الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة التحقيق
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فهذا جواب عن توفيق بين حديثين، لم أره منشوراً من قبل، وهو في موضوع (المال) ، إذ هو توفيق بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأنس بكثرة المال، ودعائه صلى الله عليه وسلم لبعض أحبابه بقلته.
والمادة التي فيه شبيهة مع ما في «السر المكتوم» بل تكاد تكون مختصرة له، فالأحاديث والآثار والأقوال والنقولات متطابقة، ولذا جعلته عقب «السر المكتوم» .
وللسخاوي -رحمه الله تعالى- أجوبة متعددة في هذا الموضوع، نشر منها غير واحد في «الأجوبة المرضية فيما سئل عنه من الأحاديث النبوية» (1) .
وفيها كثير من النقولات المتشابهة مع ما في «السر المكتوم» ، مع زيادة في أحدها كادت أن تنحصر في القسم الذي نقلته في (توثيق نسبة «السر المكتوم» للسخاوي) .
وهذا الجواب -الذي ننشره لأول مرة- خالٍ من عنوان، وهو مذكور في فهارس دار الكتب المصرية، تحت: «جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به
(1) انظرها فيه (2/577-589، 739-745 و3/998-1002) .
ويصدّقه» ، وهكذا أثبت على طرته بخط متأخر جدا ًعنه، وهذا الجواب من محفوظات دار الكتب المصرية، تحت رقم (210- مجاميع) في (6) ورقات، في كل ورقة لوحتان، في كل لوحة (19) سطراً، أوله:
«الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى،
…
» ، وآخره:
«
…
والله الموفق، قاله وكتبه محمد السخاوي الشافعي، غفر الله ذنوبه، وستر عيوبه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، آمين» .
وهذه النسخة بخط السخاوي المعروف، وقد ألحق بخطه في الهوامش زيادات، ووضع بعدها (صح) .
ولا يبعد عندي أن يكون هذا الجواب هو أصل «السر المكتوم» ، ثم بدا له
-فيما بعد- أن توسَّع فيه، ولا سيما بعد أن طلب منه الملك الأشرف قايتباي (1) ذلك، ويقوي هذا الاحتمال الوقوف على تأريخ كلٍّ منهما، وهذا ما لم نقف عليه.
ثم ظهر لي عكس هذا الاحتمال، وتقوى عندي، ذلك أن السخاوي رحمه الله أشار في أول جوابه هذا أنه ألفه بطلب من الملك الأشرف، لكنه أبهمه، ولم يسمِّه، وقال ما نصُّه:
«والتمس (أي الملك الأشرف) من المملوك (أي: السخاوي) ، فكتب ذلك باختصار، لكونه فهم أنّ الغرض حين سمَّى القاصد، إنما هو بيان مرتبة الحديث الثاني، ومن أخرجه، ثم تبيَّن له حقيقة المراد، فقال على سبيل الغرض على المشار إليه، لا قصداً للتطويل لديه، غير معترض لما كتبه أولاً في تخريج الحديث
…
» .
نستفيد من هذا: أن الملك الأشرف طلب اختصاراً لجواب ورد عليه للسخاوي، يريد منه صحة الحديث الثاني -إنْ ثبت- وجواب الجمع فقط، وهذا
(1) انظر ما زبرناه في مقدمة التحقيق لـ «السر المكتوم» .