المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ١

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌ذكر مَا كَانَ عَلَيْهِ الكافة قبل قيام مِلَّة الْإِسْلَام اعْلَم أَن النَّاس كَانُوا بأجمعهم، قبل مبعث نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، مَا بَين عَرَبِيّ وعجمي، سبع أُمَم كبار هم: الصين وهم فِي جنوب مشرق الأَرْض، والهند وهم فِي وسط جنوب الأَرْض، والسودان وَلَهُم جنوب مغرب الأَرْض

- ‌فصل

- ‌ذكر القائمين بالملة الإسلامية من الْخُلَفَاء

- ‌ذكر دولة بني بويه الديلم

- ‌ذكر دولة السلجوقية

- ‌السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين

- ‌سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وخسمائة

- ‌(سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنه تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنة تسعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين)

- ‌(سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنة أَربع وسِتمِائَة)

- ‌(سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة)

- ‌(سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة)

- ‌(سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة)

- ‌(سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة)

- ‌(وَفِي سَابِع عشر ربيع الأول)

- ‌(سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة)

- ‌(سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة)

- ‌(وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون)

- ‌(سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة)

- ‌(وَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْد الله)

- ‌(تَابع سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة)

- ‌(ذكر من مَاتَ فِي هَذِه السّنة من الْأَعْيَان)

- ‌(سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة)

- ‌(وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى وَأَن سَعْيه سَوف يرى ثمَّ يجزاه الْجَزَاء الأوفى)

- ‌(سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة)

- ‌(سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة)

- ‌(فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم وأسمعوا وَأَطيعُوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون)

- ‌(تَابع سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة)

الفصل: ‌(سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة)

(سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة)

وأهلت سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين: فَفِي أَولهَا: وصل الْملك الْأَفْضَل إِلَى دمشق وَتَفَرَّقَتْ العساكر إِلَى بلادها وَلزِمَ الْأَفْضَل الزّهْد وَأَقْبل على الْعِبَادَة وَصَارَت أُمُور الدولة بأسرها مفوضة إِلَى وزيره ضِيَاء الدّين ابْن الْأَثر فاختلت بِهِ الْأَحْوَال غَايَة الاختلال وَكثر شاكوه. وَضبط الْعَادِل أُمُور مملكة مصر وَغير الإقطاعات ووفر الارتفاعات وعمال الْأَعْمَال وثمر الْأَمْوَال وَقرب إِلَى الْعَزِيز الْأَمِير عز الدّين أُسَامَة فَصَارَ صَاحب سره وحاجبه والواسطة بَينه وَبَين عَمه. واختص الْأَمِير صارم الدّين قايماز النجمي بالعادل وَصَارَ صفوته. وَفِي يَوْم السبت ثَانِي عشر الْمحرم: رفعت يَد ابْن أبي عصرون وأيدي نوابه من الحكم وَأمر أَن يعتزل فِي بَيته وَأَن يخرج عَن مصر فأغلق بَابه وَشرع فِي تجهيز نَفسه وتوسل فِي إِقَامَته. وَفِي سَابِع عشريه: خلع عَليّ زين الدّين عَليّ بن يُوسُف بن بنْدَار وأعيد إِلَى الْقَضَاء عوضا وَفِي أول صفر: حبس الْملك الْعَزِيز نَاحيَة الخربة من المنوفية على زَاوِيَة الإِمَام الشَّافِعِي بالجامع العميق بِمصْر وَفرض تدريسها إِلَى الْبَهَاء بن الجميزي. وَفِي صفر وَشهر ربيع الأول: كثرت الطرحى من الْأَمْوَات على الطرقات وزادت عدتهمْ بِمصْر والقاهرة فِي كل يَوْم عَن مِائَتي نفس وَبَقِي بِمصْر من لم يُوجد من يُكَفِّنهُ وَأَكْثَرهم يَمُوت جوعا. وانْتهى الْقَمْح إِلَى مائَة وَثَمَانِينَ دِينَارا الْمِائَة أردب وَالْخبْز إِلَى ثَلَاثَة أَرْطَال بدرهم وَعمد الضُّعَفَاء إِلَى شِرَاء الجرار وغدوا إِلَى الْبَحْر وترددوا إِلَيْهِ ليستقوا مِنْهُ فِي الجرار ويبيعوها بِثمن دِرْهَم الجرة وَقد لَا يَجدونَ من يَشْتَرِيهَا مِنْهُم فيصيحون: من يتَصَدَّق علينا بِثمن هَذِه الجرة وَمن يَشْتَرِيهَا منا بكسرة. وَزَاد السّعر وضاق الخناق وَهلك

ص: 243

الضُّعَفَاء وَفَشَا الْمَوْت وَأَكْثَره فِي الجياع. وَصَارَت الأقفاص الَّتِي يحمل فِيهَا الطَّعَام يحمل فِيهَا الْأَمْوَات وَلَا يقدر على النعوش إِلَّا بالنوبة وامتدت الْأَيْدِي إِلَى خطف أَلْوَاح الْخبز وَيضْرب من ينهب ويشج رَأسه ويسال دَمه وَلَا يَنْتَهِي وَلَا يَرْمِي مَا فِي يَده مِمَّا خطفه وَعدم الْقَمْح إِلَّا من جِهَة الشريف ابْن ثَعْلَب فَإِن مراكبه تتواصل وتبيع بشونه. وَورد الْخَبَر فِي تَاسِع صفر بِأَن تَابُوت الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين نقل فِي يَوْم عَاشُورَاء من قلعة وَفِي تَاسِع عشريه: قدم الْملك الزَّاهِر دَاوُد مجير الدّين صَاحب البيرة وسابق الدّين عُثْمَان صَاحب شيرز وبهاء الدّين بن شَدَّاد قَاضِي حلب فَخرج الْعَادِل لتلقيهم ببركة الْجب وَقدم الْعِمَاد الْكَاتِب أَيْضا. وَورد الْخَبَر بِأَن عربان الغرب هَبَطُوا إِلَى الْبحيرَة واشتروا الْقَمْح كل ويبة بِدِينَار وَأَن بِلَاد الغرب قد عدمت فِيهَا الأقوات فِي السّنة الخالية وانقطعت عَنْهَا الأمطار السّنة الْحَاضِرَة وَزَاد الْجَرَاد بِالشَّام وَعظم خطبه وَكَثُرت بِمصْر والقاهرة الْأَمْرَاض الحادة والحميات المحرقة وزادت وأفرطت. وغلت الْأَشْرِبَة وَالسكر وعقاقير الْعَطَّار وبيعت بطيخة بأَرْبعَة وَعشْرين درهما وَصَارَ لفروج لَا يقدر عَلَيْهِ وانْتهى سعر الْقَمْح إِلَى مِائَتي دِينَار كل مائَة أردب وَغلظ الْأَمر فِي الغلاء وَعدم الْقُوت وَكثر السُّؤَال وَكَثُرت الْمَوْتَى بِالْجُوعِ. وخطف الْخبز مَتى ظهر وشوهد من يستف التُّرَاب وَمن يَأْكُل الزبل. وازدحم النَّاس على الطير الَّذِي يرْمى من مطابخ السكر. وَكَثُرت الْأَمْوَات أَيْضا بالإسكندرية وتزايد وجود الطرحى بهَا على الطرقات وعدمت الْمُوَاسَاة وَعظم هَلَاك الْأَغْنِيَاء والفقراء وانكشاف الْأَحْوَال وشوهد من يبْحَث الْمَزَابِل الْقَدِيمَة على قشور الترمس وعَلى نقاضات الموائد وكناسات الآدر وَمن يقفل بَابه وَيَمُوت وَمن عمي من الْجُوع وَيقف على الحوانيت وَيَقُول: أشموني رَائِحَة الْخبز. واستخدم رجل فِي ديوَان الزَّكَاة وَكتب خطه بمبلغ اثْنَيْنِ وَخمسين ألف دِينَار لسنة وَاحِدَة من مَال الزَّكَاة وَجعل الطواشي ببهاء الدّين قراقوش الشاد فِي هَذَا المَال وَألا يتَصَرَّف فِيهِ وَأَن يكون فِي صندوق مودعا للمهمات الَّتِي يُؤمر بهَا. وَوَقع لِابْنِ ثَعْلَب الشريف الْجَعْفَرِي بِخبْز مبلغه فِي السّنة سِتُّونَ ألف دِينَار وَدفع لَهُ كوس وَعلم وَآل الْأَمر إِلَى وقُوف وَظِيفَة الدَّار العزيزية عَلَيْهِ من لحم وخبز وَإِلَى أَن يتمحل فِي بعض الْأَوْقَات لَا كلهَا لبَعض مَا يتبلغ بِهِ أَهلهَا من خبز وَكثر ضجيجهم وشكواهم فَلم يسمع.

ص: 244

وَفِي شهر ربيع الآخر: صرف صارم الدّين خطلج الْغَزِّي عَن شدّ الْأَمْوَال بالدواوين وَسلم الشد إِلَى بهاء الدّين قراقوش مُضَافا إِلَى شدّ الزكوات فكمل شدّ المَال لَهُ. وَفِيه كثر الْمَوْت بِحَيْثُ لم تبْق دَار إِلَّا وفيهَا جَنَازَة أَو مناحة أَو مَرِيض وَاشْتَدَّ الْأَمر وغلت العقاقير وَعدم الطَّبِيب وَصَارَ من يُوجد من الْأَطِبَّاء لَا يخلص إِلَيْهِ من شدَّة الزحام وَصَارَ أَمر الْمَوْتَى أكئر أشغال الْأَحْيَاء وَمَا يَنْقَضِي يَوْم إِلَّا عَن عدَّة جنائز من كل حارة. وَعدم من يحْفر وَإِذا وجد لم يعمق الْحفر فَلَا يلبث الْمَيِّت أَن تظهر لَهُ رَائِحَة وَصَارَت الجبانات لَا يُسْتَطَاع مقالتها وَلَا زِيَارَة قبورها وَأخذت الأسعار فِي الانحلال. وَفِي جُمَادَى الأولى: تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار باختلال الْحَال بِدِمَشْق فَوَقع الْعَزْم على الْمسير إِلَى الشَّام وَوَقع الشُّرُوع فِي الْإِنْفَاق فِي الْحَاشِيَة فقبضوا شهرا وَاحِدًا وَكَانَ قد اسْتحق لَهُم أَرْبَعَة عشر شهرا فَإِن الْمَادَّة قصرت عَن نَفَقَة ذَلِك لَهُم فأحيل بَعضهم على جِهَات. وَامْتنع الجاندارية من قبض شهر وأنهى ذَلِك إِلَى الْعَزِيز فَكتب إِلَى خطلبا بإخراجهم إِلَى المخيم وَمن تقاعد عَن الْخُرُوج قَيده الطواشي قراقوش واستخدمه فِي السُّور فَخَرجُوا بأنفس غير طيبَة وألسنة بالشكوى معلنة وَكَاد المَال الَّذِي أنْفق فِي الْحَاشِيَة قد افْترض من الْأُمَرَاء وأحيل بِهِ على الجوالي لسنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخرج الْعَزِيز إِلَى المخيم وحرك الْأُمَرَاء تحريكا قَوِيا وسير الحجات إِلَى الْبِلَاد تَحت الأجناد فتتابع خُرُوج النَّاس وَوَقع الرحيل من بركَة الْجب فِي ثامنه فَرَحل السُّلْطَان الْعَادِل والعزيز وَجَمِيع الأَسدِية والمماليك. وفشت الْأَمْرَاض الحادة فَمَا يَنْقَضِي وَقت إِلَّا عَن عدد كثير من الْجَنَائِز. وغلت الْأَدْوِيَة وَبلغ الْفروج إِلَى ثَلَاثِينَ درهما والبطيخة إِلَى مائَة دِرْهَم. وَورد الْخَبَر بِأَن قوص وأعمالها فِيهَا أمراض فَاشِية وأموات لَا تتلاحق. وَكثر الوباء وَالْمَوْت بالإسكندرية. وَفِي آخِره: انْحَلَّت الأسعار وَنزلت الْغلَّة إِلَى ثَمَانِينَ دِينَارا كل مائَة أردب وأبيع الْخبز سَبْعَة أَرْطَال بدرهم. وَقل السُّؤَال وارتفع الموتان بعد أَن جلب من قو ص فراريج أبيع كل عشرَة فراريج بسبعة دَنَانِير وَهَذَا لم يسمع بِمثلِهِ فِي مصر قبل ذَلِك. وَفِيه نُودي فِي الْقَاهِرَة ومصر بِأَن الشريف ابْن ثَعْلَب مقدم على الْحَاج فليتجهز أَرْبَاب النيات.

ص: 245

وَفِي جُمَادَى الْآخِرَة: وقف الْحَال فِيمَا ينْفق فِي دَار السُّلْطَان وَفِيمَا يصرف إِلَى عِيَاله وَفِيمَا يقتات بِهِ أَوْلَاده وأفضى الْأَمر إِلَى أَن يُؤْخَذ من الْأَسْوَاق مَا لَا يُوزن لَهُ ثمن وَمَا يغصب من أربابه وأفض هَذَا إِلَى غلاء أسعار المأكولات فَإِن المتعيشين من أَرْبَاب الدكاكين يزِيدُونَ فِي الأسعار الْعَامَّة بِقدر مَا يُؤْخَذ مِنْهُم للسُّلْطَان فَاقْتضى ذَلِك النّظر فِي المكاسب الخبيثة. وَضمن بَاب المزر وَالْخمر بِاثْنَيْ عشر ألف دِينَار وفسح فِي إِظْهَاره وَبيعه فِي القاعات والحوانيت وَلم يقدر أحد على إِنْكَار ذَلِك وَصَارَ مَا يُؤْخَذ من هَذَا النيحت ينْفق فِي طَعَام السُّلْطَان وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَصَارَ مَال الثغور والجوالي إِلَى من لَا يُبَالِي من أَيْن أَخذ المَال. وَفِيه وصل الْعَادِل والعزيز إِلَى الداروم وَأمر بإخراب حصنها فقسم على الْأُمَرَاء والجاندارية فشق على النَّاس تجريبه لما كَانَ بِهِ من الرِّفْق للمسافرين وانْتهى الْملكَانِ إِلَى دمشق وَقد استعد الْأَفْضَل للحرب فِي أول شهر رَجَب فحاصراها إِلَى أَن ملكاها فِي الْعشْرين مِنْهُ بعد عدَّة حروب خَان الْأَفْضَل فِيهَا أمراءه فَلَمَّا أَخذ الْمَدِينَة نزل الْأَفْضَل من القلعة إِلَيْهِمَا فاستحيا الْعَادِل مِنْهُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حمل الْعَزِيز على ذَلِك ليوطيء لنَفسِهِ كَمَا يَأْتِي. وَأمره الْعَادِل أَن يعود إِلَى القلعة فَلم يزل بهَا أَرْبَعَة أَيَّام حَتَّى بعث إِلَيْهِ الْعَزِيز أيبك فطيس أَمِير جاندار وصارم الدّين خطلج الأستادار فأخرجاه عِيَاله وعيال أَبِيه. وَأنزل الْأَفْضَل فِي مَكَان وأوفي مَا كَانَ عَلَيْهِ من دين وَمَا للحواشي من الجوامك. فَبلغ ذَلِك نيفا وَعشْرين ألف دِينَار بيع فِيهَا بركه وجماله وبغاله وَكتبه ومماليكه وَسَائِر مَاله فَلم توف بِمَا عَلَيْهِ وقسا عَلَيْهِ أَخُوهُ وَعَمه لسوء حَظه ثمَّ بعث إِلَيْهِ عَمه الْعَادِل يَأْمُرهُ أَن يسير إِلَى صرخد فَلم يجد عِنْده من يسير بأَهْله حَتَّى بعث إِلَيْهِ جمال الدّين محَاسِن عشرَة أوصلوه إِلَى صرخد. وَأخذت من الْملك الظافر مظفر الدّين خضر بصرى وَأعْطيت للْملك الْعَادِل وَأمر الظافر أَن يسير إِلَى حلب فلحق بأَخيه الظَّاهِر صَاحبهَا. وَيُقَال إِن الْعَادِل كَانَ قد قرر مَعَ الْملك الْعَزِيز وَهُوَ بِالْقَاهِرَةِ أَن الْملك الْعَزِيز إِذا غلب أَخَاهُ الْأَفْضَل على دمشق وَأَخذهَا مِنْهُ أَن يُقيم بهَا وَيعود الْعَادِل

ص: 246

إِلَى مصر نَائِبا عَن الْعَزِيز فَلَمَّا ملك الْعَزِيز دمشق وَأخرجه أَخَاهُ الْأَفْضَل مِنْهَا انكشفت لَهُ مستورات مَكَائِد عَمه فندم على مَا قَرَّرَهُ مَعَه وَبعث إِلَى أَخِيه الْأَفْضَل سرا يعْتَذر إِلَيْهِ وَيَقُول لَهُ: لَا تنزل عَن ملك دمشق. فَظن الْأَفْضَل هُنَا من أَخِيه خديعة وَأعلم عَمه الْعَادِل بِهِ فَقَامَتْ قِيَامَته وعتب على الْعَزِيز وأنبه. فَأنْكر الْعَزِيز أَن يكون صدر هَذَا مِنْهُ وحنق على أَخِيه الْأَفْضَل وَأخرجه إِلَى صرخد على قبح صُورَة. واختفى الْوَزير ضِيَاء الدّين ابْن الْأَثِير الْجَزرِي خوفًا من الْقَتْل ثمَّ لحق بالموصل. وَاسْتقر الْأَمر بِدِمَشْق للعزيز فِي رَابِع عشر شعْبَان فأظهر الْعدْل وأبطل عدَّة مكوس وَمنع من اسْتِخْدَام أهل الذِّمَّة فِي شَيْء من الخدم السُّلْطَانِيَّة وألزموا لبس الغيار ثمَّ رَحل عَنْهَا لَيْلَة التَّاسِع مِنْهُ يُرِيد الْقَاهِرَة واستخلف عَمه الْعَادِل على دمشق وَسَار إِلَى الْقُدس فملكها من أبي الهيحاء السمين وَسلمهَا إِلَى الْأَمِير شمس الدّين سنقر الْكَبِير وَسَار أَبُو الهيجاء إِلَى بَغْدَاد. وَوصل الْعَزِيز إِلَى الْقَاهِرَة يَوْم الْخَمِيس رَابِع شهر رَمَضَان فَصَارَت دمشق وأعمالها إقطاعا للْملك الْعَادِل وَلَيْسَ للعزيز بهَا سوى الْخطْبَة وَالسِّكَّة فَقَط. وَفِي ثامن عشره: ركب الْعَزِيز إِلَى مقياس مصر وخلقه وَنُودِيَ فِيهِ بِزِيَادَة ثَلَاثَة أَصَابِع من الذِّرَاع السَّابِعَة عشرَة. وَفِي الْعشْرين مِنْهُ: فتح سد الخليج فَركب الْعَزِيز لذَلِك وَكثر المتفرجون وازدحم الغوغاء وحملوا العصي وتراجموا بِالْحِجَارَةِ وقلعت أعين وخطفت مناديل. وَكَانَت الْعَادة جَارِيَة بِأَن يوقر شهر رَمَضَان من اعتصار الْخمر وَألا يجْهر بشرَاء الْعِنَب والجرار وَلَا يحدث نَفسه أحد بِفَسْخ الْحُرْمَة وهتك السّتْر. وَفِي هَذَا الشَّهْر: غلا سعر الأعناب لِكَثْرَة الْعصير مِنْهَا وتظاهر بِهِ أربابه لتحكير تَضْمِينه السلطاني وَاسْتِيفَاء رسمه بأيد مستخدميه وَبلغ ضَمَانه سَبْعَة عشر ألف دِينَار وَحصل مِنْهُ شَيْء حمل إِلَى الْعَزِيز فَصنعَ بِهِ آلَات الشّرْب. وَفِيه كثر اجْتِمَاع النِّسَاء وَالرِّجَال على الخليج لما فتح وعَلى سَاحل مصر وتلوث النّيل بمعاصي قبيحة. وَاسْتمرّ جُلُوس الْعَزِيز للمظالم فِي يومي الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس. وَفِي ثَانِي شَوَّال: كَانَ النوروز فَجرى الْأَمر فِيهِ على الْعَادة من رش المَاء واستجد فِيهِ التراجم بالبيض والتصافع بالأنطاع. وتوالت زِيَادَة النّيل فأفحش النَّاس فِي إِظْهَار الْمُنْكَرَات وَلم ينههم أحد. وَفِيه وقفت وُجُوه المَال وانقطعت جباية الدِّيوَان بِمصْر وأحيل على الْجِهَات

ص: 247

بأضعاف مَا فِيهَا وَبقيت وُجُوه قصرت الْأَيْدِي عَن استخراجها وانتمى الْعَامِلُونَ إِلَى من حماهم فَلم يَجْسُر صَاحب الدِّيوَان على ذكر من بحميهم فضلا عَن أَخذ الْحق مِنْهُم وَرفع يَده عَن حماية من حماه. وَآل الْأَمر إِلَى أَن صَار مَا يُقَام برسم طوارئ السُّلْطَان وراتب دَاره من ضَمَان الْخمر والمزر. وَكَانَت هَذِه سنة مَا تقدمها أفحش مِنْهَا وَلَا علم أَن همة من الهمم القاصرة انحطت إِلَى مثلهَا. وَفِي رَابِع عشره: خرج الشريف ابْن ثَعْلَب سائرا بالحاج وخيم على سِقَايَة ريدان وَكثر الْقَتْل بِالْقَاهِرَةِ بأيدي السكارى وأعلن الْمُنكر بهَا فَلم تنسلخ لَيْلَة إِلَّا عَن جراح وَقتل بَين المعربدين. واستقرت الْمَظَالِم للطواشي قراقوش يجلس فِيهَا بِظَاهِر الدَّار السُّلْطَانِيَّة وحماية الدِّيوَان وَشد الْأَمْوَال لفخرالدين جهاركس مَعَ انقباضه عَنْهَا وأستادارية الدَّار لصارم الدّين خطلج. وَفِي تَاسِع عشره: كسر بَحر أبي المنجا وباشر الْعَزِيز كَسره وَزَاد النّيل فِيهِ إصبعا وَهِي الإصبع الثَّامِنَة عشرَة من ثَمَانِي عشرَة ذِرَاعا وَهَذَا الْحَد يُسمى عِنْد أهل مصر اللجة الْكُبْرَى. وَفِي ثَانِي عشريه: رَحل الْحَاج وتجدد مَا كَانَ قد درس ذكره وَنسي حكمه فِي مصر مُنْذُ عهد الْخَلِيفَة الْحَافِظ لدين الله من سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة من الرفايع الَّتِي كَانَ القبط يختلقونها ويتوصلون بهَا إِلَى المصادرات وخراب الْبيُوت وَعمارَة الحبوس وإساءة السمعة عَن سُلْطَان الْوَقْت فأجمع ابْن وهيب وَكَاتب نَصْرَانِيّ وَغَيرهمَا على أوراق عملت وانتدب الأسعد بن مماتي والشاد للكشف وَالرَّفْع إِلَى فَخر الدّين جهاركس. وَفِي ذِي الْقعدَة: كثر وثوب السكارى بِمن يلقونه لَيْلًا وضربهم إِيَّاه بالسكاكين

ص: 248

فَلَا تَخْلُو لَيْلَة من قَتِيل أَو قَتِيلين وَلم يُؤْخَذ لأحد بثأر وَلَا وَقع كشف عَن مقتول مِنْهُم وَلَا تمكن وَالِي الْقَاهِرَة من مَنعهم. وَوجد فِي الخليج سِتَّة نفر قَتْلَى مربطين فَلم يسْأَل عَنْهُم وَلَا وَقع إِنْكَار لأمرهم. وَفِي ذِي الْحجَّة: عزم الْعَزِيز على نقض الأهرام وَنقل حجارتها إِلَى سور دمياط فَقيل لَهُ إِن الْمُؤْنَة تعظم فِي هدمها والفائدة تقل من حجرها. فانتقل رَأْيه من الهرمين إِلَى الْهَرم الصَّغِير وَهُوَ مَبْنِيّ بِالْحِجَارَةِ الصوان فشرع فِي هَدمه. وَفِيه سَار الْعَزِيز إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة واستخلف بِالْقَاهِرَةِ بهاء الدّين قراقوش وفخر الدّين جهاركس. وَتُوفِّي فِي هَذِه السّنة القَاضِي الْأَشْرَف أَبُو المكارم الْحسن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن الْحباب قَاضِي الْإسْكَنْدَريَّة وَولى عوضه الْفَقِيه أَبُو الْقَاسِم شرف الدّين عبد الرَّحْمَن بن سَلامَة فِي سَابِع عشري شَوَّال. ومولد بن الْحباب سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَأقَام حَاكما بالإسكندرية ثمانيا وَعشْرين سنة. وَكَانَ كريم النَّفس صَحِيح الْمَوَدَّة وطالت مدَّته فِي الحكم بالإسكندرية من سنة أَربع وَسِتِّينَ إِلَى أَن مَاتَ بهَا فِي ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة. وَفِي خَامِس ذِي الْحجَّة: مَاتَ القَاضِي الرشيد ابْن سناء الْملك. قَالَ القَاضِي الْفَاضِل فِيهِ: وَنعم الصاحب الَّذِي لَا تخلفه الْأَيَّام وَلَا يعرف لَهُ نَظِير من الأقوام: أَمَانَة سَمِينَة وعقيدة ود متينة ومحاسن لَيست بِوَاحِدَة ومساع فِي نفع المعارف جاهدة. وَكَانَ حَافِظًا لكتاب الله مشتغلا بالعلوم الأدبية كثير الصَّدقَات نَفعه الله والأعمال الصَّالِحَات عرفه الله بركاتها. وفيهَا حج بِالنَّاسِ الشرفي ابْن ثَعْلَب وَخرجت المراكب الحربية من مصر فظفروا ببطس للفرنج وفيهَا أَمْوَال فغنموها. وفيهَا بنى الْأَمِير فَخر الدّين جهاركس قيساريته بِالْقَاهِرَةِ. وفيهَا زلزلت مصر. وَمَات الْعلم عبد الله بن عَليّ بن عُثْمَان بن يُوسُف المَخْزُومِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر جُمَادَى الأولى ومولده فِي شهر رَمَضَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَقد قَرَأَ عَليّ بن بري وَله شعر

ص: 249

فارغة

ص: 250

سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَدخلت سنة ثَلَاث وَتِسْعين وفيهَا أُقِيمَت الْخطْبَة للعزيز بحلب وَضربت السِّكَّة باسمه بصلح وَقع بَين الْعَزِيز وبن أَخِيه الظَّاهِر وَقد تولاه القَاضِي بهاء الدّين أَبُو المحاسن بن شَدَّاد وغرس الدّين قلج قدما من حلب إِلَى الْعَزِيز بِالْقَاهِرَةِ بِهَدَايَا فانعقد الصُّلْح بَين الْأَخَوَيْنِ على ذَلِك. وعادا إِلَى الظَّاهِر فَخَطب للعزيز فِي شهر ربيع الأول وَضربت السِّكَّة باسمه. وَفِيه تحرّك الفرنج على بِلَاد الْإِسْلَام فَخرج الْعَادِل من دمشق وسير جَيْشًا إِلَى بيروت لهدم وفيهَا مَاتَ الْملك الْعَزِيز ظهير الدّين سيف الْإِسْلَام طغتكين بن نجم الدّين أَيُّوب ملك الْيمن فِي شَوَّال وَقَامَ من بعده بمملكة الْيمن الْمعز ابْنه الْملك فتح الدّين أَبُو الْفِدَاء إِسْمَاعِيل. وفيهَا فتح الْملك الْعَادِل صَاحب دمشق يافا عنْوَة وغنم وَأسر كثيرا يُقَال إِنَّهُم سَبْعَة آلَاف نفس مَا بَين ذكر وَأُنْثَى. وفيهَا سَار الْعَادِل من يافا إِلَى صيداء وبيروت فأخربهما ونهبت بيروت وفر من كَانَ بهَا. وَبعث الْعَادِل إِلَى الْملك الْعَزِيز يستنجده فسير إِلَيْهِ عسكرا خرج من الْقَاهِرَة أول شَوَّال وَسَار إِلَى بلبيس. ثمَّ بدا للعزيز أَمر فَفرق الْعَسْكَر وَلم يسر.

ص: 251

فارغة

ص: 252

سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَدخلت سنة أَربع وَتِسْعين فانتشر من وصل فِي الْبَحْر من الفرنج بِبِلَاد السَّاحِل وملكوا قلعة بيروت وَقتلُوا عدَّة من الْمُسلمين فِي أَطْرَاف بِلَاد الْقُدس وأسروا وغنموا شَيْئا كثيرا فَبعث الْملك الْعَادِل إِلَى الْقَاهِرَة يطْلب من الْعَزِيز نجدة فسارت إِلَيْهِ العساكر من مصر وَمن الْقُدس وَغَيرهَا. ثمَّ خرج الْملك الْعَزِيز بِنَفسِهِ وَمَعَهُ سَائِر عَسَاكِر مصر لقِتَال الفرنج فَنزل على الرملة فِي سادس عشري صفر وَقدم الصلاحية والأسدية وَعَلَيْهِم الْأَمِير شمس الدّين سنقر الدوادار وسرا سنقر وعلاء الدّين شقير وعدة من الأكراد فَلَحقُوا الْعَادِل وَهُوَ على تبنين. وَسَار الْعَزِيز فِي أَثَرهم فَكَانَت بَينهم وَبَين الفرنج وقائع شهيرة آلت إِلَى رحيل الفرنج إِلَى صور وَركب الْعَادِل والعزيز أقفيتهم فَقتلُوا مِنْهُم. وَترك الْعَزِيز العساكر عِنْد الْعَادِل وَرجع إِلَى الْقَاهِرَة فِي ثامن جُمَادَى الْآخِرَة قبل انْفِصَال الْحَال مَعَ الفرنج من أجل أَن مَيْمُون القصري وَأُسَامَة وسرا سنقر والحجاف وَابْن المشطوب كَانُوا قد عزموا على قَتله فَلَمَّا بلغه ذَلِك رَحل إِلَى الْقَاهِرَة فَخرج النَّاس إِلَى لِقَائِه وَكَانَ يَوْمًا مشهودا. وَوَقعت الْهُدْنَة بَين الْعَادِل وَبَين الفرنج سنة ثَلَاث سِنِين وَعَاد الْعَادِل إِلَى دمشق. وَفِي رَجَب: تجدّد للعادل والعزيز رَأْي فِي تخريب عسقلان وتعفية جدرانها وَهدم بنيانها. فندب من الْقُدس جمَاعَة لتغليقها وَحط أبرجة سورها فَتلفت مَدِينَة لَا مثل لَهَا وثغر لَا نَظِير لَهُ فِي الثغور وَعمارَة لَا تخلف الْأَيَّام مَا تلف بهَا لعجز الْمُلُوك عَن ممانعة الفرنج بِالسِّلَاحِ واضطرارهم إِلَى هدم المدن وتعفية رسومها. وَفِي شعْبَان: ركب قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين بن درباس لرقبة الْهلَال وكلف الشُّهُود مَا بَين شمعتي كل شَاهد إِلَى شمعة. فَخَرجُوا بالشموع وَقد كثر الْجمع والشمع واحتفل الموكب وثقلت على الشُّهُود الْوَطْأَة. وَفِيه أَمر الْملك الْعَزِيز بِمَنْع الْبناء فِي الْمَوَاضِع الَّتِي كَانَ الْأُمَرَاء قد شرعوا فِي بنائها على النّيل واستولوا فِيهَا على السَّاحِل فَخرج الجاندارية وألزموا كل من حفر أساسا بردمه فامتثل الْأَمر.

ص: 253

وَفِي شهر رَمَضَان: أَمر الْعَزِيز بِقطع أَشجَار بُسْتَان البغدادية تجاه قصر اللؤلؤة وَجعله ميدانا. وَفِيه كثر التظاهر بعصير الْعِنَب واستباحة الحرمان وَعدم الْمُنكر لهَذَا الْأَمر فغلا الْعِنَب حَتَّى بلغ أَرْبَعَة أَرْطَال بدرهم. وَفِيه قصر مد النّيل وَارْتَفَعت الأسعار وعدمت الأرزاق من جَانب الدِّيوَان وتعذرت وُجُوه المَال حَتَّى عَم المرتزقة الحرمات. واستبيح مَا كَانَ مَحْظُورًا من فتح أَبْوَاب التأويلات وَأخذ مَا بأيدي النَّاس بالمصادرات: فاخذ خطّ شخص يعرف بِابْن خَالِد بمبلغ ألف دِينَار وصودر جمَاعَة آخَرُونَ وَصَارَ الْإِنْفَاق فِي السماط السلطاني فِي هَذِه الْوُجُوه. وَفِي يَوْم عيد الْفطر: أُقِيمَت سنة الْعِيد بِظَاهِر الْبَلَد وَحضر الْعَزِيز الصَّلَاة وَالْخطْبَة وَعم الْأُمَرَاء وأرباب العمائم بخلعه وَقدم سماط توسعت الهمة فِيهِ. وَفِي ثَالِث عشره: وَفِي النّيل سِتَّة عشر ذِرَاعا فَركب الْعَزِيز فِي سادس عشره لتخليق المقياس وَفتح الخليج فِي ثامن عشره وتظاهر النَّاس فِي هَذِه الْأَيَّام بالمنكرات من غير مُنكر. وَفِي يَوْم السبت سَابِع عشر ذِي الْقعدَة: قتل ابْن مَرْزُوق بِالْقَاهِرَةِ قَتله ابْن المنوفي قَاضِي بلبيس غيلَة بدار سكنها بالفهادين وحفر لَهُ فِيهَا وَدَفنه ومملوكا صَغِيرا مَعَه وبلط فَوْقه وَجعل عَلَيْهِ شَعِيرًا فشنق ابْن المنوفي بَعْدَمَا طيف بِهِ على جمل مصر والقاهرة. وَفِي هده السّنة: توجه الْعَادِل من دمشق إِلَى مَدِينَة ماردين ونازلها واخذ ربضها. وفيهَا خرج الْملك الْكَامِل مُحَمَّد بن الْعَادِل من حران وَقَاتل عَسْكَر المواصلة. وفيهَا أغار الفرنج ونهبوا وأسروا خلقا وانتهوا إِلَى عكا. فَعَاد الْعَادِل إِلَى دمشق فِي رَمَضَان ثمَّ خرج بعد شهر إِلَى الشرق يُرِيد ماردين. وفيهَا ادّعى معز الدّين إِسْمَاعِيل بن سيف الْإِسْلَام طغتكين ملك الْيمن الإلهية نصف نَهَار وَكتب كتابا وأرخه من مقرّ الإلهية. ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك وَادّعى الْخلَافَة وَزعم

ص: 254

أَنه من بني أُميَّة ودعا لنَفسِهِ فِي سَائِر مَمْلَكَته بالخلافة وَقطع الدُّعَاء من الْخطْبَة لبني الْعَبَّاس وَلبس ثيابًا خضرًا وعمائم خضرًا مذهبَة وأكره من كَانَ فِي مَمْلَكَته من أهل الذِّمَّة على الْإِسْلَام وخطب بِنَفسِهِ وعزم على قصد مَكَّة وجهز من بنى لَهُ بهَا دَارا فأسرهم الشريف أَبُو عَزِيز قَتَادَة.

ص: 255

فارغة

ص: 256