المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قصة الأبرص والأقرع والأعمى - السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ المال وأحكامه:

- ‌ متى يذم المال

- ‌ متى يمدح المال

- ‌ المال كغيره من الشهوات:

- ‌ فصل النزاع:

- ‌الفصل في المسألة:

- ‌ الصحابة والمال:

- ‌ مراتب الناس في حظوظهم في المال:

- ‌ أهمية التفصيل في التفضيل وثمرته:

- ‌ رسالة السَّخاوي «السِّر المكتوم» :

- ‌ تعريف عام

- ‌ صحة نسبة الرسالة للمصنف:

- ‌ وصف النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق:

- ‌ ترجمة الناسخ:

- ‌ ترجمة المصنِّف

- ‌ اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته:

- ‌ مولده، ونشأته:

- ‌ رحلاته، وشيوخه، وتلاميذه، وعلمه:

- ‌ ملازمته للحافظ ابن حجر، واستفادته منه، ومدحه له:

- ‌ مدحه، والثناء عليه:

- ‌ مؤلفاتهُ

- ‌ المطبوع منها

- ‌ ما وقع بينه وبين عصريه السيوطي:

- ‌ وفاته:

- ‌السِّرُ المكتومُ

- ‌جواز الحرص على الاستكثار من المال الحلال لمن وثق من نفسه بالشكر عليه

- ‌قصة الأبرص والأقرع والأعمى

- ‌«الدنانير والدراهم خواتيم الله في أرضه

- ‌جواب في الجمع بين حديثين

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ نسخة أخرى لهذا الجواب:

- ‌ عملي في التحقيق:

الفصل: ‌قصة الأبرص والأقرع والأعمى

شرّاً له، وربما سألني وليي المؤمن الفقر فأصرفه إلى الغنى، ولو صرفته إلى الفقر لكان شرّاً له» (1) .

و‌

‌قصة الأبرص والأقرع والأعمى

(2)

في مجيء الملَك إليهم وسؤاله إياهم

(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (12/145-146 رقم 12719) بهذا اللفظ من حديث ابن عباس، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/270) :«رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم» . وضعّفه ابن حجر في «الفتح» (11/342) -أيضاً-، وأوله عند البخاري في (الرقاق)(باب التواضع)(رقم 6502) ، وجمع شواهده ابن حجر في «الفتح» (11/341-342) ، والسيوطي في «القول الجلي»

-مطبوع ضمن «الحاوي» -، وشيخنا الألباني في «الصحيحة» (1640) .

(2)

أخرج البخاري (3464، 6653) ، ومسلم (2964) ، وابن حبان (314)، والبيهقي (7/ 219) من حديث أبي هريرة أنه سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول:

«إن ثلاثةً في بني إسرائيل: أبرص، وأقرَع، وأعمى، بدا لله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص، فقال: أيُّ شيء أحبُّ إليك؟ قال: لونٌ حسنٌ، وجلدٌ حسنٌ، قد قذرني الناس.

قال: فمسحه، فذهب عنه، فأُعطي لوناً حسناً، وجِلداً حسناً، فقال: أيُّ المال أحبُّ إليك؟ قال: الإبل -أو قال: البقر، هو شكَّ في ذلك؛ أن الأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل، وقال الآخر البقر-، فأُعطي ناقةً عُشًراء، فقال: يُبارَكُ لك فيها.

وأتى الأقرع، فقال: أي شيءٍ أحبُّ إليك؟ قال: شعرٌ حسن ويذهب عني هذا، قد قذرني الناس.

قال: فمسحه، فذهب، وأعطيَ شعراً حسناً. قال: فأيُّ المال أحبُّ إليك؟ قال: البقر، فأعطاه بقرةً حاملاً، وقال: يبارَكُ لك فيها.

وأتى الأعمى، فقال: أي شيءٍ أحبُّ إليك؟ قال: يَرُدُّ الله بصري، فأُبصر به الناس.

قال: فمسحه، فردَّ إلله إليه بصرهُ، قال: فأي المال أحبُّ إليك؟ قال: الغنم. فأعطاه شاةً والداً.

فأُنتج هذان، ووُلِّدَ هذا، فكان لهذا واد من الإبلِ، ولهذا وادٍ من بقر، ولهذا وادٍ من الغنم.

ثم إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجلٌ مسكينٌ تقطّعت بي الحِبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيراً أَتبلَّغ عليه في سفري.

فقال له: إن الحُقوق كثيرةٌ. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً، فأعطاك الله؟ فقال: ورِثتُ لكابرٍ عن كابرٍ. فقال: إن كنت كاذباً؛ فصيرك الله إلى ما كنت. =

ص: 150

عن الأحبِّ إليهم، وزوال ما بهم ونولِهم ما اختاروه من الأموال، ثم مجيئه إليهم بعد ذلك واحداً بعد واحد، ٍ في هيئة فقيرٍ مسكينٍ يلتمس نائلهم، فجحد كلٌّ من الأبرص والأقرع ما كان فيه قبل ذلك من الفاقة والعلة، ولم يعطِه شيئاً، وشكر الأعمى نعمةَ الله عليه فيما آتاه، وفوّض إلى الفقير أن يأخذ ما أحبَّ، فقال له: أمسك، فإنما ابتليتم فقد رضي عنك، وسَخِط على صاحبيك.

وكذا رُوينا في «المجالسة» (1) من طريق هشام، عن الحسن أنه قال: قد كان الرجل يدَع المالَ إلى جنبه، ولو شاء أتاه فأصاب منه حلالاً، وإنه لمجهود شديد الجهد، فيقال له: رحِمك الله ألا تأتي هذا المال فتصيب منه، فيقول: لا إني والله ما

= وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له مثلما قال لهذا، فرد عليه مثلما ردّ عليه هذا، فقال: إن كنت كاذباً؛ فصيَّرك الله إلى ما كنت.

وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجلٌ مسكينٌ، وابن سبيل، وتقطّعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري. فقال له: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيراً فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله.

فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك» .

وقوله: «بدا لله» بتخفيف الدال، بغير همز؛ أي: سبق في علمه، فأراد إظهاره، ومثله قوله

-تعالى-: {الآن خَفَّفَ اللهُ عنْكُم وعلِمَ أن فِيكُم ضَعْفاً} [الأنفال: 66] ؛ أي: عَلِمَ عِلْمَ الظهور، وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافياً؛ لأن ذلك محالٌ في حقِّ الله -تعالى-، ووقع في رواية للبخاري ومسلم:«أراد الله أن يبتليهم» ، «وهذا هو المحفوظ، وفي إسناد الأولى: (عبد الله بن رجاء) ، وهو الغداني، وفي حفظه كلام. قال الحافظ في «التقريب» : «صدوق، يهم قليلاً» ، ونسبة البداء إلى الله لا يجوز. ومال الحافظ إلى أن الرواية الأولى من تغيير الرواة، وظني أنه من الغداني كما ألمحت إليه، والرواية المحفوظة لم يستحضر الحافظ أنها عند المصنف، فعزاها لمسلم وحده!» . أفاده شيخنا الألباني رحمه الله في «مختصر صحيح البخاري» (2/446) .

(1)

انظر «المجالسة» للدينوري (7/20 رقم 2860- بتحقيقي) ، والأثر أخرجه أحمد -ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (6/269) - عن صفوان بن هشام، وأحمد -ومن طريقه البيهقي في «الزهد الكبير» (29) - عن روح؛ كلاهما عن هشام، به.

ص: 151

أدري لعلي إن أتيتُه فأصبت منه شيئاً أن يكون فساد قلبي وعملي، فلا يقربه حتى يموت بجهده ذلك.

وبهذا الحديث يقيد إطلاق قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحمي عبده المؤمن الدنيا» (1) ، وما أشبهه من الأحاديث التي في التنفير عنها، ولذلك كان أنس رضي الله عنه يقول:«اللهم إني من عبادك الذين لا يصلحهم إلا الغنى» (2) .

وصحّ أنه صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له» (3) .

وقال -تعالى-: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ. كَلَاّ} [الفجر:15] يقول سبحانه: ليس كل من كثّرتُ عليه الدنيا أكون قد أكرمتُه، ولا كل من قدّرتها عليه أكون قد أهنته، بل قد أوسعها على أعدائي إملاءً واستدراجاً، وقد أُقدِّرُها على

(1) سبق تخريجه (ص 135) .

(2)

قطعة من حديث تقدم (ص 147)، وأوله: «يقول الله عز وجل: إنّ من عبادي

» ، وبيَّنَّا ضعفه هناك.

(3)

لم نجده بهذا اللفظ إلا أن الإمام مسلماً أخرج في «صحيحه» (2999) بلفظ: عن صهيب قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاءُ شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر، فكان خيراً له» .

وهو عند أحمد (4/332 و6/15، 16) ، وابن حبان (2896) ، والطبراني (7316، 7317) ، والبيهقي (3/375) ، وفي «الشعب» (9949) ، والقضاعي في «مسند الشهاب» (596) ، وأبي نعيم في «الحلية» (1/154) .

وفي الباب عن أنس عند أحمد (3/117، 184 و5/24) ، وابن حبان (728) .

وعن سعد عند الطيالسي (211) ، وأحمد (1/173) ، والبغوي في «شرح السنة» (1540) ، والبيهقي (3/375-376) بأسانيد حسنة وصحيحة.

ص: 152

أوليائي صيانةً وحمايةً وحفظاً (1) .

وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله قسَمَ بينكم أخلاقَكم وأرزاقَكم، وإن الله يعطي الدنيا من أحبّ ومن لا يحب، ولا يعطي الدِّين إلا من أحبّ» (2) ، وقد يُوسِّعُها على أوليائه كمن أسلفتُ الإشارة بهم، ويُقدِّرُها على خلقٍ من أعدائه كفقر الكفار.

والمؤمن لا بدّ أن يُبتلى تارةً بالسراء ليشكر، وتارةً بالضرّاء ليصبر، فإن الإنسان صبّار شكور، وأما الفاجر فهو كنود يُعدّد المصائب وينسى النعم، وقد قال -تعالى-:{تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعارج:17] ؛ أي: تدعو النار من أدبر عن الحقّ، فتقول: إليّ يا مشرك، إليّ يا منافق، إليّ يا فاسق، إليّ يا ظالم، {وجَمَعَ

(1) انظر: «تفسير الطبري» (24/376- هجر) ، «الوسيط» (4/483) ، «الوجيز» (2/1200) ؛ كلاهما للواحدي، «الكشاف» (4/210) ، «تفسير ابن كثير» (4/540) ، «المحرر الوجيز» (15/441) .

(2)

أخرجه مرفوعاً وموقوفاً: أحمد (1/387) ، والمروزي في «زيادات الزهد» (1134) ، والبخاري في «التاريخ الكبير» (4/313) ، وفي «الأدب المفرد» (275) ، وأبو داود في «الزهد» (رقم 157) ، والبزار (3562) ، والشاشي في «مسنده» (877) ، والطبراني في «الكبير» (8990) ، والإسماعيلي في «المعجم» (2/726- 727 رقم 342) ، والدولابي في «الكنى» (1/141) ، والواحدي في «الوسيط» (4/483-484) ، وأبو نعيم في «الحلية» (4/164 و5/35) ، والحاكم (1/33) -وصححه، ووافقه الذهبي-، والبيهقي في «الشعب» (607، 5524) ، والأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (رقم 72- ط. زغلول) ، والبغوي في «شرح السنة» (2030) ، وابن عدي في «الكامل» (5/1158) من طرق عن عبد الله بن مسعود، وأوله: «إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم

» وفيه زيادة على المذكور.

وقال الدارقطني في «العلل» (5/271) : «والصحيح موقوف» .

وعزاه السيوطي في «المعجم الكبير» (1/172-173) إلى العسكري في «الأمثال» .

قال أبو عبيدة: نعم، الموقوف على ابن مسعود -وهو عند البخاري، وأبي داود، والمروزي، والطبراني- أصح إسناداً، لكن الموقوف له حكم المرفوع، ويعضده شاهدان آخران، فيهما ما في تتمته من غير هذا القسم، انظرهما في «السلسلة الصحيحة» (2714) .

وظفرت بما أخرجه ابن جرير في «تهذيب الآثار» (رقم 519) عن عبيد بن عمير قال: «الدنيا هيّنة على الله، يعطيها من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب» ، وإسناده صحيح.

ص: 153

فَأَوْعَى} [المعارج: 18] أمسَكَه في الوعاء، ولم يُنفقه في طاعة الله، فلم يؤدّ زكاةً، ولا وصَل رحِماً، {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً} [المعارج: 19] ضجوراً شحيحاً جزوعاً من الهلع، وهي شدّة الحرص وقلة الصبر، والمفسرون يقولون: تفسير الهلوع ما بعده، وهو قوله:{إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} [المعارج: 20-21] إذا أصابه الفقر لا يصبر ولا يحتسب، وإذا أصابه المال منعه من حقِّ الله، ثم استثنى الله عز وجل من ذلك الموحدين فقال:{إِلَاّ الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ} [المعارج: 23] يقيمونها في أوقاتها، لا يَدَعونه آناء الليل والنهار؛ يعني: المكتوبة (1) .

وسُئل عقبة بن عامر رضي الله عنه أهُم الذين يصلّون أبداً؟ قال: لا، ولكنه الذي إذا صلّى لم يلتفت عن يمينه وعن شماله (2) ،

{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} [المعارج: 24] ؛ يعني: الزكاة المفروضة، {لِّلسَّآئِلِ} [المعارج: 25] ، وهو الذي يسأل، {وَالْمَحْرُوم} [المعارج: 25] الفقير الذي لا يسأل، يتعفّف عن السؤال (3) .

(1) من قوله: أي: «تدعو النار

» إلى هنا، من:«الوسيط» للواحدي (4/353) بالحرف.

(2)

أخرجه ابن وهب في «تفسيره» -ومن طريقه الطبري في «تفسيره» (23/268- 269) - قال: أخبرنا ابن وهب، أخبرنا حيوة عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير: أنه سأل عقبة بن عامر الجهني، وذكره.

وأخرجه الثعلبي في «الكشف والبيان» (10/40) من طريق حيوة، به.

وأخرجه الواحدي في «الوسيط» (4/353) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد، به.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/266) وعزاه للطبري، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.

وهو ليس في مطبوع «تفسير ابن أبي حاتم» ، ولا مطبوع «تفسير ابن المنذر» !

وأبو الخير هو: مَرْثَد بن عبد الله اليزني، ثقة فقيه، وسائر الرواة ثقات مصريون.

وإسناده صحيح.

(3)

إلى هنا انتهى نقل المصنف من «الوسيط» مع تصرفه في سياق أثر عقبة، إذ أسنده الواحدي.

ص: 154

والحاصل أنه -سبحانه- بيّن أن الإنسان إذا أصابه خير لتَوسِعَةِ الرزق مَنَعَ، وإذا أصابه شرٌّ لضيقِ الرزق جزَعَ، إلا القائمين بالواجبات؛ فإنهم يُبتلون بالخير فلا يمنعون، بل يُعطُون غيرَهم ويحسنون لمن دونهم، ويُبتلون بالشرِّ فلا يَجزعون بل يصبرون، فهم يتواصَوْن بالصبر ويتواصَوْن بالمرحمة، إذا قدَروا رحموا اليتيم والمسكين والضعيف، وإن أُصيبوا صبروا على فرائض الله وأمره، {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168] ؛ أي: امتحناهم بالنعم وبالمصائب (1) .

والفاجرُ إن أُصيب جَزَع، وإن قَدَر ظلم، فهذا التفصيل ونحوه هو الصواب، دون إطلاق الجواب على أنه يمكن الفرق بين المالين بخلاف هذا -أيضاً-، وذلك بأن يقال: لا يلزم من الكثرة التي دعا بها لأنسٍ وجود مالٍ مدّخر، بل لعلها مالٌ يتجدّدُ له في كلِّ يوم من ربحٍ وغيرِه، وهو ينفده أولاً فأولاً، بخلاف التي دعا بها لغيره نفياً وإثباتاً.

ثم رأيت في «مسند أحمد» ما يؤيد هذا، قال أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن حُميد، عن أنس قال: دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أم سُلَيمٍ فأتته بتمرٍ وسمنٍ، فذكر الحديث. وفيه قول أم سليم له: خادمُك أنس ادعُ له، وفيه أنه ما ترك خير آخرةٍ ولا دنيا إلا دعا له به. وقال:«اللهم ارزقه مالاً وولداً، وبارِك له فيه» (2)، قال أنس: فما من الأنصار إنسانٌ أكثرُ مالاً مني، وذكر أنسٌ أنه لا يملك ذهباً ولا فضةً غير خاتمه. وهذه الفائدة رحلة، وحينئذٍ فلا ينافي ما ورد من دعواته صلى الله عليه وسلم المتفق عليها وهي:«اللهم اجعل رزق آل محمدٍ قوتاً» (3) .

(1) انظر: «تفسير الطبري» (23/264- ط. هجر) ، «الوجيز» (2/1133) ، «المحرر الوجيز» (15/96) ، «اللباب» (19/365) .

(2)

سبق تخريجه (ص 146) .

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة (13/240) ، ووكيع في «الزهد» (119) ، وأحمد (2/232، 446، =

ص: 155

وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشةَ رضي الله عنها -كما أخرجه الترمذي وغيرُه مما صحّح الحاكم إسناده-: «يا عائشة! إن أردتِ اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب، وإياك ومجالسة الأغنياء، ولا تستخلفي ثوباً حتى ترقعيه» (1) .

والمروي في «الترمذي» وغيره عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

= 481) ، وفي «الزهد» (1/40) ، والبخاري (6470) ، ومسلم (1055) ، والترمذي (2360) ، وابن ماجه (4139) ، والنسائي في الرقاق من «الكبرى» -كما في «تحفة الأشراف» (10/442) -، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 268) ، وابن حبان (6334) ، وابن السني في «القناعة» (رقم 59-62) ، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2/18) ، وأبو نعيم في «الأربعين على مذهب المتحققين» (رقم 7) ، والبيهقي في «السنن» (2/150 و7/46) ، وفي «الشعب» (1454) ، وفي «الدلائل» (1/ 339 و6/87) من حديث أبي هريرة.

(1)

أخرجه بنحوه الترمذي (1780) -وقال: «حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان» . وقال: «وسمعت محمداً يقول: صالح بن حسان منكر الحديث وصالح بن أبي حسَّان الذي روى عنه ابن أبي ذئب: ثقة» -، وأبو يعلى -مختصراً- (4610) ، وابن سعد في «الطبقات» (6/76)، والحاكم (4/312) -وقال:«صحيح الإسناد ولم يخرجاه» -، وابن بشران في «الأمالي» (رقم 134) ، وابن عدي في «الكامل» (4/1370) -ومن طريقه ابن الجوزي في «الموضوعات» (3/139-140) -، وابن السني في «القناعة» (رقم 64- 66) ، وابن الأعرابي في «الزهد» (رقم 89)، والبيهقي في «الشعب» (5/157 رقم 6181) -وقال:«تفرد به صالح بن حسَّان، وليس بالقوي» -، والبغوي (12/44-45 رقم 3115) ، وأبو نعيم في «الأربعين على مذهب المتحققين» (رقم 39) ، و «ذكر أخبار أصبهان» (1/89) من حديث عائشة.

وأورده الديلمي (8614) .

والحديث مداره على صالح بن حسَّان. قال أحمد عنه: «ليس بشيء» ، وقال ابن أبي حاتم، وابن معين وأبو داود:«ضعيف الحديث» ، وقال النسائي:«متروك الحديث» . انظر: «تهذيب الكمال» (13/30-31) .

وأورده الذهبي في «الميزان» (2/156) من منكراته، بينما أعله في «التلخيص» بالورّاق! وهو متابع، ولم يعزه السيوطي في «الدر المنثور» (4/192) إلا للحاكم والبيهقي، وفاته الترمذي، وهو أعلى وأشهر!

ص: 156

(1)() أخرجه الطيالسي (1133) ، والحميدي (909) -ومن طريقه الخطابي في «العزلة» (ص 120) -، ووكيع في «الزهد» (133) ، وأحمد في «مسنده» (5/252 و255) ، وفي «الزهد» له (ص 11) ، وابن ماجه (4117) ، والترمذي (2347) ، والروياني في «مسنده» (رقم 1205، 1219) ، وابن الأعرابي في «الزهد» (رقم 102، 104، 105) ، وأبو بكر النجاد في «حديثه» (ق14/ب) ، والحاكم (4/123) ، وابن عدي (5/223) ، وابن أبي الدنيا في «التواضع والخمول» (13) ، والطبراني في «الكبير» (7829، 7860) ، وأبو نعيم في «الحلية» (1/25) ، والشجري في «أماليه» (2/201) ، والبيهقي في «الزهد» (196-198) ، والآجري في «الغرباء» (ص 53) ، والنقاش في «فوائد العراقيين» (رقم 20) -ومن طريقه أبو طاهر السلفي في «الفوائد الحسان» (ق 3/أ) -، والبغوي في «شرح السنة» (4044) من ثلاثة طرق عن أبي أمامة مرفوعاً، وفيها ضعف شديد، ففي الأولى: عبيد الله بن زحر، وعلي بن زيد، وفي الثانية: صدقة بن عبد الله ضعيف جداً، وأيوب بن سليمان مجهول، والثالثة: مسلسلة بالضعفاء، وأشد شيء فيها العلاء بن هلال، منكر الحديث، وفيها هلال بن عمر ضعيف، وأبوه مجهول.

وللحديث شواهد لا يفرح بها سبق الكلام عليها بتفصيل، ولله الحمد والمنّة.

وأورده الدينوري في «المجالسة» (4/509) برقم (1756) من كلام ابن سنان العوفي.

(2)

أورد كثيراً من أحوالهم في النفقة والكرم جمع، وأفرد ذلك غير واحد بمصنفات طبع منها غير كتاب، مثل: البُرجلاني له «الكرم والجود وسخاء النفوس» ، وأبو هلال العسكري له «فضل العطاء» (قيد التحقيق بقلمي) ، والدارقطني له «المستجاد» ، والحربي له «إكرام الضيف» ، والتنوخي له «المستجاد من فعلات الأجواد» (قيد الطبع بتحقيقي) ، وطبع سابقاً مرتين، ولابن المبرد «المستزاد على المستجاد» ، وطبع له «إتحاف النبلاء بأخبار وأشعار الكرماء والبخلاء» ، و «مراقي الجنان بالسَّخاء وقضاء حوائج الإخوان» ، وللمناوي «الدر المنضود في ذم البخل ومدح الكرم والجود» ، وللمصنِّف «الجواهر المجموعة» ، وطبع -أيضاً- «الكرم والجود والسخا» لأسعد الصاغرجي، و «نوادر الكرام في الجاهلية والإسلام» لإبراهيم زيدان. =

ص: 157

قالت أم ذَرَّة -فيما أخرجه ابن سعد-: أُتيت عائشةَ رضي الله عنها بمئة ألفٍ، ففرّقَتْها وهي يومئذٍ صائمة، فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقتِ أن تشتري بدرهمٍ لحماً تفطرين عليه؟! فقالت: لو كنتِ أذكرتني لفعلتُ (1) .

وكان دخْلُ الإمام الليث بن سعد رحمه الله في السنة ثمانينَ ألف دينارٍ،

= وللمحدِّثين نصيب أكبر في هذا الباب، والمفقود منه غير قليل. وانظر:«معجم الموضوعات المطروقة» (2/1036- 1037) .

وللمصنف كلمة مجملة في «الأجوبة المرضية» (2/588 و3/1002) نحو المذكورة هنا.

(1)

أخرجه الدارقطني في «المستجاد من فعلات الأجواد» (ص 60 رقم 36) : حدثنا عباس ابن عبد السميع الهاشمي: نا أحمد بن الخليل، نا أبو النضر: نا سليمان بن المغيرة، عن هشام بن عروة قال: حدثتنا أم ذرة -وكانت تدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - قالت: دخلت على عائشة، وعندها مئة ألف درهم، فجعلت تقسم حتى ما بقي منها شيء، ثم قالت:

وذكره، وإسناده حسن.

وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (8/67)، وأبو نعيم في «الحلية» (2/47) من طريق محمد بن خازم: ثنا هشام بن عروة، عن ابن المنكدر، عن أم ذرة بنحوه.

وأخرجه الدارقطني -أيضاً- «في المستجاد من فعلات الأجواد» (ص 61 رقم 37) ، والحاكم في «المستدرك» (4/13) ، وأبو نعيم في «الحلية» (2/47، 47-48، 49) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (59/192) من طريق هشام بن عروة؛ عن أبيه، «أن معاوية بن أبي سفيان بعث إلى عائشة مرة بمئة ألف،....» وذكره بنحوه بأسانيد، بعضها صحيحة.

وذكر مصعب بن عبد الله الزبيري في «نسب قريش» (ص 295) -ومن طريقه أبو القاسم البغوي في «مسند علي بن الجعد» (رقم 1673) - قال: محمد، وأبو بكر، وعمر بنو المنكدر بن عبد الله بن الهُدير بن محرز بن عبد العُزَّى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تَيْم بن مُرَّة، وكان المنكدر خال عائشة، فشكا إليها الحاجة فقالت له: أول شيء يأتيني أبعث به إليك، فجاءتها عشرة آلاف درهم، فبعثت بها إليه، فاشترى المنكدر جارية من العشرة آلاف، فولدت له محمداً وأخويه.

ونحو المذكور: أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (رقم 754) ، وأحمد في «الزهد» (ص 165) ، وابن السني في «القناعة» (رقم 29) .

والخبر في «التذكرة الحمدونية» (2/307) -وفيه أن معاوية هو المرسل! -، و «إحياء علوم الدين» (3/363) ، و «الجواهر المجموعة» (رقم 139) للسخاوي، و «المحاسن والمساوئ» (ص 186) -وفيه:«أم ذر» !! -، و «المستجاد» للتنوخي (ص 17 رقم 4- بتحقيقي) .

وانظر: ما ذكرناه في (مقدمة التحقيق)(ص 14) .

ص: 158

وما وجبت عليه زكاةٌ قطّ، بل كان يُنفِدها أولاً فأولاً، بحيث يعطي الألف دينار دفعةً، والخمس مئة ونحو ذلك (1) .

وأما إمامنا الشافعيُّ رحمه الله فإنه قَدِم مرةً من اليمن إلى مكة ومعه عشرون ألف دينارٍ، فضرَب خيمةً خارجاً من مكةَ، وأقام حتى فرّقها كلّها (2) .

(1) المذكور مأخوذ من «الإحياء» (8/186-187- شرحه «إتحاف السادة المتقين» ) بتصرف، وأورد الزّبيدي قصصا ً وحكايات تدلل على غاية جود الليث وكرمه، وقال (8/187) :

«وروى محمد بن رمح قال: كان دخل الليث في كل سنة ثمانين ألف دينار، ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط. وقال شعيب بن الليث: يستغلُّ أبي في السنة ما بين عشرين ألف دينار إلى خمسة وعشرين ألفاً، تأتي عليه السنة وعليه دين. وقال أبو سعيد بن يونس: وكانت غلّته من قرية قرقشندة على أربعة فراسخ من مصر، وبها كانت ولادته» .

قال أبو عبيدة: وانظر قصصاً في إعطائه وكرمه في:

«المعارف» (ص506) لابن قتيبة، و «المجالسة» (4/27 رقم 1179- بتحقيقي) ، و «شعب الإيمان» للبيهقي (رقم 10949، 10950، 10951، 10952، 10960) ، و «تاريخ بغداد» (13/7، 8) ، و «الحلية» (7/319) ، و «وفيات الأعيان» (4/130) ، و «المستجاد من فعلات الأجواد» (ص 162-163 رقم 88 - بتحقيقي) ، و «تهذيب خالصة الحقائق» (1/259) ، و «السير» (8/148-149) ، و «الرحمة الغيثية بالترجمة الليثية» (1/242- ضمن «مجموعة الرسائل المنيرية» ) ، و «الجواهر المجموعة» (ص 94 رقم 170، 171) للمصنف، و «مراقي الجنان» (ص 250- 253) لابن عبد الهادي.

(2)

اختصر المصنف الخبر، وأسنده مخرِّجوه إلى الربيع قال: سمعتُ الحميدي يقول: قدم الشافعي رحمه الله من صنعاء إلى مكة، بعشرة آلاف دينار، فضرب خباءة في موضع خارج من مكة، ونثر الدنانير على ثوب، ثم أقبل على كل من دخل عليه يقبض ويعطيه، حتى صلى الظهر، ونفض الثوب وليس عليه شيء.

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (9/130) : حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم: ثنا عبد الملك بن محمد بن عدي قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الحميدي يقول:

فذكره بنحوه.

وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (7/451- 452- رقم 10960)، وفي «مناقب الشافعي» (2/220) : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الحميدي يقول: «قدم الشافعي

» وذكره بنحوه. =

ص: 159

وأرسل إليه أمير المؤمنين هارون الرشيد مرةً بخمسةِ آلاف دينارٍ، فلما وصلت إليه استدعى بالحجَّام فأخذ من شعره، فأعطاه خمسين ديناراً، ثم أخذ رقاعاً فصرَّ من تلك الدنانير صُرراً، ففرقها في القرشيين الذين هم في الحضرة، وصرَّ لمن يعرفه من أهل مكة حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل من مئة دينارٍ (1) .

ولو سردتُ أحوال الصحابة فمَنْ بعدهم من الأئمة والخلفاء والملوك وسائر الناس في ذلك إلى وقتنا هذا لكان شيئاً عجباً (2) ،

ولكن قد ذكرتُ من ذلك جملةً

= والخبر أخرجه التيمي الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (2/641) ، من طريق محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن الربيع، عن الحميدي، بنحوه. وفيه «عشرون ألفاً» -كما عند المصنف- بدل «عشرة آلاف» .

والخبر أورده الطرطوشي في «سراج الملوك» (1/389) ، بنحوه، والتنوخي في «المستجاد» (رقم 96- بتحقيقي) ، وذكره القشيري في «الرسالة» (ص 114) ، والغزالي في «الإحياء» (8/189- مع «الإتحاف» ) ، والذهبي في «السير» (10/38) ، والفخر الرازي في «مناقب الشافعي» (ص313) ، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص123) -وتكلم على اختلاف ألفاظه-، والمصنف في «الجواهر المجموعة» (172) ، والمناوي في «مناقب الشافعي» (ص 120) .

• فائدة: قال البيهقي: «وقال غيره: عن الربيع في هذه الحكاية: وفرق المال كله في قريش، ودخل مكة» .

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي ومناقبه» (ص166-167) ، وأبو نعيم في «الحلية» (9/131) ، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (2/226) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (51/ 271) ، وذكره النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/57) ، والذهبي في «السير» (10/38) ، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص 123) ، والمناوي في «مناقب الشافعي» (ص 119) .

وانظر: «بلوغ الأماني» (25-26) ، إذ ورد ذكر لمحمد بن الحسن في الخبر في رواية ابن أبي حاتم، والله الموفق والعاصم.

(2)

إذ فيها ما يدلل على أنهم أجود من السحاب، وهي شاهد عدل على طبائع وسجايا الصحابة والصالحين، وقد قيل: إن الله خص العرب بالاختيار؛ لتوفّر (الكرم) و (الصدق) فيهم، والأول عماد (المعاملات) ، والثاني عماد (العبادات) . ونحن اليوم نعد إعطاءهم تبذيراً! ولذا أتى على أصحاب هذه الأخبار بضعة قرون، وقلَّ أن قام بعدهم من جرى على طريقتهم، وإذا حلَّلنا نفسية أهل تلك القرون =

ص: 160

في كتابي المسمى بـ «الجواهر المجموعة» (1)، قال ابن عمر رضي الله عنهما:«لقد رأيتنا وما صاحب الدينار والدرهم بأحق به من أخيه المسلم، ثم لقد رأيتنا بأخرةٍ الآن والدينار والدرهم أحب إلى أحدِنا من أخيه المسلم» (2) .

وما أحسن قول القائل (3) :

= بميزان عصرنا ما استطعنا إلا التسليم مع بالغ الدهشة، ولعلّنا نعد فعلهم (سفهاً) !! حاشاهم، فإن لكل عصر موازين لأمواله قد لا تشابه عصراً آخر، والقمة في التصور والتطبيق كان في حال السلف وفعلهم، وتأمّل ما ذكره المصنّف جيداً، فإنّ به ومن خلاله نستطيع أن نضع كل شيء في مكانه، والتطبيق العملي للسلف -فيما أشار إليه المصنّف- هو الأنموذج العلمي الناصع لفهم نصوص الكتاب والسنة، وقد أحسن المصنف في تأييد ما ذهب إليه من تفصيل بتأكيد ما كانوا عليه من فهم وعمل.

(1)

تتمة اسمه: «والنوادر المسموعة» ، وهو مطبوع سنة 1421هـ عن دار ابن حزم، بتحقيق الأستاذ محمد خير رمضان يوسف في (454) صفحة.

وانظر عنه: كتابي «مؤلفات السَّخاوي» (رقم 182- الطبعة الثانية) ، وهي مزيَّدة ومنقَّحة.

وما أشار إليه مذكور فيه (ص70، وما بعدها) .

(2)

أورده المصنف في «الجواهر المجموعة» (128) دون آخره: «ثم لقد رأيتنا

» ، ولم يعزه فيه لأحد -أيضاً-، ثم وجدته مسنداً هكذا عند البيهقي في «الشعب» (رقم 10870) من طريق سعدان ابن نصر -وهو ليس في «جزئه» المشهور المطبوع-: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن نافع، عن ابن عمر. وإسناده صحيح.

• تنبيه مهم: ورد هذا القول عن ابن عمر -أيضاً- ثم قا ل-رضي الله عنه: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم

» كما في رواية البيهقي في «الشعب» (10871) -أيضاً-، وقد خرّجت الحديث المذكور في تعليقي على «إعلام الموقعين» (5/77-78) ، ولله الحمد والمنّة.

(3)

أول بيتين في «المناقب والمثالب» (ص232 رقم 729) منسوبان لحاتم الطائي! وليسا في «ديوانه» ، وهما ليسا له. والصحيح أنهما لبكر بن النّطاح، وهما في «ديوانه» (239) ضمن (شعراء مقلّون) و (2/421) ضمن (أشعار اللصوص) ، والثاني وقبله آخر في «ثمرات الأوراق» (126) لأبي دلف العجلي، وهما بلا نسبة في «العقد الفريد» (1/198- ط. دار الكتب العلمية) ، و «روضة العقلاء» (213) ، والثاني -غير منسوب أيضاً- في «بقية الخاطريات» (61) .

وأول اثنين عند الكلاباذي في «بحر الفوائد» (ص 331)، وقبلهما: «أنشدني أبو القاسم الحكيم رحمه الله

» ، وعقبهما في بيان (شرف الفقر) :«وكفاك بفضل بينهما أن ذا المال يحتاج إلى التطهير، ولولا التدنس به لم تطهره الزكاة» .

ص: 161

ملأتُ يديَّ من الدُّنيا مراراً

فما طَمِعَ العَواذِلُ في اقتصادي

ولا وجبَتْ عليّ زكاةُ مالٍ

وهل تجبُ الزكاةُ على جوادِ

بذرتُ المالَ في أرض العطايا

فأصبحَتِ المكارمُ من حصادي

ولو نلتُ الذي يهواه قلبي

لوسّعتُ المعاشَ على العباد

ويُستأنَس لما أشرت إليه بكون مال المرء النافع في الحقيقة هو الذي يقدمه بين يديه (1) ،

كما قال صلى الله عليه وسلم وقد سأل أصحابَه: «أيكم مال وارثِه أحبّ إليه من ماله؟» . قالوا: يا رسولَ الله! ما منا أحدٌ إلا ومالُه أحب إليه من مال وارثه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اعلموا ما تقولون» . قالوا: ما نعلم إلا ذاك يا رسولَ الله، قال:«ما منكم رجلٌ إلا مالُ وارثه أحبُّ إليه من ماله» . قالوا: كيف يا رسولَ الله؟، قال:«إنما مالُ أحدكم ما قدّم، ومال وارثه ما أخّر» (2) .

ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: «أمالُك أحب إليك أم مال مواليك؟» ،

(1) لا يكون ذلك إلا بترويض النفس، والاستشعار أن الصدقة لا تُنقص المال، بل تزكّيه وتنمّيه. أخرج مسلم (رقم 2588) عن أبي هريرة رفعه:«ما نقصت صدقة من مال» . واعلم أن من جبلّة الإنسان الشح بالمال، فأراد الشرع أن يقلع ذلك بمثل هذه القناعة، ولذا كان بعض السلف يعطي السُّؤال ويقول لهم:«مرحباً بمن يوفّر مالنا لدارنا» نقله القرافي في «الذخيرة» (3/5) .

وأخرج ابن خزيمة (2457) ، وأبو عبيد (904) ، وابن زنجويه (1331) ؛ كلاهما في «الأموال» ، والبزار (943- زوائده) ، وأحمد (5/350) ، والطبراني في «الأوسط» (1038) ، والحاكم (1/417) ، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/187)، و «الشعب» (3474) من حديث بريدة مرفوعاً:«ما يُخرج رجل صدقته حتى يفُكَّ بها لحيَيْ سبعين شيطاناً» . وإسناده صحيح. وانظر: «السلسلة الصحيحة» (1268) .

وورد في الباب موقوفاً على أبي ذر، أخرجه ابن أبي شيبة (3/111) ، وابن المبارك في «الزهد» (649) ، وابن زنجويه (1332) ، والبيهقي في «الشعب» (3475) ، والراوي له عنه راشد بن الحارث مجهول، فالإسناد ضعيف. وانظر:«فيض القدير» (5/642، 644- ط. دار الكتب العلمية) .

(2)

أخرجه بنحوه أحمد (1/382) ، والبخاري (6442) - مختصراً، وفي «الأدب المفرد» (153) ، والنسائي (6/273) ، وأبو يعلى (5163) ، والشاشي (836) ، وابن حبان (3330) ، وأبو نعيم في «الحلية» (4/128) ، والبيهقي (3/368) ، والبغوي (4057) من حديث ابن مسعود.

ص: 162

قلت: لا، بل مالي، قال:«فإن لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو أعطيت فأمضيت، وسائره لمواليك» (1) ،

فقلت: أما والله لئن رجعت لأقلنَّ عددها.

وشاهد ذلك في «الصحيح» ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«يقول العبد: مالي مالي، وإنما له من ماله ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فأمضى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس» (2) .

أو تكون الكثرة المدعو بها لأنس هي الكثرة من المواشي، وكذا من الزرع والغرس، الذي قال صلى الله عليه وسلم فيه -كما في «صحيح مسلم» وغيرِه- من حديث جابرٍ وغيرِه:«ما من مسلمٍ يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان أو بهيمة أو شيء -وفي لفظٍ: «أو طائر» - إلا كان له به صدقةً» (3) . وذلك كان أكثر أموال الأنصار،

(1) أخرجه مطولاً البخاري في «الأدب المفرد « (953) ، والطبراني في «الكبير» (18/870) ، والحاكم (3/612) ، والبغوي في «معجم الصحابة» (5/3 رقم 1961) ، والبيهقي في «الشعب» (3336) ، والمزي في «تهذيب الكمال» (24/58) من حديث الحسن البصري، عن قيس بن عاصم المنقري السعدي، وعزاه الهيثمي في «المجمع» (3/107) إلى الطبراني، وقال:«وفيه زياد الخصاص وفيه كلام وقد وثق» .

قلت: كذا فيه «الخصاص» ! وصوابه «الجصاص» بفتح أوله وهو جيم، خلافاً لما في مطبوع «المعجم» وغيره، ضبطه ابن ناصر الدين في «التوضيح» (2/365) ، وترجمه الخطيب في «تاريخ بغداد» (8/474) ، وتكلم فيه غير واحد.

وفي «مصنف عبد الرزاق» (4/30 رقم 6868) عن ابن جريج قال: «حُدثت أن رجلاً من بني نهدٍ قال:....» وذكر الحديث.

وأخرجه مختصراً -دون ذِكر موطن الشاهد-: أحمد (5/61) ، والطيالسي (1085) ، وابن سعد في «الطبقات» (7/36) ، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1163) ، والبزار في «مسنده» (1378- زوائده) من طرق، عن قيس بن عاصم.

(2)

أخرجه أحمد (2/368) ، ومسلم (2959) ، وابن حبان (3244، 3328) ، والعقيلي في «الضعفاء» (2/321) ، والبيهقي (3/368) ، وفي «الشعب» (3333) ، وابن عبد البرّ في «التمهيد» (2/5) من حديث أبي هريرة.

(3)

أخرجه أحمد (3/147، 229) ، والبخاري (2320، 6012) ، ومسلم (1553) ، والترمذي (1382) ، وأبو يعلى (2851) ، والبيهقي (6/137) ، والبغوي (1649) من حديث أنس بن مالك.

ص: 163

الذي قال رضي الله عنه وعنهم-: أنه من أكثرهم مالاً.

ويؤيده قوله -كما مضى قريباً- أنه لا يملك ذهباً ولا فضة غير خاتمه، وكذا يستأنس له بما ورد أنه كان له بستانٌ يحمل في السنة مرتين، وكان فيه رَيحان يجيء منه ريح المسك.

وفي «الأدب المفرد» (1) للبخاري من حديث سِنانٍ، عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل علينا (أهل البيت) فدخل يوماً فدعا لنا، فقالت أم سليم: خويدمك! ألا تدعو له؟ قال: «اللهم أكثر مالَه وولدَه، وأطل عمرَه واغفر له» ، فدعا لي بثلاثٍ، فدفنت مئة وثلاثة، وإن ثمرتي لتطعِم في السنة مرتين، وطالت حياتي حتى استحييت من الناس، وأرجو المغفرة.

وجاءه قيّمُه في أرضه فقال: يا أبا حمزة عطِشَت أرضك، فتردَّى -أي: لبس رداءَه- ثم خرج إلى البرية، ثم صلى ما قضى الله له، ثم دعا، فثارت سحابة وغشيَت أرضَه، ومطَرت حتى ملأت صهريجاً (2) له، وذلك في الصيف فأرسل بعض أهله، فقال: انظروا أين بلغت، فإذا هي لم تَعدُ أرضه (3) .

وشبيه قصة أنس رضي الله عنه هذه ما صحَّ في «مسلمٍ» من حديث عبيد ابن عُمير الليثي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بينما رجل بفلاةٍ من الأرض فسمع صوتاً في سحابة: اسقِ حديقة فلانٍ، فتنحى ذلك

(1) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (رقم 653) ، وقد سبق تخريجه مطولاً بطرقه ورواياته.

(2)

كذا جاءت مجوّدة بخط الناسخ أبي الفضل الأعرج، وهي بخط السخاوي في «جواب

» الملحق بآخر رسالتنا هذه «صهريزة» مجوّدة.

(3)

أخرجه بهذا اللفظ: ابن أبي الدنيا في «مجابو الدعوة» (رقم 79) -ومن طريقه اللالكائي في «السنة» (رقم 110- 111) ، وابن بشكوال في «المستغيثين بالله تعالى» (رقم 19- ط. دار الكتب العلمية، ورقم 20- ط. دار المشكاة) -، والبيهقي في «الدلائل» (6/148) من طريق جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس. وإسناده حسن.

وبنحوه عند ابن سعد (7/21) من طريق ثمامة، عن أنس.

ص: 164

السحاب فأفرغ ماءَه في حرّة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كلَّه، فتتبع الماء، فإذا رجلٌ قائم في حديقته، يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: فلان -للاسم الذي سمع في السحابة- فقال له: يا عبدَالله! لِم تسألني عن اسمي فقال: إني سمعتُ صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلانٍ لاسمك فما تصنع فيها؟! قال: أما إذا قلتَ هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثُلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأردّ فيه ثلثاً» (1) .

والمال الآخر هو النقد المدّخر وغيره، ثم إن مَنْ كره المال؛ إنما كرهه للحساب عليه، فإنه لا تزول قدماه حتى يُسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه (2)، ولذا جاء عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما مرفوعاً: «يا ابن آدم ما تصنع بالدنيا!

(1) أخرجه الطيالسي (2587) ، وأحمد (2/296) ، ومسلم (2984) ، وابن حبان (3355) ، وابن منده في «التوحيد» (رقم 47) ، والطبراني في «الدعاء» (2/1262 رقم 988) ، والنقاش في «فنون العجائب» رقم (23، 24- بتحقيقي) ، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/133) ، و «الشعب» (3 رقم 3406) ، وأبو نعيم (3/ 275- 276) ، وفي «ذكر أخبار أصبهان» (2/192) ، واللالكائي في «السنة» (رقم 31، 32- الكرامات) ، والقشيري في «الرسالة» (162) ، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (7) ، من حديث أبي هريرة.

(2)

أخرجه الترمذي (2416) ، وأبو يعلى (5271) ، والبزار في «البحر الزخار» (1435) ، والطبراني في «الكبير» (9772) ، وفي «الصغير» (1/269) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (12/440) ، وفي «الموضح» (2/33) ، وابن عدي في «الكامل» (2/353) ، والبيهقي في «الشعب» (1784) ، وفي «الزهد» له (717) ، والآجري في «أخلاق العلماء» (116) ، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (3/176) من حديث عبد الله بن مسعود، وفي إسناده حسين بن قيس الرحبي المعروف بحنش، وهو ضعيف.

وقال الترمذي: «هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث الحسين بن قيس، وحسين يضَعَّف في الحديث من قِبل حفظه» .

وقال البزار عقبه: «وهذا حديث لا نعلمه، يروى عن ابن مسعود إلا من هذا الوجه، وقد تقدم ذكرنا لحسين بن قيس بلينه» .

والحديث حسن بشواهده، ومنها حديث معاذ بن جبل، وحديث أبي برزة الأسلمي.

وانظر تتمة تخريجه في تعليقنا على «المجالسة» (1/299 رقم 7) .

ص: 165

حلالُها حساب، وحرامُها عذاب» (1) .

وكون الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يومٍ وهو خمس مئةِ عامٍ، وإن كان ورد أنه يُخَفّف على المؤمنين (2) .

(1) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (رقم 8192) من طريق الدارقطني في «الأفراد» عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: «يا ابن ادم! ما تصنع الدنيا! حلالها حساب، وحرامها عذاب» .

وإسناده واهٍ جداً، فيه عمر بن هارون البلخي، قال ابن مهدي وأحمد والنسائي:«متروك الحديث» ، وقال يحيى:«كذاب خبيث» ، وقال أبو داود:«غير ثقة» ، وقال ابن المديني والدارقطني:«ضعيف جداً» ، وقال صالح جَزَرة:«كذّاب» . وانظر: «الميزان» (3/228) .

وعزاه في «كنز العمال» (3/236 رقم 6325) للحاكم في «تاريخه» عن أبي هاشم الأيلي، عن أنس.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الدنيا» (رقم 17)، ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (7/371 رقم 10622) بسند منقطع عن علي موقوفاً بلفظ:«حلالها حساب، وحرامها النار» .

وضعَّفه العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» ؛ كما في «إتحاف السادة» للزبيدي (8/120 و10/25) موقوفاً، وقال عن المرفوع:«لم أجده» !!

وأخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الدنيا» (رقم 211) عن الحسن قوله، وهو الأشبه، ولكن إسناده ضعيف، فيه أبو عباد الزاهد، لا يحل الاحتجاج به؛ كما قال ابن حبان في «المجروحين» (3/158) .

وفي الباب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ابن الجوزي في «سيرة عمر» (ص 141) : «عن الحسن: أن عمر أُتي بشربة عسل، فذاقها، فإذا ماء وعسل، فقال: «اعزلوا عني حسابها، اعزلوا عني مؤنتها» » .

وذكره الأبياري في «الورع» (ص22)، وقال قبله:«في قول الصديق أو غيره» .

وأخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (3/803-804) ، بلفظين آخرين، آخرهما:«..استسقى، فأتي رجل بقدح من زجاج -أو قال: من قوارير- فيه عسل، فقال -أي: عمر-: «ما رأيت كاليوم إناءً أحسن ولا شراباً أحسن» . ثم قال: «شراباً هو أيسر في المسألة من هذا» ؛ فأتي بماء فشرب.

ونحوه في «الزهد» (ص 119) لأحمد، و «الزهد» (رقم 618) لابن المبارك، و «الزهد» (94، 95) لأبي داود، و «الطبقات الكبرى» (3/319) لابن سعد، و «مناقب عمر بن الخطاب» (ص 142) لابن الجوزي، وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (رقم 618) لعبد بن حميد بأسانيد بعضها حسن.

(2)

سبق تخريجه.

ص: 166

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: بُعثَ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا تاجر، فأردت أن تجتمع لي التجارةُ والعبادةُ؛ فلم تجتمعا، فرفضتُ التِّجارة، وأقبلتُ على العبادة.

و [الله](1) الذي نفس أبي الدرداء بيده! ما أحبُّ أنّ لي اليوم حانوتاً على باب المسجد لا تخطئني فيه صلاة أربحَ فيه كل يوم أربعين ديناراً، وأتصدَّقُ بها كلَّها في سبيل الله عز وجل.

قيل له: يا أبا الدرداء! وما تكره من ذلك؟ قال: شدة الحساب.

وفي لفظ: أحبُّ أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله. رواهما أبو نعيم في «الحلية» (2) .

(1) مثبتة في الهامش بخط السّخاوي ضمن الإلحاق، وهي غير موجودة في «الحلية» .

(2)

أخرجه بتمامه أبو نعيم في «الحلية» (1/209) .

وأخرج القسم الأول منه إلى قوله (وأقبلت على العبادة) : هناد في «الزهد» (رقم 660) ، وابن سعد في «طبقاته» (7/391- 392) ، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/16 و13/316) ، وأحمد في «الزهد» (138) ، وأبو نعيم في «الحلية» (1/209) ، وابن عساكر في «تاريخه» (47/107، 107-108، 108) .

وأخرج القسم الثاني منه إلى قوله: (وأتصدق بها كلها في سبيل الله) : أحمد في «الزهد» (ص 170) ، وأبو داود في «الزهد» (رقم 255) ، وأبو نعيم في «الحلية» (1/209) .

وأخرج القسم الثاني والثالث منه: أبو نعيم في «الحلية» (1/209) ، وابن عساكر في «تاريخه» (47/108) .

وإسناد القسم الأول: الأعمش عن خيثمة قال: قال أبو الدرداء.

ورواته ثقات، وهو منقطع، ولذا قال ابن عساكر عقبه:«هذا مرسل» .

وإسناد أبي داود للقطعة الثانية: الأعمش عن بعض أصحابه، عن أبي الدرداء.

وهو ضعيف، ولعل المبهم هو خيثمة، إلا أن إسناد أحمد وأبي نعيم (عبد الله بن بُجير، عن أبي عبد رب، عن أبي الدرداء) .

وأبو عبد رب هو الدمشقي الزاهد، مقبول، أي: إذا توبع.

وعبد الله بن بَحِير، كذا الصواب، وليس (ابن بجير) -بالجيم، وثقه ابن معين، واضطرب فيه =

ص: 167

وعنده -أيضاً- عن عوف بن مالك رضي الله عنه أنه رأى في المنام قُبَّةً من أدم، ومرجاً أخضرَ، وحول القبة غنم رُبوضٌ تجترّ، وتبعَرُ العجوة. قال: فقلت: لمن هذه القبة؟ فقيل: لعبد الرحمن بن عوف، قال: فانتظرنا حتى خرج، فلما خرج؛ قال لي: يا عوف! هذا الذي أعطانا الله بالقرآن، فلوا أشرفتَ على هذه البنية (1) لرأيت ما لم تَرَ عينُك، ولم تسمع أُذُنك، ولم يخطر على قلبك، أعدَّه اللهُ لأبي الدرداء؛ لأنه كان يدفع الدنيا بالراحتين والنحر (2) .

ولكن كان سفيان الثوريُّ رحمه الله يقول: «لأن أخلف عشرة آلاف درهمٍ

= كلام ابن حبان.

فهذا الإسناد لين.

أما إسنادا أبي نعيم وابن عساكر: فعن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة قال: قال أبو الدرداء. وقال عنه ابن عساكر: «منقطع» وهو كذلك.

بقي إسناد الأثر بتمامه فهو كالإسناد السابق، إلا أن خلافاً وقع فيه على المحاربي، فمنهم من رواه عنه، وجعله (عن عمرو بن مرة، عن أبيه، عن أبي الدرداء) ، وهذا موصول، ولعل هذه الطرق تشهد لبعض ما فيه.

(1)

كذا مجوّدة بخط السّخاوي، وكذا في أصل «تاريخ دمشق» ، وفي مطبوع «الحلية» :«الثنيَّة» .

(2)

من قوله السابق: «وعن أبي الدرداء

» إلى هنا من إلحاق بخط السخاوي في هامش الأصل، وأثبت في محله «ينظر الورقة» ، وأثبت الهامش مطولاً -وهو من ضمن النماذج المرفقة عن النسخة المعتمدة في التحقيق-، وتممه السخاوي في هامش الورقة التي قبلها، وكتب عقبه بخطه:«يتلوه: ولكن كان سفيان» .

وهذا الخبر، أخرجه أحمد في «الزهد» (167) -ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (1/210) - وابن أبي الدنيا في «المنامات» (رقم 24- ط. ليئة) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (47/158) -، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (1647) ، وابن عساكر (47/158) ، من طريق ليث بن سعد عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جُبير بن نفير، عن عوف به. وإسناده حسن.

وأبو الزاهرية حُدَير بن كريب: صدوق.

وانظر في (تأويل المرج) كتاب ابن قتيبة «تعبير الرؤيا» (رقم 148) وتعليقي عليه.

ص: 168

يحاسبني اللهُ عليها أحبّ إليَّ مِن أنْ أحتاجَ إلى الناس» (1) .

ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم: «إنك إن تذرَ ورثتك أغنياءَ خيرٌ من أن تذرهم عالةً يتكففون الناس» (2) .

وكذا قوله لكعب بن مالك حين استشاره في الخروج مِن مالِه كلِّه: «أمسك عليك بعضَ مالِك فهو خيرٌ لك» (3) .

(1) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (6/381 و8/271) ، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2/14)، والذهبي في «السير» (7/241) من طريق حذيفة بن قتادة المرعشي قال: قال لي سفيان الثوري:

فذكره.

وأورده الزمخشري في «الكشاف» (1/247) عن السلف، وعلل ذلك في رواية لأبي نعيم (6/380)، فقال:«إن عامة من داخل هؤلاء -أي: الأمراء- إنما دفعهم إلى ذلك العيال والحاجة» .

وكانت له بضاعة مع بعض إخوانه، وكان يقول:«ما كانت العدة -المال المعد- في زمان أصلح منها في هذا الزمان» ، ونحوه ما في «الحث على التجارة» (رقم 18) ، وسيأتي قريباً أنه كان يعتبر المال سلاحاً.

(2)

أخرجه مالك في «الموطأ» (1495) ، والطيالسي (195) ، والدارمي (3196) ، والشافعي في «السنن المأثورة» (536) ، وابن أبي شيبة (11/199) ، وأحمد 1 (/179) ، والبخاري (56، 3976، 5668، 6373) ، ومسلم (1628) ، وأبو داود (2864) ، وابن ماجه (2708) ، والترمذي (2116) ، والنسائي (6/241) ، وابن سعد في «الطبقات» (3/144) ، والبزار (1085) ، والمروزي في «السنة» (150) ، وابن حبان (4249، 6026) ، وأبو يعلى (747) ، وابن أبي عاصم في «السنة» (302) ، وفي «الآحاد والمثاني» (217) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4/379) ، والبيهقي (6/268) ، والبغوي (1459) ، وابن عبد البرّ في «التمهيد» (8/376) من حديث سعد بن أبي وقاص.

(3)

أخرجه مطولاً ومختصراً: أحمد في «مسنده» (3/456 و6/389) ، والبخاري (2950، 3889، 6690) ، ومسلم (2769) ، وأبو داود (3317، 3318) ، والترمذي (3102) ، وابن ماجه (1393) ، والنسائي (7/22) ، وفي «الكبرى» (5619) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (9744) ، وأبو عوانة (4/81) ، وابن حبان (3370) ، والطبري في «تفسيره» (12/64-ط. هجر) ، وابن خزيمة (2442) ، والطبراني في «الكبير» 19/ (96) ، والبيهقي (2/370) من حديث كعب بن مالك.

وفي الباب عن أبي لبابة بن عبد المنذر حين تاب الله عليه، أراد أن يتصدّق بجميع ماله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يجزئك من ذلك الثلث» . أخرجه مالك في «الموطأ» (2/481) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (16397) ، وأحمد (3/452 -453) ، والدارمي (1/390) ، وأبو داود (3319، 3320) ، والبخاري في «التاريخ الكبير» (2/385) ، وابن حبان (3371) ، والطبراني في «الكبير» (4509) ، والبيهقي (4/181) ، والمزي في «تهذيب الكمال» (6/378) . =

ص: 169

وقال الثوريُّ مرةً لمن عاتبه في تقليب الدنانير: دعنا عنك فإنه لولا هذه لتمندلَ الناس بنا تمندلاً (1) .

وفي لفظٍ عنه: أنه قال لمن عاتبه على بضاعةٍ له يقلّبها: لولاها لتمندل بي بنو العباس (2)، بل جاء عنه أنه قال: المال في هذا الزمان سلاح المؤمن (3) .

= • فائدة: دل الحديث على الحث على أن يبقي المالك لنفسه عند الصدقة والإنفاق في سبيل الله بعضاً من ماله يقيم به حياته، وحياة من يعول، وهذا حال جل السّلف، قال شيخنا الألباني رحمه الله في «السلسلة الصحيحة» (2/103) بعد كلام:

«من المقطوع به أن عثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما من أغنياء الصحابة لم ينفقوا أموالهم كلها، بل ماتوا وقد خلفوا لورثتهم أموالاً طائلة، كما هو مذكور في كتب السيرة والتراجم» انتهى.

قال أبو عبيدة: قد يقال أنه ثبت أن أبا بكر رضي الله عنه قد تصدق بكل ماله، وعمر رضي الله عنه بشطر ماله. والواقع أن هذا من أبي بكر كان في ظروف صعبة مرت بالمسلمين حثَّ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على الإنفاق، وقبل من كل ما أتى به. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الإنفاق يكون من كل واحد بحسب حاله ومقدار إيمانه فترك الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر يفعل ذلك لعلمه بحاله، وأن ذلك وسط بالنسبة إلى قوة إيمانه وحرصه على التضحية في سبيل دينه. قال النووي:«مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون، ويكون هو يصبر على الإضاقة والفقر. فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه» .

وانظر في المسألة: «الفروع» (2/651) ، «المبدع» (2/442) ، «المغني» (3/83-84) ، «الإنصاف» (3/267) ، «مراقي الجنان بالسخاء وقضاء حوائج الإخوان» (ص331- 332) ، «فيض القدير» (3/475) ، «الملكية في الشريعة» (3/13) .

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 70) ، وأبو نعيم في «الحلية» (6/381) ، وأورده المزي في «تهذيب الكمال» (1/ق513)، والذهبي في «السير» (8/241) . وانظر: التعليق الآتي.

(2)

سبق في الذي قبله، وأخرجه البيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (رقم 549، 550) ، وأبو نعيم في «الحلية» (6/369، 381) ، والدينوري في «المجالسة» (رقم 2427-بتحقيقي)، ولفظه:«أحبُّ أن يكون صاحب العلم في كفاية، لأن الآفات سريعة، وألسنة الناس إليهم أسرع، وإذا احتاج؛ ذلّ. ولولا هذه البضيعة التي معي لَتَمْندَل الملوك بي، وإذا رأيت القارىء يلزم باب الملوك، فاعلم أنه لص» والخبر -مفرقاً ومجموعاً- في «السير» (7/241، 254 و8/241) ، و «تهذيب الكمال» (1/ ق513- المأمون أو 11/168- ط. الرسالة) ، و «العقد الفريد» (2/337) . واللفظ الذي أورده المصنف عند الزمخشري في «الكشاف» (1/247) ومنه نقله المصنف.

(3)

أخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 78، 85) والخلال في «الحث على التجارة» =

ص: 170

ونحوه قولُ سفيان بن عيينةَ رحمه الله: من كان له مال فليُصْلحه، وفي لفظٍ: فليتجر وليكتسب، فإنكم في زمانٍ من احتاج فيه إلى الناس، فإن أول ما يبذله دِينه (1) .

وكأنَّ السُفيانَين -رحمهما الله- أشارا إلى ما يُروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كان آخر الزمان لا بدَّ للناس فيها من الدراهم والدنانير، يُقيم الرجل بها دينه ودنياه» (2) .

= (رقم20) ، وأبو نعيم في «الحلية» (6/381) ، وأورده الذهبي في «السير» (8/241)، والمزي في «تهذيب الكمال» (1/513) بلفظ:«كان المال فيما مضى يكره، فأما اليوم فهو ترس المؤمن» ، وهو أحد لفظي ابن أبي الدنيا.

وعزاه الزمخشري في «الكشاف» (1/247) للسلف، وذكره ابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (181) عن سفيان الثوري.

ونقله القرطبي في «تفسيره» (3/420) ، عن الثوري، وقال قبله:«وخلف مئتين، وكان يقول....» .

وانظر في خبر (المئتين) : «الحث على التجارة» (رقم 18) للخلال، «الحلية» (6/381) ، «تلبيس إبليس» (ص 181) .

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 71) عن سفيان قوله:

«من كان معه شيء، فقدِر أن يجعله في قرن ثور؛ فليفعل، فإنَّ هذا زمان إذا احتاج الرجل فيه إلى الناس، كان أول ما يبذل دينه» .

وهو عند المزي في «تهذيب الكمال» (1/ق513) في (ترجمة الثوري) لا (ابن عيينة) ، وكذا في «العقد الفريد» (2/341) وأورده الزمخشري في «الكشاف» (1/247)، هكذا:

وكانوا -أي: السلف- يقولون: «اتجروا واكتسبوا، فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دِيْنُه» .

وقال الزبير بن بكار في «الموفقيات» (167) : سمعت سفيان بن عيينة وقد قيل له: ما أشد حبك للدراهم؟ قال: «ما أحبّ أن يكون أحد أشد حباً لما ينفعه مني» .

(2)

أخرجه بهذا اللفظ: الطبراني في «الكبير» (20/رقم660) من طريق بقية عن عبد الجبار الزبيدي، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، قال: رأيت المقدام

وذكر قصة، وفيها رفع المقدام لهذا اللفظ. =

ص: 171

= وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/64-65)، فقال: «وعن حبيب بن عبيد قال: كانت للمقدام

» وذكره، وقال:«رواه أحمد هكذا! والصواب أنه ليس في إسناد أحمد (حبيب بن عبيد) ، وإنما هو عند الطبراني، وأورد الهيثمي سائر طرقه، وقال: «ومدار طرقه كلها على أبي بكر بن أبي مريم، وقد اختلط» .

قال أبو عبيدة: أخرجه أحمد في «المسند» (4/133) : حدثنا أبو اليمان، قال: نا أبو بكر بن أبي مريم، قال: كانت لمقدام بن مَعدي كَرِب جاريةٌ تبيع اللبن، ويقبض المقدامُ الثمن، فقيل له: سبحان الله أتبيعُ اللبنَ وتقبضُ الثمن! فقال: نعم، وما بأسٌ بذلك، سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:«ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا ينفعُ فيه إلا الدِّينار والدِّرهم» .

وخولف أحمد، خالفه محمد بن يزيد الآدمي -وهو ثقة-، فرواه عن أبي اليمان، به، وجعله من قول (المقدام) دون ذكر القصة، ولفظه:«يأتي على الناس زمان لا ينفع فيه إلا الدينار والدرهم» .

أخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 83) ، حدثني محمد بن يزيد، به.

وإسناده ضعيف، لضعف أبي بكر بن أبي مريم، ولأنه لم يدرك المقدام. نص على عدم إدراكه: ابن حجر في «أطراف المسند» (5/392) ، و «إتحاف المهرة» (13/468 رقم 17017) ، وذكر فيه عقبه رواية الطبراني التي فيها الواسطة وهي (حبيب بن عبيد) !.

وللحديث لفظ آخر يأتي.

• تنبيه: عند الطبراني: «بها دينه» وفي الأصل: «فيها دينه» !!

ولم يعزه في «كنز العمال» (3/ 238 رقم 6333) باللفظ الذي أورده المصنف إلا للطبراني في «الكبير» .

(1)

كذا مثبتة بخط الناسخ أبي الفضل الأعرج، وأثبتها السخاوي بخطه في «الجواب» المرفق بآخره:«أحمر» ، وما أثبتناه هو الموجود في مصادر التخريج، وهو كذلك في «المقاصد الحسنة» (ص 216) .

(2)

أخرجه الطبراني في «الكبير» (20 رقم 659) ، وفي «الأوسط» (2269-ط. الحرمين) ، وفي «الصغير» (7) ، وفي «مسند الشاميين» (1461) ، وأبو نعيم في «الحلية» من طريق بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، عن المقدام بن معدي كرب، به.

وإسناده ضعيف، مداره على أبي بكر بن أبي مريم. =

ص: 172