الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السِّرُ المكتومُ
في الفرق بين المالين
المحمود والمذموم
تأليف
الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السَّخاوي
(831 - 902 هـ)
قدَّم لهما وعلّق عليهما ووثق نصوصهما وخرّج أحاديثهما وآثارهما
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعدَ حمد اللهِ جاعل من اختاره في الدارين سعيداً، وشامل خلقِه بالرزق كرماً وجوداً، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ أبي القاسم أسخى الناس وأسمحهم كفّاً، وأزهدهم في الدنيا وأحسنهم لها صرفاً: فقد سئلتُ عما وقفَ عليه السلطان الملك الأشرف، أوحدُ الملوك والمنفرد بما هو به أدرى وأعرف، حفِظهُ الله من جميع أركانه وجهاتِه، وبلّغه في الدارين النهاية من مسرّاته، في «رسالةٍ منسوبةٍ للحسن البصريِّ» رحمه الله في:(الفريضة السابعةِ: مما يجب على المؤمن من الفرائض في اليوم والليلة)، وهو أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«اللهم من أحبني فارزقه الكفاف، ومن أبغضني فأكثِر ماله وولده» (1) ،
(1) عزاه صاحب «كشف الخفاء» (1/218) إلى سعيد بن منصور، بواسطة «الفتاوى الحديثية» لابن حجر الهيتمي، ثم وجدت السيوطي في «الحاوي للفتاوي» (1/375) يورده بإسناد سعيد بن منصور، وعزاه لـ «سننه» ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عمرو بن حزم: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم من أبغضني وعصاني فأكثر له المال والولد، اللهم من أحبني وأطاعني فارزقه الكفاف، اللهم ارزق آل محمد الكفاف، اللهم رزق يوم بيوم» .
وقال السيوطي على إثره: ويناسبه ما أورده السلفي في «الطيوريات» من طريق علي بن الجعد، عن شعبة، عن منصور، عن بعض أصحابه: أن يهودياً أتى النبيَّ فقال: ادع لي، فقال:«اللهم أصح جسمه وأكثر ماله وأطل حياته» انتهى.
قلت: لي هنا ملاحظات:
الأولى: إسناد الحديثين ضعيف، فالأول: مرسل والثاني: معضل.
الثانية: لا يوجد الحديث الثاني في مطبوع «الطيوريات» ، طبعة دار البشائر.
الثالثة: سُئل السَّخاوي عما نقل عن «رسالة عن الحسن البصري فيما يجب على المؤمن من الفرائض في اليوم والليلة» في (الفريضة السابعة) وأورد الحديث
…
ولم يتكلم عليه باللفظ المذكور، واسترسل في ذكر شواهده كما فعل هنا، وذلك في كتابه «الأجوبة المرضية» (2/739- 745 رقم 190) .
أهو صحيح أم لا؟ وبماذا يُجمَع به بينه وبين دعائِه صلى الله عليه وسلم لخادمه سيدنا أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، حسبما اتفق عليه الشيخان بِكثرةِ المال والولد (1) .
(1) حديث دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأنس أخرجه مسلم في «صحيحه» في كتاب فضائل الصحابة (باب من فضائل أنس بن مالك)(رقم 2480) بعد (146) -ومن طريقه التيمي في «دلائل النبوة» (107) -: حدثنا أبو معن الرقاشي، وأبو عوانة في «مسنده» في موضعين - كما في «إتحاف المهرة» (1/408 رقم 322) -، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، وابن حبان في «صحيحه» (7177) ، والبيهقي في «الدلائل» (6/194) ؛ كلاهما من طريق محمود بن غيلان، والبزار في «مسنده» (2/ق 57- الأزهرية) من طريق زيد بن أخرم أبي طالب الطائي، وأبو القاسم الحنائي في (الجزء الثالث) من «فوائده» (رقم 77- بتحقيقنا) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (9/345- ط. دار الفكر) ، من طريق بكار بن قتيبة، خمستهم عن عمر بن يونس، عن عكرمة، عن إسحاق [بن عبد الله بن أبي طلحة] ، عن أنس، به.
وللحديث طرق متعددة، عن أنس بن مالك:
الأولى: عن قتادة عنه، قال: قالت أمي وفي رواية أم سليم: يا رسول الله! خادمك أنس، ادع الله له. قال: فذكره.
أخرجه البخاري (6334، 6344، 6378، 6379، 6380، 6381) ، ومسلم (2480)(141) ، والترمذي (3828)، وقال: حديث حسن صحيح، والطيالسي (1987) ، وأحمد (6/403) ، وأبو يعلى (3200، 3238) ، وابن حبان (7178) ، والبغوي (3990) ، والبيهقي في «الدلائل» (6/ 194)، و «المدخل» (134) . قال أحمد: عن أنس، عن أم سليم، فجعله من (مسند أم سليم) ، وهو رواية للشيخين، ورواية الترمذي والبيهقي، وابن البخاري في «مشيخته» (ص 946) . وانظر:«فتح الباري» (11/182) .
الثانية: عن هشام بن زيد: سمعت أنس بن مالك يقول مثل ذلك.
أخرجه البخاري (6379) ، ومسلم (2480) ، وأبو يعلى (3239) .
الثالثة: عن ثابت، عن أنس، قال:
دخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم علينا، وما هو إلا أنا وأمي وأم حرام خالتي، فقالت أمي: يا رسول الله! خويدمك، ادع الله له، قال: فدعا لي بكل خير، وكان في آخر ما دعا لي به أن قال: فذكره.
أخرجه مسلم (2481)(142) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (88) ، والطيالسي (2077) ، وأحمد (3/193-194) ، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (رقم 1267) ، وأبو يعلى (3328) ، وأبو عوانة (2/76) ، وابن أبي الدنيا في «مجابو الدعوة» (79) -ومن طريقه اللالكائي في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= «السنة» (رقم 110، 111- كرامات الأولياء- ط. البصيرة) -، وابن بشكوال في «المستغيثين بالله» (رقم 19- ط. دار الكتب العلمية ورقم 20- ط. المشكاة) ، والبيهقي (3/53- 54، 95، 96) ، وفي «الدلائل» (6/148) .
ثم رواه عبد بن حميد (رقم 1255) ، وأحمد (3/248) من طريقين آخرين، عن ثابت، به، نحوه. وقال ابن حميد:«وأدخله الجنة» مكان قوله: «وبارك له فيما أعطيته» .
وسنده صحيح على شرط مسلم. وزاد: قال: فلقد رأيت اثنتين، وأنا أرجو الثالثة.
وبعض ألفاظ هذا الطريق فيه بيان كرامة لأنس، سيسوقه المصنف بتمامه (ص 164) .
الرابعة: عن الجعد أبي عثمان، قال: حدثنا أنس بن مالك، قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمِعَت أمي أم سليم صوته، فقالت: بأبي وأمي يا رسول الله! أنيس. فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث دعواتٍ، قد رأيت منها اثنتين في الدنيا، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة. أخرجه مسلم (2480)(144) ، والبيهقي في «الدلائل» (6/196) .
الخامسة: عن حميد بن أنس: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سليم. فقالت: يا رسول! إن لي خويصة. قال: ما هي؟ قالت: خادمك أنس. فما ترك خير آخرةٍ ولا دنيا إلا دعا لي به. فإني لمِن أكثر الأنصار مالاً، وحدثتني ابنتي أمية أنه دفن لصلبي مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومئة.
أخرجه البخاري (1982) ، والسياق له، وابن حبان في «صحيحه» (9/158/7142) - الإحسان) وأحمد (3/108) ، ويعقوب الفسوي في «المعرفة» (2/532)، -إلا أنه قال:«اللهم ارزقه المال، وبارك له فيه -أظنه قال-: وأطل عمرَه» -، والبيهقي في «الدلائل» (6/195) .
وإسناده على شرط الشيخين، ولطول العمر طريق أخرى تأتي -إن شاء الله تعالى-.
وأخرج نحوه من طريق حميد، به: ابن سعد في «الطبقات» (7/19) .
السادسة: عن حفصة بنت سيرين، عن أنس، به. وزاد:
قال أنس: فلقد دفنت من صلبي -سوى ولد ولدي- خمساً وعشرين ومئة، وإن أرضي ليثمر في السنة مرتين، وما في البلد شيءٌ يثمر مرتين غيرها.
علّقه أبو نعيم في «الحلية» (8/267) ، ووصله الطبراني في «الكبير» (1/248/710) ورجاله ثقات، غير إبراهيم بن عثمان المصيصي فلم أعرفه، وقد ساقه الحافظ في «الإصابة» من رواية الطبراني بإسناده، وسكت عنه.
السابعة: عن عبد العزيز بن أبي جميلة -واسم أبي جميلة: صهيب-، عن أنس، قال: إني لأعرف دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيَّ، وفي مالي، وفي ولدي. أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (7/19-20) . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أبو يعلى (4/191 رقم 4206- تحقيق إرشاد الحق) من هذه الطريق بلفظ: «إني لأعرف دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لي أن يبارك لي في مالي وولدي» ، وعلّقه البخاري في «التاريخ الكبير» (6/15) .
ورجاله ثقات رجال الشيخين، غير عبد العزيز هذا، ترجمه ابن أبي حاتم (2/2/379) ، ومن قبله البخاري في «التاريخ الكبير» (3/2/15) بهذه الرواية، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في «الثقات» (5/124) .
الثامنة: عن أبي خلدة، قال: قلت لأبي العالية: سمع أنس من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: خدمه عشر سنين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيه ريحان يجد منه ريح المسك. أخرجه الترمذي (3832) -وقال:«حديث حسن غريب» -، والبيهقي في «الدلائل» (6/195- 196) .
قلت: وإسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الصحيح.
التاسعة: عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، قال: كان كرم أنس يحمل كل سنة مرتين.
أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (7/20) ، وسنده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه الطبراني في «الأوسط» رقم (507) ، والبيهقي في «الدلائل» (6/196) ، من طريق أخرى عن ثمامة، به، نحو الطريق التالي، دون قول أنس: فقد دفنت
…
، وسنده جيد.
العاشرة: عن سنان بن ربيعة، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ذهبَت أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! خويدمك ادع الله له، قال:«اللهم أكثر ماله وولده، وأطل عمره، واغفر ذنبه» .
قال أنس: فقد دفنت من صلبي مئة غير اثنين، أو قال: مئة واثنين، وإن ثمرتي لتحمل في السنة مرتين، ولقد بقيت حتى سئمت الحياة، وفي رواية: حتى استحييت من الناس، وأنا أرجو الرابعة.
أخرج ابن سعد (7/19) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (653) ، والرواية الأخرى له، وفيها سعيد بن زيد -وهو الأزدي- صدوق له أوهام، ورواية ابن سعد سالمة منه، وكذا أخرجه أبو يعلى في «المسند» (1048)، ولذلك قال الحافظ في «الفتح» (4/229) :«وإسناده صحيح» .
وقد أشار البخاري إلى هذه الطريق في بعض تراجمه لهذا الحديث بقوله في (الدعوات)(11/ 144) : باب: دعوة النبي لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله.
وقد أيَّد ذلك الحافظ برواية «الأدب المفرد» المتقدمة، وفاتته رواية ابن سعد، وهي أصح كما سبق.
وقد تقدم له شاهد في الطريق الخامسة.
ثم وجدت له شاهداً آخر ذكره الحافظ المزي في «تهذيب الكمال» (2/364)، فقال: وقال الحسين ابن واقد وغيرُه عن ثابت، عن أنس: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته» . =
وكذا قال صلى الله عليه وسلم لنهدٍ -قبيلةٍ من اليمن-: «اللهم بارك لهم في محضِها ومخضِها (1) ، ومذقِها (2) وابعث راغِبها في الدثر (3) ، وافجُر له الثَّمَدَ (4) ، وبارك له في المال والولد» (5) .
= ويشهد لها:
الحادية عشر: ما أخرجه أبو يعلى في «مسنده الكبير» -كما في «المطالب العالية» (15/542 رقم 3810- ط. العاصمة) بسندٍ حسن، من طريق عبد الله بن أبي طلحة عنه، قال: كان فيما دعا لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم آته مالاً وولداً» ، فما أعلم أحداً أصاب من لين العيش أفضل مما أصبت، ولقد دفنت بكفي هاتين من ولدي أكثر من مئة، لا أقول لكم: فيه ولد ولد، ولا سقط. قال ابن حجر عقبه:«هذا الحديث مخرج عندهم بغير هذا اللفظ» .
(1)
محضها: الخالص من كل شيء، والمحض في اللغة: اللبن الخالص غير مشوب بشيء، والمخض: تحريك السقاء الذي فيه اللبن، ليخرج زبده.
(2)
المذق: المزج والخلط، يقال: مذقت اللبن، فهو مذيق إذا خلطته بالماء، انظر:«النهاية» (4/311) ، «الفائق» (2/7) .
(3)
الدَّثر: المال الكثير، كذا في الفائق (2/7)، وفي «النهاية» : الدَّثر هاهنا: الخصب والنبات الكثير، وكذا في «أسد الغابة» (3/67) وهما بمعنى.
(4)
الثَّمد -بالتحريك-: الماء القليل؛ أي: أفجره لهم حتى يصير كثيراً يدعو لهم بكثرة الماء وإغزاره. انظر: «النهاية» (1/221) ، و «العقد الفريد» (2/54) ، و «الفائق» (2/7) .
(5)
أخرجه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» 1/185 من طريق أبي عبد الله محمد بن علي البلوي، عن محمد بن جعفر بن محمد التميمي، عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي، عن محمد بن سهل، عن عبد الله بن محمد البلوي، عن عمارة الخيواني، عن علي مرفوعاً، وقال عقبه:«هذا لا يصح، وفيه مجهولون وضعفاء منهم النسائي، وأكذب الكل البلوي» .
وقال الحافظ في «التقريب» (5938) : «محمد بن سهل النسائي لا بأس به» .
ولم يعزه في «كنز العمال» (7/837- 838 رقم 21607 و10/627- 630 رقم 30325) إلا لابن الجوزي. ونقل عنه قوله: «لايصح، فيه مجهولون وضعفاء» .
وعزاه ابن حجر في «الإصابة» (2/236) لابن الجوزي، وقال:«من وجه ضعيف جداً» .
ثم وجدت الحديث عند القاضي عياض في «الشفا» (1/169-170) ، وأورده بطوله، وأفادني تخريجُ السيوطي له في «مناهل الصفا» (ص 48 رقم 95) وهذا نصُّ كلامه بحروفه: «أبو نعيم في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= «معرفة الصحابة» والديلمي في «مسند الفردوس» ، من -وفي مطبوعه: في! - حديث عمران بن حصين، وأبو نعيم من حديث حذيفة بن اليمان مختصراً» انتهى.
وعزاه محققه في الهامش لـ «المستدرك» (4/327) ! وهو ليس فيه، ولعله لم يميز أن «المعرفة» غير «المستدرك» ، ولا قوة إلا بالله! وإلى الله المشتكى!
قال أبو عبيدة: حديث عمران بن حصين مطوَّلٌ جدّاً، أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (3/959-961 رقم 2040) -ومن طريقه ببعضه الخطابي في «الغريب» (1 /713) ومطولاً أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3/1570-1572 رقم 3972) - من طريق عبد الرحمن بن محمد الحارثي، نا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد العُذريّ، نا شريك بن عبد الله النخعي، عن العوام بن حوشب، عن الحسن بن أبي الحسن البصري، عن عمران، به. ولم يعزه في «الكنز» (10/617-624 رقم 33017) إلا للدَّيلمي!
وإسناده ضعيف، فعبد الرحمن بن يحيى بن سعيد مجهول لا يقيم الحديث من جهته، قاله العقيلي في «ضعفائه» (2/351) ، وذكره الأزدي، فقال:«متروك لا يحتج بحديثه» ؛ نقله ابن حجر في «اللسان» (5/148) .
وانظر له: «الميزان» (2/597) ، «الكامل» (4/290) ، «الضعفاء» لابن الجوزي (2/101) ، «الديوان» (246) ، «المغني» (2/289) ، وعبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حدّث بأشياء لا يتابع عليها، قاله ابن عدي في «الكامل» (4/319) .
وقال الدارقطني وغيره: ليس بالقوي. انظر: «سؤالات الحاكم» (129) ، «الإرشاد» (2/508) ، «تاريخ بغداد» (10/283) ، «المغني» (2/386) ، «الديوان» (245) ، «الميزان» (2/586) .
وشريك القاضي: صدوق، يخطىء كثيراً، تغيّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، كذا في «التقريب» (2787) .
واعتنى جماعة بغريب هذا الحديث، فأوردوا الحديث في كتبهم من غير إسناد. انظر -على سبيل المثال-:«منال الطالب» (1/39) ، «الفائق» (2/279) ، «المجموع المغيث» (1/ 378 و3/401) .
وأما حديث حذيفة، فقد أخرجه أبو نعيم في «المعرفة» (3/1574رقم 3974) ، وابن قتيبة في «غريب الحديث» من طريق زهير بن معاوية، عن ليث، عن حبة العرني، عن حذيفة، به، وفيه نحو القطعة التي أوردها المصنف.
عزاه ابن حجر في «الإصابة» لابن قتيبة في «الغريب» ، ولم أظفر به في طبعتي الكتاب!
وإسناده ضعيف.
وحَبّة هو ابن جُوين العُرني، صدوق له أغلاط، وكان غالياً في التشيع. =
فقلت: أما الحديث فقد أخبرتني به خاتمةُ مُسنِدِي مصرَ أم محمدٍ ابنةُ عمرَ ابن العزِّ بن جماعة (1) ، عن أبي عمرَ محمد بن أحمدَ بن إبراهيم الحنبليِّ، أنبأنا الفخرُ أبو الحسن علي بن أحمدَ الصالحيّ، عن أبي جعفرٍ الصيدلانيِّ، أخبرتنا فاطمةُ ابنةُ عبدِالله قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذةَ، أخبرنا أبو القاسم الطبرانيّ (2) ،
= وانظر له: «تهذيب الكمال» (5/351) .
وليث هو ابن أبي سُليم، صدوق اختلط جداً، ولم يتميز حديثه، فترك.
وظفرتُ بشاهدٍ له، لم أر من نبّه عليه، وهو:
ما أخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (2/559- 567) من طريق خالد بن حبيش، عن عمرو ابن واقد، عن عروة بن رويم، وساقه مطوّلاً جدّاً، وفي آخره بيان لغريبه. وهذا إسناد معضل.
قال أبو عبيدة: وجدتُ حديثاً فيه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لصحابي بكثرة المال أو البركة، فات المصنِّف ذكره، وهو على شرطه:
أخرج البخاري في «الأدب المفرد» (رقم 632) ، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2/ 38 رقم 717) ، وأبو يعلى (1456، 1467، 1469) ، وابن جرير في «المنتخب» (ص 560) ، وأبو نعيم في «المعرفة» (4/2001-2002 رقم 5026، 5028) عن عمرو بن حريث، قال: ذهبت بي أمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا غلام، فمسح على رأسي، ودعا لي بالرزق، وفي رواية: بالبركة.
وأخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (1/246) ولفظه: «اللهم بارك له في صفقته» ، وفي لفظ عند ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2/37 رقم 714) :«اللهم بارك لعبد الله في تجارته» ، والحديث صحيح، انظره في «السلسلة الصحيحة» (2943) ، وعزاه الهيثمي في «المجمع» (9/286، 405) للطبراني، وأبي يعلى، وقال:«رجالهما ثقات» .
وهنالك أحاديث أخرى. وفي صحتها كلام. انظر -على سبيل المثال-: «الآحاد» (1687) لابن أبي عاصم.
(1)
اسمها سارة، ترجم لها المصنف في «الضوء اللامع» (12/52) . وقال عنها:«من بيت علم ورياسة» ، و «قد حدثت بالكثير» . سمع عليها الأئمة، وحملتُ عنها ما يفوت الوصف، وكانت صالحة، قليلة ذات اليد، ولذلك كنا نواسيها مع فطنة وذوق ومحبة في الطلبة، وصبر على الإسماع، وصحة السماع، أضرَّت قبل موتها بمدة، وماتت في ليلة الاثنين خامس المحرم سنة خمس وخمسين، ودفنت من الغد» ، قال:«ونزل أهل مصر بموتها في الرواية درجة، رحمها الله وإيانا» .
(2)
في «المعجم الكبير» (17/28-29 رقم 56) ، ومن طريقه المزي في «تهذيب الكمال» (22/187-188) ، وعزاه السيوطي في «الحاوي للفتاوى» (1/374-375) للطبراني في «الكبير» ، =
حدثنا أحمد بن المعلّى الدِّمشقي والحسين بن إسحاق التُستريّ وموسى بن سهل أبو عمران الجوْني، قالوا: حدثنا هشام بن عمارٍ، حدثنا صدقةُ بن خالدٍ، حدثنا يزيدُ بن أبي مريم، عن أبي عبيدِالله مسلم بنِ مِشْكَمٍ، عن عمرو بن غيلانَ الثقفيِّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اللهم مَن آمن بي وصدّقني، وعلِمَ أنّ ما جئتُ به هو الحقّ مِن عندكَ، فأقِلَّ مالَه وولدَه، وحبِّب إليه لقاءَكَ، وعجّل له القضاء، ومَن لم يُؤمن بي ولم يصدّقني، ولم يعلم أنَّ ما جئتُ به الحقّ من عِندكَ فأكثِر مالَه وولدَه، وأطِل عُمرَه» (1) .
= وقال عقبه: وسنده صحيح، إن صحت صحبة عمرو بن غيلان، فإنه مختلف في صحبته، وأبوه هو الذي أسلم على عشرة نسوة، فأمر أن يختار أربعاً. وبقية رجاله ثقات.
وقد أورده الديلمي في «مسند الفردوس» ، ثم قال:«وفي الباب عن معاذ بن جبل، وفضالة بن عبيد» .
قال أبو عبيدة: سيأتي ذلك كله -إن شاء الله تعالى- مفصلاً.
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في «مسنده» (2/189) رقم (674) ، وابن ماجه (4133) ، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3/246 رقم 1607) ، وعباس الترقفي في «جزئه» (رقم 103) ، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/326- 327) ، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/417 رقم 965) أو (1/282رقم 472-ط. شاكر) ، والطبراني في «الكبير» (17/56) ، وفي «مسند الشاميين» (2/312 رقم 1406) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (46/304) والضياء في «الموافقات» (ق 40/أ) -كما في «السلسلة الصحيحة» (1338) -، وابن الأثير في «أسد الغابة» (4/261) ، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (3/1197)، والمزي في «تهذيب الكمال» (22/187- 188) من حديث عمرو بن غيلان. قال البوصيري في «الزوائد» : رجال الإسناد ثقات، وهو مرسل.
وذكره الحافظ في «الإصابة» (4/669) من طريق العسكري.
قلت: عمرو بن غيلان مختلف في صحبته، وذكره ابن سميع في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام، وقال: أدرك الجاهلية، قال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (4/372 رقم 5888- ط. إحياء التراث) :«إن كان أدرك الجاهلية فهو صحابي، ولم يبق في حجة الوداع أحد من أهل مكة والطائف إلا أسلم وشهدها» .
انظر: «التاريخ الكبير» (22/362) ، و «تهذيب الكمال» (22/186) ، و «الإصابة» (4/668) ، وما سيأتي قريباً عند المصنف.
هذا حديث حسن، أخرجه ابنُ ماجه في (الزهد) من «سننه» (1) ، والحسن ابن سفيانَ (2) معاً عن هشام بن عمار. فوافقناهُما فيه بعلوّ.
وأخرجه أبو القاسم البغويُّ في «معجم الصحابة» (3) له، والحسن بن سفيانَ (4) -أيضاً- معاً؛ عن الحكم بن موسى، وعباس الترقُفيّ في «جزئِه» (5) المسموع عندنا، ومن طريقه ابن منده في «معرفة الصحابة» (6) عن محمد بن المبارك الصوريِّ، كلاهما عن صدقةَ، فوقع لنا بدلاً لهم عالياً.
وهكذا رواه أحمدُ بن القاسمِ بن مُساورٍ ومحمد بن عبد الله الحضرميِّ، كلاهما عن الحكم.
ورواه أحمد بن زنجويه، عن هشامٍ، وأخرجه أبو نعيم في «معرفةِ الصحابةِ» (7) من طريقهم، قال (8) : وحدّث به أبو بكرٍ وعثمانُ ابنا أبي شيبةَ، عن مُعلّى بن منصورٍ، عن صدقةَ مثلَه.
وأخرجه أبو حفص بن شاهينَ في «معجم الصحابةِ» من حديث محمد بن المبارك الصوريِّ، وممن روى هذا الحديث أيضاً أبو علي بن السَّكن، والعسكريُّ (9) ،
(1) برقم (4133) ، كما تقدم.
(2)
ومن طريقه: أبو نعيم في «المعرفة» (4/2033) .
(3)
غير موجود في القسم المطبوع منه، وأخرجه من طريقه ابن عساكر (46/304) .
(4)
ومن طريقه: أبو نعيم في «المعرفة» (4/2032) .
(5)
(رقم 103) ، ومن طريقه ابن عساكر (46/304) ، وعزاه له ابن حجر في «الإصابة» (4/ 669) والمصنف في «الأجوبة المرضية» (2/740) .
(6)
ومن طريقهما: ابن عساكر (46/304) .
(7)
انظر: «معرفة الصحابة» لأبي نعيم 4 (/2032) برقم (2095) .
(8)
قال في مطبوعه على أثره: «ورواه معلى بن منصور عن صدقة مثله. حدثنا محمد بن أحمد، ثنا محمد بن عثمان، ثنا أبي وعمي أبو بكر قالا: ثنا معلى بن منصور، ثنا صدقة، مثله» .
(9)
ومن طريقه ابن حجر في «الإصابة» (4/669) ، وعزاه له في «الأجوبة المرضية» (2/740) .
وابن أبي عاصمٍ (1) ، وأبو الشيخ (2) ، ورجاله شاميُّون موثوقون.
وقول ابن عبدِالبرِّ (3) : ليس إسناده بالقويِّ ليس بجيدٍ، فكلُّهم إلا ابن مِشكَمٍ -وهو بكسر الميم وفتح الكاف بينهما مُعجمةٌ ساكنةٌ (4) -، مخرَّجٌ لهم في «الصحيح» ، ولكن عمرو بن غيلان اختُلِف في صحبته كما صرّح به أبو نُعيمٍ (5)
وابن منده (6) ، وأثبتها خليفةُ (7) والمستغفريُّ وغيرهما (8) .
(1) في «الآحاد والمثاني» (3/246 رقم 1607) .
(2)
عزاه له السخاوي في «الأجوبة المرضية» (2/740) .
(3)
قال في «الاستيعاب» (3/1197) : «حديثه عند أهل الشام، ليس بالقوي» ، فكلامه عن عمرو بن غيلان وليس على الإسناد، وفي «سنن الدارقطني» (1/78) عنه:«مجهول» !!.
والمذكور هنا يخالف ما في «الأجوبة المرضية» (2/740) : «وإسناده كما قال ابن عبد البر: ليس بالقوي» !
(4)
أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وكان كاتب أبي الدرداء، ثقة، مقرئ، ترجمته في «طبقات ابن سعد» (5/450) ، «ثقات ابن حبان» (5/398) ، «تهذيب الكمال» (27/543) ، «تاريخ الإسلام» (4/403) .
(5)
قال في «معرفة الصحابة» (4/2032) : «مختلف في صحبته» ، وكذا في «التجريد» (2/415 رقم 4486)، وحمّره وترجمه ابن حبان في «ثقاته» (7/217) في قسم (أتباع التابعين) قال:«يروي عن كعب، روى عنه قتادة» ، وقال المزي (22/187) :«لا تصح صحبته، وأبوه غيلان بن سلمة له صحبة» .
قلت: ظفرت له برواية عن أبي الدرداء، عند بحشل في «تاريخ واسط» (150) .
(6)
انظر «تاريخ دمشق» (46/36) .
(7)
في المخطوط «خليفته» ! وترجمة خليفة في «طبقاته» (53، 285) وذكره في الموطن الثاني تحت: (من أهل الطائف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) .
(8)
قال مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (10/245 رقم 4164) في ترجمته: «ذكره العسكري في (جملة الصحابة) من غير تردد، وقال: ولي البصرة وهو من ساكني الطائف، وكذلك أبو القاسم البغوي» ، وذكره الترمذي في كتابه «تسمية أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم» (ص 75 رقم 435) ضمن (الصحابة) من غير تردد -أيضاً-، وترجمه البخاري (6/253) ، وابن أبي حاتم (6/362) ولم يذكرا صحبته! وأهمله مسلم في «طبقاته» لقلة مروياته، ولعدم ثبوت صحبته عنده.
وقال البغوي: سكن الشام، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً (1)، وقال ابن السكن: يقال له صُحبةٌ.
وجزم بنفيها ابن البرقيِّ (2)، وكذا ذكرَه في (الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام ممن أدركَ الجاهلية) : أبو الحسن بنُ سُمَيعٍ (3)، ولم يقع في روايةِ واحدٍ ممن عزَوتُ الحديث إليه أنه قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وبذلك صرّح ابنُ السكن فقال: لم يَذكُر في حديثه رؤيةً ولا سَماعاً.
وأما ابن عساكر فقال: ليس له عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم غيرُه (4) ، وبالجملة فهو مرسلٌ وإنما حسَّنته لشواهِده التي منها ما أخرجه الطبرانيُّ في «معجمه الكبير» بسندٍ جيدٍ، وكذا ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ في «الثواب» له، وصحَّحه ابنُ حبان عن فضالةَ بن عُبيدٍ رضي الله عنه بلفظ:«اللهم مَن آمن بك وشهِد أني رسوُلك فحبِّب إليه لقاءك، وسهِّل عليه قضاءك، وأقلِل له من الدنيا، ومَن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك فلا تحبِّب إليه لقاءَك، ولا تُسهِّل عليه قضاءك، وكثِّر له من الدنيا» (5)، ترجم عليه ابنُ حبان: (دعاء المصطفى لمن شهِد له بالرسالةِ، وعلى
(1) نقله عنه ابن عساكر (46/ 305) وجعله البغوي (تميمياً) وتعقبه ابن عساكر، فقال:«كذا قال! وإنما هو الثقفي» .
(2)
نقل عنه ابن عساكر (46/305) قوله: «ليست تصح له صحبة، له حديث» .
(3)
نقله عنه ابن عساكر (46/306) ، والمزي في «تهذيب الكمال» (22/187) .
(4)
انظر «تاريخ دمشق» (46/303) .
(5)
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (208) ، وأبو الشيخ في «الثواب» ، وابن أبي الدنيا -كما في «الترغيب» (4/72) -، والطبراني في «الكبير» (18/313 رقم 808) ، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/421 رقم 987) ، والأصبهاني في «الترغيب» (2348) جميعهم عن ابن وهب، حدثني سعيد بن أبي أيوب، عن أبي هانىء، عن أبي علي الجنبي، عن فضالة بن عبيد، وإسناده قوي، رواته ثقات رجال مسلم، والجنبي: ثقة، اسمه عمرو بن مالك، وهو غير النكري المتكلم فيه، وأبو هانىء هو حميد بن هانىء الخولاني. =
مَن أبى ذلك عليه) .
ومنها ما أخرجه الطبرانيُّ -أيضاً- عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم مَن آمن بي وصدّقني وعلِم أنَّ ما جئتُ به هو الحقُّ قأقلِل مالَه وولدَه، وعجّل قبضَه، اللهم ومن لم يؤمن بي ولم يُصدّقني ويعلم أنَّ ما جئتُ به هو الحقّ من عندك فأكثر مالَه وولدَه، وأطل عمرَه» (1) .
ومنها ما رواه ابنُ ماجه في «سننه» وأحمد في «مسنده» وآخرون بسندٍ حسنٍ من حديث نُقادة الأسدي رضي الله عنه قال: «بعثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى رجلٍ يستمنحُه ناقةً فردّه، ثم بعثني إلى رجلٍ آخر، فأرسلَ إليه بناقةٍ فلما أبصرَها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك فيها وفيمن بعثَها» . قال نقادة: فقلت: يا رسولَ الله! وفيمن جاء بها، قال:«وفيمن جاء بها» . ثم أمر بها فحُلِبَت فدرَّت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اللهم أكثِر مالَ فلانٍ وولدَه -للمانع الأول-، واجعل رِزقَ فلانٍ يوماً بيومٍ -للذي بعثَ الناقةَ-» (2) .
= وعزاه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/286) إلى الطبراني وقال: ورجاله ثقات، ونظرت في تخريج العلامة محمود شاكر له في «تهذيب الآثار» (1/289 رقم 485) فصرح أنه لم يقف عليه عند غير الطبري! وصرح المصنف في «الأجوبة المرضية» (2/741) أنه أقوى شواهد حديث عمرو بن غيلان المتقدّم.
(1)
أخرجه الطبراني في «الكبير» (20 رقم 162) ، وفي «مسند الشاميين» (3/258) ، والبيهقي في «الشعب» (1476 أو 1401-ط. الهندية) ، وابن عدي في «الكامل» (5/118 أو 5/1769)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/286) :«وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك» . وقال البيهقي: «تفرد بإسناده هذا عمرو بن واقد» . فإسناده ضعيف جداً. وذكره الذهبي في «الميزان» (3/291) من (منكرات عمرو) هذا.
• فائدة: قال البيهقي في «الشعب» (4/99-100-ط. الهندية) على إثره: «وروي مثل هذا عن عمرو بن غيلان الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن صح شيء من هذه الأحاديث، فإنما هو لزهادته صلى الله عليه وسلم في الدنيا، واختياره الآخرة على الأولى، لعلمه بمصائب الدنيا، فلم يرضها لنفسه، ولا لمن يحبه من أمته، أعاذنا الله من فتنة الدنيا، وعذاب الآخرة برحمته» .
(2)
أخرجه أحمد (5/77) ، وابن أبي شيبة (640) ، والطيالسي (1251) ، والروياني (1462) ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومسدد في «مسانيدهم» ، والبخاري في «التاريخ الكبير» (8/126-127) ، وابن ماجه (4134) ، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (1/393) ، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1061) ، وابن قانع في «معجم الصحابة» (3/166-167) ، والطبراني في «الدعاء» (2014) ، والدينوري في «المجالسة» (2972- بتحقيقي) ، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (5/2702) ، والبيهقي في «الشعب» (7/320) ، وابن الأثير في «أسد الغابة» (5/355) ، والمزي في «تهذيب الكمال» (4/41-42) من طريق أبي المنهال سيَّار بن سلامة، عن البراء السّليطي، عن نقادة الأسدي، رفعه.
وفي إسناده البراء السليطي مجهول، نعم؛ وثقه ابن حبان (4/78) ! وهذا من تساهله! قال الذهبي في «الكاشف» :«مجهول» . وقال في «الميزان» (1/302) : «لا يعرف» ، وقال:«تفرد عن السليطي سيار بن سلامة أبو المنهال» . وقال ابن حجر في «التقريب» : «مقبول» ؛ أي: إذا توبع، ولا أعرف ذلك، فتحسين المصنف له لذاته ليس بحسن.
وانظر: «تهذيب الكمال» (4/41-42) .
وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (3/280) : «في إسناده البراء، قد ذكره ابن حبان في «الثقات» . وقال الذهبي: «مجهول، وباقي رجال الإسناد ثقات» . وقال: «ليس لنقادة شيء في بقيّة الكتب الستة سوى هذا الحديث الذي انفرد به ابن ماجه» .
قلت: ومن الغريب قول ابن حجر في «الإصابة» (6/468) في ترجمة (نُقَادة) : «له حديث في «مسند أحمد» و «السنن» لابن ماجه من طريق ولده: «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى رجل يستمنحه ناقة
…
» الحديث» .
وهو ليس من طريق ولده، وذكره على الجادة في «أطراف مسند الإمام أحمد» (5/421 رقم 7475) ، وليس في «المسند» غيره.
وأما قول الذهبي السابق عن البراء: «تفرد عنه سيار» ؛ فمدفوع بما أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (3/167) ؛ قال: حدثنا محمد بن يونس، نا عبد الله بن داود الخُريبي، نا هرمز بن جُوزان، عن البراء، عن نقادة الأسدي:«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم بعثه إلى رجل يستحمله ناقة، فجاء، فقال: «اللهم بارك فيها، وفيمن بعث بها، وفيمن جاء بها» » .
و (نُقَادة) من الأسماء المفردة في الصحابة، ولذا أورده البَرْدِيجي في «طبقات الأسماء المفردة» (رقم76) ، وضبطه ابن حجر في «التقريب» ؛ بضم النون بعدها قاف، وفي «التجريد» :«نُفَادة» ؛ بالفاء، وقال:«وقيل: نُقادة. وقيل: غير ذلك» ، وفي «الإصابة» :«بالقاف» ، وفي هامش «معجم الصحابة» :«نَقَّادة: كذا ضبطه في «التاريخ» ضبط قلم» .
وانظر: «الطبقات» لمسلم (رقم 495) ، وتعليقي عليه في (قسم الدراسة) .
ثم وجدت طريقاً آخر له، فيه متابعة للبراء! أخرجه المعافى بن عمران في «الزهد» (رقم 27) =
بل ورَد نحو هذا عن جماعةٍ آخرينَ؛ فروى الترمذي في «جامعه» -وقال: غريب-، عن عبد الله بن مُغفّل رضي الله عنه قال: قال رجلٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ الله! إني أحبُّك، فقال:«انظر ماذا تقول» . قال: والله إني أحبُّك ثلاثَ مرّاتٍ، قال: «إن كنت تُحبّني فأعِدّ للفقر تجفافاً (1) ،
فإنَّ الفقرَ أسرعُ إلى مَن يُحبني
= حدثنا الربيع بن بدر، عن سيار بن سلامة، عن عبادة بن نسي، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل ذُكر عنده لِقاحٌ يمنحه لِقْحَةً، فقال: ما عندنا لِقْحَةً نمنحها النبي صلى الله عليه وسلم
…
بنحوه.
وإسناده ضعيف جداً، فيه الربيع بن بدر متروك.
ثم ظفرت بشاهد آخر فات المصنف أن يذكره.
أخرج الأصبهاني في «ترغيبه» (2349) من طريق أبي الشيخ في «الثواب» من طريق أبي زرعة، ثنا يحيى بن بكير قال: حدثني يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله ابن عبد الرحمن بن يعمر الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم ارزق آل محمد الكفاف، اللهم ارزق آل محمد يوماً بيوم، اللهم من أحبني وأطاع أمري فارزقه الكفاف، اللهم من أبغضني وعصى أمري فأكثر له من المال والولد» .
وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات معروفون، إلا أنه مرسل، وأوله صحيح، كما سيأتي.
وفي آخر حديث أبي هريرة -الذي سيشير إليه المصنف قريباً-، شاهد آخر للمعنى المذكور، ولكنه لا يفرح به، لما سيأتي، والله الهادي.
(1)
تِجْفافاً -بكسر المثناة الفوقية، وسكون الجيم، وتائين بينهما ألف وتاء مزيدة-: من (جفّ) إذا يبس، وهو شيء يوضع على الخيل ليقيها أذى الحرب. أي: أعد للفقر وقاية؛ لأن النفوس لا تتحمّله.
قال الكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص 84 وما بعد) في معناه:
«يجوز أن يكون معنى قوله: «فأعد للفقر تِجفافاً» ؛ أي: إنك ادعيت دعوى كبيرة، ومن ادعى شيئاً طولب بالبينة عليه فكأنه قال: إنك مطالب بصحة دعواك بالاختبار لك بالصبر تحت أثقال الفقر، وتحمل مكروهه، وتجرع غصصه، فاستعد لذلك فإن ذلك كائن، ومما يدل على [أن] ذلك كذلك قوله صلى الله عليه وسلم له:«انظر ما تقول» ، كأنه ينهه على ما ادعاه من محبته إياه ظنه أمر له غورٌ، وليس ذلك بهين، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما يقول ما يقول عن غفلة لعظم ما ادعاه، وحسبان منه، وسلامة صدرٍ، وليس بقوله على التيقظ والعلم وتحقق معناه.
ألا ترى أن في الحديث: «أن رجلاً أتاه» دلّ على أنه ليس من علية أصحابه، ومن الذين لهم فضل العلم بالله عز وجل» . وقال:
«ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علم من الرجل نظراً إلى نفسه، وإلى أوصافها بعين التعظيم، فصرفه =
من السَّيل إلى منتهاه» (1) .
= عن نظره إلى أوصافه بعين التعظيم والاتكال عليها وهو صلى الله عليه وسلم وإن دعاه إلى عملٍ لفقر يوم الحساب وعمله صفته، فإن دعاه إليه جداً اجتهاداً فقد دعاه عنه اتكالاً عليه وسكوناً إليه، ويدل على أنه أراد به فقر يوم القيامة: قوله صلى الله عليه وسلم: «أعد للفقر تجفافاً» والتجفاف إنما يكون لرد الشيء، والحول بينه وبينك، وفقر الدنيا لمن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم جائزة من الله وعطاءً، وعطاء الله وجائزته لا ترد، فدلّ قوله صلى الله عليه وسلم:«أعد للفقر تجفافاً» ؛ أي: لفقر يوم القيامة ليصرفه عنك، أو يجوز أن يريد الفقر الذي هو قِلّة المال، والضر وعدم المرافق، وهو الفقر المعروف، ويكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم:«فأعد للفقر تجفافاً» ؛ أي: تجفافاً تصونه به، وتدفع عنه ما يقدح فيه من الجذع فيه، والنكرة له، والتشوق لمرادته، فإن الفقر جائزة الله لمن أحبني، وخلعته عليه، وبره به، وإكرامه له، وتحفته إياه، وجزيل الثواب منه على جليل قدر هذه الصفة عنده، وذلك أن الفقر زيّ أنبيائه، وحلية أوليائه، وزينة المؤمنين، وشعار الصالحين، فكأنه صلى الله عليه وسلم يقول له: إن هذا كائنٌ من الله عز وجل فاستعد لقبوله، والاستقبال له، والاستعداد لدفع ما يقدح فيه من الصبر فيه، والشكر عليه، والصون له، والدفع عنه تعظيماً له، وإجلالاً لقدره، فكأنه
عليه الصلاة والسلام وإن ذكر الفقر من بين جميع المكاره، فإنه لم يرد به خصوص الفقر الذي هو عدم الإملاك، ولكنه أراد جميع المكاره وأنواع المحن والبلايا» . قال:
(1)
أخرجه الترمذي (2350) -ومن طريقه الكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص 84) -، وابن حبان (2922) ، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/283 رقم 475-ط. شاكر) ، والبيهقي في «الشعب» (1471- ط. دار الكتب العلمية أو 1398-ط. الهندية) ، والبغوي (14/268) ، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص 87) ، من طريق شداد أبي طلحة الراسبي، عن أبي الوازع، عن عبد الله بن مغفل، وقال =
وروى الإمام أحمد في «مسنده» عن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتَه فقال: «اصبر أبا سعيد، فإن الفقر إلى مَن يُحبني مِنكم أسرعُ مِن السيل من أعلا الوادي -أو: مِن أعلا الجبل- إلى أسفله» (1) ،
أوردهما القاضي عياض في «الشفا» (2) بدون عزوٍ في آخر (فصلٍ في علامةِ محبتِه صلى الله عليه وسلم) .
وروى البزار عن أنس رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال:
إني أحبُّك. قال: «استعدَّ للفاقةِ» (3) ، ونحوها عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما
= الترمذي عقبه: «حديث حسن غريب» .
وأورده الديلمي في «الفردوس» (2219) ، ومداره على شداد، فيما أفاده البيهقي، وهو علّة الحديث، وحديثه منكر.
وانظر: «إتحاف المهرة» (10/566 رقم 13434) ، و «مجمع الزوائد» (10/274) ، و «السلسلة الضعيفة» لشيخنا الألباني (1681)، وذكر منه: «إنّ البلايا أسرع
…
منتهاه» في «السلسلة الصحيحة» (1586) -ولم يعزه إلا لابن حبان- و «صحيح موارد الظمآن» (2/481 رقم 2122) ، فكأنّ (النكرة) عنده في القسم الأول منه.
ولم يعزه السيوطي في «مناهل الصفا» (رقم 980) إلا للترمذي.
(1)
أخرجه أحمد في «مسنده» (3/42) ، والبيهقي في «الشعب» (1473) والسرقسطي في «الدلائل في غريب الحديث» (2/604-605 رقم 315) من طريق عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، به.
وعزاه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/274) إلى أحمد، وقال:«ورجاله رجال الصحيح» .
قلت: نعم، ولكن إسناده منقطع، (عمرو بن الحارث المصري) لم يثبت سماعه من سعيد بن أبي سعيد، ولذا قال البيهقي:«مرسل» ، وسعيد هذا لم يوثقه غير ابن حبان (4/278) .
وعزاه المتقي في «كنز العمال» (6/483) إلى سعيد بن منصور -أيضاً-.
(2)
انظر: «الشفا» (2/64-65) للقاضي عياض.
(3)
أخرجه البزار (3595) ، والتيمي في «الترغيب والترهيب» (2352) ، والبيهقي في «الشعب» (1470) من حديث أنس، وعزاه الهيثمي في «المجمع» (10/274) إلى البزار، وقال:«ورجاله رجال الصحيح، غير بكر بن سليم، وهو ثقة» .
قلت: بكر بن سُليم، قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (2/386) :«شيخ يكتب حديثه» . وقال ابن عدي في «الكامل» (2/462) : «عامة ما يرويه غير محفوظ، ولا يتابع عليه، وهو من جملة =
أيضاً (1) .
= الضعفاء الذين يكتب حديثهم» .
وانظر: «تهذيب الكمال» (4/212) ، و «إكمال تهذيب الكمال» (3/14 رقم 790) .
وللحديث شواهد بألفاظ أخرى متقاربة، منها:
- حديث أبي ذر، عند الحاكم (4/331) وراويه عنه: عبد الله بن أبي طلحة، لم يثبت له سماع منه، فهو منقطع.
- وعن عتمة الجهني، عند الطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم، قاله الهيثمي في «المجمع» (10/314) .
- وعن كعب بن عجرة، عند الطبراني في «الأوسط» (7157)، قال الهيثمي في «المجمع» (10/314) :«وإسناده جيد» !
- ومن مرسل عمرو بن الحارث، أخرجه البيهقي في «الشعب» (1473)، وقال:«هذا مرسل» .
(1)
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (6/119) ، وإسناده ضعيف جداً، وفيه حسين بن قيس الرَّحبي، ولقبه حَنَش، وهو متروك.
وفي الباب عن أبي هريرة:
أخرجه أبو الشيخ في «الثواب» -ومن طريقه قوام السنة الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (2350) -، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/279 رقم 467-ط. شاكر) ، والبيهقي في «الشعب» (4/96-98 رقم 1400- ط. الهندية) ، من طريق ابن فُضيل، ثنا عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ لَلْبلاء أسرع إلى من يُحبُّني من الماء الجاري من قُلَّة الجبل إلى حضيض الأرض، اللهم من أحبني فارزقه العفاف والكفاف، ومن أبغضني فأكثر ماله وولده» .
وإسناده ضعيف جداً، عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، أبو عباد الليثي: متروك الحديث، ولفظ البيهقي مطول، وفيه قصة، وفيه أن قوله صلى الله عليه وسلم هذا موجّه لرجل أنصاري. وأفاد أنه أبو ذر، وقال:«عبد الله بن سعيد غير قوي في الحديث» ، ومنه طرف -ليس فيه الشاهد- عند ابن ماجه (2448) .
و (قلّة الجبل) : أعلاه. و (حضيضه) : أسفله، و (الكفاف) : مالم يكن فيه فضل.
وفي الباب عن علي قوله: «من أحبنا أهل البيت، فليعد للفقر جلباباً وتجفافاً» .
علقه أبو عبيد في «غريب الحديث» (3/466) عن عوف، عن عبد الله بن عمرو بن هند، عنه.
ووصله عباس الدوري في «تاريخ يحيى بن معين» (3/293 رقم 1387) : حدثنا العباس: ثنا هوذة بن خليفة: ثنا عوف، به. وإسناده ضعيف. =
وفي «الإحياء» (1)
مرفوعاً: «إذا أحبَّ الله عبداً ابتلاه، فإذا أحبَّه الحُبَّ البالغ
= قال أبو عبيد: تأوّله بعض الناس على أنه من أحبّنا افتقر في الدنيا. وأنكره ابن قتيبة في «إصلاح غلط أبي عبيد» (ص 117- 118)، قال: «والقول فيه عندي: إنه أراد: من أحبّنا أهل البيت فليرفض الدنيا وطلبها، وليزهد فيها، وليصبر على الفقر والتقلل،
…
» في كلام أكده، وزاد عليه السرقسطي في «الدلائل» (2/604) ، فانظره.
(1)
انظر: «إحياء علوم الدين» للغزالي (4/208) ، وعزاه العراقي في تخريجه إلى الطبراني من حديث أبي عنبسة الخولاني، وكذا في «إتحاف السادة المتقين» (9/277)، وصوابه:«أبو عنبة الخولاني» كما في الطبعة المفردة في «تخريج أحاديث الإحياء» (2/1085 رقم 3931-ط. طبريّة)، والحديث في «الفردوس» (1/250 رقم 968) وفيه «أبو عتبة» بعد العين التاء المثناة الفوقية! وصوابه: بالنون. والحديث في «كنز العمال» (11/101 رقم 30794) معزو للطبراني وابن عساكر، وفيه:«عن أبي عقبة» بالقاف! وهو خطأ.
وأخرجه من حديث أبي عنبة: الختلي في «المحبة» (رقم 153) ، وإسناده ضعيف، وأبو عنبة ولد في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وروى عن معاذ وغيره، فهو تابعي من حيث الرواية.
وانظر: «معرفة الصحابة» (5/2979 رقم 3370) ، و «تاريخ دمشق» (67/120-122) ، و «المؤتلف والمختلف» للدارقطني (3/1653-1654) والتعليق عليه.
ولي هنا ملاحظات:
الأولى: ظفرتُ بالحديث في مواطن من «إتحاف السادة المتقين» غير المذكور، منها (7/524) ووقع فيه:«من حديث ابن عيينة الخولاني» وهذا لون آخر من التصحيف في اسم راويه! ونقل عن العراقي هنا قوله فيه: «وسنده ضعيف» ، وزاد:
«قلت: ولفظه في «الأوسط» : إذا أحب الله عبداً ابتلاه، وإذا أحبه الحبّ البالغ اقتناه، لا يترك له مالاً ولا ولداً» .
ولفظه في «الكبير» : «إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً ابتلاه، فإذا ابتلاه اقتناه، قالوا: يا رسول الله! وما اقتناه؟ قال: لم يترك له مالاً ولا ولداً. ورواه ابن عساكر كذلك» ، وذكره في (7/650) وعزاه للطبراني وابن عساكر، وفيه «أبو عتبة» بالتاء بدل النون!
الثانية: لم أظفر بالحديث في طبعتي «المعجم الأوسط» ! وهو في القسم المفقود من «المعجم الكبير» وعزاه له الهيثمي في «المجمع» (2/291) بلفظ: «إذا أراد الله بعبد خيراً ابتلاه، وإذا ابتلاه أضناه، قال: يا رسول الله! وما أضناه؟ قال: «لا يترك له أهلاً ومالاً» ، كذا فيه في الموطنين «أضناه» ، =
اقتناه» ، قيل: وما اقتناه، قال:«لم يترُك له أهلاً ولا مالاً» .
وعند ابن المبارك في «الزهد» والحازمي معاً من حديث يعلى بن الوليد قال: «لقيتُ أبا الدرداء رضي الله عنه فقلت له: ما تحبُّ لمن تحب؟ قال: الموت، قلت: فإن لم يمت، قال: يُقلّ الله مالَه وولدَه» (1) .
= وصوابه: «اقتناه» ، وقال عنه:«وفيه إبراهيم بن محمد شيخ الطبراني، ضعَّفه الذهبي، ولم يذكر سبباً، وبقية رجاله موثوقون» .
الثالثة: للحديث شواهد فيما ذكر الزَّبيدي، وعبارته:
«ورواه أبو نعيم في «الحلية» (رقم 2707، 2711، 4044- تقريب البغية) ، والديلمي من طريقه، من حديث ابن مسعود:«إذا أحب الله عبداً اقتناه لنفسه، ولم يشغله بزوجةٍ ولا ولد، وسياق المصنف -يريد ما في «الإحياء» وهو الذي عند السخاوي- مشعر بأنه من رواية جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا هو في «نهج البلاغة» للشريف الموسوي» .
قال أبو عبيدة: أحسن في نسبة «نهج البلاغة» للشريف الرَّضى، ونسبته لعلي رضي الله عنه باطلة. قاله الذهبي في «الميزان» (3/124) ، وغيره، كما بيّنته في كتابي «كتب حذر منها العلماء» (2/ 250-255) ، وحديث علي في «الفردوس» (971) ، و «تذكرة الموضوعات» (ص 193) .
(1)
أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (977) ، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/112 أو 13/ 311- ط. الهندية) ، وأحمد في «الزهد» (ص 173 أو 2/60- ط. دار النهضة) ، والبخاري في «التاريخ الكبير» (7/104) ، وابن أبي عاصم في «الزهد» (1/39) ، وابن سعد في «الطبقات» (7/ 392) ، والمروزي في «زوائد الزهد» (347) ، وهناد بن السّري في «الزهد» (542 و543) ، ومسدد
-كما في «المطالب العالية» (3/338) -، وابن أبي الدنيا في «ذكر الموت» (356- بتجميعي) ، ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (47/162-ط. دار الفكر)، ثم ظفرت به عند المعافى بن عمران في «الزهد» (رقم 26) وفي آخره زيادة:«قيل: ما تحب لعدوك؟ قال: يكثر الله ماله وولده، ويطيل بقاءه» ، والزيادة عند ابن جرير وابن عساكر (47/162) وغيرهما -أيضاً-، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (3/227) ، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/425) ، والطوسي الشيعي في «أماليه» (2/12) ، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (2/349) من حديث يعلى بن الوليد.
ويعلى والراوي عنه (غيلان بن بشر) فيهما جهالة.
وأخرجه أبو نعيم (1/217) بسندٍ آخر فيه انقطاع.
وفي أول «المجالسةِ» (1) للدينوري من طريق أبي البَخْتَري الطَّائي قال: كان بين عمار بنِ ياسرٍ رضي الله عنه وبين رجلٍ من أهل الكوفةِ كلامٌ، فقال له عمار: إن كنت كذبتَ عليَّ فأسألُ الله ألا يُميتك من الدنيا حتى يُوطأ عقبك (2) ، ويكثُر مالُك وولدُك (3) .
(1) بل في (الجزء الرابع عشر) منه (5/208-209 رقم 2034- بتحقيقي) ، ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (43/448-ط. دار الفكر) .
(2)
هذا دعاء عليه بأن يكثر أتباعه، بأن يكون سلطاناً، أو مقدّماً، أو ذا مال، فيتبعه الناس، ويمشون وراءه.
(3)
أخرجه هناد في «الزهد» (550) ، ومن طريقه أبو داود السجستاني في «الزهد» (ص 261 رقم 272- ط. الهندية أو ص 240 رقم 279-ط. المصرية)، والخطابي في «العزلة» (ص123-124 -ط. ياسين السوّاس) عن أبي الأحوص -واسمه: سلام بن سليم الحنفي-، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (43/447-448) ، والذهبي في «السير» (1/427 و12/479) عن علي بن عاصم؛ كلاهما عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، بنحوه.
وإسناده حسن.
وفي «زهد أبي داود» زيادة في آخره نصها: «وإنْ كنتُ فعلتُ الذي قُلت، لأنا شرٌّ من الذي لا يغتسل يوم الجمعة» .
وأخرجه وكيع في «الزهد» (175) -ومن طريقه أحمد في «الزهد» (ص 119، 766) -، وابن عساكر (43/448) ، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (3/256) -ومن طريقه البلاذري في «أنساب الأشراف» (1/167) -، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/427 أو 1/298 رقم 503) ، وأبو نعيم في «الحلية» (1/142) ، وابن عساكر (43/449) من طريق سفيان، وابن أبي شيبة في «المصنف» (8/ 455) ، وهناد في «الزهد» (551) عن أبي معاوية -وهو محمد بن خازم الضرير-، وأبو داود السجستاني في «الزهد» (271-ط. الهندية أو رقم 278-ط. المصرية) عن جرير وأبي معاوية، وابن عساكر (43/448- 449) عن يحيى بن عيسى، جميعهم عن الأعمش، عن إبراهيم التَّيمي، عن الحارث بن سويد، نحوه، وسيأتي لفظه قريباً عند المصنف.
وإسناده قوي.
وأخرجه ابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/426-427 أو 1/297 رقم 500-ط. شاكر) ، =
وشكا رجلٌ إلى أبي الدرداء أخاً له، فقال: سينصرك الله عليه. فوفد المشتكى منه على معاوية، فأجازه بمئة دينار، فقال أبو الدرداء للمشتكي: هل علمت أن الله قد نصرك على أخيك؟ وفد على معاوية؛ فأجازه بمئة دينار، وولد له غلام (1) .
ورويناها -أيضاً- من طريق إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سُويدٍ: أن رجلاً من أهل الكوفة وشى بعمارٍ إلى عُمرَ فقال له عمار: إن كنت كاذباً فأكثَرَ
= والمعافى بن عمران الموصلي (23) ، وابن عساكر (43/448) من طرق أخرى بنحوه.
والخبر في «السير» (1/423) ، و «اللسان» مادة (وطأ)، وفسره بقوله: أي كثير الأتباع، دعا عليه بأن يكون سلطاناً ومقدّماً أو ذا مالٍ، فيتبعه الناس ويمشون وراءه.
(1)
ظفرت بنحوه عنه، أخرجه المعافى بن عمران في «الزهد» (رقم24)، وابن عساكر (47/ 162) بسندٍ فيه انقطاع: أن رجلين من أهل دمشق تنازعا، فعابا، فاستطال أحدهما على الآخر، فعاب المستطال عليه، ثم قدم، فلقيه أبو الدرداء، فقال: شعرتُ أنك قد تصوَّت -أي: رفعت صوتك- على صاحبك، قال: بم ذا يا أبا الدرداء؟ قال: «كثر مالُه وولدُه، ومن يُكثَّر مالُه، تكثر شياطينه» ، وأخرج ابن أبي الدنيا في «العيال» (رقم 449) آخره مرفوعاً، بسندٍ واهٍ.
وظفرت بما أخرجه أحمد في «الزهد» (ق57/ب) والمعافى بن عمران في «الزهد» (206) من طريق حسَّان بن كُريب قال: كنا بباب معاوية، ومعنا أبو مسعود -صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فخرج رجل قد كساه معاوية بُرْنُساً، فهنَّأه قوم، فقال أبو مسعود: خذ من طيباتك، وقال الآخر: خذ من حسناتك، وفيه ابن لهيعة.
ثم ظفرت بأقرب منهما، أخرجه ابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/294 رقم 494- ط. شاكر) بسند صحيح إلى بيان -وهو ابن بشر الأحمسي- عن حكيم بن جابر: أن رجلاً نال من رجل، فأتى أبا الدرداء فشكاه، فقال: إن الله سيُديلك منه. فلما كان بعد ذلك، دعاه معاوية، فحَباه، وأعطاه، فأتى أبا الدرداء، فذكر ذلك له، فقال: أليس قد أُدِيل لك منه؟
ثم امتنَّ الله عز وجل بالوقوف على لفظه بحروفه، عند وكيع في «الزهد» (177) ، وأبي داود السجستاني في «الزهد» (رقم 249) ، وأبي نُعيم في «الحلية» (1/223) ، وإسناده ضعيف، حسان ابن عطية لم يدرك أبا الدرداء.
الله مالَك وولدَك، وجعلَك مُوطّأ العقبين (1) .
وفي «الفردوس» و «مسنده» لكن بدون إسنادٍ عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارزق من أبغضني وأهلَ بيتي كثرةَ المال والعيال، كفاهم بذلك أن يكثُر مالُهم فيطولَ حسابُهم، وأن تكثُر عيالهم فتكثر شياطينُهم» (2) .
وفي (الثامن عشر) من «المجالسةِ» (3)
من طريق محمد بن سيرين قال: مرَّ ابنُ عمرَ رضي الله عنهما على رجلٍ فسلَّم عليه، فلما جاز قيل له: إنه كافر، فرجع إليه فقال: ردَّ عليَّ السلام، فردَّ عليه، فقال له: أكثر اللهُ مالَك وولدَك، ثم التفت إلينا فقال: هذا أكثر للجزية.
(1) مضى قريباً، قبل الهامش السابق.
(2)
أورده الديلمي في «الفردوس» (2007) من حديث علي بن أبي طالب.
ثم وجدت المصنف يقول في «استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم وذوي الشرف» (2/604 رقم 339) : «أورده الديلمي وابنه معاً بلا إسناد» .
وكذا قال الشريف السَّمهودي في «الجوهر الشفاف» (ق 95/ب)، وفي «جواهر العقدين في فضل الشَّرَفين: شرف العلم الجلي والنسب النبوي» (1/255- ط. بغداد أو ص 344- ط. دار الكتب العلمية)، وزاد في الأخير:
وأشار المصنف على إثره إلى كتابنا هذا، وسبق أن نقلنا كلامه الموجود في «استجلاب ارتقاء الغرف» في تقديمنا لهذا الكتاب، والحمد لله على آلائه وتوفيقه.
(3)
انظر: «المجالسة» (6/179 رقم 2525) ، وإسناده ضعيف، في إسناده هوذة بن خليفة صدوق.
وانظر: «تهذيب الكمال» (30/320) .
وروينا في «المزاح والفكاهة» (1) للزبير بن بكَّار من طريق مِسعَر، عن عبد الرحمن بن هرمز قال: كان مولىً لنا يأتي أبا هريرة رضي الله عنه فيقول له أبو هريرةَ: سلامٌ ورحمة الله، ومتَّ وشيكاً، وأكثر الله لمن يبغضُك من المال والولَد.
وفي (الحادي والعشرين) منها (2) من طريق وُهَيب بن الورد قال: إن الله عز وجل إذا أراد كرامةَ عبدٍ أصابه بضيقٍ في معاشه، وسقمٍ في جسده، وخوفاً في دُنياه، حتى ينزلَ به الموت وقد بقيت عليه ذنوبٌ شدّد بها عليه الموتُ حتى يلقاه وما عليه شيءٌ، وإذا هان عليه عبدٌ يُصحُّ جسدَه، ويوسِّع عليه معاشَه، ويؤمّنه في دنياه، حتى ينزل به الموتُ وله حسناتٌ، خفّف عنه بها الموتُ حتى يلقاهُ، وما له عندَه شيءٌ.
وأما الجمع بينَه وبين حديث الدعاء لأنس فالجواب كما ظهر لي: أنه يقال: ليس المالان في الموضعين على حدٍّ سواء، فالذي دعا لخادمه بالكثرةِ منه هو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم:«لا خير فيمن لا يُحبُّ المال ليصلَ به رحمه، أو يؤدّي به عن أمانته، ويستغني به عن خلق ربه» (3) .
(1) من مصادر ابن حجر في «الإصابة» : نقل منه خمس مرات. انظر: «ابن حجر وموارده في كتاب الإصابة» (2/189) ، ولم أظفر به فيما لدي من مصنفات مفردة عن (المزاح) ، مثل «المراح في المزاح» للغزي، «غذاء الأرواح بالمحادثة والمزاح» لمرعي الكرمي، «الإيضاح في بيان أحكام المزاح» للحمد.
(2)
انظر «المجالسة» (7/22 رقم 2865) ، وأخرجه -أيضاً- أبو نعيم في «الحلية» (8/156) عن أحمد بن إبراهيم، ثنا الحكم بن موسى، به. وفي إسناده ابن أبي الرجال -وهو عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الرحمن الأنصاري، المدني، نزيل الثغور، صدوق ربما أخطأ. وذكره الزبيدي في «إتحاف السادة المتقين» (10/271) ، وعزاه للدينوري في «المجالسة» .
(3)
أخرجه ابن حبان في «الضعفاء والمجروحين» (2/185) في ترجمة (العلاء بن مسلمة الرواس) -وقال: «يروي عن العراقيين المقلوبات وعن الثقات الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به =
والمعنى في هذا كما قال العسكري: أنه لا خير فيمن يُحبُّ المال لغير هذه الخصال، وإنما يحبُّ المؤمنُ -يعني: الكاملُ- المالَ لهذه الأشياء (1) . ونحوه قول سعيد بن المسيّب رحمه الله: «لا خير فيمن لا يجمع المالَ فيقضي دينَه ويصل رحمَه، ويكفّ به وجهَه» (2) .
ولذلك يروى كما أخرجه الإمام أحمد وابن منيع في «مسنديهما» من حديث عمرو بن العاصي رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمرو نعمّا بالمال الصالح للمرء الصالح» (3)، وفي لفظ: «نعم المال الصالح
= بحال» -، والبيهقي في «الشعب» (1250 و1251) ، وابن الجوزي في «الموضوعات» (3/135) من حديث أنس بن مالك.
وذكره ابن عرَّاق في «تنزيه الشريعة» (2/303) وعزاه لابن حبان والبيهقي، والشوكاني في «الفوائد المجموعة» (63) .
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (55 و56 و68 و103) ، والدينوري في «المجالسة» (5/336- 337 رقم 2211- بتحقيقي) ، وأبو نعيم في «الحلية» (2/173) ، والبيهقي في «الشعب» ، (1252) من قول سعيد بن المسيب، وهو الصحيح.
وذكره عنه ابن عبد البر في «بهجة المجالس» (1/196) ، والذهبي في «السير» (4/238) ، وابن حمدون في «تذكرته» (8/98 رقم 227) ، و «سير السلف» (ق113/ب) .
والخبر في «ربيع الأبرار» (4/ 142) عن ابن المبارك.
(1)
نقله المصنف في «الأجوبة المرضية» (2/744) -أيضاً- عن العسكري.
(2)
سبق تخريجه في الذي قبله، وفي بعض المصادر زيادة:«وكان يقول: اللهم إنك تعلم أني لم أجمعها إلا لأصون بها حسبي وديني» وسيأتي مفرداً عند المصنف (ص 174) .
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/18) ، وأحمد (4/197 و202) ، وفي «فضائل الصحابة» له (1745) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (299) ، وأبو عوانة في (الزكاة) -كما في «إتحاف المهرة» (4/101) -، وأبو يعلى (13/320-322 رقم 7336) ، وأبو عُبيد في «غريب الحديث» ، وابن عبد الحكم في «فتوح مصر» (ص250) ، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6065) ، وابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 43) ، وابن حبان في «صحيحه» (3210) و (3211) ، والطبراني في «الأوسط» (3213) ، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1315) ، والحاكم (2/2 و236) ، والبغوي في «شرح السنة» (2495) ، والبيهقي في «الشعب» (1248) من حديث عمرو بن العاص، وإسناده صحيح، وجوّده العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (3/ 228) ، وغيره.
للرجل الصالح» .
وأخرج الديلمي عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«نعم العون على تقوى الله المالُ» (1) .
(1) قال العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (4/101) :
«رواه أبو منصور الديلمي في «مسند الفردوس» من رواية محمد بن المنكدر، عن جابر، ورواه أبو القاسم البغوي من رواية ابن المنكدر مرسلاً، ومن طريقه رواه القضاعي «مسند الشهاب» هكذا مرسلاً» .
قلت: أخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» (2/260 رقم 1317) من طريق البغوي، عن عبد الرحمن بن صالح، ثنا عيسى بن يونس، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر مرسلاً.
ورجاله ثقات، إلا أنه مرسل.
نعم، وصله الديلمي في «الفردوس» (3/95) ، وابن لال في «مكارم الأخلاق» -كما في «إتحاف السادة المتقين» (9/87) ، و «كنز العمال» (6/239 رقم 6342) -، من طريقين، عن ابن المنكدر، عن جابر رفعه، وفي الأول: عبد الله بن أحمد بن عمر بن شوذب الواسطي (شيخ ابن لال)، وفي الثاني: صالح بن عمرو، لم أظفر بترجمتهما.
وأخرجه أبو علي النيسابوري في «فوائده» (ق 70/ب) عن أنس رفعه بلفظ: «نعم العون على الدِّين قوت سنة» ، وفيه أحمد بن محمود بن نعيم، وحمر بن نوح، مجهولان.
وأخرجه الديلمي (4/ق 94- زهر الفردوس) باللفظ نفسه من حديث معاوية بن حيدة، رفعه.
وإسناده واه جدّاً، فيه محمد بن داود بن دينار، قال ابن عدي:«كان يكذب» .
فالمرفوع لم يثبت بلفظيه. انظر: «السلسلة الضعيفة» (2040، 2042) ، «تذكرة الموضوعات» (174) .
وورد عن ابن المنكدر وغيره من السلف من أقوالهم، وهذا أشبه، وهذا ما وقفت عليه من ذلك، والله الموفق.
أخرجه أبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1687) ، وابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 58) ، وأبو نعيم في «الحلية» (3/149) ، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (5/355) من قول محمد ابن المنكدر، وليس عندهم جميعاً لفظة:(المال) وبدلها: (الغنى) .
وأخرج ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 67) عن داود عليه السلام قال: «نعم العونُ اليسار، أو الغنى عن الدين» .
وأخرج -أيضاً- فيه (رقم109) ضمن قصة جاء في آخرها: «قال لبيد بن عطارد: نعم العون على المزود الجِدَة» .
وأخرج -أيضاً- فيه (رقم 59) عن مكحول قال: «بعض المعيشة عون على الدين» .
وعند الطبرانيِّ في «الأوسط» عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قيل: يا رسولَ الله من السيد؟ قال: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، قالوا: أفما في أمتك من سيد؟ قال: بلى، رجلٌ أعطي مالاً حلالاً، ورُزق سماحةً، وأدنى الفقير، وقلّت شكاته في الناس» (1) .
وقال صلى الله عليه وسلم -في حديث: «ذهب أهل الدُّثُور بالدَّرجات العُلى، يُصلُّون كما نصلّي، ويصومون كما نصومُ، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق، ويعتقون ولا نُعتِق، ولهم فُضول أموال» -: «ذلك فضلُ الله يُؤتيه من يشاءُ» (2) .
(1) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7006) ، والبيهقي في «الشعب» (10898) من حديث ابن عباس، وعزاه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/128) إلى الطبراني، وقال: وفيه نافع بن هرمز، وهو ضعيف، وقال في (8/202) : وفيه نافع بن هرمز وهو متروك.
وانظر: «الترغيب والترهيب» للمنذري (3/260)، وقال عنه شيخنا العلامة الألباني رحمه الله في «ضعيف الترغيب والترهيب» (رقم 1562) :«ضعيف جداً» .
(2)
أخرجه الدارمي (1353) ، وأحمد (2/238) من حديث أبي هريرة، عن أبي ذر قال: يا رسول الله ذهب
…
، وأخرجه البخاري (843 و 6329) ، ومسلم (595) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (146) ، وابن خزيمة (749) ، وأبو عوانة (2/248) ، وابن حبان في «صحيحه» (2014) ، والبيهقي (2/186) ، والبغوي في «شرح السنة» (717) و720) من حديث أبي هريرة، قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: «ذهب أهل الدثور
…
» .
وأخرجه بنحوه -أيضاً-: أحمد (5/158) ، والحميدي (123) ، والحسين المروزي في «زوائده على الزهد لابن المبارك» (1157) ، وابن ماجه (927) ، وابن خزيمة (748) ، والطبراني في «مسند الشاميين» (810) من طرق عن أبي ذر، ورواياتهم متقاربة، ويزيد فيه بعضهم على بعض.
وأخرجه البزار في «مسنده» (4045) من طريق بشر بن عاصم: أن أباه أخبره، أنه سمع أبا الدرداء أو أبا ذر، فذكره.
وأخرجه -أيضاً-: الطيالسي (982) ، وابن أبي شيبة (10/235 و13/453) ، وأحمد (5/196) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (147 و148 و151) ، والطبراني في «الدعاء» (708) من حديث أبي الدرداء.
وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
وقال أيضاً -كما ستأتي الإشارة إليه- لكعبٍ رضي الله عنه: «أمسِك [عليك بعض مالك، فهو خير لك» (1) .
وفي آخر: «من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة؛ مات والله عنه راض» (2) .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «لو كان عندي أُحدٍ ذهباً، أعلم
عدده، وأُخرج زكاته، ما كرهتُ ذلك، وما خشيتُ أنْ يضرَّني» (3)
(1) سيأتي تخريجه (ص 169) .
(2)
أخرجه ابن ماجه (70) ، والحارث بن أبي أسامة في «مسنده» (1/152-153 رقم 7- «بغية الباحث» ) ، والحاكم في «المستدرك» (2/331) ، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (1/86 رقم 1، 2) ، وأبو يعلى في «مسنده» -رواية ابن المقرئ وهي غير المطبوعة، ومن طريقه الضياء في «المختارة» (6/126 رقم 2122) -، وابن جرير في «التفسير» (6/78) ، والبيهقي في «الشعب» (5/341 رقم 6856) ، والضياء في «المختارة» (رقم 2123) من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس مرفوعاً.
وعزاه ابن كثير في «التفسير» (7/149- ط. أولاد الشيخ) لابن مردويه.
وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (4/132) لابن المنذر، والبزار، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
ولم يعزه في «كنز العمال» (رقم 278) إلا لابن ماجه، والحاكم.
وأورده ابن حجر في «المطالب العالية» (12/370 رقم 2910- ط. العاصمة) ، وعزاه للحارث، وسكت عنه.
وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/56) : «هذا إسناد ضعيف، الربيع بن أنس ضعيف هنا» .
قلت: وفيه أبو جعفر الرازي، وهو سيء الحفظ، والحديث في «ضعيف الجامع الصغير» (5719) ، و «ضعيف سنن ابن ماجه» (70) ، و «ضعيف الترغيب والترهيب» (رقم 1) .
• تنبيه: أورد المصنف هذا الحديث في موطنين من «الأجوبة المرضية» هما (2/587 و3/1002) ، وتحرف (فارق) في مطبوعه إلى (رزق) وأهمله المحقق، ولم يعلق عليه بشيء!
(3)
أخرجه ابن ماجه (1787)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/82) ولفظهما:«ما أُبالي لو كان لي أُحدٍ ذهباً، أعلمُ عدده، وأُزكيه، وأعمل فيه بطاعة الله عز وجل» . =
وقال] (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحةُ لمن اتقى خيرٌ من الغنى، وطيبُ النفس من النعيم» (2) ،
أخرجه أحمد، وابنُ ماجه عن خبيبٍ الجهني.
فمن تكون الدنيا [في يديه، ويؤدّي الحقوق منها، ويتطوّع بالأمور المستحبّة فيها، ولم تكن عائقةً له عن الوصول إلى الله تعالى، ولا لها في قلبه](3) مزيةٌ ولا يفخر بها خصوصاً على مَنْ دونَه (4) ، ولا يكون بما في يديه منها أوثق منه
= وإسناده صحيح، وصححه شيخنا الألباني في «السلسلة الصحيحة» (تحت رقم 559) ، و «صحيح سنن ابن ماجه» (1787) .
(1)
بدل ما بين المعقوفتين بياض في الأصل، وأثبتّه من «الأجوبة المرضية» (2/587- 588، 3/1002) ، للمصنّف، وانظر ما ذكرناه في مقدمة التحقيق.
(2)
أخرجه أحمد في «مسنده» (4/69 و5/272، 380) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (301) ، وفي «التاريخ الكبير» (5/22) ، وابن ماجه (2141) ، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2566) ، والحاكم (2/3) -وصححه ووافقه الذهبي، وذكر أن صحابيه اسمه يسار بن عبد الله الجهني-، والبيهقي في «الشعب» (1245 و1246) ، وفي «الآداب» (965) ، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (6/3082 رقم 7120) ، والمزي في «تهذيب الكمال» (14/450) من حديث معاذ بن عبد الله بن خُبيب الجُهني، عن أبيه، عن عمِّه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وعليه أثر غسل وهو طيب النفس، فظننا أنه ألمَّ بأهله. فقلنا: يا رسول الله! نراك طيِّب النفس؟ قال: أجل، والحمد لله، ثم ذُكر الغنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنه لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة لمن اتقى خيرٌ من الغنى، وطيبُ النفس من النِّعم» . هذا لفظ البخاري في «الأدب المفرد» ، ولفظه عند أحمد: «كنا في مجلسٍ فطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثرُ ماءٍ، فقلنا: يا رسولَ الله نراك طيِّبَ النفس، فقال: أجل، ثم خاض القومُ في ذكر الغنى، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: لا بأس بالغنى،
…
» .
وقال البوصيري في «زوائد ابن ماجه» : إسناده صحيح، ورجاله ثقات.
وانظر: «السلسلة الصحيحة» (174) .
(3)
بدل ما بين المعقوفتين بياض في الأصل، والمثبت من «الأجوبة المرضية» (2/586 و3/ 1001) للمصنف، ومن «جوابه» الذي بخطه، وهومرفق بآخر كتابنا هذا، والله الموفق، لا ربّ سواه.
(4)
انظر ما قررناه في (مقدمة التحقيق) أن الفخر بالمال أسوأ مراتب العُجب.
بما عند الله، بحيث يحبسها عما شُرِع له صَرْفها فيه، من التقتير على نفسِه وعيالِه، وعدم إظهارِ نعمة الله عز وجل ولا يُنفقها في وجوه الباطل التي لم تشرع، ولا يُبذّر، يكون ذلك زيادةً له في الخير.
وكم من غنيٍّ مُتَّصفٍ بذلك وأزيد منه، مثل: داود، وسليمان، ويوسف، وطوائف من الأنبياء -عليهم الصلاةُ والسلام-، وعثمان بن عفّان، وعبد الرحمن ابن عوف، وطلحة الفياض (1)
أحد العشرةِ رضي الله عنهم، وسعد بن الربيع الذي قال:«أنا من أكثر الأنصار مالاً» (2)، وقال له عبد الرحمن بن عوف:«بارك الله لك في أهلك ومالِك» (3) رضي الله عنهما، وغيرهم من الأولياء (4) .
(1) الفياض: الجواد الواسع العطاء. قال زهير في «ديوانه» (139) :
وأبيض فيَّاض يداه غمامةٌ
…
على مُعتفَيه ما تَغِبُّ نوافِلُه
وأصله من قولك: فاض الماء، إذا سال، وحديث مستفيض، أي: شائع منتشر، قاله الخطابي في «غريب الحديث» (2/218-219) ، وأسند خبراً يدلل على كرمه، كنت قد خرجته بتطويل في تعليقي على «المستجاد» للتنوخي (رقم 8) .
وفي خبر عند أبي عبيد في «الغريب» (4/164) ، وابن قتيبة في «إصلاح غلط أبي عبيد» (ص 128- 129) ، بيان أنه رضي الله عنه ترك مئة حمل مال مقدار الحمل منها ثلاثة قناطير، والقنطار مئة رطل.
(2)
قطعة من حديث فيه طول، أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب البيوع (باب ما جاء في قول الله -تعالى-: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ
…
} ) (رقم 2048) من حديث عبد الرحمن بن عوف، ورقم (2049) من حديث أنس، وفيه قول عبد الرحمن بن عوف الآتي.
وطرف الحديث الأول عند البخاري برقم (3780)، وطرف الثاني بالأرقام:(2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386) .
وانظر عن (غنى) المذكورين وسخائهم: «الجواهر المجموعة» للسخاوي، و «المستجاد» للتنوخي، و «المستجاد» للدارقطني، و «مراقي الجنان» ليوسف بن عبد الهادي (فهرس الأعلام) فيها جميعاً، والتدليل على ذلك لا طائل تحته، لشهرته، ولأنه يطيل الهوامش، وفيما فعلنا كفاية إن شاء الله -تعالى-.
(3)
انظر الهامش السابق.
(4)
أذكر هنا مثالاً على كثرة ثروة الصحابة -رضوان الله عليهم جميعاً-، حتى يتبين لنا مبلغ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= غناهم، مع حرصهم على الخير والبذل في أخبار صحيحة تكاد أن تكون هي للخيال أقرب منها للحقيقة، وهي تجسد ما أراده المصّنف على وجه جليٍّ جدّاً:
أخرج الدينوري في «المجالسة» (رقم 2200- بتحقيقي) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (18/428- ط. دار الفكر) -، وابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 418) بسندٍ صحيح عن عروة بن الزبير: أن الزبير بن العوام ترك من العروض قيمة خمسين ألف ألف درهم، [ومن العين خسمين ألف ألف دينار] .
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (3/110) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (18/428-ط. دار الفكر) - من طريق آخر عن هشام، به، بلفظ:«كانت قيمة ماترك الزبير إحدى وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف» .
وأخرج البخاري في «صحيحه» في كتاب فرض الخمس (باب بركة الغازي في ماله حياً وميتاً مع النبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر)(رقم 3129) : حدثني إسحاق بن إبراهيم؛ قال: «قلت لأبي أسامة: أحدثكم هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير
…
» ، وذكر خبراً طويلاً فيه:«فقُتِل رضي الله عنه ولم يدع ديناراً ولا دِرهماً، إلا أرضين منها الغابة، وإحدىعشرة داراً بالمدينة، ودارَين بالبصرة، وداراً بالكوفة، وداراً بمصر» .
قال: «وإنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال، فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف؛ فإني أخشىعليه الضيعة، وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج ولا شيئاً إلا أن يكون في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
قال عبد الله بن الزبير: فحسبتُ ما عليه من الدين؛ فوجدته ألفي ألف ومئتي ألف. قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير، فقال: يا ابن أخي! كم على أخي من الدين؟ فكتمه، فقال: مئة ألف. فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد الله: أرأيتك إن كانت ألفي ألف ومئتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا؛ فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي. قال: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومئة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وست مئة ألف. ثم قام فقال: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر -وكان له على الزبير أربع مئة ألف-، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخِّرون إن أخَّرتم. فقال عبد الله: لا. قال: فاقطعوا لي قطعة. قال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا. قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه. وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية -وعنده عمرو بن عثمان، والمنذر بن الزبير، وابن زمعة-، فقال له معاوية: كم قوِّمت الغابة؟ قال: كل سهم مئة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ونصف. فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهماً بمئة ألف. وقال عمرو بن عثمان: قد أخذتُ سهماً بمئة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهماً بمئة ألف. قال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف، قال: أخذته بخمسين ومئة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بست مئة ألف. فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير: أقسم بيننا ميراثنا. قال: لا والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه. قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين؛ قسم بينهم. قال: وكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومئتا ألف» .
والمتأمل والمتمعِّن فيما ذكر من الآثار والأخبار يكاد يقف على تعارضٍ واختلاف في تركة الزبير، ووجدت كلاماً متيناً للحافظ ابن حجر حاول فيه إزالة هذا الاختلاف، آثرتُ أن أنقله من «الفتح» (6/232-234- ط. السلفية) على الرغم من طوله؛ لما فيه من تحرير وتنقيح، وهذا نصُّ كلامه بالحرف:
قال بعد رواية البخاري السابقة: «في رواية أبي نعيم من طريق أبي مسعود الراوي عن أبي أسامة: أن ميراث الزبير قسم على خمسين ألف ألف ومئتي ألف ونيف، زاد على رواية إسحاق: ونيف، وفيه نظر؛ لأنه إذا كان لكل زوجة ألف ألف ومئتا ألف؛ فنصيب الأربع: أربعة آلاف ألف وثمان مئة ألف، وهذا هو الثُّمن، ويرتفع من ضربه في ثمانية، ثمانية وثلاثون ألف ألف وأربع مئة ألف، وهذا القدر هو الثلثان، فإذا ضم إليه الثلث الموصى به وهو قدر نصف الثلثين وجملته تسعة عشر ألف ألف ومئتا ألف؛ كان جملة ماله على هذا سبعة وخمسين ألف ألف وست مئة ألف، وقد نبه على ذلك قديماً ابن بطال ولم يجب عنه، لكنه وهم؛ فقال: وتسع مئة ألف. وتعقبه ابن المنير فقال: الصواب: وست مئة ألف. وهو كما قال ابن التين: نقص عن التحرير سبعة آلاف ألف وأربع مئة ألف؛ يعني: خارجاً عن قدر الدَّيْن، وهو كما قال، وهذا تفاوت شديد في الحساب، وقد ساق البلاذري في «تاريخه» هذا الحديث عن الحسين بن علي بن الأسود بن أبي أسامة بسنده، فقال فيه:
«وكان للزبير أربع نسوة، فأصاب كل امرأة من ثمن عقاراته ألف ألف ومئة ألف، وكان الثمن أربع آلاف ألف وأربع مئة ألف، وكان ثلثا المال الذي اقتسمه الورثة خمسة وثلاثين ألف ألف ومئتي ألف» . وكذلك أخرجه ابن سعد عن أبي أسامة؛ فعلى هذا إذا انضم إليه نصفه وهو سبعة عشر ألف ألف وست مئة ألف؛ كان جميع المال اثنين وخمسين ألف ألف وثمان مئة ألف؛ فيزيد عما وقع في الحديث ألفي ألف وست مئة ألف، وهو أقرب من الأول، ولعل المراد أن القدر المذكور وهو أن لكل زوجة ألف ألف ومئة ألف كان لو قسم المال كله بغير وفاء الدين، لكن خرج الدين من حصة كل أحد منهم؛ فيكون الذي يورث ما عدا ذلك، وبهذا التقرير يخف الوهم في الحساب ويبقى التفاوت أربع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مئة ألف فقط، لكن روى ابن سعد بسند آخر ضعيف عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن تركة الزبير بلغت أحداً أو اثنين وخمسين ألف ألف، وهذا أقرب من الأول، لكنه -أيضاً- لا تحرير فيه، وكأن القوم أتوا من عدم إلقاء البال لتحرير الحساب؛ إذ الغرض فيه ذكر الكثرة التي نشأت عن البركة في تركة الزبير؛ إذ خلف ديناً كثيراً ولم يخلف إلا العقار المذكور؛ ومع ذلك؛ فبورك فيه حتى تحصل منه هذا المال العظيم، وقد جرت للعرب عادة بإلغاء الكسور تارة وجبورها أخرى؛ فهذا من ذاك.
وقد وقع إلغاء الكسور في هذه القصة في عدة روايات بصفات مختلفة؛ ففي رواية علي بن مسهر عن هشام عند أبي نعيم: «بلغ ثمن نساء الزبير ألف ألف، وترك عليه من الدين ألفي ألف» ، وفي رواية عثام بن علي عن هشام، عند يعقوب بن سفيان:«إن الزبير قال لابنه: انظر ديني وهو ألف ألف ومئتا ألف» ، وفي رواية أبي معاوية عن هشام:«أن قيمة ما تركه الزبير كان خمسين ألف ألف» ، وفي رواية السراج:«أن جملة ما حصل من عقاره نيف وأربعون ألف ألف» ، وعند ابن سعد من حديث ابن عيينة:«إن ميراثه قسم على أربعين ألف ألف» .
وهكذا أخرجه الحميدي في «النوادر» عن سفيان، عن هشام بن عروة.
وفي «المجالسة» للدينوري من طريق محمد بن عبيد، عن أبي أسامة: أن الزبير ترك من العروض قيمة خمسين ألف ألف، والذي يظهر أن الرواة لم يقصدوا إلى التحرير البالغ في ذلك كما تقدم، وقد حكى عياض، عن ابن سعد ما تقدم، ثم قال:«فعلى هذا يصح قوله: إن جميع المال خمسون ألف ألف، ويبقى الوهم في قوله: ومئتا ألف» .
قال: «فإن الصواب أن يقول: مئة ألف واحدة» . قال: «وعلى هذا؛ فقد وقع في الأصل الوهم في لفظ: «مئتا ألف» ، حيث وقع في نصيب الزوجات، وفي الجملة؛ فإنما الصواب مئة ألف واحدة، حيث وقع في الموضعين» .
قلت: وهو غلط فاحش يتعجب من وقوع مثله فيه مع تيقظه للوهم الذي في الأصل وتفرغ باله للجمع والقسمة، وذلك أن نصيب كل زوجة إذا كان ألف ألف ومئة ألف لايصح معه أن يكون جميع المال خمسين ألف ألف ومئة ألف، بل إنما يصح أن يكون جميع المال خمسين ألف ألف ومئة ألف، إذا كان نصيب كل زوجة ألف ألف وثلاثة وأربعين ألفاً وسبع مئة وخمسين على التحرير، وقرأت بخط القطب الحلبي عن الدمياطي أن الوهم إنما وقع في رواية أبي أسامة عند البخاري في قوله في نصيب كل زوجة:«أنه ألف ألف ومئتا ألف» ، وأن الصواب:«أنه ألف ألف» سواء بغير كسر، وإذا اختص الوهم بهذه اللفظة وحدها خرج بقية ما فيه على الصحة؛ لأنه يقتضي أن يكون الثمن أربعة آلاف ألف؛ فيكون ثمناً من أصل اثنين وثلاثين، وإذا انضم إليه الثلث صار ثمانية وأربعين، وإذا انضم إليها الدين صار الجميع خمسين ألف ألف ومئتي ألف؛ فلعل بعض رواته لما وقع له ذكر مئتا ألف عند الجملة، ذكرها عند نصيب كل زوجة سهواً. =
وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يقول: إنه لو رفع حجراً لرجى أن يُصيبَ تحته ذهباً (1) ، وفتح الله عليه ومات فحُفر الذهب من تركته بالفؤوس حتى
= وهذا توجيه حسن، ويؤيده ما روى أبو نعيم في «المعرفة» من طريق أبي معشر عن هشام، عن أبيه؛ قال:«ورثت كل امرأة للزبير ربع الثمن: ألف ألف درهم» ، وقد وجهه الدمياطي -أيضاً- بأحسن منه، فقال ما حاصله: إن قوله: فجميع مال الزبير خمسون ألف ألف ومئتا ألف صحيح، والمراد به قيمة ما خلفه عند موته، وأن الزائد على ذلك -وهو تسعة آلاف ألف وست مئة ألف- بمقتضى ما يحصل من ضرب ألف ألف ومئتي ألف، وهو ربع الثمن في ثمانية مع ضم الثلث كما تقدم، ثم قدر الدين حتى يرتفع من الجميع تسعة وخمسون ألف ألف وثمان مئة ألف، حصل هذا الزائد من نماء العقار والأراضي في المدة التي أخر فيها عبد الله بن الزبير قسم التركة استبراء للدين كما تقدم، وهذا التوجيه في غاية الحسن لعدم تكلفه وتبقية الرواية الصحيحة على وجهها.
وقد تلقاه الكرماني؛ فذكره ملخصاً ولم ينسبه لقائله، ولعله من توارد الخواطر، والله أعلم.
وأما ما ذكره الزبير بن بكار في «النسب» في ترجمة عاتكة، وأخرجه الحاكم في «المستدرك» : أن عبد الله بن الزبير صالح عاتكة بنت زيد عن نصيبها من الثمن على ثمانين ألفاً؛ فقد استشكله الدمياطي وقال: بينه وبين ما في «الصحيح» بون بعيد، والعجب من الزبير! كيف ما تصدى لتحرير ذلك؟!
قلت: ويمكن الجمع بأن يكون القدر الذي صولحت به قدر ثلثي العشر من استحقاقها، وكان ذلك برضاها، وردّ عبد الله بن الزبير بقية استحقاقها على من صالحها له، ولا ينافي ذلك أصل الجملة.
وأما ما أخرجه الواقدي عن أبي بكر بن أبي سبرة، عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ قال: قيمة ما ترك الزبير أحد وخمسون ألف ألف؛ فلا يعارض ما تقدم لعدم تحريره.
وقال ابن عيينة: قسم مال الزبير على أربعين ألف ألف، أخرجه ابن سعد، وهو محمول على إلغاء الكسر» .
قال أبو عبيدة: كلام ابن حجر السابق فيه جمع وتحرير جيدان.
وانظر: «تاريخ دمشق» (18/427، 428) ، و «المجالسة» (456، 2092) وفيها ما يشعر باضطراب الرواة في قيمة التركة.
والخبر في: «السير» (1/65) ، و «اللمعات البرقية في النكت التاريخية» (ص 30-31) .
(1)
ذكره المصنف في «الأجوبة المرضية» (2/584) -أيضاً-، ولم يعزه لأحد.
ثم وجدته مسنداً من حديث أنس ضمن قصة فيها محاورة سعد بن الربيع مع عبد الرحمن بن عوف، التي أشار إليها المصنف -سابقاً-، أخرجها عبد بن حميد في «المنتخب من مسنده» (رقم =
مجلت (1) فيه الأيدي، وأخذت كلُّ زوجةٍ ثمانين ألفاً (2)
-وكنَّ أربعاً-، وقيل: مئة ألفٍ (3)، وقيل: بل صولحت إحداهن؛ لأنه طلقها في مرضه على نيفٍ وثمانين ألفاً (4) ،
= 1333) وفي آخرها: «قال عبد الرحمن: لقد رأيتني بعد ذلك، ولو رفعت حجراً لظننت أني سأصيب تحته ذهباً، أو فضة» .
وأخرجه بنحوه أحمد (3/271) ، وابن سعد (3/126) ، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (10/32)، ولفظه:«قال عبد الرحمن: فلقد رأيتني ولو رفعت حجراً، لرجوت أن أُصيب [تحته] ذهباً أو فضة» . وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(1)
المجل: أن يكون بين الجلد واللحم ماء، أو المجلة: قشرة رقيقة يجتمع فيها ماء من أثر العمل.
(2)
أسنده ابن عساكر (35/304) عن ابن سيرين قال: إن عبد الرحمن بن عوف توفي، وكان فيما ترك ذهباً قطع بالفأس،
…
إلى آخر ما ذكره المصنف هنا.
وأخرج أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (4/411) ، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (10/38) نحوه من طريق أيوب، عن ابن سيرين، وسيأتي في الذي بعده نحوه.
(3)
أخرج أحمد (3/165) ، وعبد الرزاق (10410) ، وابن سعد (3/137) ، وابن حبان (4096) ، وابن عساكر (35/303)، بإسناد صحيح على شرط الشيخين على إثر حديث مرفوع:«قال أنس: لقد رأيتُه -أي: عبد الرحمن بن عوف- قَسم لكل امرأةٍ من نسائه بعد موته مئة ألف دينار» .
(4)
أخرج الدينوري في «المجالسة» (رقم 379- بتحقيقي) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (35/304- ط. دار الفكر) -، من طريق هشام، عن ابن سيرين، قال:«إن نساء عبد الرحمن بن عوف اقتسمن ثمنَهُنَّ عشرين وثلاث مئة ألف درهم، وتوفي عن أربع نسوة، فأصابت كل امرأة منهن ثمانين ألفاً» .
وأخرجه اليزيدي في «الأمالي» (ص97) من طريق آخر عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين قال: لما توفي عبد الرحمن بن عوف ترك أربع نسوة، فصولحت امرأة من نسائه، وأخرجت من الثمن بثمانين ألف درهم. قال ابن سيرين: فبلغني أن الرجال ضربوا بالفؤوس سبائك الذهب من ميراثه، حتى مجلت أيديهم.
وأخرج ابن سعد (2/137) -ومن طريقه ابن عساكر (35/303) - عن أبي صالح قال: مات عبد الرحمن بن عوف، وترك ثلاث نسوة، فأصاب كل واحدة مما ترك ثمانون ألفاً، ثمانون ألفاً.
قال أبو عبيدة: كذا فيه (أبو صالح) ، وصوابه (صالح) ، وهو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرج ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (رقم 111، 427) بسنده إلى صالح قال: صولحت =
وأوصى بخمسين ألفاً (1) ، بعد صدقاته الفاشية في حياته، وعوارفه العظيمة، أعتق يوماً ثلاثين عبداً (2) ،
وتصدّق مرةً بعيرٍ فيها سبع مئةِ بعيرٍ، ورَدَت عليه تحمل من
= امرأة عبد الرحمن ثمنها: الثمن بثمانين ألفاً، هذا لفظ الرواية الأولى، ولفظ الثانية:«على ثمنها ثلث الثمن، بثلاث مئة وثمانين ألفاً» كذا فيه وهو خطأ! صوابه:
ما أخرجه سعيد بن منصور -ومن طريقه البيهقي، ومن طريقه ابن عساكر (35/303-304) -، عن عمرو بن أبي سلمة، عن أبيه قال: صولحت امرأة عبد الرحمن من نصيبها ربع الثمن على ثمانين ألفاً.
وما أخرجه البلاذري في «أنساب الأشراف» (10/38-39) من طريق صالح بن إبراهيم قال: أصاب تماضر بنت الأصبغ الكلبي ربع الثمن، فأخرجت بمئة ألف، وهي إحدى أربع نسوة.
وانظر سائر الروايات عند: ابن سعد (3/136-137) ، والبلاذري (10/38-39) ، وفي «تاريخ مدينة صنعاء» (ص63، 64) ، و «الأربعين» لأبي الفتوح الطائي (ص79- الحديث التاسع) ، «تهذيب الكمال» (2/ق 809) ، «السير» (1/91) ، «تاريخ الإسلام» (ص 396- عهد الخلفاء الراشدين) ، «صفوة الصفوة» (1/355) .
(1)
أخرج الدارقطني في «المستجاد من فعلات الأجواد» (رقم 40) ، وابن سعد في «الطبقات» (3/136) ، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (10/38) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (35/299) عن أبي الأسود -وبعضهم زاد عن عروة بن الزبير، وبعضهم جعل بدل (عن) يتيم-، قال: إن عبد الرحمن بن عوف أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله.
وفي لفظ: أوصى عبد الرحمن بن عوف في السبيل بخمسين ألف دينار.
وهذه أسانيد منقطعة. ولكن عروة قريب عهد، والإسناد -له أو لمن دونه- صحيح.
(2)
ذكره البلاذري في «أنساب الأشراف» (10/39) عن أبي اليقظان قال: «
…
وأعتق في يوم واحد ثلاثين عبداً، وأوصى بسهم من ستة عشر من ماله لأبي بكرة، وأصاب كل امرأة له من ميراثه ثمانون ألفاً» .
وأخرج أبو نعيم في «الحلية» (1/99) -ومن طريقه ابن عساكر (35/293) -، عن جعفر بن بُرقان، قال: بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف بنت! كذا في المصدرين.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/308) من الطريق نفسه، وعنده «بيت» بدل «بنت» !
ويعجبني كلام للمصنف في بعض أجوبته جمع فيه بين أثر أبي اليقظان وأثر ابن برقان، فقال
-ذاكراً مناقب عبد الرحمن بن عوف-: «
…
إلى غير ذلك من صدقاته الفاشية وعوارفه العظيمة، حتى إنه أعتق في يوم ثلاثين عبداً، وفي عمره ثلاثين ألف نسمة» . انظر:«الأجوبة المرضية» (2/585) .
وانظر: «الأربعين» لأبي الفتوح الطائي (ص 79) ، والهامش الآتي.
كلّ شيء، فتصدق بها وبما عليها، وبأقتابها وأحلاسها، وأوصى بخمسين ألف دينار، وبألف فرسٍ في سبيل الله، ولأمهات المؤمنين بحديقةٍ بيعت بأربع مئة ألفٍ، ولمن بقي من أهل بدرٍ لكلّ رجل أربع مئة دينار، وكانوا مئة فأخذوها وعثمان فيمن أخذ (1) ،
كلُّ ذلك ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم له بالبركةِ.
(1) ورد ذلك في آثار عديدة، هذا ما وقفت عليه:
أخرج البخاري في «التاريخ الكبير» (1/167) ، والدينوري في «المجالسة» (2199) -ومن طريقيهما ابن عساكر (35/ 299- 300، 300) - عن الزهري قال:
وأخرج ابن المبارك -ومن طريقه الطبراني في «الكبير» (1/90) ، وعنه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (1/384- 384 رقم 483- ط. الدار) و «الحلية» (1/99) -، وابن عساكر (35/263)، والذهبي في «السير» (1/81) عن الزهري قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشطر ماله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفاً، ثم تصدق بأربعين ألفاً (وفي بعض المصادر) : ثم تصدق بأربعين ألفاً -مرة ثالثة -، ثم حمل على خمس مئة فرس في سبيل الله، ثم حمل على ألف وخمس مئة (وسقط من مطبوع «تاريخ دمشق» :«ألف و» ) راحلة في سبيل الله، وكان عامة ماله من التجارة، وأما تصدقه على أمهات المؤمنين، فقد ورد ضمن حديث أخرجه الترمذي في أبواب المناقب (باب مناقب عبد الرحمن بن عوف)(3750) من طريق محمد بن عمر، عن أبي سلمة بلفط:«إن عبد الرحمن بن عوف أوصى بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربع مئة ألف» ، وقال:«حسن غريب» .
والحديث صحيح.
أخرجه الترمذي (3749) ، وأحمد في «المسند» (6/77، 103، 120، 135) ، وفي «فضائل الصحابة» (1249، 1258) ، وإسحاق بن راهوية في «المسند» (1755) ، وابن حبان (6995) ، والطبراني في «الأوسط» (3235، 9111) ، وابن سعد (3/132) ، والطحاوي في «المشكل» (3566) ، والحاكم (3/310- 311، 312) ، وأبو نعيم في «الحلية» (1/98)، وابن عساكر (10/ 131-132) من طرق عن عائشة قالت:
إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إنّ أمركن لمِمّا يهمُّني بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون» . قال أبو سلمة: ثم تقول عائشة: فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة، تريد عبد الرحمن بن عوف، وقد كان وصل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بمالٍ، يقال: بيعت بأربعين ألفاً. =
وكذا دعا للمقداد بالبركة فكانت عنده غرائر من المال (1) ،
ودعا مثله لعروةَ بن
= والحديث صحيح، وله شاهد عند البزار (2590- زوائده)، وأبي نعيم (1/99) من حديث عبد الرحمن بن عوف رفعه؛ بلفظ:«لا يعطف عليكنّ بعدي إلا الصادقون الصابرون» .
وانظر: «السلسلة الصحيحة» (1845، 3318) ، وما مضى في مقدمة التحقيق (ص 21) .
ولا تعارض بين الخبرين، فالذي بيع بأربعين ألف، هو ماله بكيدمة وهو سهمه من بني النضير، كما صرَّح به بعض ولده في رواية عند أبي القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (4/409) -ومن طريقه ابن عساكر (35/285) -، وابن سعد (3/132) ، وباعه من عثمان، كما وقع في حديث المسور بن مخرمة.
وأخرجه ابن سعد (3/132) ، والدارقطني في «المستجاد» (رقم 39) ، وعبد الله بن أحمد في «زوائد فضائل الصحابة» (136) ، والحاكم (3/311) ، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (1/ 379، 380 رقم 475) ، و «الحلية» (1/98) ، وابن عساكر (35/283) .
بقي خبر: التصدق بعير عليها أقتابها وأحلاسها، وهذا وارد في خبر دخول عبد الرحمن الجنة حبواً، وسيأتي تخريجه وبيان ما فيه في التعليق على (ص 127) .
• فائدة: جعل ابن قتيبة في «غريب الحديث» الحديث «سليل الجنة» وفسّره؛ فقال: «هو ماء في الجنة» ، وتعقبه العسكري في «تصحيفات المحدثين» (1/325) بقوله:«ولا أعلم أحداً رواه «من سليل الجنة» وإنما الرواية «من سلسبيل الجنة» » .
قال أبو عبيدة: هذا التعقب يلحق ابن الأثير في «النهاية» (2/389) مما رواه «من سليل الجنة» ! وقال: «هو الماء البارد، وقيل: السهل في الحلق» !
وانظر: «الأجوبة المرضية» (2/584- 586 و3/1000-1001) ، و «الكسب» لمحمد بن الحسن الشيباني (ص 113-114)، و «تفسير ابن جرير» (11/ 592-593- ط. هجر) (التوبة: 79) ، و «الأربعين» (ص 80) لأبي الفتوح الطائي، «السير» (1/90) ، و «تاريخ الإسلام» (ص 395- «عهد الخلفاء الراشدين» ) ، «اللمعات البرقية» (ص 31- 32) .
(1)
أخرجه أبو داود في «سننه» في كتاب الخراج والإمارة (باب ما جاء في الركاز وما فيه)(3087) ، وابن ماجه في «صحيحه» في كتاب اللقطة (باب التقاط ما أخرج الجرذ)(2508) ، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (293) -ولم يسق لفظه-، والطبراني في «الكبير» (20/611 و612) ، والهيثم الشاشي في «مسنده» -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (60/175) -، وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (رقم 389) ، والبيهقي (4/155- 156)، والمزي في «تهذيب الكمال» (35/222) من طرق عن موسى بن يعقوب الزمعي: حدثتني عمتي قريبة بنت عبد الله عن أمها كريمة بنت المقداد =
أبي الجعد فقال: فلقد كنتُ أقوم بالكُناسة -وهو موضع بالكوفة-، فما أرجع حتى أربح أربعين ألفاً، وقال البخاري في حديثه:«فكان لو اشترى التراب ربح فيه» (1) .
= ابن عمرو، عن ضباعة بنت الزبير زوجة المقداد، عن المقداد بن عمرو: أنه خرج ذات يوم إلى البقيع -وهو المقبرة- لحاجته، وكان الناس لا يذهب أحدهم في حاجته إلا في اليومين والثلاثة، فإنما يبعر كما تبعر الإبل، ثم دخل خربة، فبينما هو جالس لحاجته؛ إذ رأى جرذاً أخرج من جحر ديناراً، ثم دخل فأخرج آخر، حتى أخرج سبعة عشر ديناراً، ثم أخرج طرف خرقة حمراء. قال المقداد: فسللت الخرقة فوجدت فيها ديناراً، فتمَّت ثمانية عشر ديناراً، فخرجت بها حتى أتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته خبرها، فقلت: خذ صدقتها يا رسول الله! فقال: «ارجع بها؛ لا صدقة فيها، بارك الله لك فيها» . ثم قال: «لعلّك اتبعت يدك في الجُحر؟» . قلت: لا؛ والذي أكرمك بالحق. قال: فلم يفنِ آخرها حتى مات. وهذا لفظ ابن ماجه.
وفي رواية الشاشي والطبراني (611) زيادة في آخره: «قالت ضباعة: فما فني آخرها حتى رأيت غرائر الوَرِق في بيت المقدام» .
وأخرجه الزبير بن بكار في «نسب قريش» -ومن طريقه ابن عساكر (60/174- وفي آخره: «قال: فما ذهب آخرها حتى رأيت في بيت المقدام غرائر الورق» .
وفي سياق بعض الروايات أنه من مسند ضباعة، كما قال الحافظ ابن حجر في «النكت الظراف» (8/504) ، وهو لا يضر، فضباعة هذه صحابية، ولكن هذا إسناد فيه مقال، موسى بن يعقوب، وثقه ابن معين، وابن القطان، وقال ابن عدي: لا بأس به عندي، وقال ابن المديني: ضعيف الحديث، منكر الحديث.
وقال أبو داود: روى عنه ابن مهدي، وله مشايخ مجهولون.
وقال أحمد: لا يعجبني حديثه.
وقريبة هذه لم يرو عنها إلا ابن أخيها موسى، وقال الحافظ في «التقريب» : مقبولة، فهي في عداد المجاهيل، وكذلك كريمة، والحديث في «ضعيف سنن ابن ماجه» (545) ، و «ضعيف سنن أبي داود» (3079) .
وقوله -والله أعلم-: «لعلك اتبعت بيدك في الجحر» إذ لو فعل ذلك لكان ذلك في حكم الركاز، وإنما ساق الله هذا المال إليه بغير فعل منه؛ أخرجته له الأرض بمنزلة ما يخرج من المباحات، ولهذا -والله أعلم- لم يجعله لقطة إذ لعله علم أنه من دفن الكفار. أفاده ابن القيم في «إعلام الموقعين» (6/416- بتحقيقي) .
(1)
يشير المصنف إلى ما أخرجه البخاري في «الصحيح» في كتاب المناقب (باب منه) (رقم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 3642) ، وأبو داود في «السنن» في كتاب البيوع (باب في المضارب يخالف)(رقم 3384) ، وابن ماجه في «السنن» في كتاب الصدقات (باب الأمين يتجر فيه فيربح)(رقم 2402) وأحمد في «المسند» (4/375) ، والحميدي في «مسنده» (843) ، وسعدان بن نصر في «جزئه» (رقم 99) -ومن طريقه وغيره ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (40/212- 213) ، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/707) ، والشافعي في «المسند» (رقم 1333) ، والطبراني في «الكبير» (17 رقم 412) ، والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/112) ، وابن حزم في «المحلى» (8/436، 437) من طريق شبيب بن غرقدة؛ قال: «سمعت الحيَّ يتحدثون عن عروة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً يشتري له به شاةً، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينارٍ، فجاء بدينارٍ وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب؛ لربح فيه» . لفظ البخاري، وقال عقبه:«قال سفيان: كان الحسن بن عُمارة جاءنا بهذا الحديث عنه؛ قال: سمعه شبيب بن عُروة، فأتيته، فقال شبيب: إني لم أسمعه من عروة؛ قال: سمعتُ الحيَّ يخبرونه عنه» .
وقال معقباً على مقولة البخاري: «سمعه شبيب من عروة؛ فأتيته» : «وأراد البخاري بذلك بيان ضعف رواية الحسن بن عمارة، وأن شبيباً لم يسمع الخبر من عروة، وإنما سمعه من الحي، ولم يسمعه من عروة؛ فالحديث بهذا ضعيف للجهل بحالهم، لكن وجد له متابع عند أحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن ماجه من طريق: سعيد بن زيد، عن الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد؛ قال: حدثني عروة البارقي.. فذكر الحديث بمعناه.
وله شاهد من حديث حكيم بن حزام، وقد أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن سفيان، عن شبيب، عن عروة، ولم يذكر بينهما أحداً، ورواية علي بن عبد الله -وهو ابن المديني، شيخ البخاري فيه- تدل على أنه وقعت في هذه الرواية تسوية، وقد وافق علياً على إدخاله الواسطة بين شبيب وعروة: أحمد، والحميدي في «مسنديهما» ، وكذا مسدد عند أبي داود، وابن أبي عمر، والعباس بن الوليد عند الإسماعيلي، وهذا هو المعتمد. =
ورُوي مثلُ هذا لغرقدة (1) -أيضاً-، بل قد حُملت خزائنُ الأرض إلى رسول
= وزعم ابن القطان في كتابه «بيان الوهم والإيهام» [5/165 رقم 2400- دار طيبة] أن البخاري لم يرد بسياق هذا الحديث إلا حديث الخيل ولم يرد حديث الشاة، وبالغ في الرد على من زعم أن البخاري أخرج حديث الشاة محتجاً به؛ لأنه ليس على شرطه؛ لإبهام الواسطة فيه بين شبيب وعروة، وهو كما قال، لكن ليس في ذلك ما يمنع تخريجه ولا ما يحطه عن شرطه؛ لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، ويضاف إلى ذلك ورود الحديث من الطريق التي هي الشاهد لصحة الحديث، ولأن المقصود منه الذي يدخل في علامات النبوة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعروة، فاستجيب له؛ حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه.
وأما مسألة بيع الفضولي؛ فلم يردها؛ إذ لو أرادها لأوردها في البيوع، كذا قرره المنذري، وفيه نظر؛ لأنه لم يطرد له في ذلك عمل؛ فقد يكون الحديث على شرطه ويعارضه عنده ما هو أولى بالعمل به من حديث آخر؛ فلا يخرج ذلك الحديث في بابه، ويخرجه في باب آخر أخفى لينبه بذلك على أنه صحيح؛ إلا أن ما دل ظاهره عليه غير معمول به عنده، والله أعلم» .
قلت: طريق سعيد بن زيد عن الزبير به -التي أشار إليها ابن حجر سابقاً- أخرجها الترمذي في «جامعه» (أبواب البيوع، باب 34)(3/559) ، وأبو داود في «السنن» (رقم 3385) ، وابن ماجه في «السنن» (رقم 2402) ، وأحمد في «المسند» (4/376) ، والدارقطني في «السنن» (3/10) ، والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/112) بنحوه.
قال البيهقي: «سعيد بن زيد -وهو أخو حماد بن زيد- ليس بالقوي» .
قلت: هومختلف فيه، ولم ينفرد به؛ فقد تابعه هارون بن موسى الأعور المقرئ عند الترمذي في «جامعه» (3 رقم 1258) .
وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير أبي لبيد، واسمه: لِمَازة بن زيَّاد، قال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (3/5) :«وقد قيل: إنه مجهول، لكن وثقه ابن سعد، وقال حرب: سمعتُ أحمد أثنى عليه، وقال ابن المنذر والنووي: إسناده حسن صحيح، لمجيئه من وجهين» .
وحديث حكيم بن حزام أخرجه أبو داود في «السنن» (رقم 3386) ، والترمذي في «الجامع» (رقم 1257) ، والدارقطني في «السنن» (3/9) ، والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/112-113) ، وفي إسناده انقطاع، أفاده الترمذي.
(1)
أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (12/4216 رقم 1505) في ترجمة (غرقدة) نحو حديث عروة السابق.
قال ابن حجر في «الإصابة» (5/344) -وأورد (غرقدة) في (القسم الرابع) من (الصحابة) ! -: =
الله صلى الله عليه وسلم، وإلى صاحبيه أبي بكرٍ، وعمرَ رضي الله عنهما، فأخذوها ووضعوها في مواضعها وما هربوا منها لكونهم قد استوى عندهم الماء والمال، والذهب والحجر (1) ،
كما عُرف من سيَرهم وأحوالِهم، إلى غيرهم من الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديّين، الذين كانوا مع تفاوت مراتبهم للمال خُزّاناً، لا يمتَنِعون عن بذله في مصارفه التي يزداد بها الدّين قوةً وبرهاناً، ولا يدّخرون لأنفسهم منه داراً وبستاناً، بل هم واقفون عند قوله صلى الله عليه وسلم:«إنما أنا قاسم والله يُعطي» (2) ، متحرزون
= «قال ابن قانع: كذا قال. وهو تصحيف. وإنما هو (عن عروة) لا (عن غرقدة) . قلت: وهذا الحديث في «صحيح البخاري» من حديث سفيان بن عيينة، لكن (عن عروة بن الجعد) ، والحديث مشهور من حديثه. وقد بيّنتُ في «شرح البخاري» السبب في إخراج البخاري له، مع أنه (عن الحي) ولا يعرف أحوالهم، والله أعلم» .
قال أبو عبيدة: وما نقله ابن حجر في «فتح الباري» سبق أن ذكرناه في تخريج الحديث السابق، وما نقله عن ابن قانع: «كذا قال
…
» غير موجود في مطبوع «معجم الصحابة» له.
(1)
من قوله: «حملت خزائن الأرض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هنا» نقله المصنف عن أبي حامد الغزالي في: «إحياء علوم الدين» للغزالي (4/204- ط. دار إحياء الكتب العربية)، وقال العراقي في تخريجه (7/2237) :«وهذا معروف، وقد تقدم في آداب المعيشة عن البخاري تعليقه مجزوماً من حديث أنس: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين، وكان أكثر مال أتى به، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء إليه، فما كان يرى أحد إلا أعطاه. ووصله عمرو بن محمد البحيري في «صحيحه» من هذا الوجه.
وفي «الصحيحين» من حديث عمرو بن عوف: قدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار قدومه،
…
الحديث.
ولهما من حديث جابر: لو جاءنا مال البحرين أعطيتك هكذا ثلاثاً، فلم يقدم حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أبو بكر منادياً فنادى: من كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا، فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم وعدني فحثا لي ثلاثاً» . انتهى.
(2)
جزء من حديث: «مَن يُرِد اللهُ به خيراً يفقهْه في الدّين» ، أخرجه أحمد (2/234) ، وأبو يعلى (5855) ، والطحاوي في «شرح المشكل» (1691) من حديث أبي هريرة، وأصله عند ابن ماجه برقم (220) من حديث أبي هريرة، واقتصر فيه على شطره الأول:«من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» . =
عن الخطأ، فكثُر المصيب فيهم، وقل المخطئ، حتى كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول مُعلناً:«من أراد أن يسأل عن المال فليأتنا، فإن الله جعلني خازناً» (1) ،
فهنيئاً لهم، ثم هنيئاً لهم بالذي تقرّ به العين.
فالخازن الأمين المعطي ما أمر به أحد المتصدقين (2) ، ومن الأدلة على
= وأخرجه أحمد (4/102) ، والبخاري (71 و3316 و7312 و7460) ، وفي «التاريخ الكبير» (7/10) ، ومسلم (1037) ، وأبو يعلى (7383) من حديث معاوية.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند: أحمد (3/301) ، والبخاري (3114) ، وفي «الأدب المفرد» (839)، ومسلم (2133) بلفظ:«تسمّوا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإني أبو القاسم أقسم بينكم» ، وعند البخاري في «الأدب المفرد» :«فإني جعلتُ قاسماً أقسم بينكم» ، وانظر:«الصحيحة» (1628) .
(1)
رواه الحاكم في «المستدرك» (3/271) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، و (3/272- 273) من طريق أبي عاصم، وابن سعد في «الطبقات» (2/348، 359) عن الواقدي، وابن وهب -كما عند ابن القيم في «إعلام الموقعين» (2/38-39- بتحقيقي) -، جميعهم عن موسى بن علي اللخمي، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال: «من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد المال فليأتني» .
وصححه الحاكم في الموطن الثاني على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الحافظ في «الفتح» (7/126) ، وكلام الحاكم متعقب بأن الحسن بن موسى من شيوخ الطبراني، لم أظفر بقول فيه تجريح أو تعديل له. انظر:«الإكمال» (7/215) ، و «السير» (13/534) .
وعلى كل حال؛ فهو متابع، وموسى بن علي، وأبوه: لم يخرج لهما البخاري في «الصحيح» ، وإنما في «الأدب المفرد» ، وموسى صدوق ربما أخطأ، وأبوه ثقة، مات بعد المئة وعشرة، فهو لم يدرك عمر.
(2)
أخرج البخاري (1437)، ومسلم (1023) عن أبي موسى الأشعري رفعه:«إنّ الخازن الأمين الذي يُنفِّذُ ما أمر به، فيُعطيه كاملاً موفَّراً، طيّبةً به نفسُه، فيدْفعُهُ إلى الذي أُمر له به أحدُ المتصدِّقين» ، فكلام المصنف مأخوذ من هذا الحديث.
و «جعل الشرع الخازن أحد المتصدّقين، بحسنِ مساعدته على إيصال البرِّ، ولا يقتضي ذلك مساواته للباذل في قَدْرِ الأجر، لأنّ كونه مُتصدِّقاً لا يدُلُّ على ذلك» . قاله العز بن عبد السلام في «شجرة المعارف والأحوال» (ص 254) .
وفي الأصل فوق كلمة (المتصدقين) علامة إلحاق، وفي الهامش حيالها:«ينظر الورقة» . =