، ابو الحسن، طبيب وحاسب وفيلسوف. توفي ببغداد سنة 288 هـ.

75 -

ابن سينا: الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا البخارى الفيلسوف الطبيب المتوفى سنة 428 هـ.

76 -

فخر الدين الرازي: الامام أبو عبد الله محمد بن العمر بن الحسين بن حسن ابن علي التميمي البكري. المعروف بابن خطيب الري. توفي سنة 606 هـ.

77 -

السيف الآمدي: أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي الملقب سيف الدين الآمدي. توفي سنة 631 هـ بدمشق.

78 -

النصير الطوسي: أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بالخواجة نصير الدين الطوسي، الفيلسوف وصاحب العلم الرياضي توفى سنة 672 هـ.

79 -

ابن الهيثم: أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم البصري. نبغ في علم الهندسة، وتوفي بالقاهرة سنة 430 هـ.

80 -

النجم الكاتبي: نجم الدين ابو الحسين علي بن عمر (محمد) القزويني الكاتبي ويعرف بدبيران وهو تلميذ الطوسي توفى سنة 675 هـ.

81 -

ابو العلاء المعري: أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، توفى سنة 449 هـ.

82 -

ابو العيناء: محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر، اديب ظريف، اشتهر بنوادره ولطائفه كان ضريرا. توفي سنة 283 هـ.

83 -

مزيد: ابو اسحاق من اهل المدينة وانتقل الى بغداد وكان بها ايام المهدي. وهو من اصحاب النوادر المضحكين. ذكره الجاحظ في البخلاء.

84 -

أحمد بن أبى دؤاد بن جرير بن مالك الايادي، أبو عبد الله، قاضي القضاة توفي سنة 240 هـ.

85 -

ابن المعتز: أبو العباس عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد صاحب كتاب البديع. قتل خنقا سنة 296 هـ.

86 -

ابن الرومي: أبو الحسن علي بن العباس بن جريج الشاعر المشهور توفى سنة 284 هـ.

87 -

الصولي: أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول، الكاتب المعروف بالصولي الشطرنجي، توفي سنة 336 هـ.

88 -

الغزالي: حجة الاسلام ابو حامد محمد بن محمد بن محمد بن احمد الغزالي الطوسي. توفي سنة 505 هـ.

89 -

ابن رشد الحفيد: ابو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد الحفيد الاندلسي ولد بقرطبة سنة 520 هـ وتوفى بمراكش سنة 595 هـ.

90 -

محيي الدين بن العربي: الشيخ ابو بكر محيي الدين محمد بن علي بن محمد الطائي الحاتمي الاندلسي ثم الدمشقي. الصوفي المشهور توفي سنة 638 هـ.

(1)

ابن الظهير: محمد بن أحمد بن عمر بن أبي شاكر، مجد الدين، ابن الظهير الاربلي، شاعر، *

ص: 112

جئتها والظلام راهب ليل

جاعل كل كوكب قنديلا

أو عظيم للزنج يقدم جيشاً

قد أعدوا أسنة ونصولا

وكأن السماء روض أنيق

نوره بات بالندى مطلولا

وكأن النجوم در عقود

عاد معقود سلكها محلولا

ليلة كالغداف لو لم يرعها

باز فجرما أو شكت أن تزولا (1)

وتولّت وأشهب الصبح تتلو

أدهم الليل وانيا مشكولا

وكأن الصباح ميل لجين

كاحل للظلام طرفا كحيلا

وثنى النجم عن سراه عنانا

مطلقا وانبرى النسيم عليلا

واجتلينا وجه الزمان كوجه ال

صاحب الصدر مرتجى مأمولا

وقال صاحب رسالة الطيف (2) من أبيات:

وليل غدا في الإهاب ارتديته

وصحبي نشاوى من نفاس ومن لعب (3)

كأن السماء اللازوردي مطرف

وأنجمه فيه دنانير من ذهب

قد اطردت فيه المجرة جدولا

فلاح عليه من كواكبها حبب

(*) أديب، من فقهاء الحنفية، ولد باربيل، وتنقل في العراق والشام. ومات بدمشق سنة 677 هـ وله ديوان شعر في مجلدين. فوات الوفيات 2: 174 وفيه وفاته سنة 697 هـ خطأ، ابن الفرات 7:127. الجواهر المضية 2: 19 الدارس 1: 574 الاعلام 6: 218 وبروكلمان 1: 291.

(1)

في الاصلين كالغذاف والصواب كالغداف، والغداف: غراب القيظ.

(2)

لعله يريد رسالة «طيف الخيال» لشمس الدين محمد بن دانيال الموصلي الخزاعي الحكيم، المتوفى سنة 720 هـ. طبع منها ثلاثة اجزاء صغيرة بعناية ارلنجت سنة 1910.

(3)

في الاصلين: غذاء في الاهاب، وصوابه غدا في الاهاب.

ص: 113

كأن سواد الليل زنج بدا لهم

من الصبح ترك فاستكانوا إلى الهرب

كأن ضياء الصبح وجه محمد

إذا أمه الراجي فأعطاه ما طلب

وقال ابن نباته (1):

كم ليلة بت أشكو من تطاولها

علي والليل داجي القلب كافره

وأرقب الشهب فيها وهي ثابتة

كأنما سمرت منها مسامره

حتى بدا الصبح يحكي وجه سيدنا

قاضي القضاة إذا استجداه زائره

والأصل في هذا قول أبي نواس (2) في البدر والصبح:

والبدر في جو السماء كأنه

بيضاء لاحت في ثياب حداد

حتى بدا وجه الصباح كأنه

وجه الحبيب أتى بلا ميعاد

(1) ابن نباته (686 - 768 هـ) جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن ابى حسن بن صالح بن يحيى بن طاهر بن محمد بن الخطيب عبد الرحيم بن نباته الفارقي الاصل، المصري.

والابيات من قصيدة يمدح بها قاضي القضاة جلال الدين، مطلعها:

سقى حماك من الوسمي باكره

حتى تبسم من عجب أزاهره

وقد جاء البيت الاول في الاصلين «قلبي» بدل علي وصححناه من الديوان.

(2)

في الاصل ابو نواس. والبيتان ليسا في ديوانه المطبوع.

ص: 114

ومن القصيدة المذكورة:

بدر جلا أفق الأوهام وانشرحت

به صدور صدت في سالف العصر (1)

بحر تدفق كفاه بنائله

كما تدفق كف السحب بالمطر

كنز الفضائل والافضال طود علاً

في رتبة لم تنل إلا على غرر

كشاف أستار أبواب العلوم ومن

بعصره الزمن الغدار في أسر

مدبر الحكم في شرع النبي ومن

لم تجر أحكامه إلا على أشر (2)

محط أثقال آمال العفاة ومن

بأمة البخل أحيا ذمة الذكر

أبو المعالي ومن بالنائبات له

أيد إذا ما سطت جلت عن الحصر

الوارث الوصف بالإسناد عن حسن

عن جابر عن حميد عن تق وبري (3)

يا صاحب الحكم المنثور والحكم ال

مأثور والعلم المشهور في الغرر

أقشعت عنا سحاب الهم وانبجست

بيمن وجهك عين الخير والخير

(1) صدت: يريد صدأت.

(2)

في ب سقط الشطر الاخير وحل محله الشطر الاخير من البيت التالي الذي سقط شطره الاول.

(3)

يريد عن تقي وبر.

ص: 115

وقرت الموصل الحدباء فيك علاً

عيناً وزالت ضواري الضير والضرر

وشيدت شرفات الشرع في شرف

وكان قد آل أن تألى إلى الغور

لأنت حق وحق الله غيث ندى

ماسار إلا وأجرى ديمة التبر

أشكوك يا ملجأ العافين يا سندي

من خطب دهر به الآراء في حير

وقد قصدتك في بكر وما كفؤ

لها سواك وقد جاءتك في حور

فاجعل صداقا لها حسن القبول وإن

زدت الصداق فشيء من ورا الفكر

لا زلت كعبة جود للأنام ولا

زالت ركائب أهل الوفد في حشر

*** ويعجبني قوله في هذه القافية الساكنة هذه الأبيات:

ابتسمت بشرى ثغور الأقاح

وبشر الروض نسيم الصباح

وهزت الأغصان أعطافها

كأنها ترقص من شرب راح (1)

وكلل الطل ثياب الربى

وبلل الطل وجوه البطاح

(1) في ب: وخزت الاغصان.

ص: 116

وعطر العطر جيوب الصبا

وجلل الأفق عبير الرياح

والورد قد أقبل في شوكة

يرفل في الأزهار شاكي السلاح

والنرجس الغض له قائل

فما على المرضى السكارى جناح

«جاء شقيق عارضاً رمحه»

والسوسن المرضي في الروض فاح (1)

وقرت الأعيان عيناً وقد

قر عزيز الحكم والعدل لاح

من قدم السيد والمرتضى

عد تاج المجد كنز الفلاح

*** وله رحمه الله في المراسلات:

هذا كتابي لديكم

يقري السلام عليكم

معلومكم أن طرسي

تبين حالي لديكم

*** ويعجبني قول بعضهم:

سلام عليكم من محب متيم

مشوق إذا جن الظلام به جنا

سلام عليكم من شج كلما هدت

من الليل آناء الظلام له أنا

(1) الشطر الاول تضمين لقول الشاعر:

جاء شقيق عارضا رمحه

ان بنى عمك فيهم رماح

ص: 117

سلام عليكم أن حيينا وان نمت

عليكم سلام الله من بعدنا منا

*** ومثله ما أرسلته لبعض الإخوان في صدر رسالة:

سلام شذاه المسك إن عز أو غلا

يعطر في أنفاسه سائر الملا

سلام كضوع الند جاءت به الصبا

إلى مستهام منة وتفضلا

سلام مدى الأيام تترى عليكم

يهب هبوب الريح دوما بلا قلى

*** ولمولانا العبدلي (1) في هذا الباب:

وما كان قطع الكتب مني ملالة

وحاشا لمثلي أن يقال ملول

ولكن رزايا قد عرت ومصائب

ألمت وشرح الحادثات يطول

*** ولصاحب الترجمة:

لا تحسبوا أني نسيت عهودكم

وقطعت حبل رسائلي وودادي (2)

(1) هو الحاج محمد العبدلي، نسبة الى عبد الله قبيلة مشهورة، كان أديبا وطبيبا حاذقا. توفى سنة 1164. سيترجم له المؤلف.

(2)

في الاصلين ومدادي.

ص: 118

لكن من خوف تراكم أسطري

قبلي قطعت كتابتي ومدادي (1)

*** وله رحمه الله:

كيف السبيل إلى جواب رسالة

خضعت لها فصحاء أهل زمانكا

فالدر والياقوت حصبا بحرك ال

طامي وغيث الأرض قطرة مائكا

فلئن بعثت من الذي أعددته

فكأنني المهدي من أقوالكا

وله مثله:

كاد يبكي اليراع من دمه

أو بكى، ما ترى الدموع دما

ذكرته عشية سلفت

مع اخدان ما جرت عدما

ورأى دهره الخئون وما

قد اعتراه يشتكي الندما

فطما همه وهما وما

حرر بيتاً كلا ولا رقما

*** ومما أرسلته في صدر رسالة:

قسماً في عيون تلك الغزالة

أنا للغير ما بذلت وصالا

قد ذكرتم بأن سلوت هواكم

فسلوي عن الحبيب محالا

من يكن مغرماً محباً مشوقا

فليكن هكذا والا فلالا

***

(1) في الاصلين وودادي.

ص: 119

ومما أهديته لبعض الإخوان في صدر رسالة أيضا:

سلام كزهر الياسمين لدى الملا

يفوح كما فاح العرار مرتلا

سلام شذاه الطيب عزاً ورفعة

وفضلا واحساناً وجوداً مزملا

سلام سليم كالنسيم إذا سرى

إلى صبه الممشوق وصلا تحملا

سلام يحاكى الرند طيباً ونفحة

ويحكى سحيق المسك ضوعا إذا تلا

سلام كوصل من حبيب مهاجر

وأعذب من ريق الغواني وإن حلا

سلام يفوق الدر صفواً وزينة

ويعلو على هام السماكين منزلا

سلام يباهي الشمس حسناً وبهجة

ويسمو على بدر السماء وإن علا

سلام كماء المزن يهطل رقة

وينسى هنا في رشفه قهوة الطلا

سلام كروض يانع بشقائق

يزين سناً في حسنه دمن الفلا

سلام به تطفي النفوس التهابها

وتحيى به الأرواح ختماً وأولا

ص: 120

ومثله مما وصلني من بعض الأصدقاء:

سلام كروض حين باكره الحيا

فاضحى نضيرا ذا رواء وذا نشر

سلام كأنفاس الربيع تعله

يمشط قضبان الرياحين بالزهر

سلام كريا الرند جاءت به الصبا

على مستهام هام في لجة الفكر (1)

سلام كأمثال العبير تضوعت

به بقع الأكوان قطراً على قطر

سلام يفوق الدر حسناً وبهجة

فلله ما أبهاه في النظم والنثر

سلام كوصل بعد هجر وفرقة

تمادى على الإعراض بالصد والهجر

على والد النعمان أعني به الذي

سما تربه في المجد والفضل والفخر

ثنائي عليه لا يزال مجدداً

ولست بساليه ولو صرت في قبري

*** ومما ورد في هذا الباب:

أيا كتابي عن الأحباب كن عوضاً

وقبل الأرض عنا والزم الأدبا

(1) الرند شجر طيب الرائحة او هو العود او الآس.

ص: 121

ولا تقل دمعه جاري تزد غرقا

ولا تصف نار أشواقي فتلتهبا

*** وفيه لبعضهم:

وحقك ما أخرت عنك رسائلي

لأمر سوى أني أرى قاصراً فكري

وقد رضت فكري مرة بعد مرة

فلم أر أن يأتيك نظمي ولا نثري

فإن لم يكن دراً فتلك نقيصة

وإن كان دراً كيف يهدى إلى البحر

*** وله في التضمين:

لقد أكثر الواشي الملام فقال لي

فما بال في ذا الحب عقلك ذاهل

ألم تر أن الحال يشعر أنه

«دويهية تصفر منها الأنامل»

وهذا الشطر من قول لبيد المزني (1). قال فيه صلى الله عليه وسلم أصدق كلمة قالها الشاعر وهي (2):

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

وكل أناس سوف يحدث بينهم

دويهية تصفر منها الأنامل

(1) هو لبيد بن ربيعة العامري صاحب المعلقة والصحابي الجليل. وهو من المعمرين. توفي في اول خلافة معاوية ابن ابى سفيان سنة 40 هـ.

(2)

في الاصلين: وهو.

ص: 122

وضمن بعضهم الشطر الأول فقال:

تأمل صحيفات الوجود فإنها

من الملأ الأعلى إليك رسائل

وقد خط فيها إن تأملت خطها

«ألا كل شيء ما خلا الله باطل»

*** ولصاحب الترجمة في هذا الباب أيضاً:

عاتبت لحظ حبيبي في دمي فغدا

يرمي بأهداب لحظيه فكدت أهم

ثم انثنى قائلا تيها بنيته

«أني لمن معشر سفك الدماء لهم»

*** وله فيه:

إني أحب الجود لكن فاقتي

تركت جوادي أكرة للجحفل

وأروم لا ألقي كريما معسرا

في العالمين ولا بخيلا قد ملي

وليهنئنك إن قومي في العطا

«لا يسألون عن السواد المقبل» (1)

***

فابن السبيل لديهم إن امهم

مما يعد من الطراز الأول

***

(1) شطر بيت لحسان بن ثابت وهو:

يغشون حتى ما تهر كلابهم

لا يسألون عن السواد المقبل

ص: 123

وله أيضاً وقد وعد بحبر:

كانت ثلاثة أيام فما برحت

حتى استقلت علي سبع ولم يكن

لا تترك الحبر مقوالا بوعدك لي

«مثل المعيدي تسمع بي ولا ترني»

لا يخفى حسن إيراد هذا المثل ولطافة موقعه، لان اصل المثل يضرب لمن خبره خير من نظره. وما في هذا البيت يشير إلى هذا إذ الموعود به إنما هو الحبر، والإشارة الثانية كأنه جعله من قبيل مواعيد عرقوب. وكان أول من قال هذا المثل المنذر بن ماء السماء، كما ذكره الميداني (1) ناقلا عن المفضل (2) عن قصة طويلة، لكن نقتصر على البعض منها: وذلك أن المنذر كان يسمع بخبر رجل ويشتهي أن يراه، ويعجبه ما يبلغه عنه، فلما رآه، قال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فأرسلها مثلا، فقال ذلك الرجل: أبيت اللعن، وأسعدك إلهك. أن القوم ليسوا بجزر، يعني الشاء، إنما يعيش الرجل بأصغريه لسانه وقلبه.

فأعجب المنذر كلامه وسره كلما رأى منه. و (ينشد) على هذا:

ظننت به خيراً فقصر دنه

فيا رب مظنون به الخير يخلف (3)

وقريب من هذا ما يحكي: إن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن

(1) هو ابو الفضل احمد بن محمد بن احمد بن ابراهيم الميداني النيسابوري المتوفى سنة 518 هـ.

والمثل المذكور في الجزء الاول من مجمع الامثال ص 129، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.

(2)

هو المفضل بن محمد الضبي الكوفي صاحب المفضليات، توفي سنة 178 هـ على الأرجح.

(3)

في الاصلين مظنونا.

ص: 124

مروان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرا الكتاب ثم يسأل الرجل فيشفيه (بجواب) ما سأله، فرفع عبد الملك رأسه إليه، فرآه أسود، فلما أعجبه ظرفه وبيانه قال منشدا:

وإن عراراً إن يكن غير واضح

فأني أحب الجون ذا المنكب العمم (1)

فقال له الرجل يا أمير المؤمنين هل تدري من عرار (2) قال: لا.

فقال له أنا عرار ابن عمرو بن شاس (3) الأسدي الشاعر.

ثم رأيت الشهاب الحجازي (4) نقل هذا المثل وسبكه في قوالب الغزل ونقله إلى رقة الحضر فقال:

قصدت رؤية خصر مذ سمعت به

فقال لي بلسان الحال ينشدني

انظر إلى الردف تستغن به وأنا

مثل المعيدي تسمع بي ولا ترني

كأن في هذين البيتين رائحة من قول الوراق (5):

قد ضاع خصر له ما زلت أنشده

فرق لي ورثى للسقم من بدني

(1) في الاصلين ذا الكب العم.

(2)

في الاصلين هل تدري عرارا والتصويب من مجمع الامثال الذي نقل عنه المؤلف ولم يذكر فيه:

قال: لا.

(3)

في الاصلين شاس.

(4)

هو أحمد بن محمد بن علي الأنصاري الخزرجي، شهاب الدين الحجازي، من شيوخ الأدب في مصر، وعني بالموسيقى وله ديوان شعر مخطوط. توفي بالقاهرة سنة 875 هـ.

(5)

هو أبو حفص عمر بن محمد بن حسن، سراج الدين الوراق شاعر مصر في عصره، له ديوان كبير في سبع مجلدات، اختار منه الصفدي «لمح السراج» (مخطوط) وتوفي بالقاهرة سنة 694 هـ.

ص: 125

وقال لي بلسان من مناطقه

«لولا مخاطبتي إياك لم ترني» (1)

*** ولطيف هنا قول السراج الوراق فيما كتبه على حياصه (2) مليح:

بأبي أهيف القوام تميل ال

أسل السمر والغصون إليه

كلفوني من قده حفظ خصر

ضاع مني فكم أدور عليه

*** ومنه أخذ ابن تميم (3) فقال:

لما رأت عيني مناطقك التي

أضحت بشعرك دائماً تتعلق

لا تستقر وقد علتها صفرة

ونحول جسم بالصبابة ينطق

أيقنت إن الخصر ضاع مخافة

فلذا تدور جوى عليه وتقلق

أخذه الصفدي (4) فقال:

وشاح من أحببته قال لي

وهو الذي في قوله قد صدق

قد ضاع مني الخصر لما انثنى

أما تراني دائماً في قلق

وقال الشيخ جمال الدين بن نباته (5):

تعشقته غصنا ناضرا

يميل به السكر من ناظريه

تحجب دون القبا جسمه

فصفرت لوني اشتياقاً اليه

(1) تضمين الشطر الثاني من قول المتنبي

كفى بجسمي نحو لا اننى رجل

لا مخاطبتي اياك لم ترني

(2)

في الاصل: كتبها. والحياصة في الاصل سير يشد به حزام السرج ثم استعمل لحزام الرجل وهو يتخذ في العراق من نسيج غليظ يزين بكواكب واهلة تتخذ من ذهب او فضة وابزيمه كالطاسة

(3)

هو محمد بن يعقوب بن علي، ابو عبد الله، مجير الدين بن تميم، شاعر، ومن امراء الجند، دمشقي، استوطن حماة وخدم صاحبها الملك المنصور. توفي سنة 684 هـ.

(4)

انظر حاشية (2) ص 105.

(5)

انظر حاشية (5) ص 114.

ص: 126

وكم ذا أدور على خصره

وما وقعت لي عين عليه

*** ولصاحب الترجمة من هذا الباب أيضا:

إن دهراً أثنى علي بخطب

لكثير ولوعه في خطابي

وشباب تولى عني بقرب

لجدير هلوعه بانتساب

*** وله أيضاً:

لو أن كل خطوب في الورى جمعت

في مهجتي وجميل الصبر مشمول

ما قلت من خشية في أرض كاظمة

«بانت سعاد فقلبي اليوم متبول» (1)

*** ولبعضهم:

رب مغن كل ألفاظه

مؤنث يسلب مني الفؤاد

وكلما أنث لي صوته

وبان لي أنشدت بانت سعاد

*** ولصاحب الترجمة أيضاً:

أخي لا تلم دنياك هذا مقدر

فرب الذي قد فات آت وعائد

«بذا قضت الأيام ما بين أهلها

مصائب قوم عند قوم فوائد» (2)

(1) تضمين للشطر الاول من مطلع قصيدة كعب بن زهير.

(2)

تضمين بيت المتنبي:

بذا قضت الأيام ما بين أهلها

مصائب قوم عند قوم فوائد

ص: 127

وله فيه:

وقد فارقت من أهوى فكادت

حشاشة مهجتي لتموت عشقا

وبت غريق في دمعي وإني

«أرى آثارهم فأذوب شوقا» (1)

*** وله فيه:

أدمنت في لقيا الحروب وكم على

رأسي تقارعت الصوارم والقنا

وصبرت في حجر الخطوب وإنما

«يلقى الشدائد سهلة من أدمنا» (2)

*** وله فيه:

جبت الفيافي وارتفعت حزونها

ولقيت أصعب ما تكون هينا

وأنا الصبور على الخطوب وإنما

«يلقى الشدائد سهلة من أدمنا» (2)

*** وله أيضا وقد طلب منه ورقة للجاجة في طفل:

ألا خبريني يا لجاجة ما الذي

تروميه من ذا الطفل وهو ابن مسلم (3)

(1) تضمين ولم نعثر على قائله، والصواب: وبت غريقا.

(2)

تضمين ولم نعثر على قائله، والصواب: وبت غريقا.

(3)

جزم الفعل ترومين ليستقيم له الوزن واللجاجة مرض يصيب الاطفال

ص: 128

فإن كان شراً ما الذي ضر لو يكن

إلى الخير أهدى فاصفحي وتكرمي

فإن تذهبي عنه فلطف وإن يمت

«لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم» (1)

*** ولي في هذا الباب مضمناً لبعض أبيات من معلقة زهير بن أبي سلمى:

أنار بدت يا صاح أم برق مبسم

أم ابتسمت محبوبة الذات بالفم

لحا الله قلباً لم يزل متشوقاً

«لحومانة الدراج فالمتثلم»

ليال قطعناها بوصل فحبذا

ليالي وصال زاهرات كأنجم

بربع لها في الأخشبين كأنه

«مراجيع وشم في نواشر معصم»

فلله أوقات تقضت بقربها

وساعات ساغت للكئيب المتيم

وآرامها ينفرن من طرب بها

«واطلاؤها ينهضن من كل مجثم»

بروض أنيق يانع وشقائق

تحاكي احمرارا لونها لون عندم

(1) تضمين الشطر الثاني من بيت زهير:

فشد ولم ينظر بيوتا كثيرة

الى حيث القت رحلها ام قشعم

ص: 129

فعدت إليها والحوادث جمة

«فلأياً عرفت الدار بعد توهم»

وقفت بها كي أهتدي لربوعها

فلم أر في آثارها من مترجم

سوى دمنة كانت لها لغبوقها

«ونؤي كجذم الحوض لم يتثلم»

فقلت ألا يا دار أين رعاتك

وأين عذاراك ذوات التبسم

وأين البنات الراتعات بربعهم

«ألا انعم صباحاً أيها الربع واسلم»

تبصرت كي اهدي لآثار ظعنها

وآثارها مغبرة ليس تعلم (1)

فناديت شوقا للخيل فقال لي

«تحملن في العلياء من فوق جرثم»

عليهن أثواب الحرير مفاخر

لهن وأثواب لهم لم تقوم

ملابسهم خضر وأنماط عزهم

«وراد حواشيها مشاكهة الدم»

أرادت لتخفي فتنة من جمالها

بمعصمها فاستأنفت بالتقدم

سروا سحراً مستأنسين بربعهم

«فهن ووادي الرس كاليد للفم»

(1) في هذا البيت اقواء.

ص: 130

تروضن فيه والظعون بإثرهم

وأوردن غدراً فيه أكرم مغنم

«كأن فتات العهن في كل منزل

نزلن به حب الفنا لم يحطم» (1)

فسر نحوها واشف الفؤاد بزوره

لربع وأطلال وحي مكرم

فهذا حديثي عن سليمي وربعها

«وما هو عنها بالحديث المرجم»

فإن شئت سر أو شئت أن لا تسر فسر

«إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم»

نعم يا خليلي إنني أنا سائر

إليها وقد أقسمت في كل مقسم

واعلم منها الوصل أمس وقبله

«ولكنني عن علم ما في غد عم»

فللمرء أن يخشى عواقب دهره

ولا يأمن الدهر الخئون فيندم

ومن لا يظن شراً ليأمن شره

«يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم»

ومن لا يرى حفظ الذمام فريضة

يهان ومن لا يحسن العفو يذمم (2)

ومن لم يخف جور الزمان يصيبه

ولو نال أسباب السماء بسلم» (2)

(1) في الاصلين: فتاة الحي.

(2)

لم يجزم «يهن» و «يصبه» ليستقيم له الوزن

ص: 131

ومن لا يعظم لا يعظم قدره

«ومن لا يكرم نفسه لا يكرم»

سأطلب منها الوصل لكن بعزة

ولا أكثر التسآل كالمتظلم

وإن هي جادت بالوصال تعطفاً

فمن أكثر التسآل يوما سيحرم (1)

*** ولصاحب الترجمة في العذار:

لا تحسبوا أن العذار بوجه من

أهواه لاح فزال من سلطانه

بل خده القاني توقد ناره

فعلا الشرار فذاك من دخانه

وظريف هنا قول مظفر الدين الأعمى (2) في هذا المعنى مع زيادة نكتة:

قبلته فتلظى جمر وجنته

وفاح من عارضيه العنبر العبق

وحال بينهما ماء ومن عجب

لا ينطفي ذا ولا ذا منه يحترق

(1) في هذا البيت اقراء.

(2)

كذا لقبه في الاصلين. وفي ارشاد الأريب 7: 160. ووفيات الأعيان 2: 98، ونكت الهميان 290، وشذرات الذهب 5: 110 ورد لقبه: موفق الدين وكنيته أبو العز الاعمى واسمه مظفر بن ابراهيم بن جماعة بن علي العيلاني المصري. نسبة الى قيس عيلان. كان نحويا عروضيا اديبا شاعرا. توفي سنة 623 هـ. وجاء في ارشاد الاريب «فتلظى ورد وجنته» .

ص: 132

وهو مأخوذ من قول القائل:

قالوا حبيبك قد تضوع نشره

حتى غدا منه الفضاء معطرا

فأجبتهم والشعر يعلو خده

أو ما ترون النار تحرق عنبرا

*** وفيه لصاحب الترجمة:

قلت للعاذلين إذ وهموا

أن حبي عذاره طاري

خرج النمل من مساكنه

خيفة من تلهب النار

وفيه رائعة من قول الشيخ جمال الدين ابن نباتة (1):

من قال عمداً قد بدا في خد من

أحببته شعراً به ما أنصفا (2)

ها ذاك نمل رام شهدة ريقه

فرأى تلهب خده فتوقفا

ومن هنا اخذ بعضهم فقال:

إن ذاك الطلا وذاك العذارا

فتكا في الأنام حتى العذارى (3)

(1) انظر حاشية رقم (1) ص 114.

(2)

لم يذكر هذان البيتان في الديوان المطبوع.

(3)

في الاصل حتى العذارا.

ص: 133

إنما النمل دب يطلب شهداً

فرأى النار في الطريق فدارا

*** وفيه للخالدي (1) وقد تصرف فيه:

يا خط عارضه لقد عارضتني

للهيب نار صبابة لا تنطفي

شيطان لحظي مت بغيظك حسرة

قد عوذت بالنمل صورة يوسف

*** وفيه لصاحب الترجمة:

لاح العذار بخد من أهوى وقد

ظن الوشاة باختلاف الشان

فحذار من تلك الخدود فإنما

ذاك العذار حبائل الشيطان

*** وتلطف بعضهم بقوله:

أفدي حبيباً تفوق البدر طلعته

لأنها لغريب الحسن قد جمعت

حاك الجمال عذاراً فوق وجنته

غزالة الصبح في أشراكه وقعت

(1) محمد بن هاشم بن وعلة ابو بكر الخالدي المتوفى سنة ثمانين وثلاثمائة واخوه سعيد، وفي فوات الوفيات سعد بن هاشم وفي معجم الادباء سعد بن هاشم بن سعيد، ويعرفان بالخالديين، كانا يشتركان في نظم الشعر، واختصا بسيف الدولة ابن حمدان، وتوفى سعيد سنة احدى وسبعين وثلاثمائة. فوات الوفيات 1: 346 معجم الادباء 11: 208، يتيمة الدهر 2:199.

ص: 134

وفيه لبعضهم

أضحى يقول عذاره

هل فيكم من عاذر

الورد ضاع بخده

وأنا عليه دائر

أصل هذه النكتة من مخترعات ابن تميم (1) في الدولاب فانه قال

أيا حسنها من روضة ضاع نشرها

فنادت عليه في الرياض طيور

ودولابها كادت تعد ضلوعه

لكثرة ما يبكى بها ويدور

*** ثم دارت هذه النكتة بعد ابن تميم بين جماعة من أهل الأدب وتسلسل دورها فممن قال فيه بدر الدين يوسف بن لؤلؤ الذهبي (2):

وروضة دولابها

إلى الغصون قد شكا

من حين ضاع نشرها

دار عليه وبكى (3)

*** ومنهم الشيخ جمال الدين ابن نباتة بقوله:

وناعورة قسمت حسنها

على واصف وعلى سامع

وقد ضاع نشر الصبا فاغتدت

تدور وتبكى على الضائع (4)

***

(1) انظر حاشية 3 ص 126.

(2)

هو بدر الدين يوسف بن لؤلؤ بن عبد الله الذهبي، من شعراء الدولة الناصرية بدمشق وتوفي بها سنة ثمانين وستمائة. النجوم الزاهرة 7:352.

(3)

في الاصلين: وبكا.

(4)

في الديوان: على ناظر وعلى سامع، ونشر الربى.

ص: 135

وفيه لبعضهم:

أبدى لنا الدولاب قولا معجباً

لما رآنا قادمين إليه

إني من العجب العجاب كما ترى

قلبي معي وأنا أدور عليه

*** وزاد الشيخ جمال الدين ابن نباتة على الدور نكتة أخرى فقال:

وناعورة قالت وقد ضاع قلبها

وأضلعها كادت تعد من السقم

أدور على قلبي فإني فقدته

وأما دموعي فهي تجري على جسمي

*** وهذا المعنى سبق إليه ابن تميم فقال:

قامت لنا بالعذر ناعورة

أدمعها في غاية السكب

تقول لما ضاع قلبي وقد

ضعفت بالنوح وبالندب

صيرت جسمي كله أعينا

يدور في الماء على قلبي

*** ومثله قوله أيضا:

وناعورة مذ ضاع منها قلبها

دارت عليه بأنة وبكاء

ص: 136

وتعللت بلقائه فلأجل ذا

جعلت تدير عيونها بالماء

*** وقنع ابن الوردي (1) بالدور فقال:

ناعورة مذعورة

ولهانة وحائرة (2)

الماء فوق كتفها

وهي عليه دائرة

*** واتفق أن الشيخ نجم الدين (3) سأل جماعة من طلبته المشتغلين عليه عن قول الشاعر:

يا أيها الحبر الذي

علم العروض به امتزج

أبن لنا دائرة

فيها بسيط وهزج

ففكر بعض الطلبة فيه ساعة طويلة، ثم قال: هذا الباب من ذلك الدولاب لأنه أراد بالبسيط الماء، وبالهزج صوته حال دورانه.

فقال له الشيخ: صدقت، إلا أنك درت في الدولاب زمانا حتى ظهرت لك التورية.

ولما أنجر بنا الكلام، إلى هذا المرام، ووقع في العذار هذا التسلسل والدور، ولم يمكن الوصول إلى الكنه والغور، وكان

(1) ابو حفص زين الدين عمر بن مظفر الشهير بابن الوردي، فقيه حلب، ومؤرخها، واديبها.

توفى سنة تسع واربعين وسبعمائة، فوات الوفيات 2: 116، بغية الوعاة 365. طبقات السبكي 6:243. الدرر الكامنة انظر عمر بن المظفر. اعلام النبلاء 5.

(2)

ورد البيت في الاصلين:

ناعورة مد عزة

ولها ندو حائرة

وفيها وقع ابن الوردي في الدور. والتصحيح عن الخزانة ص 260 وفيها وقنع الشيخ زين الدين ابن الوردي بالدور. يريد قصر كلامه على دور الناعورة.

(3)

في الخزانة ص 391 الشيخ نجم الدين النجفيري.

ص: 137

حسن ذلك العذار، يهزأ بالورد والجلنار، وحكاية ذلك الآس تورث البسط والاستيناس، وهو كما قيل فيه لا رأي إلا رأي أهل الموصل، فلنرجع إليه تارة أخرى، فإنه بالقبول أليق وأحرى وفيه لابن حجة (1):

مذ جفاني مرض القلب ولم

ألق للضعف وللكسر انجبارا

قلت للعارض يا آسى أذاه

درت داري مرض القلب فدارا

وقوله فيه مع بديع التضمين:

يقول عارض حبي حين مر على

ورد الخدود كمر الطيف في الوسن

أصبحت ألطف من مر النسيم على

زهر الرياض يكاد الوهم يؤلمني

*** ولبعضهم فيه:

إذا رأيت عارضا مسلسلا

في وجنة كجنة يا عاذلي

فاعلم يقينا أنني من أمة

«تقاد للجنة بالسلاسل»

(وقال) ابن المعتز (2):

دب العذار على صحيفة خده

مثل الطراز فزاد فيه تحيري

(1) انظر حاشية: 5 ص 41

(2)

هو عبد الله ابن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد المتوفى سنة ست وتسعين ومائتين الاغاني 9: 140 ابن خلكان 1: 323. فوات الوفيات 1: 241.

ص: 138

فكأنه القنديل بات معلقاً

تحت الدجى بسلاسل من عنبر

*** وتبعه الحاجري (1) فقال:

بروحي وقلبي ذلك العارض الذي

غدا عنبراً فوق السوالف سائلا

درى خده أني أجن بحبه

فأظهر لي قبل الجنون سلاسلا

*** وتبعه تاج الدين التميمي فقال:

لما أصبت بعارض من خده

عزاه عارض دمعه في صبره

أضحى أسير سلاسل من عارض

في خده وسلاسل من شعره

*** وتبعهم ابن الساعاتي (2) فقال:

يجود علينا طيفه وهو مانع

كما جد فينا حبه وهو هازل

(1) الحاجري عيسى بن سنجر بن بهرام الحاجري، حسام الدين، شاعر رقيق الالفاظ، تركي الاصل، من اهل أربيل، ينسب الى حاجر من بلاد الحجاز ولم يكن منها، وانما اكثر من ذكرها في شعره فنسب اليها. قتل غدرا باربيل سنة 632 هـ. له ديوان شعر مطبوع ابن خلكان 1:504.

(2)

علي بن محمد بن رستم بن هردوز، وفي وفيات الاعيان 1: 362 «علي بن رستم بن هردوز» ابو الحسن، بهاء الدين ابن الساعاتي، شاعر مشهور، خراساني الاصل. ولد ونشأ بدمشق وسكن مصر وتوفي بالقاهرة سنة 604 هـ. له ديوان شعر مطبوع في مجلدين. وديوان سماه «مقطعات النيل» مخطوط.

ص: 139

لئن جن فيه العاشقون صبابة

فأصداغه للعاشقين سلاسل

*** وقال آخر إلا أنه نقله الى معنى آخر:

فمتى تقوم قيامتي بوصاله

ويضم شملينا معاد شامل

وأكون من أهل الخطايا خده

ناري وصدغاه علي سلاسل

*** وهذا مأخوذ من قول ابن نباتة:

أفدي التي ساق إليها مهجتي

فرع طويل تحت حسن طائل

قلبي بصدغيها إلى وجنتها

يقاد للجنة بالسلاسل

*** ومن هذا الباب لابن نباته ايضا:

وبمهجتي رشأ يميس قوامه

فكأنه نشوان من شفتيه

شغف العذار بخده ورآه قد

نعست لواحظه فدب عليه

*** ومما قلته من المعربات:

ص: 140

عذار حبيبي كالجناحين قد بدا

علمت بان الحسن لا شك طائر

*** ولبعضهم في هذا المعنى:

مذ نبت الخط على خده

بدلت الحمرة بالاصفرار

لما بدا العارض في خده

فصار للحسن جناح وطار

*** ولصاحب الترجمة:

لقد قرح الأجفان فيض مدامعي

وجفت وعهدي بالزمان طويل

ألم تر أن الخد بان عذاره

فذاك سواد المقلتين يسيل

*** وله رحمه الله:

كتبت على خد الحبيب صبابتي

فاحمر لما أن رأى دمعي القاني

ومن خط دمعي بان نمل عذاره

وذلك لما أن جرى جون إنساني

*** وله عفي عنه:

يا متلفي أن كان هجرك قاتلي

أعلمت كيف تفاوت العشاق

ص: 141

ها قد تعذر عارضاك فهل ترى

يا واحداً بالحسن غيري باقي

*** وفيه لشمس الدين الحلبي (1):

حمى ثغره الضحاك صمصام لحظه

كما صين بالتعذير خد مورد

أخد حبيبي لا تزد زردية

فحسبك والضحاك سيف مهند

*** وفيه:

يا ذا الذي خط الجمال بخده

خطين هاجا لوعة وبلابلا

ما صح عندي أن لحظك صارم

حتى حملت من العذار حمائلا

*** وهو يشبه قول الآخر:

أصبحت مأسوراً بغنج لحاظه

ومقيدا من صدغه بسلاسل

(1) شمس الدين محمد بن القاسم بن المنقار الحلبي ولد سنة احدى وتسعمائة وكان من اعيان العلماء مناظرا قوي الساعد في العلوم توفي سنة خمس بعد الالف. خلاصة الاثر 4: 115 وريحانة الالبا 1: 128 واعلام النبلاء 6: 152.

ص: 142

حتى بدا سيف العذار مجردا

منه شكوت وقلت هذا قاتلي

*** وفيه:

حديث عذار الحب في خده جرى

كمسك من الورد الجني تحدرا

فقبلته حتى محوت رسومه

كأن لم يكن ذاك الحديث ولا جرى

*** وفيه أيضاً لبعضهم لما طال هذا الحديث في العذار:

لحديث نبت العارضين حلاوة

وطلاوة هامت به العشاق

فإذا نهاني المرد قلت ترفقوا

فإليكم هذا الحديث يساق

*** وفيه للصفدي (1):

روى حسنه عن عارض فوق خده

ومبسمه معنى يروق ويبهج

بأخضر يعلو أحمرا فوق ابيض

فقلت لهم هذا الحديث المدبج

(1) هو صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي كان اديبا، كاتبا، شاعرا وله مصنفات كثيرة اهمها الوافي بالوفيات. توفي بدمشق سنة اربع وستين وسبعمائة الدرر الكامنة 2: 87، طبقات الشافعية 6:94. الاعلام 2: 364. معجم المطبوعات العربية.

ص: 143

وفيه للقيراطي (1):

معذر قلت للاحي علي قف

فإنني عن سماع العذل في صمم

أنظر للامي عذاريه فانهما

خط الذي علم الإنسان بالقلم

وله فيه:

نسب الورى للمسك خط عذاره

مذ لاح وهو بخده مكتوب

فبدا لنا منه بصفحة خده

خط كما قال الورى منسوب

ولغيره (2):

***

بوجه معذبي آيات حسن

فقل ما شئت فيه ولا تحاشي

ونسخة حسنه قرئت فصحت

وها خط الكمال على الحواشي

*** وللقيراطي (1) ايضا فيه:

(1) هو برهان الدين القيراطي، ابراهيم بن عبد الله بن محمد بن عسكر الطائي، شاعر من اعيان القاهرة، جاور بمكة وتوفي بها سنة احدى وثمانين وسبعمائة، وله ديوان شعر سماه «مطلع النيرين» طبع بمصر سنة 1296. الدرر الكامنة 1: 31، شذرات الذهب 6: 269، طبقات الشافعية 6:46. الاعلام: 43.

(2)

هو القاضي فتح الدين ابو محمد عبد الله ابن الصاحب عز الدين محمد بن احمد بن خالد بن محمد القيسراني المتوفى سنة ثلاث وسبعمائة، النجوم الزاهرة 8: 213 والبيتان فيه، البداية والنهاية 14: 31، الدرر الكامنة 2:284. الاعلام 4: 270 ..

ص: 144

ومهفهف يحمي ورود رضابه

بصوارم سلت من الأجفان

كتب العذار بليقة مسكية

في خده سطرين بالريحان

*** وفيه لابن رشيق (1):

يا رب أحور أحوى في مراشفه

لو جاد لي بارتشاف يبرى أسقامي

خط العذار له لاما بوجنته

من أجلها تستغيث الناس باللام

*** وفيه لبعضهم:

كأن عذاره في الخد لام

ومبسمه الشهي العذب صاد

وطرة شعره ليل بهيم

فلا عجب إذا سرق الرقاد

وفي هذين البيتين نوع من أنواع البديع يقال له التوليد (2). لأن هذا الشاعر ولد منه تشبيه العذار باللام وتشبيه الفم بالصاد لفظة لص وولد من معناها ومعنى تشبيه الطرة بالليل ذكر سرقة النوم.

وللوداعي (3) فيه أيضا:

يا عارضه جئت مجيئا حسنا

فازددا محياه بهاء وسنا

(1) هو ابو علي الحسن بن علي بن رشيق القيرواني صاحب كتاب العمدة في صناعة الشعر ونقده توفي سنة ثلاث وستين واربعمائة. معجم الادباء 3: 70، ابن خلكان 1:165. بغية الوعاة وفي كشف الظنون وفاته سنة 456. معجم المطبوعات العربية 110.

(2)

التوليد هو ان ينظر الشاعر الى معنى لمتقدم ويكون محتاجا الى استعماله لكونه آخذا في ذلك الغرض فيورده ويزيد فيه. انوار الربيع 5: 323.

(3)

في ب الوادعي وهو خطأ. والوداعي: علي بن المظفر بن ابراهيم الكندي الوداعي، علاء الدين ويقال له ابن عرفة. والوداعي نسبة الى «ابن وداعة الحلبي» . أديب، شاعر من اهل الاسكندرية أقام بدمشق وتوفى بها سنة ست عشرة وسبعمائة. وله ديوان شعر في ثلاث مجلدات. النجوم الزاهرة 9: 235، شذرات الذهب 6: 39، فوات الوفيات 2: 172 والبدر الطالع 1: 498

ص: 145

قالت لي أجفاني لما نظرت

إقبالك هذا عارض ممطرنا

*** وتبعه بعض الشعراء في هذا فقال:

لما بدا في خاله عارض

وشاق قلبي نبته الأخضر

أمطر أجفاني مستقبلا

فقلت هذا العارض الممطر

*** وتبعهم ابن نباتة (1) فقال:

وخدك ذا السهل ما باله

على من رجا قبلة يعسر

عن الورد يروي فيا حسن ما

رواه لنا خلف الأحمر (2)

ويا حبذا حوله عارض

لدمعي هو العارض الممطر

*** وفيه من الباب الأول:

له من الدر عقد فوق شاربه

وفوق عارضه لام من السبج

(1) مرت ترجمته (انظر فهرست الاعلام)

(2)

مرت ترجمته (انظر فهرست الاعلام)

ص: 146

يظن من خجل توريد وجنته

والله ما ذاك إلا من أذى المهج

*** وفيه لابن تميم:

ولما استدارت أعين الناس حوله

تراقبه حيث استقل وسارا

تمثلت الأهداب في ماء خده

فخالوا خيال الشعر فيه عذارا

*** وفيه أيضا وهو منوال غريب:

أعد نظراً فما في الخد نبت

حماه الله من ريب المنون

ولكن رق ماء الخد حتى

أراك مثال أهداب الجفون

*** ومن محاسن صاحب الترجمة قوله في الاقتباس، لما أخذت المدرسة اليونسية التي نحن الآن في خدمتها منه:

مدرسة كانت لأجدادنا

ووالدي كان قديماً بها

فهي أمانات لنا عندكم

«ردوا الأمانات إلى أهلها»

*** ومن الاقتباس لابن نباتة:

ص: 147

لقد عدناكم لما ضعفتم

فلا والله ما وافيتمونا

أفيقوا من ضناكم أو أقيموا

«فإن عدنا فإنا ظالمونا»

وله فيه:

واغيد جارت في القلوب لحاظه

وأسهرت الأجفان أجفانه الوسنى (1)

أجد نظراً في حاجبيه وطرفه

ترى السحر فيها قاب قوسين أو أدنى (2)

*** (ول) صفي الدين الحلي (3):

ومن عجب أني أروم لقاكم

وطرفي لكم محوى وقلبي لكم مغنى

وآمل أن تدنو الديار وشخصكم

بقلبي وطرفي قاب قوسين او ادنى

(ول) محمد الشجاعي (4):

لا تعاشر معشرا ضلوا الهدى

فسواء أقبلوا أم أدبروا

بدت البغضاء من أفواههم

والذي يخفون منها أكبر

(ول) أبي الفضل (5):

(1) في الاصل: الوسنا.

(2)

في الاصل: أدنا.

(3)

عبد العزيز بن سرايا بن علي الحلي الطائي صفي الدين الحلي شاعر الدولة الارتقية توفى ببغداد سنة خمسين وسبعمائة له ديوان شعر مطبوع الدرر الكامنة 2: 369 وفوات الوفيات 1: 279 والاعلام 4: 141 وفيه مصادر اخرى. ومعجم المطبوعات.

(4)

هو ابو بكر محمد بن احمد الشجاعي ورد ذكره في دمية القصر 285 في ترجمة ابن الفقيه ابى علي الشجاعي الاعلم قال الباخرزي في حقه (برع في الفقه والادب، وعاد منهما مقضي الارب واهدى الي من اشعاره نبذا استصلحت لكتابي هذا قوله) ثم ذكر البيتين.

(5)

لعله ابو الفضل عبيد الله بن احمد بن علي الميكالي يرتقى نسبه الى فيروز بن يزدجرد وكان كاتبا بليغا وشاعرا رقيقا عني بالبديع توفى سنة خمس وسبعين واربعمائة وقد نيف على الثمانين له ديوان شعر. صنف الثعالبي كتابه ثمار القلوب في المضاف والمنسوب لخزانته يتيمة*

ص: 148

أشكو الاقارب لا يغب جفاؤهم

يقصد أذاي كبيرهم وصغيرهم

هم يعلنوا عند اللقاء مودتي

والله أعلم ما تكن صدورهم

*** (ول) غيره:

جميع ما يفعله كلفة

إلا أذاه فهو في الطبع

من حل منا بفناء له

حل بواد غير ذي زرع

*** ومثله لبعضهم (1):

لئن أخطأت في مدحي

فما أخطأت في منعي

لقد أنزلت حاجاتي

بواد غير ذي زرع

*** ومثله أيضا:

ألا أن إخواني الذين عهدتهم

أفاعي رمل لا يقصرن عن لسع (2)

ظننت بهم خيراً فلما رأيتهم

نزلت بواد منهم غير ذي زرع

*** (ول) غيره:

أدمعت عيني فمن أجلها

يبكي على حالي من لا بكى

أوقعني انسانها في الهوى

يا أيها الانسان ما غركا

* الدهر 4: 354، اللباب 3: 202، دمية القصر 122، فوات الوفيات 2: 52، هدية العارفين 1:684. الاعلام 4: 344.

(1)

هو ابن الرومي وورد البيت الاول في الديوان لئن اخطأت في مدحيسك ما اخطأت في منعى.

(2)

في الاصلين الذي قد

ص: 149

(ول) عبد الرحمن بن سعيد:

خلية الغانيات أسوأ فعل

فاتقوا الله يا أولي الألباب

وإذا ما سألتموهن شيئا

فاسألوهن من وراء حجاب

(ول) محمد العبدكاني (1):

إذا كنت متخذاً ضيعة

فإياك والشركاء الوجوها

ودار الملوك فان الملوك

إذا دخلوا قرية أفسدوها

*** ومثله قول الآخر مع بديع الاكتفاء:

مليكة الحسن جودي باللقا كرما

لمغرم مدنف قد مات فيك أذى

أفسدت عيشي فقالت تلك عادتنا

قد قال سبحانه إن الملوك إذا

وللاحوص (2):

إذا رمت عنها سلوة قال شافع

من الحب ميعاد السلو المقابر

ستبقى لها في مضمر القلب والحشا

سريرة ود يوم تبلى السرائر

*** ومثله

ألا فانظري للبدر في كل ليلة

فإني إليه بالعشية ناظر

عسى يلتقي طرفي وطرفك عنده

فنشكو جميعاً ما تكن الضمائر

***

(1) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن مودود ابو جعفر المعروف بابن عبد كان كاتب من كبار المنشئين كان على المكاتبات والترسل ايام ابى الجيش خمارويه ابن احمد ورسائله مدونه في عشر مجلدات. وله شعر. الوافي بالوفيات 3: 315.

(2)

هو ابو عاصم عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت الانصاري كان ماجنا متهتكا هجاء توفى سنة خمس ومائة. الاغاني 4: 228. الشعر والشعراء الموشح 290 المؤتلف والمختلف 59، سمط اللآلي 72.

ص: 150

ولقد أبدع ابن نباتة بقوله (1):

وافى إلي وكأس الراح في يده

فخلت من لطفه أن النسيم سرى

لا تدرك الراح معنى من شمائله

والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا

*** ومثله للنواجي (2):

ساق كبدر دجى يسعى بشمس ضحى

بين الندامى يفوق الغصن إن خطرا

فاعجب لشمس أضاءت في يدي قمر

والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا

*** ومثله:

لما تبدى وكاس الراح في يده

وللعقول بحسن الوجه قد قمرا

شبهته قمراً والراح شمس ضحى

والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا

*** ومثله:

جاء الحبيب الذي أهواه من سفر

والشمس قد أثرت في وجهه أثرا

عجبت كيف تحل الشمس في قمر

والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا (3)

***

(1) في النجوم الزاهرة 7: 65 نسب هذان البيتان الى الامير الشاعر سيف الدين ابي الحسن علي بن عمر بن قزل المعروف بالمشد المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة.

(2)

هو محمد بن حسن بن علي بن عثمان النواجي، شمس الدين امير مصري وشاعر وهو صاحب حلبة الكميت، وله ديوان شعر، توفي سنة تسع وخمسين وثمانمائة.

حسن المحاضرة 1: 274، ابن اياس 2: 32، طبقات الشافعية 113. انظر الاعلام ومعجم المطبوعات العربية.

(3)

في انوار الربيع 2: 244: قال ابو الحسن البلنسي الصوفي: كان لي صديق امي لا يقرأ ولا يكتب فعلق فتى، وكان خرج لنزهة، فاثرت الشمس في وجهه، فاعجبه ذلك فانشأ يقول:

رأيت احمد لما جاء من سفر

والشمس قد اثرت في وجهه اثرا

فانظر لما اثرته الشمس في قمر

والشمس لا ينبغي ان تدرك القمرا

ص: 151

وللبديع الهمداني (1):

لآل فريغون في المكرمات

يد أولا واعتذار أخيرا

إذا ما حللت بمغناهم

رأيت نعيما وملكا كبيرا

*** (ول) ابن حجر العسقلاني (2):

خاض العواذل في حديث مدامعي

لما جرى بحراً لسرعة سيره

فحبسته لأصون سر هواهم

حتى يخوضوا في حديث غيره

*** ومثله لبعضهم:

أما السماح فقد مضى وقد انقضى

فتسل عنه ولا تسل عن خبره

واسكت إذا خاض الورى في ذكره

حتى يخوضوا في حديث غيره

*** ولغيره من هذا الباب:

نقضتم العهد وخنتمنني

فحسبي الله القوي الحميد

(1) هو ابو الفضل احمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد الهمداني ببديع الزمان الاديب المشهور توفي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.

معجم الادباء 1/ 94. ابن خلكان 1/ 67، يتيمة الدهر 4/ 167، روضات الجنات 1/ 66.

انظر الاعلام ومعجم المطبوعات العربية.

(2)

هو قاضي القضاة شهاب الدين ابو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن علي بن احمد الكناني العسقلاني الأصل المصري، المعروف بابن حجر، انتهت اليه الرحلة والرياسة، توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة التبر المسبوك 230، حسن المحاضرة 1/ 170 طبقات الشافعية للاسدي 108. الضوء اللامع 2/ 36 البدر الطالع 1/ 87 لسان الميزان 6. الدرر الكامنة 4: خاتمة للناشر. الاعلام 1/ 173 انظر ايضا معجم المطبوعات العربية ودائرة المعارف الاسلامية.

ص: 152

عساه أن يذهبهم إن يشا

عني وأن يأتي بخلق جديد

*** ومنه أيضا (1):

إن كنت أزمعت على هجرنا

من غير ما جرم فصبر جميل

وإن تبدلت به غيرنا

فحسبنا الله ونعم الوكيل

*** (ول) جرجيس الموصلي (2):

يا من يقول أرنا

من أنت فيه مبتلى

لا تنظروا حبي ولا

تلقوا بأيديكم إلى

*** وغيره:

يا مانع الوصل يا حياتي

يا متلف القلب بالتجني

ذرني فقد زادني شجونا

أني أرى في المنام أني

*** و (ل) ابن الصائغ (3):

زار الحبيب بليلة

ووشاته لا تشعر

فضممته ولثمته

وفعلت ما لا يذكر

***

(1) هو لابي القاسم الحسن الكابيني كما جاء في انوار الربيع 2/ 246.

(2)

هو الملا جرجيس بن درويش المتوفى سنة اربعين ومائة والف وسيترجم له المؤلف.

(3)

هو سرى الدين بن احمد بن سراج الدين المعروف بابن الصائغ. ترجم له الخفاجي في الريحانة 2/ 142 وذكره المحبي في خلاصة الاثر 1/ 203 اثناء ترجمته والده احمد وكانت ولادته سنة خمس واربعين وتسعمائة. وتوفي سنة ست وثلاثين والف. وقد ذكر المحبي في خلاصة الاثر 3/ 316 ايضا ابن الصائغ محمد بن ابراهيم الملقب بسرى الدين الدروري المصري الحنفي المعروف بابن الصائغ. وارود له قصيدة وقال انه توفي سنة ست وستين والف.

ص: 153

غيره:

وصلت بالعشق إلى

أن رق لي من عذلا

وقال في الحول أزد

فقلت لا حول ولا

*** غيره:

وصالك والثريا في قران

وهجرك والجفا فرسا رهان

كأنك ما حفظت لسوء حظي

من القرآن إلا لن تراني

*** غيره:

أيها المستطيل بالبغي أقصر

ربما طأطأ الزمان الرءوسا

وتذكر قول الإله تعالى

إن قارون كان من قوم موسى

*** نوع الاقتباس من اجل أنواع البديع وألطفها، وهو أن يضمن المتكلم كلمة من آية أو آية بتمامها من كتاب الله تعالى. وهذا هو الإجماع. وعد بعضهم المضمن في الكلام من الحديث النبوي وزاد الطيبي (1) الاقتباس من مسائل الفقه أيضا.

ولطيف هنا قول القاضي محيى الدين بن عبد الظاهر (2) من

(1) هو الحسين بن محمد الطيبي.

(2)

هو ابو الفضل محي الدين عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر المصري.

ولد بالقاهرة سنة عشرين وستمائة. كان كاتبا بليغا، وشاعرا مجيدا، ونحويا بارعا توفي سنة اثنتين وتسعين وستمائة. فوات الوفيات 1/ 451، هدية العارفين 1/ 463 ايضاح المكنون 2/ 627، النجوم الزاهرة 8/ 38، شذرات الذهب 5/ 421 وانظر دائرة المعارف الاسلامية. والاعلام.

ولولده القاضي فتح الدين تضمين للشطر المذكور كتب به الى والده وهو:

ان شئت تبصرني وتبصر حالتي

قابل اذا هب النسيم قبولا

تلقاه مثلي رقة ونحافة

ولاجل قلبك لا اقول عليلا

فهو الرسول اليك منى ليتني

كنت اتخذت مع الرسول سبيلا

وللامير عز الدين ايدمر السناني المتوفى سنة 707 هـ بدمشق تضمين للشطر الاخير ايضا انظر النجوم الزاهرة 8: 35، 38.

ص: 154

اقتباس القرآن في معشوقة المسمى بالنسيم:

إن كانت العشاق من أشواقهم

جعلوا النسيم إلى الحبيب رسولا

فأنا الذي أتلو لهم يا ليتني

كنت اتخذت مع الرسول سبيلا

*** وقول شيخ شيوخ حماة (1):

يا نظرة ما جلت لي حسن طلعتها

حتى انقضت وأدامتني على وجل (2)

عاتبت إنسان عيني في تسرعه

فقال لي خلق الإنسان من عجل

*** ومنه قوله:

قسماً بشمس جبينه وضحاها

ونهار مبسمه إذا جلاها

وبنار خديه المشعشع نورها

وبليل صدغيه إذا يغشاها

لقد ادعيت دعاويا في حبه

صدقت وأفلح فيه من زكاها

فنفوس عذالي عليه وعذري

قد ألهمت بفجورها تقواها

فالعذر أسعدها يقوم دليله

والعذل منبعث له أشقاها

*** ومنه قول ابن قرناص (3):

(1) هو الصاحب شرف الدين الانصاري عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الشافعي ولد بدمشق سنة ست وثمانين وخمسمائة سكن بعلبك ودمشق وحماة وتوفي سنة اثنتين وستين وستمائة. له في لزوم ما لا يلزم مجلد كبير. ترجمته في النجوم الزاهرة 7/ 214 فوات الوفيات 1/ 289، ذيل الروضتين 231، شذرات الذهب 5/ 309 الاعلام 4/ 151.

(2)

في الاصلين واذا امشى على رجل، وفي خزانة الحموي 541 وفي فوات الوفيات وادامتني. وفي انوار الربيع 2/ 243 واماتتنى.

(3)

مخلص الدين ابو اسحاق ابراهيم بن محمد بن احمد بن قرناص الحموي الشاعر المشهور كان اديبا فاضلا وله اليد الطولى في النظم، مات بحماه سنة احدى وسبعين وستمائة (النجوم الزاهرة 7/ 238).

ص: 155

إن الذين ترحلوا

نزلوا بعين باصره

أسكنتهم في مقلتي

فإذا هم بالساهره

ومن اقتباس الحديث قول الصاحب بن عباد (1):

قال لي إن رقيبي

سيء الخلق فداره

قلت دعني وجهك ال

جنة حفت بالمكاره

*** وفي مثله قول بعضهم:

ولله في عرض السموات جنة

ولكنها محفوفة بالمكاره

*** وقول ابن قلاقس (2) مثله:

وو الله لولا انه جنة المنى

لما كان محفوفاً لنا بالمكاره

*** ولابن نباتة مثله:

عن قده منع الرقيب

وبعده داجي عذاره

واها لها من جنة

حفت بأنواع المكاره

*** ولصفي الدين الحلي مثله:

يا جنة الحسن التي

حفت لدينا بالمكاره

(1) كافي الكفاة ابو القاسم اسماعيل بن عباد بن العباس المعروف بالصاحب بن عباد ولد سنة 324 هـ اربع وعشرين وثلاثمائة وقيل سنة ست وعشرين وثلاثمائة 326 هـ استوزره مؤيد الدولة بن بويه توفي سنة 385 هـ خمس وثمانين وثلاثمائة ترجمته في معجم الادباء 6/ 168، وفيات الاعيان 1/ 206، يتيمة الدهر 2/ 188 شذرات الذهب 2/ 113، والمنتظم 7/ 179. وابن خلدون 4/ 466 الاعلام 1/ 312.

(2)

ابو الفتوح نصر الله بن عبد الله بن قلاقس الازهري الاسكندري الملقب بالقاضي الاعز. شاعر مجيد توفي في عذاب سنة سبع وستين وخمسمائة له ديوان مطبوع. ابن خلكان 2/ 206 حسن المحاضرة 1/ 270 في كشف الظنون وفاته سنة تسع وستين وخمسمائة انظر ايضا معجم المطبوعات العربية.

ص: 156

أني لوجهك عاشق

ولمنظر الرقباء كاره

ولبعضهم فيه:

وبي عاطر الأنفاس من ورد خده

ونرجس عينيه وآس عذاره

له وجنة بل جنة من رقيبها

وواشيه قد حفت لنا بالمكاره

ومن معميات صاحب الترجمة في اسم حسين:

يا سيداً ليس له آخر

في حينا كلا ولا ثاني

حتى على سيء أخلاقنا

بالوصل في الهجر لنا باني

وله في خضر:

إن خامر العقل عذولي بلا

أمر من الحب ولا شرط

لا زال موصوفا بضر الجفا

في مبتداه حيث لا يخطي

وله في فيل:

ما اسم ثلاثي إذا راح من

أحرفه حرف فقد صح لي

فثلثه الثاني ثلث من ال

تالي وثمن جاء للأول

وله في تمساح:

ما اسم خماسي إذا صحف ال

أكثر للفظة وصف السلاح

تم به البدر ولكنه

في الماء قد هام زماناً وساح

وله فيه:

ما اسم من بان إذا راح من

أحرفه ست فباقيه حام

في القلب قد أضحى ولكنه

في البحر قد بات ليال وعام

وله في لقلق:

ص: 157

ما اسم طير نصفه كله

في الضعف لكن قلبه أمر

تصحيفه لف وإن راح من

أحرفه حرف فلي ضجر

قد قام في جزءين لكنه

ذو اربع تم بها الجهر

*** وعلى ذكر اللقلق رأيت لغزاً في فاختة للمقر الأميني (1) صاحب دواوين الإنشاء وهو بديع في فنه:

وما طائر يهوى الرياض تنزها

فيسرح في أفنانها ويغرد

هجاء اسمه خمس حروف تعدها

وخمساه حرف إن تأملت مفرد

وبعدهما تصحيف باقيه إن ترد

بيانا له أفعى تبين وتشهد (2)

وفيه أخ إن تهت عنه فأخته

تدل على من قد عنيت وترشد (3)

ثم سار هذا اللغز إلى الديار المصرية وحله بقية السلف الشيخ زين الدين بن العجمي (4) وأجاب عنه يقول:

أيا من له مجد أثيل وسؤدد

غدا دون مرماه سماك وفرقد

تفيد يسار المقترين يمينه

ويسراه من يمن الغمامة أجوه

سؤالك عن أنثى طروب ولم تزل

على عودها في الروض تشدو وتنشد

وتجذبني بالطوق عند نشيدها

لنحو التصابي لا أطيق أفند

(1) في خزانة الحموي ص 394 وقال المقر المرحومى الاميني صاحب ديوان الانشاء بدمشق المحروسة ملغزا في فاختة

(2)

ورد هذا البيت في الاصلين كما يلي:

وبعدهما تصحيف ما فيه ان ترد

بيانا له افعى تلين وتشهد

(3)

في الاصلين واخته. وصححناها من خزانة الحموي التي نقل عنها المؤلف.

(4)

هو ابو المظفر زين الدين عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن الحلبي مولده بحلب سنة 591 هـ. كان اديبا فاضلا، وله شعر جيد توفي بالقاهرة سنة اربع وسبعين وستمائة ترجمته بالنجوم الزاهرة 7/ 249 شذرات الذهب، 5/ 344. ذيل مرآة الزمان 2/ 136.

ص: 158

وإن بان منها الطرف أمست لعكسها

تخاف الردى ممن لها يترصد

وإن حذفت باقي الأخير فانه

على الحذف خاف بل يلوح ويشهد

وأولها مع ما يليه وطرفها

لنا فاه بالمعنى الذي منه يقصد

وحرفان منها حرف فرد لناطق

وأف لمن للعكس في ذاك يجحد

بقيت بقاء الدهر عزك باذخ

ومن مفرق الجوزا لواؤك يعقد (1)

وألغز ابن حجة في قفص لهذه المناسبة فقال:

أي مغنى أعواده بيت شدو

مرقص مطرب وبالقلب صفق

ولمجموعه النباتي حسن

فزت من بعضه بسمع المطوق (2)

قال ابن حجة: ومما ألحقوه بالألغاز، ما حكي عن بعض الولاة ببغداد، أن العسس جاءوا بغلامين غلب عليهما السكر، فقال لاحدهما: من أبوك؟ فقال الغلام:

أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره

وإن نزلت يوماً فسوف تعود

ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره

فمنهم قيام حولها وقعود

فأطلقه وقد عظم في عينه، وقال هذا أبوه من بيت كبير.

وقال للغلام الآخر: من أبوك؟ فقال الغلام:

أنا ابن من ذلت الرقاب له

ما بين مخزومها وهاشمها

تأتي إليه الوفود خاضعة

يأخذ من مالها ومن دمها (3)

فقال الوالي: ما أشك أن هذا كان ابوه ملكا شجاعا. فأمر

(1) في الاصلين بن عرف الجوزا، وما اثبتناه من الخزانة.

(2)

في الاصلين: لمجموعه النباتي بجمع وما اثبتناه من الخزانة.

(3)

ورد الشطر الثاني في الخزانة: «تأتيه بالرغم وهي صاغرة» وفي نص المؤلف اختلاف يسير عما في الخزانة

ص: 159

بإطلاقه. فلما انصرفا كان في المجلس رجل نبيه، فقال للوالي:

أما الأول فكان أبوه يبيع الفول وأما الثاني فإن أباه حجام (1).

فاعجب الوالي منهما وقال:

كن ابن من شئت واكتسب أدبا

يغنيك محموده عن النسب (2)

ان الفتى من يقول ها أنا ذا

ليس الفتى من يقول كان أبي (3)

ولصاحب الترجمة في رهطي (4):

يا صاحب النظر المنظور والقلم ال

مسطور والعلم المشهور في الغرر

أمن شهاب نجوم من ذكائك في

ألبابنا لاستراق الشعر منحدر

أم هكذا تفعل الألفاظ فينا كما

قد تفعل الخمر في ألباب ذي الحور

أنت المفرق أفكاري فقد طميت

يا بحر واستغربت عن رايق الدرر

أنت الممحل أرضا قد زرعت بها

أغصان مجد فجد يا غيم بالمطر

أنت المغيب أقماري إذا طلعت

أنت المقيد أفهامي فلم تسر

إن قلت ما اسم لشيء في السماء له

مقاعد قلت ما هذا من البشر

أو قلت في الأرض ممساه ومصبحه

ولا يرى قلت هذا غير مقتدر

يا نسمة العرف لا أخليت من أرج

هبي وطهري قلبا منه واستتري

وإن قدرت على تشويش طرته

فشوشيها ولا تبقي ولا تذري (5)

*** وله لغز في قلم:

ما اسم لمن قهر الجبابرة ال

عتاة وذل أصحاب العساكر (6)

(1) في الاصلين: حجاما.

(2)

في الاصلين مضمونة وما اثبتناه من الخزانة.

(3)

في الاصلين: هذا أبي وما اثبتناه من الخزانة.

(4)

الرهطى طائر ويسمى عين السراة (لسان).

(5)

في الاصل ولا تذر

(6)

في الاصلين: العنات

ص: 160

وجرى بميدان البراز

وجر أذيال التفاخر

كم سؤدد وهو المسود

قد كساه لكل زاهر

كم من أمير قد خفي

أضحى به بالضر آمر

ذو مرود لو لم يكن

سيفاً لما قد كان باتر (1)

ذو سطوة لو لم يكن

ملكا لأمسى العزم فاتر

أفعاله اللائي سررن

ملأن أفئدة الدفاتر

ألفاظه اللائي رضين

ظنن فيها سحر ساحر

قاض أولي بأس شديد

عادل لكن جائر (2)

هو مرسل ومصدق

قد جاء في القرآن ظاهر

قد أظهر الأعجاز في

آياته وتراه شاعر

لكن اكذب ما يكون

إذا رقى فوق المنابر

ومن العجائب أنه

لا يخلو من قبر وقابر

فاعجب لمقهور وقاهر

لا بل لمأسور وآسر

هو في ثلاث بل ثلاثي

ثلثه في القبض دائر

في كل قلب منه جز

آن وجزء فيه آخر

والجزء جزأه كجزء منه

أن ترقبه فاخر

فأبنه إن فقت الأوا

ئل عزة وكذا الأواخر

وبرحت ممن ينشر المخ

في في طي السرائر

*** وفيه لبعضهم:

(1) في ب ورد الشطر الثاني: اسدا لاصبح غير كاسر

(2)

كذا في الاصل: أولى وهو خطأ وصوابه ذو.

ص: 161

وذي اصفرار راكع ساجد

أخي نحول دمعه جاري

ملازم الخمس لأوقاتها

معتكف في خدمة الباري (1)

*** وفيه أيضاً:

وأهيف مذبوح على صدر غيره

يترجم عن ذي منطق وهو أبكم

تراه قصيراً كلما طال عمره

ويضحي بليغا وهو لا يتكلم

*** وفيه:

بصير بما يوحى إليه وماله

لسان ولا قلب ولا هو سامع

كأن ضمير القلب باح بسره

إليه إذا ما حركته الأصابع

*** ولصاحب الترجمة لغزاً في حسام:

ما اسم شيء أقام ملوك ال

أرض وانتصروا على الأعداء

هو حام وفيه سام ولكن

هو من عهد آدم الأسماء

سح جوداً على الورى وكذا ما

عكس الأمر بان للآراء

داره الجفن أكله اللحم دأباً

ومن الماء شربه والدماء

*** وله في جدث:

ما اسم شيء لا بد للمرء منه

وسيدخله لو تعمر حقبا

فإذا رمت كشفه فاعتبره

بعد تصحيفه وإلا فجذبا

***

(1) في الاصلين: لاوقاته. وورد في خزانة الحموي ص 393 وذى خضوع راكع ..

ومواظب الخمس لاوقاتها+ منقطع في خدمة الباري.

ص: 162

وله في مروحة:

ما اسم شيء فيه

روح بلا نفس

عاش في العام ربعه

في ضياء وفي غلس

وبباقيه روحه

بين عم وفي عبس

هو كف وساعد

أبداً في العلا جلس

ليس فيه تنفس

والي الريح قد حبس

وبلا روح جسمه

وإذا مات لم يمس

هو إن راح قلبه

حرم الناس في النفس

*** وفيها لبعضهم:

وطائرة ترفرف بالجناح

وترقص في المساء وفي الصباح

مرفعة على كل البرايا

تسرك في الغدو وفي الرواح

لها من خلفها أبداً رسول

يسير بها على هوج الرياح

وفيها أيضاً:

ومحبوبة في القيظ لم تخل من يد

وفي القر تسلوها أكف الحبائب

إذا ما الهوى المقصور هيج عاشقاً

أتت بالهوا الممدود من كل جانب (1)

وعلى ذكر المروحة ما نقله أبو الفوارس إسرائيل الدمشقي قال: كنت عند السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، فحضر رسول صاحب المدينة المصطفوية، على ساكنها أفضل الصلاة وأكمل تحية، ومعه هدايا وتحف. فلما جلس أخرج من كمه

(1) في الاصلين: أنت بالهوى.

ص: 163

مروحة مكتوب عليها سطران (1) بالسعف الأحمر، وقال:

الشريف يخدم مولانا السلطان، ويقول هذه المروحة ما رأى السلطان ولا أحد من بني أيوب مثلها فاستشاط الملك غضبا، فقال الرسول: يا مولانا السلطان، لا تعجل بالغضب قبل تأملها. وكان السلطان صلاح الدين ملكاً حليماً، فإذا مكتوب فيها:

أنا من نخلة تجاور قبراً

ساد من فيه سائر الناس طرا

شملتني سعادة القبر حتى

صرت في راحة ابن أيوب أقرا

*** وعلى ذكر الألغاز ما أنشأته في الشمع، وأرسلته لبعض الإخوان الأدباء وهو:

يا سيدي ومنجدي

ومن به معتمدي

يا أوحد العصر ويا

أبجل من في البلد

فقت أناسي وقتنا

بالحب والتودد

ما اسم ثلاثي رقى

إلى العلا بسؤدد

أوصافه عجيبة

كثيرة بالعدد

يزهد في أوقاته

فمرة بمعبد

وتارة بحانة

وتارة بمسجد

آلاؤه غزيرة

وقلبه لحسدي

بعينهم يحصل ما

سعدت سعداً أبدي

تصحيفه عطية

من واحد لم يلد

لا تقرب المفقود من

هذا إلى التودد

(1) في الاصلين: سطرين والصواب ما اثبتناه

ص: 164

إن قام يسعى بغتة

شابه شكل الفرقد

فأبيض مستخدم

يدعى برأس الأسود

أكرم به في خلوة

نعم حبيب مسعدي

يستر عن كل الورى

فهو رقيب الموعد

فلا ينم عن عاشق

ولا يبث عن أحد

يأسى على أحبابه

أسى الرقيب المعتدي

فالشمس في ضيائه

والبدر في التوقد

ثعبان شكل وسنا

وعقرب بلا يد

يخدم كل زاهد

يسطو بقلب جلمد

يساعد الكافر في ال

كفر وفي التعبد

يصحب كل كامل

يصحب كل سيد

يخدم كل الناس بل

يسعى إلى كل ردي

لا يصحب الخطيب بل

مع النجيب المقتدي

فإن أقل ما فيه من

وصفي لكل مهتدي

غزيرة جليلة

كثيرة بالعدد

لا زلت يا خير الورى

تعلو لفرق الفرقد

حلال أشكال وكم

من معضل معقد

دم بسعود وعلا

يا خير خير منجد

*** تنازعت المصالح فآل الأمر إلى قول صاحب الترجمة في نحوي:

تنازعت لحظاه في قتلتي

فقلت هل ذا جاز يا قاتلي

ص: 165

قال نعم في النحو قد جوزوا

تنازع الفعلين في عامل

*** وله فيه:

لما رأيت الواو في صدغه

فقلت جد بالعطف والوصل

فقال في النحو لقد جوزوا

عطفي وقد قالوه في الأصل

على ضمير المتصل لم يجز

من غير تأكيد ولا فصل

*** وله فيه أيضاً:

قد قيل لي إن بشيراً أتى

يبشر العشاق بالقرب

فقلت هذا خبر قد فشا

محتمل للصدق والكذب

*** ولابن الوردي فيه (1):

وأغيد يسألني

ما المبتدأ والخبر (2)

مثلهما لي مسرعا

فقلت انت القمر

*** (ول) ابن العربي فيه (3):

لي حبيب بالنحو أصبح مغرى

هو مني بما أعانيه أدرى

قلت ماذا تقول حين تنادي

يا حبيبي المضاف نحوك جرا

قال لي يا غلام أو يا غلامي

قلت لبيك ثم لبيك عشرا

***

(1) مرت ترجمته (انظر فهرست الأعلام)

(2)

في الاصل: المبتدى.

(3)

مرت ترجمته (انظر فهرست الأعلام)

ص: 166

(ول) ابى المحاسن الشواء فيه (1):

ومتصف بالنحو أعرب حسنه

فاورد إشكالا غدا عنه مسئولا

سقامي فعل لازم وصدوده

له فاعل لم صير القلب مفعولا

*** وظريف هنا قول بعضهم:

ألف القوام وواو صدغك بعدها

ياء العذار المستدير لمحنتي

أعللن جسمي بالصدود فسميت

عند النحاة إذا حروف العلة

*** (ول) ابن الزين فيه (2):

سباني حسن نحوي بديع

إذا وعد التواصل ليس ينجز

أراني وجهه جمل المعاني

وعارضه مقدمة المطرز

*** ومما قلت أنا فيه:

فحاجبه نون الوقاية صدغه

إلى العطف واو ليس ينفك عن عطفي

ولما رفعت الحال أرجو تعطفا

إلى الوصل نادى في مطالبة الصرف

*** وفيه لابن العفيف (3):

(1) في الاصلين محاسن الشرى والصواب ما اثبتناه. وهو شهاب الدين ابو المحاسن الشواء يوسف بن اسماعيل ابن علي الكوفي الحلبي كان صديقا لابن خلكان وقد ترجم له في الوفيات توفي سنة خمس وثلاثين وستمائة

(2)

ابن الزين المعروف بلبيتكم كان من اصدقاء الشيخ شهاب الدين بن ابي حجلة المولود سنة 725 هـ والمتوفى سنة ست وسبعين وسبعمائة ولم نعثر له على ترجمة.

(3)

محمد بن سليمان بن علي بن الشيخ عفيف التلسماني، المعروف بالشاب الظريف شاعر مجيد ابن شاعر مجيد ولد بالقاهرة ومات شابا بدمشق سنة ثمان وثمانين وستمائة وديوانه مطبوع. ترجمته في فوات الوفيات 3/ 211، المنهل الصافي 3/ 163، تعريف الخلف 2/ 251 والاعلام 7/ 21

ص: 167

يا رب نحوي له مبسم

تقبيله غاية مطلوبي

قد صغر الجوهر من ثغره

لكنه تصغير محبوبي

*** وفيه لبعضهم أيضا:

أفدي الغزال الذي بالنحو كلمني

مناظرا فاجتنيت الشهد من شفته

ثم افترقنا على حال وصفت به

فالنصب من صفتي والرفع من صفته

*** وتلطف من قال:

قد زارني يوماً على غفلة

وجاءني في موضع خال

كنت له رفعاً على الابتدا

وكان لي نصباً على الحال

*** (ول) ابن يغمور فيه (1):

ومليح تعلم النحو يلقى

مشكلات منه بلفظ وجيز

ما تميزت وجهه قط إلا

قام هذا نصباً على التمييز

*** وقلت فيه:

لام العذار لخفض المستهام تلا

ثم ابتدا بالجفا واعتاض بي بدلا

وقال قلبك معتل فقلت له

للغير حقا واما في هواك فلا

*** (ول) ابن نباتة في مليح معذر نحوي:

رب نحوي بدا في خده

عارض كاللام ما اعلا وأسنى

(1) هو الامير شهاب الدين ابو العباس احمد بن موسى بن يغمور بن جلدك المتوفي سنة 673 هـ وذكر البيتين ابن تغرى بردى في النجوم الزاهره 7/ 246 وفيه يحكى بدل يلقى، وقام ايرى بدل قام هذا.

ص: 168

قلت ما هذا السواد المشتهى

قال حرف جاء في الحسن لمعنى

*** (ول) الشهاب الحجازي (1) فيه:

روحي الفداء لنحوي فتنت به

وشاع حبي فيه فهو مشهور

قد جر باللحظ قلبي نحوه فلذا

قلبي وألحاظه جار ومجرور

*** (ول) النواجي (2) فيه:

يا أيها النحوي رق فادمعي

قد أعربت وجداً عليك خفيا

وجوارحي بنيت على ألم النوى

فاعجب لحالي معربا مبنيا

*** ولصاحب الترجمة في منطقي:

تهت في حب منطقي جميل

ليس في حسنه البديع مقارن

قال لي حين قلت وجهك بدر

بين وجهي ووجهه لتباين

*** وقلت فيه:

أبصرت شكلا حسنا

فقلت وصلا قد دنا

فقال لي في صلف

نتيجة الشكل العنا

*** وفيه لابن العفيف (3):

للمنطقيين أشتكي أبدا

عين رقيب يا ليته هجعا

حاذرها من أحبه فأبى

أن نختلي ساعة فنجتمعا

(1) ابو الطيب شهاب الدين احمد بن محمد بن علي بن حسن بن ابراهيم الانصاري الخزرجي الشافعي المشهور بالشهاب الحجازي الشاعر المصري ولد سنة 790 هـ وتوفي 875 هـ.

(2)

هو شمس الدين محمد بن حسن بن علي بن عثمان النواجي القاهري الشافعي كان اديبا شاعرا ولد سنة 785 أو 787 هـ وتوفي سنة 859 هـ وهو صاحب حلبة الكميت.

(3)

انظر حاشية ص 167.

ص: 169

كيف غدت في الهوى وما انفصلت

مانعة الجمع والخلو معا

*** وقلت فيه:

وذو منطق عذب تصور غايتي

ليسلب قلبي وهو جزئي بلا مرا

وما فيه إيجاب لشكوى توجعي

بديهي صد ليس يدري بما جرى

*** وقلت فيه أيضاً:

ومنطقي جاءني

يسأل مني ما الخبر

قلت له ماهيتي

تنبيك عن نفس الكدر

*** وقلت أيضا فيه:

ذو منطق عذب اللمى

أوقعني في ضرر

قلت له كسبك ما

فقال كسبي نظري

*** ولمولانا العبدلي (1) فيه:

ما للمثال الذي ما زال مشتهراً

للمنطقيين في الشرطي تسديد

أما رأوا وجه من أهوى وطرته

فالشمس طالعة والليل موجود

*** وقلت فيه على البدية:

ذو منطق طلق عذب بكل فم

ما مثله أبدا في سائر الأمم

(1) العبدلي: هو الحاج محمد العبدلي المتوفي سنة 1166 هـ، وسيترجم له المؤلف. وينسب صاحب انوار الربيع 2/ 277 هذين البيتين لنصير الدين الطوسي المتوفى سنة 674 هـ.

ص: 170

بدا كبدر الدجى والشمس طالعة

فهذه آية للحاسب الفهم

*** ولصاحب الترجمة فيمن قرأ آداب البحث والمناظرة:

همت بمن ناظرني في الهوى

فحسبي الله ونعم الوكيل

إن قلت صلني فغدا قائلا

إن كنت لي مدعيا فالدليل

*** وقلت فيه:

أفديه من واحد أضحى كشمس ضحى

بالحسن ما في الورى شخص يناظره

ومذ رأى أنني في العشق مدعياً

مع الدليل ولم أقدر أشاطره (1)

طوى الحديث ولم يطلب مباحثتي

يا ليتني كنت قطعا لا أكابره

*** وأنا قلت فيه أيضاً:

ومليح يقرا لآداب بحث

ما له في الورى شريك مداني

يدعى الحسن والدليل عليه

قوله لي مؤكداً لن تراني

*** ولصاحب الترجمة في عروضي:

أهوى عروضيا فيا حسنه

ما لاح للعاشق إلا تلف

في خده الحسن غدا كاملا

وشعره الوافر لا يختلف

كلاهما في وجهه جمعا

أقول ذا دائرة المؤتلف (2)

(1) كذا في الاصول مدعيا وصوابه مدع ولكن الوزن لا يستقيم به

(2)

اشارة الى البحر الكامل والبحر الوافر والمؤتلف.

ص: 171

وأيضا قلت فيه:

وأديب يقري العروض جميل

وأنا في هواه كم خضت بحرا

قلت تقري لمغرم قال لا لا

إن مجزوء عشقنا ليس يقرا

*** وقلت:

وكامل في حسنه

شوقي إليه وافر

طلبت وصلا قال لي

بحر غرامي زاخر

*** (ول) نصر الله بن الفقيه المصري (1) فيه:

وبقلبي من الهموم مديد

وبسيط ووافر وطويل

لم اكن عالما بذاك إلى أن

قطع القلب بالفراق الخليل

*** ومن محاسن صاحب الترجمة قوله في رمال:

فتنت برمال حلا عذب ريقه

وفي ثغره الدر الثمين تنضدا

رأيت بخديه بياضاً وحمرة

فقلت لك البشرى اجتماع تولدا

*** وقلت فيه:

وخارج عن حدود الحسن شمس ضحى

هواه داخل أحشائي مع الخلد

(1) هو نصر الله بن محمد العجمي الخلخالي الشافعي الفقيه درس بالعصرونية بحلب وكان ذكيا، فاضلا متواضعا، ساكنا، حسن العبارة باللسان العربي توفي مطعونا في سنة اثنتين وستين وتسعمائة، شذرات الذهب، 8/ 333. وورد ذكره في انوار الربيع لابن معصوم 2/ 289 باسم ابي نصر الله المصري

ص: 172

فقلت وهو برمل مولع دنف

لنا اجتماع فقال الوصل بالعدد

وقلت فيه أيضا:

ومولع في رمله

يحكى من الخال النقط

قلت اجتماع سيدي

قال نعم ثم سقط

*** وفيه لابن الوردي:

حكى العقيق والنقا

بالرمل والأنامل

وقال وصلي عقله

إلا بقبض الداخل

*** وله في منجم:

ورب منجم قد صد عني

وبي أبداً برؤيته ولوع

فقلت عساك ترجع عن قريب

فقال الشمس ليس لها رجوع

*** وفيه لصاحب الترجمة:

إني هويت منجما

بالحسن قد صار مثل

إن قلت صلني قال لي

الشمس في بيت زحل

*** ومما يدلك على افضاله، ومزيد كماله، ما سنح به طبعه البليغ من بعض رسائله المنثورة، وآثاره المشهورة. ولنورد منها نبذة خفيفة، ورسائل من منشآته لطيفة. حتى يحصل لك الاطلاع، وتلتذ بسماعه النفوس والطباع.

منها ما أرسله إلى شيخ الإسلام تهنئة له بالعيد:

أهنيك في ذا العيد والعيد إنما

يهني أولي الافضال فيك ويعظم

ص: 173

فأنت الذي في كل يوم تحجه

وفود له منها غني ومعدم

وقاصد حج البيت في العام مرة

وذلك ممن يستطيع ويقدم

فلا زلت للإسلام شيخاً وملجأ

وركناً ومقصوداً تجود وتنعم

هذا العيد بين الأيام، كالمولى بين الأنام. فكما نهنيك به يهنينا بك، وكما نرفع الأيدي بالدعاء به إلى الله نرفع أيدي الدعاء لك. وان كان به الحج، وبه العج والثج (1) فالمولى أيده الله كعبة الجود وزمزم الكرم، وفي كل يوم مقصود وعلى بابه تنحر النعم. وإن كان شهره خاتمة الشهور، فالسيد السند أدامه الله ثمرة الأفاضل ونتيجة الدهور، فلا زال ركن الفضلاء وملجأ الضعفاء، وملاذ الأدباء.

فانظر إلى هذه المناسبات الوحيدة، والعقود النضيدة، والألفاظ الفريدة، فإنها كعقود الجمان، غريبة بهذا الزمان.

*** وله رسالة أخرى في قاضي عسكر الروم مثلها:

أهنيك في عيد سما بك رفعة

وما كان لولا النحر يعرف عيد

فأنت به الأيام عيد على الورى

وهذا عليهم كل عام يعود

نهنيك في ذا العيد كما نهني أنفسنا بك، وندعو الله بدوام سعادته عليك كما ندعو بطول البقاء لك. فأنت مركز دائرة الأفاضل، وقطب فلك الفضائل. ونحن وان لم نر من حسنات آثارك، فقد استنشقنا من شذاها أخبارك، وقد حج العبد لكعبة بابك، ليستمسك بالعروة الوثقى من جنابك. تنتثر منه حوادث

(1) العج: الصياح ورفع الصوت ولعله يريد به رفع الحجيج صوتهم بالتلبية. والثج: سيلان دم الهدي

ص: 174

هذا الزمن الغدار، ويتوب عما جناه معه ضر الدهر في هذه الأسفار. فإنه من شجرة مباركة طابت أصلا وفرعا، ونفس زاكية راقت ورقت خلقاً وطبعا. عمري النسب، قرشي الحسب.

عزيز قومه ودياره، وكريم أهله وجاره. إلا أن قوس الغربة رمته بحنايا الذل في هذا البلد. فأصبح بعد ما كان معروفا ينكره كل أحد. وإلى الله المشتكى وإليك، وعلى الله الاعتماد وعليك.

فهمتك قيد الأوابد، ووقف على سبل المحامد.

فارجع البصر كرتين، وانظر إلى هذه الرسالتين، تر (1) العجب العجاب، وأغرابها في هذا الباب. فإنها بديعة الحسن والجمال، على كل حال.

*** وله مثلها إلى قاضي عسكر أناظولي وهي:

أهنيك في العيد الذي أنت في الورى

كما هو في الأيام أصبح مفردا

فلا زالت الأيام أعياد كلها

بسعدك والاعدا ببابك سجدا

هنيئاً لك بهذا العيد السعيد، وأحسن الله لك فيه التعييد. وجعل نجلك الماجد واسطة عقد الشرف، وخلفا صالحا لمن سلف. وأراه بناته وبنيه، وما يريك خالقك فيه. وأسعدنا بك، كما سعدت الأيام بوجودك. وزال عنا الضر، كما زالت كوارث الحوادث بسعودك. فإن هذا العبد الداعي قد رمي بسهام الذل في هذه البلاد بعد ما كان عزيز قومه الانجاد. الجد عمر الفاروق ولا فخر، والقوم قريش أولو النجدة والقدر. وقد طاف حول كعبة كرمك، واستلم الأسعد من ركن هممك. فعسى تمحى منه خطوط الاشكال في

(1) في الاصول: ترى والصحيح ما اثبتناه.

ص: 175

هذه الأيام. ويتوب الدهر عما صنع معه من الشدائد والآلام، فلا برحت أيامك الغر كالأعياد، وأعداؤك في قيد الذل يهيمون في كل شعب وواد.

*** ومن الرائق من كلامه العذب الزلال، الذي هو في هذا الباب من السحر الحلال قوله في رسالة إلى شيخ الإسلام:

بعد تقبيل اليد الكريمة التي هي قطب فلك المعالي، ومركز دائرة الأفاضل والأعالي. لا زال موليها في ذروة أوج الشرف ولا برح منطقة بروج السلف والخلف، بمنه وكرمه.

المعروض للمولى الذي هو مركز العالم بل عمود الدين، والمتمم الحاوي لأمور العالمين: إن هذا العبد الداعي قد لفظته يد الغربة من قوس المصائب في حضيض التعب والنصب. فأصبح- بعد ما كان في بلده في دورة التدوير عقدة الرأس- في هذه البقاع عقدة الذنب، والآن هو في ظل الحدثان، يقاسي الذل وخطة الخسوف، وقد توسط بينه وبين الأبصار كثافة هذا الزمان فلحقه الكسف والكسوف. والمأمول من المولى أيده الله، أن ينجده من زاوية الانعكاس إلى زاوية القائمة والمنفرجة، ويجعل خط حظه المائل مستقيماً، ويرفع عنه خطوط الأشكال المتعوجة، وينجز بوعده فإنه الصادق إذا وعد، وهل ينكر طلوع الصبح وبزوغ الشمس بغير اعتراض الفجر الصادق أحد. فالله يجعل عامه الجديد، وشهره السعيد، محرما عن الكدورات والخطرات.

ربيع الخيرات والحسنات، بالنبي الأمين، وآله وأصحابه الغر الميامين.

ص: 176