المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر دولة بني بويه الديلم - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ١

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌ذكر مَا كَانَ عَلَيْهِ الكافة قبل قيام مِلَّة الْإِسْلَام اعْلَم أَن النَّاس كَانُوا بأجمعهم، قبل مبعث نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، مَا بَين عَرَبِيّ وعجمي، سبع أُمَم كبار هم: الصين وهم فِي جنوب مشرق الأَرْض، والهند وهم فِي وسط جنوب الأَرْض، والسودان وَلَهُم جنوب مغرب الأَرْض

- ‌فصل

- ‌ذكر القائمين بالملة الإسلامية من الْخُلَفَاء

- ‌ذكر دولة بني بويه الديلم

- ‌ذكر دولة السلجوقية

- ‌السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين

- ‌سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وخسمائة

- ‌(سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنه تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنة تسعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين)

- ‌(سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة)

- ‌(سنة أَربع وسِتمِائَة)

- ‌(سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة)

- ‌(سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة)

- ‌(سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة)

- ‌(سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة)

- ‌(وَفِي سَابِع عشر ربيع الأول)

- ‌(سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة)

- ‌(سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة)

- ‌(وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون)

- ‌(سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة)

- ‌(وَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْد الله)

- ‌(تَابع سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة)

- ‌(ذكر من مَاتَ فِي هَذِه السّنة من الْأَعْيَان)

- ‌(سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة)

- ‌(وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى وَأَن سَعْيه سَوف يرى ثمَّ يجزاه الْجَزَاء الأوفى)

- ‌(سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة)

- ‌(سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة)

- ‌(فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم وأسمعوا وَأَطيعُوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون)

- ‌(تَابع سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة)

الفصل: ‌ذكر دولة بني بويه الديلم

صفر سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة، وَله فِي الْخلَافَة خمس عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام. وانقرضت دولة بني الْعَبَّاس بزواله، وَصَارَ النَّاس بِغَيْر خَليفَة إِلَى سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة، فأقيم فِي تِلْكَ السّنة خَليفَة بِمصْر قدم إِلَيْهَا من بَغْدَاد، لقب بالمستنصر بِاللَّه أَحْمد بن الظَّاهِر بن النَّاصِر، وَسَار يُرِيد بَغْدَاد فحاربه التتار وقتلوه، قبل أَن تتمّ لَهُ سنة مُنْذُ بُويِعَ بِمصْر، فَصَارَ من بعده مُلُوك مصر الأتراك يُقِيمُونَ رجلا يسمونه الْخَلِيفَة، ويلقبونه بلقب الْخُلَفَاء، وَلَيْسَ لَهُ أَمر وَلَا نهي وَلَا نُفُوذ كلمة، بل يتَرَدَّد إِلَى أَبْوَاب الْأُمَرَاء وأعيان الْكتاب والقضاة، لتهنئتهم بالأعياد والشهور، وَسَيَأْتِي ذكرهم إِن شَاءَ الله.

‌ذكر دولة بني بويه الديلم

وَيُقَال فِي أصل الديلم إِن باسل بن ضبة بن أد بن طابخة بن إلْيَاس بن مُضر بن نزار ابْن معد بن عدنان خرج مغاضبا لِأَبِيهِ، فَوَقع فِي أَرض الديلم، فَتزَوج امْرَأَة من الْعَجم، فَولدت لَهُ دَيْلَم بن باسل فَهُوَ أَبُو الديلم كلهم. وهم أفخاذ وعشائر، وَمِنْهُم مُلُوك بني بويه. وَكَانَ سَبَب ظهروهم أَن الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن زيد بن عمر بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الزيدي الأطروش دخل الديلم، وَأقَام نَحْو أَربع عشرَة سنة يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام، ويقتصر مِنْهُم على الْعشْر، ويدافع عَنْهُم، فَأسلم مِنْهُم خلق كثير، وتلقب بالناصر للحق، واجتمعوا عَلَيْهِ، وَبني فِي بِلَادهمْ مَسَاجِد، وحثهم على الْخُرُوج مَعَه إِلَى طبرستان حَتَّى أجابوه، وَقَاتل بهم أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم صعلوك وهزمه، وَقتل من أَصْحَابه سَبْعَة آلَاف، وَعَاد إِلَى آمل ظافرا، وَاسْتولى على طبرستان فِي جمادي الْآخِرَه سنة إِحْدَى وثلاثمائة، وَعَاد إِلَى بَغْدَاد. وَمَات النَّاصِر - بعد أَن ملك طبرستان ثَلَاث سِنِين وَثَلَاثَة أشهر وأياما - فِي شعْبَان سنة أر بِعْ وثلاثمائة، وَله تسع وَسَبْعُونَ سنة. فَبَقيت بعده طبرستان فِي أَيدي العلوية اثنتى عشرَة سنة، ثمَّ انْتَقَلت عَنْهُم إِلَى أُمَرَاء الديلم. وَلما مَاتَ النَّاصِر ولى ابْنه أَبُو الْحُسَيْن، فَقدم جرجان وَأقَام بهَا، وَصَاحب

ص: 129

جَيْشه سرخاب بن وهسوذان، فَكَانَت لَهُ حروب وأنباء مَعَ عَسَاكِر السعيد نصر بن أَحْمد بن صَاحب خُرَاسَان إِلَى أَن مَاتَ سرخاب. فاستخلف أَبُو الْحُسَيْن بن النَّاصِر بعده مَا كَانَ بن كالي على أستراباذ فَاجْتمع إِلَيْهِ الديلم، وقدموه وَأمره على أنفسهم، فَكَانَت لَهُ بِتِلْكَ النواحي أَخْبَار كَثِيرَة إِلَى أَن قوى أَبُو الْحجَّاج مرادويج بن زيار، وَقيل مرداويج بن قافيج الجيلي الديلمي، وَملك جرجان وَغَيرهَا مِمَّا كَانَ، وَعَاد إِلَى أصفهان ظافرا، ودامت الْحَرْب بَينهمَا عدَّة سِنِين، فقوى مرداويج وَاسْتولى على بلد الْجَبَل والرى، وأتته الديلم من كل نَاحيَة، فعظمت جيوشه. وَكَانَ من الديلم رجل يُقَال لَهُ بويه، وكنيته أَبُو شُجَاع، متوسط الْحَال، وَله ثَلَاثَة أَوْلَاد: أَبُو الْحُسَيْن على أكبرهم، وَأَبُو على الْحسن أوسطهم، وَأَبُو الْحُسَيْن أَحْمد أَصْغَرهم، وَكَانَ ينتسب إِلَى الْفرس، وَيَزْعُم أَنه أَبُو شُجَاع بويه بن فَنًّا خسرو بن ثَمَان بن كوهي بن شيرزيل الْأَصْغَر بن شير كذة بن شيرزيل الْأَكْبَر بن شيران شاه بن شيرويه بن شناذر شاه بن سيس فَيْرُوز بن شيزوزيل بن سناذر بن بهْرَام جور الْملك بن يزدجرد الْملك. فبنو بويه من قَبيلَة من قبائل الديلم يُقَال لَهَا شيرزيل أَو ندازه. ثمَّ إِن أَبَا شُجَاع بويه رأى فِي مَنَامه كَأَنَّهُ يَبُول، فَخرج من ذكره نَار عَظِيمَة استطالت وعلت حَتَّى كَادَت تبلغ السَّمَاء، ثمَّ انفرجت فَصَارَت ثَلَاث شعب، وتولد من تِلْكَ الشّعب عدَّة شعب، فَأَضَاءَتْ الدُّنْيَا بِتِلْكَ النيرَان، وَرَأى الْبِلَاد والعباد خاضعين لتِلْك النيرَان. فقصه على منجم، فَقَالَ لَهُ: إِنَّه يكون لَك ثَلَاثَة أَوْلَاد يملكُونَ الأَرْض وَمن عَلَيْهَا، ويعلو ذكرهم فِي الْآفَاق كَمَا علت تِلْكَ النَّار، ويولد لَهُم جمَاعَة مُلُوك بِقدر مَا رَأَيْت من تِلْكَ الشّعب. فَقَالَ لَهُ أَبُو شُجَاع: أَتسخر بِي وَأَنا رجل فَقير، وأولادي هَؤُلَاءِ فُقَرَاء مَسَاكِين يصيرون ملوكا؟ فَقَالَ المنجم: أَخْبرنِي بِوَقْت ميلادهم فَأخْبرهُ، فَجعل يحْسب، ثمَّ قبض على يَد أبي الْحسن على الَّذِي لقب بعد ذَلِك عماد الدولة فقبلها، وَقَالَ: هَذَا وَالله يملك الْبِلَاد، ثمَّ هَذَا من بعده، وَقبض على يَد أُخْته أبي على الْحسن، الَّذِي لقب بعد ذَلِك ركن الدولة ثمَّ هَذَا، وَقبض على يَد أخيهما أبي الْحُسَيْن أَحْمد، الَّذِي لقب معز الدولة. فاغتاظ مِنْهُ أَبُو شُجَاع وَقَالَ لأولاده: اصفعوا هَذَا

ص: 130

فقد أفرط فِي السخرية بِنَا، فصعفوه وَهُوَ يستغيث وهم يَضْحَكُونَ مِنْهُ، ثمَّ أَمْسكُوا. فَقَالَ لَهُم المنجم: اذْكروا لي هَذَا إِذا قصدتكم وَأَنْتُم مُلُوك، وَأَعْطَاهُ أَبُو شُجَاع عشرَة دَرَاهِم، فَلَمَّا خرج الديلم مَعَ مَا كَانَ بن كالي كَانَ أَوْلَاد أبي شُجَاع من جملَة قواده، إِلَى أَن أستولى مرداويج على مَا بيد مَا كَانَ من طبرستان وجرجان وَانْهَزَمَ مَا كَانَ، قَالَ لَهُ عَليّ وَالْحسن ابْنا أبي الشجاع بويه، وَكَانَ ضعفه عجزة: نَحن فِي جمَاعَة، وَقد صرنا ثقلا عَلَيْك وعيالا، وَأَنت مضيق، والأصلح لَك أَن نُفَارِقك لنخفف عَنْك مئونتنا، فَإِذا صلح أَمرك عدنا إِلَيْك. فَأذن لَهما فَسَار إِلَى مرداويج، واقتدى بهما جمَاعَة من قواد مَا كَانَ وتبعوهم. فَأقبل عَلَيْهِم مرداويج، وخلع على ابْني بويه، وقلد عماد الدولة على بن بويه كرج، فَأحْسن السِّيرَة وافتتح قلاعا ظفر مِنْهَا بذخائر كَثِيرَة فاستمال الرِّجَال حَتَّى شاع ذكره وقصده النَّاس واستوحش مِنْهُ مرداويج واستدعاه فدافعه ثمَّ سَار عماد الدولة من كرج إِلَى أَصْبَهَان وَقَاتل المظفر مُحَمَّد بن ياقوت وهزمه، وَملك أَصْبَهَان يَوْم الْأَحَد الْحَادِي عشر من ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة وثلاثمائة، فَعظم فِي أعين النَّاس، لِأَنَّهُ كَانَ فِي تِسْعمائَة رجل هزم بهم مَا يُقَارب عشرَة آلَاف. وَبلغ ذَلِك الْخَلِيفَة القاهر باله مُحَمَّد بن المعتضد فاستعظمه، وَخَافَ مرداويج عاقبته، فَأخذ يتحيل فِي أَخذه. وَأخذ ابْن بويه أَيْضا أرجان من أبي بكر بن ياقوت، فِي ذِي الْحجَّة سنة

ص: 131

إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة، وقوى بهَا. وَبعث أَخَاهُ ركن الدولة الْحسن، فَأخذ كازرون، ثمَّ ملك عماد الدولة شيراز فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، فَلَمَّا ملك شيراز وَفَارِس كتب إِلَى الْخَلِيفَة الراضي بِاللَّه مُحَمَّد بن المقتدر، وَقد أفضت إِلَيْهِ الْخلَافَة، وَإِلَى وزيرة أبي عَليّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مقلة يعرفهما أَنه على الطَّاعَة، وَيطْلب أَن يقاطع على مَا بِيَدِهِ من الْبِلَاد، وبذل ألف ألف دِرْهَم، فَأُجِيب إِلَى ذَلِك، وسيرت لَهُ الْخلْع واللواء، فَلبس الْخلْع وَنشر اللِّوَاء بَين يَدَيْهِ، وغالط الرَّسُول بِالْمَالِ، فَمَاتَ الرَّسُول عِنْده سنة ثَلَاث وَعشْرين، وَعظم شَأْنه، وقصده الرِّجَال من الْأَطْرَاف فَقَامَ مرداويج وَقعد، فَقدر الله قَتله على يَد غلمانه، يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث من ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلائمائة، وَسَار أَكثر أَصْحَابه إِلَى ابْن بويه، وَمضى كثير مِنْهُم إِلَى بجكم فَقدم بهم بَغْدَاد، ثمَّ سَار عماد الدولة بن بويه إِلَى كرمان فِي سنة أَربع وَعشْرين، وَكَانَت

ص: 132

لَهُ بهَا حجروب ظفر فِيهَا، ثمَّ قدم عَلَيْهِ أَبُو عبد الله أَحْمد بن مُحَمَّد البربدي فِي سنة سِتّ وَعشْرين، وأطعمه فِي الْعرَاق والاستيلاء عَلَيْهِ، فَسَار وَملك عدَّة بِلَاد، وسير أَخَاهُ ركن الدولة على عَسَاكِر، وَكَانَ لَهما أنباء وقصص. وَجَرت فِي بَغْدَاد حوادث عَظِيمَة آلت إِلَى مسير معز الدولة أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن بويه إِلَى بَغْدَاد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة، فحاربه أَمِير الْأُمَرَاء توزون فِي ذِي الْقعدَة، وهزمه عَن بَغْدَاد فَلَمَّا مَاتَ توزون قدم معز الدول بَغْدَاد، وَاسْتولى عَلَيْهَا فِي يَوْم السبت حادي عشر جمادي الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة. قَالَ الْوَزير أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مقلة:((إِنَّنِي أزلت دولة بني الْعَبَّاس وأسلمتها إِلَى الديلم، لِأَنِّي كاتبت الديلم وَقت إنفاذي إِلَى أَصْبَهَان، وأطمعتهم فِي سَرِير الْملك بِبَغْدَاد، فَإِن اجتنيت ثَمَرَة ذَلِك فِي حَياتِي، وَإِلَّا فَهِيَ تجتنبي بعد موتِي)) ، فَكَانَ كَمَا قَالَ. وَلما ملك معز الدولة بَغْدَاد خلع الْخَلِيفَة المستكفي بِاللَّه عبد الله، وَنهب الديلم دَار الْخلَافَة حَتَّى لم يبْق فِيهَا شَيْء، وَأقَام الْمُطِيع لله الْفضل بن المقتدر، وَلم يَجْعَل لَهُ أمرا وَلَا نهيا وَلَا رَأيا، وَلَا مكنه من إقامه وَزِير، بل صَارَت الوزارة إِلَيْهِ يستوزر لنَفسِهِ من يُرِيد، وشنغ هُوَ والديلم على بني الْعَبَّاس، بِأَنَّهُم غصبوا الْخلَافَة وأخذوها من مستحقيها، وَأَرَادَ معز الدولة إبِْطَال دَعْوَة بني الْعَبَّاس، وَإِقَامَة دَعْوَة الْمعز لدين الله أبي تَمِيم معز الفاطمي، حَتَّى رجعه أَصْحَابه عَن ذَلِك. وَبعث نوابه فتسلموا الْعرَاق، وَلم يبْق بيد الْخَلِيفَة مِنْهُ شَيْء أَلْبَتَّة، إِلَّا مَا أقطعه مِمَّا لَا يقوم بِبَعْض حَاجته، وَملك الْبَصْرَة فناخسرو بن ركن الدولة أبي على الْحسن بن بويه، فَكَانَت مُدَّة إمارته سِتّ عشرَة سنة،

ص: 133

وَلم يتْرك غير بنت وَاحِدَة. وَكَانَ عماد الدولة فِي حَيَاته هُوَ أَمِير الْأُمَرَاء فَلَمَّا مَاتَ صَار أَخُوهُ ركن الدولة أَبُو عَليّ الْحسن بن بويه أَمِير الْأُمَرَاء. وَكَانَ معز الدولة أَبُو الْحسن أَحْمد هُوَ المستولي على الْعرَاق والخلافة، وَهُوَ كالنائب عَنْهُمَا إِلَى ان مَاتَ بِبَغْدَاد، لثلاث عشرَة بقيت من ربيع الآخر سنة سِتّ وَخمسين وثلاثمائة، فَكَانَت مُدَّة ملكه لبغداد إِحْدَى وَعشْرين سنة وَأحد عشر شهرا ويومين. وَقَامَ من بعده ابْنه عز الدول أَبُو مَنْصُور يختيار فَسَار إِلَيْهِ ابْن عَمه عضد الدولة أَبُو شُجَاع فناخسرو بن ركن الدولة فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ، وَقبض عَلَيْهِ ثن أطلقهُ، وَضرب عَلَيْهِ الْجند، وَعَاد من بَغْدَاد، فَمَاتَ ركن الدولة لخمس بَقينَ من الْمحرم سنة ستو وَسِتِّينَ وثلاثمائة، واستخلف على ممالكه ابْنه عضد الدولة فَسَار إِلَى الْعرَاق ثَانِيًا وَأخذ بغداغد من بختيار، وخطب لَهُ بهَا، وَلم يكن قبل ذَلِك يخْطب لأحد سوى الْخَلِيفَة وَضرب عضد الدولة أَيْضا على بَابه الطبول ثَلَاث نوبات، وَلم تجر بذلك عَادَة من تقدمه، ونعت الْملك السَّيِّد شاهنشاه الْأَجَل الْمَنْصُور ولي النعم تَاج الْملَّة عضد الدولة أَبَا شُجَاع فناخسرو بن ركن الدولة أبي عَليّ الْحسن بن أبي شُجَاع سبويه بن فناخسروا بن ثَمَان بن كوهي، وَقتل بختيار فِي الْحَرْب لِاثْنَتَيْ عشرَة بقيت من شَوَّال سنة سبع وَسِتِّينَ وثلاثمائة، فَكَانَت مدَّته إِحْدَى عشرَة سنة وَسِتَّة أشهر، وَعظم أَمر عضد الدولة إِلَى أَن مَاتَ لثمان خلون من شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلاثمائة، ومدته مُنْذُ مَاتَ عَمه عماد الدولة بِفَارِس أَربع وَثَلَاثُونَ سنة، ملك مِنْهَا بَغْدَاد خمس سِنِين وَسِتَّة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام. فَقَامَ من بعده ابْنه صمعام الدولة أَبُو كاليجار الْمَرْزُبَان بِبَغْدَاد، أَربع سِنِين وَخَمْسَة أشهر واثنين وَعشْرين يَوْمًا، وَغَلَبَة أَخُوهُ شرف الدول أَبُو الفوارس شيرزيل فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَسبعين وثلاثمائة، ثمَّ سمله وَقَامَ

ص: 134

بِالْأَمر، فلقبه الْخَلِيفَة الطائع بشرف الدولة وزين الْملَّة. وَمَات شرف الدولة بعد سنتَيْن وَثَمَانِية أشهر وَأَيَّام بِبَغْدَاد، فِي ثَانِي جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَسبعين وثلاثمائة فَملك بعده أَخُوهُ بهاء الدولة أَبُو نصر خره فَيْرُوز بن عضد الدولة، ولقبه الطائع بهاء الدولة وضياء الْملَّة، ثمَّ زَاد الْقَادِر فِي ألقابه غياث الْأمة شاهنشاه، ثمَّ زَاده قوام الدّين وَنَقله عَن مولى أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى صفى أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَمَات بأرجان فِي خَامِس جمادي الْآخِرَه سنة ثَلَاث وأربعمائه، فَكَانَت مدَّته اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين سنة وَتِسْعَة أشهر وَثَمَانِية عشر يَوْمًا وَقَامَ من بعده ابْنه سُلْطَان الدولة أَبُو شُجَاع فناخسرو، فَكَانَت أَيَّامه بِبَغْدَاد - سنة وَاحِد وَسِتَّة أشهر تنقص ثَلَاثَة أَيَّام - على انزعاج، لِكَثْرَة مطَالب الأتراك، فَخرج مِنْهَا وَقد رتب اخاه مشرف الدولة أَبَا عَليّ الْحسن، وَسَار إِلَى الأهواز، وَاسْتقر مشرف الدولة فِي ملك الْعرَاق خمس سِنِين وشهرين وأياما. وَمَات سُلْطَان الدولة بِفَارِس، لأَرْبَع بَقينَ من شَوَّال سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة، فَكَانَت إمارته اثنتى عشرَة سنة وَأَرْبَعَة أشهر وأياما وَمَات بعده أَخُوهُ مشرف الدولة بِبَغْدَاد، لثمان يَقِين من رببع الأول سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة، فَسَار أخوهما جلال الدولة أَبُو طَاهِر فَيْرُوز خره بن بهاء الدولة من الْبَصْرَة إِلَى بَغْدَاد، باستدعاء الْخَلِيفَة الْقَادِر، لما حصل فِي بَغْدَاد من مصادرات الأتراك للنَّاس، فَلَمَّا قدمهَا تَلقاهُ الْقَادِر ولقبه ركن الدّين جلال الدولة وَفِي أَيَّامه انحل أَمر الْخلَافَة والسلطنة بِبَغْدَاد، وَانْطَلَقت الْأَيْدِي، وَعجز جلال الدولة عَن إِقَامَة الْأَمر إِلَى أَن مَاتَ، والسلطنة بِبَغْدَاد، وَانْطَلَقت الْأَيْدِي، وَعجز جلال الدولة عَن إِقَامَة الْأَمر إِلَى أَن مَاتَ، فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة، فَكَانَت مدَّته سِتّ عشرَة سنة وَأحد عشر شهرا فاستدعى الْجند ابْنه الْملك الْعَزِيز أَبَا مَنْصُور خره فَيْرُوز، فَلم يَنْتَظِم لَهُ أَمر، واستنجد الْمُلُوك فَلم ينجدوه، فكاتب عَسْكَر بَغْدَاد عز الْمُلُوك أَبَا كاليجار الْمَرْزُبَان بن سُلْطَان الدولة أبي شُجَاع فناخسرو بن بهاء الدولة أبي نصر خره فَيْرُوز بن عضد الدولة، ولقبه الْخَلِيفَة الْقَائِم بِأَمْر الله شاهنشاه عز الْمُلُوك، وحملت إِلَيْهِ الْخلْع واللواء وخطب لَهُ، فَسَار وَقدم بَغْدَاد، وَمَات سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعمِائَة. وَملك بعده ابْنه الْملك الرَّحِيم أَبُو نصر خره فَيْرُوز بن عز الْمُلُوك، وَكَانَ عز الْمُلُوك قد سَار إِلَى كرمان، فَهَلَك فِي طَريقَة لأَرْبَع سِنِين

ص: 135