الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى التوفيق بينهما، بإيراد عبارات العلماء، مستأنساً بفهومهم، معمّقا لشذرات كلامهم المتناثر في هذا الموضوع، على وجه فيه تأصيل مليح، واستدلال صحيح، وجمع رجيح، بعبارات وجيزة، ونقولات سلفية شهيرة، فجزاه الله عن الإسلام وأهله، والعلم وطلبته؛ خير الجزاء.
•
صحة نسبة الرسالة للمصنف:
هذه الرسالة صحيحة النسبة لمؤلفها بيقين، دون أدنى ظن أو تخمين، فهو ذكرها في ترجمته المسماة «إرشاد الغاوي» (ق 64/أ، و80/أ، و157/ب، و194/أ، و227/ب) ، وكذا في مواطن من كتابه «الضوء اللامع» منها في ترجمته الشخصية عند سرد مؤلفاته (8/ 18) ، وذكرها في مواطن أخرى منه، هي:
- (1/ 289) عند ترجمته (أحمد بن حسين بن علي الشهاب المرحومي الأصل، الأشموني المولد، القاهري، المديني، المالكي) قال: «ولازمني في أشياء، حتى قرأ علي من تصانيفي «السر المكتوم»
…
»
- (6/211) في ترجمته (قايتباي الجركسي المحمودي الأشرفي ثم الظاهري) نعته بقوله: «
…
أحد ملوك الديار المصرية، والحادي والأربعون من ملوك الترك البهية، ويلقب بدون حصر بـ (الأشرف) أبي النضر» . وقال عنه:«وترجمته تحتمل مجلدات من الأمور الجليات والخفيات!!» . وقال بعده مباشرة: «وقد أشرتُ إليه في مقدمات عدة كتب وصلت إليه من تصانيفي
…
كـ «رفع الشكوك بمفاخر الملوك» ،
…
وذكر كتابين آخرين وقال: «و «السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم»
…
» ، وقال عن رسالتنا هذه بعد هذا بسطرين:
«وهو المرسل لي بالسؤال عما تضمنه الرابع (1) من المقال» .
قلت: أشار إلى ذلك في (ديباجة) الرسالة، بقوله: «فقد سئلت عما وقف
(1) يريد رسالتنا: «السر المكتوم» .
عليه السلطان الملك الأشرف، أوحدُ الملوك، والمنفرد بما هو أدرى وأعرف، حفظه الله من جميع أركانه وجهاته، وبلّغه في الدارين النهاية من مسرّاته،
…
» .
ونستفيد من هذا: أن رسالتنا هذه ألفها جواباً على سؤال ورده من الملك الأشرف -رحمه الله تعالى-.
- (9/92) في ترجمة (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يوسف المحب بن الولوي ابن التقي بن الجمال بن هشام القاهري الشافعي)، قال في ترجمته:
«وكان قد قرأ عليّ «السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم» وتردد إليّ في غير هذا» .
- (11/66) في ترجمة (أبي بكر بن أبي الفضل بن أبي البركات القسطلاني الأصل، المكي المولد والدار، الشافعي، وهو فخر الدين بن كمال الدين ابن كمال الدين محمد بن أحمد بن أبي الخير بن حسين بن الزين)(ت 795هـ)، وقال عنه:
«وممن يكتسب بالشهادة بباب السلام وبالنساخة لعبد المعطي وغيره» قال:
«كتب للمشار إليه من تصانيفي عدة، وقرأ عليَّ منها: «الابتهاج» ، و «السر المكتوم»
…
وأجزت له» .
وذكر السَّخاوي رسالتنا هذه في كتب أخرى له، منها:
* «الأجوبة المرضية فيما سئل عنه من الأحاديث النبوية» (2/588) في جواب سؤال عن (عبد الرحمن بن عوف) وهل يدخل الجنة زحفاً؟ وبيَّن وهاء ذلك، وتعرض لمناقبه، واستطرد في سبب كثرة ماله، فقال ما نصّه:
«هذا مع أن كثرة ماله رضي الله عنه إنما كانت ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم حيث قال له: «بارك الله لك» (1) بحيث كان يقول: «إنه لو رفع حجراً لرجا أن يصيب تحته
(1) أخرجه البخاري (5167) ، ومسلم (1427) من حديث أنس.
ذهباً» (1) . ولكون عامة ماله من التجارة، بل ثبت عن عائشة رضي الله عنها وهي ممن أضيف إليها الحديث المسؤول عنه أنها قالت -وقد بعث إليها عبد الرحمن بمال-: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون» ، سقى الله ابن عوف سلسبيل الجنة (2) .
ونحوه عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه: «إن الذي يحنو عليكن من بعدي هو الصادق البار، اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سبيل الجنة» (3) .
أخرجهما الحاكم في «مستدركه» ، وعنده -أيضاً- عن أبي هريرة رفعه:«خيركم خيركم لأهلي من بعدي» (4) .
(1) سيأتي تخريجه.
(2)
أخرجه أحمد (6/76-77، 103-104، 121، 135) ، وفي «فضائل الصحابة» (1249، 1258) ، والترمذي (3749) ، وإسحاق بن راهويه (1755) ، والطحاوي في «المشكل» (3566) ، وابن حبان (6995) ، وابن سعد (3/132-133) ، والحاكم (3/310-311، 312) ، والطبراني في «الأوسط» (3235، 9111) ، وأبو نعيم في «الحلية» (1/98) ، وابن عساكر (10/131-132) ، وهو حسن.
وفي الباب عن ابن عوف نفسه عند البزار (2590 -زوائد) ، وأبي نعيم (1/99) .
(3)
أخرجه أحمد (6/99، 300-302) ، وابن سعد (3/132) ، وابن أبي عاصم في «السنة» (1412، 1413) ، والحاكم (3/311) ، والطبراني في «الكبير» (23 رقم 636، 896) ، وأبو نعيم في «المعرفة» (1 رقم 477) ، وابن عساكر (10/132-133) .
و «سبيل» ويقال «سليل» وهو ماء في الجنة، قاله ابن قتيبة في «غريب الحديث» ، وتعقبه العسكري في «تصحيفات المحدثين» (1/325) بقوله:«ولا أعلم أحداً رواه «من سليل الجنة» ، وإنما الرواية:«من سلسبيل الجنة» » .
قلت: هذا القسم من المفقود من «غريب ابن قتيبة» .
(4)
أخرجه الحاكم (3/311-312) ، وأبو يعلى (10 رقم 5924) ، وابن أبي عاصم في «السنة» (رقم 1414) ، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (2/294) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (7/276- 277) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (10/131) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وإسناده حسن.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وله شاهد صحيح على شرط الشيخين» . وأقره الذهبي. =
وكذا مع ما كان يصل به أمهات المؤمنين: «أوصى لهن بحديقة بيعت بأربع مئة ألف» (1) ، إلى غير ذلك من صدقاته الفاشية وعوارفه العظيمة، حتى إنه أعتق في يوم ثلاثين عبداً، وفي عمره ثلاثين ألف نسمة، وتصدق مرة بِعِيرٍ فيها سبع مئة بَعِير، وردت عليه تحمل من كل شيء، فتصدق بها وبما عليها، وبأقتابها، وأحلاسها.
وعن معمر عن الزهري قال: تصدق ابن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف، ثم تصدق بعد بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمس مئة فرس في سبيل الله وخمس مئة راحلة، وأوصى بعد موته بخمسين ألف دينار، وبألف فرس في سبيل الله، ولمن بقى من البدريين كل رجل بأربع مئة دينار، وكانوا مئة فأخذوها، وكان عثمان رضي الله عنه فيمن أخذ (2) .
ومن تكون الدنيا في يديه ويؤدي الحقوق منها ويتطوع بالأمور المستحبة فيها ولم تكن عائقة له عن الوصول إلى الله -تعالى-، ولا لها في قلبه مزية، ولا يفخر بها؛ خصوصاً على من دونه (3) ، ولا يكون بما في يديه منها أوثق منه بما عند الله، بحيث يحبسها عما شرع له صرفها فيه، مع التقتير على نفسه وعياله، وعدم إظهار نعمة الله عز وجل، ولا ينفقها في وجوه الباطل التي لم تشرع، ولا يبذر يكون
= وقال الهيثمي في «المجمع» (9/174) : «رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات» .
وعند ابن أبي عاصم والحاكم: أن أبا سلمة بن عمرو بن عبد الرحمن بن عوف قال: «فباع عبد الرحمن حديقة بأربع مئة ألف، فقسمها في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم» . وانظر «السلسلة الصحيحة» (1845) .
(1)
انظر التخريج السابق.
(2)
انظر هذا الأثر عند: ابن عساكر (10/139) ، والذهبي في «السير» (1/90) ، وما سيأتي في التعليق على (ص 96-97) .
(3)
الفخر والعجب بالمال، أسوأ مراتب العُجب، ودواءه: انظر في كلِّ ساقط خسيس، وهو أغنى منك، فلا تغتبط بحالةٍ يفوقك فيها من ذكرت، واعلم أن عجبك بالمال حُمقٌ لأنّه أحجارٌ لا تنتفع بها إلا بأن تُخرجها عن مُلكك بنفقتها في وجهها فقط، والمال -أيضاً- غادٍ ورائحٌ، وربّما زال عنك، ورأيته بعينه في يد غيرك، ولعلّ ذلك يكون في يدِ عدوّك، فالعُجب بمثلِ هذا؛ سُخفٌ، والثقة به غرورٌ وضعفٌ.
ذلك زيادة له في الخير، قال صلى الله عليه وسلم:«نعم المال الصالح للمرء الصالح» (1) .
وقيل فيما للطبراني في «الأوسط» عن ابن عباس: يا رسول الله! من السيد؟ قال: «يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام» قالوا: فما في أمتك من سيد؟ قال: «بلى: رجل أعطي مالاً حلالاً، ورزق سماحة، وأدنى الفقير، وقلَّتْ شكاته من الناس» (2) .
وفي حديث مرفوع لأحمد وغيره: «لا بأس بالغنى لمن اتقى،
…
» (3) .
وفي آخر: «من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة؛ مات والله عنه راض» (4) .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «لو كان عندي أُحد ذهباً أعلم عدده وأخرج زكاته، ما كرهت ذلك وما خشيت أن يضرني» (5) .
وقال صلى الله عليه وسلم: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» (6)، وقال:«ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» (7) . إلى غيرها مما بيَّنتُه في «السر المكتوم» ، وكم في الصحابة ممن اتصف بجميع صفات الخير التي ترغب في الإكثار لها كعثمان بن عفان، وطلحة الفياض، والزبير بن العوام، وثلاثتهم من العشرة المشهود لهم بالجنة
-أيضاً-، وسعد بن الربيع، وغيرهم من سادات المسلمين، وترك ابن مسعود سبعين ألف درهم، فيتعين استثناء هؤلاء من عموم: «يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل
(1) سيأتي تخريجه في صلب رسالة السخاوي (ص 84) .
(2)
سيأتي تخريجه في التعليق على رسالة المصنف (ص 86) .
(3)
سيأتي تخريجه في التعليق على رسالة المصنف (ص 88) .
(4)
سيأتي تخريجه في التعليق على رسالة المصنف (ص 87) .
(5)
سيأتي تخريجه في التعليق على رسالة المصنف (ص 87) .
(6)
سيأتي تخريجه في التعليق على رسالة المصنف (ص 169) .
(7)
سيأتي تخريجه في التعليق على رسالة المصنف (ص 86) .
أغنيائهم بخمس مئة عام» (1) ، أو يخصّ بفقراء طبقتهم وهو أظهر» .
ونقلتُ هذا النَّصَّ بطوله للتنبيه على عناية المصنف في هذه المسألة، وله فيها أجوبة متعددة، ظفرتُ بواحد منها بخطِّه، وسأعمل على إثباته على إثر رسالتنا هذه، والله الموفق.
* وذكره في موطن آخر من «الأجوبة المرضية» (3/1002) مختصراً
-أيضاً-، مقتصراً على «السر المكتوم» دون تتمة العنوان.
* وذكره -أيضاً- في كتاب آخر له، هو «استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم وذوي الشرف» (2/ 605) . قال بعد أن أورد حديث علي:«اللهم ارزق من أبغضني وأهل بيتي كثرة المال والعيال» (2) قال: «وقد بيّنتُ -على تقدير ثبوته، مع إيراد نحوه من الأحاديث- الجمع بينهما وبين دعائه صلى الله عليه وسلم لخادمه سيدنا أنس رضي الله عنه بكثرة المال والولد (2) في كتابي: «السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم»
…
» .
* وذكره السخاوي كذلك في «إجازته لتلميذه شرف الدين أبي بكر بن محمد بن سلطان الحيشي» المرفقة في آخر نسخة تشستربتي من كتاب «الجواهر المكللة» ضمن (أسماء مصنفاته) التي سمعها عليه.
(1) أخرجه الترمذي (2353، 2354) ، والنسائي في «الكبرى» في كتاب التفسير (2/92 رقم 368) ، وابن ماجه (4122) ، وأحمد (2/296، 343، 451، 513، 519) ، وابن أبي شيبة (13/ 246) ، وهناد في «الزهد» (589) ، وأبو يعلى (6018) ، وأبو زكريا المطرز في «فوائده» (رقم 88، 89) ، وابن حبان (676) ، وأبو نعيم في «الحلية» (7/ 91، 99، 100 و8/212، 250) ، و «ذكر أخبار أصبهان» (2/59) ، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2/736 رقم 1352) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (5/34 و7/225) ، والبيهقي في «البعث والنشور» (ص 241 رقم 408) عن أبي هريرة مرفوعاً. والحديث له شواهد، وهو صحيح.
(2)
سيأتي عند المصنف، وتخريجه هناك.